تويت
غسان ونوس: منبع الأجناس الأدبية واحد لكن قوامها مختلف
دمشق - سانا
تقرير: محمد الخضر
تميزت كتابات الأديب غسان كامل ونوس بالواقعية الشفافة بأسلوبها السهل الممتنع والذي تناول من خلاله أغلب القضايا الإنسانية عبر مختلف أنواع الأجناس الأدبية من شعر إلى قصة ورواية ومقال وغير ذلك.
وعن تنوع القوالب الأدبية التي يكتبها قال ونوس في حديث لوكالة سانا:" المنبع واحد الأفكار والأحاسيس والمشاعر والانطباعات المتولدة عن مشاهد وأحداث لكن قوامها مختلف كثافة أو سلاسة تواصلا أو تقطعا كتامة أو شفافية حماسة أو هدوءا راهنية أو امتدادا في الزمان والمكان موضحا أنه ليس من شيء مفروض من الخارج بل ينطلق من داخل الحال إلى أدوات الإظهار وشروطه وأسسه التي تدخل فيها إمكانيات الذات ومرونة التفاعل والخبرة وقابلية التشكل بلا تشبث مرضي أو تفلت أعمى أو عناد أحمق".
وأضاف ونوس:" أنه من المعروف في بيادر النقد الآن أكثر من أي وقت مضى أن هناك تداخلا بين الأجناس الأدبية وليس من قطع فيما بينها وهذا التحرك الانفعالي غير المفتعل يمكن أن يكون مجرى يصلح موئلا للإبداع ومسرى بأكثر من شكل أو يجمع ملامح أكثر من جنس أدبي وقد يكون جديدا ولا يشكك هذا في شرعيته بل يفترض أن يحتفى باكتشافه".
أما موضوعاته ومواقفه الأدبية والفكرية التي تدل على وجود الإنسان النبيل بشكل كبير وتنشد الخير دائما من خلاله فراى ونوس ان في الكائن البشري خيرا وشرا وتختلف النسبة بين شخص وآخر حيث لا يعتقد أن هناك إنسانا خيرا صرفا إذ يسمو حينئذ ليكون ملاكا ولا شريرا خالصا فيسقط عن أن يكون عاقلا.. والأدب نزوع مطرد إلى الخير ونشدانه وتحفيز عليه وسعي وتطلع وأمل.
ولفت الأديب السوري إلى أن الإبداع تعبير عن حال إنسانية "معاناة وأسى ورغبة وحيرة" وفيه تألم أو شكوى ومن الطبيعي أن ينشغل به أو يعني من يحس ويشعر ويعي ويتأثر ويقدر ويعمل على تغيير المنكر ولو بأضعف الإيمان ومن غير الإنسان النبيل أو الخير يمكن أن يعول عليه في ذلك مشيرا إلى إن هذا الإنسان يمكن أن يكون في أي زمان أو مكان وفي النهاية أنت تنفث ما ينغصك ويدميك ويخفف عنك في محاولة لإراحة النفس أولا ولتعبر عن احتراقك إشعاعات هذا الاكتواء أو ذبذباته ستخرج في كل اتجاه حين تجد من يتلقى وهي واجدته حتما ستتكاثف بأي شكل ومعنى وصدى وتتوقف النتائج على فعالية المستقبل ونسبته وأثره في البيئة وقدرته على التفاعل والتغير والفعل.
وعن اعتماد القصة لديه على تناول القضايا الإنسانية باعتبار ان لها حبكتها الخاصة مع خواتيم مثيرة اوضح ونوس انه لا يأتي نص إبداعي من فراغ ولا قيمة له إن ساد في هلام ولا بد للكتابة الإبداعية من معين فياض ومن الطبيعي أن تكون القضايا الإنسانية في البال بعد أن يتقرى الوعي ويتشرب ما وراء الوعي وتستشعر الحواس انعكاسات الوقائع والأحداث وما خلفها وما يليها إضافة إلى ما يعتمل في النفس من أفكار وما يعتلج فيها من رغبات وأمنيات وما يطوف فيها من خيالات وأوهام ثم تدخل في تشكلها إمكانيات الكاتب وأدواته وخبرته في صياغات القصة وما يمكن أن يضيف إليه من تجديد أو تحولات أو رؤى فنية.
وبين عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب أن الأسلوب يختلف بين قاص وآخر أو تتنوع المقاربة بين كاتب وآخر بين نص وآخر للكاتب نفسه ولا بد من مراعاة البيئة وعلاقاتها المزمنة أو المستجدة موضحا أنه من الممكن أن يقدم الأديب رؤءيته وقناعته عبر شخوصه في الرواية وسواها وذلك في جميع المواضيع بما فيها التابوهات الدين والجنس التي قد يكون مفيدا أن تطرح ضمن الأدب.
وعن الأجناس الأدبية التي يراها ونوس الاوفر حظا في هذا الزمن قال.. ان الشعر ديوان العرب فكرة قيلت منذ زمن بعيد واستمرت طويلا لكن الآن تسود مقولة بأن الرواية هي صاحبة السطوة والحظوة وربما يعود السبب أن هناك من يرغب بالاطلاع الأوسع على تجارب معيشة وحيوات ممكنة أو متصورة والوصول إلى نهايات تؤءمنها الرواية وقد يفتقدها بشكل متكامل في الحياة أو في حيزه على الأقل ولا تشبعها القصة القصيرة التي تتناول شرائح أو شزرات أو عناصر أو مواقف منفردة وفي أزمنة محدودة ولا يستطيع الشعر بانفعاله الحماسي أو هدوئه المشحون أن يوقفها على متكآت ثابتة أو مضمونة أو ممكنة التفهم والتموضع.
وأضاف ونوس أن لكل جنس أدبي حظوته في مكان ما وزمان ما فكما يمكن أن يكون للشعر الحماسي دوره وأهميته في الحروب والمواجهات المباشرة وللشعر الرومانسي حضوره وصداه في زمن الرخاء وللشعر العميق المشحون بانفعالات مؤءسية وانتثارات مضيئة أثره في مختلف الأوقات يمكن للقصة القصيرة أن تتلقى من قبل قرائها والمهتمين بها في الكثير من الأحيان وللرواية هواتها ومتابعوها في هذا الزمن أو ذاك و يجب أن تتزامن الأجناس الأدبية بحضورها وانتشارها والأمر يتعلق بثقافات وظروف وتربية وتطورات وسياقات. تتعدد الأسباب وتتنوع وتتشعب وتتفرع انعكاساتها وظلالها ومرتسماتها في هذا الميدان أو ذاك.