إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الجدارية الفنان الجرافيت الأمريكي Lango ، بشارع هايت بسان فرانسيسكو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الجدارية الفنان الجرافيت الأمريكي Lango ، بشارع هايت بسان فرانسيسكو


    سلمى زيادة



    الغموض هو السمة المميزة للمقدّس، دور الأساطير - كما جاء مضمون كتاب رينيه جيرارد - هو إبراز الفروق والتناقضات للتمييز بين الوجه والمقابل له، لذلك، من وجهة نظر أقدم النصوص التي حققت روح الأسطورة ( ميدوزا ) هي التمثيل الجيد لهذا الوجه الآخر بقوته وعنفه ووصفه المخيف، ( فيرنان ) في كتابه ( الموت في العين ) أكد على ذلك وأضاف أن وجه ( ميدوزا ) يجسد وجه محارب في معركة شرسة لذلك حُفر الوجه بكل تفاصيله المرعبة على درع ( هيروكليس ) وأيضا على أقنعة يرتديها المحاربون كما في الإلياذة وأجاممنون وخلال عصر النهضة وفي الأوديسا كانت ( ميدوزا ) هي التي تحرس الأماكن المرعبة وظهرت في ( الكوميديا الإلهية ) لدانتي و ( الفردوس المفقود ) لجون ميلتون كحارسة لعالم الأموات وكانت تمنع الأحياء من الدخول، وفي المسيحية ترمز إلى الشيطان وتمثل الموت والعدو اللعين، وفي ( كتاب آرثر ) كانت مسخا لأنثى تعيش في قاع النهر وتحوّل الناس إلى حجارة وتؤثر على النهر فيتحوّل إلى وحش يبتلع البشر، رأس ( ميدوزا ) يرمز أيضا إلى السلبية المطلقة، واستمرت رمزية ( ميدوزا ) في ثلاثية كتبها كاتب يوناني اسمه ( بانديليس بريفيلاكيس ) بعنوان طرق الإبداع وتضم ( شمس الموت )، ( رأس ميدوزا )، و ( خبز الملائكة )، رمزت أيضا إلى العدمية والأيدولوجيات الخارجية التي تهدد الهيلينية ( الفكر اليوناني القديم )، فالبطل يخطط ليحرر اليونان من قبضة الوحش لكنه يفشل ويدرك أن كل شيء في اليونان يتغير ويتجه إلى الحداثة التي لم تستطع البلاد استيعابها على وجهها الحسن فكان قناع ( ميدوزا ) ممثلا لهذا التغيير والغرابة والحداثة والذي لايخبّئ تحته إلا الشر، حقيقة أخرى تأكدت صحتها وهي أن قناع ميدوزا يخفي وجها إنسانيا، وعُرف ذلك من الطريقة التي رسم بها وجهها في العصر قبل الكلاسيكي وحتى المرحلة الهيلينستية، فتحت القناع يكمن مايمكن أن نسميه ( جمال المأساة )، وجه ( ميدوزا ) هو مرآة تعكس مجموعة من صور العنف أو اللعنة المقدسة والموت، وتحوّلت كل الصور في نهاية الأمر إلى حجر ورغم ذلك يحتفظ قناع ( ميدوزا ) بالإجابة على سؤال .. ماسر العلاقة أو التشابه بين العنف / الشر وبين المرأة ممثلة في ( ميدوزا )، على نفس الخط هناك تشابه بين ( أثينا ) إلهة الحكمة وبين ( ميدوزا ) وتشابه بينها وبين الشمس رمز المثالية رغم أن كلاهما مصدر للجاذبية أو الاشتهاء ( في الأسطورة اشتهت ميدوزا الفتاة الجميلة رؤية الشمس وكانت تسكن مع شقيقتيها طرف العالم في منطقة لاترى الشمس فطلبت من أثينا أن تسمح لها برؤيتها فرفضت فأثارت غضب ميدوزا التي بررت رفض أثينا بالغيرة منها لأنها أجمل من أثينا حينها أصابت اللعنة ميدوزا فتحولت إلى إمرأة قبيحة شعرها أفاعٍ سامة )، أثينا تنقلب إلى إلهة شديدة الفتك بمن يغضبها، كذلك الشمس تحرق من يقترب منها، أشار إلى ذلك أفلاطون في جمهوريته - أسطورة الكهف، وبهذا تأخذ أسطورة ميدوزا بعدا آخر كما في بعض القصائد، فجعلها ( دو بيللاي ) رمزا للمثالية، وجعلها ( بودلير ) رمزا للجمال، وجعلها ( كوسماس بوليتيس ) رمزا للأنوثة، والبعض يرى أن رأس ( ميدوزا ) هو القربان - كرأس يوحنا ) لكل من يسعى إلى رضا أثينا، أما ( نيتشه ) فقد اعترف بحقيقة الموت الكامنة في الرغبة في المعرفة بأي ثمن .. الفيلسوف الباحث عن حقيقة الأمور يكتشف الهاوية المرعبة في عمق الحقيقة، والرجل الذي أشار إليه في كتابه ( Don Joan of knowlege ) كان مشلولا وكأنه أصيب بلعنة ( ميدوزا ) وهو نفسه الذي تحول إلى حجر في كتابه ( Down of day ) هو أيضا عاشق الحقيقة الذي تحول إلى عامود مقدس في مؤلف آخر لنيتشه، هو يؤمن بأنه من الضروري للفيلسوف أن يعيش داخل دائرة مغلقة من التجسيد أو التمثيل ليكتشف الحقيقة حتى وإن لم يؤمن بها، ويؤمن بأن الفكر العظيم يشبه رأس ( ميدوزا ) تبدو فيه ملامح العالم الصارمة وتفاصيل المعركة الباردة القاتلة .. ( شظايا مابعد الموت )


    الجدارية رسمها فنان الجرافيت الأمريكي Lango ، بشارع هايت بسان فرانسيسكو
يعمل...
X