إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سـلمى الحفـارالكزبـري الثائرة والمتمردة فـي ذكـرى رحيـلها..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سـلمى الحفـارالكزبـري الثائرة والمتمردة فـي ذكـرى رحيـلها..


    فـي ذكـرى رحيـلها..
    سـلمى الحفـارالكزبـري
    الثائرة والمتمردة


    ولدت في دمشق عام 1923 في بيت اشتُهر بالسياسة والوطنية والعلم، فوالدها لطفي الحفار كان أحد أقطاب الكتلة الوطنية في سورية أيام الانتداب الفرنسي وبعد الاستقلال، ونائباً في البرلمان السوري لعدة دورات، ووزيراً للمالية والداخلية، ورئيساً للوزراء عام 1939، وكانت طفلة حين كانت تلتقي مع أقطاب النضال ضد الاستعمار أمثال: فارس الخوري، سعد الله الجابري، جميل مردم، وكانت لديها أفكار، وأحلام عريضة، والكثير من التمرّد حين أصبحت شابة، لذلك كانت ثائرة ضد الانفصال في الحياة الاجتماعية الدمشقية بين الرجل والمرأة، وهذا ما جعلها تتناول هذا الموضوع في أول مقال تنشره بعنوان: "كيف يجب أن نستفيد من الزمن"، وهي في سن السادسة عشرة في مجلة "الأحد" التي كان يصدرها ايليا شاغوري بدمشق، وجريدة "أصداء سورية" التي كانت تصدر بالفرنسية، أما في سن السابعة عشرة فقد انتحلت اسم هالة لتكتب يومياتها لنفسها وليس للنشر، وبعد ثلاثة أشهر من كتابة نصف المذكرات اتُهم والدها مع الجابري ومردم بك بمقتل د. عبد الرحمن الشهبندر، ولأن هذا الاتهام كان مؤامرة من الانتداب الفرنسي ضد الزعماء الوطنيين، التجأ والدها إلى العراق سنة 1941، وفي تلك الأثناء كانت الكزبري تراسل والدها إلى أن عاد من بغداد سنة 1943 ليصبح وزيراً للداخلية، وعندما شاهد هذه المذكرات أخذ ما كتبته إلى بدوي الجبل ليقرأه، فقال حينها مخاطباً الكزبري: "ستحل محل مي زيادة"، وقد أصدرته تحت عنوان: "يوميات هالة" عام 1950.

    ألحقت الكزبري كتابها هذا بكتاب آخر هو "عنبر ورماد"، وقد اعتبره البعض تكملة لـ "يوميات هالة"، في حين أكدت هي في أكثر من حوار أنه ليس كذلك، وهو يضم ذكرياتها ابتداء من مولدها: (ماذا قالوا لها عن طفولتها، عن أبيها، ومنفاه، ولمحة من قصة اغتيال الشهبندر) .

    وصية مي زيادة

    كتبت الكزبري في معظم الفنون الأدبية، فتنوعت كتاباتها ما بين القصة القصيرة والرواية والسيرة والشعر والمقالة، وقامت بجمع رسائل جبران خليل جبران التي كتبها إلى مي زيادة، ونشرتها بعنوان: "الشعلة الزرقاء" عام 1979 الذي ترجم إلى 12 لغة، وبات مرجعاً لكل من يريد أن يدرس جبران ومي، أو"رسائل مي زيادة إلى أعلام عصرها" عام 1982، في حين جمعت مقالاتها في كتاب "الحب بعد الخمسين"، كما أصدرت كتاباً بعنوان: "لطفي الحفار-مذكراته وحياته وعصره"، وهو سيرة حياة والدها، ولها في السيرة الذاتية إلى جانب "عنبر ورماد" عام 1970 "نساء متفوقات" عام 1961، و"جورج صاند" عام 1979، و"مي زيادة"، أو "مأساة النبوغ" عام 1987، وفي كتابها عن مي زيادة ألقت الضوء على كلّ الثغرات المحيطة بحياتها ونشأتها وموهبتها، وجمعت كل خطاباتها المنشورة وغير المنشورة ونشرتها في لبنان، وجعلتها ملحقاً لكتاب يجمع مقالاتها ومحاضراتها، وأصدرته بعنوان "كلمات وإشارات"، نزولاً عند رغبتها في وصيتها التي عثرت عليها في مصر، والتي كانت تطلب فيها أن يُجمَع ما لم يُنشَر من أعمالها الأدبية، فعلمت الكزبري بوصيتها، وجمعت أعمالها في هذا الكتاب، وشاءت الظروف أن تبحث الكزبري عن كلّ أوراقها الضائعة والوثائق، فاستغرق منها العمل على الكتاب وقتاً طويلاً، وجهداً كبيراً بذلته على مدى 16 عاماً، وقد كان هذا الكتاب الأساس لمنحها جائزة الملك فيصل للأدب العربي لعام 1995، وفي بحثها هذا لم تعثر فقط على الأوراق الضائعة التي تتعلق بمجرى حياة زيادة وأعمالها وإنتاجها، بل عثرت على رسائل متعددة لها أهمية وثائقية كانت تتبادلها مع أعلام النهضة أمثال عباس محمود العقاد، كما عثرت على رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة.

    أما كتابها "الحب بعد الخمسين" فيقع ضمن إطار أدب السيرة الذاتية، لكنه ليس تتمة لكتابها "عنبر ورماد" الذي يشمل أدوار حياتها منذ الولادة وحتى 1955، والكتاب عبارة عن لوحات للحب والحرب والهجرة (حرب لبنان المفجعة)، وهي تصوير واقعي لأحداث عاشتها أثناء وجودها في لبنان.

    البرتقال المر

    في روايتها "البرتقال المر" التي يعتبرها البعض من أجمل ما كتبت الكزبري، قالت فيها بصراحة ما يعتلج في خاطرها ويحزّ في نفسها: "إننا نحن العرب متخلّفون عن الركب الحضاري، ساهون عن مسؤولياتنا، منقسمون منذ أن حققنا الاستقلال لانشغالنا بالأيديولوجيات السلبية والنزاعات الداخلية، وإننا نهرب من مواجهة الواقع وقلق شبابنا، وهم يهيمون في ضياع خطر نحن مسؤولون عنه"، وقالت أيضاً: "إن قضيتنا الكبرى، القضية الفلسطينية، عولجت منذ سنة 1948 معالجة مرتجلة سطحية، وآن الأوان، لاسيما بعد حرب تشرين التحريرية، أن نقوّم الاعوجاج ونتيقّظ، رجالاً ونساء، ونخلق الإنسان العربي الجديد، والفكر العربي الجديد، وأن نتوحّد ونتحاب، وننصرف إلى الجد والعمل والعلم لكي نواكب العصر، فبغير هذا لن يُكتَب لنا النصر، ولن نستعيد مكانتنا الكريمة بين الأمم".

    قصة حب مزمنة

    قصتها مع الشعر قصة حب مزمنة، حب ملَكَ عليها قلبها وفكرها، فهي كتبته باللغة الفرنسية في سن الثالثة عشرة من عمرها، فنشرت ثلاثة دواوين باللغة الفرنسية: الأول يحمل عنوان "الوردة المنفردة" عام 1957، والثاني "نفحات الأمس" الذي يضم شعراً وجدانياً وقومياً، و"بَوحي"، وديواناً واحداً باللغة الاسبانية عنوانه "عشية الرحيل"، ولشعرها تراجم للاسبانية والبرتغالية، أما عن الشعر العربي فتؤكد في أحد حواراتها بأنها تهواه وتنشده بمتعة فائقة، وهي تقرأ وتحفظ الكثير منه، ولاسيما الشعر الإبداعي الذي لا مثيل له كالشعر الجاهلي والعباسي والأندلسي، أما الشعر الحديث فبعضه برأيها معبّر عن معاناة صادقة، وأكثره هراء.

    كما كانت الكزبري ترى أن الشعر لغة سماوية في سائر اللغات، لا يُترجَم إلى لغة غير لغته التي نزل بها، وإذا تُرجِم بقلم شاعر من قوم آخر فهو يفقد الكثير من خصائصه.

    علاقتها مع نزار قباني

    ولأن صداقة عائلية جمعتها بالشاعر الكبير الراحل نزار قباني، أوضحت في أكثر من حوار لها أن العلاقة بينها وبين نزار علاقة زمالة أولاً، فهي ناثرة وهو شاعر إلى أن أصبح جزءاً من العائلة، بعد أن انتقلت إلى اسبانيا مع زوجها بحكم عمله الدبلوماسي، وبعد أن عمل نزار كمستشار في السفارة السورية في اسبانيا حتى 1966، وعنه تقول: "أتعجب أحياناً عندما أقرأ شعر ومغامرات الحب لنزار، فهذا أمر لا يصدق، لأنه رجل خجول جداً في علاقاته الشخصية"، كما تبين أنها وبعد أن تعلمت الاسبانية شرعت في كتابة رواية من واقع الحرب الأهلية الاسبانية، وكانت قد عادت إلى دمشق مع زوجها فعملت على مراسلة نزار، لتستوضح منه عن بعض الأماكن الجغرافية هناك، وعندما انتهت من الرواية توقفت عند عنوانها، واتصلت به مستنجدة به في أن يجد عنواناً لتلك الرواية، وقد أطلق لها عنواناً بعدما عرف تفاصيل عن البطلة والرواية والحبكة هو (عينان من اشبيلية).

    يُذكر أيضاً أن الكزبري التي رحلت في مثل هذه الأيام كانت قد تلقّت دراستها الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدرسة راهبات الفرنسيسكان بدمشق، فأتقنت اللغة الفرنسية، وتعلمت الانكليزية، وكانت من بين مدرّساتها الأديبة ماري عجمي، كما أسست عام 1945 جمعية مبرّة التعليم والمواساة في دمشق، ونالت جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1995، وفازت بجائزة البحر الأبيض المتوسط الأدبية من جامعة باليرمو في صقلية عام 1980، ووسام شريط السيدة من اسبانيا عام 1965.


    البعث ميديا - البعث
يعمل...
X