إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من مفكرته قصة / محمود عبد الله محمد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من مفكرته قصة / محمود عبد الله محمد

    من مفكرته
    قصة / محمود عبد الله محمد
    لن أنسى ذلك اليوم .. فساعة أخي الأكبر .. التي أهداها إليه أبي .. سقطت من يدي وما عادت تعمل .. أنا أيضا لم يعد لدى رغبة في المذاكرة .. ألقيت كتابي على المنضدة وأخذت أفكر في مخرج ..ولما لم أجد مخرج ..قررت ألا أخبر أحد .. بل سأظهر دهشة عندما يكتشف أخي ما حدث لساعته ..
    - سامحني يا ربي .. سامحني يا أخي ..أعلم أنك ستحزن كثيرا على ساعتك ..
    سمعت صوت أبي وهو يتحدث إلى أمي .. خرجت إليه مسرعا .. جذبته من جلبابه إلى غرفتي .. طلبت أن يحكي لحي حكاية من حكاياته الجميلة .. فربما استطعت أن أنسى ما حدث وأعود إلى مذاكرتي ..
    أستغرب أبي لطلبي .. فهذا ليس وقت الحكايات .. بل وقت العمل والمذاكرة لكنني رجوته أن يحكي لي حكاية .. فحكاياته دائما تبهجني وتدخل إلى نفسي السرور .. مسح أبي على رأسه بيده وسألني :
    - ما بك يا محمود ؟ هل فعلت شيئا تخشى عواقبه ؟ صارحني .. فأنا أعرفك وأعرف شقاوتك .. هل كذبت على أمك شيء .. أم أنك فعلت شيئا في المدرسة وتخشى أستاذك غدا ؟ ذكرتني بالذي مضى .. بحكايتي مع الأستاذ عبد الناصر مدرس الجغرافيا والتاريخ .
    - احكها يا أبي .. إني في أشد الحاجة إلى حكاية من حكاياتك ..
    - ليس لدي وقت يا محمود لابد أن أذهب إلى أخيك وأعاونه في العمل بالورشة .. اسمع .. سأعطيك مفكرتي لتقرأ منها الحكاية بنفسك .. أظنها مهمة جدا .. لو فهمتها ستتعلم منها شيئا في الحياة .
    ثم فتح لي مفكرته على إحدى صفحاتها وذهب .. رحت أقرأ الحكاية من أولها : كنت في الصف الثالث الإعدادي .. أستاذنا عبد الناصر يطلب منا رسم خريطة للوطن العربي .. لدي من بعض الأصدقاء مباراة في كرة القدم اليوم .. بسبب هذه المباراة .. نسيت رسم الخريطة .. في اليوم التالي .. سألنا الأستاذ عبد الناصر :
    - من منكم رسم خريطة الوطن ؟
    رفع عدد من الزملاء أيديهم .. رفعت يدي معهم دون أن أشعر .. و يا للمفاجأة .. لم يعاقب الأستاذ أي احد ممن لم يرسموا الخريطة طلب ممن رسموها أن يستعدوا بخرائطهم .. للقاء السيد مدير المدرسة .. الذي طلب مشاهدة الخرائط .. ومنح أحسن ثلاثة منها .. جوائز من جيبه الخاص .. كما سيتم تعليق الخرائط الثلاث في أماكن متميزة بالمدرسة .. ثم أردف الأستاذ عبد الناصر :
    - السيد مدير المدرسة يهتم بخرائط البلاد .. وخصوصا خريطة الوطن العربي .
    فرح الزملاء جميعا بالخبر .. إلا أنا .. لقد ارتعد كل جزء من جسدي .. ما هذه المشكلة التي أوقعت نفسي بها ؟! كيف أتصرف ؟!ماذا سأقول لمدير المدرسة .. عندما يطلب مشاهدة خريطتي ؟!! وأخذت أفكر في مخرج بسرعة .. توصلت إلى أفكار كثيرة .. منها أن أصرخ بأعلى صوتي .. وأطلب الذهاب إلى المستشفى .. ومنها أن أقول أني نسيت الخريطة بالمنزل .. ومنها و منها .. لكنها أفكار لا تنجي إلا لدقائق معدودات .. وعلى الفور فكرت في المصارحة .. نعم .. سأصارح أستاذي وسأعتذر له .. حتما سيسامحني .. فتلك كذبة بيضاء .. لم تؤذي أحد غيري .. اتجهت إلى الأستاذ عبد الناصر .. وبعد فترة من التردد .. همست له في أذنه بكل ما حدث .. غضب مني غضبا شديدا .. لكنه قال لي كلام لن أنساه طوال حياتي :
    - لولا شجاعتك الآن .. وعدم تماديك في الكذب .. لطلبت نقلك إلى فصل آخر.. يجب أن تعرف أن شر الناس هو من يؤذي نفسه بكذبه يا عبد الرحمن .
    ومن وقتها وأنا صريح مع نفسي ومع الآخرين .. مهما كان خطأي .. ومهما كانت دوافعي للكذب .. ثم أغلقت مفكرة أبي .. وذهبت إلى أخي الأكبر هشام في ورشة النجارة .. صارحته أمام أبي .. بما فعلته في ساعته .. فنظر إليّ أبي وابتسم .. بينما نظر إلى أخي بغضب .. وما هي إلا لحظات حتى انفرجت أساريره وهو يقول لي :
    - فداك ألف ساعة يا محمود
    ومن يومها وأنا أيضا لم أكذب على أحد .. مهما كان خطأي .. ومهما كانت دوافعي للكذب .
    (( تمت ))
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com
يعمل...
X