إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل توجد ديمقراطية في الأحزاب الطائفية والمذهبية؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل توجد ديمقراطية في الأحزاب الطائفية والمذهبية؟



    هل توجد ديمقراطية في الأحزاب الطائفية والمذهبية؟
    (العراق أنموذجا)

    د.باسل حسين
    المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية


    مقدمة

    لعل من نافلة القول، إن تناول الظاهرة الدينية ليس بالأمر اليسير، لاسيما إذا ما ارتبطت بالجانب السياسي، ويواجه الباحث المتصدي للظاهرة الدينية: ثنائية المقدس والمدنس، بمعنى: إلى أي درجة يستطيع الباحث الاقتراب من المقدس الديني المدرك ، دون أن يثير حفيظة أو اتهام الآخرين له بتدنيس الثوابت والمسلمات والمقدسات؛ أو الانتقاص منها .

    وإذا كان تناول الظاهرة الدينية بهذه الصعوبة؛ فإن تناول المسألة الديمقراطية؛ يكاد لا يقل عنها صعوبة ،إذ على الرغم من أن الديمقراطية هي من أكثر المصطلحات شيوعا في الأدبيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية ، فإنها في الواقع؛ قد استخدمت أكثر مما تم بها فهمه، ولاغرو أن نجد غزارة في الكتابة عن المسألة الديمقراطية، مع وجود تباين في وجهات النظر إليها.
    لقد أدت المتغيرات الدولية؛ وتحديدا منذ بدء عقد التسعينيات إبتداء، بانهيار المعسكر الشيوعي؛ وانتصار المعسكر الغربي، وظهور فرضية نهاية التاريخ؛ التي بشرت بانتصار الليبرالية الغربية؛ إلى طرح عدة قضايا بأشكال مختلفة؛ لعل من بينها :قضية الديمقراطية وفقا للفهم الغربي؛ والذي تم التعبير عنه؛ بقيام نظريات وآراء متنوعة أعادات الاهتمام بالديمقراطية كآلية ومضمون.

    إن تناول مسالة الديمقراطية في الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية، يستدعي تساؤلا آخر؛ وهو: هل توجد ديمقراطية في الأحزاب العربية ذات التوجهات اليسارية أو القومية أو تحت أي مسمى آخر؟
    ولاشك أن الديمقراطية وان كانت مذهبا سياسيا، فإنها تنشئة اجتماعية تأخذ مراحل متعددة ، وفقا لاشتراطات التراكم المؤسساتي والمعرفي لدى أي مجتمع، وبالتالي لا يمكن توقع ديمقراطية بدون وجود من يؤمن بالنظرية الديمقراطية؛ لأن عكس ذلك سيفضي في المخرج النهائي إلى تكوين ديمقراطيات بدون ديمقراطيين؛ لنكون أمام مشهد ديمقراطية البطة العرجاء؛ الذي يمكن أن نطلقه على التجربة العراقية بعد الاحتلال.
    إن البحث في موضوعة الديمقراطية في الأحزاب الطائفية والمذهبية؛ يستدعي منا أولا تناول المسألة الديمقراطية وموقف الفكر الإسلامي منها، ثم التصدي لأسباب هيمنة الاستقطاب الديني في العراق، وطبيعة الأحزاب المتسيدة في المشهد السياسي العراقي؛ وصولا إلى الإجابة على التساؤل موضوع البحث.

    أولا: في المسألة الديمقراطية.

    كما هو معلوم أن الديمقراطية تعني حكم الشعب بنفسه؛ ويرجع أصل هذا التعريف إلى كلمتين إغريقيتين “Demos” وتعني الشعب و”Kratos” وتعني الحكم؛ أما دلالتها العلمية ؛ فهي ان يتولى الشعب في مجتمع معين شؤون الحكم، وقد تطور هذا المفهوم عبر التاريخ، لاسيما الأوربي منه(1) .
    ومن خلال هذا التطور؛ أخذت الديمقراطية في تطبيقاتها العملية أشكالا ثلاثة هي (2):

    1.الديمقراطية المباشرة، والتي يمارس فيها الشعب بنفسه مظاهر السيادة مباشرة دون وساطة نواب عنه، وقد طبق هذا النظام في المدن اليونانية القديمة، أما في عصرنا الحالي فقلما نجد هذا التطبيق، إذ تقتصر ممارساتها في بعض المقاطعات السويسرية؛ التي تسمح مساحتها الصغيرة وقلة عدد سكانها؛ باجتماعهم لمباشرة خصائص السيادة.

    2.الديمقراطية شبه المباشرة: التي تقوم على أساس وجود نواب للشعب؛ ولكن الشعب يحتفظ فيها لنفسه بحق التدخل المباشر لممارسة بعض مظاهر السيادة؛ عن طريق وسائل متعددة؛ مثل :حق الاقتراع الشعبي، وحق الاستفتاء الشعبي، وحق الاعتراض الشعبي.

    3.الديمقراطية النيابية: وصورتها ان ينيب الشعب عنه مجلساً منتخبا يسمى :"المجلس النيابي"، أو "البرلمان"، تعود إليه السلطة التشريعية؛ على اعتبار أن إرادته إنما هي إرادة الشعب الذي يمثله.
    ومهما تعددت صور الديمقراطية وأشكالها ومذاهبها؛ فقد هدفت في التحليل الأخير إلى إقامة حواجز ضد التسلط والطغيان.
    والمذاهب الديمقراطية ، هي المذاهب التي ترجع أصل السلطة إلى الإرادة الجماعية للمجتمع الذي يخضع لهذه السلطة، وان السلطة السياسية تكسب شرعيتها لأنها فقط انبثقت من الجماعة التي تحكمها.ويشير د. منذرالشاوي إلى أن المثل الديمقراطية أصبحت من المسلمات في عالمنا المعاصر؛ وحتى الذين يعارضون تحقيق هذه المثل؛ لم يجرؤوا على ذلك؛ دون أن يقدموا فروض الاحترام؛ أو أن يختبئوا وراء أقنعة من المصطلحات الديمقراطية؛ ومهما قيل أو يقال عن الديمقراطية؛ فإنها تبقى قيمة يتم الرجوع إليها عند تقييم عمل المؤسسات؛ أو النظم السياسية(1).

    لذا فان البحث في المسألة الديمقراطية؛ يقتضي سلوك عدة مسارات؛ ربما تتسع لآلاف الصفحات؛ لتعدد المذاهب والرؤى؛ وعمق التجارب وتعددها .
    بيد انه من المهم؛ الإشارة إلى أن تناول الديمقراطية؛ بات اليوم يحمل بين طياته فهمين مدركين يحملان توظيفا سياسيا مهما:
    أ‌.الديمقراطية كآلية ، بمعنى وجود تعددية وأحزاب متمثلة في النظام السياسي، مع وجود انتخابات يتم عن طريقها وصول حزب أو جماعة ما إلى السلطة .

    وفي ضوء هذا الفهم المشار إليه أعلاه؛ تتصدر العملية الانتخابية عنوان النظرية الديمقراطية ، بل ذهب بعض الباحثين إلى تعريف الديمقراطية في ضوئها، إذ يذهب جوزيف شومبيتر إلى أن الديمقراطية مجموعة من الإجراءات والمؤسسات التي يستطيع الأفراد من خلالها المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية عن طريق التنافس في انتخابات حرة (1).
    إلا أن هذه الإجراءات قد تكون خادعة؛ لأنها تستقر عند الشكل، بمعنى انه من الممكن توافر كل هذه الإجراءات التي ذكرت أعلاه، إلا انها في الوقت نفسه لا تحمل مضمونا ديمقراطيا حقيقيا في التطبيق؛ لأنها تفتقر إلى معايير المؤسسات الديمقراطية الحقيقية ، فتبقى رهينة الشكل فحسب.

    وحاول بعض المفكرين وضع معايير لديمقراطية الانتخاب؛ فعلى سبيل المثال؛ حدد ديفيد باتلر وآخرون ستة معايير للانتخابات الديمقراطية، وهي: معيار حق التصويت العام لكل المواطنين البالغين، ومعيار دورية الانتخابات وانتظامها، ومعيار عدم حرمان أية جماعة من تشكيل حزب سياسي ومن الترشح إلى المناصب السياسية، ومعيار حق التنافس على كل مقاعد المجالس التشريعية، ومعيار قضية إدارة الحملات الانتخابية في وضع لا يحرم فيه "قانون وسائل العنف" المرشحين من عرض آرائهم وقدراتهم؛ ولا الناخبين من مناقشة تكلك الآراء، ومعيار تمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم وسط جو من الحرية والسرية وفرص الأصوات وإعلانها بشفافية، ومعيار تمكين المنتصرين في الانتخابات من مناصبهم السياسية حتى وقت الانتخابات التالي(1) .

    ب. الديمقراطية كمضمون : ظهر هذا الاتجاه بعد الحرب العالمية الثانية؛ وتعزز بعد انتهاء الحرب الباردة؛ ويدعو إلى تجاوز الديمقراطية كمذهب سياسي؛ وتضمينه أبعادا اجتماعية واقتصادية ، وعدم الوقوف عند حسابات الأغلبية والأقلية والإجراءات الشكلية؛ لتتضمن الديمقراطية أبعادا قيمية أخلاقية؛ متمثلة بحقوق الإنسان والحرية والمساواة، فالكثرة لا احترام لها ما لم تكن تضمن حقوق الأقلية‘ ومع تصاعد هذا الاتجاه؛ باتت القيمة المعنوية تقترن بقوة بالنظرية الديمقراطية .

    وطبقا لهذا المفهوم؛ فإن الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية؛ هو أصل أساسي في الديموقراطية، ولابد للدساتير الوطنية أن تحتوي عليها، كما لابد من مواجهة أي مسعى لإفراغ الدساتير من تلك الحقوق والحريات، وإلا ستصبح الديموقراطية معبرة عن آلية فحسب؛ من دون وجود المحتوى الرئيس ، وبالتالي ستكون نتائجها وخيمة على حريات الناس وحقوقهم، وستصبح مدخلا للوصاية والظلم والاستبداد(2).

    ثانيا:الإسلام والديمقراطية

    يذهب عدد من الباحثين إلى أن الفقه السياسي الإسلامي لم يتطور بالقدر الذي تطورت به بقية شُعَب الفقه الأخرى، فهو ليس غنياً غناها؛ ولا شاملاً وافياً مثلها؛ فكتبه قليلةٌ نادرةٌ؛ ومباحثه قاصرة على مسائل محدودة؛ وهو في لا يفي بحاجات الدولة المعاصرة ووظائفها المتعددة.
    ومن الملاحظ البين في تاريخ الحركة العلمية عند المسلمين؛ أن حظ العلوم السياسية عندهم كان بالنسبة لغيرها من العلوم الأخرى أسوأ حظا، وأن وجودها بينهم كان أضعف وجودا، فلسنا نعرف لهم مؤلفاً في السياسة ولا مترجماً، ولا نعرف لهم بحثاً في شي من أنظمة الحكم ولا أصول السياسة، اللهم إلا قليلاً لا يقام له وزن إزاء حركتهم العلمية في غير السياسة من الحقول الأخرى، لاسيما وان الإصدرات الإسلامية فيما يتعلق بالفقه السياسي؛ لا تزيد على كتب قليلة؛ مثل "الأحكام السلطانية" للماوردي، و"السياسة الشرعية" لابن تيمية، وقليل غيرها (1).
    ويرى د.حسن الترابي في كتابه ( المصطلحات السيــاسية في الإسلام ) أن المسلمين قد أصابهم "بؤس في فقه حياتهم السياسية ، ومقاصدها ووسائلها ونظمها وعلاقاتها"(2) .
    و يطرح السؤال المتعلق بوجود الديمقراطية في الأحزاب الطائفية والمذهبية من عدمه؛ تساؤلات عدة، يتصدرها الاشكال المفاهيمي المتعلق بعلاقة الديمقراطية بالإسلام ؛ وهل الديمقراطية حالة أصيلة في الإسلام أم طارئة؟ وما هو موقف الفكر الإسلامي من الديمقراطية؟.
    ويمكن القول، إنه ليس هناك اتفاق بين فقهاء المسلمين أو مفكريهم حول الموقف من الديمقراطية، ولكن يمكن أن نحدد اتجاهات ثلاثة:

    الاتجاه الأول: المؤيد.. الذي يرى ان الديمقراطية في الإسلام ظاهرة متسقة مع الإسلام‘ ويشير إلى أحداث معينة ، ليصل في التحليل النهائي؛ انه لا تعارض بين الديمقراطية والإسلام،ولا يقتصر هذا الاعتقاد فقط على الكتاب المسلمين فحسب؛ بل يمتد ليشمل حتى الكتاب الغربيين(1).
    ويشير منظرو هذا الرأي؛ الى أمثلة عدة منها: أهل الحل والعقد والشورى وبيعتي العقبة الأولى والثانية؛ وغيرها من الحوادث على أنها تجسيد حقيقي لمفهوم الديمقراطية (2).

    الاتجاه الثاني : المعارض.. وأصحاب هذا الاتجاه يشيرون إلى وقائع مختلفة لرفض فكرة الديمقراطية؛ فمنهم من يرى"أن الإسلام هو ما جاء به الوحي في الكتاب والسنة ليس غير"؛ ولا يصح أن يقال أن ما لا يخالف الإسلام هو من الإسلام(1). لأن الإسلام إنما كان وحيا،ووحيا فقط، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل عن المسألة قبل نزول الوحي فيسكت، ولا يجيب حتى يأتيه الوحي ، ولذلك وحسب هذا الرأي؛ لا بد من تقرير هذه الحقيقة؛ المتمثلة في أن الشريعة وحي من عند الله فقط ،سواء منها ما يتعلق بالأحكام العامة المتعلقة بشؤون الناس كالأنظمة والقوانين، مثل الدستور الذي يحدد شكل الدولة وأجهزتها وصلاحيات كل جهاز؛ وما يتضمنه من نظم اقتصاد واجتماع وعقوبات ورعاية شؤون؛ أو ما كان يتعلق بعلاقات الأفراد فيما بينهم؛ أو علاقاتهم مع بعضهم؛ مثل العبادات والأخلاق؛ ومثل معاملات البيع والشراء والزواج والطلاق وغير ذلك، أو كان مما يتعلق بعلاقات المسلمين مع غيرهم؛ وعلاقات عامة المسلمين بغيرهم؛ مثل أحكام العلاقات الدولية؛ وأحكام الجهاد والمعاهدات وغير ذلك.

    وهذا يتناقض تماما مع الديمقراطية التي جعلت السيادة للشعب؛ وجعلت مجموعة من الناس تضع التشريعات لتنظيم علاقات الناس فيما بينهم؛ فمصدر التشريع فيها هم الناس وليس الوحي؛ ومصدر التشريع في الإسلام هو الوحي وليس الناس(2).
    وينفي المودودي فكرة الديمقراطية، حين يشدد على نظرية حاكمية الله، ويعتبر أن الوافد من الحضارة الغربية هو جاهلية جديدة معاصرة، وانه لا مجال في حظيرة الإسلام ودائرة نفوذه إلا لدولة يقوم المرء فيها بوظيفة خليفة الله، ويجب أن تنزع جميع سلطات الأمر والتشريع من أيدي البشر منفردين ومجتمعين؛ لان ذلك أمر يختص بالله (1).

    الاتجاه الثالث: الاتجاه التوفيقي: الذي ينطلق من قاعدة معروفة لدى فقهاء المسلمين؛ تنصّ على أن المهم هو المضمون والعبرة في المعاني وليست في الألفاظ والمباني، فإذا كان مصطلح (الديمقراطية) يعني أن يحكم الشعب نفسه بنفسه عبر ممثليه ونوابه المنتخبين بشكل حر وسليم؛ فقد تحققت الشورى بأسمى معانيها من خلال سيادة الأمة، ولا مانع عندها من استعمال لفظ الديمقراطية بعد شيوعه وعموميته، وبالتالي فلا غضاضة أو ضير؛ في أن يطلق اصطلاح "المسلمون الديمقراطيون" لأنّ هذا ما ينشده الإسلام الوسطي المعتدل؛ في خضم جنوح بعض المسلمين إلى التعصب والتطرّف والوقوف عند الألفاظ والشكل دون الجوهر والمضمون.
    ويرى د.فهمي هويدي أن الديمقراطية من حيث الجوهر، هي من صميم الإسلام، وأن الإسلام سبق الآخرين في وضع القواعد الديمقراطية التي يقوم عليها جوهرها؛ ولكنه ترك التفصيلات لاجتهاد المسلمين، وفق أصول دينهم، ومصالح دنياهم، وتطور حياتهم بحسب الزمان والمكان وتجدد أحوال المسلمين(2).

    وميزة الديمقراطية؛ انها اهتدت بعد نضال طويل؛ إلى صيغ ووسائل تعد الى اليوم امثل الضمانات لحماية الشعوب من التسلط والظلم، ولا حجر على البشرية ومفكريها، في صيغ وأساليب أخرى؛ لعلها تهتدي إلى ما هو أوفى وأمثل، ولكن الى ان يتيسر ذلك ويتحقق في واقع الناس، نرى لزاما علينا أن نقتبس من أساليب الديمقراطية ما لابد منه؛ من تحقيق العدل والشورى؛ واحترام حقوق الإنسان والتخلص من الاستبداد.

    ثالثا: الإسلام ونظرية الأحزاب.

    ليس هناك تعريف جامع مانع شامل للأحزاب، فـ"موريس ديفرجيه" يعرف الحزب السياسي انه (( تجمع اختياري يقوم بإرادة أعضائه وهدفه الوصول إلى السلطة،ولكن عند استخدام العنف طريقا الى السلطة؛ فلا يصح أن نطلق عليه تسميه الحزب؛ وإنما يوصف بالحركة السياسية الانقلابية)) (1).

    أما "أوستن راني" فيعرف الأحزاب السياسية بأنها (( جماعة منظمة؛ ذات استقلال ذاتي؛ تقوم بتعيين مرشحيها؛ وتخوض المعارك الانتخابية؛ للحصول على المناصب الحكومية؛ والهيمنة على خطط الحكومة))(2).
    في حين عرف "فرنسوا غوغيل" الحزب بأنه: (( مجموعة منظمة للمشاركة في الحياة السياسية، بهدف السيطرة كلياً أو جزئياً على السلطة، دفاعاً عن أفكار ومصالح محازبيها)).
    أما "سيجموند نيومان" فيذهب إلى أن الحزب (( هو تنظيم العناصر السياسية النشيطة في المجتمع؛ التي تتنافس سعيا للحصول على التأييد الشعبي مع جماعة أو جماعات أخرى تعتنق وجهات نظر مختلفة))(1).
    ولم يعالج الفقه الإسلامي قضية العمل الحزبي ومشروعيته، ومع ذلك تكاد الإشارات والأحكام تفيد أن وجود الأحزاب داخل الدولة الإسلامية مرفوض في عموم الاجتهاد الفقهي الإسلامي أو التنظير السياسي إلى درجة الإفتاء بحرمة العمل الحزبي، بوصفها على خلاف مع مفهوم الأمة الإسلامية، ،ويعود هذا الرفض إلى المبررات الآتية:

    1.إن التعدد الحزبي مبدأ مستورد من الديمقراطية الغربية، وليس مبدأ ًً إسلاميا أصيلا نابعا منه وصادرا عنه،لاسيما وأن الإسلام قد نهى عن التشبه بالآخرين.

    2.إن الحزبية تستند على فكرة التعددية، التي تتنافي مع مبدأ الوحدة التي يفرضها الإسلام، ويعتبرها صنو الإسلام، ويستند هذا الرأي إلى قول الله تعالى ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ))(2) وقوله تعالى ((وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ))(3) وقوله تعالى((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ))(4) .
    وكذلك الحديث النبوي "ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم" والحديث النبوي :"لا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا" .
    لذا، ومن خلال هذا الفهم، يرى أصحاب هذا الاتجاه: أن الانتماء الحزبي؛ سوف يقسم ولاء الفرد بين حزبه الذي ينتمي اليه ، ودولته التي بايعها على السمع والطاعة والنصرة والمعونة؛ فضلا عن أن الإسلام كل لا يقبل التشطير ولا التجزئة(1).

    3.الحزب هو نوع من العصبية التي حاربها الإسلام ، وبالتالي فهي لا تتسق ومقاصد الإسلام، ومهما اتسعت دائرة الحزب أو ضاقت ، فإن قومها العصبية التي تدل على الانقسام والتشظي والفرقة.

    4. ويصطدم مفهوم الحزب السياسي في المنظور الإسلامي؛ مع موضوعة التشريع، فالأحزاب السياسية في الغرب، لها أن تشرّع بما فيه مصلحة تراها للعباد والبلاد، ما يقدح في الذهن شبهة وإشكالية فقهية بأن تحذو الأحزاب في العالم الإسلامي حذو أخواتها في الغرب، فتشرّع بما يتعارض مع النص، ومن هنا ذهب بعضهم إلى حرمة الحزب السياسي(2).

    في حين يذهب فريق آخر إلى جواز تشكيل الأحزاب، ويرى د. يوسف القرضاوي أن الاختلاف والتنوع في الحياة سنة من سنن الحياة؛ وان القرآن عبر عنه في آياتٍ كثيرة يقول تعالى:{ألم ترَ أن الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانه ومن الجبال جُدَد بيض وحُمْرٌ مختلف ألوانها وغرابيب سود . ومن الناس والدواب والأنعام مختلفٌ ألوانه كذلك}(1) فاطر:27-28.
    فاختلاف الألوان؛ أو اختلاف الأنواع؛ أمر يقوم عليه الكون كله، واختلاف التنوع هذا؛ لا بد أن يوجد في الحياة السياسية، بل إن الحياة السياسية قابلة للتنوع أكثر من غيرها.
    إذا كنا قبلنا التعددية في الناحية الدينية؛ وفي اختلاف العقائد، وقبلنا الاختلاف في أمورٍ كثيرة، وقبلنا في داخل المجتمع الإسلامي باختلاف المذاهب الفقهية ، بل إن وجود المذاهب الفقهية هو دليل على وجود الأحزاب السياسية؛ لأن المذهب الفقهي هو عبارة عن مدرسة لها رؤية معينة، لها أصول تعتمد عليها، ولها في ضوء هذه الأصول أفكار فقهية واستنباطات وأحكام واجتهادات تخالف بها المدرسة الأخرى، فكذلك الحزب؛ هو عبارة عن مدرسة لها رؤية سياسية، ولها أصول تعتمد عليها تخالـف الحزب الآخر؛ ولكن بشروط معينة .

    غير أنه ينبغي أن يتوافر أمران أساسيان بالنسبة لأي حزب ينشأ في المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية:
    الأول: على الحزب أن يحترم ثوابت الأمة وقطعيات الشريعة؛ يعني الإيمان بالله - جل جلاله- وبالآخرة، بالقيم الأخلاقية، لا يستخف بدين من الأديان حتى لا بالإسلام ولا بغير الإسلام؛ يعني يحترم الأديان كل الأديان، يحترم مقدسات الأمة وثوابتها والأمور القطعية ، وهناك أشياء يختلف فيها الناس.

    الثاني: أن يعمل هذا الحزب لصالح الأمة؛ لا يكون عميلاً لأي جهة خارجية، وليس امتداداً لها، أي لا يصح أن يكون امتداداً لأحزاب قائمة في أمريكا أو روسيا ..
    يكفي هذان الأساسان ليقوم الحزب في ظل ثوابت الأمة؛ وفي ظل دستورها؛ حتى لو خرج على دستورها تكون هناك محكمة، عندنا قضاء مستقل، وقضاء يعبر عن حقيقة الأمة؛ وعن ضميرها؛ وعن روحها؛ يحتكم إلى القضاء فيمن خرج على هذه الثوابت.

    رابعا:الأحزاب العراقية والديمقراطية تلاق أم افتراق؟

    منذ إغارة الولايات المتحدة الأمريكية على العراق، واحتلاله في 9 نيسان 2003 ؛وإسقاط نظامه السياسي، تشكلت صورة النظام الجديد، فبدت مختلفة تماماً ، عن سابقتها ، ليس فقط على مستوى التوجهات الفكرية والسياسة الخارجية فحسب، وإنما على مستوى الدولة ذاتها، أو القوى الفاعلة فيها.

    ومع غياب أي مظهر من مظاهر الدولة في الأيام الأولى لسقوط النظام، ،وفي ظل عدم وجود أي تنظيمات سياسية، أو مؤسسات مجتمع مدني، أصبحت المساجد والحسينيات والمراكز الدينية ودواوين العشائر هي الأماكن الوحيدة القادرة على استيعاب الناس واستقطابهم، وأصبح وكلاء المراجع الدينية في المدن العراقية؛ بمثابة المؤسسات الحكومية التي تدير شؤون الناس الدينية والاجتماعية والسياسية والقضائية.
    ولقد ظهرت قوة التوجهات الدينية بقوة من خلال الأحزاب والمرجعيات الشيعية التي لعبت دورها في تأسيس العملية السياسية ، ومع مرور الوقت ازداد الاستقطاب الديني؛ مع ظروف عدم الاكتراث بالعملية السياسية في بدايتها الأولى؛ وتحولت الفتاوى الدينية الى ما يشبه الأوامر الإدارية والقرارات في بعض مؤسسات الدولة الرسمية ، وقد تجسد هذا الأمر بوضوح من خلال انتشار صور رجال الدين والمراجع الدينية في الشوارع والساحات العامة، بل وتقلـّد رجال دين وأئمة مساجد مناصب مهمة في الدولة العراقية، فضلا عن التوجهات الدينية لمعظم المسؤولين العراقيين الجدد(1) .
    وبغض النظر عن الموقف من التغيير سلبا كان أم إيجابا، فقد شهد الوضع العراقي تحولات سياسية نحو إقرار التعددية ، في ظل واقع مركب متأزم ومتخم بأسباب عدم الاستقرار .
    وقد بدا المشهد السياسي؛ وكأنه قد استقر على ظهور عدة أحزاب بعضها كان معارضا، وبعضها الآخر لم يكن معروفا سابقا، ويمكن تقسيم هذه الأحزاب على النحو الآتي:

    1. الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية، مثل :الحزب الإسلامي العراقي، وحزب الدعوة، وحزب الفضيلة.

    2. الأحزاب القائمة على العرق ؛ مثل: الحزب الديمقراطي الكردستاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

    3. الأحزاب التي تجمع مابين العرق والدين، مثل: حزب الاتحاد الكردستاني الاسلامي.

    4.أحزاب علمانية، مثل : الحزب الشيوعي،والحزب الوطني الديمقراطي.

    5.حركات وتجمعات سياسية فضلت عدم تحويل نفسها إلى تنظيم حزبي؛ مثل :المجلس الأعلى( إسلامي)، حركة الوفاق ( علماني) ،تجمع الديمقراطيين المستقلين( علماني)
    .
    6.أحزاب وتجمعات لتمثيل الأقليات.

    وعلى الرغم من أن ظاهرة التعددية؛ هي ظاهرة صحية، فإن هذه الظاهرة لم تسفر عن إحلال القيم الديمقراطية الفعلية، وبهذا تشكل المشهد السياسي العراقي على مجموعة الأحزاب المذهبية والعرقية؛ أما الأحزاب ذات التوجهات اليسارية أو القومية أو الليبرالية؛ فإنها لم تكد تتنفس في البيئة السياسية العراقية إلا لماما.
    وقبل إطلاق الأحكام على عمل هذه الأحزاب ينبغي التأكيد على مسألتين:
    الأولى: بالنظر الى عدم الانسجام المذهبي داخل المجتمع العراقي وتنوعه ، فإن الأحزاب الإسلامية لابد وان تكون طائفية بالضرورة، لذا فان الحزب الإسلامي العراقي لابد وان يوصف بأنه حزب سني ، مثلما يوصف حزب الدعوة بأنه حزب شيعي ، أو المجلس الأعلى، وهكذا.

    الثانية: إن عمل هذه الأحزاب يتم في بيئة سياسية مشوشة؛ زادها تعقيدا غياب قانون ينظم عمل الأحزاب.
    لقد تسيدت الأحزاب والحركات الدينية والعنصرية المشهد السياسي في العراق؛ ومن خلال تجربة السنوات الست الماضية يمكن ان نرصد الآتي:

    1.إن سلوك الأحزاب الدينية لم يكن سلوكا ديمقراطيا حقيقيا ، لأن الغالب على سلوكها هو الصراع على السلطة سعيا للانقلاب على الديموقراطية إذا ما أتيحت الفرصة لتحقيق ذلك.

    2.طوال الفترة الماضية لم تشهد جميع الأحزاب اية مراجعات فكرية أو فلسفية عن نقد تجربتها الديمقراطية؛ مثلما لم يراجعوا أو ينقدوا نقدا علميا وعمليا لمرحلة العمل السياسي السابق.

    3.شهدت فترة هيمنة الأحزاب الدينية أبشع صور العنف الدموي وانتهاكات حقوق الإنسان والحريات؛ وكلها حدثت تحت لافتات دينية؛ الأمر الذي ولـّد رد فعل جماهيري تجاه هذه الأحزاب.

    4.كان الخطاب السائد من قبل الأحزاب الدينية في العراق خطابا طائفيا، لان الخطاب الإسلامي خطاب وحدوي يجمع ولا يفرق، في حين ادى هذا الخطاب الطائفي إلى فرقة العراقيين وتفرقهم؛ والضحية كانت الديموقراطية، وسقوط مزيد من دماء العراقيين الأبرياء .

    5.إن الأحزاب الدينية حينما تدعو إلى العمل السلمي، والتمسك بالخيار الديمقراطي؛ فإن عليها أولا أن تعمل على إشاعة هذه المفاهيم سلوكا وممارسة في عمق جماهيرها وأفرادها؛ وأن تفسح المجال للأصوات الآتية من أوساطها لتدلي بآرائها وقبولها واستيعابها ؛ وفهم ماذا تريد؛ وهذا ما لم تتم ملاحظته لدى هذه الأحزاب. غير أن التجربة العملية تؤكد أن معظم الأحزاب لم تجر انتخابات حقيقية وشفافة لتولي المناصب القيادية فيها، فقد أغرتها السلطة وما تفتحه من مصالح؛ وتم في هذه المرحلة تركيز الإقطاع السياسي داخل بنية هذه الأحزاب؛ رغم الواجهة الإعلامية؛ والتصريحات اليومية في التمسك بالديموقراطية .

    6.يمكن وصف أساليب عمل الأحزاب الدينية المذهبية بارتهانها إلى منطق الحرب الباردة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية؛ في تناولها موضوعة الديموقراطية؛ وتكاد أن تغلف هذه المفاهيم بأستار كثيفة من المجازات اللغوية؛ التي لا تستطيع ممارستها حقيقة على الأرض.

    7.وصفت هذه الأحزاب بأنها مغتربة عن منطق العصر الذي يعنى بالديموقراطية كوسيلة ناجحة لحل الخلافات الطبقية والاجتماعية سلميا وإثراء الحياة أخلاقيا وتربويا وعلميا.

    8.هنالك تعارض وتخالف في النظرية الديمقراطية ؛ وأسلوب عمل هذه الأحزاب، فعمل الأحزاب يتقرر في ضوء ما يقوله الرمز الديني؛ لا ما يقرره الرأي الجمعي من خلال آلية الديموقراطية.

    9.لم تساهم هذه الأحزاب في إرساء قواعد الديمقراطية الحقة، بل على العكس؛ إنها ألحقت ضررا كبيرا لدى جمهور واسع من الناس داخل العراق وخارجه، بحيث بات ينظر إلى هذه التجربة بأنها نوع من الفوضى العارمة.

    10.إن القاعدة الجماهيرية لهذه الأحزاب تريد أن ترى في قياداتها التي انتخبتها: الإيثار، والابتعاد عن المصلحة الذاتية، والإخلاص في العمل. لكن بعد التجربة الماضية وجد المواطنون أنفسهم أمام واقع اخر مرير، أنهم لا يرون في زعمائهم هذه الأيام إلا ضيق التفكير؛ والبحث عن المصلحة الذاتية ؛ وهو أمر لا يقتصر على الأحزاب الدينية فحسب؛ بل معظم المشهد الحزبي العراقي.
    لكن ومع هذه المآخذ الكبيرة؛ لا يمكن وضع إطار من الحكم المطلق؛ وفق ثنائية تامة بوجود أو عدم وجود ديقراطية في الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية.
    فعلى سبيل المثال: شهد الحزب الإسلامي العراقي تجربة ديمقراطية سجلت أول حالة بهذا الحجم في الساحة العراقية ، تم من خلالها تغيير القيادات الحزبية بدءأ بالأمين العام ،فضلا عن أعضاء المكتب السياسي. فضلا عن عدة مشاهد أخرى في تنظيمات إسلامية تعكس بعض التوجهات ذات الطبيعة الديمقراطية، إلا أنها لاتبدو كافية لبعث مضمون الديمقراطية التي تكفل المشاركة والمساواة والعدل وتعزز المواطنة وتنظر إلى العراقيين على أنهم وحدة واحدة .

    الخاتمة

    ستبقى المسألة الديمقراطية محلا للجدل والخلاف، نظرا للأشكال المختلفة للوعي المجتمعي وتنوعاته.
    ومع الإقرار بأن الديمقراطية ليست الخيار الأمثل، لكنها على الأقل الخيار الأقل سوءا من بين عدة خيارات أخرى. إلا أن الديمقراطية تبقى أسيرة تجاذبات فكرية وسياسية، ومن الصعوبة بمكان؛ تصور الديمقراطية دون أن ترافق عمليتها بنية ديمقراطية تؤمن بها فعلا، لا أن تعدها مطية من اجل الوصول إلى السلطة؛ لتنقلب فيما بعد على ثوابتها، وإلا سنكون أمام ديمقراطية بلا ديمقراطيين.
    ويمكن أن نقول: إن غياب الديمقراطية داخل الكيانات والأحزاب السياسية العربية هي الصفة الأكثر تلازما لها ، وهي لم تبد استعدادا بعد لتطبيق المفاهيم والآليات الديمقراطية في العمل الحزبي، إذ يكاد عملها يقترب من وصف الإقطاع السياسي أكثر من كونه حزبا بالمعنى المتفق عليه، فهي نتاج عائلي أو احتكار نضالي، أو توصيف ثيوقراطي، ولا يخرج عن هذه القاعدة إلا اللمم.
    ويذهب الكثير من الباحثين؛ إلى تقاطع الديمقراطية مع الأحزاب الطائفية أو المذهبية ، وقد عززت تجربة العراق في فترة ما بعد الاحتلال عام 2003، هذا الرأي،إذ أن هذه الأحزاب لم تلجأ إلى تعزيز بنيتها الديمقراطية على المستوى الداخلي، وانعكس ذلك وبشكل متناغم على ممارستها الخارجية ؛ في علاقتها مع الأحزاب الأخرى؛ أوفي إطار العملية السياسية ككل، الأمر الذي ولـّد شعورا بأن اختيارها للديمقراطية كان مجرد عملية إلزامية تحت ظروف معينة ، أكثر من كونه اختيارا استراتيجيا لها.

    وقد يكون صحيحا أن عملية التطور الديمقراطي كسلوك وممارسة لا تتم بين ليلة وضحاها. لكن هذه الأحزاب ومعها بقية الأحزاب الأخرى لم تقدم نماذج أو أدوات فاعلة لتحقيق تنمية سياسية، بما يضمن المشاركة السياسية، ويرسخ مبدأ المشروعية وسيادة القانون؛ ويساهم في تعزيز ونشر ثقافة الحوار وتبادل الرأي وضمان الحريات.
    بيد أن إنكار الديمقراطية بصورة مطلقة عن هذه الأحزاب لا يتفق ومع منهج دراسة العلوم السياسية، فما بين الأسود والأبيض هنالك عدة الوان، لكن تبقى هذه الممارسات إما مقتصرة على حزب معين أو حبيسة تكتيكات حزبية طارئة.

يعمل...
X