الموسيقار أمير البزق محمد علي المرعي
الملقب : بأمير البزق محمد عبد الكريم
- فريد ظفور
ليس طويلاً لكنه عملاق
الموسيقار الراحل محمد عبد الكريم : أمير البزق
رسم الفنانة غيداء الأحمد
الأمير :(( محمد علي المرعي ))
الموسيقار أمير البزق محمد علي المرعي (( محمد عبد الكريم )) - الصحفي والمصور : فريد ظفور
الملقب : بأمير البزق محمد عبد الكريم
- فريد ظفور
ليس طويلاً لكنه عملاق
الموسيقار الراحل محمد عبد الكريم : أمير البزق
رسم الفنانة غيداء الأحمد
الأمير :(( محمد علي المرعي ))
-البطاقة الفنية : محمد بن علي المرعي الملقب بمحمد عبد الكريم
- ولد وترعرع في حي الخضر ومن ثم حي جورة العرايس في حمص
بسورية عام 1911 م وتوفي عام 1989 م
بسورية عام 1911 م وتوفي عام 1989 م
-واحد من الأمراء العرب الثلاثة - أمير الشعراء أحمد شوقي و...
-تعلم عزف البزق على يد الفنان الكبير محي الدين معيون
-يحمل بجدارة لقب أمير البزق منذ ثلاثينيات هذا القرن
-عمل ألحان لأكثر من مطرب و مطربة مشهورين
-من المساهمين بتأسيس إذاعات( القدس – دمشق - الشرق الأدنى )
-من أسرع العازفين على آلة البزق
-أكثر آلات البزق كانت من تصنيعه
-زاد و جدد بعقد البزق
-صنع تياراً خاصاً بالموسيقا العربية
-له لحن أو مقام خاص به مسجل باسم مريوما
-عزف النشيد الملكي البريطاني بأصابع قدميه
-عشق الإذاعة و كره التلفزيون ( لقصر قامته )
المولد و النشأة الفنية
تعتبر آلتي البزق و الكمان من اكثر الآلات الموسيقية قدرةً على تجسيد مشاعر الإنسان و التعبير عن أحاسيسه , و البزق على الرغم من صغر حجمه فهو قادر من خلال وتريه على إطلاق أرق و أجمل الأنغام الموسيقية الساحرة . لأن أصابع البزق الناعمة تدق باب مشاعرنا دون استئذان مسبق و تهب من ألحانه نسمات رقيقة تداعب أوتار العاطفة لتسكر القلب بالنغمات الحلوة .
نشأ عازف البزق الفنان الراحل محمد عبد الكريم و ترعرع في مدينة حمص في حي الجوالة ثم في عكرمة أو حي الخضر , تلمذ عند الشيخ عثمان , ثم بمدرسة الإنكليز ( الإنجيلية ) لمدة أسبوعين . ثم تعلم و عاش في بيئة فنية , حيث كان أبوه وأخوه يحييان الحفلات الموسيقية و الغنائية للأعراس و الموالد , و كذلك تتلمذ على يدي العازف الشهير لآلة البزق الفنان ( حسين محي الدين بعيون ) , انحدر من بيئة فقيرة. بدأ حياته الفنية بالأعراس و الأفراح , كان يدور و يعزف جوالاً في مدينة حمص , ثم سافر إلى البنان . و عاد أدراجه إلى حمص ليعمل كعازف مع مغني مصري اسمه ( محمد البخيت ) الذي عاصر الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب . ثم انتقل إلى حلب و بقي فيها مدة ثم غادر إلى البنان و من ثم إلى فلسطين و ذلك عام 1921 م و كان عمره 11 عام واستقر في يافا ولكن لم يحالفه الحظ بالنجاح كما أراد و ذلك لكثرة المغنين فيها . ثم انتقل إلى مصر ليعمل مغني و عازف ثم عمل في مسرح ( مدام بلانش )
احتضنته الإذاعة السورية و له فيها تسجيلات كثيرة و لعل معظمنا يستمع إلى عزفه صباحاً دون أن يدري قبيل النشيد العربي السوري بمعزوفة الافتتاحية (( تم ... تريمتم .. تم تم تم ))
منذ نعومة أظفاره أحس بأنه مميز و عبقري و أن شكله غير مرغوب فيه و قامته قصيرة لدرجة شكلت عنده عقدة نقص عالجها و تصدى لها بتمرينه و عمله المتواصل و المبدع على آلة البزق تحسباً لأي ظروف قاهرة تواجهه من مفاجآت و مآزق , حيث كان يتمرن بالعزف بأصابع قدميه على آلة البزق .
لقد عشق الأمير البزق و عشقه حتى أصبحا شيئاً واحداً , بل وجهان لعملة البزق ( الآلة و العازف )
حيث طور بالبزق و جدد بعقد البزق و أضاف إليه ( زندّ و دساستين ) و غير الطاسة و صنعها من خشب ( موندرين ) وزاد وترين على البزق و وضع بالقرار وتر زيادة ( واحد قرار و واحد جواب )
بإضافة ( سلك + قصب ) أي ( قرار + جواب ) . أما رباطي زند البزق فقد كان عددها ( 18 ) رباطاً و جعلها ( 38 ) للتنوع في النغم . علما ً بأن البزق وتر فوق وشريط تحت . و الجدير بالذكر أن معظم آلات البزق كانت من صنعه سابقا ً و هكذا كما يقولون زاد في الطنبور نغماً .
له لحن بل مقام خاص به مسجل باسمه باسم ( مريومة ) .
و يعتبر من المساهمين بتأسيس إذاعات كل من ( دمشق - القدس - الشرق الأدنى ) هذا ويعتبر من أسرع عازفي البزق بالعالم , حيث سبق له و تنافس مع العازف التركي الشهير و السريع جداً (شنشلار)
وفاز عليه بالسرعة .
وتعتبر معزوفة محمد عبد الكريم ( رقصة الشيطان ) من أصعب وأسرع المعزوفات على البزق , لذلك لقب بألقاب كثيرة منها ( شيطان البزق – باكنيني البزق – أمير البزق - ملك البزق ... الخ ... )
كذلك كان الأمير من المعجبين و المحبين للموسيقا الغربية ( الموسيقا الكلاسيكية - موسيقا الباليه – موسيقا الجاز - موسيقا الحجرة ) . وأعجبه من الموسيقين السورين ( علي الدرويش - سامي الشوا -توفيق صباغ - جميل عويس - نجيب السراج - عبد الفتاح سكر ..... ) .
كان أحد الأمراء الثلاثة ( 1- أمير الشعر : أحمد شوقي 2- أمير الكمان : سامي الشوا 3- أمير البزق : محمد عبد الكريم )
لحن الكثير من الأغنيات من مشاهير المطربين و المطربات أمثال : ( سعاد محمد - صالح عبد الحي – ماري مكاوي – فهد نجار - فايزة أحمد بأشهر أغانيها \ يا جارتي ليلى \ - نجاح سلام وأغنيتها الجميلة
\رقة حسنك وجمالك \ ..... ) وغيرهم .
طرائف الأمير
تطالعنا كتب الموسيقا العربية عن ( زرياب و الفارابي ) و غيرهم بأنه عزف أحدهم على آلته فأضحك الموجودين ثم أبكاهم ثم أنامهم ..... وهذا ما حصل و فعله الأمير محمد عبد الكريم في سهرة ٍ خاصة
بمنزل المطربة ( كروان ) و بحضور المطرب و الملحن نجيب السراج و الشاعر الغنائي نظمي عبد العزيز
و زوجته و حشد غفير من أصدقاء الفن و الفنان الراحل محمد عبد الكريم و وبعد أن قدم المطرب نجيب و المطربة كروان وصلتين غنائيتين ز و من ثم عزف الأمير على البزق عزفاً منفرداَ كان مسك ختام تلك السهرة , وصلة عزف ٍ سحرية بأنامل الأمير أبكت الحضور ثم أضحكتهم ثم جعلتهم نياماَ .
- في إحدى زياراته إلى المانيا و هو يغني في إحدى حاناتها و شاهده (هتلر ) قبل استلامه الحكم , وسأل من هذا الحمار ؟ و بعد أن فهم من مرافقه ما قاله عنه , أجابه بالرد عزفاَ و غناء ً على البزق حتى جعله يهز رأسه إعجاباَ به
-بينما كان يزور المملكة البريطانية و بعد أن قدمه المذيع للجمهور على المسرح هزأ الجمهور منه و بدأ بالصفير و الصياح , فما كان منه ألا أن خلع حذاءه و بدأ يعزف النشيد الملكي بأصابع قدميه , مما جعل جمهور الحضور يقفون إجلالاً له و لعزفه المتقن , ثم غادر المسرح و لم يعد إليه إلا بعد اعتذار و تأسف لما حدث من الجمهور
-أيضاَ حادثة شفائه لابنة أحد الملوك العرب من جراء عزفه لها موسيقاه على البزق ز
-كذلك إعجاب سيدة الغناء العربي أم كلثوم بعزفه على البزق و قولها الدائم له ( دنت موهبة عظيمة يا سلام يا أمير ) أما عباس محمود العقاد فكان يقول له :( إنك من فلتات الطبيعة ) أما عبد القادر المازني فكان كثير المزاح معه . أما أحمد شوقي كان كل ما سمعه يقول : ( أسمع الأنغام الصحيحة التي ليس فيها زيف .... ) أما محمد عبد الوهاب كان يصغي لألحانه و يقول ك ( آه ... طيب يا أمير)
الخاتمة
وندلف للقول بأن الموسيقار الراحل أمير البزق محمد عبد الكريم الذي أحب الإذاعة وعشقها و لحن لها عواطف الحب و الجمال و الحنين و العذاب و الشكوى و النجوى و الألم و الأمل و العطاء و المجد طيلة أربعين عاما َ و نيف من العطاء و الإبداع و العبقرية النادرة و اللحن الثقيل الباهر , حيث رفع لواء آلة البزق عالياً في سماء التخت الشرقي و حفظ للفن شرفه و ذاد عن حياضه و دافع عن كرامته من خلال ألحان الخالدة و أنامله الساحرة .
هذا و لم يكن محمد عبد الكريم في حد ذاته ظاهرةَ منفصلة من نهاية القرن التاسع عشر و حتى القرن العشرين عن أقرانه من العباقرة أمثال ( سيد درويش - أبو خليل القباني - محمد عثمان - عبدو الحمولي ) بل كان ينضوي تحت ظاهرة العازف الموسيقي المبدع المنفرد أمثال ( سامي الشوا على آلة الكمان - توفيق الصباغ - على آلة الكمنجة - عمر النقشبندي على آلة العود - محمد عبد الكريم على آلة البزق ) و هكذا جعل محمد عبد الكريم لآلة البزق مكانة مرموقة و ممتازة فاستحق لقب أمير البزق فقد كان يطربنا بعزفه و يسكرنا بلحنه و يسمعنا غناءً على آلة البزق و يعبر عن شيء ما يجيش في داخلنا عبر آلة موسيقية مجردة لتوصل بتعابيرها آلام الطير و حكاية الأنهار و أشجار الصنوبر و الجوز و اللوز و الحور و السرو و النخيل .
و حتى أواخر حياته بقي فقيراَ معدماَ يسد رمق عيشه من عرق جبينه , و استقر في مدينة دمشق قرابة الثلاثين عاما ً يسكن في غرفة متواضعة بحي عين الكرش رافضاً الانصياع إلى تيار الأغنية الشبابية و إعطائها ألحانه التي لو فعل ذلك لكان من أكبر الأثرياء لكنه بقي محافظاً على مبادئه و فنه و لم يلقي بألحانه في سوق النخالسين , و كذلك رفضه وصاية امرأة ثرية و جميلة أرادت أن تشتريه بمالها , رغم أنه كان يعيش شيخوخة صعبة من شظف العيش براتب تقاعدي بسيط .
كذلك أقام له أعضاء جمعية ( أصدقاء أمير البزق ) حفلة تكريمية في حمص بأواخر حياته , إلا أن هذا يسير من كثير يستحقه الفنان المبدع من تكريم و تخليد و ذكراه الخالدة . لقد كان بحق قزما ً لكنه عملاق .
فريد ظفور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسيقار أمير البزق محمد علي المرعي (( محمد عبد الكريم )) - الصحفي والمصور : فريد ظفور
Comment