إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زلزال انتخابي بريطاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زلزال انتخابي بريطاني

    زلزال انتخابي بريطاني


    رأي القدس


    تعيش بريطانيا (العظمى سابقا) زلزالا سياسيا لم تعش مثله منذ ستة وثلاثين عاما، يتمثل في نتائج الانتخابات البرلمانية التي ظهرت امس، وأكدت فشل الحزبين الكبيرين العمال والمحافظين في حصول أي منهما على اغلبية برلمانية تؤهله لتشكيل الحكومة الجديدة لوحده دون الائتلاف مع الاحزاب الصغيرة، وحزب الاحرار الديمقراطيين على وجه الخصوص.
    بريطانيا عاشت طوال السنوات الثلاثين الماضية أسيرة 'ديكتاتورية' الحزبين الكبيرين وتبادلهما السلطة، بسبب نظام انتخابي قديم لم يعد يصلح حاليا نتيجة التغييرات الكبيرة على الخريطتين الديموغرافية والسياسية في البلاد، وفقدان البلاد لنفوذها على الصعيد الدولي.
    اصلاح هذا النظام من خلال استبداله كليا او جزئيا بنظام انتخابات التمثيل النسبي بات وشيكا، بسبب فوز الحزب الليبرالي بعدد من المقاعد (59 مقعدا) تؤهله لفرض شروطه في هذا الخصوص، لانه لا يمكن ان يتم تشكيل حكومة بريطانية دون الاتفاق او الائتلاف معه، والا فانها لن تحصل على الثقة في البرلمان.
    نتائج الانتخابات البرلمانية البريطانية وجهت ضربة صاعقة لحزب العمال الحاكم ورئيسه غوردون براون، وزاد من تأثيرها استعداد زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين نيك كليغ الدخول في ائتلاف مع حزب المحافظين، اذا ما جاء المقابل مناسبا.
    دستوريا، يحق لبراون تشكيل الحكومة الجديدة، رغم حصوله على اصوات اقل من حزب المحافظين (بفارق 50 صوتا تقريبا لصالح الاخير) ولكنه سيحتاج الى التحالف مع حزب الاحرار والحزب الوطني الاسكتلندي وحزب 'الشين فين' الايرلندي الشمالي، وهي مهمة تبدو شبه مستحيلة.
    حزب العمال الحاكم يدفع ثمنا باهظا لسياساته الخاطئة في التورط في حروب امريكا في العراق وافغانستان، والتمسك بالعلاقات الخاصة معها، والبقاء خارج العملة الاوروبية (اليورو)، وعدم الاندماج كليا في الاتحاد الاوروبي.
    هذا البرلمان المعلق الذي تمخض عن الانتخابات البرلمانية هذه قد يكون مقدمة لتغيير كبير في السياسة الخارجية البريطانية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة اذا تولى نيك كليغ زعيم حزب الاحرار حقيبة وزارة الخارجية في اي حكومة ائتلافية جديدة، وهذا ما يفسر الهجوم الكبير الذي تعرض له كليغ من قطاع كبير في الجالية اليهودية البريطانية، بسبب معارضته الشرسة للحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، وانتقاداته القوية للسياسات الاستيطانية الاسرائيلية في الضفة الغربية.
    صحيح ان جميع المرشحين العرب في الانتخابات الاخيرة قد خسروا باستثناء مرشح عراقي كردي، فاز في دائرة ستراتفورد ممثلا لحزب المحافظين، الا ان المستقبل يحمل انباء طيبة لابناء الجالية الاسلامية والعرب من ضمنهم، لان اصلاح قانون الانتخاب واستبداله بنظام التمثيل النسبي، سيعطي مليون ونصف المليون مسلم وعربي في بريطانيا ثقلا كبيرا في أي انتخابات مقبلة، ربما يترجم الى عدد لا بأس به من المقاعد في البرلمان.
    في الانتخابات المقبلة، وربما تتم في غضون عام، سيتسابق المرشحون من مختلف الاحزاب على الصوت العربي والمسلم، مثلما كانوا يتسابقون في الماضي على اصوات الجالية اليهودية البريطانية، وهذا في حد ذاته احدى علامات التغيير الايجابي، سواء بقي النظام الانتخابي الحالي على حاله او جرى تغييره.

    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر
يعمل...
X