إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفنان والصور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنان والصور


    الفنان والصور




    يسعى الفنان إلى إنجاز العمل الفني بوصفه كذلك (عملاً فنياً) بعيداً عن أية غايات نفعية في أي مجال من مجالات الحياة، لأن الفن، والأدب فرع منه، خَلْق مستقل ، وإبداع ينأى بنفسه عن خدمة أية منظومات فكرية أو أيديولوجية أو سياسية.

    ومن يزعم غير ذلك فإنه يجافي طبيعة الفن ذاتها ، لأن خدمة الفن لأية جهة تقع خارجه، مهما كانت، تسلبه متعة المبادرة وفرادة الرؤية (والرؤيا) ، دون أن يفهم من كلامي أنني مع مقولة الفن للفن، بمفهومها المغرض والأيديولوجي ، التي تصور الفنان من هذا النمط وكأنه إنسان ذاهل عما حوله، منبت عن بيئته. وإنما أنا مع مقولة التعبير الفني أولاً وأخيراً، لأن الشكل هو الذي يميز الفن من اللافن ، وحين ينهار الشكل ينهار العمل الفني تلقائياً، رغم بقاء المضمون كما هو ( بل بحذافيره) .‏ وبعبارات أخرى أقول : إن الفن فن بشكله وتقنياته وضوابطه وأدواته.... لا بمضمونه، والمضمون، مهما كان نبيلاً أو جليلاً، لا يصنع فناً جميلاً بالضرورة، إن كان حامله الشكلي ، (معادله الفني) ، ركيكاً.

    والنقد الفني، من ثم ، يشتغل على الأشكال والتقنيات الفنية وليس على المضامين، دون أن يزدري هذه المضامين أو يهملها (لأنها حاضرة بقوة في النصوص الشعرية الحقيقية ، شاء من شاء وأبى من أبى ) .

    علماً بأن الأشكال الفنية، مثلها مثل المضامين، متطورة ومتجددة، ولكن تطورها يتم وفق ضوابط وقواعد متعارف عليها، ولا يتم بصورة مزاجية أو عشوائية أو اعتباطية.... لسبب بسيط جداً يتمثل في حاجة النقد الفني لهذه الضوابط والقواعد من أجل تقويم العمل الفني وفق المعيار الذي صنع العمل الفني على أساسه ، ولولا ذلك لتورط النقد في مغالطات تصل إلى حد التدليس إن كانت مقصودة .

    وإلى حد الصفاقة إن كانت غير مقصودة ، من قبيل الحكم على الدجاجة بالإخفاق لأنها لم تستطع أن تكون نسراً؟!.‏ أعود إلى القول : إن النقد الفني يتناول شكل العمل الفني وتقنياته، أي الصورة التي استطاع الفنان أن يهبها للمادة الخام التي صنع منها ذلك العمل ، ولولا هذه الصورة لبقيت تلك المادة في حالة من العماء المطلق (المتأهبة لقبول الصورة التي يقترحها الفنان عليها) . فالصورة هي التي تمنح للمادة وجودها وحقيقتها وجوهرها ، والفنان هو واهب الصور، ولولا هذه الصورة التي يقترحها الفنان لبقي الرخام (مثلاً) مجرد حجر غشيم قبل أن يجعل منه الفنان امرأة أو حصاناً أو أي شكل آخر.... ولبقيت الأصوات مجرد ذبذبات فيزيائية مبعثرة ومتناثرة قبل أن يضبطها الموسيقار وفق مسافات زمنية تطرب لها الأذن البشرية، ولبقيت الألفاظ مجرد قبور للمعاني قبل أن يقترح عليها الأديب أو الشاعر شكلاً معيناً في سياق الجمل التي يتكون منها النص ( قصة، أو قصيدة، أو رواية...) .‏
يعمل...
X