إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تلك كانت بداية القصة...الإرادة الطيبة .. ؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تلك كانت بداية القصة...الإرادة الطيبة .. ؟؟


    الإرادة الطيبة .. ؟؟

    تلك كانت بداية القصة...

    شاب كان ما يزال في مقتبل عمره.. متفتحة أزهاره، كان يستقبل في كل يوم من أيام عمره المتهالك ألماً مريراً، يفتح جفنيه كل صباح قبل أن يتسلل من الشمس نور ضئيل يرافق ولادة الفجر... ثمّ يغمض عينيه اللتين تغرقان في إغفاءة ليست إغفاءة نوم بل سكون...
    تنهض الشمس من كبوتها تنثر أشعتها في كل جهات الأرض...
    الأبواب مفتوحة وكذلك النوافذ، فالحرّ يلهب المكان، أمّا الستائر فسوف تُسدل حَجْباً لأشعة الشمس الذهبية عند الصباح.
    كان ممدّداً في فراشه يستعرض شريط الذكريات، ذكريات ماضٍ مرّ كالحلم... فيتوقف برهة عند الصورة التي يريد أن يتأملها، فهو المشاهد الوحيد في تلك الصالة المترامية الأطراف.
    تقطع عليه مشاهداته أشعة الشمس البازغة من جديد في ذلك اليوم اللاهب.. أحسّ أن لحرارتها الأولى وقعاً جميلاً في ذاته، لكنها لا تلبث أن تتحول إلى إزعاج عندما يتصبب العرق من جبينه.
    يمسح وجهه وخديه بالوسادة، فهو يشعر بثقل غريب في جسمه وكأنّه في نعش مكبل إلى مرساة ألقيت في وسط المحيط، ويزداد رشحان العرق منه، وتبدأ الذاكرة تضعف أمام الحمى التي أصابته...
    - ما الذي أتى بي إلى هذه الصحراء! يا لحرّها القاسي...
    - بعض الهذيان وسيل من الكلمات المبهمة تتدفق من فمه بعصبية...
    - مَن أنت؟! من تكون! أنا كل شيء هنا... بل أنا لا شيء في هذا العالم اللامتناهي... مَن قال ذلك.. لا تبكِ، سوف ينتهي كل شيء قريباً... نعم، قريباً إن شاء الله..
    يعود إليه الهدوء، وتستكين أوصاله بعضاً من وقت يستجمع فيه شتات أفكاره، يدير رأسه إلى كوب الماء الموضوع على طاولة إلى جانبه، يفتح عينيه بتعب، يلقي بنظره إلى النصف الملآن من كوب الماء، فيبتسم إبتسامة خفيفة ويذكّره ذلك بقصة ذلك المتشائم الذي لم يكن يرى دائماً، إلا النصف الفارغ من كوب الماء، أمّا النصف الآخر فلا يراه أبداً.
    تمتزج دمعتان بالعرق المتصبب من وجهه ثمّ تليهما دموع أخرى تغسل خديه...
    - لماذا البكاء الآن؟ لماذا! قال في نفسه..
    وكأن هناك ما يدفعه للبكاء، حاول أن يرفع يديه ليغطي وجهه، فهو عندما يبكي لا يحب أن يرى بكاءه أحد، لكنّه ما استطاع، خانته يداه وكانت دهشته عظيمة، أغمض عينيه وفتحهما ثانية، حرّك رأسه إلى جهة الشرفة، استمع إلى أنفاسه اللاهثة...
    - لا أزال حيّاً، حقّاً أنا حيّ!
    قبل قليل كان يفكر في الوصول إلى الستارة ليسدها فتحجب عنه أشعة الشمس اللاهبة، والآن لا يستطيع أن يمد يده لتناول كوب الماء...
    - يا إلهي! ما الذي أصابني... ما كل هذا الوهن!
    - هل يعقل أني لا أستطيع الحراك! لا.. لا.. هذا مستحيل! الميت وحده لا يمكن أن يتحرك... نعم أنا لست بميت بعد، أشعر بتلك الروح تدب في أوصالي قوة ما أعظمها.. آه يا إلهي أعنِّي يا ربّ.
    في هذه المرّة يشعر ببعض القوة تسري في أنحاء جسده... في هذه المرّة تغلبت الإرادة.. إرادة الحياة على اليأس والقنوت.
    - "يا معين الضعفاء..."
    يستجمع المتبقي من قواه للمرّة الأخيرة ويصمم على النهوض من رقدته، وينجح في محاولته هذه، يقف على قدميه المتورمتين يتناول كوب الماء ويقعد على السرير...
    ينظر إلى الستارة، يبتسم إبتسامة خفيفة، فالشمس قد توارت وانقلبت إلى الجهة الأخرى من المكان.. يتمتم بكلمات ضعيفة: إنّها الحياة... إنّها الحياة...
    منقول - بنات الاحساء
يعمل...
X