السيادة العراقية المستباحة على طاولة تصفية الحسابات الأمريكية الإيرانية

كما كان متوقعاً، بدأت قبل فترة قصيرة تصفية الحسابات الأمريكية الإيرانية على الأرض العراقية، لتصل قمتها بالهجومات، التي قامت بها المليشيات الطائفية المسيرة من قبل إيران على القواعد الأمريكية في العراق، وما لحقها من إغتيال كل من سليماني والمهندس على يد الجيش الأمريكي، ومن ثم الرد الصاروخي الإيراني على القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، مما قد يجر العراق الى الهاوية.

وتحاول الفئات الحاكمة في بغداد باشتراكها المباشر في الصراع الأمريكي الإيراني، على سبيل المثال بسماحها للمليشيات بقصف القواعد العسكرية الأمريكية أو فتح ابواب المنطقة الخضراء المحصنة أمامها واتاحة الفرصة لها بالهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد، خلق الأجواء المناسبة اولاً لغرض الإعتداء على المحتجين، في محاولة لإسكات صوت الإنتفاضة، وثانياً إعادة لملمة صفوف الأحزاب الدينية المتناحرة على الغنيمة، بعد أن ساعدت الإنتفاضة على ظهور التناقضات بينها.

لقد بينت حوادث الأسابيع الأخيرة بشكل واضح، ما كان يتحدث به وينبه من مخاطره الكثيرون:

  1. بأن المليشيات الطائفية لم تعد دولة داخل الدولة، وإنما أصبحت دولة فوق الدولة الرسمية، تتحكم بالسياسة اليومية عن طريق سيطرتها على مجلس الوزراء والبرلمان وتتصرف خارج القانون بدون محاسبة.
  2. بأن المليشيات تسيرها إيران بشكل مباشر، ولا تهمها قضايا الشعب العراقي، وإنما هي تأتمر بأمر الفقيه الإيراني، خامنئي، وأصبحت تجاهر بذلك بعد أن كانت تحاول التكتم عليه. ويتضح هذا بالشعارات التي خطتها عناصر المليشيات على جدران السفارة الأمريكية في بغداد، مثل “سليماني قائدي”.
  3. بأن التدخل الإيراني أصبح علنياً عن طريق التواجد المستمر لسليمانى قبل مقتله ولضباط إيرانيين آخرين في بغداد حالياً وإدارة الإجتماعات، التي تهدف الى ضرب الإنتفاضة.
  4. بأن التوافق، الذي نشأ بين المحتل الأمريكي من جهة وأحزاب الإسلام السياسي وإيران من جهة أخرى بعد غزو العراق، قد إنتهى مع تردي العلاقات الأمريكية الإيرانية، إثر فرض الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية على إيران. لهذا تطالب هذه الأحزاب بإزالة القواعد الأمريكية في العراق، متناسية بأن المحتل الأمريكي هو الذي جاء بهم الى السلطة بعد احتلاله العراق عام 2003 وهو الذي أنشأ نظام المحاصصة الطائفية، الذي يُمكنهم اليوم من السيطرة والإستثراء على حساب الشعب العراقي.

إن هذه الحقائق، زادت من القناعة عند الجماهير العراقية، بأنه لا يمكن المحافظة على سيادة العراق إلا عن طريق تشكيل حكومة وطنية، تقف بوجه التدخلات الأجنبية وتحل جميع المليشيات وتحصر السلاح بيد الدولة وتبني جيشاً عراقياً وطنياً، يستطيع أن يحمي الحدود العراقية.

إن ما حدث لا يستطيع ان يحرف الإنتفاضة عن مسارها، فهي سوف تستمر حتماً، بعد أن نشأ وعي جديد عند غالبية الشعب العراقي، الذي أدرك بأن فئة صغيرة فاسدة، تستلم أوامرها من الخارج، تتقاسم السلطة بينها وتستولي على ثروات الشعب العراقي. وكما نراه في شعارات الإنتفاضة فإن الشعب العراقي أصبح على وعي تام بأنه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح إلا بتغيير جذري لنظام الحكم، يتم عن طريق تقرير الشعب العراقي مصيره بنفسه بإجراء انتخابات نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وذلك بعد اقرار قانون الاحزاب وتعديل قانون الانتخابات الجائر. ولعل أهم عناصر الوعي الجديد يتمثل برفع المتظاهرين شعار “نازل آخذ حقي” و “نريد وطن”، البديل الحقيقي للشعارات الطائفية، التي تحاول الفئات الحاكمة خداع الشعب بها. كما يمثلان تحدٍ رئيسي لنظام الطائفية والمحاصصة.

ربما تستطيع الفئات الحاكمة، عن طريق مناورات سياسية، أن تقلل من زخم الإنتفاضة، لكنها حتماً لا تستطيع القضاء على الوعي الجديد عند الشعب العراقي، الذي سيكون المحرك الرئيسي للتغيير الجذري.

  • لا لتصفية الحسابات الأمريكية الإيرانية على أرض العراق
  • لا لكل أنواع الوجود العسكري والمليشياوي الأجنبي على أرض العراق
  • لا للتدخل الأمريكي والإيراني في الشؤون العراقية
  • من أجل حل كل المليشيات في العراق وحصر السلاح بيد الدولة
  • من أجل حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة تحت إشراف الأمم المتحدة
  • من أجل محاسبة قتلة المنتفضين والاقتصاص منهم

     

نحو عراق جديد – ألمانيا

التاسع من كانون الثاني/ يناير 2020

لجنة النشر والاعلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

** المقالة تعبر عن رأي صاحبها ولا تمثل رأي المجلة..

من almooftah

اترك تعليقاً