إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شاعر الغزل /عمر بن أبي ربيعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شاعر الغزل /عمر بن أبي ربيعة



    عمر بن أبي ربيعة
    شاعر الغزل الأول



    ما إن يذكر الشاعر عمر بن أبي ربيعة حتى يتبادر إلى الذهن ما قاله في المرأة من شعر صريح اختلف فيه كثيراً عن الشعراء العذريين الذين تعلقوا بامرأة واحدة وأحبوها وأخلصوا لها ، وماتوا من شدة الوجد والهيام بها 0 ويعد عمر بن أبي ربيعة أحد شعراء الغزل الصريح في العصر الإسلامي ومن سادة بني مخزوم أكبر بيوتات قريش ، وكان جده أبو ربيعة يسمى ذا الرمحين لطوله ، وقيل أنه قاتل في يوم عكاظ برمحين فسمي بهما لذلك 00 أما أبوه فهو عبد الله واشتهر بين قريش بالعدل لأنهم كانوا يكسون الكعبة في الجاهلية من أموالهم سنة، ويكسوها هو من ماله سنة فلقبوه بالعدل لأنه يعدل قريشاً كلها في كسوة الكعبة 0 وتذكر الكتب أنّ شاعرنا ولد سنة ثلاث وعشرين للهجرة ، لكنّ هناك خلافاً في مماته إذ يقال أنه مات حتف أنفه 00 كما يقال أنه مات مقتولاً 00 وقيل أيضاً إنه مات سنة ثلاث وتسعين للهجرة 0 أمه كانت سبيّة من حضرموت أو من حمير ويقال لها « مجد » وقد نشأ في النعمة حيث اللهو ومصاحبة الحسان ، وكان منقطعاً لأحاديث الظريفات من بنات مكة والمدينة وينتظر أيام الحج ليلقى الحسان القادمات من العراق والشام واليمن 00 وكثيراً ما كان يتعرض لهن في أثناء الطواف ويلقى الزجر منهن خوفاً من التشهير يقول في ذلك : فلم أر كالتجمير منظر ناظر ولا كليالي الحج يفتن ذا الهوى ويعتقد بعض من أصحابه أنه كان من الشعراء الذين يقولون ما لا يفعلون ، وأنه لم يقترف فعل الحرام حتى أنّ صديقه ابن أبي عتيق سأله عن البيت الذي قال فيه : وما نلت منها محرماً غير أننا كلانا من الثوب المورد لابس فأوضح له الشاعر كيف طلب من غلمانه أن يرموا بثوب عليه وعلى صاحبته بعد أن بللهما المطر قرب المسجد دون أن ينال منها حراماً 0 وتحدث آخرون أن غوايته تعود لأيام الشباب وأنه تاب وأقلع بعد المشيب 00 ومنهم من قسم حياته إلى شطرين متساويين فقالوا :« إنه عاش ثمانين عاماً فتك منها أربعين ونسك أربعين » ومن المعروف أنه ظهرت مدرستان للغزل في صدر الإسلام الأولى وتمثل المدرسة العذرية حيث ارتبط اسم كل شاعر بامرأة واحدة أحبها وهام بها هياماً شديداً ومن هؤلاء قيس الذي ارتبط اسمه بليلى وعروة بعفراء وجميل ببثينة ، وكثيّر بعزّة ، وتوبة بليلى 0 أما المدرسة الثانية فهي مدرسة الشعراء الذين تغزلوا بأكثر من امرأة كعمر بن أبي ربيعة ، والأحوص والعرجي وقيس الرقيات 00 والمدرستان مختلفتان اختلافاً شديداً في مقاييس الشعور والجنس والأخلاق ولا يجمع بينهما إلا التشابه في الكلام في ظاهره دون التشابه في بواعثه 0 ويعد عمر بن أبي ربيعة سيد مدرسة الغزل الثانية وقد يكون غنى عائلته والترف الذي كان يعيشه هو سبب اللهو والفراغ المسيطرين على حياته وهو بالتالي ما قاده إلى الولع بالنساء وبكلمات النساء والاستمتاع بروايتها حتى أنه كان يشبههن في تدليل نفسه وإظهار التمنع لطالباته يقول في إحدى محاوراته القصصية : قومي تصدي له ليبصرنا ثم اغمزيه يا أخت في خفر قالت لها قد غمزته فأبى ثم اسبطرّت تمشي على أثري قالت لها أختها تعاتبها لتفسدن الطواف في عمر ويذكر في شعره أنّ النساء اللواتي كان يتغزل بهنّ كنّ من الأسر المترفة الميسورة 00 ولم يتفق مرّة أن شبب بامرأة فقيرة بل كان يحرص على ذكر الحشم والخدم والنعمة والترف وهذا ما يتوضح في قوله : يرفلن في مطرفات السوس آونة وفي العتيق من الديباج والقصب ترى عليهن حلي الدر متسقاً مع الزبرجد والياقوت كالشهب ومنه قوله أيضاً : فقامت إليها حرتان عليهما كساءان من خزدمقس وأخضر وهذا يعني أنّ عمر بن أبي ربيعة كان معنياً بالمرأة التي كانت تنتمي إلى طبقته وقد كثرت الشهادات عنه في عصره فيما يتعلق بصناعته الشعرية المتعلقة بغزل المرأة إذ روي عن «نصيب» أنه تكلم عن عمر بن أبي ربيعة فقال :« هو أوصفنا لربات الحجال » وروي عن الفرزدق أنه سمع شيئاً من نسيبه فقال : « هذا الذي كانت الشعراء تطلبه فأخطأته وبكت الديار ووقع هذا عليه » وأنه اجتمع به يوماً فما زال عمر ينشده وهو يطرب ويستزيد حتى أنشده القصيدة التي يقول فيها : فقمن لكي يخليننا فترقرقت مدامع عينيها وظلت تدفق فقلن اسكتي عنا فلست مطاعة وخلك منا - فاعلمي - بك أرفق فصاح الفرزدق : «أنت والله يا أبا الخطاب أغزل الناس » هذه الشهادة ومثيلاتها تدل على شهرة هذا الشاعر بالغزل بين أبناء عصره ومقدرته على حبك قصصه الغزلية شعرياً. وهنا لا بدّ أن نذكر أنّ المرأة التي كان يتغزل بها عمر بن أبي ربيعة وغيره من شعراء ذاك العصر كانت تتمتع بصفات جسدية وجمال أنثوي يتناسب مع الذوق الاجتماعي السائد آنذاك من ذلك ما قاله كعب بن زهير في إحداهن : هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة لا يشتكي قصر منها ولا طول وهو الذوق الذي يجري عليه ابن أبي ربيعة عندما يقول : إني رأيتك غادة خمصانة ريّا الروادف عذبة مبشارا وحطوطة المتنين أكمل خلقها مثل السبيكة بضّة معطارا كالشمس تعجب من رأى ويزينها حسب أغر إذ تريد فخارا والخمصانة : هنا تعني دقيقة الخصر ، والريا : الممتلئة 0 والمبشار : حسنة البشرة 0 وكان من الشعراء الذين اهتموا بوصف ملامح الوجه وخاصة الفم الجميل يقول فيه : ويذيقني منه على وجل عذباً كطعم سلافة العصر أو قوله : لو سقي الأموات ريقتها بعد كأس الموت لا نتشروا أخيراً لا بدّ أن نذكر أنّ غزله في صاحباته كان يبنى على أساس قصة شعرية فيها من الحوار الجميل والتصوير الدقيق ما يدل على شاعرية ابن أبي ربيعة الذي كان بحق سيد مدرسة الغزل الصريح .‏
يعمل...
X