إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تربية الطفل حتى ست سنوات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تربية الطفل حتى ست سنوات

    أفكار في التربية ـ لما قبل ست سنوات







    === إعداد : عباس سليمان على ===

    *ــ مقدّمة :

    الأطفال نبض الحياة وألقها ، وهم المستقبل الذي نبنيه فإن أحسنّا تأسيسه وأتقنّا بناءه ، أنتجنا إنساناً متماسكاً ناضجاً واعياً ، يتمتّع بشخصيّة مستقلّة حرّة ومتمكّنة من قدراتها المدعومة بالقيم والمعارف والخبرات والمكتسبات . ويخطئ البعض إذ يُغفلوا أو يتجاهلوا أهميّة رعاية الطفل وإحسان تربيته اعتباراً من الشهور الأولى لا بل اعتباراً من المرحلة الجنينية حيث تؤكّد الأبحاث أن الجنين يتأثّر مباشرة بالمحيط خاصة بحالة أمّه النفسية والصحية*
    *ـ تأسيس لابدّ منه :

    يختلف السلوك من شخص إلى آخر ، ولايمكن التّنبّؤ بما سيصدر عنه حاضراً أو مستقبلاً من سلوك ويعتقد مهتمّون بوجود نظام يُحدّد ويُنظّم سلوك الأفراد إلاّ أنه معقّد وقد يستحيل اكتشافه ممّا يدفع بآخرين إلى الاعتقاد بأن إيجاد علم للسلوك خطأ جسيم ، وإلى جانب هذا وذاك هناك من يعتبر تحديد وتأطير وتنظيم السلوك الإنساني يتعارض مع الحرية والمسؤولية الأخلاقية . لكن من الضروري الاعتراف بوجود أسباب تؤثّر في سلوك الأفراد منها :
    ـ/أ/ الدّوافع الشعورية واللاشعورية ـ /ب/ المصالح والمنافع الفرديةـ/ج/ المصالح الانتمائية (الفئوية والطبقية) .إنّما وفي كل الأحوال نجد لثقافة المحيط الاجتماعي تأثيراً شديداً ومباشراً في شخصية الفرد وسلوكه ممّا يجعل من التّعديل والتّقويم أمراً بليغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً . هنا يجب التّسليم بأن الخطوط العريضة للشخصية وملامحها الأساسية إنّما هي نتاج لما سبق وأن مرّ به في الطفولة . وممّا هو مؤكّد أنّه لدى الأطفال دوافع نفسية غريزية أهمّها ما اتّفق على تسميته بـ {دافع الكفاءة} وما هو إلاّ { الفاعليّة } وهو أساسيّ محوريّ في النّموّ الجسديّ والنّفسيّ ، فما يُظهره الطّفل من غبطة بتحريكه ما يُصدر الأصوات لهو الدّليل على أنّه حقّق فاعليّته فبذلك محاولة منه لإثبات وجوده والسّيطرة على ما يُحيط به وفي هذا تنمية لقدراته الذّاتيّة { نفسيّاً وجسديّاً } . وبشكل عام نجد أنّ سلوكنا المعرفي أو الحركي أو الانفعالي أو الاجتماعي إنّما تدفع به محاولاتنا لإثبات فاعليّاتنا والتّأكيد عليها من خلال البيئة المحيطة بنا ،





    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{2}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========


    وهنا تصحّ فكرة " بياجيه " :{ الذّكاء هو العامل الأساس للقيام بالنّشاط التّلقائي للبحث والاستدلال والاستكشاف ومحاولات الوصول إلى نتائج نرجوها }، وتتحقّق هذه الكفاءات بالارتكاز على النّشاط المعرفيّ ، فمن الضروري للطّفل أن يشعر بذاته إيجابيّاً من خلال جهوده الذّاتيّة الّتي تُحقّق نتائج ما . لذا أؤكّد على الدّور الكبير والأثر العميق للحاضن { والوالدان أهمّ الحاضنين } وهو مهمّ وفعّال ليشعر الطّفل بالثّقة وانعدام الشّكّ في قدرته على إحداث الآثار . إذن على من يقوم بالحضانة والرّعاية تعميق شعور النّجاح عند الطّفل ليثق بفاعليّته وهذا ما يدفع به ليصقل قدراته ويُنمّيها شيئاً فشيئاً ، هنا ألتقي مع " إيريكسون " الذي تأكّد له { أن الطفل يُحقّق ذاته إذا تحقّقت الثّقة المتبادلة بينه وبين المحيطين فيه فيشعر باستقلاليّته ممّا يؤدّي إلى تنمية إرادته فتتعزّز عندئذ روح المبادرة لديه}*
    ـ أوّلاً*ـ الطّفل وحاجاته الأساسيّة :

    تختلف ظروف الحياة عند الوليد عنها عند الجنين ، فالولادة أوّل صدمة عنيفة يتعرّض لها حيث تختلف التّغذية عبر الحبل السّرّي عن الرّضاعة التي تتطلّب الامتصاص والبلع ما يوجب التّنسيق بين عمليّتي البلع والتّنفّس ، كما أن أجهزة جسم الوليد مسؤولة عن التّنفّس وضبط حرارة الجسم لكن الجنين لا يحتاج إلى التّنفّس وهو يتمتّع بدرجة حرارة ثابتة ، إلى جانب تعرّض الوليد للأضواء والملامسات والأصوات بعد أن كان مستقرّاً ينعم بالهدوء بعيداً عن هذه المؤثّرات الخارجيّة التي تضايقه . وتترك صدمة الولادة آثارها البليغة في اللاّشعور لتظهر مستقبلاً عند من يتعرّضون للشّدّات النّفسيّة من الخوف أو الاكتئاب أو الإرهاص فيلجؤون إلى اتّخاذ وضعيّة الجنين ( النّكوص ) ما يعكس حاجتهم الماسّة للدّفء العاطفي والحماية والاستقرار والرّاحة النّفسيّة . أمّا إذا تمّ استدراك الأمر فيمكن للحاضن تجنيب الطّفل هذا مستقبلاً بتعزيز ثقته بنفسه وتمكين قدراته الذّاتيّة . وإنّ سلوك الرّضيع الذي يُظهر الاضطراب النّاجم عن ألم الجوع أو الخوف ممّا يُهدّد كيانه لهو الدّليل على أنّه يشعر وينفعل فهو شديد الحساسيّة . ومن الأسباب الرئيسيّة التي تترك العلامات البالغة في أعماق نفسه : التّناقض والتّباين بين حاجاته الأساسيّة الضّروريّة وبين ما تُمليه ثقافة الحاضنين له والمحيطين فيه من توقّعات لما يجب عليهم فعله والقيام به لتنمية الطّفل جسديّاً ومعرفيّاً وحركيّاً فيكون من ذلك ما يؤدّي إلى اضطرابات نفسيّة أوسلوكيّة ، لذا من المهمّ جدّاً معرفتنا لتلك الحاجات الأساسيّة للطّفل وهي : ـ/أ/ الحاجة إلى الرّاحة والطّمأنينة والابتعاد عن مثيرات الألم ـ/ب/ـ حاجته إلى الدّفء العاطفي ( دفء الأمومة أوّلاً ) والتّعلّق بالمحيط ـ/ج/ـ حاجته إلى الاستقرار وتنظيم العلاقة مع البيئة المحيطة والمحيطين فيه ـ/د/ـ حاجته للنّشاط الجسديّ ولاستثارة مشاعره وأحاسيسه ـ/هـ/ـ حاجاته الجسديّة العامّة (كالغذاء والإخراج). وبمعرفتنا هذه الحاجات تُلزمنا الضّرورة مراعاتها وتأمينها لتأكيد بناء الثّقة عند الطّفل { الثّقة حالة انفعاليّة تستثيره ليتآلف مع المحيط } . وإنّ أعراض الاكتئآب أو الحزن وعدم الاستجابة أو اللامبالاة بالمؤثّرات أو فقدان الشهيّة مؤشّرات على انعدام أو تقهقر الثّقة عند الرّضيع . أمّا الثّقة بالمحيط فتعزّز ثقته في نفسه وفي قدرته وكفاءته ممّا يُساعده على تنمية شعوره بأنّه قادر على التّأثير بالمحيط وامتلاك زمام الأمور .



    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{3}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========

    ولا يجب أن نكتفي بما لدى الطّفل من الدّوافع وإنّما علينا دعم دوافعه للاستطلاع والتّكيّف وتنبيهه بتأمين الظروف والمؤثّرات ليتكيّف مع المحيط أكثر فأكثر ، وهنا علينا أن ندرك أنّ أهم عامل في التّكيّف مع المحيط هو معرفته ...*
    ـ ثانياً*ـ النّموّ الاجتماعي والانفعالي والتّأثير المتبادل بين المحيط والطّفل :

    الإنسان كائن اجتماعي يفرض تكوينه الخلقي عليه مشاركة الآخرين في كل حيثيّات العيش بما تقتضيه العلاقة المجتمعية من تبادليّة بين الاتّكال وممارسة المسؤوليّات ، فإن هذه العلاقة تبدأ من المنزل لتنشأ علاقة ذات بعد انفعاليّ بين الطّفل من جهة مع حاضنيه ومجموعة المحيطين به من جهة أخرى وهذا البعد يعطي العلاقة أهمّيّتها وتميّزها بالمشاعر القويّة ويجعل من التّأثير الإيجابي المتبادل قوّة وجدانيّة تبعاً لجملة من العناصر ذات التّأثير الكبير فمن الطّبيعي أن يتمّ التّفاعل بين الطّفل وحاضنه ، ولكلّ دوره في تفاعل ثنائيّ التّأثير ، فإذا حقّق الحاضن الرّاحة والهدوء تتجلّى مظاهر الرّضا على الطّفل بابتسامة أو مناغاة تمنح الحاضن زيادة في الحماسة وتعزيزاً للأمل فيندفع للاهتمام أكثر ، أمّا إذا صرف الوليد اهتمامه فيشعر الحاضن بالإخفاق والتّقهقر إلاّ أنّ الطّفل عامّة يفرض على الحاضن الأساليب التي تناسبه والطّرق الواجب سلوكها للتّعامل معه وذلك من خلال استجابته لبعض الأساليب كأن يجد الحاضن في حمل الطّفل على كتفه سبباً لهدوءه واستقراره أكثر من التّربيت عليه أو أرجحته ، وقد يجد في بكائه لفترة أطول من اللاّزم سبباً لاضطرابه إلى حدّ رفض الطّعام أو عدم استطاعته تناوله إلاّ أنّه من الممكن تعويد الطّفل على الانتظار مدّة أطول للحصول على الطّعام باعتماد أساليب الإشباع المؤقّت { كالقرقعة بأدوات الطعام أو وضع الفوطة أو ماشابه } وقد يُخطئ الحاضن كثيراً بنهره الطفل أو تعنيفه أو التّعامل معه بسلبيّة وشدّة إذا ما تجاوز بكاؤه حدّ الاحتمال نظراً لما لذلك من أثر سلبي أكيد على علاقة الودّ المتبادلة بينهما ، إذ يجب أن يستجيب الحاضن بشكل متميّز لتلبية حاجات الطّفل وأن ينجح في ضبط التّوقيت ، ومن الخطأ الجسيم أيضاً إكراه الأطفال على ما يرفضونه أو تأمين حاجات غير التي يتطلّبونها ممّا لذلك من خطر الرّاحة النّفسيّة والجسديّة والثّقة المتبادلة *
    ـ ثالثاً *ـ طبيعة وعلامات النّموّ الانفعالي :

    يحدّد بعض الباحثين ومنهم "داروين" أنّه لدى الأطفال ثلاثة انفعالات رئيسيّة تُشتقّ منها باقي الانفعالات عن طريق التّعلّم وهي //الخوف ـ الغضب ـ الحب// وتعتبر الأصوات المفاجئة أو فقدان المسند من مثيرات الخوف ، أمّا تقييد حركة الأطفال والحدّ من حرّيتهم الجسديّة فهي من مثيرات الغضب والسّخط الشّديدين ، أمّا الحبّ فتستثيره الملاطفات الدّافئة والملامسات الحانية ، وإنّ شعور الطّفل بالنّجاح عند تأديته واجباً معرفيّاً يقوده إلى تعبير انفعالي عنوانه ابتسامة أو مناغاة أو حركة من رجليه ، ويلاحظ أنّ استيعاب الطّفل وإدراكه الأشياء الثابتة يكون أكبر وأشدّ من إدراكه الأشياء المتحرّكة فهو مضطرّ ليتواءم مع كلّ مرئيّ جديد فتنشط قدراته الاستيعابيّة ممّا يؤدي للضغط عليه وتوتّره ، سرعان ما يزول ذلك عند الاستيعاب وهذا ما يُسمّى { الواجب المعرفيّ } الذي يعكسه تعبير انفعاليّ كالابتسام ،



    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{4}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========

    وقد يجد الطّفل في البكاء أو الابتسام مثيراً للحاضن لذا على الأخير تجنيب الطّفل البكاء الطّلبيّ باستجابته للابتسام الطّلبيّ . والأطفال عامّة يرغبون في التّقرّب والالتصاق إلى حدّ التّشبّث بالقريبين منهم ، وإنّ عنف المشاعر يُظهر شدّة علاقة الحبّ الذي يربطه بأمّه التي يعتبرها المصدر الأساس لإشباع حاجاته وهي موضوع الحبّ عنده ، أمّا التّعلّق فحالة انفعاليّة مرتبطة بانخفاض التّوتّر المرتبط بأحداث سارّة تتمثّل بإشباع الحاجات وزوال الآلام ، وتُثبت البحوث ميل الطّفل للتّقرّب من المحيطين وهذا يحتاج الملامسة والاستثارة والتّنبيه بما لا يقلّ شأناً عن حاجته إلى الطّعام أو غيره من الحاجات والضّرورات ، لا بل نجد لذلك وظيفة مهمّة جدّاً وهي المحافظة على بقائه ، وإن شدّة التّعلّق بالحاضن تتناسب طرداً ومقدار إشباعه حاجات الطّفل وثقته به ، كما وأنّ شعور الطّفل بالأمان والثّقة الضّروريين لنموّه السّويّ ينجم عن نجاحه في تكوين علاقة انفعاليّة اجتماعيّة وثيقة وآمنة مع الحاضن والمحيط ، إلاّ أنّ حدّة السّلوك التّعلّقي تخفّ عندما يبدأ باستكشاف البيئة المحيطة والتّفاعل مع الآخرين من غير المحيطين فيه مباشرة ، وهنا قد يُواجه عقبات إمّا مريحة أو مخيفة له لذا في هذه المرحلة يجب أن يتوفّر لديه إحساس قويّ بأنّه لن يتعرّض للأذى أو الضّرر وينبع ذلك من ثقته بأنّ الحاضن لن يتخلّى عنه ، هنا أيضاً يجب الانتباه الشديد عند ترك الطّفل في مكان غير المألوف له بعيداً عن حاضنه ممّا يُشعره بالخوف وانعدام الأمن فلا يرغب بأيّة حركة أو سلوك استطلاعي ، إنّما وبوجود الحاضن يسعى للاستطلاع والذّهاب في جولة ثمّ العودة إلى الحاضن ثمّ جولة أبعد فأبعد ثمّ يعود لأن الثّقة التي اشتقّها من حاضنه مكّنته من السلوك الاستطلاعي ، إذن فإن استقلاله وسعيه للاستطلاع مرتبطان بالتّعلّق الآمن والواثق بالحاضن ، ولهذا التأثير الأكيد في نموّه الاجتماعي الانفعاليّ *
    ـ رابعاً *ـ قلق الانفصال عند الطّفل :

    تؤكّد بعض الدّراسات والأبحاث أن الأطفال الذين ينفصلون عن أمّهاتهم الطبيعيّة إلى أمّهات بالتّبنّي قبل عمر ستة أشهر يُظهرون توتّراً في درجاته الأدنى فلا يعتريهم غضب أو إحباط طالما يوجد من يُشبع حاجاتهم البيولوجيّة والنّفسيّة إذ يُمكن لهم التّكيّف مع الموقف الجديد بسهولة واضحة ، أمّا من هم في عمر فوق الستة أشهر فإنّ ردود أفعالهم عند الانفصال تكون سلبيّة جدّاً تظهر بالغضب الشّديد والانزواء نتيجة لفصم العلاقة العاطفيّة السابقة ، بيد أنّهم قد ينجحون في تكوين علاقات جديدة مع حاضنين جدد إلاّ أنّ لذلك آثاره النّفسيّة السّيئة مستقبلاً بسبب صدمة الانفصال ، فالطّفل يبدأ بتمييز وجوه من يتعلّق بهم عمّن سواهم ، وممّا يُسبب قلق الانفصال تركه وحيداً أوقات الشّدّة أو المرض أو في مكان لم يألفه من قبل ليتّخذ أساليب تعبّر عن قلق الانفصال ومنها : /أ/ الاحتجاج :بواسطة البكاء أو الصّياح أو ملاحقة الحاضن الجديد كلّما همّ بالابتعاد عنه ، أو بنحيب لا يهدأ رغم المحاولات ،ويكون الاحتجاج على أشدّه في الأيّام الثّلاثة الأولى للانفصال ./ب/ اليأس : ويلي مرحلة الاحتجاج ويُظهره الحزن والانزواء أو العدوانيّة أو رفض عروض التّقرّب مهما بلغت ، ويمكن للطّفل أن يتعلّق بحاضن جديد إنّما دون حماسة أو فرح .




    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{5}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========

    /ج/ التّباعد : حيث يتحوّل الطّفل عن الحاضن الجديد كلّما اقترب منه وعيناه مليئتان بالدّموع ويُبدي خوفاً شديداً من احتمال فراق آخر . [[ هنا لا بدّ من التّحذير ممّا لاختفاء الحاضن من أثر تدميري في نفس الطّفل يؤدّي إلى تخلّف في النّموّ الحركي واللّغوي والمعرفيّ وفي قصور في الذكاء العام عنده ]] *
    ـ خامساً *ـ الخوف من الغرباء :

    تؤثّر القدرات المعرفيّة عند الطّفل في تقبّله وتقرّبه من الغرباء وفقاً لعدّة عوامل منها : /أ/ علاقة الطّفل بالحاضن :حيث للثّقة المتبادلة والتّعلّق الآمن دورهما الأكيد في تقبّل الغرباء والتّفاعل معهم بشكل آمن فوري ومناسب لأنّ ما سبق وكوّنه من فرضيّات نجمت عن سلوك الحاضنين نحوه تسمح له بذلك .
    /ب/ ظروف المواجهة وملابساتها : فإذا تمّ اللّقاء في مكان مألوف أو إذا كان الطّفل في حجر أمّه أو كانت قريبة منه فقد يتمّ تقبّل الغريب بشكل أسهل وأبسط يبدو من الإيجابيّة التي يُظهرها نحو الغريب .
    /ج/ أسلوب الغريب : ممّا يُثير الفزع والنفور عند الطّفل محاولة الغريب التّقرّب منه بشكل اقتحامي استفزازي أو مُفاجئ ، لأنّ عليه الانتظار حتّى يُبادئه الطّفل ، ونجد في استمالة الطّفل وإغرائه بلعبة محبّبة أو أصوات مناسبة أو حركات خفيفة ولطيفة تجذب انتباهه دافعاً ليتفاعل بشكل أفضل وأسلم إنّما وفي مجمل الأحوال علينا منح الطّفل الفرصة لتقدير الموقف واستيعابه دون تحدّي قدراته على ذلك .
    / الصّفات الذّاتيّة للغريب : إذا كان الغريب من الذّكور أو من الإناث المسنّات قد يكون اللقاء سلبيّاً كما علينا أن نراعي إلى أيّ مدى يمكن للطّفل أن يستوعب حجم الغريب إذا كان ضخماً .*
    فيما سبق أفكار تتعلّق يتربية الطّفل حتّى السنة الثانية من عمره ، إنّما وقبل الانتقال إلى ما بعد ذلك لا بدّ من التّأكيد على أمور هامّة وضروريّة هي : /أ/ أن يكون الحاضن الأساسي والرّاعي الرّئيسي هو الأمّ الطّبيعيّة للطّفل. /ب/ في حال غياب الأمّ الطّبيعيّة لأي سبب لا بدّ من حاضن مألوف ومحبّب عند الطّفل وأن يكون مندفعاً لاحتضانه وأن يكون مستقرّاً ودائماً لا يتغيّر ، بمعنى أن يكون البديل الحاضن حاضناً حقيقيّاً لا حارساً فقط . /ج/ كلّما ازداد عدد الذين يتعلّق بهم الطّفل من القائمين على رعايته كان ذلك أفضل لنموّه مستقبلاً *
    ـ سادساً *ـ الطّفل ما بين سنتين وست سنوات :

    تكمن أهميّة هذه الفترة في أنّها فترة تشكيل الشّخصيّة ومعالم السّلوك ، وتؤثّر فيها عدّة عوامل منها ـ الاستعداد الوراثي ـ والقيم ـ معايير الثّقافة ـ أساليب الثّواب والعقاب ـ التّفاعل مع الأقران ـ المؤثّرات الإعلاميّة . وتبقى الأسرة العامل الأوّل والأهمّ والأشدّ تأثيراً لاكتساب السّلوك والعادات والعقائد والمعايير والدّوافع وكل ما يخدم التّنشئة الاجتماعية التي غايتها إكساب الطّفل سلوكيّة ودوافع وقيم واتّجاهات تُرضي المجتمع وتتقبّلها الثّقافة الفرعيّة .




    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{6}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========

    وإلى جانب كل ذلك يلعب الطّفل دوره المهمّ بالملاحظة والتّقليد كما أنّ للثّواب والعقاب الدور الفعّال فتدفع المكافأة الطّفل للاستجابة وتقوّيها لتصبح عادات سلوكيّة شبه ثابتة ، أمّا العكس فيكون بالعقاب إذ يُضعف الاستجابة وقد تختفي إذا لم يكن العقاب مدروساً حيث يؤدّي إلى مضاعفات خطيرة كالخوف والقلق والعدوانيّة وأشكال من التّوتّر والصّراع النّفسيّين . وإن في ميل الأطفال للاستطلاع والاستكشاف واختبار الأشياء ومعالم البيئة المحيطة ما يدفع بنا لتشجيعهم ومنحهم الفرص للاستقلاليّة تنمّي ميلهم للتّصرّف بحرّيّة وجرأة . ومن غير الصحيح تشجيع الأطفال بالاستجابات الاتّكاليّة عند البكاء أو التّعلّق أو التّقرّب أو استجداء المساعدة مما لذلك من دفع للطّفل نحو الاتّكاليّة وإضعافٍ لروح المبادرة عندهم . وفي هذه الفترة يعتمد الأطفال أنماطاً سلوكيّة بتقليد الكبار وقد يقتدون بالأباء أو المدرّسين أو بالشّخصيّات التّلفزيونيّة أو بالأخوة ، فيتقمّصون شخصيّاتهم وفي ذلك فرصة لهم لتحقيق نزعتهم للاستقلاليّة والسّبطرة وتأكيد الذات ، وقد يوصلهم التّقمّص إلى حدّ التوحّد مع تلك الشّخصيّات فيتبنّون نمطاً سلوكيّاً كليّاً بالسّمات والقيم والدّوافع والاتّجاهات والنّزعات ، ونلاحظ هنا أنّ الطّفل يُقلّد أشخاصاً تشدّه إليهم روابط عاطفيّة ليُصبح التّقليد توحّدأً معهم إلاّ أنّ التوحّد غالباً ما يتناسب والدور الجنسي للطّفل الذي هو بدوره تنمية سمات السّلوك المتناسب مع الجنس باكتساب صفات الذّكورة والأنوثة . وكم نُخطئ باعتبارنا الخشونة والعدوانيّة والاعتماد على النّفس من سمات الذّكورة خاصّة بعد أن انخرطت الأمّهات في المجالات الاجتماعيّة المختلفة والمتنوّعة وأهمّها {العمل خارج المنزل } .
    أمّا فيما يتعلّق بالنّموّ الأخلاقي والضّمير فيتحدّد بعدّة مبادئ أساسيّة منها : /1/ أن ينجم التوحّد الإيجابيّ عن الحبّ لا عن الرّهبة . /2/ أن يُمارس القدوة سلوكاً أخلاقيّاً واقعيّاً عند متابعة الطّفل سلوكَهم ./3/ منح الطّفل الفرص ليقوم ذاتيّاًَ بتقليد ممارساتنا الجيّدة بدعم إيجابيّ ./4/ تجنّب العقاب والتّزمّت والتّشدّد والعنف كوسائل لتحقيق الهدف لأن مردودها سلبيّ جدّاً ـ /5/ أن تتطابق الأقوال والأفعال منعاً لأيّ تناقض يُوقع الطّفل بما يصعب التّخلّص من آثاره أو معالجته. وفي هذه الفترة ينمو وعي الطّفل نحو الاستقلال وتصبح حركاته أكثر ثقة وحريّة ويزداد نشاطه الإيجابي وقد امتلك حصيلة لغوية تمكّنه من التّعبير عن نفسه ، حيث أنّ طفل الرّابعة يسيطر تماماً على مهارته اللّغويّة أمّا في بداية الفترة فيصبح للأطفال مشاعرهم وخياراتهم وحاجاتهم الخاصّة بهم والتي قد يُخفق الأهل غالباً في معرفتها ممّا يدفع بالطّفل للاعتماد على نفسه رافضاً الاستكانة والاتّكاليّة ويبدو هذا في التّمرّد والعناد لتتكرّر على لسانه كلمة { لا...لا} وقد أدرك أن معناها الرّفض ، وقد لا يقتصر رفضه على ما لا يرغب بل يتعدّى ذلك ليشمل كلّ مُقترح أو عرض ، وممّا يُثير سعادته هنا ما يكتشفه من قدرة يمتلكها للتّأثير والسّيطرة على الآخرين ، وعناد طفل الثّانية وسلبيّته دليلين على رغبته في إثبات ذاته والتّأكيد على قدرته للاستقلال والتّلقائيّة إذ تتكرّر على لسانه عبارة { أنا...أنا} عند محاولتنا إلباسه أو خلع الثياب عنه أو عند تأميننا بعض حاجاته ، وكأنّه يُريد إثبات فاعليّته وكفاءته وأن يُظهر مهاراته وقدراته حيث يشعر أنّه أصبح كالكبار يستطيع إشباع الكثير من حاجاته ذاتيّاً . هنا أودّ لفت عنايتكم إلى أنّ الطفل يُحبّ تخطّي العقبات المانعة وهو ينتظر فرصة سانحة للقيام بما يُحظّر عليه القيام به عندما تخلو له السّاحة ،




    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{7}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========

    ولا يقتصر ذلك على ما يتعلّق به أو يخصّه من الأعمال وإنّما يتخطّاه ليقوم بأعمال الكبار . وفي بداية المرحلة عموماًُ نجده يُفضّل الجري على المشي والصّياح على الهمس ويُكثر من الأسئلة الاستطلاعيّة التي علينا أن نوليها أشدّ الاهتمام والعناية عند الإجابة ، وممّا لا شكّ فيه أنّ نشاطه يزيده معرفة بالبيئة المحيطة ويوسّع طيفه الاجتماعي ، أمّا الوالدان فقد لا يحتملان نشاطه المفرط خاصّة في أوقات الرّاحة والاسترخاء ، أو قد لا يحتمل أحد الوالدين كثرة الأسئلة التي يُمطره بها طفله فلا يُعيره اهتماماً إذا كان منشغلاً بالتّفكير أو القراءة أو في استقبال الزّوار وهذا من الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها كثيرون .
    أمّا الأسئلة المتعلّقة بالجنس مثلاً فتُحرج الأهل وتضطرّهم إلى نهره ونهيه عنها وبهذا خطأ جسيم آخر ، أمّا عبث الأطفال بأعضائهم أو تلفّظهم بما يخدش الآداب العامّة فيُقابله البعض بخطأ آخر كبير كالتّعنيف والمعاقبة بشدّة وقسوة لنهيه عن ذلك ، في حين يجب علينا أن نُدرك جيّداً أهميّة الإجابة على كلّ الأسئلة بما يُوافق ثقافة الأطفال وأن يتمّ نهيُهم عن العبث بأعضائهم أو التّلفّظ بما لا يليق بطريقة تُقنعُهم وتقترب من أفهامهم وإلاّ سيضطرّون للبحث عن الإجابات على تساؤلاتهم مهما كلّفهم ذلك ، وتكمن الخطورة في قيامه بعمل ما خفية عن أهله كلّما سنحت له الفرصة لذلك لأنه نهيَ عنه بعنف ولم يُحسن الأهل إقناعه بالامتناع عنه . أمّا في نهاية الفترة أي ما بين الخامسة والسّادسة فيكون الطفل قد تمتّع بعدّة ميزات أهمّها : /1/ قدرته على ضبط سلوكه التّلقائي فيتصرّف بتعقّل وتهذيب ويستطيع تأجيل إشباع رغباته وحاجاته إذا ما تطلّب الموقف أو طُلب منه ذلك /2/ امتلاكه قدرة على الاستيعاب ( تبعاً للنّشاط المعرفي ) وذلك بعدّة أشكال منها [ أ ] الشكل التّصوّري العام : وهو طريقة العقل في تصوير المظاهر العامّة والملامح المميّزة للأحداث إذ يمتلك قدرة هائلة على تخزين صور الأشكال العامّة تصل إلى ستّين صورة في اليوم الواحد ويمكنه التعرّف عليها وتحديدها في اليوم التالي [ ب ] الصّور الذّهنيّة : وهي أكثر تفصيلاً ورسوخاً وأشدّ وعياً من الأشكال العامّة [ جـ] الرّموز : كصفات الأشياء والأفعال والخصائص المميّزة ( كشارات المرور والخطر أو النّشاطات التّخيّليّة واللّعب الإيهامي ) ويمكن له استيعاب صيَغ الزّمان واستخدامها تعبيريّاً [د] المفاهيم : هي مجموعة الصّفات المشتركة بين الأشكال التّصوريّة العامّة أو الصّور الذهنية أو الرّموز (كالحيوان والإنسان والطّعام) حيث أنّها مفاهيم لا تعبّر عن حدث معيّن ، ويرتبط ذلك بمقدار معرفته عن هذه الأشياء التي تكوِّن خبراته الذّاتيّة وهنا يقع الطّفل بما يقع فيه الكبار من اختلافات حول مفاهيم عامّة ومجرّدة كالحرّيّة والدّيمقراطيّة ...، أمّا القواعد فهي الأحكام الصّادرة بخصوص المفاهيم ، شأنها بذلك شأن القضايا المنطقيّة التي تتناول مفهوماً آخر في صورة محمول ، كقولنا : الماء رطب أو الشّتاء بارد ، فهذه أحكام وقواعد تختلف في حدّتها وأبعادها ومقاديرها عند الأطفال تبعاً لمراحل النّموّ *أمّا العمليّات المعرفيّة في فترة ما قبل المدرسة فهي : { الإدراك ـ التّذكّر ـ الاستدلال ـ التّبصّر ـ الاستبصار }






    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{8}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========

    وهي مصطلحات مألوفة ومعروفة إلاّ أنّ الواجب يدفع إلى تعريفها والإضاءة عليها ، زيادة في الإيضاح /1/الإدراك : هو استخلاص وتنظيم وتفسير البيانات الواردة عن طريق الحواس . /2/ التّذكّر : وهو اختزان واستدعاء المعلومات عن طريق الإدراك . /3/ الاستدلال : وهو استخدام المعرفة للوصول إلى النّتائج . /4/ التّبصّر: وهو تقييم الأفكار والحلول كيفيّاً . /5/ الاستبصار: وهو اكتشاف علاقات جديدة بين أكثر من وحدة معرفيّة *
    ـ سابعاً *ـ الانفعال عند طفل ما قبل المدرسة :

    في عمر ما دون ست سنوات تشتدّ التّناقضات فيما بين الطفل وبين السلطة المحيطة ، وللثّقافة الأثر البليغ في ذلك ، ويشتدّ التّأثير وعدم الاستقرار ونوبات الغضب الشّديد إلى حدّ التّشنّج والعدوان ويبلغ الخوف حدود الذّعر وتصل الغيرة إلى التّحطيم والإيذاء ويبلغ الحزن حدّ الاكتئاب والفرح حدّ النّشوة والابتهاج . وتتذبذب الانفعالات بين مسبّبات الألم والتّوتّر والضّيق وبين زوالها لتحلّ محلّها السّعادة . وقد يجهل كثيرون طبيعة الطفل في هذه المرحلة إذ لا تتّضح لهم خطورة الأسباب التي تدفع بالطفل لاتّخاذ مواقف سلبيّة أو ما يؤذي شخصيّته وبنيته النّفسيّة ، فعلى الرّغم من شعوره بالاستقلال إلاّ أنّه يُدرك أن لا غنى له عن الاتّكال على الكبار ، فصحيح أنّه انتقل من التّفكير بجسمه ( بأعضائه الجسديّة وحواسه ) إلى التّفكير بعقله ، إلاّ أنّ هذا يعتمد على خبراته الذّاتيّة ولكنّه لا يُدرك القوانين وهو غير قادر على بناء المفاهيم على أسس موضوعيّة ولا أن يستنتج بواسطة عمليّات عقليّة بتخطيط أو تدبير منطقيّ وواقعيّ ، فقد تدفعه قدرته على التّصوّر والرّمزيّة إلى الاستغراق في الخيال والأوهام وهنا مكمن الخطر إذا أخطأ الحاضنون فأخافوه من كائنات وهميّة أو طبيعيّة ( كالعفاريت والبعبع والشّرطيّ والطبيب ) وممّا يزيد في الخطورة عدم امتلاك الطّفل قدرة على مواجهة المخاوف والآلام والهواجس والأوهام ، وقد يعتقد أنّ ذلك لا نهاية له ممّا يترك أثراً بالغاً وسيّئاً ممّا يحثّ بنا لمعرفة ما يجب علينا فهمه والقيام به لدرء الخطر . وممّا هو شديد الخطأ الاعتقاد بأنّ الطّفل يمتلك ما يُؤهّله للتّمييز وفهم التّعليمات ( دون تفهيم ) أو أنّه يُسيطر على الدّوافع ، أو أن نُكلّفه القيام بعمل أو فهم التّناقضات أو أن نُعاقبه على ما لم نشرح له سابقاً مساوئه /**/ تصوّروا أباً يحتضن ابنه برأفة ومحبّة دافئة ويبدأ بملاعبته ومداعبته ثمّ يقذفه بعنف إذا ما اكتشف أنّه مُبتلاّ ً أو مُتّسخاً ، أو أن يُعنّفه بشدّة بنهره أمام الحاضرين ثمّ يُحاسبه على انسحابه من المجلس أو على برودته وعدم انسجامه أو اكتراثه بالحاضرين والأحداث ، لأنّ من ذلك ما يوسّع الشّرخ بينهما فيصبح التّفاهم من الصّعوبه بمكان ، إذ تتحطّم جسور التّفاعل وتتوتّر العلاقة ليحلَّ الإحباط والاكتئاب محلَّ الهدوء والاستقرار . على هذا وبالنّظر للأهميّة البالغة والخطورة الحقيقيّة علينا استبدال النّهر والتّعنيف بما يقتصر على عتابٍ خفيف أو نظرة لائمة فالطّفل يُدرك أنّه أخطأ ولكن بعد أن يرتكب الخطأ. أمّا إذا عالجنا الأمربالأسلوب التّقليديّ الشّائع كالتّوبيخ والتّقريع والتّقبيح والتّهديد والأوصاف والممارسات غير التّربويّة ( وغير الإنسانيّة إن صحّ التّعبير ) فذلك سيثير القلق عند الطّفل ويحوّله إلى شخص مضطرب يُعاني من صراعات انفعاليّة قد تمتدّ زمناً *





    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{9}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========


    ـ ثامناً *ـ الصّراعات في حياة الطّفل الانفعاليّة :

    أهمّها الخوف وهو أنواع ثلاثة : / أ / الخوف الواقعيّ . / ب / القلق . / جـ / الخوف المرضيّ ( الفوبيا ) / د / الأحلام المزعجة أو المخيفة / هـ / نوبات الغضب والغيرة . وهي في مجملها معيقة للنموّ الصّحّي السّليم ، إلاّ أنّ للآباء دور كبير جدّاً في المساعدة للتّغلّب عليها أو في تفاقمها ، وهذه الصّراعات إجمالاً تتشابه في أعراضها من حيث توتّر عضلات المعدة والشّعور بالضّيق والتّوتّر العصبي ، وينشأ الخوف من توقّعه أو الإحساس به أو توقّع ما لا يسرّ ، وأكثر أنواعه ،الخوف الواقعيّ ، لأنّه استجابة لخطر حقيقيّ وراهن . أمّا القلق فهو خوف من مجهول ويرتبط بدوافع ذاتيّة دون وعي ، أمّا الخوف المرضيّ ـ الفوبيا ـفخوف من مثيرات لا تُعتبر في طبيعتها مصدراً للخطر أو الخوف ، لكنّ الطّفل لا يُميّز بين ما هو خطر حقيقيّ أو وهميّ وذلك من مسؤوليّاتنا وقد يكون الخوف إيجابيّاً فيُساعد في التعلّم كالخوف من المركبات المسرعة أو التعرّض للمخاطر المهدّدة ،إلاّ أنّ زيادته وتكراره بأنواعه المذكورة قد يُعيق النموّ ، فالخوف سبب للبكاء والانسحاب والعُزلة والتّردّد والانكماش والاحتجاج وسبب لطلب المساعدة وفي شدّة الالتصاق بالأبوين ، وكلّ ذلك لا يخدم تنمية الكفاءة والاستقلال الضّروريّين في هذه الفترة ، ويجدر الانتباه إلى أنّ النّموّ المعرفي وذكاء الطّفل يُساعدانه على توهّم أو خلق مخاوف أو تصوّر أخطار مُحتملة . هنا أؤكّد على أنّ أيّ مُثير يقترن بخبرة مؤلمة أو مُخيفة ، يُصبح مثيراً للخوف أو القلق ، وبما أنّ الخوف انفعال مُكتسب واستجابة مُشتقّة من الألم ، فالطّفل يتعلّم الخوف ويلتقط مخاوف أهله ... ممّا سبق علينا أن نوفّر للطفل البيئة والفرص ليتعلّم استجابات أكثر نُضجاً وأشدّ وعياً للتّقليل من تأثيرات الخوف عليه ، أمّا مُثيرات القلق فدوافعها الذّاتيّة عند الطّفل هي : العُدوانيّة والدّوافع الجنسيّة والرّغبات الاتّكاليّة وهي بمجموعها موضوع عقاب أو منع أو تحريم ، إذن فهو لا يجرؤ على التّعبير عنها مع أنّها جزء من تكوينه النّفسيّ وهي قابلة للاستثارة بوجود المثيرات ، وبما أنّ استثارتها مُرتبطة بالعقاب فإنّ الطّفل يُبدي مشاعر الخوف دون أن يُحدّد مصدرها أو أن يعرفه ، لأنّ خبرتها المؤلمة كُبتت . ومن أهمّ ما يُثير القلق ، رفض الأبوين للطّفل أو ولادة من يُهدّد مركزه عندهم ، وفي مُجمل الأحوال ، فإنّ القلق يؤثّر بشدّة في النّموّ الاجتماعيّ والمعرفيّ معاً ، خصوصاً إذا كان موضوع القلق ، واجباً مُعقّداً أو صعباً ، أو يتطلّب من الطّفل ما لا يقدر عليه ، وممّا يُفسّر إعاقة عمليّة التّعلّم ، يقع في هذا الإطار ، خاصّة الواجبات التي تتضمّن تعلّماً لفظيّاً مُعيّناً ، أو استخدام مفاهيم مُجرّدة ، ونجد في العقاب القاسي والقيود المُتشدّدة والتّقييم السّلبيّ أو المُعاملة المتّسمة بالتّذبذب وعدم الاستقرار ، أهمّ وأخطر العوامل لتكريس القلق وتحويله لخوف مُقيم ، هنا أشير إلى أنّ حالة الآباء الاجتماعيّة والنّفسيّة تؤثّر بليغاً ، فقد تكون ممارساتهم مع أبنائهم ردود أفعال مَرَضيّة على ظروفهم التي لا يُطيقونها فيُسرفون في العقاب ، أو قد يجدون فيه تنفيساً عن رغباتهم العدوانيّة المكبوتة أو إحباطاتهم ومشاعرهم السّلبيّة نحو أنفسهم ، وقد يستغلّون أطفالهم بشكل سيّء ، وللأمانة هنا لا نعفي الظّروف الاجتماعيّة والثّقافيّة العامّة ، إذ تتحكّم مباشرة في ظروف الزّواج ونظامه ممّا يُحدث اضطراباً أو فشلاً في التّوافق الزّوجيّ فينعكس سلباً على الواقع التّربويّ ،



    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{10}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========

    ونجد أيضاً في ظروف السّكن السيّء و زيادة أعباء العمل عند الزّوجين وفي ظروف التّعليم القاصرة والجهل التّربويّ وفي تعدّد الأبناء ، وفي مجموعة الظروف المؤدّية للإحباط عند الأهل ، عوامل سلبيّة فيما سبق . أمّا النّمط المزاجيّ والتّكوين الجسديّ فيلعبان دوراً في بعض الأحيان .
    الخوف المَرَضيّ ( الفوبيا ) فقد يبدو سخيفاً وغير معقول ، كالخوف من الذهاب إلى الرّوضة أوالمدرسة أو من الأماكن المُزدحمة . ومن حًسن الحظّ أنّ القليل من الأطفال يقعون في محنة الفوبيا المُعقّدة ، والفوبيا عامّة تنشأ من تعرّض الطّفل لمثير مُخيف بشدّة في سنّ مُبكّرة ، أو من ارتباط ظروف مُعيّنة بالحدث المُخيف ممّا يُثير الخجل أو الشّعور بالذّنب أو القلق ، وأهمّ العوامل في نشوء الفوبيا هو الكبت والتّربية القائمة على إشعار الطّفل بالذّنب والخجل أو العقاب الشديد والقسوة في المعاملة والاستهزاء والاستخفاف والسُّخرية وفي عدم الاكتراث بمشاعر الطّفل واهتماماته .
    الأحلام المزعجة : يعبّر من خلالها الطّفل عن مخاوفه وقلقه وهواجسه، وهي لا تتطلّب انشغالاً من الأهل بقدر ما تتطلّب اهتماماً لمساعدته ، فقد يصحو باكياً وهو يصرخ مُستنجداً وراغباً في النّوم عند أبويه أو بالقرب منهما ، هنا عليهم تهدئته وتهيئة جوّ مريح لينام ، ومن ثمّ العمل لمعرفة مصدر تلك الأحلام المزعجة ، وإذا تكرّر الأمر أو كان عنيفاً فهذا يعكس درجة عالية من القلق والصّراع الدّاخلي ، ولكنّنا نجد في محتوى الحلم مفتاح الصّراع والقلق ، وقد يُعبّر الحلم بوضوح وصراحة أو بشكل رمزيّ مقنّع عن ذلك ، إلاّ أنّه في مجمل الأحوال تعبير عن دوافع مكبوتة يُساعد على تفريغ شحنتها ، ويمكننا تفادي الآثار السّلبيّة للأحلام المزعجة بمناقشتها مع الطّفل ومساعدتنا له في تخفيف التّوتّر النّاتج عن الكبت ، مع الأخذ في الاعتبار أنّ الطّفل من السّذاجة بحيث لا يستطيع إخفاء دوافعه { قد يحلم الطّفل بوحش يفغر شدقيه ويُدث أصواتاً مرعبة ، وعند سؤاله : ماذا يُشبه ذلك الوحش ؟، يُجيب : إنّه يُشبه أبي حين كان يصيح ويشتم أمّي } . أمّا نوبات الغضب فمظهر انفعاليّ شائع عام وطبيعيّ في هذه الفترة من العمر ، وهو لا يرتبط كثيراً بالمستوى الثّقافي للمحيط ، ولا يُعتبر حالة مَرَضيّة إلاّ إذا اشتدّ عُنفها وتكرّرت بشكل ملحوظ وطالت مدّتها ، ومن أهمّ دوافعها الإحباط والعجز عن القيام بما يرغب في مُقابل عدم إدراك المحيطين لما يُريده بالضّبط ، ويُشير الغضب إلى نموّ ذاتيّة الطّفل ، فإذا لم يتفهّم الوالدان حقيقة مشاعره سيزيدان الأمر سوءاً ، هنا يُعتبر العقاب أسوأ ما نُُواجه الطّفل به ، وتؤدّي محاولات التّهدئة إلى إطالة مدّة النّوبات ، لأنّه غير مُستعدّ حينها للاستماع أو الاقتناع ، يُنصح في هذه الحالة بالهدوء والصّبر قدر الإمكان ، والاقتراب منه برأفة ولُطف والتّحدّث إليه برقّة ونُعومة ، أو أن يُوضع في غرفة أخرى بشكل جاد وحاسم ولكن دون قسوة أو نهر وإيلام أو مبالغة ، ولا يُنصح بمنح الطّفل الغاضب ما يُريد ، فنوبات الغضب والهياج يجب أن تمرّ دون مُكافأة ممّا يُساعد في تخفيفها وزوالها ، والأهمّ هنا الصّبر والأناة وسعة الأفق عند الأهل لتحقيق نتائج إيجابيّة أكيدة .





    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{11}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========

    الغيرة : مظهر انفعاليّ يعكس مدى حساسيّة الطّفل من حيث علاقته بالأبوين ، خصوصاً عندما يتهدّده مُنافس أو يُزعزع مكانته أحد ، وقد يكون هذا زائراً أو شقيق وُلد حديثاً ، أو شقيق يتمتّع بامتيازات خاصّة ، فيكون العدوان سلوكاً تلقائيّاً مصدره الغيرة ، وقد يصل ذلك إلى ممارسات خطيرة إذا لم نُحسن تفهّم الأمر ومتابعته ومُعالجته ، ويُعبّر بعض الأطفال عن غيرتهم بمصّ الأصابع أو بالتّبوّل اللاّإرادي ( بعد أن تخلّصوا منه ) أو بالحبو بعد أن تعلّموا المشي أو بالتّهتهة بعد أن تعلّموا الكلام ، أو أن يتشبّهوا بمن يُثير غيرتهم تلك . وإنّ في أسلوب المعالجة الخاطئة بالشّجب أو بالسّخرية أو التّحقير أو بالعقوبة ما يعمل على زيادة الغيرة فتتحوّل إلى أساليب لاستمالة المشاعر أو استدرار الاهتمام والعطف ، يُمثّلها التّقيّ والاضطرابات المعويّة والعزوف عن الطّعام والضّمور وفقدان الوزن والاكتئاب *
    الاستطلاع : موقف مهمّ يعكس المواجهة بين الطّفل وسّلطة الأبوين ، أو مجموعة مواقف يدفعه إليها حبّ التّعرّف على البيئة بما فيها نفسه كجزء منها ، وهذا ممّا يُساعده على النّموّ ، وما لعبة الطبيب وتعرّي المريض أمامه ، أو لعبة العريس والعروس أو عمليّات الاستمناء التي يقوم بها الأطفال من الذّكور والإناث جرّاء العبث بأعضائهم التناسليّة إلاّ سلوك يعكس رغبة استطلاعيّة للمعرفة ( البريئة ) والاستمتاع في ممارسة وظائفها ، وتتناسب زيادة حبّ الاستطلاع وكثرة التّساؤلات طرداً مع ذكاء الطّفل وهي مهمّة جدّاً للنّموّ المعرفيّ والاتّزان الانفعاليّ والشّخصيّ ، وإن في عدم استجابة الأهل بالتّجاهل أو بالنّهر والصّدّ أو في الإجابات اللاّمعقولة وغير المنطقية مثيرات للقلق بدلاً من الأمن ، ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الأطفال قد لا يهتمّون بمضمون الإجابة بالقدر الذي يهمّهم اهتمام الأهل للإجابة ، ولا بدّ للأهل من الإجابة بشكل صادق وواقعيّ مبسّط بحيث تتناسب الإجابة والمستوى العقلي والمعرفيّ عند الطّفل ، وذلك دون إبداء حَرَج أو تذمّر أو ضيق ، فمن حقّ الأطفال علينا تمتّعهم بمزيد من المعرفة لحقائق وقوانين الطبيعة لأنّهم بحاجة ماسّة للمزيد من الاستقرار والهدوء والطّمأنينة والأمن لا العكس *
    ـ تاسعاً *ـ النّموّ البيولوجي والنّموّ اللّغوي عند الأطفال :

    لغة الكلام : تعبير عن المشاعر والأفكار عن طريق رموز لفظيّة ، وللّغة جوانب عدّة أهمّها :
    / 1 / الجانب الصّوتيّ / 2 / جانب الدّلالات ( أي المعاني التي تحملها الأصوات ) / 3 / جانب التّركيبات ( وهي الجُمل والعبارات التي تتضمّن الوحدات الكلاميّة) / 4 / الجانب الوظيفيّ ( فاللّغة أداة للتواصل والتّفاعل الاجتماعيّ ) *
    *ـ أمّا خصائص اللّغة ، فتُحدّدها النّاحية الصّوتيّة من حيث تنوّع اللّغات وتنوّع الكلمات فيها ومن حيث اختلافات النّطق بين السّاكن والمتحرّك وحروف الهجاء * ولا تقتصر دلالات اللّغة على الإشارة إلى ما هوحاضر موجود بل تتعدّى ذلك للإشارة إلى غير الموجود حاضراً ، وتُستخدم اللّغة أيضاً للدّلالة على ما هو ماضي أومستقبليّ أو تخيّليّ أو تجريديّ * وتُعتبر التّركيبات اللّغويّة صياغة للوحدات الكلاميّة للتّعبير عن تفكير مُحتمل ، ولهذه التّركيبات قواعد وأصول نتّبعها بالضّرورة كأساس لتوضيح المعانى المقصودة أو للإشارة إلى معاني ضمنيّة غير مباشرة *



    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{12}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========

    ومن الخصائص الوظيفيّة للّغة ، الرّمزيّة ومعاني الرّموز واختلاف تلك المعاني بفعل التّعابير اللّغويّة ، إذ قد يعني اللّفظ شيئاً معيّناً في موقف معيّن يختلف عنه في موقف آخر *
    والأطفال على استعداد تامّ لتمييز الأصوات وفهم مضامينها والتّعلّم لاستخدامها بسرعة وكفاءة ، يُساعدهم في ذلك الأجهزة الصّوتيّة { الحنجرة ـ الحلق ـ الحبال الصّوتيّة ـ الفم بما فيه اللّسان والشّفتين } وتُثبت الدّراسات والأبحاث أنّ المخّ عند الإنسان مُزوّد بمناطق التّرابط بين مراكز الإحساس البصري والسّمعي واللّمسيّ ، وقد لا تُوجد علاقة سببيّة بين النّموّ الحركيّ والنّموّ اللّغويّ ، فاكتساب اللّغة مُستقلّ تماماً عن القدرة على إخراج الألفاظ ممّا يُفسّر اكتساب الصّمّ والبكم اللّغة المكتوبة ولغة الإشارات .
    ويعمل تفاعل الآباء مع الأبناء على زيادة الحصيلة اللّغويّة ، إذ يعتقد "لينبرج" أنّ مناطق التّرابط اللّازمة لنموّ الوظائف الكلاميّة في المخّ تنمو خلال فترة الطّفولة ، وتؤكّد الدّراسات أنّ الطفل في عمر شهرين أو ثلاثة أشهر يستطيع التّمييز بين الأصوات الكلاميّة من فئات صوتيّة مُختلفة ، وسرعان ما يكتسب القدرة على الرّبط بينها وبين الأحداث في موقف مُعيّن ، أمّا طفل السّنة ، فيتمتّع بالفهم الموقفيّ الذي يختلف عن فهم رموز اللّغة ، بمعنى أنّه يستجيب لأمّه حين تُناديه : تعال ماما بعد أن يسمعها عدّة مرّات إلاّ أنّه لا يفهم تركيبها اللّغويّ ولا معاني مُفرداتها لا بل يعتمد على الوقع الصّوتيّ والموقف الذي قيلت فيه ، و الطّفل بين عمر شهرين وستّة أشهر يُمارس اللّعب الكلاميّ بإصدار مقاطع صوتيّة من حرفين ، مُتحرّك يليه ساكن ، وقد تتتابع هذه المقاطع لتشكّل تركيبات تُشبه الكلمات لكنّها لا تعني له شيئاً ويشترك في هذا كلّ أطفال العالم ، هنا على الوالدين أو الحاضنين تدعيم الطّفل عند إصداره مقاطع مُعيّنة تشجيعاً له على تكرار تلك الأصوات بحيث يُمكنه التّأكيد عليها والتّنويع في الطّبقات الصّوتيّة بإحداث إيقاعات تُشبه كلام الكبار إلى حدّ ما وهذا نوع من التّقليد وممّا هو مُفيد إغناء اللّغة الإشاريّة عند الأطفال أواخر السّنة الأولى ، وتُعتبر تعابير الرّضا والسّعادة واحتضان الطّفل والابتسام إليه من دعائم التّعلّم وفهم الكلمات وتمييز الالفاظ ، هنا لا بدّ من التّأكيد على الاهتمام بقواعد النّحو وآداب الكلام ، ويميل "بياجيه" إلى اعتبار أنّ اكتساب اللّغة وظيفة إبداعيّة ويُفرّق بين الكفاءة والأداء ، لأنّ الأداء هو نتيجة للتقليد في حين تُبنى الكفاءة على تنظيمات داخليّة تدعم الاستعداد للتّعامل مع الرّموز اللّغويّة ، ويقوم على تنظيمها تفاعل الطّفل مع البيئة المحيطة ، وتكتسب الألفاظ دلالاتها بعد أن يكوّن الطّفل صُوراً ذهنيّة ثابتة أو مفاهيم عن الأشياء والأحداث المُشار إليها بالكلمات ، ولعلّ الإناث أسرع من الذّكور في اكتسابهم اللّغة ، وقد اختلف الباحثون في تفسير ذلك فمنهم من يُرجع ذلك إلى العوامل البيولوجيّة ، في حين يعتقد آخرون في أنّ الظروف الاجتماعيّة هي السّبب ، وهناك من يقول : بأنّ الأمّهات بحكم التّجانس يتحدّثن مع البنات أكثر من الأبناء وبأنّ الأمّ توفّر للأنثى بيئة لغويّة أكثر ثراء من الذّكر ، وفي كلّ الأحوال للبيئة الاجتماعيّة وظروفها الدّور الكبير والهام في تهذيب اللّغة ورفد آدابها عند الأطفال *


    ======== أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ====================*ـ{13}ـ*=================== إعداد : عباس سليمان على =========



    ـ عاشراً *ـ التّلفزيون والأطفال :

    لا يخلو منزل من تلفزيون مدعوم بلاقط فضائي ، ولعلّ هذا من أشدّ وأكبر الأخطار على التّنشئة التّربويّة للطّفل إذا لم نُحسن مراقبتها ومتابعتها نظراً لآثارها البليغة في الأطفال وفي الكبار أيضاً ، وقد أثبتت الأبحاث أنّ طفل ما قبل المدرسة لا يستطيع منطقياً الرّبط بين أدوار الشّخصيّات المختلفة ، فما يُدركه لا يعدو كونه مجموعة أحداث متتابعة بغير رابط ، وقد يُسيء فهم نوايا ودوافع الشّخصيّات على الرّغم من انبهاره بها وميله إلى تقليدها من خلال لعبه الإيهامي الذي يرجع إلى شعوره بالعجز وقلّة الحيلة في حياته الواقعيّة ، وإنّ الصّور التّلفزيونيّة الحيّة بألوانها واقترابها من الواقع بشدّة تؤثّر بشكل بالغ في شخصيّة الطّفل ، خاصّة عندما تُجسّد المشاعر العنيفة وردود الأفعال القاسية التي تدفع بالطّفل إلى العدوانيّة ، ولا يعني شيئاً للطّفل معاقبة المُعتدي أو مُرتكب العنف في نهاية فيلم مليء بالعنف والاعتداءات ، فالطّفل لا يستطيع تتبّع السياق العام للمشاهد فينعكس ذلك سلبيّاً على انفعالاته وسلوكه
    ختاماً ـ * كلّ الرّجاء أن نولي هذا الأمر كلّ العناية والرّعاية والمتابعة ، وأن نختار باهتمام شديد ما يُناسب أطفالنا من البرامج ونكون إلى جانبهم نشرح لهم ما يجري من مشاهد بشكل مُبسّط ويقترب من أفهامهم لما في ذلك من خدمة لنموّهم المعرفيّ *
    وفّقنا الله وإيّاكم لما فيه خير الأمّة ومُستقبلها برعايتنا أبناءها وإحساننا تربيتهم وتثقيفهم وتعليمهم ، وقبل هذا أن نعتني بتثقيف أنفسنا لأنّ فاقد الشّيء لا يُمكن أن يُعطيه **
    *============= أفكار في التربية لما قبل ست سنوات ==== 2008 ==== 570882 0932 ==== 2775220 031 =============*
    *======= [email protected] =================إعداد: عبـاس سليـمان علـي ===*

  • #2
    رد: تربية الطفل حتى ست سنوات

    موضوع هام جدا وجدير بالاهتمام ولو أنني أميل الى الاعتقاد بأن هناك بعض المغالاة في طرح بعض الأفكار من قبل مؤلفها و ربما يرجع سبب ذلك الى اختلاف البيئات التي يعيشها الأطفال.سلمت يدا من أعد الموضوع على الجهد المبذول.

    تعليق


    • #3
      رد: تربية الطفل حتى ست سنوات

      أشكر اهتمامك وأقيّم سرعة الرّد ، على كل حال ألتمس منك الإشارة إلى مواضع المغالاة وسأتقبل ذلك بصدر أرحب وطيب خاطر مع تقديري وشكري الجزيل سلفاً إذ أنك تسعين للتقويم

      تعليق


      • #4
        رد: تربية الطفل حتى ست سنوات

        المغالاة التي أشرت اليها متعلقة بامكانية تطبيق بعض من هذه الأفكار في العديد من المجتمعات وهي بشكل مجرد أفكار رائعة ومثالية ولكن الكثير من عائلاتنا لا تستطيع السيطرة على بعضها أو تحقيقها فمثلا ما يخص المسكن أو السيطرة على ما يتم عرضه على الفضائيات خاصة في ظل غياب المربية الأم والتي يقع على عاتقها مثل هذا الأمروانشغالها في كثير من الأمور آخرها أولادها وما يشاهدون..... انها مجرد أفكار تطرأ على بالنا بمجرد قراءتنا ما له مساس بأطفالنا.... مشكور على الجهد و وفقك الله..

        تعليق


        • #5
          رد: تربية الطفل حتى ست سنوات

          قفل يقول :
          الأستاذ عباس قدّم موضوعا مهما جدا وللأسف لم يتلق مشاركات كافية من الأعضاء ومناقشته وإغنائه بالقبول أو الرفض لبعض أو كل ما جاء فيه
          نتمنى من الأخوة الأعضاء الاهتمام بهذه الطروحات وإغناء الموضوع بالمساهمات التي تفيد وترفع من سوية الادراك لكل منا حسب اختصاصه و ادراكه ,
          سيكون لنا عودة للمناقشة والتعليق وشكرا للأستاذ عباس على مواضيعه الهامة

          تعليق


          • #6
            رد: تربية الطفل حتى ست سنوات

            معك حق في لومك لنا على تجاهل الموضوع في الحقيقة معلومات غنية
            ما يشاهده الاطفال على التلفزيون له اثر بالغ في تحديد سلوك الطفل وفي ما يراه من احلام
            شكرا لك

            تعليق


            • #7
              رد: تربية الطفل حتى ست سنوات

              أشكرك سيدي وأعذر الأخوة الذين لم ينتبهوا لما أوردته فقد يجدون في الإطالة سبباً لتأجيل الاطلاع ليس إلاّ مع أمنياتي بأن يتسع لهم المجال ليتمكنوا من التصفح وإبداء الآراء ... أشكر الجميع

              تعليق

              يعمل...
              X