Announcement

Collapse
No announcement yet.

شمس النهار

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • شمس النهار

    شمس النهار


    اكتب اليكِ للمرة الاولى رغم ان صداقتنا ضربت جذورها بالاميال فى نفسي , لعل حميميتنا لم تكن قديمة , لكن التعارف بيننا كان منذ الأزل ...
    مجنون سيقولون عنى عندما يعرفون انكِ من اكتب اليها , واشكوى اليها , وانام ليلي مرتعدا من هذا الظلام المحبط متوشحا به , انتظركِ فى شوق بلغ حدود السماء , تتغنى به الاطيار , والحق اقول انكِ ما اخلفتى موعدنا ساعة , فكل نهار افتح نافذتى لأجد منكِ علامة , فأسرع وشوقى اليكِ يتقاطر من نفسي كامطار الكرم فى قصور غرناطة , فأجدكِ نشرتى بهائك فى نفسي قبل الكون المتشوق لرؤياك ....
    شرفتى الصغيرة المحففة بأزهار البنفسج والياسمين تزداد جمالاً بزيارتك , وها انا اجلس منذ صباح يومى مستأنسا بلقائك , تداعبنى خيوط شعرك الذهبية المتناثرة حول عنقى , ودفئ قلبك الذى طهرنى من رطوبة الزمان ....
    نعم اعتدنا الجلوس نتودد لبعضنا بحروف الصمت البليغ , لم يعد لى على وجه هذا العالم إلا صحبتك النهارية , فماذا ينتظر كهل مثلي من رجال الحياه , فلم اعد جندى من جند الدنيا ولا من ارباب القوّل , سقط منى الزمن منذ امدا بعيد لا اذكره ... لكن اليوم وقعت عليّ مفجأة ارتعد لها اعضاء الجسد الواهن , ان اليوم هو عيد ميلادى التسعين , تخيلِ انى عشت فى هذه الدنيا تسعة عقود , ضعُف فيها القلب والبصر , والسمع اصبح خيالات ورؤى , لكن ذاكرتى تأبي النسيان , تقف امام طوفان طاغى من الايام والاحداث ببسالة , ها انا يا صديقتى ابلغ ارذل العُمر , الذى دعوت ربي ان يحرمنى منه , لكن نفذ فيّ قضائه ....
    سنوات مضت عديدة لا اذكر ملامحها على وجه التفصيل , لكن المجمل محفور فى قلبي قبل العقل , يوما استلمت فى يدى ورقة أصبحت الآن باهتةٌ صفراء , كانت شهادة التوجيه العام , ذهبت بها إلى أمى والسعادة اوزعها على كل من وقعت عيني عليه ....
    انا يا امى اصبحت رجل , افندى حاصل على البكالوريا , فى اعلى السماء وضعتنى امى بعد ان اقنعتها بضرورة اكمال دراستى بالجامعة , قلة من اهل الحي والعائلة من التحق بالجامعة , الكل يطمح بعيون مترقبة إلى البكالوريا , اما انا فكان حلمى بلا نهاية , كنت استولد من كل نهاية هدف , جوقة من أمال اُهدي بها عقلى ونفسي , فى الجامعة درست اداب الانجليز , برعت تفوقت , كنت نابغة الجامعة , ومحط اعين الاعجاب , كانت تلاحقنى عيون زميلاتى لتضيق علي حياتى الجامعية , عدم الاكتراث بهن كان ديدنى , فأنا وسط مقررات ومراجع الادب وجدت الحياه , يترأى لى هذا اليوم وكأنه حدث قبل ان اكتب اليكِ الآن مباشرة , عندما استدعانى عميد الكلية وبشرنى بأنى الأول على الدفعة , ربت على كتفى واوصانى بالعمل الاكاديمي ....
    لا أصدق ان هذا كان من عقود خلت , انى اذكر اول يوم لى فى التدريس الجامعى وكأنى مازلت ارتدى تلك السترة البيضاء , التى ظهرت بها فى اول يوم , وانا احاول التغلب على نظرات الطلبة , فانا فى مثل اعمارهم تقريبا , لكنى انا الاستاذ الآن , مرت شهور فقط لأجد رسالة عليها اسمى , تأتى لتخبرنى انى مرشح لبعثة فى لندن لأكمال دراساتى فى بلد الأدب المدروس منى طيلة سنوات , بعد موت الأم ايتها الصديقة الوفية يكون الانسان حطام , لم افرح بتلك الرسالة بالقدر المأمول , فبعد وفاتها لفترة اعتادت عيني السواد المظلم , وافقت على البعثة لأكمل طريق بدأته , لكن تلك المرة لم احمل الإثارة والشوق فى دفاترى , فكان زاد سفرى هو استئناف مشوارى فقط ....
    وهناك فى بلد الثلج الأبيض جمدت المشاعر كثيرا , أصبحت حياتى دورة ديناميكية من الافعال وردها , كأنى قطار مرسوم له خط السير , لا يتجاوزه ابدا , اذهب الى الجامعة صباحاً , واقرأ ليلاً , فى تلك الايام الباردة ارتسم فى قلبي صورة تلك الفتاه الشقراء , فسبحان الخالق , كان جمالها من ايات الله المعبود , انظر اليها خلسة بين فصول النهار , فاردد اسمه البديع ....
    وكأن بوجودها يا صديقتى بدأتِ فى الأشراق من جديد , فانصهرت جميع الثلوج , وازدهرت الورود على الاشجار , وتوشح الكون بضياء سنها البسام , وكأن العالم كله تلاشت صوره فى عقلى ونفسي , واحتل جمالها كل ما في , لم افطن الى نفسي فى يوما من ايام احتلالها الوردى لقلبي , إلا لأجد نفسي اتناسي كل ما درسته بلغتها ولغة اجدادها , فأكتب فيها اجمل الاشعار بلسان قومى, فضحتنى عيناى وحركاتى المتوجهة نحو مغناطيسيتها الجاذبة لكيانى , صارحتها بما اصابنى جراء نظرة عيونها نحوى او نحو المدى , رأيت ضحكتها المرتبكة بخجل الأنثى , فتشابك ايدينا , وتحاضنت عيوننا ,وتعانقت قلوبنا , وتوحدت ارواحنا ....
    صحبتنى إلى بلادى بعد انتهاء البعثة , و فيها رأيتها تعطينى الذكر والانثى بفضل من الخالق سبحانه , وفى جامعتى كنت اجتاح السلم الوظيفى وكأنه سلم كهربائى , فأصبح رئيس لقسم اللغة الانجليزية بكلية الاداب , واحاضر فى جامعات اخرى محلية وعربية وعالمية , ارى امامى ابنائى يُزهرون سنوات العمر , وتنضج اوراقهم وعقولهم , وكأن الحياه طائرة نفاثة , أجدهم فى طولى ويتكلمون ويتناقشون معى , تنظر لى امهم مبتسمة , وجمالها لم ينضب ابدا , كانت اجمل سنوات العمر يا اقرب الاصدقاء , كنت فيها الزوج العاشق والأب الحنون والأستاذ الناجح , فى يوم من ايام هذا العمر المنقضى , جلست امام النهر انا وهى , نتذكر ليالينا الاولى على التيمز , ساعتها اسرت لى ان ولدنا سيلتحق بكلية الهندسة , يومها شعرت بأن شعري شاب , الم اكن اعرف انه التحاقه بالجامعة قد آن , لكن معايشة اللحظة غير انتظارها ....
    ملعون هذا المرض الخبيث الذى يحصد ارواح الاحباء , أمقت لحظة , عندما ترى اجمل الازهار تذبل امام اعينك , والعجز والصمت القاتل هو كل ما تملك , اُصيبت زوجتى ورفيقتى بأبشع الامراض فتساقطت خصلات الذهب من رأسها , وانطفأ نور الحياه من وجهها حتى فقدتها ,,, للمرة الثانية تُظلم الحياه امامى , اُبصر فأجدنى وحيدا , ابشع احساس عندما تشعر انك مبتور ....
    تعاظم دور ابنتى فى حياتى بعد وفاه امها , وكأنها ادركت بحسها الانثوى او الامومى انى يتيم ارمل مكلوم , شجعتنى على الانتباه لعملى , هيأت كل الاجواء لأستئنف دراساتى الدائمة فى غرفتى بكل هدؤ , سهرت على راحتى , كثيرا ما احجبت عنى اخيها حين كان يحاول الدخول علي فى صومعتى , ليطلب منى توافه الامور , لكنه كبر وصار مثلي فى شبابي القديم الطامح , فها هو يتخرج باعلى التقديرات , ويطلب منى ان اساعده فى بعثة الى المانيا ليكمل دراسته ....
    كانت لحظة قاسية وانا اودعه فى المطار وهو مسافر إلى بلاد الألمان , احتضنته بكل قوتى , وانا اشعر انى اودع فيه امه وامى , وانا اتحسس ملامح وجهه واصبر نفسي بأن اللقاء قريب , اتسع البيت علي انا وابنتى , أصبحت هى كل الحياه الدابة فى نفسي , بها تشجعت على اقامة مقابلات اسبوعية فى بيتنا الواسع بينى وبين اساتذة اخرين وتلاميذى نتناقش ونمزح ....
    فُوجئت , بُهت , صُدمت , وكأن كل سكان هذا الكوكب دقوا على رأسي بمطارقهم عندما ظهر شاب فى حياه صغيرتى , انها صغيرتى لكنها فتاه , شابة بالغة لسن الرشد , لم اتخيل يوما فراقها , كرهت هذا الشاب الذى جلس امامى بمنتهى الادب البارد ليطلبها للزواج وليخبرنى انه يعيش فى احدى البلاد التى تسبح على انهار النفط , رأيت السعادة والبهجة يقفزان من عينيها , لجئت إلى السكوت , لا لن اكون انانى لكى احرمها من الحياه , طالبا منها ان تهبنى ما حرمنى منه القدر , وافقت على الزواج , ورقصت فى فرحها بكل قوتى , وكأنه احدى حفلات الزار التى يترنح فيها الضحية على الطبل والزمر والصراخ ليقع فاقد الوعي والحس , وكأنها احدى حالات السكر للنسيان ....
    عشت بعدها يا صديقتى منغمسا فى العمل الاكاديمي والمحاضرات الجامعية , والندوات العلمية , لم اجعل يومى راحة ابدا , تعمدت على ان احوله إلى ضوضاء رهيبة , تهرُب منها كل الافكار والمشاعر , لكن كان قرار احالتى إلى المعاش وكأنه شهادة وفاه جديدة لأعز الناس , اعتزلت الناس بعده لفترة , كدت ان استسلم للشيخوخة مبكرا , لكنى قاومتها بالنادى , فكان صباحى كله فى النادى , اجالس رجال فى مثل عمرى , نتكلم فى السياسة ونشكى الى بعض حال الدنيا , نلعب الشطرنج , ولسنوات كان النادى حياه جديدة لى , وكأنى عدت مراهق لا اتحمل هموم وظيفة او مسؤليتها , بل كانت كل حياتى هى مجموعة المسنين اليائسين , طالت فترة النادى , ورأيت الاصدقاء تهب عليهم رياح الخريف فتذبلهم وتطيح بيهم الواحد تلو الآخر حتى بقيت انا وحدى ....
    لكن للزمن تجاعيد وشيب لا يستطيع مخلوق ان ينكرها او يجحدها , فنحن فى ايدي الزمان ليس مثلك ايتها الصديقة الخالدة , فحين يأمر العُمر لابد ان نستجيب , فاستجبت بكل رضا للوهن والضعف , اعتدت على ان اصادق اعراض الزمان , احباطى لن يرجع ما فات , فكان محتوم علي ان امشي مع شيخوختى فى طريق الحياه او اللاحياه , فحياه جديدة عايشتها بعد النادى , وهى حياه المنزل الخاوى من الاشخاص , اقرأ نهاراً حين يساعد الضوء عيناى وفى الليل افتح تلفازى لأشاهد الاخبار والمسلسلات ...
    كان الفراق هو المقدور علينا دوما , نودع الاحباب بحسرة القلب وعبرات الاعين , لكن بعد ان نعتاد على الوداع نعلم انه سُنة الحياه, لن انكر حزنى حين سلبت منى الحياه نظرى , فأفقدتى القرأة ومشاهدة التلفاز ...
    كُتب علي مفارقة الاحباب , فها انا اودع نظرى مصحوبا بالقرأة وصديقى التلفاز , فلجئت إلى المذياع , اجلس بجواره منصتا إلى ترتيل القرآن , واداعب أذنى حينا بموسيقى زمنى البعيد , هذا المذياع كل ما تبقى لى من اصدقاء , استمع اليه فى كل حنان , تدمع عيناى احيانا وانا اسمع حلقاته الدرامية , اعيش فى رحاب القرآن معه , معه عرفت الاصوات , وميزت بين القراء وفنونهم ....
    صعيبة جدا هذه الايام التى رحل عنى السمع هو الآخر فودعت فى حسرات اخر صديق , إلا ان ظهرتِ انتِ يا انبل الأصدقاء , واوفى المخلوقات , حين ظهرتِ لى واغمرتينى بموجات الحب النابعة من قلبك الدافئ , داعبتنى اشعتك الطاهرة ورسمت لى الخيالات التى بها تقلبت فى حيوات مفقودة , ها انتى تقفى على رأسى تارة , وترسلى بعضا منك على انحاء متفرقة من الجسد والبيت , تأبي ان تذهبي إلا ان تأخذى معك يوميا عطن حياتى الراكدة , لن اوفيكِ حقك لا برسالتى هذه ولا بالقليل المتبقى من عُمرى ....
    ايتها الشمس الطاهرة الوفية , يا كل من تبقى لى فى هذا العالم , يا اقرب الخلان وانفس الاشياء , امانة عليكِ لا تتركينى كباقى الاصدقاء , فأنا لن ابتعد عنكِ نهارا , ومعك سأنتظر الزائر المتأخر لسنوات .....
    اه يا دهر هات ما شئت و انظر عزمات الرجال كيف تكون
    ما تعسفت فى بلاءك الا هان بالصبر منه ما لا يهون






    sigpic

  • #2
    رد: شمس النهار

    السلام عليكم ورحمة الله

    سامحك الله يا قرة عيني

    أثرت في قصتك الرائعة كثيرا، لدرجة أنني عشت تفاصيل ما سردته لنا، بل وجدت نفسي أجلس قرب ذلك الشيخ وأطل معه من شرفة بيته، أنظر إليه وهو يكتب قصته بأنامل مرتعدة، لا تقوى على حمل القلم، ذاك الصديق الذي أوصله ذات يوم لأعلى المراتب، وكان الصديق الوفي لسنين مرت من حياته، كتب وارتعاشة جسده المنهك بهموم السنين ومأسي الأيام وطوفان الدنيا الذي جرف معه كل البسمات من طريقه، كان يكتب قصته ويسرع حتى لا يفاجئه الزائر الذي لا يرحم، مرارا يسقط القلم من بين اصابعه، فيبحث عنه وقتا طويلا، طبعا فقد اصبح كفيف النظر، لا تتعجبوا فرغم فقده لحبيبتيه، إلا أنه ما انفك عن الكتابة، رغم السطور المتداخلة والكلمات المبعثرة، إلا أنه يقاوم ويقاوم حتى لا يفقد آخر تعلق له بالحياة.
    كنت أجلس بقربه، أقرأ ما يكتب بل وأهمس له في أذنه إذا ما وجدته غاب عن الواقع وهام في الذكريات، فيرجع من جديد للحياة، لكنني فقط أهمس لا أستطيع أن أساعده في شيء، فأنا فقط زائرة لقصته أقرأ ما يدون، وبعد أن ينتهي، أجلس معه لساعات ينظر للشمس بعينين لم يعد فيهما بريق انطفأتا منذ زمن، وكأنه يحاول أن يستمد النور وأن يشحنهما كبطارية فارغة.
    تركته عند الشرفة يناجي حبيبته وصديقته، ورايته ألمه عند غروبها وكأنه يودع الحياة بوداعها، منظر محزن يحز في النفس، لكن يا صديقي كلنا يوما ما راحلون، بل حتى الشمس هي الأخرى
    " فكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام"
    صدق الله العظيم
    أعذرني أخي لقد استفزتني قصتك، لدرجة وجدت نفسي، أعيش مأساة صاحبها، فما اصعب أن يفقد المرء كل من وما يحب، حتى يصبح متلهفا لمعانقة الموت.

    كلما كتبت هذه القصة إلا وستجد هذا الرد عليها، سيرافق قصتك كظلها، لكنني فعلا لا أعرف كيف أشكرك على هذا الإبداع.


    سلمك الله يا اخي الصغير

    Comment


    • #3
      رد: شمس النهار

      ايتها الشمس الطاهرة الوفية , يا كل من تبقى لى فى هذا العالم , يا اقرب الخلان وانفس الاشياء , امانة عليكِ لا تتركينى كباقى الاصدقاء ,
      رائعة كريم قصتك جدا في الفكرة و الصياغة الأدبية
      كما كان رد عائشة رائع في تحليلها
      و عذرا إنى لا أجيد النقد و التحليل
      إلا إني أحب هذه الصياغة الأدبية البديعة

      دمت مبدعاً

      Comment


      • #4
        رد: شمس النهار


        أخي كريم

        تحملني قصتك للبعيد البعيد من الفكر الإبداعي للقصة عندما يستخدم الكاتب ملكاته في القصة من

        " التشويق " ، وتعتمد القصة واقعية عجيبة عندما تطرقت بهذا الخطاب وذاك السرد وتلك التجاعيد

        التي نجول فيها من سرد قصصي روعته في نقل المشاهد بين حقب زمنية بعيدة ومزج لحالة العشق والحب

        بين الأم والإبن ، يخال لي انّ القصة تجدد نوعيّ في يراع كريم المبدع كما عودنا على الدوام


        أخي كريم طبت وطاب فكرك ونضوجك
        الله يرعاك ويحفظك

        Comment


        • #5
          رد: شمس النهار


          السلام عليكم ورحمة الله

          سامحك الله يا قرة عيني

          أثرت في قصتك الرائعة كثيرا، لدرجة أنني عشت تفاصيل ما سردته لنا، بل وجدت نفسي أجلس قرب ذلك الشيخ وأطل معه من شرفة بيته، أنظر إليه وهو يكتب قصته بأنامل مرتعدة، لا تقوى على حمل القلم، ذاك الصديق الذي أوصله ذات يوم لأعلى المراتب، وكان الصديق الوفي لسنين مرت من حياته، كتب وارتعاشة جسده المنهك بهموم السنين ومأسي الأيام وطوفان الدنيا الذي جرف معه كل البسمات من طريقه، كان يكتب قصته ويسرع حتى لا يفاجئه الزائر الذي لا يرحم، مرارا يسقط القلم من بين اصابعه، فيبحث عنه وقتا طويلا، طبعا فقد اصبح كفيف النظر، لا تتعجبوا فرغم فقده لحبيبتيه، إلا أنه ما انفك عن الكتابة، رغم السطور المتداخلة والكلمات المبعثرة، إلا أنه يقاوم ويقاوم حتى لا يفقد آخر تعلق له بالحياة.
          كنت أجلس بقربه، أقرأ ما يكتب بل وأهمس له في أذنه إذا ما وجدته غاب عن الواقع وهام في الذكريات، فيرجع من جديد للحياة، لكنني فقط أهمس لا أستطيع أن أساعده في شيء، فأنا فقط زائرة لقصته أقرأ ما يدون، وبعد أن ينتهي، أجلس معه لساعات ينظر للشمس بعينين لم يعد فيهما بريق انطفأتا منذ زمن، وكأنه يحاول أن يستمد النور وأن يشحنهما كبطارية فارغة.
          تركته عند الشرفة يناجي حبيبته وصديقته، ورايته ألمه عند غروبها وكأنه يودع الحياة بوداعها، منظر محزن يحز في النفس، لكن يا صديقي كلنا يوما ما راحلون، بل حتى الشمس هي الأخرى
          " فكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام"
          صدق الله العظيم
          أعذرني أخي لقد استفزتني قصتك، لدرجة وجدت نفسي، أعيش مأساة صاحبها، فما اصعب أن يفقد المرء كل من وما يحب، حتى يصبح متلهفا لمعانقة الموت.

          كلما كتبت هذه القصة إلا وستجد هذا الرد عليها، سيرافق قصتك كظلها، لكنني فعلا لا أعرف كيف أشكرك على هذا الإبداع.


          سلمك الله يا اخي الصغير

          العزيزة الغالية عائشة
          مبارك لى ردك هذا الذى عشقته والذى اعتبرته جزء من قصتى بعد اذنك
          فقد اقرأ يوما ما كتبت عن هذا الشيخ وصديقته لكن اشعر بالغربة عندما
          لا اجد حرفك الذى اهديتنى له والذى حقا بهرنى , فكلماتك وحسك اعطى
          بعدا جميلا للقصة و كأنها موسيقى تصويرية على الكمان تصاحب المشهد
          الحزين , فلا اعرف كيف أشكرك على ردك المتفرد هذا ولكن كيف لا وانتِ
          اختى الغالية العزيزة فبارك الله فيكِ وشكرا والف شكرا لكِ ولقلمك
          اه يا دهر هات ما شئت و انظر عزمات الرجال كيف تكون
          ما تعسفت فى بلاءك الا هان بالصبر منه ما لا يهون






          sigpic

          Comment


          • #6
            رد: شمس النهار

            ايتها الشمس الطاهرة الوفية , يا كل من تبقى لى فى هذا العالم , يا اقرب الخلان وانفس الاشياء , امانة عليكِ لا تتركينى كباقى الاصدقاء ,
            رائعة كريم قصتك جدا في الفكرة و الصياغة الأدبية
            كما كان رد عائشة رائع في تحليلها
            و عذرا إنى لا أجيد النقد و التحليل
            إلا إني أحب هذه الصياغة الأدبية البديعة

            دمت مبدعاً
            همس الورد
            المتألقة على الدوام , ردك هذا شرف لى واشكر لك طيب كلماتك
            اه يا دهر هات ما شئت و انظر عزمات الرجال كيف تكون
            ما تعسفت فى بلاءك الا هان بالصبر منه ما لا يهون






            sigpic

            Comment


            • #7
              رد: شمس النهار

              أخي كريم

              تحملني قصتك للبعيد البعيد من الفكر الإبداعي للقصة عندما يستخدم الكاتب ملكاته في القصة من

              " التشويق " ، وتعتمد القصة واقعية عجيبة عندما تطرقت بهذا الخطاب وذاك السرد وتلك التجاعيد

              التي نجول فيها من سرد قصصي روعته في نقل المشاهد بين حقب زمنية بعيدة ومزج لحالة العشق والحب

              بين الأم والإبن ، يخال لي انّ القصة تجدد نوعيّ في يراع كريم المبدع كما عودنا على الدوام


              أخي كريم طبت وطاب فكرك ونضوجك
              الله يرعاك ويحفظك

              أخى الأكبر المعتز
              بارك الله فيك على هذا التشجيع الدائم والمسمتر منك ايها الرائع
              وما انا إلا تلميذ إليكم يا أستاذى فبارك الله فيك والف شكر لك
              اه يا دهر هات ما شئت و انظر عزمات الرجال كيف تكون
              ما تعسفت فى بلاءك الا هان بالصبر منه ما لا يهون






              sigpic

              Comment

              Working...
              X