إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مساكن العرب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مساكن العرب


    ذكر مساكن العرب القديمة التي درجوا منها إلى سائر الأقطار

    قال القلقشندي في نهاية الأرب ص/23: "اعلم أن مساكن العرب في ابتداء الأمر كانت بجزيرة العرب الواقعة في أواسط المعمور، وأعدل أماكنه وأفضل بقاعه حبث الكعبة الحرام وتربة أشرف الأنام محمد صلى الله عليه وسلم وما حول ذلك من الأماكن، وهذه الجزيرة متسعة الأرجاء، ممتدة الأطراف يحيط بها من جهة الغرب بعض بادية الشام حيث البلقا إلى أيلة، ثم القلزم الآخذ من أيلة حيث العقبة الموجودة بطريق حجاج مصر إلى الحجاز إلى أطراف اليمن حيث طي وزبيد وما داناهما، ومن جهة الجنوب بحر الهند المتصل به بحر القلزم المقدم ذكره من جهة الجنوب إلى عدن إلى أطراف اليمن حيث بلاد مهرة من ظفار وما حولها، ومن جهة الشرق بحر فارس الخارج من بحر الهند إلى جهة الشمال إلى بلاد البحرين ثم إلى أطراف البصرة ثم إلى الكوفة من بلاد العراق، ومن جهة الشمال الفرات ءاخذا من الكوفة على حدود العراق إلى عانة إلى بالس بلاد الجزيرة الفراتية إلى البلقا من برية الشام حيث وقع الابتداء.

    والحاصل أن السائر على حدود جزيرة العرب فيه من أطراف برية الشام من البلقا جنوبا إلى أيلة، ثم يسير على شاطىء بحر القلزم وهو مستقبل الجنوب والبحر على يمنيه إلى مدين إلى ينبع إلى البروة إلى جدة إلى أول اليمن إلى زبيد إلى أطراف اليمن من جهة الجنوب ثم يعطف مشرقا ويسر إلى ساحل اليمن وبحر الهند على يمينه حتى يمر على عدن ويجاوزها حتى يصل إلى سواحل ظفار من مشاريق اليمن إلى سواحل مهرة، ثم يعطف شمالا ويسير على سواحل اليمن وبحر فارس على يمينه ويتجاوز سواحل مهرة إلى عمان من بلاد البحرين إلى جزيرة (أوال) إلى القطيف إلى كاظمة إلى البصرة إلى الكوفة، ثم يعطف إلى الغرب ويفارق بحر فارس ويسير والفرات على يمينه إلى سلمية إلى البلقا حيث بدأ.

    ودور هذه الجزيرة على ما ذكره السلطان عماد الدين صاحب حماة في تقويم البلدان سبعة أشهر وأحد عشر يوما تقريبا بسير الأثقال فمن البلقا إلى الشراة ثلاثة أيام، ومن الشراة إلى أيلة نحو ثلاثة أيام، ومن أيلة إلى الحجاز وهي فرضة المدينة النبوية نحو من عشرين يوما، ومن الحجاز إلى ساحل الجحفة نحو ثلاثة أيام، ومن ساحل الجحفة إلى جدة وهي فرضة لمكة ثلاثة أيام، ومن جدة إلى عدن نحو من شهر، ومن عدن إلى سواحل مهرة نحو من شهر، ومن مهرة إلى عمان إلى البحرين نحو من شهر، ومن هجر إلى عبادان من العراق نحو من خمسة عشر يوما، ومن عبادان إلى البصرة نحو يومين، ومن البصرة إلى الكوفة نحو اثني عشر يوما، ومن الكوفة إلى بالس نحو عشرين يوما، ومن بالس إلى سلمية نحو سبعة أيام، ومن سلمية إلى مشاريق غوطة دمشق نحو أربعة ايام، ومن مشاريق غوطة دمشق إلى مشاريق حوران نحو ثلاثة أيام، ومن مشاريق حوران إلى البلقا نحو ستة أيام.

    واعلم أن الجزيرة في أصل اللغة ما ارتفع عنه الماء آخذا من الجزر الذي هو ضد المد، ثم توسع فيه فأطلق على كل ما دار عليه الماء, ولما كان هذا القطر يحيط به بحر القلزم من جهة المغرب، وبحر الهند من جهة الجنوب، وبحر فارس من جهة المشرق، والفرات من جهة الشمال أطلق عليه جزيرة وأضيفت إلى العرب لنزولهم لها ابتداء وسكناهم فيها.

    قال المدائني: وجزيرة العرب هذه تشتمل على خمسة أقسام:تهامة، ونجد، والحجاز، والعروض، واليمن.

    فتهامة: هي الناحية الجنوبية عن الحجاز.
    ونجد: هي الناحية التي بين الحجاز والعراق.
    والحجاز: هو ما بين تهامة ونجد.
    وتهامة: جبل يقبل من اليمن حتى يصل بالشام، وسمي حجازا لحجزه بين نجد وتهامة.
    والعروض: هي اليمامة ما بين تهامة إلى البحرين.
    ويدخل في جزيرة العرب أيضا قطعة من بادية الشام كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى، ثم في كل قطر من هذه الأقطار مدن وبلاد مشهورة.
    فأما الحجاز: ففيه من البلاد المشهورة المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وقيل: هي من نجد، وفيه أيضا من البلاد خيبر والطائف.
    وأما تهامة: ففيها من البلاد المشهورة مكة المشرفة، وقيل: هي من الحجاز, وفيها أيضا من البلاد ينبع.
    وأما نجد: فقد قيل إن المدينة المنورة منها، والراجح أنها من الحجاز على ما تقدم.
    وأما العروض: فيشتمل على ناحيتين. الناحية الأولى: اليمامة، وقيل: هي من الحجاز وهي مدينة دون مدينة النبي صلى الله عليه وسلم في المقدار، بينها وبين البصرة ست عشرة مرحلة، وبينها وبين الكوفة أيضا مثل ذلك، وهي أكثر نخلا من سائر بلاد الحجاز، وبها مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل في زمن أبي بكر (رضي الله عنه).

    الناحية الثانية: بلاد البحرين وهي قطر متسع مجاور لبحر فارس كثير النخل والثمار، والمشهور به من البلاد هجر بفتح الهاء والجيم وهي التي كانت قاعدة البحرين في الزمن المتقدم فخربها القرامطة عند استيلائهم على البحرين،وبنوا مدينة الإحساء ونزلوها وصارت هي قاعدة البحرين، وهي مدينة كثيرة المياه والنخل والفواكه، وبينها وبين اليمامة نحو أربعة ايام، إلى غير ذلك من البلاد المتسعة.

    وأما اليمن: فهو إقليم متسع الأرجاء، متباعد الأطراف، وكانت قاعدته القديمة مدينة صنعاء، وهي مدينة عظيمة تشبه مدينة دمشق في كثرة مياهها وأشجارها وهي في شرقي عدن في الجبال، وهواؤها معتدل وكانت في الزمن المتقدم تسمى (أزال) وهي الآن بيد إمام الزيدية باليمن داخلة تحت طاعته هي وما حولها، وقد استحدث عليها حصن (تعز) فصار منزلا لبني رسول ملوك اليمن الآن، وهو حصن في الجبل مطل على التهائم وأراضي زبيد، وفوقه منتزه يقال له: صعدة قد ساق إليها صاحب اليمن المياه من الجبال التي فوقها وبنى فيها أبنية عظيمة في غاية الحسن في وسط بستان هناك، وفرضة اليمن المشهورة في القديم والحديث عدن، ويقال: عدن أبين سميت بذلك باسم بانيها، وهي مدينة على ساحل بحر الهند جنوبي باب المندب يميل إلى المشرق مورد وحط وإقلاع لمراكب الهند ومصر وغيرهما، وبينها وبين صنعاء ثلاث مراحل, وهي في ذيل جبل كالسور وتمامه سور إلى البحر، ولها باب إلى البر وباب إلى البحر إلا أنها قشفة يابسة ينقل إليها الماء على ظهور الدواب.

    واليمن مدن كثيرة من مشاهيرها زبيد بفتح الزاي المعجمة وهي قصبة التهايم وموضعها في مستوى من الأرض والبحر، منها على أقل من يوم، وبها مياه ونخل كثير وعليها سور دائر وفيها ثمانية أبواب وبينها وبين البحر خمسة عشر ميلاً.

    ومن مشاهير بلادها نجران بفتح النون وسكون الجيم، وهي بلدة ذات نخيل وأشجار على القرب من صنعاء وهي بين عدن وحضرموت في جبال وهي من بلاد همدان بين قرى ومدائن وعمائر ومياه، وبها كان أفعى بن الأفعى الجرهمي المعروف بأفعى نجران الذي تحاكم إليه مضر وربيعة وأياد وأنمار أولاد نزار بوصية من أبيهم.

    ومن مشاهير بلاده ظفار بالظاء المعجمة المشالة والفاء, وهي مدينة على ساحل خور يخرج من بحر الهند ويطعن في الشمال نحو مائة ميل وهي على طرفه، وبينها وبين صنعاء أربعة وعشرون فرسخا وعلى شمالها رمال الأحقاف التي بها كانت عاد، وهي قاعدة بلاد الشجر، ويوجد في أرضها كثير من النبات الهندي مثل الرايخ والتنبل، ولها بساتين وأسواق، وفي سواحلها يوجد العنبر, إلى غير ذلك من البلاد المتعددة.

    وأما بادية الشام ففي جزيرة العرب منها مدينة تدمر بفتح التاء وضم الميم، وهي بلدة قديمة ببادية الشام من أعمال حمص وهي على شرقيها, وأرضها سباخ وبها شجر ونخيل وزيتون, وبها ءاثار قلعة عظيمة من الأعمدة والصخور ولها سور وقلعة، وبينها وبين حمص نحو ثلاث مراحل وكذلك عن سلمية، وبينها وبين دمشق تسعة وخمسون ميلا، وبينها وبين الزحمة مائة ميل وميلان، وهي منزل عرب ءال ربيعة ملوك العرب بالشام إلى الآن.

    وكذلك من بادية الشام تيماء وهي حاضرة طي، وبها الحصن المعروف بالأبلق الفرد المنسوب إلى السموؤل بن عاديا.

    وتبوك وهي بلدة عظيمة بين الحجر أرض ثمود وبين الشام، وبها عين ماء ونخيل ويقال: إن بها كان أصحاب الأيكة الذين بعث الله إليهم شعيبا عليه السلام.

    قلت: ومنها مدين وكانت بها منازل العرب العاربة من عاد وطسم وجديس وأميم وجرهم وحضرموت ومن هم في معناهم، ثم انتقلت ثمود منها إلى الحجر بكسر الحاء المهملة وهي إلى الجنوب من دومة الجندل وهي من أرض الشام فكانوا بها حتى هلكوا كما ورد به القرءان الكريم.

    وهلك من هلك من بقايا العرب العاربة باليمن بمدين من عاد وغيرهم، وخلفهم فيه بنو قحطان بن عابر فعرفوا بعرب مدين إلى الآن وبقوا فيه إلى أن خرج منه عمرو بن مزيقياء عند توقع سيل العرم ثم خرج منه بقاياهم وتفرقوا في الحجاز والعراق والشام وغيرها عند حدوث سيل العرم.

    وكانت أرض الحجاز منازل بني عدنان إلى أن غزاهم بخت نصر ونقل من نقل منهم إلى الأنبار من بلاد العراق، ولم يزل العرب بعد ذلك كلهم في التنقل عن جزيرة العرب والانتشار في الأقطار إلى أن كان الفتح الإسلامي فتوغلوا في البلاد حتى وصلوا إلى بلاد الترك وما داناها وصاروا إلى أقصى المغرب وجزيرة الأندلس وبلاد السودان وملئوا الآفاق، وعمروا الأقطار، وصار بعض عرب اليمن إلى الحجاز فأقاموا به وربما صار بعض عرب الحجاز إلى اليمن فأقاموا به, وبقي من بقي منهم بالحجاز واليمن على ذلك إلى الآن، ومن تفرق منهم في الأقطار منتشرون في الآفاق قد ملئوا ما بين الخافقين" اهـ
    قيمة المرء ما يحسنه
يعمل...
X