إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فاتحة لتجليات الشّجن ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فاتحة لتجليات الشّجن ..

    إلى روحه الزكية و قد عبّقت المكان بشذى الآي الكريم وهو يتلوه عند احتضاره .. إلى م ع

    يُخيًّـل إليّ من فرط الأسى أنك ما رحلتَ وما تواريت .. يجئ ليل التذّكر الحزين فأراك تجيء مثلما قبلُ .. مبتسما تدنو فارع القامة والهامة، تصافحني، تعانقني، تربّت على كتفي بكفٍّ كريمة كأنّما ملائكة السماء صافحتها، تتأمل وجهي المتعب الشّاحب ..تقول لي بوقار الصابرين المتبتلين ..لا تحزن، إنّما هو الأجل " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ´´ تواسيني، تتأبّط ذراعي كمن يرشد تائها أضاع الوجهة ، أتمثّـلك تخطو، فأراني أخطو، تدعوني للجلوس في ذات الموضع المعهود فأخالني أجلس ، تقول لي : أتذكر ...؟ أقول لك :أذكر، تتّحد الإشارة والعبارة ، يتوهّج القلب ، تكتمل المكاشفة ´´ لكلّ أجل كتابٌ ´´ جاء الأجل فمضيت ..
    ها تكلمني بلغة الإشارة والإيماء..ها يستوي القلب مبهوتا ناصتا إليك ، مجازٌ غريب عذبٌ أستسيغه ..ها أنت تسترسل في الحديث الذي أكاد لا أفقهه ، تفسّر لي طلاسم رؤيا رأيتها من قبل ´´ قُضي الأمرُ " تحدّثني عن زمن الخلود وعن الباطن والظاهر، عن مدائن النّور ومجاز فواتح السور ..عن بدايات الرّهبة والرّغبة تحدثني .. أفزع أرهب ..يكاد ينكشف الحجب ، أكاد أعبر دائرة الضوء هاربا مستجيرا إليك ..عند حدود يقيني يضطرب الضوء ، أضطربُ ، أصحو من رؤى الوجوم و التجلّي، أراك مثلما جئت طيفا متوهجا يغادر ..يدخل من جديد زمن النور والشذى ، فيما أدخل أنا زمن النشيج والعتمة كأنّ كلّ ما كان لم يكن ..
    هي بدايات اليقظة المدهشة تعيدني إلى البدء ..أحدّق من جديد شارد الذهن في الأشياء الصامتة حولي ، أحدّق في حمرة الضوء الخافت المبعثر على السجاد ..مشكاة القلب مرشدي إليك ، أتسلّل نقطةً ضوئية ًعبر إشارات روحي الوامضة ، أحاول استعادة ما كان وما حدث ، أرتّب من جديد مشاهد الفجيعة مشهدا فمشهدا ..أكان في ومضة عين كل الذي كان ؟
    بالأمس القريب جئتك عائدا مضطربا على غير العادة، قصدت غرفتك المحاصرة بدموع الأهل والزجاج ، ما كنتُ قادرا وقتها على عناقك ،ولا وجدتُ سبيلا إلى تقبيل جبينك المصاب المعصوب،منعني زجاج الغرفة الغليظ الشفاف، منعتني ملامح نعني مؤجل تؤرّخه إشارات نبض مريعة ، جسد منهك مُمدّد ينتظر الأجل ...
    في لحظة الدوار المفاجئ تلاشيت أنا، تلاشت حولي الأشياءُ، و حشرجات البكاء والدمع ..غاب عن مكانه الجسد الممدّد .. غاب الأهل والأحبة وجميع المشيعين ، تلاشت مشاهد الدفن والوجوم .. رحل الجميع وما تبقى سوى طيفك م .ع يجيئني كل مساء ، في ذات القميص الأبيض الناصع المعتاد ، نورا باهرا يتجلى في بهاء الأولياء ثم يرحل يرحل ..
    عبد الغني بن الشيخ،صحيفة صوت الأحرار،ع 2053، نوفمبر2004

  • #2
    رد: فاتحة لتجليات الشّجن ..

    الصديق الدكتور عبد الغني

    في بوحك وفاء لأشخاص عاشرناهم و ألفناهم و تقاسمنا معهم لحظات الحياة بتقلباتها

    ثمّ في غفلة من الزمن تركونا نجتر ألم الذكريات و نستعيد أنات الماضي و بريق الكلمات

    حسرة على ماض ولى و فات . و لكنها يا صديقي الحياة ... لا تدوم لأحد و تسير بنا

    جميعا نحو الوفاة ، و عزاؤنا هو حرارة الذكريات و التطلع إلى قادم الأيام عسى ذلك

    يحقق لنا ما نصبو إليه من أمنيات .


    بوحك رائع و مؤثر في الوجدان

    لك أجمل تحية و سلام
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق


    • #3
      رد: فاتحة لتجليات الشّجن ..

      نعم أخي الهادي ..الحياة أحيانا هي التي تكتب النص بدل أن نكتبه .. و " فاتحة لتجليات الشجن " كتبته في زمن فاجعة.. فقدت فيه شخصا عزيزا دون سابق إنذار..لقد كتبت هذا النص منذ سنوات ..لكنه يظل ينبض في دمي .. يكتب نفسه باستمرار .. أن تكتب عن شخص أحببته.. فقدته.. فأنت بشكل أو آخر تبعث فيه الحياة .. في النص ..في قلبك ..في قلوب الآخرين.. وشكرا على كلامك العطر ... عبد الغني بن الشيخ

      تعليق


      • #4
        رد: فاتحة لتجليات الشّجن ..

        الموت علينا حق.. لكن سبحان الله فراق من نحب صعب ومؤلم.. في السفر والهجرة نأمل دائماً بعودة الغائب نشتاقه وننتظر عودته لكن فراق الموت فراق الى الأبد.. وسبحان الله ..
        كلمات مؤثرة جداً

        تعليق


        • #5
          رد: فاتحة لتجليات الشّجن ..

          سيّدي الفاضل :




          صورة بوح ترحل بنا إلى عمقه ، فتجسد حالة الفراغ الذي نعيشه بل ونغرق به ، هو ليس فراغاً عادياً ، هو فراغ الروح من الذات وسفرها ، وقنوتها ، تلك الذات التي يتكون عليها العريّ الذي نتقمص به وراء ستار ، يجسّد حالة انفصام تهوي بكل شيء نمارسه إلى منظومة اللاعودة .

          صعب الفراق على النفس البشرية ، أغدو منذ سنوات منذ أن فقدت اعزّ من أسميه مخلوقاً عندما كنت آوي إلى ركني فا أخلع كل أحزاني بلمسة حانية على رأسي .

          تلك الزهرات التي ياسمينة بيتنا العفوي في أحياءنا القديمة تعبق بها والتي إن دخلت عليها الحضارة يوماً دخلتها باستحياء وخجل ، لأنها ستلاقي صدّاً ربما يكون عنيفاً ، ما أصعب الياسمين حين يهوي إلى النار ، ما أصعب دمعة عيون على فراق لا تعرف له هوية ، حين يؤخذ منك من هو الهوية .

          هانحن وأحزاننا نتوارثها ونورثها ، لا نعرف كيف نرسم بسمة على الوجوه ، لا نعرف كيف نغدو حالة استثنائية من الصفاء ، فنحلق به ونشعر للحظة واحدة أن للآخرين عيون تدمع ، وأن لهم قلوب تحترق ، وأنهم يفقدون أبسط شيء يسمونه حياة ، قرأت في بوحك أخي :

          كل الطلاسم التي ، تدور في فلكنا ، من الأحزان والرحيل والحرمان والفقدان ، قرأت فيها أن الإنسان حزين من يوم مولده ليوم موته ، فا الإنسان الذي نبحث عنه ...أين هو ؟؟؟



          بوح جميل ، وأدب رفيع ، وكلمة مؤثرة ، وتعبير بليغ




          دمت سيّدي ودام إبداعك




          تعليق

          يعمل...
          X