إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعريف الترجمة:

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعريف الترجمة:

    تعريف الترجمة:

    سالم العيسى

    تعريف الترجمة: هي شرح وتفسير مايقوله ويكتبه الأخر، من لغة أخرى إلى لغة المتلقي أو المستمع. فهي بالنسبة للمترجم تفسير فكرة مصاغة من قبل غيره ضمن لغة أخرى، وليس عليه أن يفتش عن هذه الفكرة في أي مكان بل كل ما يترتب عليه أن ينقلها بلغة أخرى. وبعبارة أخرى فالفكرة لاتعود إلى المترجم بل إلى منشئ النص، وبهذا يمكن القول بأن الكلام في الترجمة يعود بنفس الوقت إلى المؤلف وإلى المترجم في آن واحد.‏

    إن موضوع الترجمة قريب من تحليل علم المعاني ونظرياته الترابطية، وهذا القسم من الدراسات اللغوية يصعب معالجته بالتفصيل عن طريق مدخل ثانوي. ولكن وجود متكلم بلغتين لديه الكفاءة التامة في الترجمة يمكنه صياغة جميع المقولات المتوافقة مع اللغة الثانية المُترجم منها.‏

    إن ظاهرة الترجمة، كانت ولازلت ملازمة لتاريخ الإنسان، لأن تعدد الشعوب والأقوام واختلاف اللغات التي برزت نتيجة المناخ -والبيئة- والغذاء والتناسل، أسهم في الحضارة الإنسانية وجعل ظاهرة الترجمة الأداة الوحيدة لسد حاجة التواصل بين البشر فرادى وجماعات وفي كل أنواع التبادل. وقبل القراءة والكتابة عن طريق الإيماء ثم استحضار مفرد الشيء أو مصغّره ومن ثم تصوير المطلوب إلى المخاطب من قبل المتكلم. وقد تدرج هذا التفاعل بين الشعوب البدائية حتى الوصول إلى الكتابة والقراءة. فالشعوب البدائية، مهما كانت منغلقة على نفسها لم تستطع إيقاف التواصل بأنواعه المختلفة، وخاصة على تخومها، وما يتولد عنه من اختلاط ناتج عن التجارة أو الحرب أو الاتصال الدبلوماسي أو الثقافي.‏

    وهذا التواصل غير المنظم، كان سائداً بين القبائل والشعوب المتجاورة ذات اللغات المختلفة بحكم الضرورة والمصلحة السائدة حينذاك، ويبدو الآن منطقياً أن يكون هذا النوع اللغوي في بدء التاريخ أكثر تعدداً منه في عصرنا، وذلك من جراء التقارب والتفاعل أو التوحيد اللغوي الناتج عن سيطرة بعض الشعوب أو الأقوام على غيرها، فتقوم الجماعات أو الأمم الكبيرة بحكم مصالحها بخلق أو إبداع صناعات أو وظائف ظرفية يؤديها بعض المبدعين أو الوسطاء الذين هم صلة التفاهم بين الوفود التجارية أو وفود الجيوش المتحاربة أو البعثات الدبلوماسية أو عمليات التجسس والاستعلام التي يقوم بها كل عنصر أو محارب للتعرف على أحوال قبيله أو عدوه.‏

    وهذه الظاهرة غنية عن التفسير والتحليل، لأن اختلاف اللهجات بين عناصر الأمة نفسها يجعل التفاهم والتواصل بينها بحاجة إلى وسطاء يعرفون أكثر من لهجة أو تفسير فيؤدون دور المترجم أو المفسر في اللغة نفسها. ولعل مانجدهُ من كثرة المترادفات في بعض اللغات، ومنها العربية على سبيل المثال، مصدره تعددْ لغات ولهجات القبائل في إطار اللغة الواحدة، وهذا التعدد كما نراه قد أخفاه التوحيد المتدرج منذ القديم الناتج عن الاندماج الذي جاء بعده التوحيد العقائدي عند الفتح الإسلامي، بالنسبة إلى اللغة العربية. مع العلم بأن لهجات القبائل العربية لاتكاد تحصى حتى أن القرآن الكريم نفسه يحتوي على قراءات لها علاقة بهذه اللهجات، رغم غلبة لهجة قريش فيه على جميع اللهجات.‏

    اختلاف اللغات:‏

    يمكن تلخيص اختلاف اللغات إلى نوعين: اختلاف جذري واختلاف متتالٍ.‏

    -الاختلاف الجذري بين لغتين، ينشأ في ظروف وأصقاع مختلفة، وبسبب اختلاف الأجناس اللغوي، كما هو حصيلة تاريخية طويلة المدى ومرجعها الأساسي هو تكوّن هذه اللغات في عزلة عن لغات الجوار، ولعلّ بعد المسافات وبطء الانتقال وقلة القبائل أو الجماعات في بداية التاريخ هي السبب في هذا التعدد، غير أن العامل الأساسي في هذا التعدد هو الأصل والجنس والعامل السياسي، لأنها الأكثر تمثيلاً لسيطرة لغة الغالب.‏

    -الاختلاف المتتالي أو التالي: إن أفضل تعريف يمكن أن ينطبق عليه، هو تباعد شعبين من أمة واحدة تباعداً مناخياً أو زمنياً أدى إلى تحول اختلاف اللهجة ثمّ إلى انفصال لغوي كامل، حيث يزول التفاهم لعدم انطباق كامل مفردات اللغة، خاصة إذا صاحب الانفصال ظاهرة جديدة ومترافقة تخلّلها امتزاج اللهجة بلغة مجاورة لها لهجة مختلفة ممّا يؤدي إلى موت اللغة الأم بعد انفصال هذا الشعب عن شعوب أمته مدة زمنية طويلة الأمد. ولعلّ أحسن مثال على ذلك هو موت اللغة اللاتينية في أواخر القرون الوسطى بفعل تولد اللغات اللاتينية المتفرعة عنها مثل (الفرنسية -الإسبانية- البرتغالية -الخ...) وذلك بعد تقهقر الامبراطورية الرومانية وأثر الهجمات البربرية في أوروبا.‏

    نظراً لمرور أجيال عديدة في تاريخ شعوب هذا الكون، يصعب علينا معرفة تكوّن اللغات الخالصة البريئة من كل تعدد في الأصل، لأن اللغات الصافية لايمكن اعتبارها الآن إلاّ مجرد فرضية نظرية يمكن وضعها لفهم وتحليل كنه اللغات المزيجة أو بالمقابل لدراسة وتعليل إرجاع اللغات المتوفرة لدينا إلى أصل ما من مجمل اللغات القديمة. ولعلها لغات مزيجة من لغات حية ومعمول بها حتى الآن أو قديمة نجهل عناصرها الأصلية. فإذا مااستعرضنا تكوّن اللغات يمكن التجرؤ بالزعم بأن اللغات الصافية لاوجود لها، بل هي لغات كانت تامة لشعوب أو أجناس محددة ثم أصبحت أجزاء لغوية لشعوب متجاورة لأزمنة محددة، ثم صارت لغة واحدة على المستوى الفونولوجي والمعجمي كمادة، وعلى المستوى التأليفي والإعرابي كصورة، وذلك بفعل سيطرة امبراطورية أو دولة قوية على مجتمعات أو شعوب أخرى.‏

    الفرضية الثانية هذه تبدو أقرب إلى الحقيقة التاريخية البعيدة والقريبة ويمكن أن نقدم مثلاً على ذلك، ماحدث عند الفتح الإسلامي وما كان حادثاً في الشرق العربي القديم، وماهو حادث الآن بين لهجات شعوب الأمة العربية مما يفيد بأن الأصل كان متعدد اللهجات وأن ظاهرة الوحدة اللغوية هي التالية أي اللاحقة. بحيث أن اللغة الواحدة مع مرور الزمن، منها سيطرة الاقتصاد واللغة -الثقافة - أو التفاعلات المتنوعة الأخرى قد انصبّ عليها لهجات متعددة أو لغة وسيطة تحولت جميعها إلى مايشبه التنوعات في اللغة الأم. وهذا مايجعل ظاهرة الترجمة داخل كل لغة أساسية في دورها التكويني على المستوى اللغوي وهي في الوقت نفسه تحاكي الظاهرة الكونية التي تستدعي الترجمة بين اللغات المختلفة في دورها على المستوى الفكري.‏

    وبنتيجة ذلك يمكن القول إن ظاهرة الترجمة مترافقة دوماً مع التواصل اللغوي إما ضمن لهجات نفس اللغة أو بين لهجات لغات متباعدة. وهاتان الظاهرتان على المستوى اللغوي والفكري أصبحتا قابلتين للتوحيد ولو فرضياً. ومنه نصل إلى نتيجة مماثلة بأن نعتبر أصل جميع اللغات هي لهجات الشعوب المتقاربة التي خضعت لامبراطورية واحدة وحدّتها سياسياً قبل اكتمال لغاتها الخاصة، فأصبحت المنبع الذي تولدت منه اللغات التي نعتبرها الآن صافية.‏

    ومن هنا نجد أن وحدة اللغة، مثل وحدة الجنس، هي حصيلة تاريخية وليست منطلقاً للتاريخ، أي ليست بداية، لأن اللغات الرسمية أو الواسعة الانتشار تسيطر بالتدريج حيث تصل مع طول الزمن إلى إزالة تعدد اللغات في أمتها، وهذا مانلاحظه خاصة في شعوب أفريقيا السوداء بحكم سيطرة لغة الاستعمار الافرنسي والانكليزي، التي تكاد أن تقتل اللغات القبلية. وكما يحدث أيضاً في الهند والاتحاد الروسي (بالنسبة إلى الانكليزية والروسية.‏

    هناك بالمقابل حالات قليلة تبدو فيها وحدة اللغة والجنس حاصلة ومتعمقة كما هي الحال في الصين واليابان بفضل الكتابة التي كانت ولاتزال هي وحدة التواصل الفريدة التي حافظ الصينيون خاصة عليها رغم تخلفها.‏

    ماهي الترجمة من حيث المضمون‏

    الترجمة هي بنت الحضارة ورفيقتها الدائمة عبر الزمان والمكان، إنها النافذة التي تفتحها الشعوب المختلفة لتستنير بنور غيرها، ولقد عرفها العرب منذ القديم، كما عرفها سائر الشعوب. لقد عرف العرب التواصل في زمن الجاهلية، مع المحيط المجاور ومع اليونان والصين والهند، ولكن بشكل محدود، كما نقل الغرب بدوره عن العرب في الماضي وخاصة في زمن الصليبيين ثمار الحضارة العربية، كما نقل العباسيون بدورهم عن الفرس واليونان والهند وغيرهم.‏

    تعتبر الترجمة اليوم من أهم روافد الثقافة، وقد أحرزت انتشاراً واسعاً ومتنوعاً وأوجبت الضرورات القيام بها ومتابعتها، مما أفقدنا القدرة على التمييز بين مصادر الصور الغنية التي تضمنتها من صور: فكرية- أدبية -فنية -وعلمية قد اتسعت لها أذهاننا. إن حضور الترجمة المتواصل منذ القدم والمتعدد المراكز والجهات وأيضاً اللغات يفرض أن يكون له أسباب ومستلزمات ثابتة. أهمها:‏

    1-باعث الترجمة 2-تاريخ وتطور الترجمة 3-الترجمة وتطور اللغات.‏
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

  • #2
    تعريف الترجمة:

    تعريف الترجمة:

    سالم العيسى

    تعريف الترجمة: هي شرح وتفسير مايقوله ويكتبه الأخر، من لغة أخرى إلى لغة المتلقي أو المستمع. فهي بالنسبة للمترجم تفسير فكرة مصاغة من قبل غيره ضمن لغة أخرى، وليس عليه أن يفتش عن هذه الفكرة في أي مكان بل كل ما يترتب عليه أن ينقلها بلغة أخرى. وبعبارة أخرى فالفكرة لاتعود إلى المترجم بل إلى منشئ النص، وبهذا يمكن القول بأن الكلام في الترجمة يعود بنفس الوقت إلى المؤلف وإلى المترجم في آن واحد.‏

    إن موضوع الترجمة قريب من تحليل علم المعاني ونظرياته الترابطية، وهذا القسم من الدراسات اللغوية يصعب معالجته بالتفصيل عن طريق مدخل ثانوي. ولكن وجود متكلم بلغتين لديه الكفاءة التامة في الترجمة يمكنه صياغة جميع المقولات المتوافقة مع اللغة الثانية المُترجم منها.‏

    إن ظاهرة الترجمة، كانت ولازلت ملازمة لتاريخ الإنسان، لأن تعدد الشعوب والأقوام واختلاف اللغات التي برزت نتيجة المناخ -والبيئة- والغذاء والتناسل، أسهم في الحضارة الإنسانية وجعل ظاهرة الترجمة الأداة الوحيدة لسد حاجة التواصل بين البشر فرادى وجماعات وفي كل أنواع التبادل. وقبل القراءة والكتابة عن طريق الإيماء ثم استحضار مفرد الشيء أو مصغّره ومن ثم تصوير المطلوب إلى المخاطب من قبل المتكلم. وقد تدرج هذا التفاعل بين الشعوب البدائية حتى الوصول إلى الكتابة والقراءة. فالشعوب البدائية، مهما كانت منغلقة على نفسها لم تستطع إيقاف التواصل بأنواعه المختلفة، وخاصة على تخومها، وما يتولد عنه من اختلاط ناتج عن التجارة أو الحرب أو الاتصال الدبلوماسي أو الثقافي.‏

    وهذا التواصل غير المنظم، كان سائداً بين القبائل والشعوب المتجاورة ذات اللغات المختلفة بحكم الضرورة والمصلحة السائدة حينذاك، ويبدو الآن منطقياً أن يكون هذا النوع اللغوي في بدء التاريخ أكثر تعدداً منه في عصرنا، وذلك من جراء التقارب والتفاعل أو التوحيد اللغوي الناتج عن سيطرة بعض الشعوب أو الأقوام على غيرها، فتقوم الجماعات أو الأمم الكبيرة بحكم مصالحها بخلق أو إبداع صناعات أو وظائف ظرفية يؤديها بعض المبدعين أو الوسطاء الذين هم صلة التفاهم بين الوفود التجارية أو وفود الجيوش المتحاربة أو البعثات الدبلوماسية أو عمليات التجسس والاستعلام التي يقوم بها كل عنصر أو محارب للتعرف على أحوال قبيله أو عدوه.‏

    وهذه الظاهرة غنية عن التفسير والتحليل، لأن اختلاف اللهجات بين عناصر الأمة نفسها يجعل التفاهم والتواصل بينها بحاجة إلى وسطاء يعرفون أكثر من لهجة أو تفسير فيؤدون دور المترجم أو المفسر في اللغة نفسها. ولعل مانجدهُ من كثرة المترادفات في بعض اللغات، ومنها العربية على سبيل المثال، مصدره تعددْ لغات ولهجات القبائل في إطار اللغة الواحدة، وهذا التعدد كما نراه قد أخفاه التوحيد المتدرج منذ القديم الناتج عن الاندماج الذي جاء بعده التوحيد العقائدي عند الفتح الإسلامي، بالنسبة إلى اللغة العربية. مع العلم بأن لهجات القبائل العربية لاتكاد تحصى حتى أن القرآن الكريم نفسه يحتوي على قراءات لها علاقة بهذه اللهجات، رغم غلبة لهجة قريش فيه على جميع اللهجات.‏

    اختلاف اللغات:‏

    يمكن تلخيص اختلاف اللغات إلى نوعين: اختلاف جذري واختلاف متتالٍ.‏

    -الاختلاف الجذري بين لغتين، ينشأ في ظروف وأصقاع مختلفة، وبسبب اختلاف الأجناس اللغوي، كما هو حصيلة تاريخية طويلة المدى ومرجعها الأساسي هو تكوّن هذه اللغات في عزلة عن لغات الجوار، ولعلّ بعد المسافات وبطء الانتقال وقلة القبائل أو الجماعات في بداية التاريخ هي السبب في هذا التعدد، غير أن العامل الأساسي في هذا التعدد هو الأصل والجنس والعامل السياسي، لأنها الأكثر تمثيلاً لسيطرة لغة الغالب.‏

    -الاختلاف المتتالي أو التالي: إن أفضل تعريف يمكن أن ينطبق عليه، هو تباعد شعبين من أمة واحدة تباعداً مناخياً أو زمنياً أدى إلى تحول اختلاف اللهجة ثمّ إلى انفصال لغوي كامل، حيث يزول التفاهم لعدم انطباق كامل مفردات اللغة، خاصة إذا صاحب الانفصال ظاهرة جديدة ومترافقة تخلّلها امتزاج اللهجة بلغة مجاورة لها لهجة مختلفة ممّا يؤدي إلى موت اللغة الأم بعد انفصال هذا الشعب عن شعوب أمته مدة زمنية طويلة الأمد. ولعلّ أحسن مثال على ذلك هو موت اللغة اللاتينية في أواخر القرون الوسطى بفعل تولد اللغات اللاتينية المتفرعة عنها مثل (الفرنسية -الإسبانية- البرتغالية -الخ...) وذلك بعد تقهقر الامبراطورية الرومانية وأثر الهجمات البربرية في أوروبا.‏

    نظراً لمرور أجيال عديدة في تاريخ شعوب هذا الكون، يصعب علينا معرفة تكوّن اللغات الخالصة البريئة من كل تعدد في الأصل، لأن اللغات الصافية لايمكن اعتبارها الآن إلاّ مجرد فرضية نظرية يمكن وضعها لفهم وتحليل كنه اللغات المزيجة أو بالمقابل لدراسة وتعليل إرجاع اللغات المتوفرة لدينا إلى أصل ما من مجمل اللغات القديمة. ولعلها لغات مزيجة من لغات حية ومعمول بها حتى الآن أو قديمة نجهل عناصرها الأصلية. فإذا مااستعرضنا تكوّن اللغات يمكن التجرؤ بالزعم بأن اللغات الصافية لاوجود لها، بل هي لغات كانت تامة لشعوب أو أجناس محددة ثم أصبحت أجزاء لغوية لشعوب متجاورة لأزمنة محددة، ثم صارت لغة واحدة على المستوى الفونولوجي والمعجمي كمادة، وعلى المستوى التأليفي والإعرابي كصورة، وذلك بفعل سيطرة امبراطورية أو دولة قوية على مجتمعات أو شعوب أخرى.‏

    الفرضية الثانية هذه تبدو أقرب إلى الحقيقة التاريخية البعيدة والقريبة ويمكن أن نقدم مثلاً على ذلك، ماحدث عند الفتح الإسلامي وما كان حادثاً في الشرق العربي القديم، وماهو حادث الآن بين لهجات شعوب الأمة العربية مما يفيد بأن الأصل كان متعدد اللهجات وأن ظاهرة الوحدة اللغوية هي التالية أي اللاحقة. بحيث أن اللغة الواحدة مع مرور الزمن، منها سيطرة الاقتصاد واللغة -الثقافة - أو التفاعلات المتنوعة الأخرى قد انصبّ عليها لهجات متعددة أو لغة وسيطة تحولت جميعها إلى مايشبه التنوعات في اللغة الأم. وهذا مايجعل ظاهرة الترجمة داخل كل لغة أساسية في دورها التكويني على المستوى اللغوي وهي في الوقت نفسه تحاكي الظاهرة الكونية التي تستدعي الترجمة بين اللغات المختلفة في دورها على المستوى الفكري.‏

    وبنتيجة ذلك يمكن القول إن ظاهرة الترجمة مترافقة دوماً مع التواصل اللغوي إما ضمن لهجات نفس اللغة أو بين لهجات لغات متباعدة. وهاتان الظاهرتان على المستوى اللغوي والفكري أصبحتا قابلتين للتوحيد ولو فرضياً. ومنه نصل إلى نتيجة مماثلة بأن نعتبر أصل جميع اللغات هي لهجات الشعوب المتقاربة التي خضعت لامبراطورية واحدة وحدّتها سياسياً قبل اكتمال لغاتها الخاصة، فأصبحت المنبع الذي تولدت منه اللغات التي نعتبرها الآن صافية.‏

    ومن هنا نجد أن وحدة اللغة، مثل وحدة الجنس، هي حصيلة تاريخية وليست منطلقاً للتاريخ، أي ليست بداية، لأن اللغات الرسمية أو الواسعة الانتشار تسيطر بالتدريج حيث تصل مع طول الزمن إلى إزالة تعدد اللغات في أمتها، وهذا مانلاحظه خاصة في شعوب أفريقيا السوداء بحكم سيطرة لغة الاستعمار الافرنسي والانكليزي، التي تكاد أن تقتل اللغات القبلية. وكما يحدث أيضاً في الهند والاتحاد الروسي (بالنسبة إلى الانكليزية والروسية.‏

    هناك بالمقابل حالات قليلة تبدو فيها وحدة اللغة والجنس حاصلة ومتعمقة كما هي الحال في الصين واليابان بفضل الكتابة التي كانت ولاتزال هي وحدة التواصل الفريدة التي حافظ الصينيون خاصة عليها رغم تخلفها.‏

    ماهي الترجمة من حيث المضمون‏

    الترجمة هي بنت الحضارة ورفيقتها الدائمة عبر الزمان والمكان، إنها النافذة التي تفتحها الشعوب المختلفة لتستنير بنور غيرها، ولقد عرفها العرب منذ القديم، كما عرفها سائر الشعوب. لقد عرف العرب التواصل في زمن الجاهلية، مع المحيط المجاور ومع اليونان والصين والهند، ولكن بشكل محدود، كما نقل الغرب بدوره عن العرب في الماضي وخاصة في زمن الصليبيين ثمار الحضارة العربية، كما نقل العباسيون بدورهم عن الفرس واليونان والهند وغيرهم.‏

    تعتبر الترجمة اليوم من أهم روافد الثقافة، وقد أحرزت انتشاراً واسعاً ومتنوعاً وأوجبت الضرورات القيام بها ومتابعتها، مما أفقدنا القدرة على التمييز بين مصادر الصور الغنية التي تضمنتها من صور: فكرية- أدبية -فنية -وعلمية قد اتسعت لها أذهاننا. إن حضور الترجمة المتواصل منذ القدم والمتعدد المراكز والجهات وأيضاً اللغات يفرض أن يكون له أسباب ومستلزمات ثابتة. أهمها:‏

    1-باعث الترجمة 2-تاريخ وتطور الترجمة 3-الترجمة وتطور اللغات.‏
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق

    يعمل...
    X