يؤكد رئيس المنظمة الدولية للفن الشعبي علي عبدالله خليفة ان هناك اهتمام بحريني شعبي بالتراث ويوضح: “مجتمع البحرين مجتمع بحري كون البحرين جزيرة، التراث الشعبي يشتغل على ثلاث بيئات في بدايته، بيئة صحراوية، زراعية، وبحرية، ومع تطور الحياة ظهرت المدينة كبيئة جديدة وأصبح هناك 4 بيئات، البحرين تنتمي إلى البيئة البحرية يعني هذا أن النشاط البحري هو الغالب على أنشطة السكان، فكان أغلب ما أُنتج له علاقة بالبحر، بالأغاني، بالأهازيج، بالأشعار، بالمواويل، هذه البيئة البحرينية أنتجت مجموعة من الأعمال الإنسانية التي ارتبطت بحياة الناس منها العادات والتقاليد والمعتقدات الشعبية العفوية البسيطة التي كان الإنسان يمارسها إضافة إلى الحِرف والصناعات الشعبية والثقافية المادية التي كانت موجودة، إلى جانب هذا يوجد أشعار وأمثال وحكايات شعبية يحتويها الأدب الشعبي”… كان معه هذا الحوار عن التراث البحريني ومدى اقبال الاجيال عليه:

 

– على مدى السنوات وتعاقب الأجيال أين منتجي الثقافة الشعبية؟

هم الناس، كل الناس بمختلف فئاتهم، طبقاتهم ومستوياتهم، اضافة إلى “الهجرات ” عن طريق تجارة الرقيق من إفريقيا وسواحل فارس إلى البحرين، أصبح هناك اختلاط أجناس ولغات وثقافات، المجتمع البحريني كونه مجتمع جزيري كان على استعداد لاستقبال الوافدين والنازحين، وهذه من صفات شعوب الجزر، فتأتي تلك الأقوام حاملة فنون وثقافات، ليسوا أجساداً فحسب، مجتمع البحرين كان جداً متسامحا في سياسة قبول الآخر، تفاعلوا مع الفنون الدخيلة، لكن خاصية الوجدان الشعبي البحريني استقبلها ولم يقبلها كما هي بل لونها بطابع بحريني وغير وظيفتها أيضاً مثل فن ” الليوة ” جاءت باللهجة السواحلية الإفريقية، فأهل البحرين لا يعون للغتهم، فغير البحرينيون النص بالتعريب ووضعوا نصاً جديداً، كما أن هذه الرقصة ” رقصة جنائزية ” في افريقيا، لكن أهل البحرين استقبلوها في الفرح وأصبحت رقصة للأعياد الوطنية والأغاني الشعبية والأعراس.

 

– هل ترى إقبال الأجيال الجديدة على الثقافة الشعبية كسابق عهده؟

التمسك بالعادات والتقاليد تتغير من جيل إلى جيل بالطبع، لكن يوجد لدينا خلل وهو ” الهــوة ” بين التراث وبين الأجيال، من المسؤول عن هذه الهوة ؟ من أضاعوا الثراث، الذين لم يسجلوه، لم يدونوه، كان من المفترض أن هذا التراث يُجمع ويُدون ويُسجل ومن ثم يُصنف، وعندما يُصنف يُحفظ ويوثق بحيث الأجيال القادمة تتغذى منه، الآن أنا لا أستطيع لوم أي فرد من الأجيال الجديدة ! ماذا أقول له ؟ أُدليه على من ؟ لا يوجد لدينا مادة علمية موثقة. . نحن أهملنا تراثنا حتى ضاع من أيدينا، كبار السن هم حَفظة التراث وهم ليسوا دائمين يموتون وتموت معهم ذاكرة زمنية ونحن الآن نجمع ما تبقى، نجمع الفُتات وعلى الرغم من ذلك نحن مقصرين، جمع الموروث يحتاج إلى أدوات، امكانات، رؤية علمية، قرار سياسي وثقافي يحتاج إلى أشخاص مولعين بهذا العمل، هذا الجانب الثقافي في الحقيقة يشكو الإهمال ونحن قلقين عليه.

– كيف وضع المجتمع البحريني أُطر الثقافة الشعبية وأوصلها للعالمية؟

في ستينات القرن الماضي جاءوا علماء يبحثون عن الموسيقى الشعبية في البحرين وقاموا بتسجيل تسجيلات نادرة، أنا كنت طالب في المرحلة الإعدادية ورافقت البروفيسور ” بول أولسن ” دينماركي، جاء مع فرقة التنقيب عن الآثار في البحرين، فكان يريد أشخاص يدلونه على الدور الشعبية، والصدفة هي التي جعلتني أرافقه، فسجل مجموعة من التسجيلات لأماكن مختلفة، بعده جاء ” سايمن جارجي ” وهو عالم سويسري كذلك أتيحت لي فرصة مرافقته وتسجيل تسجيلاته أيضا، كلٌ منهم أصدر كتابا عن تجربتهم في البحرين، هؤلاء كان لهم دور في إيصال الموسيقى الشعبية البحرينية إلى العالم، إلى جانب آخر هناك جهود فردية مثل الفنان والملحن والعازف ” أحمد مطر ” كان مهتما بالتراث وله دور في جمع المادة التراثية، اضافة إلى ذلك أصدرت كتب بحرينية إلى ” كريم العريض “، ” محمد جمال “، ” عيسى قاسم ” و”عبدالرحمن سعود “.

 

– كلمة توجهها لشباب وشابات المجتمع البحريني؟

أتمنى من الشباب الجديد في البحرين أن يتخصصوا في المجالات التي تهتم بالتراث الشعبي، يدرس الانثروبولوجيا، علم الفولكلور، ويدرس العلوم المتصلة بهذه المادة، أتمنى أيضا من وزارة التربية والتعليم تخصيص منح دراسية لدراسة علم الفولكلور كي نستطيع القول إن المجالات متاحة.