تويت
في هذا المقال الخاص لعدد سبتمبر 1999 لكتاب إنكارتا السنوي يقوم صحفي التكنولوجيا المخضرم والمحرر الرئيس في مجلة (technology review) لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا (Massachusetts institute of technology) السيد هرب بوردي (herb bordy) بتحديد الاختراعات العشر الأكثر أهمية من خلال الألفية الماضية ووصفها. الإختراعات البارزة للألفية
المضادات الحيوية
Antibiotic
في معظم التاريخ الإنساني قتلت الأمراض المعدية الناس بانتظام وحشي، لقد كان حتى الحرب العالمية الأولى
(1918-1914) أكثر وفيات ساحة المعركة يأتي من العدوى أكثر منه من الأذى المباشر للطلق الناري .
لم يكن لدى الأطباء إلا القليل لمكافحة الكوليرا، ذات الرئة، التهاب السحايا، الحمى القرمزية، السيلان، السل، أو أي من عشرات من الأمراض الأخرى .
في عام1896 عثر بالصدفة طالب الطب الفرنسي إرنيست دوتشيسين (Ernest Duchesne) على عفن بدا أنه يقتل الجراثيم (Bacteria) .
كان لاكتشافه تأثير قليل، على كال حال، بعد ذلك، في 1928 لاحظ باحث اسكتلندي اسمه الكسندر فليمينغ بأن وجود عفن معين في صحون الاختبار (Petri dishs) يحد من انتشار نمو الجراثيم .
ثم حدد العفن الذي يأتي من عائلة البيسليوم (penicilliun) ودعاه بالبنسلين، قد يعد إنجاز فليمينغ اكتشافا أكثر منه اختراعا- إذ أن بنسلينه هذا لم يكن مستقرا وكان يصعب تنقيته .
تلا ذلك عمل آخر لإرنست جين (Ernst Chain) وهاورد فلوري (Howard Florey0 في جامعة أكسفورد في انكلترا أدى إلى تقنيات لاستنبات العفن في سائل في أحواض ضخمة .
وفي أواخر عام 1941 بدأ عمل مشترك على نطاق واسع بين الحكومة الأمريكية، الصناعة ، والبحث الأكاديمي بدف إيجاد طريقة لإنتاج البنسلين بكميات كبيرة .
بحلول عام 1944 كان بمقدور المصنعين إنتاج ما يكفي من البنسلين لمعالجة جميع جنود قوات التحالف الذين جرحوا في يوم غزو أوروبا (D-Day 6) خلال الحرب العالمية الثانية، ربما كان لتطور البنسلين والمدى الهائل للمضادات الحيوية التي تبعته، الأثر الأعمق من أي من غيره على صحة الإنسان في التاريخ الطبي، إذ إن معالجة أصناف كاملة من أمراض كانت يوما ما مهلكة أو مهددة للحياة، أصبحت ممكنة خلال الفترة التي امتدت بضعة عقود بعد الحرب العالمية الثانية .
لقد أعطى تطور المضادات الحيوية الناس درعا وقائيا فعالا هائلا ضد كارثة المرض .
الترانزيستور
The Transistor
ما يمثله محرك البخار بالنسبة إلى الثورة الصناعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر .يمثله الترانزيستور بالنسبة للثورة المعلوماتية في الجزء الأخير من القرن العشرين .
إن كل قطعة تقريبا في جهاز يخزن ,ينقل ,يظهر ,أو يعالج المعلومات تملك في قلبها شرائح سيليكونية معبأة بدارات إلكترونية ,كل شريحة تحتوي في داخلها على آلاف أو حتى ملايين من الترانزيستورات .
بالرغم من أن التفاصيل هي معقدة بصورة تذهب العقل ,فإن الوظيفة الأساسية للترانزيستور بسيطة :
إنها تمكن توترا كهربائيا صغيرا ليتحكم بسيران تيار كهربائي .
في الكمبيوترات ,تعمل الترنزيستور كمفاتيح فصل – وصل (on – off ) صغيرة جدا ,في لغة الحساب الثنائية ,فإن حالتي on,off هاتين تتحولان إلى آحاد (1s) وأصفار (0s) الرقمية ؛بحيث ترمز كل أنواع المعلومات – كل شيئ من حروف الكتاب ,إلى نوتات الموسيقا إلى ألوان التصوير الفوتوغرافي .
بمعنى ما فإن الترنزيستور يعمل الشيئ نفسه الذي كانت تقوم به تقنية أسبق وهي الأنابيب المفرغة فالأنابيب المفرغة كانت تستعمل أيضا توتر دخل صغير للتحكم بسريان تيار وهي بالتالي قادرة على معالجة إشارات في الشكل الثنائي الذي يستعمله الكمبيوتر .
على كل حال لم تكن لثورة الكمبيوتر أن تتقدم لو لم يطور الترنزيستور ويحل محل الأنبوب المفرغ الاموثوق والضخم .
أول كمبيوتر رقمي متعدد الوظائف كان يزن أكثر من 30 طن ,وكان يستعمل حوالي 19000 انبوب مفرغ عرف هذا الكمبيوتر باسم إنياك (Eniac) اختصار كمبيوتر وموحد رقمي إلكتروني وقد تم تقديمه للجمهور عام 1946 .
إنياك كان يتطلب كميات هائلة من الطاقة لتشغيلها وكثيرا ما كانت الأنابيب تحترق أو تتعطل .
ثم اختراع ترانزيستور سنة 1948 في مختبرات بيل تلفون (Bell Telephone) بواسطة فريق يقوده الفيزيائيون جون باردين (John Bardeen) وولتر براتن (Walter Brattain) ووليام شوكلي (WilliamShockley) .
في البداية لم يكن الكمبيوتر في أعلى قائمة التطبيقات المحتملة لهذه الأدات الصغيرة ولم يكن هذا شيئا غريبا عندما بنيت الكومبيوترات الأولى في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين؛ إذ إن قلة من العلماء رأوا فيها بذور تكنولوجيا من شأنها أن تتخلل في عقود قليلة كل مجالات الحياة الإنسانية تقريبا .
قبل الانفجار الرقمي كانت الترانزيستورات جزءا حيويا لتطويرات في نظام القياس التناظري الموجود مثل الراديو والستيريو .
كانت أيضا قابلة للإنتاج بالجملة وبالملايين على رقائق السيليكون _ هذه الشريحة النصف الناقلة، هذه القدرة اللامحدودة تقريبا لدمج الترانزيستورات على هيئة شرائح ألهبت عصر المعلومات .
واليوم لم تعد هذه الشرائح جزئا من الكمبيوتر وحسب؛ بل هي مهمة أيضا في أدوات متنوعة مثل كاميرات الفيديو والهواتف الخلوية ,ومعدات التصنيع , لوحات الملاعب الإلكترونية , وألعاب الفيديو .
ومن دون الترانزيستور لن يكون هناك إنترنت ولا سفر في الفضاء إن الترانزيستور منطمر بعمق في نسيج التكنولوجيا الحديثة .
اختراع المستقبل
Inventing The Future
ما هذا البون الذي أحدثه ألف سنة ؟!
في عام 1000م كان هناك عالم مختلف تماما , أغلب الناس عاشوا طوال حياتهم في حدود بضعة أميال من مكان ولادتهم , كان الاتصال محدودا بدائرة ضيقة من القرويين وعابري السبيل .
كان المرض يضرب بانتظام رهيب أناسا لا حول لهم في رده وإذا استثنينا قلة من الكهنة والنخب الأخرى فإن الناس كانوا اساسا أميين , لقد كان هناك قليلون جدا يستطيعون القراءة على أي حال .
كان الناس سنة 1000 يقيسون الوقت عن طريق الشمس والقمر , الملاحظة العلمية كانت محدودة بما يمكن مشاهدته بالعين المجردة أما اليوم وبفضل الاكتشافات والإبداع العلميين فقد تبدلت حياة الناس فهم يستطيعون رؤية الأحداث فور حدوثها في النصف الثاني من العالم ويستطيعون إجراء مكالمة هاتفية مع صديق أو قريب في بلد أجنبي في غضون ثواني .
كما أن النقل الآلي من السيارات إلى الطائرات سمح للناس بالسفر مسافات طويلة في فترات زمنية قصيرة .
إن الكهرباء تدير نسقا هائلا من أدوات الترفيه والأجهزة الموفرة للجهد البشري , كما أن الجرائد والكتب رخيصة ومتوفرة بسهولة .
لقد ازداد متوسط العمر المتوقع للإنسان عندما تمكن الطب من إيجاد أسباب الأمراض وعلاجاتها كأثر فأكثر .
إن الكمبيوتر المكتبي أداة جبارة للعمل للإبداع للاتصال .
هذه القائمة لأعظم الاختراعات ركزت حصريا على الإنجازات التقنية وبمعنى أوسع فقد اخترع البشر أشياء أخرى على مدى الألف سنة الماضية إحداها الديمقراطية الحديثة مع ما فرضتها بشأن حقوق الإنسان الأساسية , واحدة أخرى هي الموسيقى السيمفونية وقد تكون الأخرى كرة البيسبول .
إن النتاج البشري الخلاق يمتد على مدى هائل من الحقول بالإضافة إلى حقلي الطب والهندسة ؛ كل له ابتكاراته وتطوراته العظيمة الخاصة خلال الألفية الأخيرة .