إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مسيرة فلرس الكلمة عبدالله عمران ..من صحيفة الخليج ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسيرة فلرس الكلمة عبدالله عمران ..من صحيفة الخليج ..




    عبدالله عمران . . مسيرة خالدة

    سنة واحدة لكنها تتحقق أضعافاً لدى الشوق، وسنة واحدة وتمر كيوم أو بعض يوم إذ تتكدس حضوراً يفيض وسط الغياب . تلك هي سنة كاملة بعد رحيل الدكتور عبدالله عمران تريم، رحيله في الحياة المتجددة، إذا شئتم، لا الموت . أمثاله من صناع الحياة يعرفون كيف يحمون حياتهم وحياة الآخرين بذاكرة متوهجة بالحنين، وبسيرة مسورة باليقين، وأمثال عبدالله عمران يحضرون ولا يغيبون .
    لا يكاد أحد من أسرته في الوطن أو الأمة يصدق، ولا نكاد نحن أسرة "الخليج" وقد حولنا مرارة الفقد إلى حلاوة الوجد . نؤمن بأن الموت حق ونعزي أنفسنا بما ترك من الآثار والمآثر، ولا نزكي على الله أحداً لكننا نحسب أنه ينعم بعطايا مليك مقتدر، وإذا كان كل كتاب بعنوانه ومن عنوانه، فإن كتاب عبدالله عمران في آخرته، إن شاء الله، اليمين واليمن، كما كان في دنياه العمل إلى درجة تحقيق الأمل، والنبوغ في فرد كأنه وطن .
    لقد منعتنا البغتة في مثل هذا اليوم قبل سنة أن نشرف على فيض أحاسيسنا من عل نحو تجسيد الوصف الأليق في الكلام الأليق، وها نحن بعد فراق سنة نعود إلى سيرة من لم يفارقنا يوماً، وهل يفارق الجسد بعض الجسد، أو يغادر الروح كل الروح؟ ها نحن في الذكرى الأولى نحاول محاولتنا ذاتها، فندخل في الصعوبة الأبعد، حيث لا الكلام يلبي ابتداء أو يفي، وحيث اعترافنا بالعجز، نحن الذين علمنا العميد أن نقاوم كل عجز، فضيلة الفضائل .
    وخبر الرجل في أثره وخطره، وخبره في دار "الخليج" التي بقيت على عهد مؤسسيها الكبيرين الأستاذ تريم عمران والدكتور عبدالله عمران رحمهما الله، وخبر الرجل في نهج قوي قويم يفرض نفسه بسبب من طبيعته، حيث تأسس على المبادئ وأسس للثوابت، وحيث بنى على موضوعية الحق، فعرف كيف يتعامل مع المتغيرات كأنه موكب مواكبة ينزع نحو الحقيقة نزوعا، فلا يكل عنها أو يمل .
    الشاهد في هذا المقام أن "الخليج"، صحيفتكم وصوتكم، صدرت منذ الليلة الثانية بعد وفاة الدكتور عبدالله عمران على حسه وحدسه، وعلى تصور رأيه ورؤيته . عبدالله عمران ترك "الخليج" صرحاً شامخاً بكل المعاني، ومدرسة شاهقة بالمعاني كلها، فظلّ المظلة وبقي صمام الأمان . لم يغب عبدالله عمران عن ليالي وأيام "الخليج" . لم يغب عن الطابق الأول في مبنى دار "الخليج" حيث مكتبه، وظل حاضراً في الإدارة وصالة التحرير والمطبعة، وفي كل خبر أو رأي أو موقف . ظل أبوخالد حاضراً في كل شارع أو قاعة أو مدرسة حملت اسمه، وظل أبوخالد خالداً في بريق اسمه، وفي برق نبضه الحي في أولاده وأهله وأصدقائه وزملائه، وفي ما وهب من هباته ومواهبه، فطوق الدنيا بالرصين والمتقن .
    في مثل هذا اليوم فارقناك يا أبا خالد، أو فارقتنا . لم نجد وقتاً لوداعك، ولم تجد فرصة لإملاء وصيتك الأخيرة، لكنك، وأنت الأب والأخ والمعلم والعميد، تركت فينا، عبر الممارسة والزمالة وتوجيهات العمل، خير الوصية، وهل كنت يا عميدنا إلا الخير متجسداً في رجل مجبول بالخير؟ هل كنت إلا الاستثناء في زمن يشبه بعضه بعضاً حد الحيرة والملل؟
    تسأل عن حال وطننا العربي الكبير في سنتنا الأخيرة بين فقدك وذكراك؟ لم تكن إلا سنة الفقد في انتظار الذكرى، ولقد اجتزناها وفي الضمير ضوء منك، وبين اليدين طريق أسهمت يا والدنا وعميدنا في رسمه، ولولاه، ولولا ما أخبرتنا عن فسحة الأمل في أمتنا الولاّدة، لما وصلنا إلى وعي الإشارة في إطلالة شمسنا يومياً، أو البشارة في عيون أطفالنا على مدى الأيام .
يعمل...
X