إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رواية «شمس تشرق مرتين» لــ زينب عفيفي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رواية «شمس تشرق مرتين» لــ زينب عفيفي

    زينب عفيفي في روايتها «شمس تشرق مرتين»

    الثورة خلاصاً...





    محمد أحمد محمد
    تكتنز رواية “شمس تشرق مرتين” للكاتبة الصحفية “زينب عفيفي” الصادرة عن مكتبة الدار العربية للكتاب بمعان إنسانية وبشرية كثيرة، فهي تغوص وراء المشاعر المخبوءة والمسكوت عنها والتي تتخفى وتضيع، ويتراكم عليها التراب وسط صراعات الحياة، ومحاولات النجاح المادي، لكننا في قلب هذا النجاح، نكتشف أننا فقدنا أشياء عزيزةً على أنفسنا، لا يمكن شراؤها بالمال، لو حتى بملايين الدنيا كلها.
    التحقق بالحب والثورة، ذلك هو الخط الدرامي الذي يضم أحداث الرواية الصادرة في 12 فصلًا و115 صفحة من القطع المتوسط، ويكسبها عمقها ومعناها الإنساني العام، فالبطلة الرئيسية في العمل “شمس” تمتلئ حياتها بكل الكماليات، زوجة لرجل أعمال ناجح، الصفقات والشيكات هي أساس وجوده، ولا ينقصها شيء، أو لا تعرف أنها ينقصها شيء. هي مستقرة كأم لفتاة على وشْك الزواج، لديها الخادمة والمال والسيارة، سعيدة بحياتها وبابنتها، لكنها فجأة، تجد نفسها وعلى غير توقع أمام حبها القديم “صلاح” لتكتشف عندها، أن اللحن الضائع والخيط الرفيع الذي يعكِّر صفو سعادتها، هو الحب الذي استبدلته بالراحة المادية، فهل يصلح الحب بعد هذا العمر علاجا للمشكلة، “وهل ما كان ممكنا في الماضي، يصبح ممكنًا في الحاضر”؟
    تقول البطلة “شمس” .. “ أريد أن يخبرني أحد، هل أنا واقعة في الحب أم أنني في حالة فقدان شديد للحنان » .





    تلك المشكلة الوجودية، لا يأتي حلها إلَّا عبر تضحيات كثيرة وكبيرة، لا تستطيعها شمس، ولا يستطيعها الطرف الآخر “صلاح” أما الزوج فمشكلته هينة، حسب وصف البطلة له: “أما محمود فلا أحمل همه .. سفرياته المتعددة جعلت غيابه وحضوره متساويين”. نحن هنا أمام مشكلة رباعية، أمام عاشقين قديمين، وزوج لا يعلم هو زوج شمس، وزوجة لا تعلم أيضا هي زوجة صلاح، وأمام تعقد الأمر، يأتي الحل الإلهي عبر ثورة 25 يناير في ميدان التحرير، حيث ينسى الجميع همومه ويستغرق في هموم الوطن، تختفي الذات الفردية وتصعد ذات المجموع، تجد شمس حلًّا لمشكلتها الذاتية، في قلب المد الثوري، والفنان المحبط صلاح، الموظف في قطاع الفنون، يعثر على خيط حياته وفنه المفقود، بالرسم في قلب الميدان، مع الأطفال والشباب، ليقرر البطلان استكمال حياتهما معا، لكن القدر يتدخل مرة أخرى، ويفارق صلاح الحياة، تنتصر الرواية من حيث لا تدري لفكرة الاستقرار، وتنتهي علاقة الحب، وتنتصر الثورة، ويبقى منهما معنى محاولة العثور على معنى لحياتنا، حيث سوف نذهب جميعا، ويبقى ما صنعناه يدل علينا :
    “مات الفنان وعاشت ألوانه، التي امتزجت بألوان الطيف يوما وتسربت من نافذة مرسمه إلى روحي، فأعادت إليها الحياة، وستظل شمس التحرير تشرق إلى أن تتحقق كل الأحلام، فلن تكون هناك أحلام مؤجلة بعد اليوم » .
    هذا المقطع في ختام الرواية، يأتي كغناء البجعة في لحظتها الأخيرة، ويمثل طرف القوس الآخر الذي يتصادى مع الإهداء الذي تقول فيه المؤلفة: “إلى الشمس التي لا تظلم في ناحية إلَّا وتضيء في ناحية أخرى”، فلا ظلام دائم ولا ضياء كذلك، دورة تتبدل فيها الأحوال.
    بالإضافة إلى تلك البنية الدائرية، تظل هناك أنهار صغيرة تغني عالم الرواية، تتمثل في التناقضات الصغيرة التي تصب في النهر الكبير. نحن أمام رواية لا يمكن الوقوف أمام سطح أحداثها، التي رغم بساطتها وانسيابها السردي تحفر وراء المشاعر الإنسانية المتجددة، والتبدلات البشرية، نجحت كاتبتها في التقاط لحظتها المناسبة لتكشف عن مخبوء النفوس البشرية برقي وبساطة، اتسم الوصف فيها أحيانا بالشاعرية واللغة المقتصدة التي توحي ولا تصرِّح، ما منح مناخ السرد حيوية وروحا وثابة تربط القارئ بالزمن الروائي .
يعمل...
X