Announcement

Collapse
No announcement yet.

الأديب / ميخائيل نعيمة

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الأديب / ميخائيل نعيمة

    الأديب / ميخائيل نعيمة

    - يُغريك البوح الإبداعي الناهض من أديم تربةٍ اعتادت أن تنفح وعيها الجميل بفيض من خاطر نبيل على أطباق نسمات تأتيك من هاتيك المقطعات التي انسرب فيها الوعي "الجبراني " من فضاءات الزمن الجميل .
    يُغريك , وأنت تمضي إليه صُعداُ , يحدوك هوىً معتّق , وقد راحت تباريح الأسئلة وغوايات الغموض تهدهد قليلاً أو كثيراً من عالم وعيك الذي أسكنتَ ذاتك فيه , ووعيَ ذاك المبدع الذي كلما قاربت قراءته طالعتك أحلامٌ على أجنحة سراب صقيل ينشد الغاربات‏
    أمواجا , والرّاحلات أزماناً.‏
    وقد اندثر زحام الكثيرين في غياهب الوجود , لكنْ ثمة نجومٌ ساطعة ترحل الثريا ولا يرحلون, فعلى أهداب " سكن الليل " مناجاة الحقل , والضباب الذي يحجب الأسرار , والنجوم التي تكتم الأخبار , وفي المرمى أنا عاشق مثلك كيف يبوح بالذي يضنيه .. ؟ و أمام فيافي العُجمة وصحارى الاغتراب تنهض نخلة عربية من رحاب أرز لبنان الرّاقد طمأنينة إلى جوار صنين وأدراج بعلبك والقرميد المعتّق في طهر هاتيك الوديان فيشهق المكان بانبعاث طائر الفينيق ليملأ الدّنا بصوت ٍيلثم وجنات الآفاق ليغدو هذا النبوغ الأدبي شاعراً وكاتباً وفناناً يدخل العالمية كونه واحداً من أعلامها , ورائداً من روادها ، إن لم يكن ، كما قال عنه : " ميخائل نعيمة " "جبران في نظري ثورة قبل كل شيء " .‏
    فجبران الذي استفاق على وقع خرير الجداول , وغناء الأطيار في أحضان الطبيعة المكللة بالناصعات ثلوجاً , والباسقات اخضراراً والدافقات ينابيعَ تلثم قطراتها شفاه الضفاف فتتورد طاقات الزهور تملى خاطره المرهف ليعتق في خوابي الذاكرة ، وليسكب في كؤوس الشعر دهاقاً، و الإبداع تنوعاً من خلال ما آل إليه حاله من طفل تمضي به الحياة إلى مبدع يمضي بالحياة فيرسم على هاماتها لوحة الذات العربية الناطقة بالإبداع والقيم المثلى والسجايا و الأفكار التي تروي جنبات الوعي البشري عبر صدى اللغات جاعلاً من اللغة العربية منطلقاً لفيض ما أنتج , ومؤكداً قيمتها إذ يقول : " ... إن خبر وسيلة لإحياء اللغة العربية هي في قلب الشاعر وعلى شفتيه , وبين أصابعه . فالشاعر هو الوسيط بين القوة الابتكار والبشر وهو السّلك الذي ينقل ما يحدثه عَالمُ النفس إلى عَالم البحث .."‏
    لذلك أخذ جبران على عاتقه عبر مؤلفاته الشعرية والنثرية مواجهة الإقطاع ببعديه آنذاك ، فجاءت أهم موضوعات قصصه التي صنعها من تعاطفه مع الفقراء شعوراً رقيقاً حقيقياً لا نظرياً ... فالإنسان ولد ليُسْعَد في هذا العالم . وهذا الاعتقاد قاد " خليلاً الكافر " إلى أن يطلب ملكوت السموات في هذه الحياة .‏
    " حيث يصبح كل فلاح ... يستغل بالفرح الذي زرعه بالأتعاب , و يجمع بالمسرّة البستان الذي غرسه بالمشقة فصارت الأرض ملكاً لمن يفلحها " لكن هذا المنطوق على لسان / خليل الكافر / تراءى صداه حملة مسعورة على جبران وإرادة التغيير والقضاء على الأرواح المتمردة , لكن ذلك كان قبض الريح فجبران المبدع حدوده تعاقب الوعي على مدارج العقول التي تنشد قيم الحق والخير والجمال , فقد أدرك قرّاء جبران على الدوم أن الكلمة خلية تحمل سر الحياة في التعبير عن أوجاعهم وهواجسهم والتّطلعات وخطاب التحدي والتحول من سراديب الظلم والظلام إلى مساحات الحرية والعدالة وهو المحتفي بسعة ثقافة عربية أصيلة وواقع جديد معيش بأنماط حياة تترجح بينهما نباهة الذات المرتعشة بملامسة عتبات الحياة فكانت له أول مقالة تلهج بها نفسه " رؤيا " التي نشرت /1907/ في صحيفة المهاجر في نيويورك , وأول كتاب " الموسيقا " بينما آخر ما كتب كان " ملك البلاد وراعي الغنم " في مجلة السمير المهجرية ليأتي كتابه " عرائس المروج " عام / 1906 التي ناقش فيه : التعصب والإقطاع السياسي والفوارق الطبقية , دون أن ينسى قلم جبران الأديب والفنان ما له علاقة بارتعاش الحرف على قيثارة الوله فكانت الرسائل المتوهجة عبر" الشعلة الزرقاء" إضافة إلى ثمانية كتب باللغة الإنكليزية خصّ المدنيَّة المثلى جانباً وحيزاً كبيرين , ثم كان كتابه " النبي " الذي ترجم إلى /24/ أربع وعشرين لغة لتصبح كلمات جبران محاراتٍ يضيء لألاؤها نُسع تلك اللغات بفِكر هي صدى تلاقي الإنسان بالإنسان داعياً في شمولية وعيه إلى الإخاء البشري منطلقاً من أرومة ثقافة أمته العربية وقيمها السامية التي ترى في الحياة الحرة الكريمة سبيلاً للبقاء فنراه يقول " إن الموت في سبيل الحرية لأشرفُ من الحياة في ظل الاستسلام .."‏
    مثلما يرى أن الحياة الحقّة كامنة في إنسانية الإنسان الذي قامتُه أعلى من أي وهدة ضعفٍ تختال أمام نفس قلقة , و إنما قامته في صيرورة الإنسانية ضمن مسارها الكوني الأرحب فتراه ينشد " أنت أخي ، و أنا أحبك " .‏


Working...
X