إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من شابه أباه ما ظلم - قصة - حسنة محمود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من شابه أباه ما ظلم - قصة - حسنة محمود





    من شابه أباه ما ظلم

    قصة
    حسنة محمود

    في عصر يوم ربيعي جميل، حيث السّماء صافية، تزيّنها بعض الغيمات البيضاء التي تتبختر وكأنها في استعراض جميل . الشمس بدت كملكة عظيمة، تلوّح لرعيتها معلنة الرحيل نحو الغروب، الربيع بساط أخضر ، يغطي وجه الأرض تتخلّله زهرات جميلات هنا وهناك.كل شيء جميل يدعو للتفاؤل والفرح.
    كانت المهرة الجميلة الرشيقة القوام ، الجذابة في طلتها، مشرقة عذبة حنونة في صهيلها، والتي بدت كعروس في ليلة زفافها، تأخذ قيلولة تحت شجرةٍ كبيرةٍ، وارفة الظلال على طرف المرج .وهي في غمرة سعادتها،وأحلامها شعرت بجسدها يرتعش بشدة، وكأن الحمى تسري في أوصالها متسلّلة إلى كلّ جزء منها .
    حاولت أن تصرخ فزعة، ولكن صوتها كان مخنوقاً ، تساقطت دموعها غزيرة، غالية، واسودّت الدنيا في عينيها، حين رفعت رأسها المتعب قليلاً، رأت الحمار وقد اقترب منها أكثر ممّا يجب، جفلت، وشعرت بالخزي، وراحت ترفسه بقوّة، لكنه راح يركض مسرعاً نحو أسفل المرعى، وهو يقهقه، شعر وكأنّ له جناحين يطير بهما فرحاً .
    قال في نفسه : ما أسعدني ..! وما أشجعني ..! لأوّل مرّة أحد من فصيلتي يعتلي واحدة من تلك الفصيلة المغرورة، التي طالما احتقرتنا، ونبذتنا، ورفضت حتى التحدث إلينا ..
    ومرت الأيام والشهور ثقيلة، طويلة، لياليها داكنة .. غاب قمرها، وكُسفت شمسها ،على المهرة الشّابة التي كُسر قلبها باكراً . وهي ترقب وتنتظر ثمار مصيبتها. تطرح على نفسها يومياً عشرات الأسئلة ، التي ستجيب عليها الأيام القادمة .. هل يحمل صفات أبيه؟ وبئس الأب ..، أم يكرمني الله ويحمل صفاتي وشكلي .. ؟ فيبقى الأمر سراً وأتجنب الفضيحة..؟!
    حانت ساعة الصفر … ! . ! . !وجاء اليوم الذي تمنت لو أنه لا يأتي أبداً .انزوت في خرابة مهجوره لا يؤمها طيرأو بشر أو حيوان . تغطيها قبة السماء الواسعة لتضع مولودها بمفردها .تحملت آلامها بصمت،بعد أن تحولت حياتها كلها إلى آلام مخاض.
    وضعت مأساتها التي حملتها شهورا،ً مغمضة العينين، حابسة أنفاسها من شدة الخوف،لا تستطيع الحراك،شعرت بضربات قلبها تتصارع مع قفصها الصدري تريد الخروج بعيداً .
    بقيت مشدودة الأعصاب .. تتصرف دون تفكير حتى سمعته يقترب منها ويناديها: ماما ، خفق قلبها بشدّة، وشعرت بعاطفة مضطربة، مشوشة، وبعد تردد وخوف، فتحت عينيها، ابتسمت بأسى حين رأت شكله الجميل، يشبهها تماماً، فتنفست الصعداء، تفاءلت بأن المستقبل سيداوي جراحها، فرحت لكن لوقت قصير ، حيث بُترت سعادتها، واغُتيلت فرحتها عندما طلبت منه ذات يوم أن يغني لها ليتدرب على الصهيل، فراح ينهق بصوت منكر فسقطت مغمياً عليها .
    = من شابه أباه ما ظلم - قصة - حسنة محمود- = - =

يعمل...
X