إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مداخلة ( عن غاندي و جيفارا :هوامش في مدارات أدونيس )- جمال محمدإبراهيم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مداخلة ( عن غاندي و جيفارا :هوامش في مدارات أدونيس )- جمال محمدإبراهيم

    كتب أدونيس في عموده الراتب "مدارات " عن مقاربة بين جيفارا و غاندي و الأوضاع العربية
    جمال محمدإبراهيم

    أدناه مداخلة ... بقلمي المتواضع ، أخربش على هوامش كتابة الشاعر أدونيس ...

    عن غاندي و جيفارا :هوامش في مدارات أدونيس

    كتب أدونيس في صحيفة الحياة يوم 4 مايو 2006 ، في مداراته معبراً عن ميله لغاندي ، لا لجيفارا ، في مفاضلة إختار هو ضوابط و قوانين لعبتها ، و نقب بعين الشاعر و قلب الفيلسوف ، في بعض أحوال الأمة العربية ، ورأى فيها نزوعاً لحجب الحاضر بما يلغي المستقبل كله من صحيفة الطموح و الأمل و الإرتجاء . وقفت في محطة أو محطتين ، إذ حفزني ثاقب كلامه أن أرمي بقلمي في هوامش كلامه . لمس حديثه التديين في السياسة ، و ما يطابق الحال في لبنان ، فيما يشير لتعقيد التركيبة المسيحية /الإسلامية هناك .
    مما ترامى إلى فهمي ، أن أدونيس ينحاز بحيثيات يستصوبها هو ، إلى غاندي برغم نأيه ثقافياً عنه ، و ينفي جيفارا عن تفكيره ، برغم آصرة ثقافية قد تربطه به . و لعلي أكون أكثر وضوحاً و أقول إن ميوله ما وافقت ميولي ، مع كامل التجلة و التقدير للشاعر الفيلسوف ، أدونيس . .
    إني أرى في غاندي رؤية قد لا يتفق معي حولها بعضكم . أرى في جهاده الخنوع الإيجابي ، و التحليق بالإستسلام إلى رحابة النصر المؤزر ، و لكن بما لا يشبع في الدواخل ، تلك الفطرة النافرة من الظلم ، التوّاقة لقيمة العدالة ، و التساوي في اهتبال الفرص ، و التعاطي في الحياة بكل حريات الإختيار . لكأنه يستخف بالموت امتثالاّ ، و يستدنيه توقاً و إقبالا .
    جيفارا يوقد في العشب الخامل نار التمرّد ، مستخفاً بالموت ، مستهزئاً به . نعم ، يفعل ذلك لأنه ممتليء بحبّ الحياة . يتوق للحياة ، لا للموت ، و إن ظل الموت متربصاً ، يداور و يحاور آملاً في الإنقضاض و الإجهاز على الجيفارية . و إني أرى في هذه النار ، شرارة التوق إلى حياة جديدة ، في رومانسية مبهرة . للحياة حضور قويّ في فتوة جيفارا . عند غاندي ، الموت حاضر يتنفس في رئتيه الواهنتين . و كلاهما قد انقضّ عليه الموت ، و لكن من زوايا مختلفة .
    لا أريد أن أحملك ، أيها القاريء ، أن تنظر نظرتي للشرق كله ، لا إلى غاندي وحده ، كون الشرق بروحانياته ، يهب النفس البشرية موهبة كبرى لاحتمال الشدائد ، و صبراً إلهياً على مكاره الحياة . و الدنيا الأخرى في قيم الشرق ، هي الدنيا المرتجاة ، و هي الجائزة المستحقة . لا أريدك أن تنظر مثل نظر البعض البعيد : أن الفارق بين الرجلين هو فرق المادي عن الروحي . . و ذلك لأني أمعنت النظر في فعل جيفارا ، و هجرانه دعة المنصب و هو وزير ، ليختفي في الغابات مقاتلا زاده العشب و سنده بندقية ، فتلمست شوقاً روحانياً ، لا يقل عما عرفناه عن غاندي ، به تطلع قوي لنكران قيمة الحياة ، مقابل إحراز نصرٍ مؤزر ٍ أيضاً ، يودي إلى حياة بهاؤها العدالة ، و خضرتها المساواة ، و بريقها الحرية و الأمور الثلاثة هي مما يتحقق في فردوس الرب ، لا في فراديس الآدميين ، ملوكاً ورؤساء كانوا ، أم رعايا و أتباع .
    لكني أقف عند قول الشاعر الكبير أدونيس ، أننا – كعرب – لم نكن نملك حق التحكم في أقدارنا جميعها . قال أدونيس " لم نكن أسياداً على حياتنا، طول هذه الفترة. ولم يكن وجودنا إلا كمثل كُرةٍ يُدحرجها الآخرون. " هنا أصاب كبد الحقيقة ، إذ العامل الخارجي هو المؤثر في مسيرة العرب في القرون الأخيرة و القرن الحالي بوجه ٍ خاص . لا يمضي أدونيس أبعد من ذلك و لا يفصّل . إن الهزائم في معارك عسكرية ، ليست هي الهزائم . الذي سالت دمه في المواجهات التي خاضها العرب بدفع ٍ من غيرهم ، لم تكن دماء شهيد ، بل الشهيد الحقيقي كان الكتاب العربي ، الفكر العربي ، الثقافة العربية ، اللغة العربية . ما أسهل أن نلوم حكامنا أو أن نلوم أنفسنا ، و لكن ما أصعب أن نصل إلى حقيقة واضحة للعيان : أننا كمجتمعات ، لم نمسك بمقومات ثقافاتنا و فكرنا و لغتنا ، الإمساك الذي يضمن حراكنا الطبيعي إيجابياً ، مع الأمم الأخرى ، نسهم في بناء جسد الحضارة الإنسانية ، منتجين لا مستهلكين ، واقفين لا مركّعين . من ارتضى لنفسه الخنوع و استطيب الإنكسار ، لن يجد من يمد له يداً تخرجه من وهدته ، أو تطبيباً يجبر انكساره و يرمم قصم ظهره . أرى العامل الخارجي ، و الذي أغفله صراحاً أدونيس ، هو المسئول الرئيس في مهزلة الإنهيار التصاعدي ، الذي أخذ وما زال يأخذ بخناق أمة العرب في هذا الزمن الصعب .
    المصادفات التي يقول عليها أدونيس ، هي مما اخترع الآخرون لنا ، و هي ما فعلوه بنا و أوهمونا أنا فعلناه بأنفسنا .
    الذي أراه ، عزيزي القاريء ، هو أننا في حاجة لشيء من غاندي و شيء ٍ من جيفارا . . ثم كثير من امعان النظر في كياننا الداخلي ، فنعي ما بنا من علل ، فقد يكون أول طريق الإصلاح و الترميم هو تشخيص العلة ، في الباطن و في الظاهر ..
يعمل...
X