واللّي هَوِيته اليّوم دايم وصاله دوم
كتبه: محمد المصري -
يَذْكُر عارفو الشيخ "أبو العلا محمد" ، أنه كان شديد الخوف على أم كلثوم ، ويتوقّع لها حياةً قصيرة .
كان هو واحداً من أهم المُجددين في الموسيقى العربية مَطْلَع القرن الماضي ، من أوائِل من أدركوا أهمية التوافق بين الكَلِمَة واللّحن ، وكانت هي الفتاة الريفية ، التي تمتلك صوتاً عظيماً ، رآه الفرصة الحقيقيّة بالنسبةِ له كي يُعيد الغناء العربي إلى تُراثِه ، ويَبعث الرّوح في الموسيقى الشرقيّة بعد قرون كادت فيها أن تَنْدَثِر .
والشّيخ كان يؤمن أن الألحان يُنْشِئها الرّجال ، لكن يُجَوّدها النِساء ، وأم كلثوم كانت بالنسبةِ له أعظم المُجَوّداتِ من نساءِ العَرَب ، ولذلك كانَ يَخافُ عليها ، ويَعتقد أنها لن تُعَمّر في الحياةِ كثيراً ، لأنها ، كَما قال ، "تُغَنّي بدمها" ، تَحرق نفسها في الغِناء ، بكل رَوْحها .
لم يرها وهي ، في مَرحلةٍ لاحقة ، تُغنّي بكلّ جُزء في جسدها ، يَدها ، وجهها ، حركتها ، تَضْحَك وتَبكي مع كل كلمة تَنطقها ، لَم يَر ، ولكنه كان يعلم مُبكراً ما هِيَ عليه .
لم يَمر وقت طويل قبل أن يُصاب الشيخ بالشلل في عُمرٍ صغير ، توقف عن الغناءِ والتلحين ، ومُتابعة مشروعه مع أم كلثوم ، اكتفى فَقَط بأن أطلقها ، ساعدها في البداية ، وبقى معها لخمسِ سنوات ، ثم تركها وهو يعلم إلى أين سَتَصِل .
والشّيخ مات ، وبَقت السّت .