إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل يصلح النظام الديمقراطي الغربي للتطبيق عالميا؟..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل يصلح النظام الديمقراطي الغربي للتطبيق عالميا؟..

    هل يصلح النظام الديمقراطي الغربي للتطبيق عالميا؟.. إنسانية الإنسان وكرامته وحقوقه وحرياته هي المعيار




    ثلاثة مشاهد من عالم الواقع تتخذها الفقرات التالية مدخلا لطرح بعض التساؤلات عن نظام الديمقراطية، بصورته المعاصرة الغربية، التي توصف عادة بأنها هي المثالية تطبيقيا، مقابل ما انتشر من أشكال للحكم الاستبدادي التي يسمّيها أصحابها "ديمقراطية" تزويرا وتزييفا.

    وليس المقصود هنا النظر في العلاقات الداخلية للنظام الديمقراطي الغربي، أي الشعب بالسلطة، أو الأحزاب بالحكم، أو سيادة القانون واستقلال القضاء وفصل السلطات، أو تأثر صناعة القرار بمراكز القوى المختلفة، إنما تتركز التساؤلات حول محور واحد، وهو الأرضية التي تقوم عليها الدعوات القائلة بعالمية الصيغة الغربية لتطبيق الديمقراطية، أو ما بات الحديث عنه كالحديث عن بدهيات بشأن "وجوب" نشر هذه الصيغة إلى درجة التفكير باعتبار مخالفة تطبيقها في دولة من الدول، كافيا لتغيير القانون الدولي باتجاه انتهاك سيادة الدولة.

    ولأن هذه الدعوات اتخذت طابع الكلام القاطع عن بدهيات لا تحتمل "جدالا" نظريا، ينطلق الحديث عنها من واقع قائم، وعلى وجه التحديد من ثلاثة مشاهد معاصرة، هي قليل من كثير من الأمثلة التي تؤكد أنها ليست "استثناء" مخالفا لقاعدة سارية المفعول، وهي (1) مشهد تعليل استقالة وزير الدفاع الألماني يونج من منصبه يوم 27/11/2009م، وقبل ذلك بأيام (2) مشهد الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق حيادية حول كيفية صناعة قرار دخول بريطانيا في عهد رئيس الوزراء السابق طوني بلير في حرب احتلال العراق عام 2003م، وقبل ذلك بعام (3) مشهد أسباب سقوط شعبية الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن إلى حضيض غير مسبوق في تاريخ الدولة المتزعّمة للعالم الغربي الديمقراطي.


    إشكالية الكذب وإخفاء المعلومات

    كانت استقالة وزير الدفاع الألماني يونج من منصبه بعد حوالي ثلاثة شهور من وقوع غارة أطلسية في منطقة قندز الأفغانية بطلب من قائد القوات الألمانية هناك، وقد سقط ضحيتها عشرات المدنيين الأفغان في قرية "حجي أمان الله"، وكان واضحا من البداية أن معظم الضحايا مدنيون، وأن القيادة العسكرية الميدانية الألمانية لم تلتزم بالحد الأدنى من القواعد التي وضعتها قوات الاحتلال الغربية لنفسها، ومنها ألا يكون طلب تدخل القوات الجوية الأطلسية إلا في حالة وقوع اشتباك عسكري مباشر، أو في حالة تعرض جنود تلك القوات لخطر مباشر.

    لكن الوزير الألماني المستقيل، ورغم العديد من التقارير عن حقيقة ما جرى، بما في ذلك ما صدر عن لجان تحقيق أطلسية، بقي مصرا على إنكار سقوط قتلى من المدنيين أصلا، وعلى عدم ارتكاب "مخالفة" عسكرية أو سياسية، بل شارك سواه من المسؤولين الألمان في الردّ على انتقادات مسؤولين غربيين آخرين، بزعم أن حديثهم عن ارتكاب أخطاء من جانب القيادات الألمانية، لا ينطلق من الحقائق على الأرض، بل يستهدف زيادة الضغوط السياسية على ألمانيا للمضي خطوات أبعد في مشاركتها العسكرية مع حلفائها الأطلسيين في أفغانستان، كما ونوعا.

    ولكن.. علام استقال الوزير الألماني في نهاية المطاف؟.. أو ما هو التعليل المعلن رسميا، والمنتشر إعلاميا، لهذه الاستقالة؟..
    من ناحية التوقيت جاءت الاستقالة المتأخرة عقب الكشف الإعلامي (جريدة دي بيلد) عن صحة المعلومات القائلة بوقوع عشرات الضحايا المدنيين الأفغان، وأن هذا كان معروفا في وزارة الدفاع الألمانية، وأعلن الوزير المستقيل بنفسه أنه يتحمل المسؤولية السياسية عن "أخطاء السياسة الإعلامية" لوزارته تجاه أهل بلاده من الألمان، أي عن إخفاء معلومات عنهم حول حقيقة ما جرى!..
    ليس هذا سلوكا سياسيا ألمانيا فقط في العالم الديمقراطي الغربي!..

    الضجة التي رافقت تشكيل لجنة تحقيق بريطانية حول خلفيات ما جرى عند اتخاذ القرار بالمشاركة في حرب احتلال العراق عام 2003م تدفع إلى السؤال عن سبب تشكيلها، وعمّا ينتظر منها، والمؤكد أن نتائج عمل اللجنة ستكشف ما لم ينقطع ذكره إعلاميا، أن رئيس الوزراء السابق بلير اعتمد في قراره تجاه "ناخبيه" أو تجاه المواطن البريطاني عموما، على افتعال الأكاذيب الاستخباراتية ترويجا لتعليل يجد -وفق المنطق الاحتكاري الغربي لقوة التسلح- رواجا وهو الحيلولة دون امتلاك العراق أسلحة متطورة.

    وليس هذا سلوكا ألمانيا وبريطانيا فقط في العالم الديمقراطي الغربي!..
    سقوط شعبية بوش الابن إلى الحضيض، له أسباب كثيرة، في مقدمة عناوينها: الحروب العدوانية، وجوانتانامو، وأبو غريب، والقوانين الاستثنائية، والنفقات المالية الباهظة، والقاسم المشترك بينها هو أن بوش الابن أساء عبر منصب الرئاسة إلى السمعة الأمريكية، وإلى مكانة بلاده الدولية، وأخفق في تحقيق أهداف أمريكية من حروب خاضها وسبب فيها مقتل الألوف من الجنود الأمريكيين.
    ويمكن المضي طويلا مع أمثلة أخرى توصل إلى نتائج مشابهة.


    مقارنة الديمقراطية بالأسوأ منها

    المؤكد تبعا لما سبق أن النظام الديمقراطي الغربي بجميع آلياته وضوابطه، لا يمنع الكذب السياسي واعتماده في صناعة القرار، مما يسبب خللا داخليا، من المفروض إزالته، ولا يزول دون إدخال تعديلات جذرية على تلك الآليات والضوابط. جميع ذلك ومزيد عليه يدخل في نطاق السؤال عن صلاحية النظام بحد ذاته داخل حدود بلد معين، إنما السؤال المطروح أعلاه هو عن مدى متانة الأرضية التي تقوم عليها دعوات اعتباره "عالميا" يجب تعميمه في كل مكان من الأرض.

    هذا ما يدفع بدوره إلى التساؤل عن ردود فعل من يتبنى هذه الدعوات من خارج نطاق الدول الديمقراطية الغربية، وعند الرجوع إلى كثير مما يقال ويكتب بهذا الصدد نجد أن المحور الرئيسي الذي تدور حوله هو:
    إن سقوط المسؤولين في دول غربية عن ارتكاب الكذب السياسي، عن طريق كشف إعلامي، أو حكم قضائي، أو اقتراع انتخابي، يثبت ميزة كبرى أخرى في النظام الديمقراطي بصيغته الغربية، وهو رسوخ مبدأ المحاسبة.

    ومن هذا المنطلق تمضي ردود الأفعال على هذه الأحداث وما شابهها كاستقالة الرئيس الامريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، ومسلسل لا ينقطع حول سقوط وزراء كُشف تورطهم في الفساد، أو محاكمة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.. والأمثلة كثيرة.. فمن ردود الأفعال هذه أيضا ما يدور حول محور آخر هو:
    إن النظام الديمقراطي بصيغة تطبيقه الغربية لا يقبل مجرد المقارنة بما هو سائد في كثير من البلدان النامية لا سيما العربية والإسلامية، حيث أصبح الأعم السائد هو تشبث كل صاحب سلطة بسلطته (بل وسعيه لتوريثها لأبنائه) وحظر محاسبته، إلى درجة حظر نقده أصلا، سيّان كم يصنع من كوارث ونكبات وأزمات، وكم يمارس من ألوان الخداع والكذب والتمويه والفساد، بل وما يرتكب من آثام القمع، فضلا عن صناعة العجز والتخلف والوصول بسياساته إلى المهالك، فليس المهم مصير البلد ولا ما تعانيه الشعوب، ما دامت السلامة وما يزيد على السلامة من نصيب الفئات التي ينتمي إليها أو يعتمد عليها في السلطة، عبر قرابة ومحسوبية وحزبية ومنفعية انتهازية وتملّق.


    "عالمية" الديمقراطية الغربية على المحك

    مع التسليم بجميع ما سبق، لا يمكن الاعتماد في الدعوة إلى "عالمية النظام الديمقراطي الغربي" على الميزات المذكورة الموجودة فيه فعلا، فهذا ما يرتبط بتقويمه داخليا، أما الصبغة "العالمية" فلا تقوم على العلاقة بين أركان منهج النظام السياسي بآلياته التطبيقية وضوابطه، وبين الشعب وإرادته داخل حدود بلد معين، إنما تقوم -وبالتالي يقوم ما تعنيه من "تعميم" على الأسرة البشرية بكافة شعوبها ومجتمعاتها ودولها- على عنصر آخر هو: الكرامة الإنسانية وعالميّة الحقوق والحريات والإنسانية، وما تحتاج إليه من ضوابط داخل حدود كل دولة على حدة، ليكون للنظام الديمقراطي داخل الحدود، أثره المنظور على العلاقات الدولية خارج الحدود أيضا.

    نعود هنا إلى الشواهد الثلاثة كأمثلة على كثير سواها.
    استقالة الوزير الألماني لم تكن تعليلا رسميا وإعلاميا.. أي لم تكن في الوعي المعرفي الغربي في ظل الديمقراطية القائمة، بسبب سقوط عشرات الضحايا من الأبرياء المدنيين غير المشاركين في قتال في أرض أفغانستان، وهذا بغض النظر عن عدم مشروعية حرب الغزو والاحتلال أصلا، بل جاءت الاستقالة بسبب الكذب أو التمويه السياسي داخليا!..

    مراجعة صانعي القرار البريطاني على حرب احتلال العراق في لجنة تحقيق لا تنطلق من السؤال عن مسؤوليتهم عن مقتل مئات الألوف وتشريد الملايين وتدمير بلد آخر وتغيير معالم الجغرافية السياسية والأمنية في منطقة إقليمية بأكملها.. بل تأتي المراجعة على خلفية ارتكاب جريمة الكذب السياسي لتسويق "جميع ذلك" داخليا.
    سقوط شعبية بوش الابن وسقوطه مع أعوانه، لم يكن نتيجة الاقتناع بوجود خلل في صناعة القرار الأمريكي، يؤدي إلى حروب دموية، ومآس إنسانية فردية وجماعية لا حصر لها، ونشر "الفوضى الهدامة" على أوسع نطاق، ناهيك عن امتهان كرامة الإنسان وحقوقه وحرياته بأبشع صور غير مسبوقة في تاريخ البشرية، بل كان السقوط نتيجة خلل يسمح باستغلال المنصب بصورة أدت إلى مقتل جنود أمريكيين وتبذير ثروات مالية أمريكية وتضييع مكانة الدولة الأمريكية.


    جذور انحراف أعمق من "الازدواجية"

    إن الجوانب الإيجابية المتميزة في الأنظمة الديمقراطية الغربية، بآلياتها وضوابطها ومعاييرها القيمية، تبقي على قدر معين من مفعول إرادة الشعب على صناعة القرار السياسي (بغض النظر عن سلبيات تكمن في مفعول مراكز القوى وليست هذه موضع الحديث هنا) إنما يقابل ذلك الافتقار المخزي لأي معنى من المعاني التي يرددها الغربيون والمتغربون حول "عالمية" القيم والمناهج السائدة عبر الأنظمة الغربية!..

    لا نجد بين تلك الجوانب الإيجابية أثرا للقيمة البشرية العالمية المشتركة تحت عنوان المساواة بين إنسان وإنسان، أي في الشاهد الأول بين أفغاني وألماني، وبالتالي ما ينبغي أن يترتب على تلك "المساواة!" عند المقارنة على أرض الواقع، بين غياب المحاسبة على صناعة القرار من منظور ضحايا "القتل" من المدنيين في أفغانستان، والمحاسبة على التعامل مع ذات القرار ولكن بمنظور "ضحايا" الكذب السياسي في ألمانيا؟..
    لا نجد موضعا للكرامة الإنسانية، باعتبارها القيمة المشتركة العليا في حياة "أسرة بشرية" على مستوى عالمي، وكذلك باعتبارها القيمة الأعلى من سواها نظريا في سلّم منظومة قيم الغرب، والتي من المفروض أن تكون تبعا لذلك مكفولة لجنس الإنسان كما تقرر نصوص المواثيق الدولية، ومعظمها من نتاج صعود الحضارة الغربية إلى موضع الصدارة والقيادة عالميا، لا سيما بعد الحرب العالمية الثانية.. لا نجد موضعا للكرامة الإنسانية عند المقارنة بين إنسان وإنسان في التعامل مع قرار تصنعه الديمقراطية البريطانية، أي في الشاهد الثاني، بين عراقي وبريطاني، وبالتالي بين التعامل مع ضحايا الهمجية العسكرية العدوانية من العراقيين، والتعامل مع "ضحايا" انحراف وخداع على المستوى السياسي من الناخبين البريطانيين؟..

    لا نجد أثرا للقيم والمواثيق والعناوين العريضة لعولمة الحقوق والحريات تحت رايات تعميم مناهج غربية في أنحاء العالم، عند النظر في الشاهد الثالث في كيفية "تحويل" مسؤولية بوش الابن وأعوانه عن إنسانية الإنسان المعتقل والمعذب في جوانتانامو، والمهان والممتهن في أبوغريب، والمستباحة دماؤه وأعراضه وثرواته وسائر حقوقه في أكثر من مكان من أنحاء الأرض، في عصر الهمجية العسكرية الأمريكية والغربية، لتتحول إلى مجرد "مسؤولية" عن كيفية ممارسة سلطة رئيس داخل حدود بلده، وبالتالي إلى اختزالها وحصرها بعيدا عن أرضية إنسانية عالمية مشتركة، في حدود الحساب عليها تبعا لتقلبات تطبيق الحق السياسي الداخلي للناخب الأمريكي، الذي يرفض أن يكون ضحية مكر سياسي، ويرفض إساءة رئيسه لسمعة بلاده، دون أن يكون لذلك علاقة مع قرارٍ يصنع ما يصنع من تقتيل وتشريد وتدمير في أنحاء المعمورة.. فيبقى دون محاسبة!

    إن جميع ما تنطلق منه دعوات عالمية الأنظمة الغربية تحت عناوين الديمقراطية والحقوق والحريات الإنسانية، وسيادة القانون والقضاء، وفصل السلطات والمحاسبة.. جميع هذه الإيجابيات، يفقد قيمته على أرض الواقع عند التأمل فيه بمنظور "أسرة بشرية" و"عالم متحضر"، ويستحيل أن يكون تبعا لذلك هو المطلوب تعميمه وعولمته ونشره وتطبيقه، بواقعه المنحرف، والانحراف قائم نتيجة روح عنصرية ومع سيادة قيمة المادة على قيمة الإنسان فيه.

    هذا الواقع "الرهيب" بين الدعوة النظرية والواقع التطبيقي، لا يكفي اختزاله في مجرد التنديد عبر كلمات من قبيل ازدواجية تطبيق المعايير، لا سيما وأن ما هو قائم داخليا في تطبيقات النهج الديمقراطي، يحتوي أيضا على "الازدواجية" بأشكال بالغة المفعول سلبا، مما يستدعي النظر في "علة" الانحراف من الجذور وليس من حيث النتائج والأعراض فحسب.


    مهمة إنهاء الاستبداد الدولي والمحلي معا

    هل يعني ما سبق رفض "عالمية" النهج الديمقراطي للحكم بصيغته الغربية، دون تقديم بديل؟..
    هذا سؤال يطرح عادة بصيغة مراوغة تقول:
    هل يعني ما سبق تبرئة المسؤولين في البلدان الأخرى، لا سيما العربية والإسلامية، عن انحرافات استبدادية وغير استبدادية قائمة؟..
    إن مجرد الخوض في جدال حول مثل هذه التساؤلات أقرب إلى إضاعة الوقت إن لم يكن لفت الأنظار عن "علّة العلل" داخل بلادنا، فنقد واقع مرفوض خارج الحدود لا يعني قطعا قبول واقع أسوأ منه داخل الحدود!..

    المقارنة القويمة ليست بين هذا وذاك، بل بين المرفوض هنا وهناك معا، وبين ما ينبغي العمل من أجل ترسيخه بديلا عن الوضع السيّئ والأسوأ على السواء.

    إن العمل من أجل إنسانية الإنسان بوصفه إنسانا، يشمل العمل على تحقيق هذا المعنى على صعيد ضحايا إجرام عدواني أجنبي يصنعه استبداد دولي، وعلى صعيد ضحايا قمع وفساد يصنعهما استبداد محلي، وهو ما يسري على أفغانستان، والعراق، وفلسطين، والصومال، وبقاع أخرى، لا نحتاج إلى تعدادها جميعا، فالمآسي الفردية والجماعية ظاهرة للعيان، والكرامة والحقوق والحريات قيم لا تعرف حدود الجنسيات والسياسات والأنظمة.

    المغزى من الشواهد الثلاثة المذكورة آنفا هو:
    النظام الذي يستحق صبغة "العالمية" والذي ينبغي العمل على إقراره في بلد من البلدان، يجب أن يعتمد على محورين متلازمين متكاملين، (أولهما) ما يُصنع داخل البلد مباشرة لتحقيق الإرادة الذاتية، والتحرك الذاتي، والتغيير الذاتي، والتطور الذاتي، ورسوخ تطبيق القيم والمعايير الأساسية في إنسانية الإنسان، و(ثانيهما) انعكاسات ذلك خارج الحدود، وبالتالي على المستوى البشري المشترك، لرسوخ ذات التطبيق للقيم والمعايير الأساسية في إنسانية الإنسان.

    ليس المطلوب تعميم الدعوة إلى عالمية نظام ديمقراطي غربي، إيجابي داخليا مع سلبيات فيه، منحرف إنسانيا على أوسع نطاق بشري..
    وليس المطلوب اتخاذ انحرافات ذلك النظام ذريعة لاستمرارية أنظمة استبدادية، سلبية داخليا ومنحرفة إنسانيا، على أوسع نطاق شعبي، وعلى أوسع نطاق بشري..

    بل المطلوب تعميم الدعوة إلى عالمية نموذج حي بديل، للحياة والحكم، داخليا على أسس العدالة والحرية والشورى والكرامة والحقوق الإنسانية، وعالميا على أسس المساواة بين عناصر الأسرة البشرية، أفرادا ودولا.

    إن الخلل العميق في الأنظمة الغربية التي تمتلك صناعة القرار دوليا بحكم سيادة الحضارة الغربية حاليا، يساهم بصورة مباشرة في صناعة الخلل في أنظمة أخرى لا تمتلك صناعة هذا القرار، كما أن استمرار الخلل في هذه الأنظمة، يساهم بصورة مباشرة في استمرار الخلل الخطير الناجم عن سيادة الغرب المفتقر إلى شمولية تطبيق القيم الإنسانية عالميا.

    المدخل إلى إنهاء استبداد دولي هو إنهاء حالة الاستبداد المحلي، والمدخل إلى إنهاء هذه الحالة هو كسر أغلال الاستبداد الدولي.

    أمران متلازمان متكاملان، أو وجهان لعملة واحدة، لا غنى لأحد الجانبين منهما عن الآخر، وهذا ما يستدعي أن تكون الرسالة المطلوب حمل أمانتها نتيجة هجمة الحروب العدوانية الأخيرة وما ترتب عليها من تداعيات وتطورات، هي رسالة التغيير المحلي والتغيير الدولي معا، وهي الرسالة التي تستدعي أن تتضافر على حملها الجهود والقوى والتيارات المتعددة بتصوراتها، والتي يفترض أن تجمعها أهداف مشتركة مرحلية على الأقل، بل يمكن لو خلصت النوايا واستقامت الرؤى، أن تتلاقى على ذلك القوى الشعبية والأنظمة معا.

    التغيير المحلي الآن يمكن أن يمنع ظهور مزيد من مظاهر الانحراف والتطرف دوليا ومحليا، ويمكن أن يمنع في الوقت نفسه ازدياد ظاهرة الانحراف والتطرف انتشارا، سواء كان من جانب سلطاتٍ تقمع لاستبقاء أوضاع شاذة، أو من جانب جماعات تتخذ من العنف غير المشروع وسيلة للتغيير، ويمكن أن تسبب في الحصيلة نشأة أوضاع شاذة بديلة!..

    أما انتظار أن يحاسب الغربيون بعضهم بعضا، وأن يتساقط المسؤولون عن الحروب العدوانية نتيجة تلك المحاسبة، فإنها ولو وصلت إلى آخر مدى تسمح به الأوضاع المحلية الغربية، فلن تتجاوز في نهاية المطاف المحاسبة على ما يصنعه بعضهم ببعضهم الآخر، ولن تشمل المحاسبة أصحاب القرار السياسي والعسكري والاقتصادي من الزعماء "المنتَخبين" ديمقراطيا في بلادهم.. على ما يصنعونه ببلادنا وشعوبنا وثرواتنا وحاضرنا ومستقبلنا.

    إن المسؤولية التاريخية الفاصلة هنا هي مسؤوليتنا نحن، عن صناعة التغيير، في الوقت المناسب، وبالشكل المناسب.. بل إنها المسؤولية التي تمتد بآفاقها البعيدة إلى ما نحمله على عاتقنا من رسالة وأمانة، تجاه الأسرة البشرية ومستقبلها وتجاه إنسانية الإنسان وكرامته وحقوقه وحرياته على المدى القريب والبعيد.

    نبيل شبيب

  • #2
    رد: هل يصلح النظام الديمقراطي الغربي للتطبيق عالميا؟..

    الأخ المعتز بالله

    أولا : أشكرك على تنزيل هذه الدراسة الهامة جدا لأنها

    تعالج واقع السياسة العالمية و تبين مدي ديموقراطية

    الأنظمة الغربية المهيمنة .

    ثانيا : إن مجرد قولنا ديموقراطية غربية يعني أن

    هناك تصورات أخرى غير غربية للديموقراطية في

    حين أن الديموقراطية واحدة و كل لا يتجزّأ . أي

    بمعنى آخر يمكننا القول أن كثرة التصورات

    للديموقراطية يؤكد عدم وجودها و يثبت أنها حالة

    نظرية غير ممارسة أو أن لها درجات متنوعة في

    ممارستها ، و هذا غير منطقي .

    ثالثا : إن الكاتب ركز في دراسته على نماذج

    ( ألماني ، بريطاني ، أمريكي ) في حين أن

    هناك نماذج أخرى تؤكد أن هذه الأنظمة هي أنظمة

    ديموقراطية و حتى الأمثلة التي أوردها يمكننا

    أن ننظر إليها من زاوية أخرى ، فليس من السهل

    أن يتهم رئيس الوزراء أو رئيس الدولة و أن

    يقف أمام القضاء و ليس من السهل أن يقع

    استبدال و تغيير الرئيس من طرف الشعب و مرجعنا

    في ذلك هو الواقع العربي الذي نعيشه و الذي لا

    يعرف إستقلالية السلطة القضائية كما يؤكد أن هذه

    الأنظمة قد وصلت إلى مراحل متفوقة من تطبيق

    النظام الديموقراطي على المستوى الداخلي لكنها

    في المقابل لم تكن ديموقراطية مع غيرها من

    الشعوب الأخرى و هذه طبيعة الأنظمة الإمبريالية

    بل إن ديموقراطيتها و رفاهيتها الداخلية لم تتحقق

    إلا عن طريق إستغلالها و إستعبادها للشعوب

    الأخرى . و من هذا المنطلق نلاحظ أن هذه

    الأنظمة التي تتشدق بالديموقراطية و تجعل من

    نفسها وصية و رقيبا على بقية دول العالم و تعمل

    على تحقيق نموذجها في التصور الديموقراطي

    هي أنظمة كاذبة و متناقضة مع ذاتها و لا يمكن

    لهذا الاعتبار أن نعتبرها أنظمة ديموقراطية

    و هذا على مستوى الممارسة السياسية و وفق

    نموذجها و تصورها للديموقراطية . هذا التصور

    الذي يمكننا أن نتناقض معه و أن نختلف و ان

    نعطي البديل له لأن الديموقراطية الغربية لا تخدم

    إلا رأسمال في حين أن السواد الأعظم يعيش في

    خصاصة و بطالة و تهميش و ضياع و لكي

    تحافظ على توازنها الداخلي و تضاعف أرباحها

    تشدّ قبضتها على الشعوب الأخرى و تسلب

    ثرواتها .

    تحياتي إليك
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق

    يعمل...
    X