إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عودة الياسمين إلى أهله سالما - للشاعر والروائي الأردني ابراهيم نصر الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عودة الياسمين إلى أهله سالما - للشاعر والروائي الأردني ابراهيم نصر الله


    ابراهيم نصر الله يعزف شعرا في
    "عودة الياسمين إلى أهله سالما"
    بيروت- جورج جحا: بين آخر ما صدر للشاعر والروائي الأردني ابراهيم نصر الله من نتاج غزير ومميز مجموعة "عودة الياسمين إلى أهله سالما" وهي مختارات من قصائد الشاعر على مدى فترة زمنية.
    ونصر الله، المولود لأبوين فلسطينيين هجرا من أرضهما، شاعر وروائي ذو نكهة فكرية وفنية مميزة ومسيرة دائمة من التزام القضايا الانسانية حتى - بل خاصة- من خلال القضايا القومية التي تعالج عنده بعمق انساني وهو بعد لو جردت منه اي اعمال قومية ووطنية لتحولت الى مجرد خطب ومواعظ و"كليشيهات" لا قيمة لها بل انها في افضل حال لا تكون اكثر من قيمة وقتية تزول بزوال مرحلة ما وجل ما يمكن ان تقدمه لا يعدو كونه قيمة تاريخية.
    أما الناحية التاريخية خاصة في روايات ابراهيم نصر الله فهي غالبا ما تكون مركبا للوصول الى الانساني. وفي شعره تترسخ الناحية الانسانية في شكل فني موح. وحتى حيث يكتب الفكرة او حيث ترد عنده حكمة او ما يماثلها فهي لا تأتي بقالب فني فحسب بل بروح فنية انسانية.
    ومن أوضح الأمثلة على ذلك مجموعة أعمال روائية له شكلت سجلا تاريخيا وانسانيا فنيا لآلام الفلسطينيين.. والمختارات هذه مأخوذة من أربع مجموعات شعرية صدرت بين عام 1989 وعام 2007.
    كتاب نصر الله جاء في 191 صفحة متوسطة القطع وصدرعن "الدار العربية للعلوم ناشرون" في بيروت.. لوحة الغلاف تفصيل من لوحة للفنان فلاح السعيدي وتصميم الغلاف واللوحات الداخلية للفنان محمد نصر الله.
    القصائد ترواح بين قصيدة نثر وبين قصيدة بتعدد اوزان وقواف.. شعره عامة يجمع بين الايقاع الموسيقي غير الصاخب حتى في النثري منه وبين الصورة الموحية والعاطفة التي تسيل بسهولة فيه حتى حيث في الاحيان التي تبدوفيها لنا خفية الى حد ما. والقصر يطغى على القصائد الى حد انه يمكن وصف غالبها بانه قصائد قصيرة.
    نقرأ القصيدة التي حملتها دفة الكتاب حيث يقول ابراهيم نصر الله:
    "في البدء لم يكن هذا الخريف..
    كانت عاشقة "قد امسكت بزهرة ورددت في سرها.." يحبني.. لا لا يحبني.. يحبني.. لا لا يحبني
    وحين انتهت أوراقها ولم يجب أحد
    مضت الى الحقول واحدا فواحدا لتسأل االزهور والأبد
    جورية.. زنبقة.. نوارة..
    يحبني.. لا لايحبني.. يحبني.. لا لايحبني
    ولم يجب احد
    مضت الى الاشجار تخصف الورق..
    يحبني.. لا لا يحبني.. يحبني.. لا لا يحبني
    ولم يجب أحد
    واصفرت البلد."

    القصيدة الأولى وعنوانها "حيرة" يأتينا فيها الشاعر بما يحول الفكرة الى صورة وحالة نفسية وبما يذكر بقول السيد المسيح عن ان لطيور الارض وحيواناتها امكنة تأوي اليها فالى اين يذهب ابن الانسان. يقول:
    "في البداية
    قالت الخيل.. اريد سهولا
    قالت النسور.. اريد القمم
    قالت الافاعي.. اريد جحورا
    وظل الانسان حائرا "
    في القصائد او كثير منها سمة هي تحويل الفكرة والحكمة الى صورة شعرية قادرة على ان تنقل الينا الفكرة والحكمة دون ان تتحولا الى برودة تقريرية. وفيها ايضا على رغم الفارق الزمني بين بعضها والبعض الاخر تلك الخصائص التي تدل على "شخصية " محددة وعلى صدورها عن شاعر نجد وحدة بين ما قاله قبل سنوات وما قاله امس.
    في قصيدة "اتحاد" يتحدث عن الخوف من الموت ثم عن تجاوز هذا الخوف مع ان الموت لا يزال محتما، يقول الشاعر:
    "في البداية كنت اركض كالمجنون
    وانا اغلق المنافذ
    في وجه كل شيء يحمل الموت
    كنت خائفا
    الى ان خرجت الى الشوارع."
    هنا نجد كأن في الامر طفلا خائفا لكن خوفه يتوزع بين الجماعة ويتشتت مع ان الناس كلهم سيدركهم الموت. كم تروضنا الحياة.
    في قصيدة "غرائب" نصل الى فكرة فنقرأ كيف يتحول التقريري الى كلام مموسق بهدوء:
    "لا شيء يستطيع ان يعلو
    مثل انسان
    ولا شيء يستطيع
    ان ينحدر
    ايضا."
    في قصيدة "لمسة" دفء وايحاء وطمأنينة تتجسد بهدوء يقول:
    ونقرأ في "نداء" هذه الاسطر التي تنضح بحزن نبي"بلمسة من يدك الدافئة
    هكذا دائما
    تعيدين الغريب الى نفسه."
    في "احلام" اختصار موح لكلام كثير عن الظلم والاستبداد والقمع يقول:
    "ايها النائم
    ما دام الشرطي ساهرا تحت شباكك
    فان كل ما تدخره من احلام
    سيمضي معك الى مكان واحد
    هو القبر "

    ل:
    لا تضع ايها الصديق
    مثل غيمة فقدت الامل
    في ان تكون مطرا."
    وفي "صدق" يقول في طرافة مؤثرة:
    "ذلك الرسام
    بكى كثيرا "عندما لم يستطع" رسم الدمعة."
    ويتحدث عن مألوف الكلام كأن يقال ان شخصا ما بقيت طفولته ترافقه ولم يتخل عنها في كبره لكنه يأتينا بصورة تختلف عن التصور العادي.. ففي قصيدة "حيطة" يقول:
    "لم اترك طفولتي يوما تبتعد كثيرا
    ان الوحوش تتجول في الجوار
    ولذا لم اجد بدا من الاحتفاظ بها
    حتى اليوم."
    قصيدة "مخاوف" تختصر كثيرا من سمات شعر ابراهيم نصر الله.. وفيها نقر:
    "اخاف مروراسمك الان عبر الممرات..
    في لحظات السكون
    وفي خطوات الهواء
    اخاف مرور اسمك الان كالريح
    بين الندى وحواف البكاء
    اخاف مرور اسمك الان في النور
    او في العماء
    اخاف مرور اسمك الان في الماء
    على عتباتي اغفى الخريف
    وبين ضلوعي الف شتاء."
يعمل...
X