إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بينالي البندقية (( 89 دولة و136 فنانًا )) .. العالم ومستقبله ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بينالي البندقية (( 89 دولة و136 فنانًا )) .. العالم ومستقبله ..

    في بينالي البندقية.. العالم ومستقبله: 89 دولة و136 فنانًا وجمهور متعطش

    الوسط – المحرر الدولي

    89 دولة مشاركة في بينالي البندقية لدورته الـ56 هذا العام قد تبعث الشعور بأن الحدث الفني الأشهر يقدم كمًا مهولاً من الفن والعروض والثقافة، لكن الظن غير صحيح، فالدول المشاركة هي جزء واحد فقط مما يقدم في أنحاء المدينة العائمة، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط.

    فهناك معارض في كل مكان تخطو فيه، من الشوارع الصغيرة أو على امتداد الرصيف البحري أمام حدائق الجارديني والأرسنالة (أرض العرض الرسمية). خلال المشي من جناح لآخر نجد فنانين يعرضون فنهم، وأيضا نجد من وجد ضالته في الجمهور الكبير للاستعراض إما بفن يحاول أن يقدمه لهم خلال هرولتهم من جناح لآخر أو بالملابس الغريبة اللافتة، فمثلا يمر أمامنا رجل وامرأة، هي ترتدي باروكة شعر منفوشة وترسم على وجهها ما يشبه أسنان جمجمة، أما الرجل فيرتدي معطفا أسود قصيرا مصحوبا بحذاء نسائي رفيع الكعب يمشي به بصعوبة واضحة.
    الغريب أن مشهد الرجل الذي يرتدي الحذاء النسائي تكرر مرة أخرى، ففي أحد الشوارع الضيقة وقفت امرأة ورجل يرتديان ملابس عادية جدا لكن المرأة حافية القدمين وعلى الأرض حذاء الرجل وجواربه، بينما هو يقف متسمرا مرتديا حذاء رفيقته الذهبي والعالي الكعب أيضا، يطلان على وضعهما لفترة، ولا يعرف ما الذي يريدان تحقيقه، هل هو عرض فني أم تمثيلي معين؟ لا أحد يعرف ولا يحاول التوقف للسؤال، فجمهور البينالي مستعد لتقبل كل المناظر غير المألوفة برحابة صدر وسعة أفق.
    تماثيل جوفاء ونصر زائف
    في أرض الجارديني يصادفنا أكثر من مجسم ضخم تنتشر في أنحاء أرض العرض، كلها تدور تقريبا حول المعنى نفسه وتحمل عنوان «حديقة التتويج»، تحسبها أولا جزءا من المعالم الأثرية للمدينة، لكن النظرة الثانية تشير إلى أن العمل أعد خصيصا للبينالي.
    تجبرك تلك التماثيل على التوقف والتأمل فيها، أولا لغرابتها، فأولها يمثل قائدا أو حاكما يرتدي عباءة فضفاضة ويحني رأسه أمام قاعدة حجرية (التمثال مقطوع الوجه)، نقرأ جملة على القاعدة الحجرية تقول «في هذه اللحظة التي يقف فيها حاملا سلاحه في يده، أدرك للمرة الأولى الفراغ والعدمية». التمثال التالي يصور شخصا بلا رأس، يرتدي ملابسه الرسمية، العباءة الفخمة التي تتدلى إلى ما تحت القاعدة الحجرية.
    لا شك أن العمل جذاب لحد كبير، أجد متعة في البحث عن باقي التماثيل، وسرعان ما أجدني أمام آخر يمثله حذاءان عسكريان مستقران على القاعدة.. آخر يضم عباءة وثيرة داخلها بعض من الريش في ما يبدو لكنها فارغة، صاحبها غير موجود هنا. نقرأ المكتوب «أصبح كالدمية المجوفة، ارتدى قناعا وسرعان ما التصق به وجهه ليصبحا واحدا»، ومن هذا المجسم إلى آخر نصفي لشخص ما، وضع فوق نحت آخر على شاكلة طاولة مغطاة بقماش فاخر، لكن التمثال النصفي غير مستقر على القاعدة، على الحافة، وكأنه على وشك السقوط. ما هي مضامين هذا العمل الذي قدمه الثلاثي الهندي «راكس ميديا»؟ هل هو النصر الفارغ، الحروب الخاسرة دائما، الزعامة المجوفة؟.. ربما.
    مستقبل العالم في برلمان الفن
    معرض هذا العام يقدم العرض الرئيسي تحت عنوان «أكثر من مستقبل للعالم»، يشرف عليه الفنان أوكوي إنوزور، يمتد في أكثر جناح على مدار أرض المعارض في الغارديني وأرسنالة، بالإضافة إلى أماكن عرض أخرى متفرقة بالمدينة، ويشارك فيه نحو 136 فنانا.
    وكان رئيس البينالي باولو باراتا قد أشار في حديثه حول العنوان إلى أنه مدفوع بالأحداث العالمية الحالية التي كونت ما يصفه بـ«عصر القلق»، وقال «العالم أمامنا اليوم يعكس انقسامات عميقة، وجراحا، وظلما، وعدم مساواة، ومستقبلا تشوبه الشكوك. ومرة أخرى يحول البينالي اهتمامه لملاحظة العلاقة بين الفن والتطور الاجتماعي والسياسي للإنسان». وبالنسبة لبارتا، فمنسق المعرض أوكوي إنوزور لا يدعي حق الحكم على الأوضاع، فهو يجمع فنونا وفنانين من جميع أنحاء العالم ومن مختلف الاتجاهات معا لتكوين (برلمان متنوع)، أو ليصبح معرضا عالميا؛ حيث يستطيع المتلقي طرح الأسئلة أو على الأقل يستطيع أن يستمع للفنانين».
    في الأرسنالة صالة ضخمة تقدم أعمالا لفنانين من مختلف أنحاء العالم ضمن العنوان الشامل للبينالي. نبدأ في غرفة عرض ضخمة، الأرض تبدو كحقل من السيوف المغروزة، سيوف كثيرة نسقت في مجموعات كأنها باقات ورد لكنها أبعد ما يكون عن الورد. رسالة الدم والعنف والقسوة تزرع الأرض بالسيوف في عمل مخيف للفنان الفرنسي عادل عبد الصمد. ننتقل منها إلى صالة أخرى فيها تكوين من الطبول التي تتعالى للسقف، تحمل عنوان «الطبول المكتومة» للفنان تيري ادكينز. في قاعة أخرى مجموعة لوحات للفنان أبو بكر مانساراي بعنوان «هاتف القنبلة النووية اكتشف في جهنم».
    الصالة التالية تقدم لنا أعمالا مدهشة ومبتكرة، تحمل عنوان «الأوراق الرسمية وإرادة رأس المال، الزهور شاهد»، للفنان تارين سيمون. يلجأ الفنان للوثائق الرسمية من أرشيفات عدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من كل أرشيف استخدم الفنان صورا لباقات ورد استخدمت مواكبة توقيع اتفاقيات تجارية ودولية. إلى جانب صورة كل باقة ورد وضع الفنان زهورا من نفس النوع لكنها زهور جافة وذابلة. يشير دليل المعرض إلى أن سيمون لجأ لوضع صور الباقات بمنعزل عن الحدث الذي رافقته وذلك لإبراز دورها كشاهد صامت على دور الإنسان في التحكم بأقدار الدول والمؤسسات وعالم الطبيعة ممثلا في الورود. وبجمعه للصور الفوتوغرافية لتلك الباقات وهي في ريعانها إلى جانب الأزهار الجافة بجانبها ينظر الفنان ويأخذنا معه إلى عملية «مسرحة» القوة والسلطة، كيف تصنع وتسوق وتستمر.
    في الغرفة الأخيرة عمل للثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج بعنوان «مذكرات مصور». على حائط بأكمله تفاجئنا صفوف من الكتب البيضاء، موضوعة على أرفف صغيرة. منها نسختان وضعتا على طاولة قريبة. صفحات الكتاب، كما غلافه، بيضاء تماما، لا يوجد عنوان ولا اسم كاتب أو ناشر، حتى الصفحات غير مشذبة، بعضها ما زال ملتصقا ببعضه. وُضعت أمامنا سكين ورق للفصل بين الصفحات التي تحمل كل منها كلمات قليلة وضعت بوسط الصفحة. نعرف أن المشروع يعبر عن الصور الفوتوغرافية التي التقطها الفنانان خلال الحرب الأهلية اللبنانية. يقول لنا أحد العاملين في المعرض «أثناء الحرب لم يستطع المصور تظهير الصور ولهذا اكتفى بوضع تعريف بسيط عن كل صورة في دفتر مذكراته، ولكن بعد انتهاء الحرب لم يجد داعيا لذلك واكتفى بملاحظاته التي كونت عملا فنيا في حد ذاتها، هي جزء من عمل غير مكتمل».
    مشاهدات على الهامش
    - يلفت النظر وجود الأطفال، فقد حرص عدد من الحاضرين على اصطحاب أطفالهم معهم، للفرجة والاستمتاع ولتكوين ذائقة فنية منذ الصغر.
    - الطوابير لا تنتهي، فهي أمام الأجنحة الكبيرة كالجناح الأميركي والبريطاني والإسباني وهي أيضا أمام المقاهي الصغيرة المتفرقة، من يريد أن يطفئ ظمأه أو يتناول ما يساعده في التجول فعليه بالوقوف في طابور قد يمتد لأمتار.
    - الشاطئ أمام أرض المعارض، «جارديني» و«أرسنالة»، تحول إلى مرفأ لليخوت الفارهة، التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى منظر مزعج لرواد البينالي، فهي تحجب جانبا من منظر البحر كما تقف دليلا على سطوة الثراء أمام أي رغبات للجمهور.

    صحيفة الوسط البحرينية -
يعمل...
X