إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بقلم الشاعر السوري (( عبـّاس سليمان علي )) ..- ين الأنثى والذكر ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بقلم الشاعر السوري (( عبـّاس سليمان علي )) ..- ين الأنثى والذكر ..

    ‏‏عباس سليمان علي








    ين الأنثى والذكر
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
    بقلم عبـّاس سليمان علي
    أثارني تحقيق حاول التطرّق إلى مشكلة الفتاة المتعلّمة والعنوسة التي تؤرّقها وتشغل بالها ، فانتابتني رغبة لكتابة شيء ما، لا أعتبره ردّاً ـ لا سمح الله ـ ولا تعليقاً وإنما آراء شخصية تعبر عما ادّخرتْه سنواتي الـ / 48 / ـ .
    لم يكن عبثاً أن حمل " سيدنا نوح " [ عليه السلام ] على سفينته زوجين اثنين ، حيث اعتقد أن في ذلك حكمة منها ضمان البقاء واستمرارية الحياة على الأرض ، فلا تناسل ولا تكاثر إلاّ بوجود { مؤنث ومذكر } يلتقيان بشكل ( طبيعي حيوي ) ليشارك كل منهما بما حباه الله وخصّه من بنية تكوينية ـ فطرية ـ فيحققان معاً أهم أسباب البقاء ـ التناسل للتكاثر ـ ، تؤكد ذلك مطالعاتنا بما يبحث في هذا عن سائر الكائنات.، وقد لا نجد في الطبيعة عنصراً فرداً حرّاً صرفاً يستطيع القيام منفرداً بذاته ليحقق فاعليته فيؤدي دوره إلاّ بمشاركة عنصر ( معين ) آخر يمدّان بعضهما أو يترافدان أو يتكاملان أو يتّحدان أو يمتزجان أو ...... ، فيتم بذلك ما يحقق الدور المرتجى لتأدية المهام لتخرج النتائج من خلال تلك المشاركة أو الشراكة إلاّ أن كلا هذين الشريكين يختلفان { كلياً ـ جزئياً ـ نسبياً ...} ولولا هذه الاختلافات لكانا من جنس واحد ومن طبيعة واحدة ولهما قدرات متشابهة فلا يحدث ما يُؤمل من التقائهما ... لا بل فقد ينتج عنه التنافر والتباعد ، المهم لن ينتج ما يرجى ، وهذا لعمري تقدير من الخالق عز وجل وقد درجت عليه الكائنات والطبيعة المخلوقة بدقة متناهية في التنظيم وتحديد الأدوار والوظائف والأهم ذلك التوازن المحسوب وهو غاية في الدقة . لا أجد حاجة هنا لأشير إلاّ ببساطة عن الفيزيائيات { النار ـ الكهرباء ...} وعن الكيميائيات{الماء ـ التراكيب الكيماوية ...} كأمثلة.
    أودّ هنا أخذ الطبيعة البشرية موضوعاً ، فالإنسان كائن حي عضوي يضمن بقاءه واستمرار نوعه وتكاثره بالتناسل من خلال عملية اتصال تتم بين شريكين اثنين وهما بالتحديد { الأنثى مع الذكر } من النوع البشري الواحد إلاّ أنهما مختلفان من حيث التكوين الخَلقي الفطري بالصورة وفي بعض تفاصيل الجسد ووظائف الأعضاء وأشكالها ، كما يختلفان في البنى النفسية وفي القدرات البدنية ، وأعتقد هذا ضرورياً لتتحقق النتائج المرجوة والغايات المستهدفة من اتصالهما ، وما من شك في أن اتصالهما هو الوسيلة الوحيدة { إلاّ اصطناعياً ـ مخبرياً } كسبيل للتناسل فالتكاثر وديمومة البقاء { إلاّ فيما قدّر الله سبحانه } ، ولسنا مضطرين لدراسة أكاديمية تخصصية في الطب أو التشريح لندرك تماماً اختلاف ما تمتلكه الأنثى وما هي عليه من صفات وقدرات تكوينية عما يمتلكه الذكر شكلاً ومضموناً ابتداءً بصورة الوجه وطبيعة الجلد والبشرة مروراً ببعض التفاصيل الجسدية والأعضاء وصولاً إلى الأحشاء الداخلية ، فذلك بيّن واضح تمام الوضوح في الصورة والشكل وهيكلية العظام وأحجامها وبنية العضلات وقدرتها على اكتساب القوة والنمو وفي نموّ الأطراف وفي القوى البدنية عموماً كما في طول القامة والوزن وهذا ما يمنع عليها العمل في المناجم مثلاً أو القيام بأعمال تطريق الحديد وتطييعه أي العمل فيما يتطلب قوى وقدرات بدنية خاصة ومحددة ، ولعل الأعراض الجسدية { الأنثوية حصراً } وهي اعتيادية وقد تكون متواترة بشكل عام تعيقها أو على الأقل تحد من استمرارية حيويتها لتؤثر في أدائها الوظائف العملية المطلوبة منها وقد تؤثر سلبياً في حالتها النفسية ما ينعكس على انفعالاتها ومنها على سلوكها ، هنا لا أقصد أبداً الانتقاص ولا امتهان قدرة الأنثى ولا الحط من قدرها ـ معاذ الله ـ لكنها حقيقة طبيعة التكوين وما تقتضيه خصائصها الأنثوية { خَلقياً } ،
    لكن هذه الأنثى نفسها تبدو خارقة بتحمل أعراض الحمل وآلام المخاض الهائلة والولادة التي نظيرها الموت ، وكل هذا وغيره مما لم أذكر يتطلب منها بل يؤكد أن لديها من القدرات والطاقات للاحتمال والصبر والتضحية ...... ما يتفوق بامتياز خاص على ما قد يمتلكه أعتى الرجال وأشدهم قوة وأمنعهم بأساً .
    أراني مضطراً للإشارة إلى أنه في أحد مراكز الأبحاث تمكنوا من زرع رحم في أحشاء رجل وأمّنوا أسباب حمله فلم يقدّر للجنين من الحياة إلاّ أربعة أشهر فماتا معاً لأن الرجل ليس مهيأ جسدياً لذلك فأحشاؤه لا تحتمل ولا قدرة لها على التكيف مع نمو حجم الجنين الذي يكبر ، هذا بصرف أنظارنا عن عجز الرجال وتجاهلنا استحالة قدرتهم لإنتاج الحليب الطبيعي كالأم الأنثى ولا آلية جسدية عندهم للإرضاع ....!!
    {( *هنا غفلت قاصداً عن الإمكانات النفسية عند الإناث لتقبّل وممارسة الأمومة بما تتطلبه من الاستعداد النفسي والإمكانات الجسدية والقدرات والطاقات اللازمة للعناية والرعاية والعمل بالمعاني والوظائف المقدسة الخارقة للأمومة ...!!* )} . مما تقدم أردت القول أنه للأنثى وظائف مقدسة ومهام حيوية لا يمكن لغير الأنثى القيام بها بما خُصّت به حباءً من الله الجليل سبحانه وتعالى ، فحاشى لله أن يظلم عبداً ذكراً كان أم أنثى بأن خلقه وحدّد جنسه ومنحه ما يمكّنه من تأدية دوره الحياتي ووظائفه الطبيعية..
    وأتساءل بعدها : هل نستطيع تهميش الأنثى أو الاستغناء عنها أو الانتقاص من احترامنا لها ؛أم أنها الأم والأخت والزوجة والحبيبة والصديقة والزميلة التي لا بد من مشاركتها الفعالة ووقوفها داعماً ورافداً ، ذلك بعد أن ترضى أنوثتها وتحترم قدسيتها وتعمل بها ...!! فهل يمكن لأنبوبة الحليب ( البيبرون ) أن تكون صدراً دافئاً كحنون رؤوم تؤمّن الطمأنينة والسكينة لوليدها... !! وهل للحليب المصطنع أن يغذي الطفل ويمنحه ما يمنحه حليب أمه من تحصين وتقوية وتغذية ومناعة ...!! أوَ ليس مستنكراً استنكار الأنثى أنوثَتها بقيمها وقيمتها وبمعانيها المقدسة لترفض الحمل مثلاً أو الإرضاع الطبيعي خشية تأثر تناسقها الجسدي !!، أو أن تتخلى عن ممارسة حنانها بتراجعها عن الاهتمام بوليدها وحرمانه من رعايتها وعنايتها له وما يتطلبه ذلك من تخصيص أوقات ضرورية ولا بد منها ، لأنها تخشى فقدان مركز وظيفي أو ضياع موقع اجتماعي ...!! ألم يتأكد لنا أن الإنسان { الذكر والأنثى } إذا ما تم الحمل به بشكل طبيعي صحي وصحيح فنشأ وترعرع متمتعاً بحنان ورعاية وعطف أمه الحقيقية { تحديداً } ليكون بذلك ذا بنية جسدية ونفسية أحسن صحة وأشد متانة وأقوى مناعة وأكثر قوة من غيره المحروم من بعض أو كل ما تقدم ...!! ألا تعتصر الأم { الحقيقية } حشاشتها وتضحي بنفائسها من أجله وفي سبيله ....!!
    ألا نؤمن جميعنا { الذكور والإناث منّا } أن الله سبحانه وتعالى وضع سراً إلهياً في خلقه وقد أعطى الأنثى وخصّها ما ليس للذكر من أسباب ومعاني الأمومة المقدسة والحنان والعطف وهو الحنّان ومن اللطافة والرقة والوداعة وهو اللطيف جلّت قدرته سبحانه ..!! ألا ندرك أن الخالق عز وجل قدّر للأكوان ومنها الطبيعة بكائناتها ومكوناتها توازنات فإذا ما اختلت أو جرى العبث بها اختلت موازين الوجود وتخلخلت بذلك أنظمة كثيرة لا تُحتَمل ولا تُحمَد عواقبها وقد يكون الويل في نتائجها { لا سمح الله } ...!! هذه الأنثى التي أجلُّ وأحترم وأعترف أن لها ما لا يمكن للرجل وأن دورها أكبر وأفعل وأشد تأثيراً وحضوراً في مختلف ميادين الحياة لن يضيرها أو يضر بها أن تدرس وأن تحصل على الإجازات الجامعية العليا ولن ينقص قدرها إذا ما كانت منتجة { مادياً } من عملها خارج المنزل ، أبداً .. أبداً ، مع تحفّظي على اعتبار الحاصلة على شهادات دراسية مهما كانت أنها { مثقفة } فالأمر مختلف برأيي حيث أعتبر أن الدارسة اطّلعت على القليل من بعض العلوم ويمكن لها أن تتخصص في حيز محدد من علم ما فتكون جامعية متخصصة ، وأما المثقفة فتختلف عندي وفقاً لمعنى الثقافة وماهيتها على اعتبار أن الثقافة حصيلة للمنجزات الإنسانية فهي كما يقول " إدوارد تايلر " { الثقافة كيانٌ يشتمل على المعرفة والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والتّقاليد وجميع المقوّمات والعادات التي اكتسبها الفرد من مجتمعه }
    فالمثقفة قد تكون متعلمة أو لا ، أوحاصلة على شهادة دراسية أو لا ، إذ لا تقتضي الثقافة ذلك إنما العلم والمعرفة والدراسة على أنواعها وأشكالها تُعتبر من روافد الثقافة إذ تصقل المدركات وتنقّي الأفكار وتنمّي المعارف وتوجه الاهتمامات وتحدد الأبعاد والأهداف للقيام بالوظائف المطلوبة والمهام بما يعطي الحياة قيمتها ويحافظ على قيمها ويضمن أسباب البقاء والاستمرارية بأمثل ما يمكن ، وفي اعتقادي أن الوعي يدفع بالإنسان للتعلّم والتّعمّق في العلوم ، فالعلم برفد الوعي ويحصِّنه ويدعم الإنسان بإمداد طاقاته الفكرية فيقوم بما عليه مراعياً كل الظروف والحيثيات والمقتضيات لذلك انطلاقاً من البنى والقدرات التكوينية التي يمتلكها وهنا قد يجد نفسه مفتقراً إلى داعم أو متعاون أو شريك لتحدّي الظروف وتجاوز العقبات وتحقيق الاستقرار والسكينة . قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله {[ وجعلنا لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها ـ صدق الله العليُّ العظيم ]}....!!
    لا أنكر أبداً وقد يتفق معي من يتفق أن الأنثى بعد انخراطها في الأعمال ومحاولاتها احتلال مواقع لها { كأنثى } أو لغيرها وما تحتّمه الضرورة لذلك من احتكاكات بالرجال ، ومن متاعب وإرهاصات ومسؤوليات ، ومن انحشار في وسائل المواصلات وإلى كل ما هنالك مما تقتضيه الضرورات لذلك فقدت كثيراً من معانيها الأنثوية ( شكلاً ومضموناً وممارسة ) ، ومع أنها حافظت على لياقاتها الأنثوية الشكلية الخارجية لا بل وقد بالغت في ذلك إلى حد بعيد في غالب الأحيان إلا أنها فقدت من بناها النفسية وخصائصها الكثير ... هنا لا أقصد أبداً أنها فقدت كل مضامينها وإنما تأثرت بليغاً وبشكل سلبي مؤسف خاصة وأن بعض الإناث اعتبرن التزيّي والتّمظهر والقيام ببعض ما يقوم به الرجال شكلاً من أشكال التحرر والاستقلال وإثبات الذات ونوال الحقوق التي اعتبرتها مسلوبة منها وبهذا تتصرّف بعضهن وكأن الرجل ( الذكر ) عدوها اللدود وخصمها المقصود فعملت بما يقتضيه ذلك من التحدي وإثبات الوجود تكريساً لما ترى فيه مساواة أرادتها بخلع الرجل عن مكانه ومكانته والتشبّه فيه والنيل منه إذا ما أمكن لها ذلك وهذا ما أفقدها كثيراً من أنوثتها فاسترجلت ليبدأ الميزان بالاختلال .
    ولمن يرى المثقفة { لا المتعلمة فقط } صعبة الإرضاء ومتطلبة وأنها تتحدّى وجوده كربّ أسرة ويريد منها أن تسعده ، أقول : يا سيدي : قد تكون أنت من لا يمتلك أسباب الإقناع للإرضاء ونشأت على اعتبار الأنثى تابعاً لا رأي له أو قد تجد في سحقها وتهميشها وتبعيتها الصماء البكماء العمياء إحياءً لرجولتك ، فهي كما يقول البعض: تعرف كيف تداري شؤون منزلها وأطفالها ، وكيف تستطيع احتواء رجلها بحسن تعاملها وتفهّمها له . وفي اعتقادي الشخصي أن الأنثى الراضية أنوثتها والمتمتعة بها والمؤدّية أدوارها القانعة بوجودها وملكاتها شكلاً ومضموناً وممارسة هي التي تعطي الرجل مكانته وتؤكد وجوده وتمدّه بأسباب القوة ليحميها وليحافظ على كيانها لتحفظ معانيها فيستقرّ الميزان إذا ما أبقت على أنوثتها ...!! . وأقول أن الأنثى تنضج جسدياً ونفسياً في سن معينة تؤهّلها لأن تكون أمّاً لتمارس أمومتها بأمثل ما يجب ، فإذا ما تجاوزت هذه المرحلة من العمر تتأثر بُناها الجسدية والنفسية بشكل ينعكس سلبياً على حسن أداء مهامها ووظائفها كأم أو كزوجة ..!
    ولا أعتقد أن الرجل العاقل المتمكن من شخصيته يعتبر أن القياد في يده فقط ، إنما تقتضي ظروف المشاركة انحياز صاحب الرأي الأقل خبرة للشريك الأوسع طيفاً والأرجح رأياً ذي الرأي الأكثر صواباً وهذا لعمري ليس انصياعاً أعمى ولا تبعية { جاهلية } ...!! . وإذا ما كانت العادات والتقاليد حجة للبعض { الذكور والإناث } فهي متواترات تعوّدنا عليها راضين { بخضوع وخنوع غالباً } حلوها ومرّها وحسنها وسوءها متناسين أنه بمقدورنا تعديلها وتطويرها وتحسينها بما يتماشى مع واقع الحال ومقتضى الأمور وطبيعة الحياة المتطورة والمتجدّدة دون توقّف ، فلعن الظلام لا يضيء الشموع والوقوف على الأطلال لا يعيد الأمجاد ولا الأيام الغابرة ...!! يحضرني ما قاله أحد الخطباء ذات يوم { حماركم اليوم ، حماركم الغد ، إنما الإنسان عالم يتطوّر ويتغيّر } .
    يا سادة : إذا ما أردنا الإنصاف وإحقاق الحق أعطينا الأنثى حقها كأنثى ترضى أنوثتها وتُرضيها ، كما نعطي الذكر حقه كذكر له ما له وعليه ما هو عليه ، فليس للذكر ما للأنثى والعكس صحيح ، إذ لكل خصائصه ومهامه ووظائفه التي تقتضيها طبيعة الخلق والتكوين ويتطلبها الواقع ، إنما الأهم أن نؤمن بوجود الآخرين حتمياً فنحترمهم ونحاورهم ، نتعاون ، نتبادل ، نتفق ، نتآلف ، نختلف لنتّفق بقصد الوصول إلى ما هو أفضل وأمضى وأكثر صحة ، فعلينا مشاركتهم بود وحب واحترام ، فلا ذكر من دون أنثى ولا للأنثى أن تتخلى عن الذكر .
    نشرتها صحيفة وطنية في كانون الأول 2009 = جميع الحقوق محفوظة لكاتبها عبـّـاس سليـمان علـي ===





يعمل...
X