بشرة بفرنك ،،،،،
كانت شمس الصيف تلفح وجوهنا الغضة ، ظهيرة ذلك اليوم اللاهب التي وصفوهابأنها : ( تحرق ذيل العصفور ) ، وقد كنا عائدين من اللعب على البيدر ،بلعبة:
أولناعالصومنيا ،،،،
حيث نال الحر منا ولم يكن في بيوتنا كهرباء ، ولا مراوح ولا برادات ، وماء الشرب المستجلب من عين العمارة بالراوية ، كان في الجرةالفخارية الكبيرة المطمورة ، في كوخها الطيني الصغير الذي يحميها من لهيب الشمس وعبث الاولاد ، ووضع فوقها غطاءا خشبيا وكوبا نحاسيانظيفا له اذن قوية ، يستعمل للشرب فقط ،،،،وزرع الحبق حول فوهتهاالمطمورة بالتراب ،
ولدى عودتنا من اللعب على البيدر ، أردنا البوردة من حر اللعب والشمس معا ، فتوجهنا الى بقال الحارة ،،،،
كان يستجلب ألواح البوظ من مدينة حماة بسيارة اجرة صفراء في طبونة السيارة ، ويلفها بأكياس الخيش في منطقة مظلمة داخل دكانه حتى تقاوم الذوبان لفترة أطول ، تصل أحيانا لعدة أيام ،
ولدى وصولنا ،،، طلبنا منه أن يصنع لنا كل واحد بشرة ، ،،،،
وضع قطعة البوظ البيضاء على لوح خشبي مخصص وشحذ بشارته المعدنية ذات الأسنان المدببة ، وبدأ بالبشر بقوة وحيوية ، وكل ما امتلأت بشارته ، نفضها بدقها على الخشب وهي مطبوقة ، ثم فتحها وأخرج البشرة المكبوسة مثلثية الشكل ليضعها على ورقة مقصوصة لهذا الغرض ، وسحب قنينة القطر الملون ليرسم على البشرة دروبا ملونة بالقطرالأحمر الذي حضره لهذا الغرض ، ثم يستبدل اللون بالأصفر من قنينة أخرى ، ويسلمها للطفل الزبون ، بعد أن يلتقط ثمنها فرنكا واحدا ،،،،،
وعندما يفرغ من الإنشغال بنا ، كان يصيح بصوت عال :
تعا بورد ،،،،تعا بورد تاع ،،،، البشرة بفرنك ، تعا بورد يا حباب ، ،،،،،
البشرة بفرنك ،،،،،
ونحن منشغلين بمص وإبتلاع البوظ البارد المحللا بالقطر الملون بألوان براقة ،،،،والبهجة تأخذ منا كل مأخذ مصطفى رعدون