Announcement

Collapse
No announcement yet.

لا تقل... نعم و لا.... قل.... ربما !.

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • لا تقل... نعم و لا.... قل.... ربما !.


    لا تقل... نعم و لا.... قل.... ربما !.


    من الطبيعي جداً أن يقابَل الفعل بردة فعل . هناك فرق شاسع بين كلمتي نعم ولا ، مع أنهما تحملان القليل من الأحرف إلا أنهما مختلفتان تماماً .
    كان دائماً السباق إلى قول لا يحتاج منه إلاّ إطباق شفتيه ، هو من اعتاد أن يبقى فاتحاً فاه . هذا ما كنت تؤديه من تحت غطاء الطاولة بعيداً عن مرأى ومسمع‏ من أنت بضيافتهم اليوم . الدعوة مكشوفة ، وحول طاولة مستديرة ، وعليك أن تقول كلمتك المفضلة كما ينبغي . الأحداث كثيرة وطريقة الطرح تختلف من شخص إلى آخر ، وأنت ستكون أول من سيقوم بهذا الفعل . أحرف اسمك الأبجدية تؤهلك لأن تكون أول من سيعتلي المنصة .‏

    يتعثر عليك سبر الوجوه لتنطق بما يرضيها . ليت الوقت يسعفك ، ريثما يصل مشجعوك . تصفيقهم الحار يهبك القوة والإقدام ، فرصة لن تتكرر . الانطباع هو الانطباع الأخير لديهم ، ابتسم وابتعد عن ذكر لا أو نعم ، وقل ربما ، فهي السائدة هذه الأيام ، هذا إن أسعفك الحال وارتجلتها ولو لمرة واحدة . لكن عندما يكون الموقف مخالفاً للعرف والسائد ، وتقول قصيدة غزلية بعيداً عن المألوف لديهم فلن تسمع سوى الآهات والويلات والحسرات على الزمن الماضي . ما نطقت به ليس وقته الآن ، ستفتح عليك باباً وأنت تجهل طريقة إغلاقه ، ربما يكون بواسطة كبسة زر أو من النوع (الأوتوماتيكي) ، مازال لديك أكثر من جيب وعليك أن تعرف بأي من الجيوب تبدأ بالاستئصال لتجود بما جادت به نفسك .

    هناك مساحة شاسعة بين ما تود قوله وما تكنّه ، تشعر أن الفجوة تغادرك ، تحطّ أمامك ، تتوسط المنصة وتطالبك الاعتلاء لتسد ما عجزت عنه سابقاً . لو أنك عملت على اللفة لما وقعت هذه الإشكالية الآن . الأحرف التي بحوزتك لا تكفيك لقول بيت من الشعر ، فأين أنت من القصيدة ؟ الوقت لا يسعفك ، فمهما أسرعت خطاك ستسبقك بأميال . باستطاعتك أن تستعير شيئاً من أقوال الأقدمين ، تكريماً لهم وليس لقلة حيلتك . تقطعت السبل بك ، صرت تغوص في عمق التاريخ ، إلى متى سيبقى الوقت حليفك ؟ سيعلن اسمك لتصعد إلى المنصة وتتصدرها ، لقد تعرضت في حياتك إلى الكثير من المواقف لكنك لم تجد نفسك أشد إحراجاً من هذا الموقف . الفوضى تجتاحك . في هذه الأثناء صخب وشغب يعجّ داخلك ، قم بلملمة نفسك قبل أن يظهر ذلك للعيان .

    كنت إن بدأت سابقاً لا تحب أن تنتهي أبداً ، الآن تتمنى النهاية قبل البداية . لا تعرف من المبدعين الأوائل سوى أسمائهم ، ما الذي جاء بالفلسفة على لسانك ؟ أفلاطون وسقراط وأرسطو غادروا الدنيا ، لكن أعمالهم باقية على مر العصور . ما يشغلني الآن أنه مهما جادت نفسي من أحاديث فلن أتوصل إلى بلاغتهم وفلسفتهم وعلمهم .... .

    أنهيت خطابك قبل أن تبدأ به ، وتركت أكثر من ردة فعل داخل المدعوّين بقولك : لا ، لن أتحدث بأكثر من ذلك .‏
Working...
X