إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عن أدونيس و"الأمة المنقرضة"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عن أدونيس و"الأمة المنقرضة"


    عن أدونيس و"الأمة المنقرضة"

    17 - 05 - 2010

    كتب :عريب الرنتاوي
    صفعتان شديدتان تلقتهما الأمة العربية من حيث لا تحتسب: الأولى، جاءتها من الشرق، من صديقتها التقليدية، الصين الشعبية، من قلب عاصمتها وفي عقر دارها، وبوجود رؤوساء جميع الدبلوماسيات العربية، حين رفضت بكين تضمين البيان الختامي للقمة العربية الصينية، نصاً يشير إلى القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة.

    أما الصفعة الثانية، فجاءتنا من الجنوب، وجنوب الجنوب، من مأمننا الأفريقي، من أديس أبابا التي دشنت في توقيت متزامن واحداًُ من أكبر سدودها المائية على نهر النيل، بالضد من الاتفاقيات الموقعة مع مصر ودول الحوض، وبعيد ساعات من توقيع أربع دول من دول المنبع على اتفاقية تقاسم مياه النهر، من دون اكتراث بمصالح دول المصب، وبالذات "الشقيقة الكبرى" التي كانت ذات يوم، مفتاح أفريقيا وبوابتها.

    لكأن هذه الأمة التي وصفها أدونيس ذات يوم بـ"المنقرضة"، قد أصبحت أثراً بعد عين، أو "رجلا مريضا" لا يقيم أحد وزنا لمصالحه وحساباته ومشاعره و"واجبات ضيافته"، بل ويتكاثر الطامعون بـ"تركته" ويتكالبون عليها "..كما تتكالب الأكلة على قصعتها".

    الصين شريك اقتصادي ونفطي للعرب، وصديق تقليدي لقضاياهم، لم تشتهر تاريخيا بمحاباتها لإسرائيل، وغير معروف عنها أن خاضعة في سياستها الخارجية لـ"لوبي يهودي"، لكنها مع ذلك تحتاج للتكنولوجيا المدنية والزراعية والعسكرية المتطورة، فتجدها عند إسرائيل ولا تجدها عند العرب الذين خرجوا طواعية من "قائمة الأمم المبدعة"، وإسرائيل بخلافنا، تربط السياسة بالاقتصاد، أما نحن فنقيم بينهما السواتر ونبني الجدران، ولهذا يصبح بمقدور دولة كالصين يربطنا بها تاريخ حافل من التعاون والصداقة، إدارة ظهرها لقضية القدس وفلسطين غير آبهة بردة فعلنا المعروفة حدودها سلفاً.

    ثم لماذا نلوم الصين، وكيف ننهى عن خلق ونأتي بمثله، ألم يستبدل العرب أنفسهم إيران بفلسطين كقضية مركزية أولى، ألم يتخذوا من إقناع الصين أو إرغامها على الانضمام للعقوبات الدولية ضد إيران، هدفاً يتصدر أجندة محادثاتهم وعلاقاتهم مع العملاق الآسيوي؟، فلماذا تَهتَم الصين والحالة كهذه، بالقدس وفلسطين طالما أن "مركز الثقل" في التفكير السياسي والاستراتيجي العربي هو إيران، وطالما أن طهران وليست تل أبيب، هي العدو الأول لنا، الذي يستحوذ على جل تفكيرنا وأغلب مواردنا ؟!.

    الوضع على الجبهة الأفريقية يبدو مشابها إلى حد كبير، إسرائيل تعبث بهذه الدول، مثلما تلوّح للصين بالتكنولوجيا المتطورة و"الهاي تيك"، وليبرمان (صاحب اقتراح هدم السد العالي) جال بعواصمها مصحوبا بخبراء زراعة ومياة وسلاح، وهو شجّع هذه الدول على "شق عصا الطاعة" مستفيدا من غيبة النظام المصري وغيبوبته، من شيخوخة الدبلوماسية والسياسة الخارجية، فكانت النتيجة ما كانت، وأصبحت اتفاقات 1929 و 1959 حبراً على ورق.

    كنّا من قبل نشكو تطاول "الجوار الإقليمي" على أطراف العالم العربي، وإمعانه في قضمها قطعة إثر أخرى، من الاسكندورن مرورا بشط العرب والأهواز والجزر الثلاث، عطفا على السبتة ومليلية، فإذا بالتهديد يطال الأمة في قلب مقدساتها وينابيع مياهها، ومن قبل أطراف ظلت حتى الأمس القريب، ذخراً لنا، فأحالها ضعفنا وهواننا إلى خصم لنا، طامع بحقوقنا أو مستخف بها، ومع ذلك وبرغم ذلك، يأتيك من يحمل على أدونيس وهو ينعى "ممالك الأندلس" ؟

يعمل...
X