إلى روحه الزكية و قد عبّقت المكان بشذى الآي الكريم وهو يتلوه عند احتضاره .. إلى م ع
يُخيًّـل إليّ من فرط الأسى أنك ما رحلتَ وما تواريت .. يجئ ليل التذّكر الحزين فأراك تجيء مثلما قبلُ .. مبتسما تدنو فارع القامة والهامة، تصافحني، تعانقني، تربّت على كتفي بكفٍّ كريمة كأنّما ملائكة السماء صافحتها، تتأمل وجهي المتعب الشّاحب ..تقول لي بوقار الصابرين المتبتلين ..لا تحزن، إنّما هو الأجل " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ´´ تواسيني، تتأبّط ذراعي كمن يرشد تائها أضاع الوجهة ، أتمثّـلك تخطو، فأراني أخطو، تدعوني للجلوس في ذات الموضع المعهود فأخالني أجلس ، تقول لي : أتذكر ...؟ أقول لك :أذكر، تتّحد الإشارة والعبارة ، يتوهّج القلب ، تكتمل المكاشفة ´´ لكلّ أجل كتابٌ ´´ جاء الأجل فمضيت ..
ها تكلمني بلغة الإشارة والإيماء..ها يستوي القلب مبهوتا ناصتا إليك ، مجازٌ غريب عذبٌ أستسيغه ..ها أنت تسترسل في الحديث الذي أكاد لا أفقهه ، تفسّر لي طلاسم رؤيا رأيتها من قبل ´´ قُضي الأمرُ " تحدّثني عن زمن الخلود وعن الباطن والظاهر، عن مدائن النّور ومجاز فواتح السور ..عن بدايات الرّهبة والرّغبة تحدثني .. أفزع أرهب ..يكاد ينكشف الحجب ، أكاد أعبر دائرة الضوء هاربا مستجيرا إليك ..عند حدود يقيني يضطرب الضوء ، أضطربُ ، أصحو من رؤى الوجوم و التجلّي، أراك مثلما جئت طيفا متوهجا يغادر ..يدخل من جديد زمن النور والشذى ، فيما أدخل أنا زمن النشيج والعتمة كأنّ كلّ ما كان لم يكن ..
هي بدايات اليقظة المدهشة تعيدني إلى البدء ..أحدّق من جديد شارد الذهن في الأشياء الصامتة حولي ، أحدّق في حمرة الضوء الخافت المبعثر على السجاد ..مشكاة القلب مرشدي إليك ، أتسلّل نقطةً ضوئية ًعبر إشارات روحي الوامضة ، أحاول استعادة ما كان وما حدث ، أرتّب من جديد مشاهد الفجيعة مشهدا فمشهدا ..أكان في ومضة عين كل الذي كان ؟
بالأمس القريب جئتك عائدا مضطربا على غير العادة، قصدت غرفتك المحاصرة بدموع الأهل والزجاج ، ما كنتُ قادرا وقتها على عناقك ،ولا وجدتُ سبيلا إلى تقبيل جبينك المصاب المعصوب،منعني زجاج الغرفة الغليظ الشفاف، منعتني ملامح نعني مؤجل تؤرّخه إشارات نبض مريعة ، جسد منهك مُمدّد ينتظر الأجل ...
في لحظة الدوار المفاجئ تلاشيت أنا، تلاشت حولي الأشياءُ، و حشرجات البكاء والدمع ..غاب عن مكانه الجسد الممدّد .. غاب الأهل والأحبة وجميع المشيعين ، تلاشت مشاهد الدفن والوجوم .. رحل الجميع وما تبقى سوى طيفك م .ع يجيئني كل مساء ، في ذات القميص الأبيض الناصع المعتاد ، نورا باهرا يتجلى في بهاء الأولياء ثم يرحل يرحل ..
عبد الغني بن الشيخ،صحيفة صوت الأحرار،ع 2053، نوفمبر2004
يُخيًّـل إليّ من فرط الأسى أنك ما رحلتَ وما تواريت .. يجئ ليل التذّكر الحزين فأراك تجيء مثلما قبلُ .. مبتسما تدنو فارع القامة والهامة، تصافحني، تعانقني، تربّت على كتفي بكفٍّ كريمة كأنّما ملائكة السماء صافحتها، تتأمل وجهي المتعب الشّاحب ..تقول لي بوقار الصابرين المتبتلين ..لا تحزن، إنّما هو الأجل " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ´´ تواسيني، تتأبّط ذراعي كمن يرشد تائها أضاع الوجهة ، أتمثّـلك تخطو، فأراني أخطو، تدعوني للجلوس في ذات الموضع المعهود فأخالني أجلس ، تقول لي : أتذكر ...؟ أقول لك :أذكر، تتّحد الإشارة والعبارة ، يتوهّج القلب ، تكتمل المكاشفة ´´ لكلّ أجل كتابٌ ´´ جاء الأجل فمضيت ..
ها تكلمني بلغة الإشارة والإيماء..ها يستوي القلب مبهوتا ناصتا إليك ، مجازٌ غريب عذبٌ أستسيغه ..ها أنت تسترسل في الحديث الذي أكاد لا أفقهه ، تفسّر لي طلاسم رؤيا رأيتها من قبل ´´ قُضي الأمرُ " تحدّثني عن زمن الخلود وعن الباطن والظاهر، عن مدائن النّور ومجاز فواتح السور ..عن بدايات الرّهبة والرّغبة تحدثني .. أفزع أرهب ..يكاد ينكشف الحجب ، أكاد أعبر دائرة الضوء هاربا مستجيرا إليك ..عند حدود يقيني يضطرب الضوء ، أضطربُ ، أصحو من رؤى الوجوم و التجلّي، أراك مثلما جئت طيفا متوهجا يغادر ..يدخل من جديد زمن النور والشذى ، فيما أدخل أنا زمن النشيج والعتمة كأنّ كلّ ما كان لم يكن ..
هي بدايات اليقظة المدهشة تعيدني إلى البدء ..أحدّق من جديد شارد الذهن في الأشياء الصامتة حولي ، أحدّق في حمرة الضوء الخافت المبعثر على السجاد ..مشكاة القلب مرشدي إليك ، أتسلّل نقطةً ضوئية ًعبر إشارات روحي الوامضة ، أحاول استعادة ما كان وما حدث ، أرتّب من جديد مشاهد الفجيعة مشهدا فمشهدا ..أكان في ومضة عين كل الذي كان ؟
بالأمس القريب جئتك عائدا مضطربا على غير العادة، قصدت غرفتك المحاصرة بدموع الأهل والزجاج ، ما كنتُ قادرا وقتها على عناقك ،ولا وجدتُ سبيلا إلى تقبيل جبينك المصاب المعصوب،منعني زجاج الغرفة الغليظ الشفاف، منعتني ملامح نعني مؤجل تؤرّخه إشارات نبض مريعة ، جسد منهك مُمدّد ينتظر الأجل ...
في لحظة الدوار المفاجئ تلاشيت أنا، تلاشت حولي الأشياءُ، و حشرجات البكاء والدمع ..غاب عن مكانه الجسد الممدّد .. غاب الأهل والأحبة وجميع المشيعين ، تلاشت مشاهد الدفن والوجوم .. رحل الجميع وما تبقى سوى طيفك م .ع يجيئني كل مساء ، في ذات القميص الأبيض الناصع المعتاد ، نورا باهرا يتجلى في بهاء الأولياء ثم يرحل يرحل ..
عبد الغني بن الشيخ،صحيفة صوت الأحرار،ع 2053، نوفمبر2004
تعليق