إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دراسات دولية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: دراسات دولية

    الفرع الأول الحلول السياسية الودية

    Pacific settlement - Solutions pacifiques‏


    نصت الفقرة الأولى من المادة /33/ من ميثاق الأمم المتحدة ما يلي:‏

    "يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق..."‏

    وواضح أن هذا التعداد على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر. وهكذا يتاح أمام الأطراف في منازعة دولية مجال واسع من الحلول الودية ذات الصفة السياسية ليختاروا منها الحل الذي يمكن بواسطته تحقيق تسوية سلمية للمنازعات. وسنلقي نظرة سريعة على كل من هذه الحلول فيما يلي:‏



    المبحث الأول - المفاوضات المباشرة.(1)‏

    Direct Negotiations‏

    وهي أقدم أسلوب لتسوية المنازعات وأكثرها انتشاراً وأقلها تعقيداً. ولقد اعترف منذ القديم بوجود التزام قانوني بإجراء المفاوضات قبل اللجوء إلى استخدام القوة. كما اعتبرت المفاوضات في القرون اللاحقة بأنها تشكل واحداً من الشروط المسبقة لاضفاء صفة العدالة على استخدام القوة. واستمرت إدانة استخدام القوة قبل اللجوء إلى المفاوضات كما استمرت إدانة الهجوم بدون إنذار مسبق.‏

    وكثيراً ما تشترط المعاهدات الدولية الخاصة بالتسوية السلمية للمنازعات على الدول المتنازعة استنفاد أسلوب المفاوضات الدبلوماسية قبل أن يكون في إمكانها اللجوء إلى أسلوب التسوية القانونية عن طريق التحكيم والقضاء. ولقد بحثت محكمة العدل الدولية الدائمة هذا المبدأ بشيء من التفصيل في "قضية امتيازات مافروماتيس الفلسطينية من ناحية الاختصاص القضائي)(2) لعام 1924" وقررت أنه:‏

    "قبل أن يكون في الإمكان إخضاع أي نزاع إلى إجراء قانوني، يجب تحديد موضوعه بوضوح بواسطة المفاوضات الدبلوماسية(3) .‏

    واعترفت المحكمة بأن عليها أن تقرر في كل قضية ما إذا كانت مفاوضات كافية قد سبقت عرض النزاع، ولكنها لن تتجاهل آراء الدول المعنية.‏

    "التي هي في أفضل وضع للحكم على الأسباب السياسية التي قد تمنع تسوية منازعة معينة بالمفاوضات الدبلوماسية(4) وفي قضية حق المرور اعتراضات أولية)(5) المقدمة من البرتغال ضد الهند) أمام محكمة العدل الدولية والمتعلقة بحق المرور في الأراضي الهندية، أثارت الهند الاعتراض الأولي التالي:‏

    " إن البرتغال، قبل أن تتقدم بادعائها في هذه القضية، لم تراع قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي تتطلب منها القيام باجراء المفاوضات الدبلوماسية والاستمرار فيها إلى الحد الذي لا يعود فيه من المفيد متابعتها(6) ...‏

    ويتمتع أسلوب المفاوضات الدبلوماسية بمزايا عديدة، ومن أولى ميزاته أنه قليل التكاليف. إذ قد تتمكن دولة من الدول من تحقيق أهدافها باتباعه، فتوفرعلى نفسها مشاق ومخاطر وتكاليف الحرب. ومن ميزاته أيضاً المرونة والكتمان.‏

    وفي الحقيقة، فإن دول العالم وخاصة الكبرى منها تقوم بتسوية العشرات بل وحتى المئات من المنازعات مع الدول الأخرى باتباع أسلوب المفاوضات الدبلوماسية التي تتم على أيدي ممثليها "الذين يجرون فيما بينهم مباحثات بقصد تبادل الرأي في الموضوعات المختلف عليها، وتقليب وجهات النظر فيها، والوصول إلى حلول بشأنها يرضى عنها الفريقان(7) "‏

    وتجري المفاوضات إما بصورة خطية عن طريق تبادل الرسائل والمذكرات، أو بصورة شفهية عن طريق المؤتمرات الدولية. ويتوقف نجاح المفاوضات على الروح التي تسودها،" فإذا كانت الدول المتفاوضة لا تتمتع بقوة سياسية متعادلة، فإن الدول الكبرى تطغى على الصغرى وتفرض عليها إرادتها.(8) ومن الأمثلة الحديثة على المنازعات الدولية التي تمت تسويتها عن طريق المفاوضة "المفاوضات التي أدت إلى اتفاق فرنسا وممثلي الثورة الجزائرية على منح الجزائر استقلالها عام 1961)... والمفاوضات التي جرت بين سورية ولبنان في شهر آب 1973 لحل المشاكل المعلقة بين البلدين.(9) "‏

    ولعل من المفيد الإشارة إلى الأهمية التي تعلقها الدول على المفاوضات والاتصالات المباشرة، والتي تتجلى في الخط الساخن Hot Line الذي أنشئ بموجب مذكرة التفاهم الأميركية- السوفيتية الموقعة بين الدولتين في جنيف بتاريخ 20حزيران عام 1963، وذلك لتأمين الاتصال الفوري بين رئيسي الدولتين في حالة انفجار أزمة ما تهدد بخطر محدق، على غرار ما حصل أثناء حرب تشرين 1973 بين مصر وسورية من جهة وإسرائيل من جهة ثانية.‏

    ومما تجدر ملاحظته أن أسلوب المفاوضات المباشرة كثيراً ما يقترن بأسلوبي المساعي الحميدة والوساطة على نحو ما سنرى.(10)‏

    أما الرابطة القانونية القائمة بالضرورة بين الطرفين المتفاوضين فإنها تتمثل فيما أعلنه المحامي النقيب وليام ثورب في مساجلة غرونوبل بتاريخ 13 آذار 1961 حينما قال:‏

    "تفترض المفاوضة وجود متحدثين اثنين على الأقل. وكل من هذين المتحدثين أملاه الغرض المتوخى من المفاوضة. وكلاهما يفرض نفسه على الآخر بحكم أنهما وحدهما اللذان يمسكان بمفتاح الاتفاق المراد عقده. ومن ثم، فليس في مقدورهما أن ينتقي أحدهما الآخر ولا أن يستبعد أحدهما الآخر.(11)‏



    المبحث الثاني‏

    المساعي الحميدة - Good offices‏

    حينما تتعذر تسوية منازعة ما بالمفاوضات الدبلوماسية، ويبدو تضارب الحقوق أو المطالب على أنه يتمتع بقدر كاف من الأهمية، فإنه يمكن حينئذ اللجوء إلى أسلوب المساعي الحميدة.‏

    والمساعي الحميدة هي عمل ودي تقوم به دولة أو مجموعة من الدول أو حتى فرد ذي مركز رفيع كالأمين العام للأمم المتحدة في محاولة لجمع الدول المتنازعة مع بعضها وحثها على البدء بالمفاوضات أو استئنافها.‏

    ويعتبر بعض المؤلفين أسلوب المساعي الحميدة شكلاً من أشكال التدخل. وهم بهذا يستعملون اصطلاح التدخل بصورة غير دقيقة. فهذا الاصطلاح لا يستعمل إلا في حالة استخدام القوة المسلحة، كما حصل حينما تدخلت الدول الكبرى في النزاع اليوناني -التركي على جزيرة كريت في عام 1868.‏

    ولا يوجد التزام على أية دولة في أن تقدم خدماتها بهذا الخصوص، كما لا يوجد التزام على أي طرف نزاع ما بقبول عرض المساعي الحميدة، وفي كل الأحوال فإنه لا بد للطرف الثالث من الحصول على موافقة طرفي النزاع قبل قيامه ببذل مساعيه الحميدة، فيسمح له حينئذ القيام بمحاولة جمع طرفي النزاع مع بعضهما، بحيث يجعل من الممكن لهما التوصل إلى حل ملائم للنزاع. ويتم ذلك بأن يقابل كلا من طرفي النزاع على انفراد، ومن النادر أن يحضر الطرف الثالث اجتماعاً مشتركاً.‏

    وتصبح لأسلوب المساعي الحميدة أهمية خاصة في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين المتنازعتين. فيبذل الطرف الثالث مساعيه الحميدة، وينقل الرسائل والاقتراحات، ويحاول خلق مناخ يوافق فيه الطرفان المتنازعان على إجراء المفاوضات المباشرة فيما بينهما.‏

    ويشترط لنجاح المساعي الحميدة ألا تخفي بواعث أنانية، فهي عمل ودي(12) منزة عن مصلحة أي من طرفي النزاع أو عن مصلحة الطرف الثالث القائم ببذل مساعيه الحميدة. وتنتهي المساعي الحميدة بمجرد اقناع الطرفين المتنازعين بالجلوس إلى مائدة المفاوضات أو مساعدتهما على استئنافها أو قبول مبدأ التسوية الودية للنزاع، دون أن يتعمق الطرف الثالث في دراسته تفصيلات النزاع أو أن يسهم في المفاوضات. ومع ذلك فهنالك حالات وجهت فيها الدولتان المتنازعتان الدعوة إلى الطرف الثالث، الذي قبل عرض مساعيه الحميدة أو نشدت مساعدته لهذا الغرض، للحضور أثناء المفاوضات.‏

    والمساعي الحميدة، إما أن تتوخى الحيلولة دون تطور الخلاف بين دولتين إلى نزاع مسلح، كما حصل بالنسبة للخلاف على الحدود بين الأكوادور وبيرو، حيث أدت المساعي الحميدة التي بذلتها الأرجنتين والبرازيل والولايات المتحدة الأميركية إلى التسوية المؤرخة في 28 كانون الثاني من عام 1942.‏

    وإما أن تتوخى إنهاء نزاع مسلح قائم فقد شكل مجلس الأمن في تشرين الثاني من عام 1947م، على سبيل المثال، لجنة للمساعي الحميدة تضم ممثلي دول استراليا وبلجيكا والولايات المتحدة) ولجنة قنصلية تضم قناصل الدول الأعضاء في مجلس الأمن لدى باتافيا:Batavia (13) للمساعدة على قيام مفاوضات تضع حداً للعمليات الحربية بين الجمهورية الأندونيسية الناشئة وبين هولاندا. ومن ذلك أيضاً لجنة المساعي الحميدة الإسلامية) التي تشكلت بنتيجة اجتماع القمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في مدينة "الطائف" في المملكة العربية السعودية عام 1981.وقد بذلت هذه اللجنة جهودها الرامية إلى وضع حد للحرب العراقية الإيرانية التي نشبت جراء نزاع الحدود بين البلدين عام 1980، إلا أنها وصلت إلى طريق مسدود في عام 1983. ولكن الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي وجهت الدعوة لعقد اجتماع للجنة المساعي الحميدة الإسلامية في "جدة" في شهر أيار من عام 1984 بعد تصعيد الحرب العراقية- الإيرانية بحيث شملت ناقلات النفط في الشهر المذكور.‏



    المبحث الثالث‏

    الوساطة.(14) - Mediation‏

    الوساطة هي عمل ودي تقوم به دولة أو مجموعة من الدول أو وكالة تابعة لمنظمة دولية أو حتى فرد ذي مركز رفيع في سعيه لايجاد تسوية للنزاع القائم بين دولتين.‏

    ولا يفرق الكثيرون بين الوساطة والمساعي الحميدة. وفي الحقيقة فإن الخصيصة المميزة للوساطة هي أن الوسيط يقوم بدور أكثر إيجابية، فيشترك في المفاوضات وفي التسوية نفسها اشتراكاً فعلياً، ويبدي للطرفين وجهة نظره الخاصة، ويقدم اقتراحات محددة لتسوية المسائل الموضوعية.‏

    ولا يوجد التزام على أية دولة في أن تقدم وساطتها، وهي إنما تقوم بذلك بملء إرادتها كما هو عليه الحال في المساعي الحميدة. كذلك فإن أياً من طرفي النزاع أو كلاهما حر في قبول أو رفض عرض بالوساطة. كما أن النتيجة التي انتهت إليها الوساطة غير ملزمة لطرفي النزاع ولا يمكن فرضها عليهما، لأن اقتراحات الوسيط هي مجرد توصيات.‏

    ويمكن للوسيط أن يلتقي طرفي النزاع إما مجتمعين أو كلا منهما على انفراد، وتنتهي مهمة الوسيط حينما تتم تسوية المنازعات، أو حينما يقرر أحد الطرفين أو الوسيط أن الاقتراحات المقدمة غير مقبولة.‏

    ولقد توخت اتفاقيتا لاهاي لعامي 1899و 1907 "تنظيم الوساطة واعتبارها مجرد مشورة غير الزامية سواء أتمت عفوياً، أم بناء على طلب إحدى الدول المتنازعة ونصت أيضاً على أن الوساطة لا تعتبر بحد ذاتها عملاً غير ودي، وأنه يحق للدول إعادة عرض وساطتها رغم رفضها أول مرة، وأحدثت المادة الثانية من اتفاقية 1907 مبدأ اللجوء إلى الوساطة والإفادة منها قبل الاحتكام إلى السلاح، غير أنها قيدت هذا المبدأ بعبارة بقدر ما تسمح به الظروف) مما أضعف قوته ومرماه"(15)‏

    ووضع مؤتمر بونس أيرس الأميركي لعام 1936 معاهدة جديدة للمساعي الحميدة والوساطة، تؤكد على هذين الأسلوبين القديمين ولكن في إطار جديد. وهي تنص على أن يقوم بدور الوسيط مواطن بارز يختار من قائمة موضوعه مسبقاً تضم أسماء المواطنين الذين ترشحهم الجمهوريات الأمريكية وبمعدل مواطنين من كل دولة. ومن الأمور المثيرة للاهتمام في هذه المعاهدة هو النص فيها على الكتمان وعدم النشر في تسوية المنازعات، ومن ضمن ذلك عدم وضع أي تقرير من قبل الوسيط، وإحاطة محاضر الجلسات بالسرية الكاملة.‏

    والوساطة، إما أن تتوخى الحيلولة دون تطور الخلاف بين دولتين إلى نزاع مسلح، والمثال الذي يستشهد به هو وساطة البابا ليو الثالث عشر pope leo xiii‏

    في النزاع الألماني -الإسباني على مجموعة جزر الكارولين Caroline islands group في المحيط الهادئ في عام 1885.‏

    وأما أن تتوخى انهاء نزاع مسلح قائم. ومثل ذلك الوساطة التي قامت بها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب الروسية اليابانية، والتي تكللت بعقد معاهدة بورتسموث portsmouth في عام 1905.‏

    وقد طرأ تطور جديد على أسلوب الوساطة وهو استخدامه بهدف وضع حد للحروب الأهلية. والمثال الحديث الذي يجب عدم الخلط بينه وبين التدخل هو ما حصل في عام 1947 حينما تبنت الدول العشرون المشتركة في مؤتمر الدفاع عن الدول الأمريكية المجتمع في "كويتاندينا Quitandinha "بالبرازيل بالاجماع اقتراحاً يدعو للقيام بوساطة مشتركة لإنهاء الحرب الأهلية التي كانت دائرة في باراغواي paraguay وقضت الخطة التي وضعتها أوروغواي uruguay بارسال رسائل إلى كل من طرفي النزاع تطلب فيها وضع حد سريع للقتال.‏

    كما طرأ تطور آخر يتمثل في اختيار شخصية بارزة للوساطة وليس دولة "فقد عين مجلس الأمن الكونت برنادوت Bernadotte وسيطاً في فلسطين بين الدول العربية وسلطات الاحتلال الاسرائيلي بتاريخ 20 أيار 1948. وقد اغتالته عصابة صهيونية في 7أيلول 1948 فعين المجلس مكانه الدكتور رالف بانش.(16) Dr. Ralph Bunche الذي أدت أنشطة الوساطة التي قام بها إلى إنهاء الحرب الفعلية active hostilities بين سلطات الاحتلال الاسرائيلي والدول العربية عام 1948".‏

    وقد أخذ "ميثاق جامعة الدول العربية" بأسلوب الوساطة في المادة الخامسة منه حيث جاء فيها:‏

    "ويتوسط المجلس في الخلاف الذي يخشى منه وقوع حرب بين دولة من دول الجامعة، وبين دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها للتوفيق بينهما".‏

    وهكذا يحق لمجلس الجامعة السعي إلى إيجاد تسوية لهذا النوع من النزاع عن طريق الاشتراك في بحث أسبابه والعمل على تقريب وجهات نظر الأطراف المتنازعة للتوفيق بينها. ولا يجوز للدول المتنازعة أن ترفض هذه الوساطة ولكن موافقتها ضرورية لقبول قراراتها من قبل الأطراف المتنازعة، كما أن موافقتها ضرورية إذا كانت إحدى الدول المتنازعة ليست عضواً في الجامعة. وتصدر قرارات مجلس الجامعة بأغلبية الآراء بما في ذلك أصوات أطراف النزاع. ويحق للدول المتنازعة أن ترفض الحل الذي يقرره مجلس الجامعة.(17)‏

    ولعل من المفيد إلقاء نظرة سريعة على بعض مواد نظام مركز الوساطة والتحكيم لدى اتحاد المصارف العربية المتعلقة بالوساطة. فكل خلاف ينشأ بين عضوين أو أكثر من أعضاء الاتحاد يمكن السعي لحله بصورة ودية عن طريق جهاز الوساطة لدى اتحاد المصارف العربية المادة الخامسة) وعلى المدعي الراغب في اللجوء إلى الوساطة.. أن يوجه طلبه إلى الأمانة العامة لاتحاد المصارف العربية المادة 6/1) وفي حال قبول المدعى عليه مسعى الوساطة، على الأمين العام أن يرفع ملف القضية إلى رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية من أجل تعيين وسيط منفرد أولجنة وساطة وفقاً لظروف القضية واهميتها وذلك خلال شهر واحد المادة 6/4). وفي حال عدم قبول المدعى عليه مسعى الوساطة يعاد إلى المدعي الرسم المدفوع من قبله المادة 6/5) يدرس جهاز الوساطة ملف القضية ويتصل بالمدعي والمدعى عليه وله أن يستمع إلى أقوالهما، وذلك في أنسب مكان يحدده المادة 7/1) يحدد جهاز الوساطة الفترة الزمنية اللازمة لحل النزاع، بعد دراسة ملف القضية والاستماع إلى الأطراف عند الاقتضاء، ويقترح على المدعي والمدعى عليه صيغة لحل النزاع بصورة ودية المادة 7/3) يقدم جهاز الوساطة بعد الاستماع لوجهة نظر الأطراف وتحقيق إدعاءاتهم واعتراضاتهم تقريراً يضمنه أي اتفاق يكون أطراف الخلاف قد توصلوا إليه، فإذا لم يقع اتفاق بينهم، كان على جهاز الوساطة أن يبين في هذا التقرير وبموافقة أغلبية أعضاء الجهاز وجهة نظره في شأن المسائل المختلفة عليها سواء من حيث الواقع أو القانون، مشفوعة بالتوصيات التي يراها ملائمة لحل الخلاف بالطرق الودية، ويودع التقرير لدى الأمانة العامة التي تقوم بأخطار الأطراف بمضمونه المادة 7/4) ولا يلتزم الأطراف بالتقيد بوجهة النظر التي أفصح عنها جهاز الوساطة في تقريره ولا بالتوصيات التي تضمنها التقرير المادة 7/5) وتعتبر إجراءات الوساطة منتهية إذا تم التوصل إلى تسوية ودية للخلاف أو إذا قام أحد أطراف النزاع بتبليغ الأمانة العامة باعتراضه على ما جاء في التقرير المادة 7/6). وإذا فشل مسعى الوساطة لا تتأثر حقوق الأطراف في الخلاف بما تم أو قيل أو كتب أثناء الوساطة ولا يحق لأي من الأطراف أن يتذرع بعد فشل مسعى الوساطة بصيغة المصالحة التي اقترحها جهاز الوساطة المادة 8)‏

    المبحث الرابع‏

    لجنة التحقيق - Commission of Inquiry‏

    يدور معظم المنازعات الدولية حول مسائل الوقائع أكثر مما يدور حول مسائل القانون. فقد انطوى عدد كبير من المنازعات الدولية على عدم قدرة الطرفين المتنازعين على الاتفاق على الوقائع أو عدم رغبتهما في ذلك، مما حدا بالدول في أواخر القرن التاسع عشر إلى عقد عدد من الاتفاقيات الثنائية التي تقضي بتشكيل لجان خاصة بتقصي الحقائق ومهمتها رفع تقرير عن الوقائع المتنازع عليها إلى الطرفين المعنيين. وقد أثبتت هذه اللجان نجاعتها وخاصة في المنازعات على الحدود.‏

    و"الغرض من التحقيق أصلاً هو تحديد الوقائع المادية والنقاط المختلف عليها بين الفرقاء المتنازعين تاركاً لهم استخلاص النتائج التي تنشأ عنه إما بصورة مباشرة، ويكون ذلك عن طريق المفاوضة، وإما بصورة غير مباشرة، ويكون ذلك عن طريق التحكيم.(18)‏

    ولا يوجد التزام على أية دولة في اللجوء إلى أسلوب التحقيق، كما أن النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق في تقريرها غير ملزمة لطرفي النزاع ولا يمكن فرضها عليهما.‏

    وتتألف لجنة التحقيق بموجب اتفاقية خاصة. وتكتفي بوضع تقرير عن الوقائع المتنازع عليها دون تحديد المسؤوليات، كما قدمنا.‏

    وبموجب اتفاقية لاهاي الأولى لعام 1899 الخاصة بتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية Convention I for the pacific Settlement of international‏

    Disputes‏

    اعتبرت لجان التحقيق بمثابة مؤسسة رسمية. فقد قضت هذه "الاتفاقية" بالاحتفاظ بقائمة أسماء دائمة Panel يختار منها خمسة لقضايا محددة. ويحق لكل دولة طرف في النزاع أن تختار عضوين يكون أحدهما فقط من بين مرشحيها في قائمة الأسماء الدائمة، أما العضو الخامس فيختاره الأعضاء الأربعة الآخرون. ويجب أن يقتصر تقرير لجنة التحقيق على تقصي الحقائق فقط، ولذلك فإنه ليس من المتوقع أن يتضمن اقتراحات لتسوية النزاع وليست له صفة الحكم بأي حال من الأحوال.‏

    ولقد توسعت اتفاقية لاهاي الثانية لعام 1907 في التفصيلات الاجرائية الوارد ذكرها في الاتفاقية الأولى، وذلك بتحديد بعض الأمور مثل مكان الاجتماع واللغات المستعملة، وسد الشواغر في اللجان. وسمحت الاتفاقية أيضاً للدول المتنازعة بإرسال مندوبين خاصين من قبلها لتمثيلها وللعمل كوسطاء بين هذه الدول ولجان التحقيق. هذا بالإضافة إلى النص على استدعاء الشهود إما من قبل الدول المتنازعة أو من قبل اللجنة نفسها. وكان أحد أكثر التجديدات أهمية هو تطلب اشتراك ثلاثة أعضاء محايدين في أية لجنة تحقيق. واكتفت اتفاقيتا لاهاي لعامي 1899و 1907 بوضع القواعد الأساسية الخاصة بتشكيل لجان التحقيق وبكيفية قيامها بعملها، وتركت للدول المتعاقدة حرية الاختيار سواء كان ذلك في اللجوء إليها أم في الأخذ بالنتائج التي توصلت إليها.‏

    وأرادت "الولايات المتحدة"، بجهود وزير خارجيتها السيد ويليام ج بريان، المضي قدماً إلى الأمام للاستفادة من الإمكانيات الكامنة في استخدام أسلوب لجان التحقيق. وهكذا فقد أبرمت حكومة "الولايات المتحدة" معاهدة مع حوالي ثلاثين دولة ما بين عامي 1913 و1914، تقضي بضرورة إجراء تحقيق حول وقائع المنازعات. ونصت معاهدات بريان: Bryan treaties) هذه على القيام بإجراء تحقيق ووضع تقرير فقط دون تقديم توصيات، كما أنها تتميز بالخصائص التالية:‏

    آ-تأليف لجان التحقيق من خمسة أعضاء، يختار إثنان منهما من رعايا الطرفين المتنازعين وثلاثة من رعايا الدول الأخرى.‏

    ب- وجوب اللجوء إلى التحقيق بمجرد طلب أحد الطرفين.‏

    جـ-تجرد التقرير من أية صفة الزامية بحيث يستطيع الطرفان الأخذ بمضمونه أو اهماله.(19) وكان الهدف من هذه المعاهدات توفير فترة هدوء أمام الدولتين المتنازعتين.‏

    وخضع أسلوب لجان التحقيق إلى تطور جديد من قبل "عصبة الأمم" و"الأمم المتحدة" اللتين استعملتاه بأسلوب يختلف عن الأسلوب الذي وضعته فيه اتفاقيتا لاهاي بالنقاط التالية:‏

    آ-يعتبر التحقيق الذي وضعت أسسه اتفاقية 1907 أسلوباً مستقلاً وكاملاً بحد ذاته، في حين أن التحقيق بالشكل الذي استعملته المنظمتان يفسح مجالاً أوسع لتسوية المنازعات، إذ أن من خصائصه اطلاع أجهزة المنظمة الدولية على حقيقة الوقائع.‏

    ب-توفد اللجان إلى مكان النزاع أسوة بالتحقيق الذي يتم في الإجراءات القضائية.‏

    جـ- تقترح اللجنة حلولاً للنزاع ولا تكتفي بتسجيل الوقائع"(20) .‏

    ومن الجدير بالذكر أن "عصبة الأمم" لجأت إلى لجان التحقيق كأسلوب لتسوية المنازعات في العديد من الخلافات ومنها: قضية جزر آلاند بين السويد وفنلندا عام 1920، وقضية الموصل بين بريطانيا وتركيا عام 1924، وقضية حادث الحدود في دميرقابو بين اليونان وبلغاريا عام 1925، وقضية النزاع الصيني الياباني الناشيء عن اعتداء اليابان على منشوريا عام 1931.‏

    كما أن "الأمم المتحدة" لجأت إلى أسلوب لجان التحقيق لتسوية المنازعات في العديد من الخلافات وأشهرها ما تعلق بالقضية الفلسطينية. ففي 15 أيار عام 1947 عينت الجمعية العامة "لجنة خاصة مزودة باختصاصات واسعة لدراسة قضية فلسطين.‏

    وقد تضمن التقرير الذي قدمته اللجنة في 21 آب التالي تقسيم فلسطين إلى منطقتين عربية واسرائيلية. ورغم أن الجمعية العامة أقرت مضمون هذا التقرير بتاريخ 29 تشرين الثاني عام 1947، فإن قرارها في هذا الشأن ما زال معلقاً لامتناع اسرائيل عن تنفيذه"(21) .‏

    كما أن مجلس الأمن قرر في خريف عام 1968 "تكليف الأمين العام بإرسال بعثة تحقيق للنظر في معاملة إسرائيل للمدنيين من العرب في الأراضي المحتلة بعد حرب حزيران عام 1967.(22)‏

    وليس أدل على الأمل الذي تعلقه "الأمم المتحدة" على أسلوب لجان التحقيق من القرار الذي تبنته" الجمعية العامة بالاجماع برقم 2329 (22) وتاريخ 18 كانون الأول عام 1967، والذي يحث الدول الأعضاء على الاستفادة من الأساليب القائمة لتقصي الحقائق بفعالية أكثر طبقاً للمادة 33 من الميثاق كما طلبت الجمعية العامة من "الأمين العام" إعداد لائحة بالخبراء الذين تمكن الاستفادة من خدماتهم لأغراض تقصي الحقائق.‏



    المبحث الخامس‏

    التوفيق أو المصالحة - Conciliation‏

    إن اتباع أسلوب التوفيق أو المصالحة يعني عرض نزاع معين على لجنة توفيق أو على موفق واحد بقصد تمحيص جميع أوجه النزاع واقتراح حل على الطرفين المعنيين. وبالطبع فإن أياً من طرفي النزاع أو كلاهما حرفي قبول أو رفض اقتراحات الموفق أو لجنة التوفيق. وكما عليه الحال في الوساطة يمكن للموفقين أن يجتمعوا بالطرفين مجتمعين أو منفردين.‏

    وأسلوب التوفيق حديث العهد، إذ أنه دخل التعامل الدولي في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وقد ورد النص على تشكيل العشرات من لجان التوفيق في اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف. وينص بعض هذه الاتفاقيات على تشكيل لجان دائمة تكون في بعض الحالات مخولة حتى في عرض خدماتها على طرفي النزاع دون أن يطلب إليها القيام بذلك.‏

    كما تقضي اتفاقيات أخرى بتشكيل لجان خاصة بعد قيام النزاع فقط. وتضمن عدد من الاتفاقيات مؤخراً، وبعضها ذو أهمية كبيرة، بنوداً تقضي بتشكيل لجان توفيق كميثاق بوغوتا 1948) the pact of Bogota ومعاهدة بروكسل 17 آذار 1948) the treaty of Brucsels.(23)‏

    وتكون معاهدات التوفيق على أنواع مختلفة:‏

    آ-معاهدات التوفيق السكندينافية التي وضعت أسلوباً موحداً للتوفيق يمكن تطبيقه في جميع المنازعات.‏

    ب-معاهدات التوفيق والتحكيم البولونية التي أحدثت أسلوباً مزودجاً لحل جميع المنازعات على مرحلتين: تبدأ الأولى بالتوفيق، فإذا أخفقت هذه الطريقة يلجأ الطرفان إلى التحكيم.‏

    جـ-معاهدات التحكيم والتوفيق الالمانية وهي تنص على تطبيق طريقتي التحكيم والتوفيق في حالتين مختلفتين:‏

    الأولى في المنازعات القانونية والثانية في المنازعات ذات الطابع السياسي.‏

    د-معاهدات التوفيق والتسوية القضائية المتبعة في سويسرا وهي تجمع بين الطريقتين.‏

    هـ-ميثاق التحكيم العام: وقد أقرته الجمعية العامة لعصبة الأمم في 26 أيلول 1928، الذي تناول بكثير من التفصيل ثلاثة نظم لتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية وهي التوفيق والقضاء والتحكيم.‏

    و-معاهدات التوفيق والتحكيم والتسوية القضائية.‏

    وهي تنطوي على أسلوب مزيج أخذت به معاهدات لوكارنو الموقعة في 16 تشرين الأول أكتوبر) 1925.(24)‏

    وأهم هذه المعاهدات هي معاهدة لوكارنو التي وضعت للمصالحة الدولية القواعد التالية:‏

    آ-تتألف اللجان من ثلاثة أو خمسة أعضاء على الأكثر وتكون دائمة.‏

    ب-ينحصر اختصاصها في الخلاف على المصالح وليس على الحقوق، ولا يكون هذا الاختصاص الزامياً، كما أن التقرير الذي تضعه لا يكون ملزماً للطرفين بل يكون مستنداً لحل تحكيمي أو قضائي لاحق.‏

    جـ-تتبع لدى لجان المصالحة الأصول التي نصت عليها معاهدة لاهاي 1907) بشأن لجان التحقيق.(25) ورغم الاتفاقيات الملمح إليها فإن استخدام أساليب التوفيق يمثل ظاهرة نادرة الحدوث على المسرح الدولي، وربما كان السبب في ذلك أن الدول تفضل اللجوء إلى الأساليب الأخرى لتسوية المنازعات على أسلوب التوفيق لأنها تنص على إصدار قرارات أو أحكام ملزمة تحكيم قضاء) بدلاً من ترك الحرية لكل طرف في رفض مجرد اقتراحات أو توصيات كما هو عليه الحال في أسلوب التوفيق.‏

    وقد عرضت نزاعات عديدة لبحثها من قبل هذه اللجان ومن ذلك: النزاع الدانيماركي -البلجيكي عام 1952، ونزاعان بين فرنسا وسويسرا عام 1955، ونزاع بين اليونان وإيطاليا عام 1956. ومن الأمثلة البارزة على نجاح أسلوب التوفيق" إعادة بعض الأراضي الكمبودية التي منحتها فرنسا إلى تايلاند عام 1941 بناء على وساطة اليابان، إذ آلت المساعي الحميدة التي بذلتها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية إلى عرض النزاع على لجنة توفيق تألفت وفقاً لأحكام الاتفاق الموقع في واشنطن بتاريخ 17 كانون الأول ديسمبر) 1946 وإذعان تايلاند لمضمون التقرير القاضي بضرورة إعادة الأراضي الممنوحة.(26)‏

    ومن أحدث الأمثلة لجنة التوفيق التي شكلتها الأمم المتحدة عام 1948 لحل مشكلة فلسطين، والتي ما تزال قائمة نظرياً.‏

    ولعل من المفيد إلقاء نظرة سريعة على بعض المواد الخاصة بالمصالحة الاختيارية المنصوصة في نظام المصالحة والتحكيم في غرفة التجارة الدولية النافذ اعتباراً من تاريخ الأول من شهر حزيران عام 1957.‏

    1-الهيئة الإدارية للمصالحة، لجنة المصالحة:‏

    إن كل خلاف ذي صفة تجارية وله طابع دولي يمكن السعي لتسويته ودياً عن طريق "الهيئة الإدارية للمصالحة" المحدثة لدى غرفة التجارة الدولية، وتسمي كل لجنة وطنية من عضو إلى ثلاثة أعضاء في "الهيئة" من بين رعاياها المقيمين في باريس، ويعين هؤلاء لمدة سنتين من قبل رئيس غرفة التجارة الدولية المادة 1/1). ويشكل رئيس غرفة التجارة الدولية لكل خلاف "لجنة مصالحة" مؤلفة من ثلاثة أعضاء. وتتألف "اللجنة" من مصالحين ينتميان بقدر الإمكان، إلى كل من جنسية طالب المصالحة والطرف الآخر. "ورئيس لجنة" من غير جنسية الطرفين المعنيين، ويجري اختياره. من حيث المبدأ، من بين أعضاء "الهيئة الإدارية للمصالحة" المادة 1/2).‏

    2-طلب المصالحة:‏

    ينبغي على الطرف الراغب في اللجوء إلى المصالحة أن يتقدم بطلب إلى "الأمانة العامة لغرفة التجارة الدولية" بواسطة لجنته الوطنية أو بصورة مباشرة، وفي هذه الحالة الأخيرة يقوم "الأمين العام" بإبلاغ "اللجنة الوطنية" بذلك.‏

    ويجب أن يتضمن الطلب عرضاً للقضية من وجهة نظر الطرف المذكور، كما يجب أن يكون مرفقاً بصورة عن الأوراق والوثائق المتعلقة به، هذا فضلاً عن دفع سلفة نقدية وفقاً للجدول المرفق بهذا النظام لتغطية النفقات التي تتحملها "الأمانة العامة" في إجراءات المصالحة المادة 2).‏

    3-الإجراءات المتخذة من قبل لجنة المصالحة:‏

    يقوم "الأمين العام لغرفة التجارة الدولية" لدى تسلمه طلب المصالحة مرفقاً بالأوراق والوثائق المتعلقة به والسلفة النقدية بإعلام الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى) بالخلاف بصورة مباشرة أو بواسطة لجنته الوطنية أو لجانهم الوطنية) ويدعوه أو يدعوهم) لقبول مسعى المصالحة، ومن ثم تقديم عرض خطي للقضية من وجهة نظره إلى "لجنة المصالحة" ويجب أن يكون مرفقاً بصور عن الأوراق والوثائق المتعلقة به، هذا فضلاً عن دفع سلفة نقدية وفقاً للجدول المرفق بهذا النظام لتغطية النفقات التي تتحملها الأمانة العامة في إجراءات المصالحة المادة 3/1).‏

    وتدرس "اللجنة" الملف وتلجأ إلى طلب أية معلومات بهذا الصدد وذلك بطريق المراسلة مع طرفي النزاع بصورة مباشرة أو عن طريق لجنتيهما الوطنيتين، وتستمع إلى أقوال الطرفين إذا كان ذلك ممكناً المادة 3/2).‏

    ويمكن للطرفين أن يمثلا شخصياً أمام "اللجنة" أو أن يكون ممثلين بوكلاء معتمدين بصورة رسمية، ويمكنهما أن يستعينا بمستشارين أو محامين المادة 3/3).‏

    4-صيغة المصالحة:‏

    تقترح "اللجنة" على الطرفين صيغة للمصالحة بعد تدقيق الملف وسماع الطرفين إذا كان ذلك ممكناً المادة 4/1).‏

    إذا تمت المصالحة، تضع اللجنة محضراً يثبت اتفاق الطرفين وتوقع عليه المادة 4/2).‏

    في حالة عدم حضور الطرفين أو تمثيلهما بوكلاء معتمدين بصورة رسمية، تقوم "اللجنة" بابلاغ رئيس كل من اللجنتين الوطنيتين المعنيتين صيغة المصالحة وتدعوهما ليستعملا نفوذهما لدى الطرفين لاقناعهما بقبول اقتراحات اللجنة المادة 4/3).‏

    5- حقوق الطرفين في حالة اخفاق مسعى المصالحة:‏

    إذا فشل مسعى المصالحة، يصبح الطرفان حرين في اللجوء إلى التحكيم أو إلى المحاكم المختصة، ما لم يكونا مرتبطين بشرط تحكيم المادة 5/1).‏

    لا تتأثر حقوق الطرفين، بأي شكل كان، سواء في التحكيم أو أمام المحاكم، بما تم أو قيل أو كتب أثناء المصالحة.‏

    ولا يجوز لمن اشترك في لجنة المصالحة في خلاف ما أن يعين محكماً في نفس الخلاف المادة 5/2)(27) .‏

    (1) - see, j. G. Merrills, International Dispute Settlement Sweet and Maxwell, London, 1984, p1.‏

    (2) - See "Mavromatis palestine Concessions Jurisdiction) Case 1924)"‏

    p. C.i.j,Ser. A, N°2.‏

    (3) - See , Gerhard von Glahn, Law Among Nations , Second Edition , The Macmillan Company, London , 1970, P, 458.‏

    "before a dispute can be made the subject of an action at law , its , subject matter , should have been clearly defined by means of diplomatic negotiations."‏

    (4) - Who are in the best position to judge as to political resons which may prevent the settlement of a given dispute by diplomatic negotiations"von Glahn , OP , cit. , P 458..‏

    (5) - Internatinal Court of Justice Judoment on Preliminary Objections November , 26, 1957, I, c, j.‏

    Reports, 1957, P 125, digested in 52, A, j, I, L, 1958) , PP 326-337‏

    See , von , Glahn, OP , cit. , P, 298.‏

    (6) - "Portugal , before filing her Application in the present case, did not comply with the rule of customary international law requiring her to undertake diplomatic negotiations and continue them to the paint where it was no longer profitable to pursue them‏

    See, Ian Brownlie , Principles of puplic Internatinal Law , oxford, 1973, P.486‏

    (7) -انظر ، د. فؤاد شباط، الحقوق الدولية العامة، دمشق، مطبعة الجامعة السورية. 1375هـ-1956م،ص419.‏

    (8) -انظر، د. سموحي فوق العادة، القانون الدولي العام، 1960، ص768.‏

    (9) -انظر، د. شكري، المرجع السابق، ص426.‏

    (10) -انظر، لمزيد من الفائدة، المفاوضات كمنهج سيكولوجي في تبديل المواقف، ترجمة وتلخيص أ . محمد حجاز، مجلة الفكر العسكري، دمشق، السنة السادسة، العدد الثالث، 1978، من ص186-198.‏

    (11) -انظر، محمد البجاوي، الثورة الجزائرية والقانون، دمشق، دار اليقظة العربية، 1961، ص411.‏

    (12) -أكدت اتفاقيتا لاهاي بشأن التسوية السلمية للمنازعات لعامي 1899و1907) في المادة الثالثة بأن الحق في عرض المساعي الحميدة" لا يمكن أبداً أن يعتبر من قبل أي من طرفي النزاع عملاً غير ودي".‏

    (13) - Jakarta, a city in java, the fomer, Dutch name.‏

    (14) - see, Merrills, op, cit., P. 20.‏

    (15) -انظر. فوق العادة، المرجع السابق، ص771.‏

    (16) -انظر، د. فوق العادة، المرجع السابق، ص773.‏

    (17) -انظر، د. مفيد محمود شهاب، جامعة الدول العربية: ميثاقها وانجازاتها القاهرة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، معهد البحوث والدراسات العربية، 1978، ص76.‏

    (18) -انظر، شكري، المرجع السابق، ص427.‏

    - see, Merrills, op. Cit., P33.‏

    (19) -انظر، فوق العادة، المرجع السابق، ص776.‏

    (20) -انظر، فوق العادة، المرجع السابق، ص776.‏

    (21) -انظر، فوق العادة، المرجع السابق، ص778.‏

    (22) -انظر، شكري، المرجع السابق، ص428.‏

    (23) - See, Merrills, op, cit, p.52.‏

    (24) انظر، د. فوق العادة، المرجع السابق، ص778-779.‏

    (25) -انظر، د، شباط، المرجع السابق، ص424.‏

    (26) -انظر، فوق العادة، المرجع السابق، ص780.‏

    (27) - See, I,C,C, Rules for the I,C,C, Court of Arbitration paris, 1985.‏
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق


    • #17
      رد: دراسات دولية

      الفرع الأول الحلول السياسية الودية

      Pacific settlement - Solutions pacifiques‏


      نصت الفقرة الأولى من المادة /33/ من ميثاق الأمم المتحدة ما يلي:‏

      "يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق..."‏

      وواضح أن هذا التعداد على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر. وهكذا يتاح أمام الأطراف في منازعة دولية مجال واسع من الحلول الودية ذات الصفة السياسية ليختاروا منها الحل الذي يمكن بواسطته تحقيق تسوية سلمية للمنازعات. وسنلقي نظرة سريعة على كل من هذه الحلول فيما يلي:‏



      المبحث الأول - المفاوضات المباشرة.(1)‏

      Direct Negotiations‏

      وهي أقدم أسلوب لتسوية المنازعات وأكثرها انتشاراً وأقلها تعقيداً. ولقد اعترف منذ القديم بوجود التزام قانوني بإجراء المفاوضات قبل اللجوء إلى استخدام القوة. كما اعتبرت المفاوضات في القرون اللاحقة بأنها تشكل واحداً من الشروط المسبقة لاضفاء صفة العدالة على استخدام القوة. واستمرت إدانة استخدام القوة قبل اللجوء إلى المفاوضات كما استمرت إدانة الهجوم بدون إنذار مسبق.‏

      وكثيراً ما تشترط المعاهدات الدولية الخاصة بالتسوية السلمية للمنازعات على الدول المتنازعة استنفاد أسلوب المفاوضات الدبلوماسية قبل أن يكون في إمكانها اللجوء إلى أسلوب التسوية القانونية عن طريق التحكيم والقضاء. ولقد بحثت محكمة العدل الدولية الدائمة هذا المبدأ بشيء من التفصيل في "قضية امتيازات مافروماتيس الفلسطينية من ناحية الاختصاص القضائي)(2) لعام 1924" وقررت أنه:‏

      "قبل أن يكون في الإمكان إخضاع أي نزاع إلى إجراء قانوني، يجب تحديد موضوعه بوضوح بواسطة المفاوضات الدبلوماسية(3) .‏

      واعترفت المحكمة بأن عليها أن تقرر في كل قضية ما إذا كانت مفاوضات كافية قد سبقت عرض النزاع، ولكنها لن تتجاهل آراء الدول المعنية.‏

      "التي هي في أفضل وضع للحكم على الأسباب السياسية التي قد تمنع تسوية منازعة معينة بالمفاوضات الدبلوماسية(4) وفي قضية حق المرور اعتراضات أولية)(5) المقدمة من البرتغال ضد الهند) أمام محكمة العدل الدولية والمتعلقة بحق المرور في الأراضي الهندية، أثارت الهند الاعتراض الأولي التالي:‏

      " إن البرتغال، قبل أن تتقدم بادعائها في هذه القضية، لم تراع قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي تتطلب منها القيام باجراء المفاوضات الدبلوماسية والاستمرار فيها إلى الحد الذي لا يعود فيه من المفيد متابعتها(6) ...‏

      ويتمتع أسلوب المفاوضات الدبلوماسية بمزايا عديدة، ومن أولى ميزاته أنه قليل التكاليف. إذ قد تتمكن دولة من الدول من تحقيق أهدافها باتباعه، فتوفرعلى نفسها مشاق ومخاطر وتكاليف الحرب. ومن ميزاته أيضاً المرونة والكتمان.‏

      وفي الحقيقة، فإن دول العالم وخاصة الكبرى منها تقوم بتسوية العشرات بل وحتى المئات من المنازعات مع الدول الأخرى باتباع أسلوب المفاوضات الدبلوماسية التي تتم على أيدي ممثليها "الذين يجرون فيما بينهم مباحثات بقصد تبادل الرأي في الموضوعات المختلف عليها، وتقليب وجهات النظر فيها، والوصول إلى حلول بشأنها يرضى عنها الفريقان(7) "‏

      وتجري المفاوضات إما بصورة خطية عن طريق تبادل الرسائل والمذكرات، أو بصورة شفهية عن طريق المؤتمرات الدولية. ويتوقف نجاح المفاوضات على الروح التي تسودها،" فإذا كانت الدول المتفاوضة لا تتمتع بقوة سياسية متعادلة، فإن الدول الكبرى تطغى على الصغرى وتفرض عليها إرادتها.(8) ومن الأمثلة الحديثة على المنازعات الدولية التي تمت تسويتها عن طريق المفاوضة "المفاوضات التي أدت إلى اتفاق فرنسا وممثلي الثورة الجزائرية على منح الجزائر استقلالها عام 1961)... والمفاوضات التي جرت بين سورية ولبنان في شهر آب 1973 لحل المشاكل المعلقة بين البلدين.(9) "‏

      ولعل من المفيد الإشارة إلى الأهمية التي تعلقها الدول على المفاوضات والاتصالات المباشرة، والتي تتجلى في الخط الساخن Hot Line الذي أنشئ بموجب مذكرة التفاهم الأميركية- السوفيتية الموقعة بين الدولتين في جنيف بتاريخ 20حزيران عام 1963، وذلك لتأمين الاتصال الفوري بين رئيسي الدولتين في حالة انفجار أزمة ما تهدد بخطر محدق، على غرار ما حصل أثناء حرب تشرين 1973 بين مصر وسورية من جهة وإسرائيل من جهة ثانية.‏

      ومما تجدر ملاحظته أن أسلوب المفاوضات المباشرة كثيراً ما يقترن بأسلوبي المساعي الحميدة والوساطة على نحو ما سنرى.(10)‏

      أما الرابطة القانونية القائمة بالضرورة بين الطرفين المتفاوضين فإنها تتمثل فيما أعلنه المحامي النقيب وليام ثورب في مساجلة غرونوبل بتاريخ 13 آذار 1961 حينما قال:‏

      "تفترض المفاوضة وجود متحدثين اثنين على الأقل. وكل من هذين المتحدثين أملاه الغرض المتوخى من المفاوضة. وكلاهما يفرض نفسه على الآخر بحكم أنهما وحدهما اللذان يمسكان بمفتاح الاتفاق المراد عقده. ومن ثم، فليس في مقدورهما أن ينتقي أحدهما الآخر ولا أن يستبعد أحدهما الآخر.(11)‏



      المبحث الثاني‏

      المساعي الحميدة - Good offices‏

      حينما تتعذر تسوية منازعة ما بالمفاوضات الدبلوماسية، ويبدو تضارب الحقوق أو المطالب على أنه يتمتع بقدر كاف من الأهمية، فإنه يمكن حينئذ اللجوء إلى أسلوب المساعي الحميدة.‏

      والمساعي الحميدة هي عمل ودي تقوم به دولة أو مجموعة من الدول أو حتى فرد ذي مركز رفيع كالأمين العام للأمم المتحدة في محاولة لجمع الدول المتنازعة مع بعضها وحثها على البدء بالمفاوضات أو استئنافها.‏

      ويعتبر بعض المؤلفين أسلوب المساعي الحميدة شكلاً من أشكال التدخل. وهم بهذا يستعملون اصطلاح التدخل بصورة غير دقيقة. فهذا الاصطلاح لا يستعمل إلا في حالة استخدام القوة المسلحة، كما حصل حينما تدخلت الدول الكبرى في النزاع اليوناني -التركي على جزيرة كريت في عام 1868.‏

      ولا يوجد التزام على أية دولة في أن تقدم خدماتها بهذا الخصوص، كما لا يوجد التزام على أي طرف نزاع ما بقبول عرض المساعي الحميدة، وفي كل الأحوال فإنه لا بد للطرف الثالث من الحصول على موافقة طرفي النزاع قبل قيامه ببذل مساعيه الحميدة، فيسمح له حينئذ القيام بمحاولة جمع طرفي النزاع مع بعضهما، بحيث يجعل من الممكن لهما التوصل إلى حل ملائم للنزاع. ويتم ذلك بأن يقابل كلا من طرفي النزاع على انفراد، ومن النادر أن يحضر الطرف الثالث اجتماعاً مشتركاً.‏

      وتصبح لأسلوب المساعي الحميدة أهمية خاصة في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين المتنازعتين. فيبذل الطرف الثالث مساعيه الحميدة، وينقل الرسائل والاقتراحات، ويحاول خلق مناخ يوافق فيه الطرفان المتنازعان على إجراء المفاوضات المباشرة فيما بينهما.‏

      ويشترط لنجاح المساعي الحميدة ألا تخفي بواعث أنانية، فهي عمل ودي(12) منزة عن مصلحة أي من طرفي النزاع أو عن مصلحة الطرف الثالث القائم ببذل مساعيه الحميدة. وتنتهي المساعي الحميدة بمجرد اقناع الطرفين المتنازعين بالجلوس إلى مائدة المفاوضات أو مساعدتهما على استئنافها أو قبول مبدأ التسوية الودية للنزاع، دون أن يتعمق الطرف الثالث في دراسته تفصيلات النزاع أو أن يسهم في المفاوضات. ومع ذلك فهنالك حالات وجهت فيها الدولتان المتنازعتان الدعوة إلى الطرف الثالث، الذي قبل عرض مساعيه الحميدة أو نشدت مساعدته لهذا الغرض، للحضور أثناء المفاوضات.‏

      والمساعي الحميدة، إما أن تتوخى الحيلولة دون تطور الخلاف بين دولتين إلى نزاع مسلح، كما حصل بالنسبة للخلاف على الحدود بين الأكوادور وبيرو، حيث أدت المساعي الحميدة التي بذلتها الأرجنتين والبرازيل والولايات المتحدة الأميركية إلى التسوية المؤرخة في 28 كانون الثاني من عام 1942.‏

      وإما أن تتوخى إنهاء نزاع مسلح قائم فقد شكل مجلس الأمن في تشرين الثاني من عام 1947م، على سبيل المثال، لجنة للمساعي الحميدة تضم ممثلي دول استراليا وبلجيكا والولايات المتحدة) ولجنة قنصلية تضم قناصل الدول الأعضاء في مجلس الأمن لدى باتافيا:Batavia (13) للمساعدة على قيام مفاوضات تضع حداً للعمليات الحربية بين الجمهورية الأندونيسية الناشئة وبين هولاندا. ومن ذلك أيضاً لجنة المساعي الحميدة الإسلامية) التي تشكلت بنتيجة اجتماع القمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في مدينة "الطائف" في المملكة العربية السعودية عام 1981.وقد بذلت هذه اللجنة جهودها الرامية إلى وضع حد للحرب العراقية الإيرانية التي نشبت جراء نزاع الحدود بين البلدين عام 1980، إلا أنها وصلت إلى طريق مسدود في عام 1983. ولكن الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي وجهت الدعوة لعقد اجتماع للجنة المساعي الحميدة الإسلامية في "جدة" في شهر أيار من عام 1984 بعد تصعيد الحرب العراقية- الإيرانية بحيث شملت ناقلات النفط في الشهر المذكور.‏



      المبحث الثالث‏

      الوساطة.(14) - Mediation‏

      الوساطة هي عمل ودي تقوم به دولة أو مجموعة من الدول أو وكالة تابعة لمنظمة دولية أو حتى فرد ذي مركز رفيع في سعيه لايجاد تسوية للنزاع القائم بين دولتين.‏

      ولا يفرق الكثيرون بين الوساطة والمساعي الحميدة. وفي الحقيقة فإن الخصيصة المميزة للوساطة هي أن الوسيط يقوم بدور أكثر إيجابية، فيشترك في المفاوضات وفي التسوية نفسها اشتراكاً فعلياً، ويبدي للطرفين وجهة نظره الخاصة، ويقدم اقتراحات محددة لتسوية المسائل الموضوعية.‏

      ولا يوجد التزام على أية دولة في أن تقدم وساطتها، وهي إنما تقوم بذلك بملء إرادتها كما هو عليه الحال في المساعي الحميدة. كذلك فإن أياً من طرفي النزاع أو كلاهما حر في قبول أو رفض عرض بالوساطة. كما أن النتيجة التي انتهت إليها الوساطة غير ملزمة لطرفي النزاع ولا يمكن فرضها عليهما، لأن اقتراحات الوسيط هي مجرد توصيات.‏

      ويمكن للوسيط أن يلتقي طرفي النزاع إما مجتمعين أو كلا منهما على انفراد، وتنتهي مهمة الوسيط حينما تتم تسوية المنازعات، أو حينما يقرر أحد الطرفين أو الوسيط أن الاقتراحات المقدمة غير مقبولة.‏

      ولقد توخت اتفاقيتا لاهاي لعامي 1899و 1907 "تنظيم الوساطة واعتبارها مجرد مشورة غير الزامية سواء أتمت عفوياً، أم بناء على طلب إحدى الدول المتنازعة ونصت أيضاً على أن الوساطة لا تعتبر بحد ذاتها عملاً غير ودي، وأنه يحق للدول إعادة عرض وساطتها رغم رفضها أول مرة، وأحدثت المادة الثانية من اتفاقية 1907 مبدأ اللجوء إلى الوساطة والإفادة منها قبل الاحتكام إلى السلاح، غير أنها قيدت هذا المبدأ بعبارة بقدر ما تسمح به الظروف) مما أضعف قوته ومرماه"(15)‏

      ووضع مؤتمر بونس أيرس الأميركي لعام 1936 معاهدة جديدة للمساعي الحميدة والوساطة، تؤكد على هذين الأسلوبين القديمين ولكن في إطار جديد. وهي تنص على أن يقوم بدور الوسيط مواطن بارز يختار من قائمة موضوعه مسبقاً تضم أسماء المواطنين الذين ترشحهم الجمهوريات الأمريكية وبمعدل مواطنين من كل دولة. ومن الأمور المثيرة للاهتمام في هذه المعاهدة هو النص فيها على الكتمان وعدم النشر في تسوية المنازعات، ومن ضمن ذلك عدم وضع أي تقرير من قبل الوسيط، وإحاطة محاضر الجلسات بالسرية الكاملة.‏

      والوساطة، إما أن تتوخى الحيلولة دون تطور الخلاف بين دولتين إلى نزاع مسلح، والمثال الذي يستشهد به هو وساطة البابا ليو الثالث عشر pope leo xiii‏

      في النزاع الألماني -الإسباني على مجموعة جزر الكارولين Caroline islands group في المحيط الهادئ في عام 1885.‏

      وأما أن تتوخى انهاء نزاع مسلح قائم. ومثل ذلك الوساطة التي قامت بها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب الروسية اليابانية، والتي تكللت بعقد معاهدة بورتسموث portsmouth في عام 1905.‏

      وقد طرأ تطور جديد على أسلوب الوساطة وهو استخدامه بهدف وضع حد للحروب الأهلية. والمثال الحديث الذي يجب عدم الخلط بينه وبين التدخل هو ما حصل في عام 1947 حينما تبنت الدول العشرون المشتركة في مؤتمر الدفاع عن الدول الأمريكية المجتمع في "كويتاندينا Quitandinha "بالبرازيل بالاجماع اقتراحاً يدعو للقيام بوساطة مشتركة لإنهاء الحرب الأهلية التي كانت دائرة في باراغواي paraguay وقضت الخطة التي وضعتها أوروغواي uruguay بارسال رسائل إلى كل من طرفي النزاع تطلب فيها وضع حد سريع للقتال.‏

      كما طرأ تطور آخر يتمثل في اختيار شخصية بارزة للوساطة وليس دولة "فقد عين مجلس الأمن الكونت برنادوت Bernadotte وسيطاً في فلسطين بين الدول العربية وسلطات الاحتلال الاسرائيلي بتاريخ 20 أيار 1948. وقد اغتالته عصابة صهيونية في 7أيلول 1948 فعين المجلس مكانه الدكتور رالف بانش.(16) Dr. Ralph Bunche الذي أدت أنشطة الوساطة التي قام بها إلى إنهاء الحرب الفعلية active hostilities بين سلطات الاحتلال الاسرائيلي والدول العربية عام 1948".‏

      وقد أخذ "ميثاق جامعة الدول العربية" بأسلوب الوساطة في المادة الخامسة منه حيث جاء فيها:‏

      "ويتوسط المجلس في الخلاف الذي يخشى منه وقوع حرب بين دولة من دول الجامعة، وبين دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها للتوفيق بينهما".‏

      وهكذا يحق لمجلس الجامعة السعي إلى إيجاد تسوية لهذا النوع من النزاع عن طريق الاشتراك في بحث أسبابه والعمل على تقريب وجهات نظر الأطراف المتنازعة للتوفيق بينها. ولا يجوز للدول المتنازعة أن ترفض هذه الوساطة ولكن موافقتها ضرورية لقبول قراراتها من قبل الأطراف المتنازعة، كما أن موافقتها ضرورية إذا كانت إحدى الدول المتنازعة ليست عضواً في الجامعة. وتصدر قرارات مجلس الجامعة بأغلبية الآراء بما في ذلك أصوات أطراف النزاع. ويحق للدول المتنازعة أن ترفض الحل الذي يقرره مجلس الجامعة.(17)‏

      ولعل من المفيد إلقاء نظرة سريعة على بعض مواد نظام مركز الوساطة والتحكيم لدى اتحاد المصارف العربية المتعلقة بالوساطة. فكل خلاف ينشأ بين عضوين أو أكثر من أعضاء الاتحاد يمكن السعي لحله بصورة ودية عن طريق جهاز الوساطة لدى اتحاد المصارف العربية المادة الخامسة) وعلى المدعي الراغب في اللجوء إلى الوساطة.. أن يوجه طلبه إلى الأمانة العامة لاتحاد المصارف العربية المادة 6/1) وفي حال قبول المدعى عليه مسعى الوساطة، على الأمين العام أن يرفع ملف القضية إلى رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية من أجل تعيين وسيط منفرد أولجنة وساطة وفقاً لظروف القضية واهميتها وذلك خلال شهر واحد المادة 6/4). وفي حال عدم قبول المدعى عليه مسعى الوساطة يعاد إلى المدعي الرسم المدفوع من قبله المادة 6/5) يدرس جهاز الوساطة ملف القضية ويتصل بالمدعي والمدعى عليه وله أن يستمع إلى أقوالهما، وذلك في أنسب مكان يحدده المادة 7/1) يحدد جهاز الوساطة الفترة الزمنية اللازمة لحل النزاع، بعد دراسة ملف القضية والاستماع إلى الأطراف عند الاقتضاء، ويقترح على المدعي والمدعى عليه صيغة لحل النزاع بصورة ودية المادة 7/3) يقدم جهاز الوساطة بعد الاستماع لوجهة نظر الأطراف وتحقيق إدعاءاتهم واعتراضاتهم تقريراً يضمنه أي اتفاق يكون أطراف الخلاف قد توصلوا إليه، فإذا لم يقع اتفاق بينهم، كان على جهاز الوساطة أن يبين في هذا التقرير وبموافقة أغلبية أعضاء الجهاز وجهة نظره في شأن المسائل المختلفة عليها سواء من حيث الواقع أو القانون، مشفوعة بالتوصيات التي يراها ملائمة لحل الخلاف بالطرق الودية، ويودع التقرير لدى الأمانة العامة التي تقوم بأخطار الأطراف بمضمونه المادة 7/4) ولا يلتزم الأطراف بالتقيد بوجهة النظر التي أفصح عنها جهاز الوساطة في تقريره ولا بالتوصيات التي تضمنها التقرير المادة 7/5) وتعتبر إجراءات الوساطة منتهية إذا تم التوصل إلى تسوية ودية للخلاف أو إذا قام أحد أطراف النزاع بتبليغ الأمانة العامة باعتراضه على ما جاء في التقرير المادة 7/6). وإذا فشل مسعى الوساطة لا تتأثر حقوق الأطراف في الخلاف بما تم أو قيل أو كتب أثناء الوساطة ولا يحق لأي من الأطراف أن يتذرع بعد فشل مسعى الوساطة بصيغة المصالحة التي اقترحها جهاز الوساطة المادة 8)‏

      المبحث الرابع‏

      لجنة التحقيق - Commission of Inquiry‏

      يدور معظم المنازعات الدولية حول مسائل الوقائع أكثر مما يدور حول مسائل القانون. فقد انطوى عدد كبير من المنازعات الدولية على عدم قدرة الطرفين المتنازعين على الاتفاق على الوقائع أو عدم رغبتهما في ذلك، مما حدا بالدول في أواخر القرن التاسع عشر إلى عقد عدد من الاتفاقيات الثنائية التي تقضي بتشكيل لجان خاصة بتقصي الحقائق ومهمتها رفع تقرير عن الوقائع المتنازع عليها إلى الطرفين المعنيين. وقد أثبتت هذه اللجان نجاعتها وخاصة في المنازعات على الحدود.‏

      و"الغرض من التحقيق أصلاً هو تحديد الوقائع المادية والنقاط المختلف عليها بين الفرقاء المتنازعين تاركاً لهم استخلاص النتائج التي تنشأ عنه إما بصورة مباشرة، ويكون ذلك عن طريق المفاوضة، وإما بصورة غير مباشرة، ويكون ذلك عن طريق التحكيم.(18)‏

      ولا يوجد التزام على أية دولة في اللجوء إلى أسلوب التحقيق، كما أن النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق في تقريرها غير ملزمة لطرفي النزاع ولا يمكن فرضها عليهما.‏

      وتتألف لجنة التحقيق بموجب اتفاقية خاصة. وتكتفي بوضع تقرير عن الوقائع المتنازع عليها دون تحديد المسؤوليات، كما قدمنا.‏

      وبموجب اتفاقية لاهاي الأولى لعام 1899 الخاصة بتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية Convention I for the pacific Settlement of international‏

      Disputes‏

      اعتبرت لجان التحقيق بمثابة مؤسسة رسمية. فقد قضت هذه "الاتفاقية" بالاحتفاظ بقائمة أسماء دائمة Panel يختار منها خمسة لقضايا محددة. ويحق لكل دولة طرف في النزاع أن تختار عضوين يكون أحدهما فقط من بين مرشحيها في قائمة الأسماء الدائمة، أما العضو الخامس فيختاره الأعضاء الأربعة الآخرون. ويجب أن يقتصر تقرير لجنة التحقيق على تقصي الحقائق فقط، ولذلك فإنه ليس من المتوقع أن يتضمن اقتراحات لتسوية النزاع وليست له صفة الحكم بأي حال من الأحوال.‏

      ولقد توسعت اتفاقية لاهاي الثانية لعام 1907 في التفصيلات الاجرائية الوارد ذكرها في الاتفاقية الأولى، وذلك بتحديد بعض الأمور مثل مكان الاجتماع واللغات المستعملة، وسد الشواغر في اللجان. وسمحت الاتفاقية أيضاً للدول المتنازعة بإرسال مندوبين خاصين من قبلها لتمثيلها وللعمل كوسطاء بين هذه الدول ولجان التحقيق. هذا بالإضافة إلى النص على استدعاء الشهود إما من قبل الدول المتنازعة أو من قبل اللجنة نفسها. وكان أحد أكثر التجديدات أهمية هو تطلب اشتراك ثلاثة أعضاء محايدين في أية لجنة تحقيق. واكتفت اتفاقيتا لاهاي لعامي 1899و 1907 بوضع القواعد الأساسية الخاصة بتشكيل لجان التحقيق وبكيفية قيامها بعملها، وتركت للدول المتعاقدة حرية الاختيار سواء كان ذلك في اللجوء إليها أم في الأخذ بالنتائج التي توصلت إليها.‏

      وأرادت "الولايات المتحدة"، بجهود وزير خارجيتها السيد ويليام ج بريان، المضي قدماً إلى الأمام للاستفادة من الإمكانيات الكامنة في استخدام أسلوب لجان التحقيق. وهكذا فقد أبرمت حكومة "الولايات المتحدة" معاهدة مع حوالي ثلاثين دولة ما بين عامي 1913 و1914، تقضي بضرورة إجراء تحقيق حول وقائع المنازعات. ونصت معاهدات بريان: Bryan treaties) هذه على القيام بإجراء تحقيق ووضع تقرير فقط دون تقديم توصيات، كما أنها تتميز بالخصائص التالية:‏

      آ-تأليف لجان التحقيق من خمسة أعضاء، يختار إثنان منهما من رعايا الطرفين المتنازعين وثلاثة من رعايا الدول الأخرى.‏

      ب- وجوب اللجوء إلى التحقيق بمجرد طلب أحد الطرفين.‏

      جـ-تجرد التقرير من أية صفة الزامية بحيث يستطيع الطرفان الأخذ بمضمونه أو اهماله.(19) وكان الهدف من هذه المعاهدات توفير فترة هدوء أمام الدولتين المتنازعتين.‏

      وخضع أسلوب لجان التحقيق إلى تطور جديد من قبل "عصبة الأمم" و"الأمم المتحدة" اللتين استعملتاه بأسلوب يختلف عن الأسلوب الذي وضعته فيه اتفاقيتا لاهاي بالنقاط التالية:‏

      آ-يعتبر التحقيق الذي وضعت أسسه اتفاقية 1907 أسلوباً مستقلاً وكاملاً بحد ذاته، في حين أن التحقيق بالشكل الذي استعملته المنظمتان يفسح مجالاً أوسع لتسوية المنازعات، إذ أن من خصائصه اطلاع أجهزة المنظمة الدولية على حقيقة الوقائع.‏

      ب-توفد اللجان إلى مكان النزاع أسوة بالتحقيق الذي يتم في الإجراءات القضائية.‏

      جـ- تقترح اللجنة حلولاً للنزاع ولا تكتفي بتسجيل الوقائع"(20) .‏

      ومن الجدير بالذكر أن "عصبة الأمم" لجأت إلى لجان التحقيق كأسلوب لتسوية المنازعات في العديد من الخلافات ومنها: قضية جزر آلاند بين السويد وفنلندا عام 1920، وقضية الموصل بين بريطانيا وتركيا عام 1924، وقضية حادث الحدود في دميرقابو بين اليونان وبلغاريا عام 1925، وقضية النزاع الصيني الياباني الناشيء عن اعتداء اليابان على منشوريا عام 1931.‏

      كما أن "الأمم المتحدة" لجأت إلى أسلوب لجان التحقيق لتسوية المنازعات في العديد من الخلافات وأشهرها ما تعلق بالقضية الفلسطينية. ففي 15 أيار عام 1947 عينت الجمعية العامة "لجنة خاصة مزودة باختصاصات واسعة لدراسة قضية فلسطين.‏

      وقد تضمن التقرير الذي قدمته اللجنة في 21 آب التالي تقسيم فلسطين إلى منطقتين عربية واسرائيلية. ورغم أن الجمعية العامة أقرت مضمون هذا التقرير بتاريخ 29 تشرين الثاني عام 1947، فإن قرارها في هذا الشأن ما زال معلقاً لامتناع اسرائيل عن تنفيذه"(21) .‏

      كما أن مجلس الأمن قرر في خريف عام 1968 "تكليف الأمين العام بإرسال بعثة تحقيق للنظر في معاملة إسرائيل للمدنيين من العرب في الأراضي المحتلة بعد حرب حزيران عام 1967.(22)‏

      وليس أدل على الأمل الذي تعلقه "الأمم المتحدة" على أسلوب لجان التحقيق من القرار الذي تبنته" الجمعية العامة بالاجماع برقم 2329 (22) وتاريخ 18 كانون الأول عام 1967، والذي يحث الدول الأعضاء على الاستفادة من الأساليب القائمة لتقصي الحقائق بفعالية أكثر طبقاً للمادة 33 من الميثاق كما طلبت الجمعية العامة من "الأمين العام" إعداد لائحة بالخبراء الذين تمكن الاستفادة من خدماتهم لأغراض تقصي الحقائق.‏



      المبحث الخامس‏

      التوفيق أو المصالحة - Conciliation‏

      إن اتباع أسلوب التوفيق أو المصالحة يعني عرض نزاع معين على لجنة توفيق أو على موفق واحد بقصد تمحيص جميع أوجه النزاع واقتراح حل على الطرفين المعنيين. وبالطبع فإن أياً من طرفي النزاع أو كلاهما حرفي قبول أو رفض اقتراحات الموفق أو لجنة التوفيق. وكما عليه الحال في الوساطة يمكن للموفقين أن يجتمعوا بالطرفين مجتمعين أو منفردين.‏

      وأسلوب التوفيق حديث العهد، إذ أنه دخل التعامل الدولي في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وقد ورد النص على تشكيل العشرات من لجان التوفيق في اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف. وينص بعض هذه الاتفاقيات على تشكيل لجان دائمة تكون في بعض الحالات مخولة حتى في عرض خدماتها على طرفي النزاع دون أن يطلب إليها القيام بذلك.‏

      كما تقضي اتفاقيات أخرى بتشكيل لجان خاصة بعد قيام النزاع فقط. وتضمن عدد من الاتفاقيات مؤخراً، وبعضها ذو أهمية كبيرة، بنوداً تقضي بتشكيل لجان توفيق كميثاق بوغوتا 1948) the pact of Bogota ومعاهدة بروكسل 17 آذار 1948) the treaty of Brucsels.(23)‏

      وتكون معاهدات التوفيق على أنواع مختلفة:‏

      آ-معاهدات التوفيق السكندينافية التي وضعت أسلوباً موحداً للتوفيق يمكن تطبيقه في جميع المنازعات.‏

      ب-معاهدات التوفيق والتحكيم البولونية التي أحدثت أسلوباً مزودجاً لحل جميع المنازعات على مرحلتين: تبدأ الأولى بالتوفيق، فإذا أخفقت هذه الطريقة يلجأ الطرفان إلى التحكيم.‏

      جـ-معاهدات التحكيم والتوفيق الالمانية وهي تنص على تطبيق طريقتي التحكيم والتوفيق في حالتين مختلفتين:‏

      الأولى في المنازعات القانونية والثانية في المنازعات ذات الطابع السياسي.‏

      د-معاهدات التوفيق والتسوية القضائية المتبعة في سويسرا وهي تجمع بين الطريقتين.‏

      هـ-ميثاق التحكيم العام: وقد أقرته الجمعية العامة لعصبة الأمم في 26 أيلول 1928، الذي تناول بكثير من التفصيل ثلاثة نظم لتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية وهي التوفيق والقضاء والتحكيم.‏

      و-معاهدات التوفيق والتحكيم والتسوية القضائية.‏

      وهي تنطوي على أسلوب مزيج أخذت به معاهدات لوكارنو الموقعة في 16 تشرين الأول أكتوبر) 1925.(24)‏

      وأهم هذه المعاهدات هي معاهدة لوكارنو التي وضعت للمصالحة الدولية القواعد التالية:‏

      آ-تتألف اللجان من ثلاثة أو خمسة أعضاء على الأكثر وتكون دائمة.‏

      ب-ينحصر اختصاصها في الخلاف على المصالح وليس على الحقوق، ولا يكون هذا الاختصاص الزامياً، كما أن التقرير الذي تضعه لا يكون ملزماً للطرفين بل يكون مستنداً لحل تحكيمي أو قضائي لاحق.‏

      جـ-تتبع لدى لجان المصالحة الأصول التي نصت عليها معاهدة لاهاي 1907) بشأن لجان التحقيق.(25) ورغم الاتفاقيات الملمح إليها فإن استخدام أساليب التوفيق يمثل ظاهرة نادرة الحدوث على المسرح الدولي، وربما كان السبب في ذلك أن الدول تفضل اللجوء إلى الأساليب الأخرى لتسوية المنازعات على أسلوب التوفيق لأنها تنص على إصدار قرارات أو أحكام ملزمة تحكيم قضاء) بدلاً من ترك الحرية لكل طرف في رفض مجرد اقتراحات أو توصيات كما هو عليه الحال في أسلوب التوفيق.‏

      وقد عرضت نزاعات عديدة لبحثها من قبل هذه اللجان ومن ذلك: النزاع الدانيماركي -البلجيكي عام 1952، ونزاعان بين فرنسا وسويسرا عام 1955، ونزاع بين اليونان وإيطاليا عام 1956. ومن الأمثلة البارزة على نجاح أسلوب التوفيق" إعادة بعض الأراضي الكمبودية التي منحتها فرنسا إلى تايلاند عام 1941 بناء على وساطة اليابان، إذ آلت المساعي الحميدة التي بذلتها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية إلى عرض النزاع على لجنة توفيق تألفت وفقاً لأحكام الاتفاق الموقع في واشنطن بتاريخ 17 كانون الأول ديسمبر) 1946 وإذعان تايلاند لمضمون التقرير القاضي بضرورة إعادة الأراضي الممنوحة.(26)‏

      ومن أحدث الأمثلة لجنة التوفيق التي شكلتها الأمم المتحدة عام 1948 لحل مشكلة فلسطين، والتي ما تزال قائمة نظرياً.‏

      ولعل من المفيد إلقاء نظرة سريعة على بعض المواد الخاصة بالمصالحة الاختيارية المنصوصة في نظام المصالحة والتحكيم في غرفة التجارة الدولية النافذ اعتباراً من تاريخ الأول من شهر حزيران عام 1957.‏

      1-الهيئة الإدارية للمصالحة، لجنة المصالحة:‏

      إن كل خلاف ذي صفة تجارية وله طابع دولي يمكن السعي لتسويته ودياً عن طريق "الهيئة الإدارية للمصالحة" المحدثة لدى غرفة التجارة الدولية، وتسمي كل لجنة وطنية من عضو إلى ثلاثة أعضاء في "الهيئة" من بين رعاياها المقيمين في باريس، ويعين هؤلاء لمدة سنتين من قبل رئيس غرفة التجارة الدولية المادة 1/1). ويشكل رئيس غرفة التجارة الدولية لكل خلاف "لجنة مصالحة" مؤلفة من ثلاثة أعضاء. وتتألف "اللجنة" من مصالحين ينتميان بقدر الإمكان، إلى كل من جنسية طالب المصالحة والطرف الآخر. "ورئيس لجنة" من غير جنسية الطرفين المعنيين، ويجري اختياره. من حيث المبدأ، من بين أعضاء "الهيئة الإدارية للمصالحة" المادة 1/2).‏

      2-طلب المصالحة:‏

      ينبغي على الطرف الراغب في اللجوء إلى المصالحة أن يتقدم بطلب إلى "الأمانة العامة لغرفة التجارة الدولية" بواسطة لجنته الوطنية أو بصورة مباشرة، وفي هذه الحالة الأخيرة يقوم "الأمين العام" بإبلاغ "اللجنة الوطنية" بذلك.‏

      ويجب أن يتضمن الطلب عرضاً للقضية من وجهة نظر الطرف المذكور، كما يجب أن يكون مرفقاً بصورة عن الأوراق والوثائق المتعلقة به، هذا فضلاً عن دفع سلفة نقدية وفقاً للجدول المرفق بهذا النظام لتغطية النفقات التي تتحملها "الأمانة العامة" في إجراءات المصالحة المادة 2).‏

      3-الإجراءات المتخذة من قبل لجنة المصالحة:‏

      يقوم "الأمين العام لغرفة التجارة الدولية" لدى تسلمه طلب المصالحة مرفقاً بالأوراق والوثائق المتعلقة به والسلفة النقدية بإعلام الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى) بالخلاف بصورة مباشرة أو بواسطة لجنته الوطنية أو لجانهم الوطنية) ويدعوه أو يدعوهم) لقبول مسعى المصالحة، ومن ثم تقديم عرض خطي للقضية من وجهة نظره إلى "لجنة المصالحة" ويجب أن يكون مرفقاً بصور عن الأوراق والوثائق المتعلقة به، هذا فضلاً عن دفع سلفة نقدية وفقاً للجدول المرفق بهذا النظام لتغطية النفقات التي تتحملها الأمانة العامة في إجراءات المصالحة المادة 3/1).‏

      وتدرس "اللجنة" الملف وتلجأ إلى طلب أية معلومات بهذا الصدد وذلك بطريق المراسلة مع طرفي النزاع بصورة مباشرة أو عن طريق لجنتيهما الوطنيتين، وتستمع إلى أقوال الطرفين إذا كان ذلك ممكناً المادة 3/2).‏

      ويمكن للطرفين أن يمثلا شخصياً أمام "اللجنة" أو أن يكون ممثلين بوكلاء معتمدين بصورة رسمية، ويمكنهما أن يستعينا بمستشارين أو محامين المادة 3/3).‏

      4-صيغة المصالحة:‏

      تقترح "اللجنة" على الطرفين صيغة للمصالحة بعد تدقيق الملف وسماع الطرفين إذا كان ذلك ممكناً المادة 4/1).‏

      إذا تمت المصالحة، تضع اللجنة محضراً يثبت اتفاق الطرفين وتوقع عليه المادة 4/2).‏

      في حالة عدم حضور الطرفين أو تمثيلهما بوكلاء معتمدين بصورة رسمية، تقوم "اللجنة" بابلاغ رئيس كل من اللجنتين الوطنيتين المعنيتين صيغة المصالحة وتدعوهما ليستعملا نفوذهما لدى الطرفين لاقناعهما بقبول اقتراحات اللجنة المادة 4/3).‏

      5- حقوق الطرفين في حالة اخفاق مسعى المصالحة:‏

      إذا فشل مسعى المصالحة، يصبح الطرفان حرين في اللجوء إلى التحكيم أو إلى المحاكم المختصة، ما لم يكونا مرتبطين بشرط تحكيم المادة 5/1).‏

      لا تتأثر حقوق الطرفين، بأي شكل كان، سواء في التحكيم أو أمام المحاكم، بما تم أو قيل أو كتب أثناء المصالحة.‏

      ولا يجوز لمن اشترك في لجنة المصالحة في خلاف ما أن يعين محكماً في نفس الخلاف المادة 5/2)(27) .‏

      (1) - see, j. G. Merrills, International Dispute Settlement Sweet and Maxwell, London, 1984, p1.‏

      (2) - See "Mavromatis palestine Concessions Jurisdiction) Case 1924)"‏

      p. C.i.j,Ser. A, N°2.‏

      (3) - See , Gerhard von Glahn, Law Among Nations , Second Edition , The Macmillan Company, London , 1970, P, 458.‏

      "before a dispute can be made the subject of an action at law , its , subject matter , should have been clearly defined by means of diplomatic negotiations."‏

      (4) - Who are in the best position to judge as to political resons which may prevent the settlement of a given dispute by diplomatic negotiations"von Glahn , OP , cit. , P 458..‏

      (5) - Internatinal Court of Justice Judoment on Preliminary Objections November , 26, 1957, I, c, j.‏

      Reports, 1957, P 125, digested in 52, A, j, I, L, 1958) , PP 326-337‏

      See , von , Glahn, OP , cit. , P, 298.‏

      (6) - "Portugal , before filing her Application in the present case, did not comply with the rule of customary international law requiring her to undertake diplomatic negotiations and continue them to the paint where it was no longer profitable to pursue them‏

      See, Ian Brownlie , Principles of puplic Internatinal Law , oxford, 1973, P.486‏

      (7) -انظر ، د. فؤاد شباط، الحقوق الدولية العامة، دمشق، مطبعة الجامعة السورية. 1375هـ-1956م،ص419.‏

      (8) -انظر، د. سموحي فوق العادة، القانون الدولي العام، 1960، ص768.‏

      (9) -انظر، د. شكري، المرجع السابق، ص426.‏

      (10) -انظر، لمزيد من الفائدة، المفاوضات كمنهج سيكولوجي في تبديل المواقف، ترجمة وتلخيص أ . محمد حجاز، مجلة الفكر العسكري، دمشق، السنة السادسة، العدد الثالث، 1978، من ص186-198.‏

      (11) -انظر، محمد البجاوي، الثورة الجزائرية والقانون، دمشق، دار اليقظة العربية، 1961، ص411.‏

      (12) -أكدت اتفاقيتا لاهاي بشأن التسوية السلمية للمنازعات لعامي 1899و1907) في المادة الثالثة بأن الحق في عرض المساعي الحميدة" لا يمكن أبداً أن يعتبر من قبل أي من طرفي النزاع عملاً غير ودي".‏

      (13) - Jakarta, a city in java, the fomer, Dutch name.‏

      (14) - see, Merrills, op, cit., P. 20.‏

      (15) -انظر. فوق العادة، المرجع السابق، ص771.‏

      (16) -انظر، د. فوق العادة، المرجع السابق، ص773.‏

      (17) -انظر، د. مفيد محمود شهاب، جامعة الدول العربية: ميثاقها وانجازاتها القاهرة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، معهد البحوث والدراسات العربية، 1978، ص76.‏

      (18) -انظر، شكري، المرجع السابق، ص427.‏

      - see, Merrills, op. Cit., P33.‏

      (19) -انظر، فوق العادة، المرجع السابق، ص776.‏

      (20) -انظر، فوق العادة، المرجع السابق، ص776.‏

      (21) -انظر، فوق العادة، المرجع السابق، ص778.‏

      (22) -انظر، شكري، المرجع السابق، ص428.‏

      (23) - See, Merrills, op, cit, p.52.‏

      (24) انظر، د. فوق العادة، المرجع السابق، ص778-779.‏

      (25) -انظر، د، شباط، المرجع السابق، ص424.‏

      (26) -انظر، فوق العادة، المرجع السابق، ص780.‏

      (27) - See, I,C,C, Rules for the I,C,C, Court of Arbitration paris, 1985.‏
      إذا الشعب يوما أراد الحياة
      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

      تعليق


      • #18
        رد: دراسات دولية

        الفرع الثاني

        الحلول القانونية للمنازعات الدولية Legal Settlements of international Disputes‏


        تمهيد‏

        لا بد لكي يسود السلم والعدل في المجتمع الدولي من وجود هيئة قضائية تكون لها ولاية النظر في المنازعات القانونية التي لا بد من قيامها بين أعضاء هذا المجتمع.‏

        ويجب أن تكون تلك الولاية الزامية، وأن تكون الأحكام الصادرة عنها واجبة التنفيذ رغم إرادة الطرف الذي صدر الحكم ضده. ولم يكن لمثل هذه "الهيئة القضائية" وجود حتى بداية القرن العشرين، حين شعرت الدول بضرورة تنظيم المجتمع الدولي بهدف القضاء على الحروب. وتمثلت المرحلة الأولى من هذا التنظيم بعقد اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899 و 1907 اللتين قضتا بإنشاء "محكمة التحكيم الدائمة" وقد لعبت هذه "الهيئة" دوراً مهما في تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية، إلا أنها لم تكن هيئة قضائية بكل ما في هذه الكلمة من معنى. ولذلك كان لا بد من اتمام هذه الخطوة بإنشاء محكمة عدل دولية دائمة. وبالفعل فقد قضت المادة الرابعة عشرة من "صك عصبة الأمم" بأن يقوم "مجلس العصبة" بإعداد مشروع يعرض على الدول الأعضاء للتصديق بغية إنشاء محكمة عدل دولية دائمة تختص بنظر أي نزاع دولي يقدم إليها من قبل الأطراف المعنيين.‏

        وتم إعداد هذا المشروع وأقر من مجلس العصبة وجمعيتها العامة في الثالث من شهر كانون الأول عام 1920. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أقرت الجمعية العامة للعصبة إعلان نهاية "محكمة العدل الدولية الدائمة" حيث خلفتها "محكمة العدل الدولية" التي أنشئت في ظل "ميثاق الأمم المتحدة" سنة 1945، والتي تعتبر الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. وإذا كانت المادة /34/ من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية تنص أن:‏

        "الدول فقط هي التي تكون أطرافاً في القضايا أمام المحكمة..." فإن دعوى الفرد أو الشخص المعنوي الخاص ضد دولة أجنبية يمكن أن ترفع أمام "محكمة العدل الدولية" بواسطة دولته إذا تبنتها . وكانت هذه هي القاعدة في ظل "محكمة العدل الدولية الدائمة" أيضاً. ففي قضيتي قروض الصرب والبرازيل أقيمت دعاوى حملة السندات الصادرة في فرنسا بواسطة الحكومة الفرنسية أمام "محكمة العدل الدولية الدائمة".(1) وفي قضية شركة برشلونة تبنت الحكومة البلجيكية دعوى رعاياها المساهمين في الشركة ضد الحكومة الإسبانية أمام "محكمة العدل الدولية التي فصلت في القضية سنة 1970(2) .‏

        وبالإضافة إلى ذلك، فإنه لا بد من قبول الدولة المدعى عليها لاختصاص القضاء الدولي، باعتبارها دولة ذات سيادة الأمر الذي يضع عوائق إجرائية تحول دون اللجوء إلى التسوية القضائية.‏

        وهكذا يكون قد تم وضع أسس التحكيم والقضاء الدوليين - يعرف التحكيم الدولي بأنه: "وسيلة لحسم نزاع بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي بواسطة حكم صادر عن محكم أو مجموعة محكمين يختارون من قبل الدول المتنازعة"(3)‏

        ويعرف القضاء الدولي بأنه:‏

        "وسيلة لحسم نزاع بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي بواسطة حكم صادر عن هيئة دائمة تضم قضاة مستقلين جرى اختيارهم مسبقاً"(4) .‏

        وتتمثل أوجه الوفق بين القضاء والتحكيم الدوليين بما يلي:‏

        1-إن كلاً منهما وسيلة سلمية قانونية لتسوية المنازعات الدولية.‏

        2-إن كلاً منهما وسيلة لتسوية المنازعات الدولية بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي.‏

        3-إن كلاً منهما وسيلة لتسوية المنازعات الدولية بين أشخاص القانون الدولي عن طريق حكم ملزم.‏

        كما تتمثل أوجه الفرق بين القضاء والتحكيم الدوليين بما يلي:‏

        1-يرفع النزاع في القضاء الدولي إلى هيئة دائمة يسبق وجودها وجود النزاع نفسه ويستمر بعد انتهائه. أما في التحكيم الدولي فإن النزاع يرفع إلى هيئة مؤقتة يتحقق وجودها بوجود النزاع نفسه وينقضي بانتهائه.‏

        2-نكون في القضاء الدولي أمام قضاة مستقلين عن رغبة الأطراف المعنيين. أما في التحكيم الدولي فإن الأشخاص الدولية هي التي تختار المحكمين في قضيتها.‏

        3-ونتيجة لذلك فإن الاجتهاد القضائي مستمر ومتواصل ومتكامل، أما الاجتهاد التحكيمي فهو متقطع وغير متكامل.‏



        المبحث الأول‏

        التحكيم الدولي - International Arbitration.‏



        تمهيد:‏

        عرفت المادة /37/ من اتفاقية لاهاي لعام 1907 التحكيم الدولي بقولها: -"التحكيم الدولي يهدف إلى تسوية المنازعات بين الدول على يد قضاة منتخبين وعلى أساس احترام الحق"(5)‏

        ويعرّف أيضاً بأنه:‏

        "هو النظر في نزاع بمعرفة شخص أو هيئة يلجأ المتنازعون إليه أو إليها مع التزامهم بتنفيذ القرار الذي يصدر في النزاع"(6) .‏

        ونص "ميثاق الأمم المتحدة" في المادة /33/ منه على التحكيم باعتباره طريقة لتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية.‏

        ويعتبر التحكيم من أقدم الطرق المستخدمة لتسوية المنازعات الدولية، وقد طورت دول المدن اليونانية تفصيلات إجرائية شاملة خاصة بالتحكيم، كما عقدت العديد من المعاهدات التي اتفق الأطراف بموجبها مقدماً على عرض إما جميع منازعاتهم أو فئات محددة منها على التحكيم. وشهدت القرون الوسطى لجوءاً إلى التحكيم من وقت لآخر في شكل تحكيم بابوي، وأيد التحكيم معظم المؤلفين الكلاسيكيين في القانون الدولي من فيتوريا vitoria وسواريز Suarez إلى غروتيوس Grotios وفاتل Vattil ولم يلعب التحكيم دوراً بارزاً في العلاقات الدولية الحديثة حتى جاء عام 1794 حينما قضت معاهدة جاي Jay باستخدام التحكيم في تسوية المنازعات الناشئة عن استقلال الولايات المتحدة، والتي نشبت بين هذه الأخيرة وبين بريطانيا العظمى.‏

        وكان التحكيم في طليعة الأمور التي اهتم بها مؤتمرا لاهاي لعامي 1899و 1907، واحتل مكاناً بارزاً في "اتفاقية تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية". وقد تضمنت هذه "الاتفاقية" الأحكام العامة للتحكيم وإجراءاته، كما قضت بإنشاء "محكمة التحكيم الدائمة". وفي 26 أيلول 1928 أقرت الجمعية العامة لعصبة الأمم "ميثاق التحكيم العام"(7) الذي أضافت بموجبه أحكاماً جديدة إلى ما تضمنته اتفاقية تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية" ويضم الميثاق ثلاثة أنظمة لتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية وهي: التوفيق والقضاء والتحكيم. وقد أعيد النظر في هذا الميثاق من قبل "هيئة الأمم المتحدة" في 28 نيسان 1949، التي أوصت الدول الأعضاء الالتحاق به. ويمكن تلخيص هذه الأحكام بما يلي:‏

        1-هيئات التحكيم:‏

        تتمثل هيئات التحكيم في:‏

        آ-محكمة التحكيم الدولية الدائمة.‏

        ب-محاكم التحكيم الخاصة.‏

        جـ-لجان المطالبات الدولية.‏

        آ-محكمة التحكيم الدائمة:‏

        Permanent Court of Arbitration p.C.A)‏

        وقد أنشئت هذه المحكمة بموجب اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899و1907. وفي الحقيقة فإن هذه الهيئة ليس لها من صفتي المحكمة والديمومة إلا الاسم. فاختصاصها اختياري، ويمكن للدول المتنازعة اللجوء إلى أية هيئة تحكيمية أخرى تختارها، وهي عبارة عن قائمة بأسماء أشخاص من رجال القانون تختارهم الدول الموقعة على الاتفاقية لمدة ست سنوات قابلة للتجديد وبمعدل أربعة محكمين لكل منها، ومن هذه القائمة panel تختار الدولتان المتنازعتان "هيئة التحكيم" وتتكون هذه الهيئة من خمسة أعضاء تختار كل من الدولتين اثنين منهما، ثم يعمد الأربعة إلى انتقاء الفيصل من القائمة نفسها. ويقع مقر المحكمة في مدينة لاهاي، وأحدث للمحكمة فيه "مكتب دائم Bureau" يقوم بأعمال المحكمة الإدارية ويحفظ سجلاتها، وتوجد به القائمة التي تضم أسماء أعضاء المحكمة، كما يحصل الاتصال بين الدول وبين هيئة التحكيم) بواسطته. وللمحكمة أيضاً" مجلس إداري دائم "يشرف على "المكتب الدائم" وعلى الشؤون الإدارية للمحكمة، ويتكون هذا المجلس من وزير خارجية هولاندا رئيساً ومن الممثلين الديبلوماسيين في لاهاي للدول الموقعة على الاتفاقية.(8)‏

        وقد وضع "المكتب الدائم" في عام 1962 قواعد جديدة لتنظيم إجراءات التحكيم في المنازعات القائمة بين أحد أشخاص القانون الدولي العام والأشخاص الخاصة.(9)‏

        ب-محاكم التحكيم الخاصة:‏

        قد تجد الدول المتنازعة أن من الأنسب لها تشكيل محاكم تحكيم خاصة للنظر في نزاع معين خارج إطار عمل "محكمة التحكيم الدائمة". وجرى العرف على أن تتألف محكمة التحكيم الخاصة من خمسة محكمين تعين كل من الدولتين المتنازعتين اثنين منهم. ويجوز أن يكون أحدهما من رعاياها، وينتخب المحكمون الأربعة فيصلا يتولى رئاسة المحكمة.‏

        وقد عدل ميثاق التحكيم العام 1928) من هذا العرف، فقضى بأن تتألف هيئة التحكيم من خمسة أعضاء يعين كل من طرفي النزاع واحداً منهم يجوز أن يكون متمتعاً بجنسيته، ويعين الثلاثة الآخرون، ومن ضمنهم رئيس المحكمة، باتفاق الطرفين شريطة أن يكونوا من جنسيات دول أجنبية مختلفة، وأن لا يكون لأحدهم محل إقامة دائم في دولة طرف في النزاع أو أن يكون في خدمتها.‏

        جـ-لجان المطالبات الدولية:‏

        International claims Commissions‏

        وتعتبر شكلاً خاصاً من محاكم التحكيم، ويتم تأليفها عادة حينما تتعدد المطالبات التي هي بحاجة للتسوية وذلك بالاستناد إلى اتفاقية خاصة.‏

        2-أنواع المنازعات الدولية التي تعرض على التحكيم:‏

        يمكن للدول أن تعرض على التحكيم أي نزاع يقوم بينها سواء كان هذا النزاع قانونياً أو كان مادياً بحتاً. وفي هذه الحالة الأخيرة يصبح عمل المحكمين أقرب ما يكون إلى عمل لجنة تحقيق باستثناء مظهر إصدار الحكم الذي يتميز به التحكيم.‏

        ويتم عرض النزاع على التحكيم بالاستناد إلى إرادة الدول التي تعبر عنها باتفاق خاص. وقد يأخذ هذا الاتفاق شكل مشارطة تحكيم Compromis، وهي عبارة عن اتفاق دولي بين الدولتين المتنازعتين تقرران فيه إحالة النزاع على التحكيم مع تحديد موضوع هذا النزاع وبيان أسماء المحكمين والإجراءات الواجبة الاتباع عند نظر النزاع والقانون الواجب التطبيق. كما قد يأخذ هذا الاتفاق شكل شرط تحكيم. Clause Compromissoire‏

        ويتم ذلك حينما تتفق الدول مقدماً في المعاهدات التي تعقدها على اللجوء إلى التحكيم فيما لو نشب نزاع بينها بشأن تفسير أو تنفيذ هذه المعاهدات.‏

        كما عقدت دول كثيرة اتفاقات تحكيم عامة تعهدت فيها باحالة جميع المنازعات التي تقوم بينها أو نوعاً معيناً منها على التحكيم.‏

        3-إجراءات التحكيم:‏

        آ-تحدد اتفاقية التحكيم اختصاص هيئة التحكيم، فإن تجاوزت حدوده بالنظر في مسائل لم يطلب إليها الفصل فيها اعتبر الحكم الصادر عنها باطلاً. ويبقى للهيئة التحكيمية حق البت في اختصاصها.‏

        ب-تنص اتفاقيات التحكيم عادة أنه يجب على المحكمين أن يحترموا قواعد القانون الدولي، وبما أن هذه القواعد ليست كلها من الوضوح بحيث لا يتطرق إليها الشك، فإن طرفي النزاع غالباً ما يشترطان في اتفاقية التحكيم وجوب بناء الحكم على أساس قواعد قانونية محددة أو قواعد قانونية خاصة تطبق فقط على القضية موضوع التحكيم.‏

        ولا يجوز لهيئة التحكيم أن تفصل في النزاع بالاستناد إلى المبادئ العامة للقانون أو إلى مبادئ العدل والانصاف ما لم يجز لها ذلك طرفاً النزاع.(10)‏

        جـ-يجوز لطرفي النزاع أن ينصا في اتفاقية التحكيم على الإجراءات الواجبة الاتباع من قبل الهيئة عند نظر النزاع، وإذا خلت اتفاقية التحكيم من ذلك تتبع الهيئة الاجراءات المقررة في اتفاقية لاهاي المادتان 51و52 من اتفاقية لاهاي و25و26 من ميثاق التحكيم العام).‏

        د- تتضمن الإجراءات التي نصت عليها اتفاقية لاهاي المذكورة إجراءات خطية وأخرى شفهية. وتشمل الإجراءات الخطية تقديم مذكرات مكتوبة لهيئة التحكيم من قبل كل من طرفي النزاع مع تبادل هذه المذكرات بينهما والرد عليها. وترفق هذه المذكرات بالمستندات التي تؤيدها. وكل ورقة تقدم للهيئة من أحد الخصوم يجب أن ترسل صورة رسمية عنها إلى الخصم الآخر. ولا تجتمع هيئة التحكيم إلا بعد انتهاء الإجراءات الخطية، إلا إذا دعت لذلك ظروف خاصة المادة 63 من اتفاقية لاهاي).‏

        هـ- تأتي بعد ذلك مرحلة الإجراءات الشفهية وتشتمل على مرافعة ممثلي الخصوم أمام الهيئة. ويحق لكل من طرفي النزاع أن يبدي كل ما يراه مفيداً للدفاع عن وجهة نظره، وأن يتقدم بدفوع فرعية تفصل فيها هيئة التحكيم بصفة نهائية بحيث لا تجوز إثارتها فيما بعد. المادتان 70-71 من اتفاقية لاهاي).‏

        ويدير المرافعات الشفهية رئيس هيئة التحكيم. ولكل من أعضاء الهيئة أن يوجه إلى ممثلي الخصوم ما يراه من أسئلة، وأن يطلب منهم إيضاحات عن النقاط الغامضة، ولا تكون الجلسات علنية إلا بقرار تصدره الهيئة بموافقة الخصوم، ويسجل ما يدور في الجلسات في محاضر يحررها سكرتيريون المواد 66-72 من اتفاقية لاهاي) يعينهم رئيس الهيئة، ويوقع على هذه المحاضر الرئيس وأحد السكرتيريين.‏

        و-عندما يفرغ الخصوم من تقديم أوجه دفاعهم والأدلة التي يستندون إليها، يعلن الرئيس إقفال باب المرافعة، ثم تختلي الهيئة للمداولة.‏

        وتحصل المداولات في سرية، ولا يجوز إفشاؤها، ويلي ذلك صدور قرار التحكيم، المادتان 77-78 من اتفاقية لاهاي).‏

        ز-تضمنت اتفاقية لاهاي إجراءات خاصة بالمنازعات التي تقضي طبيعتها بأن تنظر على وجه الاستعجال المواد 86-90 من اتفاقية لاهاي).‏

        ح-يصدر قرار التحكيم بالأغلبية، ويجب أن يكون مسبباً، ويذكر فيه أسماء المحكمين، ويوقع عليه كل من رئيس الهيئة والسكرتير القائم بمهمة كاتب الجلسة، ويتلى القرار في جلسة علنية بعد النداء على الخصوم المواد 78-80و87 من اتفاقية لاهاي).‏

        ولقرار التحكيم قوة الأحكام القضائية، فتلتزم الدول الأطراف النزاع بتنفيذه والتزامها هذا مشتق من اتفاقها على عرض النزاع على التحكيم. المادة 37 من اتفاقية لاهاي) وهو نهائي غير قابل للاستئناف، كما لا يجوز طلب إعادة النظر فيه إلا إذا استجدت ظروف كان من شأنها أن تجعل القرار يصدر بشكل آخر لو أنها كانت معلومة للمحكمين قبل إصداره، وبشرط أن يكون قد ورد النص على ذلك في اتفاق الإحالة على التحكيم.‏

        ويقدم طلب إعادة النظر في القرار في هذه الحالة إلى نفس الهيئة التي أصدرته. وهي التي تقرر ما إذا كانت هناك ظروف جديدة تقتضي إعادة النظر في القرار. ويرجع في كل خلاف بتفسير أو تنفيذ قرار التحكيم إلى نفس الهيئة التي أصدرته لتبت فيه. المواد 81-83 من اتفاقية لاهاي).‏

        ولا يكون قرار التحكيم ملزماً إلا بين أطراف النزاع، على أنه إذا كان النزاع خاصاً بتفسير اتفاقية مشتركة، فيها دول أخرى غير أطراف النزاع، فعلى هؤلاء أن يعلموا في الوقت المناسب جميع الدول التي أبرمت الاتفاقية، ولكل من هذه الدول أن تتدخل في القضية، وفي هذه الحالة تلتزم كل من الدول المذكورة بالتفسير الذي يقرره التحكيم.‏

        المادة 84 من اتفاقية لاهاي).‏

        ط-تنعقد "هيئة التحكيم" في مدينة "لاهاي" إذا لم يتفق الخصوم على أن تقوم بمهمتها في بلد آخر، وإذا كان "اتفاق التحكيم" خلواً من تحديد اللغة التي تستعمل فتحددها الهئية ذاتها. المادتان 61-62 من اتفاقية لاهاي).‏

        4-الجهود المبذولة لجعل التحكيم التزاماً ملزماً:‏

        Efforts to Make Arbitration a Binding Obligation‏

        أكَّد "ميثاق عصبة الأمم" على التحكيم وخصوصاً في المادتين 13و 15 منه. وبما أن الدول وجدت ثغرات في الميثاق ورغبت في إيجاد وسيلة تجعل بمقتضاها اللجوء إلى الحلول السلمية التزاماً ملزماً بل وكتسوية نهائية للمنازعات، فقد ظهر على المسرح الدولي عدد من الاتفاقيات الدولية لتحقيق هذا الغرض. وفي عام 1924 كان "بروتوكول جنيف" "Geneva protocol " -الذي ولد ميتاً بسبب اخفاق الموقعين عليه في ابرامه -هو الأول من نوعه لمثل هذه الجهود.‏

        وتلته في 16 تشرين الأول 1925 "معاهدات لوكارنو "locarno Treaties " وهي سلسلة اتفاقيات ثنائية عقدت بين ألمانيا من جهة وكل من بلجيكا وتشيكوسلوفاكيا وفرنسا وبولاندا من جهة أخرى. وقد دعت هذه المعاهدات إلى عرض المنازعات الدولية أما على التحكيم أو على التسوية القضائية.‏

        وبعد ذلك أقرت "الجمعية العامة لعصبة الأمم" في 26 أيلول 1928 "ميثاق التحكيم العام "ويجمع هذا الميثاق، الذي عرض على جميع الدول الأعضاء لإبرامه، بين ثلاثة أنظمة خاصة بالتسوية السلمية للمنازعات الدولية هي التوفيق والتسوية القضائية والتحكيم.‏

        وقد أبرمت بعد "ميثاق التحكيم العام" عدة اتفاقات ثنائية تجعل من التحكيم التزاماً ملزماً للدول المتعاقدة في علاقاتها المتبادلة.‏

        5-مشروع الأمم المتحدة بشأن إجراءات التحكيم:‏

        U.N. Draft on Arbitral procedure‏

        لقد اختارت "لجنة القانون الدولي" التابعة للأمم المتحدة في اجتماعها الأول في عام 1949 "الإجراءات التحكيمية" كأحد المواضيع التي يجب تقنينها. وبعد تعيين مقرر خاص تبنت "اللجنة في عام 1952 مشروعاً بشأن إجراءات التحكيم، وأرسلته إلى الدول الأعضاء في "الأمم المتحدة" عن طريق "الأمين العام" مع طلب التعليق عليه.‏

        ودرست "الجمعية العامة" مشروعاً معدلاً في عام 1955 كان موضع انتقاد كبير. ونتيجة لذلك تخلت "اللجنة" عن فكرة تطوير تقنين كامل بشأن إجراءات التحكيم، وهو هدف مساعيها السابقة. وعوضاً عن ذلك قامت في شهر تموز 1958 بوضع تقرير يتضمن مجموعة مفصلة من "القواعد الحديثة بشأن الإجراءات التحكيمية(11) ، وأوصت "اللجنة" بأن تتبنى "الجمعية العامة" تقريرها بموجب قرار. ولكن الجمعية العامة اكتفت في 14 تشرين الثاني 1958 بأخذ العلم بتقرير اللجنة، واسترعت انتباه الدول الأعضاء إلى المشروع لدراسة إمكانية الاستفادة منه وتبنيه في اتفاقات التحكيم التي قد تعقد فيما بينها.‏

        6-جامعة الدول العربية والتحكيم:‏

        نصت المادة الخامسة من "ميثاق جامعة الدول العربية" الصادرة في 22/3/1945 ما يلي:‏

        "لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، فإذا نشب بينها خلاف لا يتعلق باستقلال الدولة أو سيادتها أو سلامة أراضيها، ولجأ المتنازعون إلى المجلس) لفض هذا الخلاف، كان قراره عندئذ نافذاً وملزماً، وفي هذه الحالة لا يكون للدول التي وقع بينها الخلاف الاشتراك في مداولات المجلس) وقراراته.‏

        ويتوسط المجلس) في الخلاف الذي يخشى منه وقوع حرب بين دولة من دول الجامعة وبين أية حكومة أخرى من دول الجامعة أو غيرها للتوفيق بينهما، وتصدر قرارات التحكيم والقرارات الخاصة بالتوسط بأغلبية الآراء".‏

        يبدو من هذا النص أن "ميثاق الجامعة العربية" أعطى لمجلسها اختصاصين:‏

        أحدهما تحكيمي، رغم غموض النص، يمكِّنه من إصدار قرارات ملزمة، والآخر توفيقي يمكنّه من إصدار قرارات تعتبر بمثابة توصيات.(12)‏



        المبحث الثاني - القضاء الدولي‏

        International Adjudication -La Justice International‏

        تعتبر "محكمة العدل الدولية" الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، طبقاً للمادة 92 من "ميثاق الأمم المتحدة". وهناك محاكم دولية اقليمية مثل محكمة عدل دول أمريكا الوسطى، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وسنكتفي بالقاء بعض الضوء على محكمة العدل الدولية ومشروع إنشاء محكمة عدل عربية.‏

        المطلب الأول‏

        محكمة العدل الدولية‏

        أولاً -اختصاص المحكمة الالزامي:‏

        إن أول وظيفة للمحكمة، كهيئة قضائية، هي الفصل في المنازعات بين الدول، ولكن هذه المنازعات لا تقدم لمحكمة العدل الدولية إلا بموافقة الدول صاحبة العلاقة، إما قبل حدوث النزاع أو بعده، وهذا ما يميز النظام القضائي الدولي عن النظام القضائي الداخلي. ويعود السبب في ذلك إلى أن الدول لها سيادة، والسيادة تحول بين الدولة وأية سلطة دولية أخرى إلا بموافقتها ورضاها.(13)‏

        ثانياً- أسس اختصاص المحكمة الالزامي:‏

        طبقاً لنصوص المادتين 36و 37 من "النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية"، يمكن التعبير عن إرادة الدولة باللجوء إلى "المحكمة" من أجل حل منازعاتها القانونية مع دولة أخرى بأحد الأساليب الآتية:‏

        1-أسلوب الاتفاقات الخاصة Ad hoc agreements‏

        وبموجب هذا الأسلوب، يمكن لدولتين أو أكثر أن تتفقا على إحالة نزاع قائم بينها، إلى "محكمة العدل الدولية" عن طريق توقيع اتفاقية تعقد فيما بينها لهذا الغرض.‏

        وفي مثل هذه الحالة يحق للمحكمة أن تضع يدها على النزاع بمجرد استلامها إشعاراً بالاتفاقية الخاصة الموقعة بين أصحاب العلاقة. والمثال على هذا الأسلوب هو "قضية السيادة على بعض مناطق الحدود بين هولانده وبلجيكا"، حيث عقد الطرفان اتفاقاً خاصاً في السابع من آذار 1957. فأصدرت "المحكمة" حكمها في الدعوى بتاريخ 20 حزيران 1959.‏

        2-أسلوب التعهد المسبق:‏

        وتقضي العادة أن تقدم الدول مثل هذا النوع من التعهد في المعاهدات الثنائية أو الجماعية التي تعقدها مع الدول الأخرى، بالإضافة إلى التعهدات التي قد تكون صدرت عنها في زمن "محكمة العدل الدولية الدائمة".‏

        وقد تضمن عدد كبير جداً من المعاهدات المعقودة منذ عام 1946 بنداً يتعهد فيه موقعوه بإحالة ما قد ينشأ بينهم من خلافات حول تطبيقها أو تفسيرها إلى "محكمة العدل الدولية".‏

        وفي مثل هذه الحالة تضع "المحكمة" يدها على الدعوى بمجرد قيام إحدى الدول المتعهد لها بتقديم طلب وحيد الطرف إلى المحكمة Unilateral application ففي "قضية كورفو"، مثلاً، والتي رفعتها بريطانيا ضد ألبانيا في الثاني والعشرين من شهر أيار 1947، استندت "المحكمة" بادئ ذي بدء إلى طلب بريطانيا.(14)‏

        3-أسلوب البند الاختياري: Optional clause‏

        يمكن للدول الأطراف في "النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية" أن تعطي تعهداً واسعاً في أي وقت تشاء بإعلانها قبول الاختصاص الالزامي للمحكمة تجاه أية دولة تقبل بنفس التعهد في المسائل المتعلقة بتفسير معاهدة، أو أية مسألة من مسائل القانون الدولي، أو بما يتعلق بأية واقعة يكون من جراء وجودها نشوء خرق لالتزام دولي، وأخيراً بصدد طبيعة ومدى التعويض الناجم عن مثل هذا الخرق. ويقول الأستاذ "أوبنهايم" في هذا الصدد:‏

        "من العسير أن لا يوجد نزاع بين دولتين لا يمكن رده إلى واحدة من هذه المسائل.(15)‏

        على أن التصريحات المنصوصة في الفقرة الثانية من المادة 36 من "النظام الأساسي للمحكمة" يمكن أن تكون مشروطة أو غير مشروطة، ولكن الغالبية العظمى من التصريحات هي إما مشروطة أو أنها جاءت مشحونة بالتحفظات كالمعاملة بالمثل، أو المدة المحدودة أو تحديد طبيعة الخلافات المشمولة به.‏

        ومحاسن هذا الأسلوب تكاد لا توازيها محاسن أي من الأسلوبين السابقين لولا أمر التحفظات التي كثيراً ما أدت إلى انشغال "المحكمة" بتقرير اختصاصها حتى بين الدول التي قبلت بالبلد الاختياري، وذلك بسبب إدعاء بعض هذه الدول بوقوع المنازعات المقدمة للمحكمة ضمن النطاق الذي تحرمه التحفظات عليها.‏

        والمثال على الدعاوى التي نظرتها "المحكمة" بالاستناد إلى تصريحات الدول بقبول اختصاصها المطلق، هو الدعوى التي رفعتها بريطانيا على إيران حين أممت هذه الأخيرة "شركة الزيت الأنكلو -الإيرانية" عام 1951. فقد استندت بريطانيا إلى تصريح قبول إيران اختصاص "المحكمة" عملاً بالفقرة الثانية من المادة 36 المذكورة أعلاه، ولكن إيران دفعت، ووافقتها "المحكمة"، بأن تصريحها المذكور حصر قبول إيران باختصاص "المحكمة" في الدعاوى المتعلقة بالمعاهدات المعقودة بينها وبين دول أخرى بعد تاريخ ذلك التصريح وهو عام 1932، في حين أن الدعوى البريطانية تتعلق بصورة مباشرة بنصوص تسبق ذلك التاريخ.(16)‏

        ونشير هنا إلى ما تضمنته الفقرة السابقة من المادة 36 المذكورة أعلاه من أنه:‏

        "في حالة قيام نزاع في شأن ولاية المحكمة، تفصل المحكمة في هذا النزاع بقرار منها".‏

        ثالثاً- أحكام محكمة العدل الدولية:‏

        آ-تفصل "المحكمة" في النزاع المعروض عليها وفقاً لأحكام القانون الدولي. وهي تطبق في هذا الشأن مصادر القانون الدولي العام كما حددتها المادة 38 من "النظام الأساسي للمحكمة":‏

        1-الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من الدول المتنازعة.‏

        2-الأعراف الدولية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.‏

        3-المبادئ العامة للقانون التي أقرتها الأمم المتمدنة.‏

        4-أحكام المحاكم الدولية ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم. ويعتبران مصدرين احتياطيين لقواعد القانون.‏

        5-قواعد العدل والأنصاف، شريطة أن يوافق أطراف الدعوى على ذلك.‏

        ب-تنص المادة 41/1 من "النظام الأساسي للمحكمة" ما يلي:‏

        "للمحكمة أن تقرر التدابير المؤقتة التي يجب اتخاذها لحفظ حق كل من الأطراف وذلك متى رأت أن الظروف تقضي بذلك".‏

        ويستفاد من هذا النص أن حق "المحكمة" في اتخاذ "التدابير المؤقتة" ليس موقوفاً على طلب الخصوم، بل يمكن أن تمارسه من تلقاء نفسها، إذا استشعرت ضرورة لمثل هذه التدابير خلال أية مرحلة من مراحل الدعوى.‏

        جـ-وتكون الأحكام نهائية غير قابلة للاستئناف، ولكن يجوز للأطراف أن يطلبوا من "المحكمة" تفسير ما غمض من الحكم أو إصلاح خطأ مادى فيه. المادة 60 من النظام الأساسي للمحكمة).‏

        د-يمكن طلب إعادة نظر الدعوى بسبب اكتشاف واقعة حاسمة في الدعوى كان يجهلها عند صدور الحكم كل من "المحكمة" والطرف الذي يلتمس إعادة النظر على ألا يكون جهل الطرف المذكور ناشئاً عن اهمال منه المادة 61/1 من النظام الأساسي للمحكمة).‏

        هـ-ليس للحكم قوة القضية المقضية إلا بالنسبة للخصوم أنفسهم، وفيما يتعلق بموضوع الدعوى ذاته. المادة 59 من النظام الأساسي للمحكمة).‏

        رابعاً- ضعف تنفيذ الأحكام التحكيمية والقرارات القضائية:‏

        Weaknesses of Enforcing Arbitral Awards and judicial Decisions‏

        إن المبدأ القائل بأن الحكم التحكيمي أو القرار القضائي ملزم للطرفين ويجب أن ينفذ بحسن نية هو مبدأ مقبول. وبالنسبة لمعاهدات التحكيم، تنص مشارطة التحكيم عادة على أن الحكم ملزم للطرفين، وذلك على سبيل الحيطة، لأن من قواعد القانون الدولي العرفي أن يحترم الطرف الخاسر حكم التحكيم. أما بالنسبة للأحكام القضائية، فمما لا شك فيه أن القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية ملزمة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الفقرة الأولى من المادة 94 من الميثاق).‏

        وعندما ترفض دولة ما تنفيذ حكم تحكيمي أو قرار قضائي، فإنها تجنح إلى أن تدفع بمبدأي انعدام القرار أو استحالة تنفيذه، وهنالك ثلاثة أسباب تتخذ عادة كأسس لمثل هذا الانعدام وهي:‏

        1-تجاوز السلطة.‏

        2-تقاضي أحد أعضاء المحكمة الرشوة.‏

        3-انحراف خطير عن قواعد الإجراءات التي اتبعت قبل صدور الحكم أو القرار. ويتركز أكثر الادعاءات شيوعاً على تجاوز السلطة، ويرافق هذا الادعاء، أو يوجد بصورة مستقلة عنه أحياناً، ادعاء باستحالة تنفيذ الحكم أو القرار.‏

        وعندما ترفض الدولة الخاسرة التقيد بحكم تحكيمي أو قرار قضائي، فإن الدولة التي ربحت الدعوى قد تقرر أن تتولى الأمر بنفسها، وتلجأ إلى الحلول السياسية غير الودية.‏

        وبما أن هذه الحلول قد تشكل خطراً على السلم، كما يمكنها أن تتحول بسهولة إلى نزاع مسلح، فقد تركز الاهتمام لفترة من الزمن على اعتبار المنظمات الدولية بمثابة دوائر تنفيذ.‏

        وقد نص "ميثاق عصبة الأمم" في الفقرة الرابعة من المادة 13 منه على التنفيذ المشترك للأحكام والقرارات، كما تمثل الفقرة الثانية من المادة 94 من "ميثاق الأمم المتحدة" النص المقابل، إذ جاء فيها:-‏

        "إذ امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن، ولهذا المجلس، إذا رأى ضرورة لذلك، أن يقدم توصياته أو يصدر قراراً بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم."‏

        والاختلاف الملحوظ بين النصين هو أن "ميثاق الأمم المتحدة" يشير إلى أحكام محكمة العدل الدولية فقط، في حين أن "ميثاق عصبة الأمم" يشير إلى "الأحكام والقرارات". ولم تحدد الفقرة الثانية من المادة 94 من "ميثاق الأمم المتحدة" التدابير التي يمكن اتخاذها من قبل "مجلس الأمن" لتنفيذ حكم صادر عن "محكمة العدل الدولية". ومع أن من المشكوك فيه أن يكون استخدام القوة المسلحة مناسباً للهدف الذي نحن بصدده، فسيبدو من المناسب استخدام "مجلس الأمن" للوسائل الأخرى المتوفرة عادة بموجب "الميثاق" كقطع الاتصالات بصورة جزئية أو كاملة، وقطع العلاقات الدبلوماسية، وفرض العقوبات الاقتصادية. ومن الممكن أيضاً اتخاذ تدابير إضافية. ومن ذلك أن يحاول الطرف الذي صدر قرار "محكمة العدل الدولية" لمصلحته الحصول على "قرار" من "مجلس الأمن" يطلب فيه من الدول الأعضاء في "الأمم المتحدة" بأن توقع الحجز على ما يوجد في اقليمها من أصول Assets تخص الدولة الممتنعة عن تنفيذ قرار المحكمة. وإذا قرر "مجلس الأمن" إصدار مثل هذا "القرار" فإنه سيكون ملزماً لجميع الدول الأعضاء بموجب المادة 25 من "الميثاق" والتي يتعهدون فيها بقبول "قرارات مجلس الأمن" وتنفيذها، بل وتكون للقرار المذكور الأولوية على قواعد القانون الدولي العرفية والارتباطات التعاهدية.‏

        ويرى الأستاذ الدكتور فؤاد شباط والأستاذ الدكتور محمد عزيز شكري(17) أنه لا يوجد في نصوص "الميثاق" ولا روحه مايؤيد وجهة النظر القائلة بأن صلاحية "مجلس الأمن" في تنفيذ قرارات "محكمة العدل الدولية" مرتبطة ومحدودة بالمواد الناظمة لتصرفات "المجلس" في حالات تهديد السلم ومثيلاتها مما يتضمنه الفصل السابع من "الميثاق" على اعتبار أن صلاحية "المجلس" في بحثنا هنا منفصلة في غرضها عن صلاحيته بموجب الفصل السابع. فالغرض هنا ليس الحيلولة دون وقوع الحرب بقدر ما هو تاييد سيادة القانون في العلاقات الدولية. ومع ذلك فإن صلاحية "المجلس" في الحالتين تنطلق من كونه الجهاز التنفيذي أو جهاز الضابطة في "منظمة الأمم المتحدة"، وبالتالي فهي مقيدة في الحالتين بالقيود التي تعيقها من الناحية الإجرائية. فهنا، كما في حالة موقف "مجلس الأمن" بالنسبة لأحكام الفصل السابع، تكون قراراته الأساسية عرضة للفيتو، وهذا يعني باختصار خضوعها للتيارات السياسية المختلفة التي قد تجعل صلاحية "المجلس" في تنفيذ القرار القضائي محدودة بقيود الفصل السابع من الناحية العملية البحتة. فإذا لم يتفق الأعضاء الدائمون في "المجلس" على ضرورة اتخاذ ما ينبغي قانوناً اتخاذه في وضع قرار "محكمة العدل الدولية" موضع التنفيذ، نكون لا أمام صلاحية معدومة لمجلس الأمن فحسب، بل أمام حالة واقعية من حالات "انكار العدالة".‏

        وعلى سبيل المثال، ففي قرارين صدرا عن "محكمة العدل الدولية" رفضت الدولة المحكوم عليها تنفيذ قرار المحكمة، مما أدى إلى عرض الأمر على "مجلس الأمن":‏

        -ففي القرار الصادر في "قضية ممركورفو" رفضت البانيا دفع المبلغ الذي قررته "المحكمة" كتعويض لبريطانيا عن الخسارة التي لحقت بسفنها المتفجرة بفعل الألغام المزروعة في ممر كورفو، ولكن "مجلس الأمن"، الذي أحيل إليه الأمر، لم يتخذ أي قرار وذلك بسبب معارضة الاتحاد السوفيتي.‏

        -وفي الدعوى المتعلقة بشركة الزيت الانكلو -إيرانية رفضت إيران "التدابير الاحترازية" التي قررتها "المحكمة" بحجة أنه ليست للأخيرة صلاحية تقرير ما قررته. وقد أخفق "مجلس الأمن" أيضاً في اتخاذ أي تدبير. ولكن من الجدير بالذكر أن نشير هنا، إلى أن رفض إيران هذا لم يكن لحكم نهائي بل لقرار احتياطي مؤقت يحتمل النقض، وهذا ما تم فعلاً حين قررت "المحكمة" عدم اختصاصها في نظر النزاع"(18) .‏

        ومن جهة أخرى، يمكن لأعضاء "الأمم المتحدة" أن يعرضوا على "الجمعية العامة" القضايا المتعلقة بعدم التقيد بقرارت "محكمة العدل الدولية" وذلك بالاستناد إلى المادة العاشرة من "الميثاق" والتي تنص ما يلي:‏

        "للجمعية العامة أن تناقش أية مسألة أو أمر يدخل في نطاق هذا الميثاق أو يتصل بسلطات فرع من الفروع المنصوص عليها فيه أو وظائفه، كما أن لها فيما عدا ما نص عليه في المادة 12 أن توصي أعضاء الهيئة أو مجلس الأمن أو كليهما بما تراه في تلك المسائل والأمور".‏

        ومما تجدر ملاحظته هنا، أن "الجمعية العامة" مقيدة هنا بإصدار "توصيات" إلى الدول الممتنعة عن التنفيذ وإلى جميع الأعضاء الآخرين.‏

        ولكن، لكي لا نبتعد كثيراً عن أرض الواقع، ونحلق في أجواء الخيال، لعل من المفيد في الختام أن نطلع على تقييم إحدى الدولتين الأعظم لمحكمة العدل الدولية. فعندما تقدمت حكومة نيكاراغوا بشكوى إلى "محكمة العدل الدولية" في شهر نيسان 1984 بشأن إقدام "الولايات المتحدة" على زرع الألغام البحرية في المياه الاقليمية لنيكاراغوا، صرحت "جين كيركباتربك: "Jeane kirkpatrick سفيرة "الولايات المتحدة" لدى الأمم المتحدة قائلة:‏

        "بصراحة تامة، إن المحكمة ليست في حقيقتها كما يوحي به اسمها محكمة دولية للعدل، وإنما هي هيئة شبة قانونية، وشبه قضائية، وشبه سياسية، والتي تقبل بها الدول أحياناً، ولا تقبل بها أحياناً أخرى".(19)‏

        المطلب الثاني‏

        إنشاء محكمة عدل عربية:‏

        The Establishment of an Arab Court of Justice‏

        لم ينص "ميثاق جامعة الدول العربية" الذي تم التوقيع عليه من قبل ممثلي الدول العربية المستقلة في 22 آذار 1945، على إنشاء "محكمة عدل عربية" وذلك خلافاً لميثاق الأمم المتحدة. ولكن "ميثاق جامعة الدول العربية" تصور قيام "محكمة العدل العربية" في مادته التاسعة عشرة التي نصت على الأسباب الداعية إلى تعديله ومن ضمنها إنشاء "محكمة عدل عربية"، ولكن مثل هذا التعديل لم يتم حتى الآن رغم المحاولات العديدة لايجاد مثل هذه "المحكمة". ومن ذلك مثلاً مشروع اللجنة المشكلة بقرار مجلس الجامعة رقم 316-د/12 وتاريخ 13/4/1950 الذي أتمته "الإدارة القانونية"، ومشروع اللجنة القانونية الدائمة للجامعة". لعام 1964، ومشروع الدكتور مفيد شهاب الذي راجعه الدكتور حامد سلطان في 10/12/1973.(20)‏

        وبعد انتقال "جامعة الدول العربية" إلى تونس اتخذ مجلسها القرار رقم 3843 وتاريخ 28/6/1976 بشأن تطوير أساليب العمل في الجامعة وتعديل الميثاق والنظم الداخلية وبناء على هذا القرار دعا "الأمين العام للجامعة" مجموعة كبيرة من الخبراء العرب إلى ما سمي بـ "لجنة تطوير الجامعة وتعديل ميثاقها" وقد عقدت هذه اللجنة ولجانها المتفرعة عدداً من الاجتماعات في الفترة الممتدة بين الثالث والثاني عشر من شهر تشرين الثاني 1979.‏

        وقد أفرد مشروع تعديل الميثاق المقترح للجامعة من قبل لجنة الخبراء خمس مواد لمحكمة العدل العربية، وتقوم على المبادئ التالية:‏

        1-محكمة العدل العربية هي الهيئة القضائية الرئيسية للجامعة، وتباشر مهامها وفق النظام الأساسي الملحق بهذا الميثاق والذي يعتبر جزءاً منه.‏

        2-يكون جميع أعضاء الجامعة أطرافاً في النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية، ويتبلور اختصاصها الالزامي.‏

        3-أحكام محكمة العدل العربية واجبة النفاذ.‏

        4-لمحكمة العدل العربية المقترحة ولاية استشارية.(21)‏

        وقد عهدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى الأستاذ الدكتور محمد عزيز شكري بوضع مشروع النظام الأساسي للمحكمة لكي يعرض على لجنة الخبراء في دورتها التالية.‏

        وكان المشروع الذي تقدم به الأستاذ الدكتور شكري في العاشر من شهر كانون الثاني 1980موضع نقاش الخبراء العرب الذين تقدموا بمشروع تبنته "الأمانة العامة للجامعة" ولا يخرج في خطوطه العريضة عن الخطوط العامة لمحكمة العدل الدولية مع محاولة لتعريبها شكلاً ومضموناً.(22)‏

        المطلب الثالث‏

        محكمة العدل الإسلامية الدولية‏

        تمهيد:‏

        لم ينص "ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي" الذي أُبرم عام 1972 على إنشاء "محكمة عدل إسلامية" وذلك خلافاً لميثاق الأمم المتحدة. وبعد مضي حوالي عشر سنوات على نشأة "منظمة المؤتمر الإسلامي"، ظهرت الحاجة إلى إنشاء "محكمة عدل إسلامية"، ولذا اقترحت "الكويت" فكرة إنشاء هذه المحكمة في القمة الإسلامية الثالثة التي انعقدت في "مكة المكرمة" و"الطائف" عام 1981.(23)‏

        وصدر عن القمة الإسلامية الثالثة هذه القرار رقم 11/3-س ق أ)، الذي يشير في ديباجته إلى أنه:‏

        "انطلاقاً من إيمانه بقوله تعالى:‏

        فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلاً. سورة النساء 59)‏

        واستبشاراً ببداية القرن الهجري الخامس عشر، وثقة من المؤتمر بأن وجود هيئة قضائية إسلامية في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي من شأنه أن يعزز دور المنظمة ومكانتها ويسهم في تحقيق أهدافها، وإيماناً منه بأن تنقية الأجواء بين الدول الأعضاء في المنظمة هو ضرورة مُلحة من أجل تمكينها من المواجهة المشتركة لكافة الأخطار والتحديات التي يواجهها العالم الإسلامي..."‏

        فقد قرر بناء على ذلك إنشاء المحكمة، كما تقرر الدعوة إلى عقد اجتماع لخبراء من الدول الأعضاء لوضع نظام أساسي لها.‏

        ولما انعقدت القمة الإسلامية الخامسة في "الكويت" في كانون الثاني يناير) 1987، كان مشروع النظام الأساسي للمحكمة ضمن جدول أعمالها، وقررت الموافقة عليه بقرارها رقم 13/5-س الذي جاء فيه أن مؤتمر القمة:‏

        -يوافق على مشروع نظام المحكمة المعتمد على أساس الولاية الاختيارية لاحكامها.‏

        -يقرر أيضاً إضافة فقرة رابعة "الفقرة د" للمادة الثالثة من "الميثاق" يكون نصها:‏

        "محكمة العدل الإسلامية الدولية وتؤدي مهامها وفقاً لنظامها الأساسي الملحق بهذا الميثاق الذي يعد جزءاً متمماً له".‏

        ودعا القرار الدول الأعضاء إلى التصديق على نظام المحكمة وتعديل الميثاق وإيداع وثائق تصديقاتها إلى الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.‏

        تأسيس المحكمة ومقرها:‏

        "محكمة العدل الإسلامية الدولية" هي الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، تقوم على أساس الشريعة الإسلامية، وتعمل بصفة مستقلة، وفقاً لأحكام "ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي" وأحكام "النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامي الدولية" المادة الأولى).‏

        ويقع مقر المحكمة في مدينة الكويت، ولكن يمكن للمحكمة عند الضرورة، أن تعقد جلساتها وأن تقوم بوظائفها في أية دولة عضو في المنظمة المادة الثانية).‏

        الحصانات والامتيازات:‏

        يعقد الأمين العام للمؤتمر الإسلامي مع دولة المقر اتفاقاً ينظم العلاقة بين المحكمة ودولة المقر، وتراعى فيه القواعد الدولية للحصانات والامتيازات. المادة العاشرة ب))‏

        أما في الدول الأعضاء فتتمتع المحكمة وأعضاؤها وموظفوها بالحصانات والامتيازات المقررة بموجب "اتفاقية حصانات وامتيازات منظمة المؤتمر الإسلامي لعام 1976". المادة العاشرةآ))‏

        وتنعقد المحكمة في دورة مستمرة لا تنقطع إلا مدة العطلة القضائية. كما تحدد المحكمة مواعيد العطلة القضائية ومدتها المادة الثانية عشرة).‏

        اللغات الرسمية لنظام المحكمة:‏

        حُرِّر النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية الدولية" باللغات الرسمية الثلاث لمنظمة المؤتمر الإسلامي وهي: العربية والانكليزية والفرنسية، وكلها متساوية في حجيتها، وعند الخلاف حول تفسير أو تطبيق "النظام" تكون اللغة العربية هي المرجع المادة الخمسون).‏

        تعديل نظام المحكمة:‏

        يتم تعديل "النظام" بنفس الطريقة التي يُعدَّل بها "ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي" المادة الثامنة والأربعون أ))‏

        اللائحة الداخلية للمحكمة:‏

        تضع المحكمة لائحتها الداخلية، ويجوز أن تنص اللائحة الداخلية على خبراء بالمحكمة دون أن يكون لهم حق التصويت المادة التاسعة عشرة).‏

        تشكيل المحكمة واختيار القضاة:‏

        تشكل هيئة المحكمة من سبعة قضاة ينتخبون من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية لمدة أربع سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، وتقوم هيئة المحكمة بانتخاب الرئيس ونائبه من بين أعضائها المادة الثالثةأ)).‏

        ويشترط لانتخاب عضو في المحكمة أن يكون مسلماً عدلاً من ذوي الصفات الخلقية العالية ومن رعايا إحدى الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، على ألا يقل عمره عن أربعين عاماً، وأن يكون من فقهاء الشريعة المشهود لهم، وله خبرة في القانون الدولي، ومؤهلاً للتعيين في أرفع مناصب الإفتاء أو القضاء في بلاده المادة الرابعة).‏

        الوظيفة القضائية للمحكمة:‏

        والمقصود بذلك هو الفصل في المنازعات التي يعرضها عليها أطراف النزاع.‏

        وقد حددت المادة الواحدة والعشرون أطراف النزاع الذين يحق لهم التقاضي أمامها كما يلي:‏

        أ-الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي هي وحدها صاحبة الحق في التقاضي أمام المحكمة.‏

        ب-لسائر الدول الأخرى أن تلجأ إلى المحكمة للنظر في الدعاوى التي تكون أطرافاً فيها بشروط يضعها مؤتمر وزراء الخارجية، على أن تقبل هذه الدول اختصاص المحكمة، وتعلن التزامها مسبقاً بما تصدره من أحكام في هذه الخصوص.‏

        وفيما يتعلق بولاية المحكمة، فقد حددت المادة الخامسة والعشرون القضايا التي يجوز عرضها على المحكمة لتفصل فيها بحكم قضائي على النحو التالي:-‏

        أ-القضايا التي تتفق الدول الأعضاء المَعْنِيّة في "منظمة المؤتمر الإسلامي" على إحالتها إليها.‏

        ب-القضايا المنصوص على إحالتها إلى المحكمة في أية معاهدة أو اتفاقية نافذة.‏

        حـ-تفسير معاهدة أو اتفاقية ثنائية أو متعددة الأطراف.‏

        د-بحث أي موضوع من موضوعات القانون الدولي.‏

        هـ-تحقيق واقعة من الوقائع التي إذا ثبتت كانت خرقاً لالتزام دولي.‏

        و-تحديد نوع التعويض المترتب على خرق أي التزام دولي ومدى هذا التعويض.‏

        ثم بحثت المادة السادسة والعشرون من النظام الأساسي للمحكمة في قبول الاختصاص الإلزامي للمحكمة من قبل الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، فقد أجازت الفقرة أ) من هذه المادة للدول الأعضاء في المنظمة أن تصرح، دونما حاجة إلى اتفاق خاص، بأنها تقر للمحكمة بولاية جبرية للفصل في المنازعات القانونية مثل تفسير أحكام الشريعة الإسلامية وتفسير المعاهدات وموضوعات القانون الدولي، التي تنشأ بينها وبين أية دولة تقبل الالتزام نفسه، ويجوز أن يكون التصريح المشار إليه آنفاً غير مقيد، وقد تحدد الدولة نطاق هذا القبول من الناحية الزمنية كأن يسري التصريح حتى تاريخ معين يجدد بعده، أو يبدأ من تاريخ معين، كما قد تحدد النطاق الموضوعي بأن تقرر شموله لقضايا معينة أو عدم شموله لقضايا بعينها، وقد تشترط الدولة في تصريحها مبدأ المعاملة بالمثل، أو تستبعد المنازعات التي تثور مع دولة معينة، ويودع التصريح لدى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وتقضي الفقرة ب) من المادة (26) بأن تفصل المحكمة في كل نزاع يقوم حول ولايتها.‏

        وقد حددت المادة السابعة والعشرون من "النظام الأساسي للمحكمة" القانون الواجب التطبيق من قبل المحكمة كما يلي:-‏

        أ-الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي الذي تستند إليه المحكمة في أحكامها.‏

        ب-تسترشد المحكمة بالقانون الدولي والاتفاقات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف، أو العرف الدولي المعمول به، أو المبادئ العامة للقانون، أو الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية، أو مذاهب كبار فقهاء القانون الدولي في مختلف الدول.‏

        وفيما يتعلق بإلزامية الحكم، فقد نصت المادة الثامنة والثلاثون أنه لا يكون للحكم قوة الإلزام إلا على أطراف الدعوى وفي النزاع الذي فصل فيه.‏

        كما قضت المادة التاسعة والثلاثون بأن يصدر الحكم قطعياً غير قابل للطعن، وعند الخلاف على مفهوم الحكم ومدى تنفيذه، تتولى المحكمة تفسيره بناء على طلب من أحد الأطراف،وفي حالة امتناع أي طرف في القضية عن تنفيذ الحكم يحال الموضوع إلى مؤتمر وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي.‏

        الوظيفة الإفتائية للمحكمة:‏

        لمحكمة العدل الإسلامية الدولية أن تفتي في المسألة القانونية غير المتعلقة بنزاع معروض عليها، وذلك بطلب من أية هيئة مخولة بذلك من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية المادة الثانية والأربعون).‏

        ويستفاد من هذا النص أن الدول الأعضاء لا يمكنها طلب الرأي الاستشاري من المحكمة. وقد أعطت المادة الثالثة والأربعون للدول التي تتأثر بطلب الرأي فرصة التعبير عن نفسها خلال مراحل بحث الرأي المطلوب.‏

        وتصدر فتاوى المحكمة في جلسة علنية يُبلِّغ موعدها إلى الأمين العام وجميع الدول الأعضاء في "منظمة المؤتمر الإسلامي" وكذلك الهيئات الدولية المعنية المادة الرابعة والأربعونأ)).‏

        وتسترشد المحكمة في إصدار فتاواها بما تراه صالحاً للتطبيق من أحكام النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية الدولية المادة الخامسة والأربعون).‏

        ومن الطبيعي أن تستند المحكمة في إصدار فتاواها إلى الشريعة الإٍسلامية ومصادر القانون الدولي المعددة في المادة 27 ب) من النظام الأساسي للمحكمة.‏

        الوظائف الدبلوماسية والتحكيمية للمحكمة:‏

        يجوز لمحكمة العدل الإسلامية الدولية أن تقوم -عن طريق لجنة من الشخصيات المرموقة، أو عن طريق كبار المسؤولين في جهازها- بالوساطة والتوفيق والتحكيم في الخلافات التي قد تنشب بين عضوين أو أكثر من أعضاء "منظمة المؤتمر الإسلامي" إذا أبدت الأطراف المتنازعة رغبتها في ذلك، أو إذا طلب ذلك مؤتمر القمة الإسلامي أو المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية بتوافق الآراء. المادة السادسة والأربعون).‏

        نشر الأحكام والفتاوى:‏

        يتولى مسجّل المحكمة جَمْعَ أحكام المحكمة وفتاواها وكذلك أوامرها ثم نشرها في مجموعات متتالية.‏

        وللمحكمة تكليف مسجلها نشر أية مجموعات أخرى من أوامر ومحاضر ووثائق قدمت إليها. المادة السابعة والأربعون).‏

        (1) -See, Serbian and Brazilian Loans Case, P.c.I.J, Series A, Nos, 20-21, Annual Digest of International public law Cases, Vol. 5, 1929-1930, Case N°, 278.‏

        (2) - See, Barcelona Traction, Light and power Company limited, Belgium V. Spain, I.C.j, Recueil 1970.‏

        (3) -انظر د. شكري، المرجع السابق، ص433.-434‏

        -انظر أيضاً، د. شباط ود. شكري، القضاء الدولي، دمشق، المطبعة الجديدة، 1966، ص 33- 34‏

        (4) -انظر د. شكري، المرجع السابق، ص433- 434.‏

        -انظر أيضاً، د. شباط ود. شكري، القضاء الدولي، دمشق، المطبعة الجديدة، 1966، ص 34-39.‏

        (5) -انظر، د. شباط، الحقوق الدولية العامة، دمشق، مطبعة الجامعة السورية، 1956 ص427.‏

        (6) -انظر، د. علي صادق أبو هيف، القانون الدولي العام، الطبعة التاسعة، الاسكندرية منشأة المعارف 1971، ص795.‏

        -See, Merrills, op. Cit., P.70.‏

        (7) - Acte général d'Arbitrage.‏

        -the Geneva General Act for the pacific Settlement of Disputes 1928)‏

        (8) -انظر الفصل الثاني من الباب الرابع من اتفاقية لاهاي الأولى المواد 41-50).‏

        (9) -"the 1962 Rules of Arbitration and Conciliation for the Settlement of International Disputes Between Two parties of which only one is a State".‏

        -انظر. حازم جمعه، الحماية الدبلوماسية للمشروعات المشتركة، مصر الجديدة 1981، ص314.‏

        (10) -انظر، أبو هيف، المرجع السابق، ص800.‏

        (11) - See, A.J. I.l. 1959), Supp., Pp. 239-248, "Modern Rules on Arbitral procedures".‏

        (12) -انظر، د. شكري، محكمة العدل العربية المرتقبة، مجلس شؤون عربية، العدد 4 حزيران 1981،ص67.‏

        -انظر أيضاً، د.مفيد محمود شهاب، جامعة الدول العربية: ميثاقها وانجازاتها، القاهرة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، معهد البحوث والدراسات العربية، 1978، ص ص77-78.‏

        (13) -انظر، د.شباط و. د. شكري، المرجع السابق، ص168 وما بعدها‏

        -See, Merrills, op, cit, p, 94.‏

        (14) - Annuaire C.I.J -I.C.J. yearbook 1963-1964.p.45.‏

        (15) - See, oppenheim- Lauterpacht, International law, Vol. 2, 1961, p.59.‏

        (16) -انظر، الكتاب السنوي للمحكمة 1951-1952،ص85‏

        -انظر. د. شباط و.د. شكري، المرجع السابق، ص177 وما بعدها.‏

        (17) -انظر، د. شباط ود. شكري، المرجع السابق، ص288.‏

        (18) -انظر، د. ابراهيم شحاته، "موقف الدول الجديدة من محكمة العدل الدولية، المجلة المصرية للقانون الدولي، ج20، 1965، ص37، ومشار إليه في كتاب د. شباط و.د شكري، المرجع السابق، ص289.‏

        (19) - "the court, quite frankly, is not what its name suggests an international court of justice. It,s a semilegal, semijuridical, sempolitical body, which nations sometimis accept and sometimes don't."‏

        -See Time N°. 17, April 23, 1984.p,8.‏

        (20) -انظر د. شكري، "نحو ميثاق جديد جامعة الدول العربية، "مجلة قضايا عربية، العدد الثاني، السنة السابعة، شباط 1980، ص17.‏

        -انظر أيضاً د. شكري،" نحو محكمة عدل عربية، مجلة قضايا عربية، العدد الثامن، السنة السابعة، آب 1980، ص5.‏

        (21) -انظر د. شكري، "محكمة العدل العربية المرتقبة"، مجلة شؤون عربية، العدد 4، حزيران 1981، ص65.‏

        (22) -انظر بشأن الخطوط العامة للمشروع، المرجع السابق، ص75.‏

        -انظر أيضاً، د. شباط ود. شكري، المرجع السابق، ص389.‏

        (23) انظر، د. عبد الله الأشمل، محكمة العدل الإسلامية الدولية، دار المعارف، القاهرة، 1990، ص10.‏
        إذا الشعب يوما أراد الحياة
        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

        تعليق


        • #19
          رد: دراسات دولية

          الفرع الثاني

          الحلول القانونية للمنازعات الدولية Legal Settlements of international Disputes‏


          تمهيد‏

          لا بد لكي يسود السلم والعدل في المجتمع الدولي من وجود هيئة قضائية تكون لها ولاية النظر في المنازعات القانونية التي لا بد من قيامها بين أعضاء هذا المجتمع.‏

          ويجب أن تكون تلك الولاية الزامية، وأن تكون الأحكام الصادرة عنها واجبة التنفيذ رغم إرادة الطرف الذي صدر الحكم ضده. ولم يكن لمثل هذه "الهيئة القضائية" وجود حتى بداية القرن العشرين، حين شعرت الدول بضرورة تنظيم المجتمع الدولي بهدف القضاء على الحروب. وتمثلت المرحلة الأولى من هذا التنظيم بعقد اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899 و 1907 اللتين قضتا بإنشاء "محكمة التحكيم الدائمة" وقد لعبت هذه "الهيئة" دوراً مهما في تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية، إلا أنها لم تكن هيئة قضائية بكل ما في هذه الكلمة من معنى. ولذلك كان لا بد من اتمام هذه الخطوة بإنشاء محكمة عدل دولية دائمة. وبالفعل فقد قضت المادة الرابعة عشرة من "صك عصبة الأمم" بأن يقوم "مجلس العصبة" بإعداد مشروع يعرض على الدول الأعضاء للتصديق بغية إنشاء محكمة عدل دولية دائمة تختص بنظر أي نزاع دولي يقدم إليها من قبل الأطراف المعنيين.‏

          وتم إعداد هذا المشروع وأقر من مجلس العصبة وجمعيتها العامة في الثالث من شهر كانون الأول عام 1920. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أقرت الجمعية العامة للعصبة إعلان نهاية "محكمة العدل الدولية الدائمة" حيث خلفتها "محكمة العدل الدولية" التي أنشئت في ظل "ميثاق الأمم المتحدة" سنة 1945، والتي تعتبر الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. وإذا كانت المادة /34/ من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية تنص أن:‏

          "الدول فقط هي التي تكون أطرافاً في القضايا أمام المحكمة..." فإن دعوى الفرد أو الشخص المعنوي الخاص ضد دولة أجنبية يمكن أن ترفع أمام "محكمة العدل الدولية" بواسطة دولته إذا تبنتها . وكانت هذه هي القاعدة في ظل "محكمة العدل الدولية الدائمة" أيضاً. ففي قضيتي قروض الصرب والبرازيل أقيمت دعاوى حملة السندات الصادرة في فرنسا بواسطة الحكومة الفرنسية أمام "محكمة العدل الدولية الدائمة".(1) وفي قضية شركة برشلونة تبنت الحكومة البلجيكية دعوى رعاياها المساهمين في الشركة ضد الحكومة الإسبانية أمام "محكمة العدل الدولية التي فصلت في القضية سنة 1970(2) .‏

          وبالإضافة إلى ذلك، فإنه لا بد من قبول الدولة المدعى عليها لاختصاص القضاء الدولي، باعتبارها دولة ذات سيادة الأمر الذي يضع عوائق إجرائية تحول دون اللجوء إلى التسوية القضائية.‏

          وهكذا يكون قد تم وضع أسس التحكيم والقضاء الدوليين - يعرف التحكيم الدولي بأنه: "وسيلة لحسم نزاع بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي بواسطة حكم صادر عن محكم أو مجموعة محكمين يختارون من قبل الدول المتنازعة"(3)‏

          ويعرف القضاء الدولي بأنه:‏

          "وسيلة لحسم نزاع بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي بواسطة حكم صادر عن هيئة دائمة تضم قضاة مستقلين جرى اختيارهم مسبقاً"(4) .‏

          وتتمثل أوجه الوفق بين القضاء والتحكيم الدوليين بما يلي:‏

          1-إن كلاً منهما وسيلة سلمية قانونية لتسوية المنازعات الدولية.‏

          2-إن كلاً منهما وسيلة لتسوية المنازعات الدولية بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي.‏

          3-إن كلاً منهما وسيلة لتسوية المنازعات الدولية بين أشخاص القانون الدولي عن طريق حكم ملزم.‏

          كما تتمثل أوجه الفرق بين القضاء والتحكيم الدوليين بما يلي:‏

          1-يرفع النزاع في القضاء الدولي إلى هيئة دائمة يسبق وجودها وجود النزاع نفسه ويستمر بعد انتهائه. أما في التحكيم الدولي فإن النزاع يرفع إلى هيئة مؤقتة يتحقق وجودها بوجود النزاع نفسه وينقضي بانتهائه.‏

          2-نكون في القضاء الدولي أمام قضاة مستقلين عن رغبة الأطراف المعنيين. أما في التحكيم الدولي فإن الأشخاص الدولية هي التي تختار المحكمين في قضيتها.‏

          3-ونتيجة لذلك فإن الاجتهاد القضائي مستمر ومتواصل ومتكامل، أما الاجتهاد التحكيمي فهو متقطع وغير متكامل.‏



          المبحث الأول‏

          التحكيم الدولي - International Arbitration.‏



          تمهيد:‏

          عرفت المادة /37/ من اتفاقية لاهاي لعام 1907 التحكيم الدولي بقولها: -"التحكيم الدولي يهدف إلى تسوية المنازعات بين الدول على يد قضاة منتخبين وعلى أساس احترام الحق"(5)‏

          ويعرّف أيضاً بأنه:‏

          "هو النظر في نزاع بمعرفة شخص أو هيئة يلجأ المتنازعون إليه أو إليها مع التزامهم بتنفيذ القرار الذي يصدر في النزاع"(6) .‏

          ونص "ميثاق الأمم المتحدة" في المادة /33/ منه على التحكيم باعتباره طريقة لتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية.‏

          ويعتبر التحكيم من أقدم الطرق المستخدمة لتسوية المنازعات الدولية، وقد طورت دول المدن اليونانية تفصيلات إجرائية شاملة خاصة بالتحكيم، كما عقدت العديد من المعاهدات التي اتفق الأطراف بموجبها مقدماً على عرض إما جميع منازعاتهم أو فئات محددة منها على التحكيم. وشهدت القرون الوسطى لجوءاً إلى التحكيم من وقت لآخر في شكل تحكيم بابوي، وأيد التحكيم معظم المؤلفين الكلاسيكيين في القانون الدولي من فيتوريا vitoria وسواريز Suarez إلى غروتيوس Grotios وفاتل Vattil ولم يلعب التحكيم دوراً بارزاً في العلاقات الدولية الحديثة حتى جاء عام 1794 حينما قضت معاهدة جاي Jay باستخدام التحكيم في تسوية المنازعات الناشئة عن استقلال الولايات المتحدة، والتي نشبت بين هذه الأخيرة وبين بريطانيا العظمى.‏

          وكان التحكيم في طليعة الأمور التي اهتم بها مؤتمرا لاهاي لعامي 1899و 1907، واحتل مكاناً بارزاً في "اتفاقية تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية". وقد تضمنت هذه "الاتفاقية" الأحكام العامة للتحكيم وإجراءاته، كما قضت بإنشاء "محكمة التحكيم الدائمة". وفي 26 أيلول 1928 أقرت الجمعية العامة لعصبة الأمم "ميثاق التحكيم العام"(7) الذي أضافت بموجبه أحكاماً جديدة إلى ما تضمنته اتفاقية تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية" ويضم الميثاق ثلاثة أنظمة لتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية وهي: التوفيق والقضاء والتحكيم. وقد أعيد النظر في هذا الميثاق من قبل "هيئة الأمم المتحدة" في 28 نيسان 1949، التي أوصت الدول الأعضاء الالتحاق به. ويمكن تلخيص هذه الأحكام بما يلي:‏

          1-هيئات التحكيم:‏

          تتمثل هيئات التحكيم في:‏

          آ-محكمة التحكيم الدولية الدائمة.‏

          ب-محاكم التحكيم الخاصة.‏

          جـ-لجان المطالبات الدولية.‏

          آ-محكمة التحكيم الدائمة:‏

          Permanent Court of Arbitration p.C.A)‏

          وقد أنشئت هذه المحكمة بموجب اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899و1907. وفي الحقيقة فإن هذه الهيئة ليس لها من صفتي المحكمة والديمومة إلا الاسم. فاختصاصها اختياري، ويمكن للدول المتنازعة اللجوء إلى أية هيئة تحكيمية أخرى تختارها، وهي عبارة عن قائمة بأسماء أشخاص من رجال القانون تختارهم الدول الموقعة على الاتفاقية لمدة ست سنوات قابلة للتجديد وبمعدل أربعة محكمين لكل منها، ومن هذه القائمة panel تختار الدولتان المتنازعتان "هيئة التحكيم" وتتكون هذه الهيئة من خمسة أعضاء تختار كل من الدولتين اثنين منهما، ثم يعمد الأربعة إلى انتقاء الفيصل من القائمة نفسها. ويقع مقر المحكمة في مدينة لاهاي، وأحدث للمحكمة فيه "مكتب دائم Bureau" يقوم بأعمال المحكمة الإدارية ويحفظ سجلاتها، وتوجد به القائمة التي تضم أسماء أعضاء المحكمة، كما يحصل الاتصال بين الدول وبين هيئة التحكيم) بواسطته. وللمحكمة أيضاً" مجلس إداري دائم "يشرف على "المكتب الدائم" وعلى الشؤون الإدارية للمحكمة، ويتكون هذا المجلس من وزير خارجية هولاندا رئيساً ومن الممثلين الديبلوماسيين في لاهاي للدول الموقعة على الاتفاقية.(8)‏

          وقد وضع "المكتب الدائم" في عام 1962 قواعد جديدة لتنظيم إجراءات التحكيم في المنازعات القائمة بين أحد أشخاص القانون الدولي العام والأشخاص الخاصة.(9)‏

          ب-محاكم التحكيم الخاصة:‏

          قد تجد الدول المتنازعة أن من الأنسب لها تشكيل محاكم تحكيم خاصة للنظر في نزاع معين خارج إطار عمل "محكمة التحكيم الدائمة". وجرى العرف على أن تتألف محكمة التحكيم الخاصة من خمسة محكمين تعين كل من الدولتين المتنازعتين اثنين منهم. ويجوز أن يكون أحدهما من رعاياها، وينتخب المحكمون الأربعة فيصلا يتولى رئاسة المحكمة.‏

          وقد عدل ميثاق التحكيم العام 1928) من هذا العرف، فقضى بأن تتألف هيئة التحكيم من خمسة أعضاء يعين كل من طرفي النزاع واحداً منهم يجوز أن يكون متمتعاً بجنسيته، ويعين الثلاثة الآخرون، ومن ضمنهم رئيس المحكمة، باتفاق الطرفين شريطة أن يكونوا من جنسيات دول أجنبية مختلفة، وأن لا يكون لأحدهم محل إقامة دائم في دولة طرف في النزاع أو أن يكون في خدمتها.‏

          جـ-لجان المطالبات الدولية:‏

          International claims Commissions‏

          وتعتبر شكلاً خاصاً من محاكم التحكيم، ويتم تأليفها عادة حينما تتعدد المطالبات التي هي بحاجة للتسوية وذلك بالاستناد إلى اتفاقية خاصة.‏

          2-أنواع المنازعات الدولية التي تعرض على التحكيم:‏

          يمكن للدول أن تعرض على التحكيم أي نزاع يقوم بينها سواء كان هذا النزاع قانونياً أو كان مادياً بحتاً. وفي هذه الحالة الأخيرة يصبح عمل المحكمين أقرب ما يكون إلى عمل لجنة تحقيق باستثناء مظهر إصدار الحكم الذي يتميز به التحكيم.‏

          ويتم عرض النزاع على التحكيم بالاستناد إلى إرادة الدول التي تعبر عنها باتفاق خاص. وقد يأخذ هذا الاتفاق شكل مشارطة تحكيم Compromis، وهي عبارة عن اتفاق دولي بين الدولتين المتنازعتين تقرران فيه إحالة النزاع على التحكيم مع تحديد موضوع هذا النزاع وبيان أسماء المحكمين والإجراءات الواجبة الاتباع عند نظر النزاع والقانون الواجب التطبيق. كما قد يأخذ هذا الاتفاق شكل شرط تحكيم. Clause Compromissoire‏

          ويتم ذلك حينما تتفق الدول مقدماً في المعاهدات التي تعقدها على اللجوء إلى التحكيم فيما لو نشب نزاع بينها بشأن تفسير أو تنفيذ هذه المعاهدات.‏

          كما عقدت دول كثيرة اتفاقات تحكيم عامة تعهدت فيها باحالة جميع المنازعات التي تقوم بينها أو نوعاً معيناً منها على التحكيم.‏

          3-إجراءات التحكيم:‏

          آ-تحدد اتفاقية التحكيم اختصاص هيئة التحكيم، فإن تجاوزت حدوده بالنظر في مسائل لم يطلب إليها الفصل فيها اعتبر الحكم الصادر عنها باطلاً. ويبقى للهيئة التحكيمية حق البت في اختصاصها.‏

          ب-تنص اتفاقيات التحكيم عادة أنه يجب على المحكمين أن يحترموا قواعد القانون الدولي، وبما أن هذه القواعد ليست كلها من الوضوح بحيث لا يتطرق إليها الشك، فإن طرفي النزاع غالباً ما يشترطان في اتفاقية التحكيم وجوب بناء الحكم على أساس قواعد قانونية محددة أو قواعد قانونية خاصة تطبق فقط على القضية موضوع التحكيم.‏

          ولا يجوز لهيئة التحكيم أن تفصل في النزاع بالاستناد إلى المبادئ العامة للقانون أو إلى مبادئ العدل والانصاف ما لم يجز لها ذلك طرفاً النزاع.(10)‏

          جـ-يجوز لطرفي النزاع أن ينصا في اتفاقية التحكيم على الإجراءات الواجبة الاتباع من قبل الهيئة عند نظر النزاع، وإذا خلت اتفاقية التحكيم من ذلك تتبع الهيئة الاجراءات المقررة في اتفاقية لاهاي المادتان 51و52 من اتفاقية لاهاي و25و26 من ميثاق التحكيم العام).‏

          د- تتضمن الإجراءات التي نصت عليها اتفاقية لاهاي المذكورة إجراءات خطية وأخرى شفهية. وتشمل الإجراءات الخطية تقديم مذكرات مكتوبة لهيئة التحكيم من قبل كل من طرفي النزاع مع تبادل هذه المذكرات بينهما والرد عليها. وترفق هذه المذكرات بالمستندات التي تؤيدها. وكل ورقة تقدم للهيئة من أحد الخصوم يجب أن ترسل صورة رسمية عنها إلى الخصم الآخر. ولا تجتمع هيئة التحكيم إلا بعد انتهاء الإجراءات الخطية، إلا إذا دعت لذلك ظروف خاصة المادة 63 من اتفاقية لاهاي).‏

          هـ- تأتي بعد ذلك مرحلة الإجراءات الشفهية وتشتمل على مرافعة ممثلي الخصوم أمام الهيئة. ويحق لكل من طرفي النزاع أن يبدي كل ما يراه مفيداً للدفاع عن وجهة نظره، وأن يتقدم بدفوع فرعية تفصل فيها هيئة التحكيم بصفة نهائية بحيث لا تجوز إثارتها فيما بعد. المادتان 70-71 من اتفاقية لاهاي).‏

          ويدير المرافعات الشفهية رئيس هيئة التحكيم. ولكل من أعضاء الهيئة أن يوجه إلى ممثلي الخصوم ما يراه من أسئلة، وأن يطلب منهم إيضاحات عن النقاط الغامضة، ولا تكون الجلسات علنية إلا بقرار تصدره الهيئة بموافقة الخصوم، ويسجل ما يدور في الجلسات في محاضر يحررها سكرتيريون المواد 66-72 من اتفاقية لاهاي) يعينهم رئيس الهيئة، ويوقع على هذه المحاضر الرئيس وأحد السكرتيريين.‏

          و-عندما يفرغ الخصوم من تقديم أوجه دفاعهم والأدلة التي يستندون إليها، يعلن الرئيس إقفال باب المرافعة، ثم تختلي الهيئة للمداولة.‏

          وتحصل المداولات في سرية، ولا يجوز إفشاؤها، ويلي ذلك صدور قرار التحكيم، المادتان 77-78 من اتفاقية لاهاي).‏

          ز-تضمنت اتفاقية لاهاي إجراءات خاصة بالمنازعات التي تقضي طبيعتها بأن تنظر على وجه الاستعجال المواد 86-90 من اتفاقية لاهاي).‏

          ح-يصدر قرار التحكيم بالأغلبية، ويجب أن يكون مسبباً، ويذكر فيه أسماء المحكمين، ويوقع عليه كل من رئيس الهيئة والسكرتير القائم بمهمة كاتب الجلسة، ويتلى القرار في جلسة علنية بعد النداء على الخصوم المواد 78-80و87 من اتفاقية لاهاي).‏

          ولقرار التحكيم قوة الأحكام القضائية، فتلتزم الدول الأطراف النزاع بتنفيذه والتزامها هذا مشتق من اتفاقها على عرض النزاع على التحكيم. المادة 37 من اتفاقية لاهاي) وهو نهائي غير قابل للاستئناف، كما لا يجوز طلب إعادة النظر فيه إلا إذا استجدت ظروف كان من شأنها أن تجعل القرار يصدر بشكل آخر لو أنها كانت معلومة للمحكمين قبل إصداره، وبشرط أن يكون قد ورد النص على ذلك في اتفاق الإحالة على التحكيم.‏

          ويقدم طلب إعادة النظر في القرار في هذه الحالة إلى نفس الهيئة التي أصدرته. وهي التي تقرر ما إذا كانت هناك ظروف جديدة تقتضي إعادة النظر في القرار. ويرجع في كل خلاف بتفسير أو تنفيذ قرار التحكيم إلى نفس الهيئة التي أصدرته لتبت فيه. المواد 81-83 من اتفاقية لاهاي).‏

          ولا يكون قرار التحكيم ملزماً إلا بين أطراف النزاع، على أنه إذا كان النزاع خاصاً بتفسير اتفاقية مشتركة، فيها دول أخرى غير أطراف النزاع، فعلى هؤلاء أن يعلموا في الوقت المناسب جميع الدول التي أبرمت الاتفاقية، ولكل من هذه الدول أن تتدخل في القضية، وفي هذه الحالة تلتزم كل من الدول المذكورة بالتفسير الذي يقرره التحكيم.‏

          المادة 84 من اتفاقية لاهاي).‏

          ط-تنعقد "هيئة التحكيم" في مدينة "لاهاي" إذا لم يتفق الخصوم على أن تقوم بمهمتها في بلد آخر، وإذا كان "اتفاق التحكيم" خلواً من تحديد اللغة التي تستعمل فتحددها الهئية ذاتها. المادتان 61-62 من اتفاقية لاهاي).‏

          4-الجهود المبذولة لجعل التحكيم التزاماً ملزماً:‏

          Efforts to Make Arbitration a Binding Obligation‏

          أكَّد "ميثاق عصبة الأمم" على التحكيم وخصوصاً في المادتين 13و 15 منه. وبما أن الدول وجدت ثغرات في الميثاق ورغبت في إيجاد وسيلة تجعل بمقتضاها اللجوء إلى الحلول السلمية التزاماً ملزماً بل وكتسوية نهائية للمنازعات، فقد ظهر على المسرح الدولي عدد من الاتفاقيات الدولية لتحقيق هذا الغرض. وفي عام 1924 كان "بروتوكول جنيف" "Geneva protocol " -الذي ولد ميتاً بسبب اخفاق الموقعين عليه في ابرامه -هو الأول من نوعه لمثل هذه الجهود.‏

          وتلته في 16 تشرين الأول 1925 "معاهدات لوكارنو "locarno Treaties " وهي سلسلة اتفاقيات ثنائية عقدت بين ألمانيا من جهة وكل من بلجيكا وتشيكوسلوفاكيا وفرنسا وبولاندا من جهة أخرى. وقد دعت هذه المعاهدات إلى عرض المنازعات الدولية أما على التحكيم أو على التسوية القضائية.‏

          وبعد ذلك أقرت "الجمعية العامة لعصبة الأمم" في 26 أيلول 1928 "ميثاق التحكيم العام "ويجمع هذا الميثاق، الذي عرض على جميع الدول الأعضاء لإبرامه، بين ثلاثة أنظمة خاصة بالتسوية السلمية للمنازعات الدولية هي التوفيق والتسوية القضائية والتحكيم.‏

          وقد أبرمت بعد "ميثاق التحكيم العام" عدة اتفاقات ثنائية تجعل من التحكيم التزاماً ملزماً للدول المتعاقدة في علاقاتها المتبادلة.‏

          5-مشروع الأمم المتحدة بشأن إجراءات التحكيم:‏

          U.N. Draft on Arbitral procedure‏

          لقد اختارت "لجنة القانون الدولي" التابعة للأمم المتحدة في اجتماعها الأول في عام 1949 "الإجراءات التحكيمية" كأحد المواضيع التي يجب تقنينها. وبعد تعيين مقرر خاص تبنت "اللجنة في عام 1952 مشروعاً بشأن إجراءات التحكيم، وأرسلته إلى الدول الأعضاء في "الأمم المتحدة" عن طريق "الأمين العام" مع طلب التعليق عليه.‏

          ودرست "الجمعية العامة" مشروعاً معدلاً في عام 1955 كان موضع انتقاد كبير. ونتيجة لذلك تخلت "اللجنة" عن فكرة تطوير تقنين كامل بشأن إجراءات التحكيم، وهو هدف مساعيها السابقة. وعوضاً عن ذلك قامت في شهر تموز 1958 بوضع تقرير يتضمن مجموعة مفصلة من "القواعد الحديثة بشأن الإجراءات التحكيمية(11) ، وأوصت "اللجنة" بأن تتبنى "الجمعية العامة" تقريرها بموجب قرار. ولكن الجمعية العامة اكتفت في 14 تشرين الثاني 1958 بأخذ العلم بتقرير اللجنة، واسترعت انتباه الدول الأعضاء إلى المشروع لدراسة إمكانية الاستفادة منه وتبنيه في اتفاقات التحكيم التي قد تعقد فيما بينها.‏

          6-جامعة الدول العربية والتحكيم:‏

          نصت المادة الخامسة من "ميثاق جامعة الدول العربية" الصادرة في 22/3/1945 ما يلي:‏

          "لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، فإذا نشب بينها خلاف لا يتعلق باستقلال الدولة أو سيادتها أو سلامة أراضيها، ولجأ المتنازعون إلى المجلس) لفض هذا الخلاف، كان قراره عندئذ نافذاً وملزماً، وفي هذه الحالة لا يكون للدول التي وقع بينها الخلاف الاشتراك في مداولات المجلس) وقراراته.‏

          ويتوسط المجلس) في الخلاف الذي يخشى منه وقوع حرب بين دولة من دول الجامعة وبين أية حكومة أخرى من دول الجامعة أو غيرها للتوفيق بينهما، وتصدر قرارات التحكيم والقرارات الخاصة بالتوسط بأغلبية الآراء".‏

          يبدو من هذا النص أن "ميثاق الجامعة العربية" أعطى لمجلسها اختصاصين:‏

          أحدهما تحكيمي، رغم غموض النص، يمكِّنه من إصدار قرارات ملزمة، والآخر توفيقي يمكنّه من إصدار قرارات تعتبر بمثابة توصيات.(12)‏



          المبحث الثاني - القضاء الدولي‏

          International Adjudication -La Justice International‏

          تعتبر "محكمة العدل الدولية" الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، طبقاً للمادة 92 من "ميثاق الأمم المتحدة". وهناك محاكم دولية اقليمية مثل محكمة عدل دول أمريكا الوسطى، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وسنكتفي بالقاء بعض الضوء على محكمة العدل الدولية ومشروع إنشاء محكمة عدل عربية.‏

          المطلب الأول‏

          محكمة العدل الدولية‏

          أولاً -اختصاص المحكمة الالزامي:‏

          إن أول وظيفة للمحكمة، كهيئة قضائية، هي الفصل في المنازعات بين الدول، ولكن هذه المنازعات لا تقدم لمحكمة العدل الدولية إلا بموافقة الدول صاحبة العلاقة، إما قبل حدوث النزاع أو بعده، وهذا ما يميز النظام القضائي الدولي عن النظام القضائي الداخلي. ويعود السبب في ذلك إلى أن الدول لها سيادة، والسيادة تحول بين الدولة وأية سلطة دولية أخرى إلا بموافقتها ورضاها.(13)‏

          ثانياً- أسس اختصاص المحكمة الالزامي:‏

          طبقاً لنصوص المادتين 36و 37 من "النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية"، يمكن التعبير عن إرادة الدولة باللجوء إلى "المحكمة" من أجل حل منازعاتها القانونية مع دولة أخرى بأحد الأساليب الآتية:‏

          1-أسلوب الاتفاقات الخاصة Ad hoc agreements‏

          وبموجب هذا الأسلوب، يمكن لدولتين أو أكثر أن تتفقا على إحالة نزاع قائم بينها، إلى "محكمة العدل الدولية" عن طريق توقيع اتفاقية تعقد فيما بينها لهذا الغرض.‏

          وفي مثل هذه الحالة يحق للمحكمة أن تضع يدها على النزاع بمجرد استلامها إشعاراً بالاتفاقية الخاصة الموقعة بين أصحاب العلاقة. والمثال على هذا الأسلوب هو "قضية السيادة على بعض مناطق الحدود بين هولانده وبلجيكا"، حيث عقد الطرفان اتفاقاً خاصاً في السابع من آذار 1957. فأصدرت "المحكمة" حكمها في الدعوى بتاريخ 20 حزيران 1959.‏

          2-أسلوب التعهد المسبق:‏

          وتقضي العادة أن تقدم الدول مثل هذا النوع من التعهد في المعاهدات الثنائية أو الجماعية التي تعقدها مع الدول الأخرى، بالإضافة إلى التعهدات التي قد تكون صدرت عنها في زمن "محكمة العدل الدولية الدائمة".‏

          وقد تضمن عدد كبير جداً من المعاهدات المعقودة منذ عام 1946 بنداً يتعهد فيه موقعوه بإحالة ما قد ينشأ بينهم من خلافات حول تطبيقها أو تفسيرها إلى "محكمة العدل الدولية".‏

          وفي مثل هذه الحالة تضع "المحكمة" يدها على الدعوى بمجرد قيام إحدى الدول المتعهد لها بتقديم طلب وحيد الطرف إلى المحكمة Unilateral application ففي "قضية كورفو"، مثلاً، والتي رفعتها بريطانيا ضد ألبانيا في الثاني والعشرين من شهر أيار 1947، استندت "المحكمة" بادئ ذي بدء إلى طلب بريطانيا.(14)‏

          3-أسلوب البند الاختياري: Optional clause‏

          يمكن للدول الأطراف في "النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية" أن تعطي تعهداً واسعاً في أي وقت تشاء بإعلانها قبول الاختصاص الالزامي للمحكمة تجاه أية دولة تقبل بنفس التعهد في المسائل المتعلقة بتفسير معاهدة، أو أية مسألة من مسائل القانون الدولي، أو بما يتعلق بأية واقعة يكون من جراء وجودها نشوء خرق لالتزام دولي، وأخيراً بصدد طبيعة ومدى التعويض الناجم عن مثل هذا الخرق. ويقول الأستاذ "أوبنهايم" في هذا الصدد:‏

          "من العسير أن لا يوجد نزاع بين دولتين لا يمكن رده إلى واحدة من هذه المسائل.(15)‏

          على أن التصريحات المنصوصة في الفقرة الثانية من المادة 36 من "النظام الأساسي للمحكمة" يمكن أن تكون مشروطة أو غير مشروطة، ولكن الغالبية العظمى من التصريحات هي إما مشروطة أو أنها جاءت مشحونة بالتحفظات كالمعاملة بالمثل، أو المدة المحدودة أو تحديد طبيعة الخلافات المشمولة به.‏

          ومحاسن هذا الأسلوب تكاد لا توازيها محاسن أي من الأسلوبين السابقين لولا أمر التحفظات التي كثيراً ما أدت إلى انشغال "المحكمة" بتقرير اختصاصها حتى بين الدول التي قبلت بالبلد الاختياري، وذلك بسبب إدعاء بعض هذه الدول بوقوع المنازعات المقدمة للمحكمة ضمن النطاق الذي تحرمه التحفظات عليها.‏

          والمثال على الدعاوى التي نظرتها "المحكمة" بالاستناد إلى تصريحات الدول بقبول اختصاصها المطلق، هو الدعوى التي رفعتها بريطانيا على إيران حين أممت هذه الأخيرة "شركة الزيت الأنكلو -الإيرانية" عام 1951. فقد استندت بريطانيا إلى تصريح قبول إيران اختصاص "المحكمة" عملاً بالفقرة الثانية من المادة 36 المذكورة أعلاه، ولكن إيران دفعت، ووافقتها "المحكمة"، بأن تصريحها المذكور حصر قبول إيران باختصاص "المحكمة" في الدعاوى المتعلقة بالمعاهدات المعقودة بينها وبين دول أخرى بعد تاريخ ذلك التصريح وهو عام 1932، في حين أن الدعوى البريطانية تتعلق بصورة مباشرة بنصوص تسبق ذلك التاريخ.(16)‏

          ونشير هنا إلى ما تضمنته الفقرة السابقة من المادة 36 المذكورة أعلاه من أنه:‏

          "في حالة قيام نزاع في شأن ولاية المحكمة، تفصل المحكمة في هذا النزاع بقرار منها".‏

          ثالثاً- أحكام محكمة العدل الدولية:‏

          آ-تفصل "المحكمة" في النزاع المعروض عليها وفقاً لأحكام القانون الدولي. وهي تطبق في هذا الشأن مصادر القانون الدولي العام كما حددتها المادة 38 من "النظام الأساسي للمحكمة":‏

          1-الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من الدول المتنازعة.‏

          2-الأعراف الدولية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.‏

          3-المبادئ العامة للقانون التي أقرتها الأمم المتمدنة.‏

          4-أحكام المحاكم الدولية ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم. ويعتبران مصدرين احتياطيين لقواعد القانون.‏

          5-قواعد العدل والأنصاف، شريطة أن يوافق أطراف الدعوى على ذلك.‏

          ب-تنص المادة 41/1 من "النظام الأساسي للمحكمة" ما يلي:‏

          "للمحكمة أن تقرر التدابير المؤقتة التي يجب اتخاذها لحفظ حق كل من الأطراف وذلك متى رأت أن الظروف تقضي بذلك".‏

          ويستفاد من هذا النص أن حق "المحكمة" في اتخاذ "التدابير المؤقتة" ليس موقوفاً على طلب الخصوم، بل يمكن أن تمارسه من تلقاء نفسها، إذا استشعرت ضرورة لمثل هذه التدابير خلال أية مرحلة من مراحل الدعوى.‏

          جـ-وتكون الأحكام نهائية غير قابلة للاستئناف، ولكن يجوز للأطراف أن يطلبوا من "المحكمة" تفسير ما غمض من الحكم أو إصلاح خطأ مادى فيه. المادة 60 من النظام الأساسي للمحكمة).‏

          د-يمكن طلب إعادة نظر الدعوى بسبب اكتشاف واقعة حاسمة في الدعوى كان يجهلها عند صدور الحكم كل من "المحكمة" والطرف الذي يلتمس إعادة النظر على ألا يكون جهل الطرف المذكور ناشئاً عن اهمال منه المادة 61/1 من النظام الأساسي للمحكمة).‏

          هـ-ليس للحكم قوة القضية المقضية إلا بالنسبة للخصوم أنفسهم، وفيما يتعلق بموضوع الدعوى ذاته. المادة 59 من النظام الأساسي للمحكمة).‏

          رابعاً- ضعف تنفيذ الأحكام التحكيمية والقرارات القضائية:‏

          Weaknesses of Enforcing Arbitral Awards and judicial Decisions‏

          إن المبدأ القائل بأن الحكم التحكيمي أو القرار القضائي ملزم للطرفين ويجب أن ينفذ بحسن نية هو مبدأ مقبول. وبالنسبة لمعاهدات التحكيم، تنص مشارطة التحكيم عادة على أن الحكم ملزم للطرفين، وذلك على سبيل الحيطة، لأن من قواعد القانون الدولي العرفي أن يحترم الطرف الخاسر حكم التحكيم. أما بالنسبة للأحكام القضائية، فمما لا شك فيه أن القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية ملزمة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الفقرة الأولى من المادة 94 من الميثاق).‏

          وعندما ترفض دولة ما تنفيذ حكم تحكيمي أو قرار قضائي، فإنها تجنح إلى أن تدفع بمبدأي انعدام القرار أو استحالة تنفيذه، وهنالك ثلاثة أسباب تتخذ عادة كأسس لمثل هذا الانعدام وهي:‏

          1-تجاوز السلطة.‏

          2-تقاضي أحد أعضاء المحكمة الرشوة.‏

          3-انحراف خطير عن قواعد الإجراءات التي اتبعت قبل صدور الحكم أو القرار. ويتركز أكثر الادعاءات شيوعاً على تجاوز السلطة، ويرافق هذا الادعاء، أو يوجد بصورة مستقلة عنه أحياناً، ادعاء باستحالة تنفيذ الحكم أو القرار.‏

          وعندما ترفض الدولة الخاسرة التقيد بحكم تحكيمي أو قرار قضائي، فإن الدولة التي ربحت الدعوى قد تقرر أن تتولى الأمر بنفسها، وتلجأ إلى الحلول السياسية غير الودية.‏

          وبما أن هذه الحلول قد تشكل خطراً على السلم، كما يمكنها أن تتحول بسهولة إلى نزاع مسلح، فقد تركز الاهتمام لفترة من الزمن على اعتبار المنظمات الدولية بمثابة دوائر تنفيذ.‏

          وقد نص "ميثاق عصبة الأمم" في الفقرة الرابعة من المادة 13 منه على التنفيذ المشترك للأحكام والقرارات، كما تمثل الفقرة الثانية من المادة 94 من "ميثاق الأمم المتحدة" النص المقابل، إذ جاء فيها:-‏

          "إذ امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن، ولهذا المجلس، إذا رأى ضرورة لذلك، أن يقدم توصياته أو يصدر قراراً بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم."‏

          والاختلاف الملحوظ بين النصين هو أن "ميثاق الأمم المتحدة" يشير إلى أحكام محكمة العدل الدولية فقط، في حين أن "ميثاق عصبة الأمم" يشير إلى "الأحكام والقرارات". ولم تحدد الفقرة الثانية من المادة 94 من "ميثاق الأمم المتحدة" التدابير التي يمكن اتخاذها من قبل "مجلس الأمن" لتنفيذ حكم صادر عن "محكمة العدل الدولية". ومع أن من المشكوك فيه أن يكون استخدام القوة المسلحة مناسباً للهدف الذي نحن بصدده، فسيبدو من المناسب استخدام "مجلس الأمن" للوسائل الأخرى المتوفرة عادة بموجب "الميثاق" كقطع الاتصالات بصورة جزئية أو كاملة، وقطع العلاقات الدبلوماسية، وفرض العقوبات الاقتصادية. ومن الممكن أيضاً اتخاذ تدابير إضافية. ومن ذلك أن يحاول الطرف الذي صدر قرار "محكمة العدل الدولية" لمصلحته الحصول على "قرار" من "مجلس الأمن" يطلب فيه من الدول الأعضاء في "الأمم المتحدة" بأن توقع الحجز على ما يوجد في اقليمها من أصول Assets تخص الدولة الممتنعة عن تنفيذ قرار المحكمة. وإذا قرر "مجلس الأمن" إصدار مثل هذا "القرار" فإنه سيكون ملزماً لجميع الدول الأعضاء بموجب المادة 25 من "الميثاق" والتي يتعهدون فيها بقبول "قرارات مجلس الأمن" وتنفيذها، بل وتكون للقرار المذكور الأولوية على قواعد القانون الدولي العرفية والارتباطات التعاهدية.‏

          ويرى الأستاذ الدكتور فؤاد شباط والأستاذ الدكتور محمد عزيز شكري(17) أنه لا يوجد في نصوص "الميثاق" ولا روحه مايؤيد وجهة النظر القائلة بأن صلاحية "مجلس الأمن" في تنفيذ قرارات "محكمة العدل الدولية" مرتبطة ومحدودة بالمواد الناظمة لتصرفات "المجلس" في حالات تهديد السلم ومثيلاتها مما يتضمنه الفصل السابع من "الميثاق" على اعتبار أن صلاحية "المجلس" في بحثنا هنا منفصلة في غرضها عن صلاحيته بموجب الفصل السابع. فالغرض هنا ليس الحيلولة دون وقوع الحرب بقدر ما هو تاييد سيادة القانون في العلاقات الدولية. ومع ذلك فإن صلاحية "المجلس" في الحالتين تنطلق من كونه الجهاز التنفيذي أو جهاز الضابطة في "منظمة الأمم المتحدة"، وبالتالي فهي مقيدة في الحالتين بالقيود التي تعيقها من الناحية الإجرائية. فهنا، كما في حالة موقف "مجلس الأمن" بالنسبة لأحكام الفصل السابع، تكون قراراته الأساسية عرضة للفيتو، وهذا يعني باختصار خضوعها للتيارات السياسية المختلفة التي قد تجعل صلاحية "المجلس" في تنفيذ القرار القضائي محدودة بقيود الفصل السابع من الناحية العملية البحتة. فإذا لم يتفق الأعضاء الدائمون في "المجلس" على ضرورة اتخاذ ما ينبغي قانوناً اتخاذه في وضع قرار "محكمة العدل الدولية" موضع التنفيذ، نكون لا أمام صلاحية معدومة لمجلس الأمن فحسب، بل أمام حالة واقعية من حالات "انكار العدالة".‏

          وعلى سبيل المثال، ففي قرارين صدرا عن "محكمة العدل الدولية" رفضت الدولة المحكوم عليها تنفيذ قرار المحكمة، مما أدى إلى عرض الأمر على "مجلس الأمن":‏

          -ففي القرار الصادر في "قضية ممركورفو" رفضت البانيا دفع المبلغ الذي قررته "المحكمة" كتعويض لبريطانيا عن الخسارة التي لحقت بسفنها المتفجرة بفعل الألغام المزروعة في ممر كورفو، ولكن "مجلس الأمن"، الذي أحيل إليه الأمر، لم يتخذ أي قرار وذلك بسبب معارضة الاتحاد السوفيتي.‏

          -وفي الدعوى المتعلقة بشركة الزيت الانكلو -إيرانية رفضت إيران "التدابير الاحترازية" التي قررتها "المحكمة" بحجة أنه ليست للأخيرة صلاحية تقرير ما قررته. وقد أخفق "مجلس الأمن" أيضاً في اتخاذ أي تدبير. ولكن من الجدير بالذكر أن نشير هنا، إلى أن رفض إيران هذا لم يكن لحكم نهائي بل لقرار احتياطي مؤقت يحتمل النقض، وهذا ما تم فعلاً حين قررت "المحكمة" عدم اختصاصها في نظر النزاع"(18) .‏

          ومن جهة أخرى، يمكن لأعضاء "الأمم المتحدة" أن يعرضوا على "الجمعية العامة" القضايا المتعلقة بعدم التقيد بقرارت "محكمة العدل الدولية" وذلك بالاستناد إلى المادة العاشرة من "الميثاق" والتي تنص ما يلي:‏

          "للجمعية العامة أن تناقش أية مسألة أو أمر يدخل في نطاق هذا الميثاق أو يتصل بسلطات فرع من الفروع المنصوص عليها فيه أو وظائفه، كما أن لها فيما عدا ما نص عليه في المادة 12 أن توصي أعضاء الهيئة أو مجلس الأمن أو كليهما بما تراه في تلك المسائل والأمور".‏

          ومما تجدر ملاحظته هنا، أن "الجمعية العامة" مقيدة هنا بإصدار "توصيات" إلى الدول الممتنعة عن التنفيذ وإلى جميع الأعضاء الآخرين.‏

          ولكن، لكي لا نبتعد كثيراً عن أرض الواقع، ونحلق في أجواء الخيال، لعل من المفيد في الختام أن نطلع على تقييم إحدى الدولتين الأعظم لمحكمة العدل الدولية. فعندما تقدمت حكومة نيكاراغوا بشكوى إلى "محكمة العدل الدولية" في شهر نيسان 1984 بشأن إقدام "الولايات المتحدة" على زرع الألغام البحرية في المياه الاقليمية لنيكاراغوا، صرحت "جين كيركباتربك: "Jeane kirkpatrick سفيرة "الولايات المتحدة" لدى الأمم المتحدة قائلة:‏

          "بصراحة تامة، إن المحكمة ليست في حقيقتها كما يوحي به اسمها محكمة دولية للعدل، وإنما هي هيئة شبة قانونية، وشبه قضائية، وشبه سياسية، والتي تقبل بها الدول أحياناً، ولا تقبل بها أحياناً أخرى".(19)‏

          المطلب الثاني‏

          إنشاء محكمة عدل عربية:‏

          The Establishment of an Arab Court of Justice‏

          لم ينص "ميثاق جامعة الدول العربية" الذي تم التوقيع عليه من قبل ممثلي الدول العربية المستقلة في 22 آذار 1945، على إنشاء "محكمة عدل عربية" وذلك خلافاً لميثاق الأمم المتحدة. ولكن "ميثاق جامعة الدول العربية" تصور قيام "محكمة العدل العربية" في مادته التاسعة عشرة التي نصت على الأسباب الداعية إلى تعديله ومن ضمنها إنشاء "محكمة عدل عربية"، ولكن مثل هذا التعديل لم يتم حتى الآن رغم المحاولات العديدة لايجاد مثل هذه "المحكمة". ومن ذلك مثلاً مشروع اللجنة المشكلة بقرار مجلس الجامعة رقم 316-د/12 وتاريخ 13/4/1950 الذي أتمته "الإدارة القانونية"، ومشروع اللجنة القانونية الدائمة للجامعة". لعام 1964، ومشروع الدكتور مفيد شهاب الذي راجعه الدكتور حامد سلطان في 10/12/1973.(20)‏

          وبعد انتقال "جامعة الدول العربية" إلى تونس اتخذ مجلسها القرار رقم 3843 وتاريخ 28/6/1976 بشأن تطوير أساليب العمل في الجامعة وتعديل الميثاق والنظم الداخلية وبناء على هذا القرار دعا "الأمين العام للجامعة" مجموعة كبيرة من الخبراء العرب إلى ما سمي بـ "لجنة تطوير الجامعة وتعديل ميثاقها" وقد عقدت هذه اللجنة ولجانها المتفرعة عدداً من الاجتماعات في الفترة الممتدة بين الثالث والثاني عشر من شهر تشرين الثاني 1979.‏

          وقد أفرد مشروع تعديل الميثاق المقترح للجامعة من قبل لجنة الخبراء خمس مواد لمحكمة العدل العربية، وتقوم على المبادئ التالية:‏

          1-محكمة العدل العربية هي الهيئة القضائية الرئيسية للجامعة، وتباشر مهامها وفق النظام الأساسي الملحق بهذا الميثاق والذي يعتبر جزءاً منه.‏

          2-يكون جميع أعضاء الجامعة أطرافاً في النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية، ويتبلور اختصاصها الالزامي.‏

          3-أحكام محكمة العدل العربية واجبة النفاذ.‏

          4-لمحكمة العدل العربية المقترحة ولاية استشارية.(21)‏

          وقد عهدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى الأستاذ الدكتور محمد عزيز شكري بوضع مشروع النظام الأساسي للمحكمة لكي يعرض على لجنة الخبراء في دورتها التالية.‏

          وكان المشروع الذي تقدم به الأستاذ الدكتور شكري في العاشر من شهر كانون الثاني 1980موضع نقاش الخبراء العرب الذين تقدموا بمشروع تبنته "الأمانة العامة للجامعة" ولا يخرج في خطوطه العريضة عن الخطوط العامة لمحكمة العدل الدولية مع محاولة لتعريبها شكلاً ومضموناً.(22)‏

          المطلب الثالث‏

          محكمة العدل الإسلامية الدولية‏

          تمهيد:‏

          لم ينص "ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي" الذي أُبرم عام 1972 على إنشاء "محكمة عدل إسلامية" وذلك خلافاً لميثاق الأمم المتحدة. وبعد مضي حوالي عشر سنوات على نشأة "منظمة المؤتمر الإسلامي"، ظهرت الحاجة إلى إنشاء "محكمة عدل إسلامية"، ولذا اقترحت "الكويت" فكرة إنشاء هذه المحكمة في القمة الإسلامية الثالثة التي انعقدت في "مكة المكرمة" و"الطائف" عام 1981.(23)‏

          وصدر عن القمة الإسلامية الثالثة هذه القرار رقم 11/3-س ق أ)، الذي يشير في ديباجته إلى أنه:‏

          "انطلاقاً من إيمانه بقوله تعالى:‏

          فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلاً. سورة النساء 59)‏

          واستبشاراً ببداية القرن الهجري الخامس عشر، وثقة من المؤتمر بأن وجود هيئة قضائية إسلامية في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي من شأنه أن يعزز دور المنظمة ومكانتها ويسهم في تحقيق أهدافها، وإيماناً منه بأن تنقية الأجواء بين الدول الأعضاء في المنظمة هو ضرورة مُلحة من أجل تمكينها من المواجهة المشتركة لكافة الأخطار والتحديات التي يواجهها العالم الإسلامي..."‏

          فقد قرر بناء على ذلك إنشاء المحكمة، كما تقرر الدعوة إلى عقد اجتماع لخبراء من الدول الأعضاء لوضع نظام أساسي لها.‏

          ولما انعقدت القمة الإسلامية الخامسة في "الكويت" في كانون الثاني يناير) 1987، كان مشروع النظام الأساسي للمحكمة ضمن جدول أعمالها، وقررت الموافقة عليه بقرارها رقم 13/5-س الذي جاء فيه أن مؤتمر القمة:‏

          -يوافق على مشروع نظام المحكمة المعتمد على أساس الولاية الاختيارية لاحكامها.‏

          -يقرر أيضاً إضافة فقرة رابعة "الفقرة د" للمادة الثالثة من "الميثاق" يكون نصها:‏

          "محكمة العدل الإسلامية الدولية وتؤدي مهامها وفقاً لنظامها الأساسي الملحق بهذا الميثاق الذي يعد جزءاً متمماً له".‏

          ودعا القرار الدول الأعضاء إلى التصديق على نظام المحكمة وتعديل الميثاق وإيداع وثائق تصديقاتها إلى الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.‏

          تأسيس المحكمة ومقرها:‏

          "محكمة العدل الإسلامية الدولية" هي الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، تقوم على أساس الشريعة الإسلامية، وتعمل بصفة مستقلة، وفقاً لأحكام "ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي" وأحكام "النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامي الدولية" المادة الأولى).‏

          ويقع مقر المحكمة في مدينة الكويت، ولكن يمكن للمحكمة عند الضرورة، أن تعقد جلساتها وأن تقوم بوظائفها في أية دولة عضو في المنظمة المادة الثانية).‏

          الحصانات والامتيازات:‏

          يعقد الأمين العام للمؤتمر الإسلامي مع دولة المقر اتفاقاً ينظم العلاقة بين المحكمة ودولة المقر، وتراعى فيه القواعد الدولية للحصانات والامتيازات. المادة العاشرة ب))‏

          أما في الدول الأعضاء فتتمتع المحكمة وأعضاؤها وموظفوها بالحصانات والامتيازات المقررة بموجب "اتفاقية حصانات وامتيازات منظمة المؤتمر الإسلامي لعام 1976". المادة العاشرةآ))‏

          وتنعقد المحكمة في دورة مستمرة لا تنقطع إلا مدة العطلة القضائية. كما تحدد المحكمة مواعيد العطلة القضائية ومدتها المادة الثانية عشرة).‏

          اللغات الرسمية لنظام المحكمة:‏

          حُرِّر النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية الدولية" باللغات الرسمية الثلاث لمنظمة المؤتمر الإسلامي وهي: العربية والانكليزية والفرنسية، وكلها متساوية في حجيتها، وعند الخلاف حول تفسير أو تطبيق "النظام" تكون اللغة العربية هي المرجع المادة الخمسون).‏

          تعديل نظام المحكمة:‏

          يتم تعديل "النظام" بنفس الطريقة التي يُعدَّل بها "ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي" المادة الثامنة والأربعون أ))‏

          اللائحة الداخلية للمحكمة:‏

          تضع المحكمة لائحتها الداخلية، ويجوز أن تنص اللائحة الداخلية على خبراء بالمحكمة دون أن يكون لهم حق التصويت المادة التاسعة عشرة).‏

          تشكيل المحكمة واختيار القضاة:‏

          تشكل هيئة المحكمة من سبعة قضاة ينتخبون من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية لمدة أربع سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، وتقوم هيئة المحكمة بانتخاب الرئيس ونائبه من بين أعضائها المادة الثالثةأ)).‏

          ويشترط لانتخاب عضو في المحكمة أن يكون مسلماً عدلاً من ذوي الصفات الخلقية العالية ومن رعايا إحدى الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، على ألا يقل عمره عن أربعين عاماً، وأن يكون من فقهاء الشريعة المشهود لهم، وله خبرة في القانون الدولي، ومؤهلاً للتعيين في أرفع مناصب الإفتاء أو القضاء في بلاده المادة الرابعة).‏

          الوظيفة القضائية للمحكمة:‏

          والمقصود بذلك هو الفصل في المنازعات التي يعرضها عليها أطراف النزاع.‏

          وقد حددت المادة الواحدة والعشرون أطراف النزاع الذين يحق لهم التقاضي أمامها كما يلي:‏

          أ-الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي هي وحدها صاحبة الحق في التقاضي أمام المحكمة.‏

          ب-لسائر الدول الأخرى أن تلجأ إلى المحكمة للنظر في الدعاوى التي تكون أطرافاً فيها بشروط يضعها مؤتمر وزراء الخارجية، على أن تقبل هذه الدول اختصاص المحكمة، وتعلن التزامها مسبقاً بما تصدره من أحكام في هذه الخصوص.‏

          وفيما يتعلق بولاية المحكمة، فقد حددت المادة الخامسة والعشرون القضايا التي يجوز عرضها على المحكمة لتفصل فيها بحكم قضائي على النحو التالي:-‏

          أ-القضايا التي تتفق الدول الأعضاء المَعْنِيّة في "منظمة المؤتمر الإسلامي" على إحالتها إليها.‏

          ب-القضايا المنصوص على إحالتها إلى المحكمة في أية معاهدة أو اتفاقية نافذة.‏

          حـ-تفسير معاهدة أو اتفاقية ثنائية أو متعددة الأطراف.‏

          د-بحث أي موضوع من موضوعات القانون الدولي.‏

          هـ-تحقيق واقعة من الوقائع التي إذا ثبتت كانت خرقاً لالتزام دولي.‏

          و-تحديد نوع التعويض المترتب على خرق أي التزام دولي ومدى هذا التعويض.‏

          ثم بحثت المادة السادسة والعشرون من النظام الأساسي للمحكمة في قبول الاختصاص الإلزامي للمحكمة من قبل الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، فقد أجازت الفقرة أ) من هذه المادة للدول الأعضاء في المنظمة أن تصرح، دونما حاجة إلى اتفاق خاص، بأنها تقر للمحكمة بولاية جبرية للفصل في المنازعات القانونية مثل تفسير أحكام الشريعة الإسلامية وتفسير المعاهدات وموضوعات القانون الدولي، التي تنشأ بينها وبين أية دولة تقبل الالتزام نفسه، ويجوز أن يكون التصريح المشار إليه آنفاً غير مقيد، وقد تحدد الدولة نطاق هذا القبول من الناحية الزمنية كأن يسري التصريح حتى تاريخ معين يجدد بعده، أو يبدأ من تاريخ معين، كما قد تحدد النطاق الموضوعي بأن تقرر شموله لقضايا معينة أو عدم شموله لقضايا بعينها، وقد تشترط الدولة في تصريحها مبدأ المعاملة بالمثل، أو تستبعد المنازعات التي تثور مع دولة معينة، ويودع التصريح لدى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وتقضي الفقرة ب) من المادة (26) بأن تفصل المحكمة في كل نزاع يقوم حول ولايتها.‏

          وقد حددت المادة السابعة والعشرون من "النظام الأساسي للمحكمة" القانون الواجب التطبيق من قبل المحكمة كما يلي:-‏

          أ-الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي الذي تستند إليه المحكمة في أحكامها.‏

          ب-تسترشد المحكمة بالقانون الدولي والاتفاقات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف، أو العرف الدولي المعمول به، أو المبادئ العامة للقانون، أو الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية، أو مذاهب كبار فقهاء القانون الدولي في مختلف الدول.‏

          وفيما يتعلق بإلزامية الحكم، فقد نصت المادة الثامنة والثلاثون أنه لا يكون للحكم قوة الإلزام إلا على أطراف الدعوى وفي النزاع الذي فصل فيه.‏

          كما قضت المادة التاسعة والثلاثون بأن يصدر الحكم قطعياً غير قابل للطعن، وعند الخلاف على مفهوم الحكم ومدى تنفيذه، تتولى المحكمة تفسيره بناء على طلب من أحد الأطراف،وفي حالة امتناع أي طرف في القضية عن تنفيذ الحكم يحال الموضوع إلى مؤتمر وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي.‏

          الوظيفة الإفتائية للمحكمة:‏

          لمحكمة العدل الإسلامية الدولية أن تفتي في المسألة القانونية غير المتعلقة بنزاع معروض عليها، وذلك بطلب من أية هيئة مخولة بذلك من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية المادة الثانية والأربعون).‏

          ويستفاد من هذا النص أن الدول الأعضاء لا يمكنها طلب الرأي الاستشاري من المحكمة. وقد أعطت المادة الثالثة والأربعون للدول التي تتأثر بطلب الرأي فرصة التعبير عن نفسها خلال مراحل بحث الرأي المطلوب.‏

          وتصدر فتاوى المحكمة في جلسة علنية يُبلِّغ موعدها إلى الأمين العام وجميع الدول الأعضاء في "منظمة المؤتمر الإسلامي" وكذلك الهيئات الدولية المعنية المادة الرابعة والأربعونأ)).‏

          وتسترشد المحكمة في إصدار فتاواها بما تراه صالحاً للتطبيق من أحكام النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية الدولية المادة الخامسة والأربعون).‏

          ومن الطبيعي أن تستند المحكمة في إصدار فتاواها إلى الشريعة الإٍسلامية ومصادر القانون الدولي المعددة في المادة 27 ب) من النظام الأساسي للمحكمة.‏

          الوظائف الدبلوماسية والتحكيمية للمحكمة:‏

          يجوز لمحكمة العدل الإسلامية الدولية أن تقوم -عن طريق لجنة من الشخصيات المرموقة، أو عن طريق كبار المسؤولين في جهازها- بالوساطة والتوفيق والتحكيم في الخلافات التي قد تنشب بين عضوين أو أكثر من أعضاء "منظمة المؤتمر الإسلامي" إذا أبدت الأطراف المتنازعة رغبتها في ذلك، أو إذا طلب ذلك مؤتمر القمة الإسلامي أو المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية بتوافق الآراء. المادة السادسة والأربعون).‏

          نشر الأحكام والفتاوى:‏

          يتولى مسجّل المحكمة جَمْعَ أحكام المحكمة وفتاواها وكذلك أوامرها ثم نشرها في مجموعات متتالية.‏

          وللمحكمة تكليف مسجلها نشر أية مجموعات أخرى من أوامر ومحاضر ووثائق قدمت إليها. المادة السابعة والأربعون).‏

          (1) -See, Serbian and Brazilian Loans Case, P.c.I.J, Series A, Nos, 20-21, Annual Digest of International public law Cases, Vol. 5, 1929-1930, Case N°, 278.‏

          (2) - See, Barcelona Traction, Light and power Company limited, Belgium V. Spain, I.C.j, Recueil 1970.‏

          (3) -انظر د. شكري، المرجع السابق، ص433.-434‏

          -انظر أيضاً، د. شباط ود. شكري، القضاء الدولي، دمشق، المطبعة الجديدة، 1966، ص 33- 34‏

          (4) -انظر د. شكري، المرجع السابق، ص433- 434.‏

          -انظر أيضاً، د. شباط ود. شكري، القضاء الدولي، دمشق، المطبعة الجديدة، 1966، ص 34-39.‏

          (5) -انظر، د. شباط، الحقوق الدولية العامة، دمشق، مطبعة الجامعة السورية، 1956 ص427.‏

          (6) -انظر، د. علي صادق أبو هيف، القانون الدولي العام، الطبعة التاسعة، الاسكندرية منشأة المعارف 1971، ص795.‏

          -See, Merrills, op. Cit., P.70.‏

          (7) - Acte général d'Arbitrage.‏

          -the Geneva General Act for the pacific Settlement of Disputes 1928)‏

          (8) -انظر الفصل الثاني من الباب الرابع من اتفاقية لاهاي الأولى المواد 41-50).‏

          (9) -"the 1962 Rules of Arbitration and Conciliation for the Settlement of International Disputes Between Two parties of which only one is a State".‏

          -انظر. حازم جمعه، الحماية الدبلوماسية للمشروعات المشتركة، مصر الجديدة 1981، ص314.‏

          (10) -انظر، أبو هيف، المرجع السابق، ص800.‏

          (11) - See, A.J. I.l. 1959), Supp., Pp. 239-248, "Modern Rules on Arbitral procedures".‏

          (12) -انظر، د. شكري، محكمة العدل العربية المرتقبة، مجلس شؤون عربية، العدد 4 حزيران 1981،ص67.‏

          -انظر أيضاً، د.مفيد محمود شهاب، جامعة الدول العربية: ميثاقها وانجازاتها، القاهرة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، معهد البحوث والدراسات العربية، 1978، ص ص77-78.‏

          (13) -انظر، د.شباط و. د. شكري، المرجع السابق، ص168 وما بعدها‏

          -See, Merrills, op, cit, p, 94.‏

          (14) - Annuaire C.I.J -I.C.J. yearbook 1963-1964.p.45.‏

          (15) - See, oppenheim- Lauterpacht, International law, Vol. 2, 1961, p.59.‏

          (16) -انظر، الكتاب السنوي للمحكمة 1951-1952،ص85‏

          -انظر. د. شباط و.د. شكري، المرجع السابق، ص177 وما بعدها.‏

          (17) -انظر، د. شباط ود. شكري، المرجع السابق، ص288.‏

          (18) -انظر، د. ابراهيم شحاته، "موقف الدول الجديدة من محكمة العدل الدولية، المجلة المصرية للقانون الدولي، ج20، 1965، ص37، ومشار إليه في كتاب د. شباط و.د شكري، المرجع السابق، ص289.‏

          (19) - "the court, quite frankly, is not what its name suggests an international court of justice. It,s a semilegal, semijuridical, sempolitical body, which nations sometimis accept and sometimes don't."‏

          -See Time N°. 17, April 23, 1984.p,8.‏

          (20) -انظر د. شكري، "نحو ميثاق جديد جامعة الدول العربية، "مجلة قضايا عربية، العدد الثاني، السنة السابعة، شباط 1980، ص17.‏

          -انظر أيضاً د. شكري،" نحو محكمة عدل عربية، مجلة قضايا عربية، العدد الثامن، السنة السابعة، آب 1980، ص5.‏

          (21) -انظر د. شكري، "محكمة العدل العربية المرتقبة"، مجلة شؤون عربية، العدد 4، حزيران 1981، ص65.‏

          (22) -انظر بشأن الخطوط العامة للمشروع، المرجع السابق، ص75.‏

          -انظر أيضاً، د. شباط ود. شكري، المرجع السابق، ص389.‏

          (23) انظر، د. عبد الله الأشمل، محكمة العدل الإسلامية الدولية، دار المعارف، القاهرة، 1990، ص10.‏
          إذا الشعب يوما أراد الحياة
          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

          تعليق


          • #20
            رد: دراسات دولية

            الملاحق

            1- (نص مشروع الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 375 (4) لعام 1949 بشأن حقوق الدول وواجباتها):‏

            لما كانت جميع دول العالم تؤلف مجتمعاً يسوده القانون الدولي، وكان تطور القانون الدولي يستوجب تنظيم الأسرة الدولية تنظيماً ناجعاً، وكانت أغلبية دول العالم وضعت في هذا السبيل نظاماً دولياً جديداً في ظل ميثاق الأمم المتحدة وأعربت معظم الدول الأخرى عن رغبتها في التقيد به، وكان من جملة أغراض الأمم المتحدة الأساسية استتباب السلم والأمن الدوليين، وكان لا بد لادراك هذه الغاية من أن يسود الحق والعدالة.‏

            وإذْ كان من الواجب تدوين بعض حقوق الدول الأساسية وواجباتها على ضوء الاتجاه الجديد للقانون الدولي ووفقاً لميثاق الأمم المتحدة.‏

            فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة تقر وتعلن البيان التالي لحقوق الدول وواجباتها:‏

            المادة الأولى: (حق الاستقلال):‏

            لكل دولة الحق في الاستقلال، ولها الحق بالتالي أن تمارس بحرية، ودون أي خضوع لإرادة دولة أخرى، جميع اختصاصاتها القانونية، بما فيها اختيار شكل حكومتها.‏

            المادة الثانية: (حق السيادة):‏

            لكل دولة الحق في ممارسة ولايتها على اقليمها وعلى جميع الأشخاص والأشياء الموجودة فيه، مع مراعاة الحصانات المقررة في القانون الدولي.‏

            المادة الثالثة: (واجب عدم التدخل):‏

            على كل دولة واجب الامتناع عن أي تدخل في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى.‏

            المادة الرابعة: (واجب الامتناع عن إثارة الاضطرابات الداخلية):‏

            على كل دولة واجب الامتناع عن إثارة الاضطرابات الداخلية في اقليم دولة أخرى، والحيلولة دون تنظيم لهذا الغرض في اقليمها هي.‏

            المادة الخامسة: (حق المساواة في القانون):‏

            لكل دولة الحق بالمساواة القانونية مع الدول الأخرى.‏

            المادة السادسة: (واجب احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية):‏

            على كل دولة واجب معاملة جميع الأشخاص الخاضعين لولايتها على وجه يتحقق معه احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون تمييز بينهم بسبب العرق، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين.‏

            المادة السابعة: (واجب عدم تهديد السلام والنظام الدوليين):‏

            على كل دولة واجب العمل على ألا تؤدي الأوضاع السائدة في بلادها إلى تهديد السلام والنظام الدوليين.‏

            المادة الثامنة: (واجب تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية):‏

            على كل دولة تسوية منازعاتها مع الدول الأخرى بالطرق السلمية على وجه من شأنه ألا يعرض السلم والأمن الدوليين والعدالة للخطر.‏

            المادة التاسعة: (واجب الامتناع عن اللجوء إلى الحرب):‏

            على كل دولة واجب الامتناع عن اللجوء إلى الحرب كأداة لسياستها الوطنية، والامتناع عن التهديد باستخدامها أو استخدامها ضد السلامة الاقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة أخرى، أو على أي وجه آخر يتعارض مع القانون والنظام الدوليين.‏

            المادة العاشرة: (واجب الامتناع عن مساعدة الدولة المعتدية):‏

            على كل دولة واجب الامتناع عن مساعدة أية دولة تخرق أحكام المادة التاسعة، أو تتخذ الأمم المتحدة ضدها عملاً من أعمال المنع أو القمع.‏

            المادة الحادية عشرة: (واجب الامتناع عن الاعتراف بالتوسع الاقليمي):‏

            على كل دولة واجب الامتناع عن الاعتراف بأي مكسب اقليمي تحققه دولة أخرى عن طريق خرق المادة التاسعة.‏

            المادة الثانية عشرة: (حق الدفاع عن النفس):‏

            لكل دولة حق الدفاع عن النفس، فرادى أو جماعات، ضد كل اعتداء مسلح.‏

            المادة الثالثة عشرة: (واجب تنفيذ الالتزامات الدولية بحسن نية):‏

            على كل دولة واجب تنفيذ التزاماتها الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي بحسن نية، وليس لها أن تتذرع بأحكام دستورها أو قوانينها للتحلل من هذا الواجب.‏

            المادة الرابعة عشرة: (واجب التقيد بالقانون الدولي):‏

            على كل دولة واجب إدارة علاقاتها مع الدول الأخرى وفقاً للقانون الدولي وللمبدأ القائل بأن سيادة الدولة يسمو عليها القانون الدولي"..‏
            إذا الشعب يوما أراد الحياة
            فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
            و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
            و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

            تعليق


            • #21
              رد: دراسات دولية

              الملاحق

              1- (نص مشروع الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 375 (4) لعام 1949 بشأن حقوق الدول وواجباتها):‏

              لما كانت جميع دول العالم تؤلف مجتمعاً يسوده القانون الدولي، وكان تطور القانون الدولي يستوجب تنظيم الأسرة الدولية تنظيماً ناجعاً، وكانت أغلبية دول العالم وضعت في هذا السبيل نظاماً دولياً جديداً في ظل ميثاق الأمم المتحدة وأعربت معظم الدول الأخرى عن رغبتها في التقيد به، وكان من جملة أغراض الأمم المتحدة الأساسية استتباب السلم والأمن الدوليين، وكان لا بد لادراك هذه الغاية من أن يسود الحق والعدالة.‏

              وإذْ كان من الواجب تدوين بعض حقوق الدول الأساسية وواجباتها على ضوء الاتجاه الجديد للقانون الدولي ووفقاً لميثاق الأمم المتحدة.‏

              فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة تقر وتعلن البيان التالي لحقوق الدول وواجباتها:‏

              المادة الأولى: (حق الاستقلال):‏

              لكل دولة الحق في الاستقلال، ولها الحق بالتالي أن تمارس بحرية، ودون أي خضوع لإرادة دولة أخرى، جميع اختصاصاتها القانونية، بما فيها اختيار شكل حكومتها.‏

              المادة الثانية: (حق السيادة):‏

              لكل دولة الحق في ممارسة ولايتها على اقليمها وعلى جميع الأشخاص والأشياء الموجودة فيه، مع مراعاة الحصانات المقررة في القانون الدولي.‏

              المادة الثالثة: (واجب عدم التدخل):‏

              على كل دولة واجب الامتناع عن أي تدخل في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى.‏

              المادة الرابعة: (واجب الامتناع عن إثارة الاضطرابات الداخلية):‏

              على كل دولة واجب الامتناع عن إثارة الاضطرابات الداخلية في اقليم دولة أخرى، والحيلولة دون تنظيم لهذا الغرض في اقليمها هي.‏

              المادة الخامسة: (حق المساواة في القانون):‏

              لكل دولة الحق بالمساواة القانونية مع الدول الأخرى.‏

              المادة السادسة: (واجب احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية):‏

              على كل دولة واجب معاملة جميع الأشخاص الخاضعين لولايتها على وجه يتحقق معه احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون تمييز بينهم بسبب العرق، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين.‏

              المادة السابعة: (واجب عدم تهديد السلام والنظام الدوليين):‏

              على كل دولة واجب العمل على ألا تؤدي الأوضاع السائدة في بلادها إلى تهديد السلام والنظام الدوليين.‏

              المادة الثامنة: (واجب تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية):‏

              على كل دولة تسوية منازعاتها مع الدول الأخرى بالطرق السلمية على وجه من شأنه ألا يعرض السلم والأمن الدوليين والعدالة للخطر.‏

              المادة التاسعة: (واجب الامتناع عن اللجوء إلى الحرب):‏

              على كل دولة واجب الامتناع عن اللجوء إلى الحرب كأداة لسياستها الوطنية، والامتناع عن التهديد باستخدامها أو استخدامها ضد السلامة الاقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة أخرى، أو على أي وجه آخر يتعارض مع القانون والنظام الدوليين.‏

              المادة العاشرة: (واجب الامتناع عن مساعدة الدولة المعتدية):‏

              على كل دولة واجب الامتناع عن مساعدة أية دولة تخرق أحكام المادة التاسعة، أو تتخذ الأمم المتحدة ضدها عملاً من أعمال المنع أو القمع.‏

              المادة الحادية عشرة: (واجب الامتناع عن الاعتراف بالتوسع الاقليمي):‏

              على كل دولة واجب الامتناع عن الاعتراف بأي مكسب اقليمي تحققه دولة أخرى عن طريق خرق المادة التاسعة.‏

              المادة الثانية عشرة: (حق الدفاع عن النفس):‏

              لكل دولة حق الدفاع عن النفس، فرادى أو جماعات، ضد كل اعتداء مسلح.‏

              المادة الثالثة عشرة: (واجب تنفيذ الالتزامات الدولية بحسن نية):‏

              على كل دولة واجب تنفيذ التزاماتها الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي بحسن نية، وليس لها أن تتذرع بأحكام دستورها أو قوانينها للتحلل من هذا الواجب.‏

              المادة الرابعة عشرة: (واجب التقيد بالقانون الدولي):‏

              على كل دولة واجب إدارة علاقاتها مع الدول الأخرى وفقاً للقانون الدولي وللمبدأ القائل بأن سيادة الدولة يسمو عليها القانون الدولي"..‏
              إذا الشعب يوما أراد الحياة
              فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
              و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
              و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

              تعليق


              • #22
                رد: دراسات دولية

                2-النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية الدولية

                تأسيس المحكمة ومقرها‏

                المادة الأولى:‏

                محكمة العدل الإسلامية الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، تقوم على أساس الشريعة الإسلامية وتعمل بصفة مستقلة، وفقاً لأحكام ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي وأحكام هذا النظام.‏

                المادة الثانية:‏

                (أ) مقر المحكمة في مدينة الكويت.‏

                (ب) يمكن للمحكمة، عند الضرورة، أن تعقد جلساتها وأن تقوم بوظائفها في أية دولة عضو في المنظمة.‏

                تشكيل المحكمة وعضويتها‏

                المادة الثالثة:‏

                (أ) تشكل هيئة المحكمة من سبعة قضاة ينتخبون من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية لمدة أربع سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، وتقوم هيئة المحكمة بانتخاب الرئيس ونائبه من بين أعضائها.‏

                (ب) لا يجوز أن ينتخب أكثر من عضو واحد من رعايا دولة واحدة.‏

                (جـ) إذا انتخب عضو يحمل أكثر من جنسية من بين جنسيات الدول الأعضاء عد من جنسية الدولة التي يمارس فيها حقوقه المدنية والسياسية.‏

                المادة الرابعة:‏

                يشترط لانتخاب عضو في المحكمة أن يكون مسلماً عدلاً من ذوي الصفات الخلقية العالية ومن رعايا إحدى الدول الأعضاء في المنظمة على ألا يقل عمره عن أربعين عاماً، وأن يكون من فقهاء الشريعة المشهود لهم، وله خبرة في القانون الدولي، ومؤهلاً للتعيين في أرفع مناصب الإفتاء أو القضاء في بلاده.‏

                المادة الخامسة:‏

                ينتخب مؤتمر وزراء الخارجية أعضاء المحكمة بالاقتراع السري في قائمة بأسماء الأشخاص المرشحين وفق القواعد التالية:‏

                (أ) يوجه الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي كتاباً إلى الدول الأعضاء في المنظمة يحدد فيه موعد إجراء الانتخابات بمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ويدعوها إلى تقديم مرشحيها خلال شهرين على الأكثر ممن تتوافر فيهم الشروط المذكورة في المادة الرابعة من هذا النظام.‏

                (ب) لكل دولة من الدول الأعضاء في المنظمة ترشيح ثلاثة أشخاص على الأكثر ويجوز أن يكون أحدهم من رعاياها.‏

                (جـ) يعد الأمين العام قائمة مرتبة وفق الحروف الهجائية بأسماء جميع المرشحين ويقدمها إلى مؤتمر وزراء الخارجية تمهيداً لانتخاب أعضاء المحكمة في الموعد المحدد.‏

                (د) يعقد مؤتمر وزراء الخارجية جلسة لانتخاب أعضاء المحكمة ويعد ناجحاً من نال الأكثرية المطلقة لأصوات جميع أعضاء المنظمة، وإذا حصل أكثر من مرشح من رعايا دولة واحدة على الأكثرية المطلقة للأصوات اعتبر أكبرهم سناً هو المنتخب.‏

                (هـ) يراعى مؤتمر وزراء الخارجية في انتخاب أعضاء المحكمة التوزيع الإقليمي والتمثيل اللغوي للدول الأعضاء.‏

                (و) إذا لم يتم ملء جميع المناصب القضائية بعد أول جلسة عقدت للانتخاب عقدت جلسة ثانية ثم ثالثة عند الاقتضاء، فإن بقى أي منصب شاغراً تولى مؤتمر وزراء الخارجية في الجلسة الرابعة إجراء القرعة لانتقاء العضو المتبقي من بين المرشحين الذين حصلوا على أغلب الأصوات.‏

                المادة السادسة:‏

                (أ) إذا رغب أحد أعضاء المحكمة في الاستقالة، قدم استقالته خطياً إلى رئيس المحكمة، وإذا رغب الرئيس في الاستقالة تقدم بها خطياً إلى مؤتمر وزراء الخارجية عن طريق الأمين العام، ويحل محله بصفة مؤقتة نائبه إلى أن يتم انتخاب رئيس جديد من قبل المحكمة.‏

                (ب) عضو المحكمة لا يقال إلا بإجماع الأعضاء الآخرين على أنه بات غير مستوف لشروط العضوية، ولا تفصل المحكمة في هذا الشأن إلا بعد سماع أقوال العضو والإطلاع على ما يبديه من ملاحظات في جلسة مغلقة ويكون قرارها نهائياً.‏

                (جـ) يبلغ مسجل المحكمة الأمين العام كلاً من الاستقالة أو الإقالة بالنسبة لرئيس المحكمة وأعضائها بكتاب رسمي، وبذلك يخلو المنصب.‏

                المادة السابعة:‏

                (أ) تملأ المناصب التي تخلو لأي سبب من الأسباب وفقاً للطريقة المنصوص عليها في المادة الخامسة.‏

                (ب) عضو المحكمة المنتخب بدلاً من عضو لم يكمل مدة العضوية يتم مدة سلفه.‏

                واجبات أعضاء المحكمة‏

                المادة الثامنة:‏

                لا يجوز لعضو المحكمة:‏

                (أ) أن يمارس مهام سياسية أو إدارية أو أية مهنة أو يقوم بأي نشاط لا يتفق وكرامة القضاء واستقلاله.‏

                (ب) أن يعمل مستشاراً أو وكيلاً أو محامياً أو محكماً أو يشتغل بأي عمل مهني آخر يتنافى وعضويته في المحكمة.‏

                (جـ) أن يشترك في الفصل في أية قضية سبق عرضها عليه بوصفه عضو في محكمة وطنية أو دولية أو لجنة تحقيق أو أية صفة أخرى.‏

                وعند قيام الشك في ذلك تفصل المحكمة في الأمر.‏

                المادة التاسعة:‏

                يحلف كل عضو من أعضاء المحكمة في أول جلسة علنية اليمين التالية: "أقسم بالله العظيم أن أتقي الله وحده في أدائي واجباتي وأن أعمل بما تقتضيه الشريعة الإسلامية وقواعد الدين الإسلامي الحنيف دون محاباة وأن ألتزم بأحكام هذا النظام وأحكام ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي."‏

                الحصانات والامتيازات‏

                المادة العاشرة:‏

                (أ) تتمتع محكمة العدل الإسلامية الدولية وأعضاؤها وموظفوها في بلدان الدول الأعضاء بالحصانات والامتيازات المقررة بموجب اتفاقية حصانات وامتيازات منظمة المؤتمر الإسلامي لسنة 1976م.‏

                (ب) يعقد الأمين العام للمؤتمر الإسلامي مع دولة المقر اتفاقاً ينظم العلاقة بين المحكمة ودولة المقر، وتراعى فيه القواعد الدولية للحصانات والامتيازات.‏



                المادة الحادية عشرة:‏

                (أ) تعين المحكمة مسجلاً لها ومن تستوجب الحاجة تعيينه من الموظفين.‏

                (ب) يقيم رئيس المحكمة والمسجل وموظفوها في بلد المقر.‏

                المادة الثانية عشر:‏

                (أ) تنعقد المحكمة في دورة مستمرة لا تنقطع إلا مدة العطلة القضائية.‏

                (ب) تحدد المحكمة مواعيد العطلة القضائية ومدتها.‏

                (جـ) لأعضاء المحكمة الحق في إجازات دورية يحدد الرئيس ميعادها ومدتها.‏

                (د) يجب أن يكون عضو المحكمة تحت تصرف المحكمة في كل وقت باستثناء مدة الإجازة الرسمية أو حال المرض أو الحالات العائقة التي يقبلها الرئيس.‏

                المادة الثالثة عشرة:‏

                تعقد المحكمة جلساتها بكامل هيئتها، ما لم ينص على خلاف ذلك في هذا النظام على ألا يقل عدد أعضاء المحكمة عند إصدار الأحكام عن خمسة.‏

                المادة الرابعة عشرة:‏

                (أ) إذا رأى أحد أعضاء المحكمة، لسبب خاص، التخلي عن النظر في قضية معينة، فله ذلك بعد موافقة الرئيس.‏

                (ب) إذا رأى الرئيس، لسبب يقدره، أنه لا يجوز لأحد أعضاء المحكمة أن ينظر في قضية معينة، أعلمه بذلك، وعلى العضو أن يتنحى.‏

                (جـ) إذا اختلف الرئيس والعضو في أي من هاتين الحالتين تفصل المحكمة في هذا الخلاف.‏

                الدوائر الخاصة‏

                المادة الخامسة عشرة:‏

                (أ) للمحكمة أن تؤلف دائرة خاصة أو أكثر تتألف كل واحدة منها من ثلاثة قضاة على الأقل للنظر في القضايا ذات الطابع الخاص.‏

                (ب) للمحكمة أن تؤلف دائرة خاصة للنظر في قضية بعينها، وتحدد المحكمة عدد قضاتها بموافقة أطراف النزاع.‏

                (جـ) للمحكمة أن تؤلف سنوياً دائرة مكونة من ثلاثة قضاة للنظر في القضايا المستعجلة. متبعة إجراءات مختصرة عندما يطلب ذلك أطراف النزاع.‏

                المادة السادسة عشرة:‏

                (أ) للدول الأطراف في أية قضية مرفوعة أمام المحكمة أن يكون لها قضاة يجلسون مع بقية أعضاء المحكمة ويشاركون في الحكم على قدم المساواة مع سائر الأعضاء.‏

                (ب) إن كان لهذه الأطراف أعضاء من جنسياتها جلسوا في المحكمة وإن لم يكن لها أعضاء، عينت قضاة تختارهم من جنسيات الدول الأعضاء تتوافر فيهم الشروط المطلوبة لعضوية المحكمة.‏

                (جـ) عند وجود مصلحة مشتركة بين عدد من الدول الأطراف في النزاع تصبح هذه الدول في مجال تطبيق الفقرتين السابقتين طرفاً واحداً، وتفصل المحكمة في أي خلاف ينشأ عن هذا الأمر.‏

                المكافآت ومصاريف المحكمة الأخرى.‏

                المادة السابعة عشرة:‏

                (أ) يمنح كل عضو في المحكمة مكافأة سنوية ويمنح رئيس المحكمة ونائبه مخصصات سنوية ملائمة.‏

                (ب) يمنح القضاة الخاصون، علاوة على أجور السفر تعويضاً خاصاً عن كل يوم يقيمون فيه في بلد المقر من أجل المشاركة في أعمال المحكمة.‏

                (جـ) يحدد مؤتمر وزراء الخارجية المكافآت المذكورة في الفقرة (أ) كما يضع شروط منح معاشات التقاعد ونفقات السفر والنظام المالي للمحكمة.‏

                (د) تعفى هذه الرواتب والمخصصات والمكافآت المنصوص عليها في الفقرتين (أ) و(ب) من جميع الضرائب والرسوم المعمول بها في دولة المقر وكذلك في سائر الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.‏

                المادة الثامنة عشرة:‏

                تكون للمحكمة ميزانيتها المستقلة، وتتحمل الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الأعباء المالية التي تقتضيها بنسبة مساهماتها في ميزانية المنظمة.‏

                اللائحة الداخلية‏

                المادة التاسعة عشرة:‏

                (أ) تضع المحكمة لائحتها الداخلية.‏

                (ب) يجوز أن تنص اللائحة الداخلية على خبراء بالمحكمة دون أن يكون لهم حق التصويت.‏

                مسجل المحكمة‏

                المادة العشرون:‏

                (أ) يساعد المحكمة في أثناء الجلسة مسجل يحرر محضرها ويذيله بتوقيعه إلى جانب توقيع الرئيس.‏

                (ب) تتضمن اللائحة الداخلية الأحكام الخاصة بانتقاء المسجل وتعيينه وصيغة القسم الذي يؤديه لدى استلامه مهام منصبه، وأحكام تعيين مساعد المسجل، وتعيين موظفي المحكمة، كما تتضمن النظام الإداري وطريقة العمل به.‏

                اختصاصات المحكمة‏

                المادة الواحدة والعشرون:‏

                (أ) الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي هي وحدها صاحبة الحق في التقاضي أمام المحكمة.‏

                (ب) لسائر الدول الأخرى أن تلجأ إلى المحكمة للنظر في الدعاوي التي تكون أطرافاً فيها، بشروط يضعها مؤتمر وزراء الخارجية، على أن تقبل هذه الدول اختصاص المحكمة، وتعلن التزامها مسبقاً بما تصدره المحكمة من أحكام في هذا الخصوص. وتقدر المحكمة ما يتعين على هذه الدول تحمله من مصاريف التقاضي.‏

                المادة الثانية والعشرون:‏

                (أ) للمحكمة أن تطلب من المنظمات الدولية تزويدها بالمعلومات التي ترى ضرورة الإطلاع عليها في القضايا التي تنظر فيها وتتلقى ما تبتدرها به هذه المنظمات من معلومات مع مراعاة أحكام هذا النظام.‏

                (ب) إذا أثير في قضية معروضة على المحكمة بحث حول تفسير أية وثيقة أنشئت بموجبها هيئة دولية أو قام على أساسها أي اتفاق دولي فعلى مسجل المحكمة أن يبلغ تلك الهيئة بالأمر ويرسل إليها صوراً من جميع الإجراءات المدونة.‏

                التدخل‏

                المادة الثالثة والعشرون:‏

                (أ) إذا قدرت الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي أن لها مصلحة ذات طابع قانوني قد تتأثر بالحكم في قضية معروضة على المحكمة فلها الحق في أن تتقدم بطلب إلى المحكمة للسماح لها بالتدخل.‏

                (ب) فإن لم تكن الدولة عضواً في منظمة المؤتمر الإسلامي، وجب أن تعلن مسبقاً التزامها بأحكام المحكمة وألا يمانع أطراف النزاع في تدخلها.‏

                (جـ) تبت المحكمة في هذا الطلب في الحالتين.‏

                المادة الرابعة والعشرون:‏

                إذا كانت القضية المعروضة أمام المحكمة تتعلق بتفسير اتفاقية دولية وجب على المسجل أن يعلم بالأمر حالاً سائر الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الموقعة على تلك الاتفاقية، عندئذ يجوز لأي من هذه الدول أن تتدخل في الدعوى فإن تدخلت كان التفسير الذي يقضي به الحكم ملزماً لها أيضاً.‏

                ولاية المحكمة‏

                المادة الخامسة والعشرون:‏

                تشمل ولاية المحكمة:‏

                (أ) القضايا التي تتفق الدول الأعضاء المعنية في منظمة المؤتمر الإسلامي على إحالتها إليها.‏

                (ب) القضايا المنصوص على إحالتها إلى المحكمة في أي معاهدة أو اتفاقية نافذة.‏

                (جـ) تفسير معاهدة أو اتفاقية ثنائية أو متعددة الأطراف.‏

                (د) بحث أي موضوع من موضوعات القانون الدولي.‏

                (هـ) تحقيق واقعة من الوقائع التي إذا ثبتت كانت خرقاً لالتزام دولي.‏

                (و) تحديد نوع التعويض المترتب على خرق أي التزام دولي ومدى هذا التعويض.‏

                قبول الاختصاص الإلزامي‏

                المادة السادسة والعشرون:‏

                (أ) للدول الأعضاء في المنظمة أن تصرح، دونما حاجة إلى اتفاق خاص، بأنها تقر للمحكمة بولاية جبرية للفصل في المنازعات القانونية مثل تفسير أحكام الشريعة الإسلامية وتفسير المعاهدات وموضوعات القانون الدولي، التي تنشأ بينها وبين أية دولة تقبل الالتزام نفسه، ويجوز أن يكون التصريح المشار إليه آنفاً غير مقيد، كما يجوز أن يكون معلقاً على الولاية نفسها من جانب دولة معينة، أو عدة دول أو خلال مدة محددة ويودع التصريح لدى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وعليه أن يرسل صوراً من هذا التصريح إلى مسجل المحكمة وإلى جميع الدول الأعضاء في المنظمة.‏

                (ب) تفصل المحكمة في كل نزاع يقوم حول ولايتها.‏

                القانون الواجب التطبيق‏

                المادة السابعة والعشرون:‏

                (أ) الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي الذي تستند إليه المحكمة في أحكامها.‏

                (ب) تسترشد المحكمة بالقانون الدولي والاتفاقات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف، أو العرف الدولي المعمول به، أو المبادئ العامة للقانون، أو الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية، أو مذاهب كبار فقهاء القانون الدولي في مختلف الدول.‏

                اللغات في المحكمة‏

                المادة الثامنة والعشرون:‏

                (أ) العربية لسان القرآن المبين، لغة المحكمة الأولى، وهي مع الإنجليزية والفرنسية، اللغات الرسمية المعتمدة.‏

                (ب) للمحكمة بناء على طلب أي من أطراف النزاع، أن تجيز استعمال لغة أخرى غير رسمية، شريطة أن يتحمل هذا الطرف الأعباء المالية المترتبة على الترجمة إلى إحدى اللغات الرسمية.‏

                (جـ) تصدر المحكمة أحكامها باللغات الرسمية الثلاث.‏

                طرق رفع الدعوى‏

                المادة التاسعة والعشرون:‏

                (أ) ترفع القضايا إلى المحكمة بإحدى طريقتين: إما بطلب كتابي توجهه إحدى الدول الأعضاء إلى مسجل المحكمة، وإما بإبلاغ المسجل اتفاقاً تم بين دولتين، أو أكثر على عرض نزاعها على المحكمة، وفي كلتا الحالتين يجب أن يتضمن الطلب والاتفاق تحديداً للموضوع وتعييناً للأطراف فيه، مع عرض للأوجه التي تقوم عليها الدعوى وجميع البيانات والأدلة المستند إليها، وتوقيع الوكيل القانوني للأطراف المدعية، أو توقيع ممثليها الدبلوماسيين في بلد المقر.‏

                (ب) يبلغ المسجل الطلب أو الاتفاق فوراً إلى ذوي الشأن ويعلم به أيضاً سائر الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي بواسطة أمينها العام.‏

                إجراءات نظر الدعوى‏

                المادة الثلاثون:‏

                الإجراءات أمام محكمة العدل الإسلامية الدولية قسمان، كتابية وشفوية:‏

                (أ) الإجراءات الكتابية: تشمل ما يقدمه أطراف الدعوى للمحكمة وللخصوم من مذكرات ولوائح وردود، كما تشمل جميع الأوراق والمستندات التي تؤيد الدعوى، ويتم ذلك عن طريق مسجل المحكمة وفقاً للترتيب والمواعيد التي تقررها المحكمة.‏

                وكل مستند يقدمه أحد الأطراف ترسل إلى الطرف الآخر صورة منه مطابقة للأصل، ولا يجوز سحب المستند إلا بموافقة الخصم أو بإذن خطي من رئيس المحكمة بعد حفظ صورة منه في ملف الدعوى.‏

                (ب) الإجراءات الشفوية: تشمل المرافعات أمام المحكمة والشهادات التي تستمع إليها وبيانات الخبراء وآراء المستشارين.‏



                الإعلانات القضائية‏

                المادة الواحدة والثلاثون:‏

                (أ) بغية إبلاغ المذكرات وغيرها من الوثائق لأشخاص غير الوكلاء والمحامين والمستشارين، تقوم المحكمة بالاتصال مباشرة بحكومة الدولة التي يجب أن يؤدي الإبلاغ في إقليمها إلى النتيجة المطلوبة.‏

                (ب) يطبق هذا الحكم كلما رأت المحكمة ضرورة الحصول على إثبات للأدلة في مكان النزاع.‏

                تسيير الدعوى وتلقي البيانات‏

                المادة الثانية والثلاثون:‏

                (أ) تصدر المحكمة وفقاً لهذا النظام الأوامر اللازمة لتسيير الدعوى وتقرر الشكل الذي يتعين على كل طرف أن يقدم به مذكراته، وتحدد المواعيد التي يتوجب عليه الالتزام بها، وتتخذ جميع الترتيبات المتعلقة بتلقي البيانات.‏

                (ب) للمحكمة أن تطلب من الوكلاء ولو قبل بدء المرافعة تقديم أي مستند أو إيضاحات وتسجل رسمياً أي رفض لهذا الطلب.‏

                (جـ) للمحكمة أن تعهد إلى أي فرد أو جماعة أو مكتب أو لجنة أو هيئة تختارها وفي أي وقت، إجراء تحقيق أو تقديم ما لديه أو لديهما من خبرة.‏

                (د) للمحكمة أن تطرح الأسئلة على الشهود والخبراء أثناء المرافعات ضمن الشروط التي تضعها وفقاً لهذا النظام.‏

                (هـ) للمحكمة بعد تلقي البيانات في المواعيد التي حددتها لهذا الغرض أن ترفض ما قد يرغب في تقديمه أحد أطراف الدعوى من أدلة إضافية كتابية أو شفوية إلا إذا قبل الطرف الآخر بذلك.‏

                (و) يجوز للدولة المدعى عليها أن تتقدم بدعوى مقابلة ضد الدولة المدعية وذلك في أول مذكرة تجيب بها الدولة المدعى عليها على الدعوى الأصلية، ويشترط لقبول المحكمة هذه الدعوى أن تكون ذات صلة مباشرة بالدعوى الأصلية وأن تدخل في اختصاص المحكمة.‏

                (ز) للدولة المدعية أن تتنازل عن دعواها في أية مرحلة من مراحل النظر في الدعوى وقبل جلسة النطق بالحكم، وللمحكمة أن تقرر قبول هذا التنازل.‏

                التدابير المؤقتة‏

                المادة الثالثة والثلاثون:‏

                (أ) للمحكمة أن تقرر -إلى أن يتم الفصل في الدعوى- أي تدبير مؤقت ترى اتخاذه لحفظ حق أحد الأطراف متى قدرت أن الظروف تستدعي ذلك.‏

                (ب) لا تصدر المحكمة قرارها باتخاذ أي تدبير مؤقت، إلا بعد إتاحة الفرصة أمام سائر الأطراف لتقديم ملاحظاتهم حول هذا التدبير، ويتم فور صدور القرار إبلاغه لجميع أطراف الدعوى.‏

                (جـ) للمحكمة تعديل التدبير المؤقت أو إلغاؤه إذا تبدلت الظروف التي أوجبته، مراعية في ذلك أحكام الفقرة السابقة.‏

                تمثيل الأطراف‏

                المادة الرابعة والثلاثون:‏

                (أ) يمثل أطراف النزاع أمام المحكمة، وكلاء معتمدون ولهذه الأطراف الاستعانة بمستشارين ومحامين.‏

                (ب) يتمتع وكلاء وأطراف النزاع أمام المحكمة والمستشارون والمحامون بالحصانات والامتيازات اللازمة لتأدية المهام الموكولة لهم.‏

                التخلف عن المثول‏

                المادة الخامسة والثلاثون:‏

                إذا لم يمثل أحد أطراف النزاع أمام المحكمة، جاز للطرف الآخر أن يطلب من المحكمة السير في القضية، ويتعين على المحكمة قبل الفصل في النزاع أن تتأكد من ثبوت اختصاصها، ومن أن القضية تقوم على أساس من الواقع والقانون.‏

                إدارة الجلسات‏

                المادة السادسة والثلاثون:‏

                (أ) يتولى الرئيس إدارة الجلسات وإذا تعذر ذلك عليه، تولى إدارتها نائبه، وإذا تعذر عليه ذلك تولى الرئاسة أقدم القضاة الحاضرين.‏

                (ب) تكون الجلسات علنية ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك ويجوز لأطراف النزاع الطلب من المحكمة عدم السماح للجمهور بحضورها.‏

                (جـ) يتم وضع محضر لكل جلسة يوقع عليها رئيس المحكمة ومسجلها.‏

                (د) يكون المحضر هو الوثيقة الرسمية الوحيدة لضبط الجلسة.‏



                إصدار الأحكام‏

                المادة السابعة والثلاثون:‏

                (أ) يعلن الرئيس ختام المرافعات بعد أن ينتهي الوكلاء والمستشارون والمحامون من عرض القضية والمرافعة فيها.‏

                (ب) تنسحب المحكمة للتداول في الحكم وتكون مداولاتها سرية.‏

                (جـ) تفصل المحكمة في جميع المسائل برأي الأكثرية من القضاة الحاضرين ويكون صوت الرئيس أو من ينوب عنه هو المرجح عند تساوي الأصوات.‏

                (د) يبين الحكم الأسباب التي بنى عليها ويتضمن أسماء القضاة الذين اشتركوا في إصداره.‏

                (هـ) إذا لم يكن الحكم صادراً كله أو بعضه بإجماع القضاة فمن حق كل قاض أن يسجل رأيه الخاص.‏

                (و) يوقع الرئيس ومسجل المحكمة الحكم، ثم يتلى في جلسة علنية بعد إخطار الوكلاء إخطاراً صحيحاً.‏

                إلزامية الحكم‏

                المادة الثامنة والثلاثون:‏

                لا يكون للحكم قوة الإلزام إلا على أطراف الدعوى وفي النزاع الذي فصل فيه.‏

                المادة التاسعة والثلاثون:‏

                (أ) يصدر الحكم قطعياً غير قابل للطعن.‏

                (ب) عند الخلاف على مفهوم الحكم ومدى تنفيذه، تتولى المحكمة تفسيره بناء على طلب من أحد الأطراف.‏

                (جـ) في حالة امتناع أي طرف في القضية عن تنفيذ الحكم، يحال الموضوع إلى مؤتمر وزراء الخارجية.‏

                إعادة النظر في الحكم‏

                المادة الأربعون:‏

                (أ) لا يقبل الالتماس بإعادة النظر في الحكم إلا بسبب ظهور واقعة يمكن أن تكون حاسمة في الدعوى وكانت مجهولة عند صدور الحكم لدى كل من المحكمة، والطرف الذي يلتمس إعادة النظر شريطة ألا يكون جهل هذا الطرف ناشئاً عن تقصيره.‏

                (ب) تتم إعادة النظر بقرار من المحكمة يثبت وجود الواقعة الجديدة ويستظهر الصفات اللازمة لإعادة النظر ويعلن قبول الطلب.‏

                (جـ) للمحكمة أن تستوجب التنفيذ المسبق للحكم قبل بدء إعادة النظر.‏

                (د) يجب أن يقدم طلب إعادة النظر خلال ستة أشهر على الأكثر من ظهور الواقعة الجديدة.‏

                (هـ) لا يمكن قبول أي طلب بإعادة النظر بعد مرور عشر سنوات على صدور الحكم.‏

                مصاريف الدعوى‏

                المادة الواحدة والأربعون:‏

                يتحمل كل طرف من أطراف الدعوى النفقات والمصاريف الخاصة به والتي تستوجبها القضية ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.‏

                الآراء الاستشارية‏

                المادة الثانية والأربعون:‏

                للمحكمة أن تفتي في المسائل القانونية غير المتعلقة بنزاع معروض عليها وذلك بطلب من أية هيئة مخولة بذلك من قبل مؤتمر وزراء الخارجية.‏

                المادة الثالثة والأربعون:‏

                (أ) المسألة التي تستفتي المحكمة فيها تعرض عليها في طلب كتابي يتضمن بياناً دقيقاً لها، مرفقاً به جميع الوثائق التي قد تعين على جلائها.‏

                (ب) يبادر مسجل المحكمة إلى إعلام جميع الدول الأعضاء في المنظمة بتقديم طلب الرأي الاستشاري، وبأنها تستطيع تقديم معلومات حول المسألة المستفتى فيها، وأن المحكمة مستعدة لتلقي بياناتها أيضاً في جلسة علنية تعقد لهذا الغرض.‏

                (جـ) للمحكمة أن تطلب تقديم بيانات كافية من أية دولة عضو في المنظمة أو من أية هيئة دولية أخرى ترى أن رأيها مفيد في الموضوع وذلك بطلب خاص ومباشر، مع إعلامها باستعدادها لسماع البيانات الشفوية أيضاً إن كانت ترغب في ذلك.‏

                (د) إذا لم تتلق دولة ممن لها حق الحضور أمام المحكمة الإخطار المشار إليه في الفقرة السابقة، فلها أن تعرب عن رغبتها في تقديم بيان كتابي أو شفوي، وتفصل المحكمة في ذلك.‏

                (هـ) بعد تقديم البيانات الكتابية والشفوية تتاح الفرصة، أمام جميع الدول الأعضاء في المنظمة للتعليق على تلك البيانات، بالطريقة وفي الميعاد اللذين يحددهما رئيس المحكمة، ويتولى المسجل إرسال صور من التعليقات إلى الدول التي سبق لها تقديم البيانات.‏

                المادة الرابعة والأربعون:‏

                (أ) تصدر فتاوي المحكمة في جلسة علنية يبلغ موعدها إلى الأمين العام وجميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وكذلك الهيئات الدولية المعنية.‏

                (ب) يرسل مسجل المحكمة صوراً عن الفتاوى الصادرة إلى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وإلى الدول الأعضاء والهيئات الدولية التي تقدمت ببيانات حول موضوع الاستفتاء.‏

                المادة الخامسة والأربعون:‏

                تسترشد المحكمة في إصدار فتاواها، علاوة على ما تقدم، بما تراه صالحاً للتطبيق في أحكام هذا النظام.‏

                المادة السادسة والأربعون:‏

                يجوز للمحكمة أن تقوم -عن طريق لجنة من الشخصيات المرموقة، أو عن طريق كبار المسئولين في جهازها -بالوساطة والتوفيق والتحكيم في الخلافات التي قد تنشب بين عضوين أو أكثر من أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي إذا أبدت الأطراف المتنازعة رغبتها في ذلك، أو إذا طلب ذلك مؤتمر القمة الإسلامي أو المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية بتوافق الآراء.‏

                نشر الأحكام والفتاوى‏

                المادة السابعة والأربعون:‏

                (أ) يتولى مسجل المحكمة جمع أحكام المحكمة وفتاواها وكذلك أوامرها ثم نشرها في مجموعات متتالية.‏

                (ب) للمحكمة تكليف مسجلها نشر أي مجموعات أخرى من أوامر ومحاضر ووثائق قدمت إليها.‏

                تعديل النظام‏

                المادة الثامنة والأربعون:‏

                (أ) تسري على تعديل هذا النظام أحكام المادة (11) من الميثاق.‏

                (ب) للمحكمة أن تقترح التعديلات التي ترى ضرورة إدخالها وتبلغ اقتراحاتها مكتوبة إلى الأمين العام للنظر فيها وفق أحكام الفقرة السابقة.‏

                (جـ) يحيل الأمين العام أية اقتراحات بشأن تعديل هذا النظام إلى المحكمة لإبداء ملاحظاتها بشأنها.‏

                نفاد النظام‏

                المادة التاسعة والأربعون:‏

                يبدأ سريان هذا النظام بمجرد إيداع ثلثي تصديقات الدول الأعضاء وفق أحكام المادة (11) من الميثاق.‏

                المادة الخمسون:‏

                حرر هذا النظام باللغات الرسمية الثلاثة للمنظمة، وكلها متساوية في حجيتها، وعند الخلاف حول تفسيره أو تطبيقه تكون اللغة العربية هي المرجع.‏

                في مدينة الكويت 29 يناير 1987م‏

                29 جمادى الأولى 1407هـ.‏
                إذا الشعب يوما أراد الحياة
                فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                تعليق


                • #23
                  رد: دراسات دولية

                  2-النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية الدولية

                  تأسيس المحكمة ومقرها‏

                  المادة الأولى:‏

                  محكمة العدل الإسلامية الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، تقوم على أساس الشريعة الإسلامية وتعمل بصفة مستقلة، وفقاً لأحكام ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي وأحكام هذا النظام.‏

                  المادة الثانية:‏

                  (أ) مقر المحكمة في مدينة الكويت.‏

                  (ب) يمكن للمحكمة، عند الضرورة، أن تعقد جلساتها وأن تقوم بوظائفها في أية دولة عضو في المنظمة.‏

                  تشكيل المحكمة وعضويتها‏

                  المادة الثالثة:‏

                  (أ) تشكل هيئة المحكمة من سبعة قضاة ينتخبون من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية لمدة أربع سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، وتقوم هيئة المحكمة بانتخاب الرئيس ونائبه من بين أعضائها.‏

                  (ب) لا يجوز أن ينتخب أكثر من عضو واحد من رعايا دولة واحدة.‏

                  (جـ) إذا انتخب عضو يحمل أكثر من جنسية من بين جنسيات الدول الأعضاء عد من جنسية الدولة التي يمارس فيها حقوقه المدنية والسياسية.‏

                  المادة الرابعة:‏

                  يشترط لانتخاب عضو في المحكمة أن يكون مسلماً عدلاً من ذوي الصفات الخلقية العالية ومن رعايا إحدى الدول الأعضاء في المنظمة على ألا يقل عمره عن أربعين عاماً، وأن يكون من فقهاء الشريعة المشهود لهم، وله خبرة في القانون الدولي، ومؤهلاً للتعيين في أرفع مناصب الإفتاء أو القضاء في بلاده.‏

                  المادة الخامسة:‏

                  ينتخب مؤتمر وزراء الخارجية أعضاء المحكمة بالاقتراع السري في قائمة بأسماء الأشخاص المرشحين وفق القواعد التالية:‏

                  (أ) يوجه الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي كتاباً إلى الدول الأعضاء في المنظمة يحدد فيه موعد إجراء الانتخابات بمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ويدعوها إلى تقديم مرشحيها خلال شهرين على الأكثر ممن تتوافر فيهم الشروط المذكورة في المادة الرابعة من هذا النظام.‏

                  (ب) لكل دولة من الدول الأعضاء في المنظمة ترشيح ثلاثة أشخاص على الأكثر ويجوز أن يكون أحدهم من رعاياها.‏

                  (جـ) يعد الأمين العام قائمة مرتبة وفق الحروف الهجائية بأسماء جميع المرشحين ويقدمها إلى مؤتمر وزراء الخارجية تمهيداً لانتخاب أعضاء المحكمة في الموعد المحدد.‏

                  (د) يعقد مؤتمر وزراء الخارجية جلسة لانتخاب أعضاء المحكمة ويعد ناجحاً من نال الأكثرية المطلقة لأصوات جميع أعضاء المنظمة، وإذا حصل أكثر من مرشح من رعايا دولة واحدة على الأكثرية المطلقة للأصوات اعتبر أكبرهم سناً هو المنتخب.‏

                  (هـ) يراعى مؤتمر وزراء الخارجية في انتخاب أعضاء المحكمة التوزيع الإقليمي والتمثيل اللغوي للدول الأعضاء.‏

                  (و) إذا لم يتم ملء جميع المناصب القضائية بعد أول جلسة عقدت للانتخاب عقدت جلسة ثانية ثم ثالثة عند الاقتضاء، فإن بقى أي منصب شاغراً تولى مؤتمر وزراء الخارجية في الجلسة الرابعة إجراء القرعة لانتقاء العضو المتبقي من بين المرشحين الذين حصلوا على أغلب الأصوات.‏

                  المادة السادسة:‏

                  (أ) إذا رغب أحد أعضاء المحكمة في الاستقالة، قدم استقالته خطياً إلى رئيس المحكمة، وإذا رغب الرئيس في الاستقالة تقدم بها خطياً إلى مؤتمر وزراء الخارجية عن طريق الأمين العام، ويحل محله بصفة مؤقتة نائبه إلى أن يتم انتخاب رئيس جديد من قبل المحكمة.‏

                  (ب) عضو المحكمة لا يقال إلا بإجماع الأعضاء الآخرين على أنه بات غير مستوف لشروط العضوية، ولا تفصل المحكمة في هذا الشأن إلا بعد سماع أقوال العضو والإطلاع على ما يبديه من ملاحظات في جلسة مغلقة ويكون قرارها نهائياً.‏

                  (جـ) يبلغ مسجل المحكمة الأمين العام كلاً من الاستقالة أو الإقالة بالنسبة لرئيس المحكمة وأعضائها بكتاب رسمي، وبذلك يخلو المنصب.‏

                  المادة السابعة:‏

                  (أ) تملأ المناصب التي تخلو لأي سبب من الأسباب وفقاً للطريقة المنصوص عليها في المادة الخامسة.‏

                  (ب) عضو المحكمة المنتخب بدلاً من عضو لم يكمل مدة العضوية يتم مدة سلفه.‏

                  واجبات أعضاء المحكمة‏

                  المادة الثامنة:‏

                  لا يجوز لعضو المحكمة:‏

                  (أ) أن يمارس مهام سياسية أو إدارية أو أية مهنة أو يقوم بأي نشاط لا يتفق وكرامة القضاء واستقلاله.‏

                  (ب) أن يعمل مستشاراً أو وكيلاً أو محامياً أو محكماً أو يشتغل بأي عمل مهني آخر يتنافى وعضويته في المحكمة.‏

                  (جـ) أن يشترك في الفصل في أية قضية سبق عرضها عليه بوصفه عضو في محكمة وطنية أو دولية أو لجنة تحقيق أو أية صفة أخرى.‏

                  وعند قيام الشك في ذلك تفصل المحكمة في الأمر.‏

                  المادة التاسعة:‏

                  يحلف كل عضو من أعضاء المحكمة في أول جلسة علنية اليمين التالية: "أقسم بالله العظيم أن أتقي الله وحده في أدائي واجباتي وأن أعمل بما تقتضيه الشريعة الإسلامية وقواعد الدين الإسلامي الحنيف دون محاباة وأن ألتزم بأحكام هذا النظام وأحكام ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي."‏

                  الحصانات والامتيازات‏

                  المادة العاشرة:‏

                  (أ) تتمتع محكمة العدل الإسلامية الدولية وأعضاؤها وموظفوها في بلدان الدول الأعضاء بالحصانات والامتيازات المقررة بموجب اتفاقية حصانات وامتيازات منظمة المؤتمر الإسلامي لسنة 1976م.‏

                  (ب) يعقد الأمين العام للمؤتمر الإسلامي مع دولة المقر اتفاقاً ينظم العلاقة بين المحكمة ودولة المقر، وتراعى فيه القواعد الدولية للحصانات والامتيازات.‏



                  المادة الحادية عشرة:‏

                  (أ) تعين المحكمة مسجلاً لها ومن تستوجب الحاجة تعيينه من الموظفين.‏

                  (ب) يقيم رئيس المحكمة والمسجل وموظفوها في بلد المقر.‏

                  المادة الثانية عشر:‏

                  (أ) تنعقد المحكمة في دورة مستمرة لا تنقطع إلا مدة العطلة القضائية.‏

                  (ب) تحدد المحكمة مواعيد العطلة القضائية ومدتها.‏

                  (جـ) لأعضاء المحكمة الحق في إجازات دورية يحدد الرئيس ميعادها ومدتها.‏

                  (د) يجب أن يكون عضو المحكمة تحت تصرف المحكمة في كل وقت باستثناء مدة الإجازة الرسمية أو حال المرض أو الحالات العائقة التي يقبلها الرئيس.‏

                  المادة الثالثة عشرة:‏

                  تعقد المحكمة جلساتها بكامل هيئتها، ما لم ينص على خلاف ذلك في هذا النظام على ألا يقل عدد أعضاء المحكمة عند إصدار الأحكام عن خمسة.‏

                  المادة الرابعة عشرة:‏

                  (أ) إذا رأى أحد أعضاء المحكمة، لسبب خاص، التخلي عن النظر في قضية معينة، فله ذلك بعد موافقة الرئيس.‏

                  (ب) إذا رأى الرئيس، لسبب يقدره، أنه لا يجوز لأحد أعضاء المحكمة أن ينظر في قضية معينة، أعلمه بذلك، وعلى العضو أن يتنحى.‏

                  (جـ) إذا اختلف الرئيس والعضو في أي من هاتين الحالتين تفصل المحكمة في هذا الخلاف.‏

                  الدوائر الخاصة‏

                  المادة الخامسة عشرة:‏

                  (أ) للمحكمة أن تؤلف دائرة خاصة أو أكثر تتألف كل واحدة منها من ثلاثة قضاة على الأقل للنظر في القضايا ذات الطابع الخاص.‏

                  (ب) للمحكمة أن تؤلف دائرة خاصة للنظر في قضية بعينها، وتحدد المحكمة عدد قضاتها بموافقة أطراف النزاع.‏

                  (جـ) للمحكمة أن تؤلف سنوياً دائرة مكونة من ثلاثة قضاة للنظر في القضايا المستعجلة. متبعة إجراءات مختصرة عندما يطلب ذلك أطراف النزاع.‏

                  المادة السادسة عشرة:‏

                  (أ) للدول الأطراف في أية قضية مرفوعة أمام المحكمة أن يكون لها قضاة يجلسون مع بقية أعضاء المحكمة ويشاركون في الحكم على قدم المساواة مع سائر الأعضاء.‏

                  (ب) إن كان لهذه الأطراف أعضاء من جنسياتها جلسوا في المحكمة وإن لم يكن لها أعضاء، عينت قضاة تختارهم من جنسيات الدول الأعضاء تتوافر فيهم الشروط المطلوبة لعضوية المحكمة.‏

                  (جـ) عند وجود مصلحة مشتركة بين عدد من الدول الأطراف في النزاع تصبح هذه الدول في مجال تطبيق الفقرتين السابقتين طرفاً واحداً، وتفصل المحكمة في أي خلاف ينشأ عن هذا الأمر.‏

                  المكافآت ومصاريف المحكمة الأخرى.‏

                  المادة السابعة عشرة:‏

                  (أ) يمنح كل عضو في المحكمة مكافأة سنوية ويمنح رئيس المحكمة ونائبه مخصصات سنوية ملائمة.‏

                  (ب) يمنح القضاة الخاصون، علاوة على أجور السفر تعويضاً خاصاً عن كل يوم يقيمون فيه في بلد المقر من أجل المشاركة في أعمال المحكمة.‏

                  (جـ) يحدد مؤتمر وزراء الخارجية المكافآت المذكورة في الفقرة (أ) كما يضع شروط منح معاشات التقاعد ونفقات السفر والنظام المالي للمحكمة.‏

                  (د) تعفى هذه الرواتب والمخصصات والمكافآت المنصوص عليها في الفقرتين (أ) و(ب) من جميع الضرائب والرسوم المعمول بها في دولة المقر وكذلك في سائر الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.‏

                  المادة الثامنة عشرة:‏

                  تكون للمحكمة ميزانيتها المستقلة، وتتحمل الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الأعباء المالية التي تقتضيها بنسبة مساهماتها في ميزانية المنظمة.‏

                  اللائحة الداخلية‏

                  المادة التاسعة عشرة:‏

                  (أ) تضع المحكمة لائحتها الداخلية.‏

                  (ب) يجوز أن تنص اللائحة الداخلية على خبراء بالمحكمة دون أن يكون لهم حق التصويت.‏

                  مسجل المحكمة‏

                  المادة العشرون:‏

                  (أ) يساعد المحكمة في أثناء الجلسة مسجل يحرر محضرها ويذيله بتوقيعه إلى جانب توقيع الرئيس.‏

                  (ب) تتضمن اللائحة الداخلية الأحكام الخاصة بانتقاء المسجل وتعيينه وصيغة القسم الذي يؤديه لدى استلامه مهام منصبه، وأحكام تعيين مساعد المسجل، وتعيين موظفي المحكمة، كما تتضمن النظام الإداري وطريقة العمل به.‏

                  اختصاصات المحكمة‏

                  المادة الواحدة والعشرون:‏

                  (أ) الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي هي وحدها صاحبة الحق في التقاضي أمام المحكمة.‏

                  (ب) لسائر الدول الأخرى أن تلجأ إلى المحكمة للنظر في الدعاوي التي تكون أطرافاً فيها، بشروط يضعها مؤتمر وزراء الخارجية، على أن تقبل هذه الدول اختصاص المحكمة، وتعلن التزامها مسبقاً بما تصدره المحكمة من أحكام في هذا الخصوص. وتقدر المحكمة ما يتعين على هذه الدول تحمله من مصاريف التقاضي.‏

                  المادة الثانية والعشرون:‏

                  (أ) للمحكمة أن تطلب من المنظمات الدولية تزويدها بالمعلومات التي ترى ضرورة الإطلاع عليها في القضايا التي تنظر فيها وتتلقى ما تبتدرها به هذه المنظمات من معلومات مع مراعاة أحكام هذا النظام.‏

                  (ب) إذا أثير في قضية معروضة على المحكمة بحث حول تفسير أية وثيقة أنشئت بموجبها هيئة دولية أو قام على أساسها أي اتفاق دولي فعلى مسجل المحكمة أن يبلغ تلك الهيئة بالأمر ويرسل إليها صوراً من جميع الإجراءات المدونة.‏

                  التدخل‏

                  المادة الثالثة والعشرون:‏

                  (أ) إذا قدرت الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي أن لها مصلحة ذات طابع قانوني قد تتأثر بالحكم في قضية معروضة على المحكمة فلها الحق في أن تتقدم بطلب إلى المحكمة للسماح لها بالتدخل.‏

                  (ب) فإن لم تكن الدولة عضواً في منظمة المؤتمر الإسلامي، وجب أن تعلن مسبقاً التزامها بأحكام المحكمة وألا يمانع أطراف النزاع في تدخلها.‏

                  (جـ) تبت المحكمة في هذا الطلب في الحالتين.‏

                  المادة الرابعة والعشرون:‏

                  إذا كانت القضية المعروضة أمام المحكمة تتعلق بتفسير اتفاقية دولية وجب على المسجل أن يعلم بالأمر حالاً سائر الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الموقعة على تلك الاتفاقية، عندئذ يجوز لأي من هذه الدول أن تتدخل في الدعوى فإن تدخلت كان التفسير الذي يقضي به الحكم ملزماً لها أيضاً.‏

                  ولاية المحكمة‏

                  المادة الخامسة والعشرون:‏

                  تشمل ولاية المحكمة:‏

                  (أ) القضايا التي تتفق الدول الأعضاء المعنية في منظمة المؤتمر الإسلامي على إحالتها إليها.‏

                  (ب) القضايا المنصوص على إحالتها إلى المحكمة في أي معاهدة أو اتفاقية نافذة.‏

                  (جـ) تفسير معاهدة أو اتفاقية ثنائية أو متعددة الأطراف.‏

                  (د) بحث أي موضوع من موضوعات القانون الدولي.‏

                  (هـ) تحقيق واقعة من الوقائع التي إذا ثبتت كانت خرقاً لالتزام دولي.‏

                  (و) تحديد نوع التعويض المترتب على خرق أي التزام دولي ومدى هذا التعويض.‏

                  قبول الاختصاص الإلزامي‏

                  المادة السادسة والعشرون:‏

                  (أ) للدول الأعضاء في المنظمة أن تصرح، دونما حاجة إلى اتفاق خاص، بأنها تقر للمحكمة بولاية جبرية للفصل في المنازعات القانونية مثل تفسير أحكام الشريعة الإسلامية وتفسير المعاهدات وموضوعات القانون الدولي، التي تنشأ بينها وبين أية دولة تقبل الالتزام نفسه، ويجوز أن يكون التصريح المشار إليه آنفاً غير مقيد، كما يجوز أن يكون معلقاً على الولاية نفسها من جانب دولة معينة، أو عدة دول أو خلال مدة محددة ويودع التصريح لدى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وعليه أن يرسل صوراً من هذا التصريح إلى مسجل المحكمة وإلى جميع الدول الأعضاء في المنظمة.‏

                  (ب) تفصل المحكمة في كل نزاع يقوم حول ولايتها.‏

                  القانون الواجب التطبيق‏

                  المادة السابعة والعشرون:‏

                  (أ) الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي الذي تستند إليه المحكمة في أحكامها.‏

                  (ب) تسترشد المحكمة بالقانون الدولي والاتفاقات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف، أو العرف الدولي المعمول به، أو المبادئ العامة للقانون، أو الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية، أو مذاهب كبار فقهاء القانون الدولي في مختلف الدول.‏

                  اللغات في المحكمة‏

                  المادة الثامنة والعشرون:‏

                  (أ) العربية لسان القرآن المبين، لغة المحكمة الأولى، وهي مع الإنجليزية والفرنسية، اللغات الرسمية المعتمدة.‏

                  (ب) للمحكمة بناء على طلب أي من أطراف النزاع، أن تجيز استعمال لغة أخرى غير رسمية، شريطة أن يتحمل هذا الطرف الأعباء المالية المترتبة على الترجمة إلى إحدى اللغات الرسمية.‏

                  (جـ) تصدر المحكمة أحكامها باللغات الرسمية الثلاث.‏

                  طرق رفع الدعوى‏

                  المادة التاسعة والعشرون:‏

                  (أ) ترفع القضايا إلى المحكمة بإحدى طريقتين: إما بطلب كتابي توجهه إحدى الدول الأعضاء إلى مسجل المحكمة، وإما بإبلاغ المسجل اتفاقاً تم بين دولتين، أو أكثر على عرض نزاعها على المحكمة، وفي كلتا الحالتين يجب أن يتضمن الطلب والاتفاق تحديداً للموضوع وتعييناً للأطراف فيه، مع عرض للأوجه التي تقوم عليها الدعوى وجميع البيانات والأدلة المستند إليها، وتوقيع الوكيل القانوني للأطراف المدعية، أو توقيع ممثليها الدبلوماسيين في بلد المقر.‏

                  (ب) يبلغ المسجل الطلب أو الاتفاق فوراً إلى ذوي الشأن ويعلم به أيضاً سائر الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي بواسطة أمينها العام.‏

                  إجراءات نظر الدعوى‏

                  المادة الثلاثون:‏

                  الإجراءات أمام محكمة العدل الإسلامية الدولية قسمان، كتابية وشفوية:‏

                  (أ) الإجراءات الكتابية: تشمل ما يقدمه أطراف الدعوى للمحكمة وللخصوم من مذكرات ولوائح وردود، كما تشمل جميع الأوراق والمستندات التي تؤيد الدعوى، ويتم ذلك عن طريق مسجل المحكمة وفقاً للترتيب والمواعيد التي تقررها المحكمة.‏

                  وكل مستند يقدمه أحد الأطراف ترسل إلى الطرف الآخر صورة منه مطابقة للأصل، ولا يجوز سحب المستند إلا بموافقة الخصم أو بإذن خطي من رئيس المحكمة بعد حفظ صورة منه في ملف الدعوى.‏

                  (ب) الإجراءات الشفوية: تشمل المرافعات أمام المحكمة والشهادات التي تستمع إليها وبيانات الخبراء وآراء المستشارين.‏



                  الإعلانات القضائية‏

                  المادة الواحدة والثلاثون:‏

                  (أ) بغية إبلاغ المذكرات وغيرها من الوثائق لأشخاص غير الوكلاء والمحامين والمستشارين، تقوم المحكمة بالاتصال مباشرة بحكومة الدولة التي يجب أن يؤدي الإبلاغ في إقليمها إلى النتيجة المطلوبة.‏

                  (ب) يطبق هذا الحكم كلما رأت المحكمة ضرورة الحصول على إثبات للأدلة في مكان النزاع.‏

                  تسيير الدعوى وتلقي البيانات‏

                  المادة الثانية والثلاثون:‏

                  (أ) تصدر المحكمة وفقاً لهذا النظام الأوامر اللازمة لتسيير الدعوى وتقرر الشكل الذي يتعين على كل طرف أن يقدم به مذكراته، وتحدد المواعيد التي يتوجب عليه الالتزام بها، وتتخذ جميع الترتيبات المتعلقة بتلقي البيانات.‏

                  (ب) للمحكمة أن تطلب من الوكلاء ولو قبل بدء المرافعة تقديم أي مستند أو إيضاحات وتسجل رسمياً أي رفض لهذا الطلب.‏

                  (جـ) للمحكمة أن تعهد إلى أي فرد أو جماعة أو مكتب أو لجنة أو هيئة تختارها وفي أي وقت، إجراء تحقيق أو تقديم ما لديه أو لديهما من خبرة.‏

                  (د) للمحكمة أن تطرح الأسئلة على الشهود والخبراء أثناء المرافعات ضمن الشروط التي تضعها وفقاً لهذا النظام.‏

                  (هـ) للمحكمة بعد تلقي البيانات في المواعيد التي حددتها لهذا الغرض أن ترفض ما قد يرغب في تقديمه أحد أطراف الدعوى من أدلة إضافية كتابية أو شفوية إلا إذا قبل الطرف الآخر بذلك.‏

                  (و) يجوز للدولة المدعى عليها أن تتقدم بدعوى مقابلة ضد الدولة المدعية وذلك في أول مذكرة تجيب بها الدولة المدعى عليها على الدعوى الأصلية، ويشترط لقبول المحكمة هذه الدعوى أن تكون ذات صلة مباشرة بالدعوى الأصلية وأن تدخل في اختصاص المحكمة.‏

                  (ز) للدولة المدعية أن تتنازل عن دعواها في أية مرحلة من مراحل النظر في الدعوى وقبل جلسة النطق بالحكم، وللمحكمة أن تقرر قبول هذا التنازل.‏

                  التدابير المؤقتة‏

                  المادة الثالثة والثلاثون:‏

                  (أ) للمحكمة أن تقرر -إلى أن يتم الفصل في الدعوى- أي تدبير مؤقت ترى اتخاذه لحفظ حق أحد الأطراف متى قدرت أن الظروف تستدعي ذلك.‏

                  (ب) لا تصدر المحكمة قرارها باتخاذ أي تدبير مؤقت، إلا بعد إتاحة الفرصة أمام سائر الأطراف لتقديم ملاحظاتهم حول هذا التدبير، ويتم فور صدور القرار إبلاغه لجميع أطراف الدعوى.‏

                  (جـ) للمحكمة تعديل التدبير المؤقت أو إلغاؤه إذا تبدلت الظروف التي أوجبته، مراعية في ذلك أحكام الفقرة السابقة.‏

                  تمثيل الأطراف‏

                  المادة الرابعة والثلاثون:‏

                  (أ) يمثل أطراف النزاع أمام المحكمة، وكلاء معتمدون ولهذه الأطراف الاستعانة بمستشارين ومحامين.‏

                  (ب) يتمتع وكلاء وأطراف النزاع أمام المحكمة والمستشارون والمحامون بالحصانات والامتيازات اللازمة لتأدية المهام الموكولة لهم.‏

                  التخلف عن المثول‏

                  المادة الخامسة والثلاثون:‏

                  إذا لم يمثل أحد أطراف النزاع أمام المحكمة، جاز للطرف الآخر أن يطلب من المحكمة السير في القضية، ويتعين على المحكمة قبل الفصل في النزاع أن تتأكد من ثبوت اختصاصها، ومن أن القضية تقوم على أساس من الواقع والقانون.‏

                  إدارة الجلسات‏

                  المادة السادسة والثلاثون:‏

                  (أ) يتولى الرئيس إدارة الجلسات وإذا تعذر ذلك عليه، تولى إدارتها نائبه، وإذا تعذر عليه ذلك تولى الرئاسة أقدم القضاة الحاضرين.‏

                  (ب) تكون الجلسات علنية ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك ويجوز لأطراف النزاع الطلب من المحكمة عدم السماح للجمهور بحضورها.‏

                  (جـ) يتم وضع محضر لكل جلسة يوقع عليها رئيس المحكمة ومسجلها.‏

                  (د) يكون المحضر هو الوثيقة الرسمية الوحيدة لضبط الجلسة.‏



                  إصدار الأحكام‏

                  المادة السابعة والثلاثون:‏

                  (أ) يعلن الرئيس ختام المرافعات بعد أن ينتهي الوكلاء والمستشارون والمحامون من عرض القضية والمرافعة فيها.‏

                  (ب) تنسحب المحكمة للتداول في الحكم وتكون مداولاتها سرية.‏

                  (جـ) تفصل المحكمة في جميع المسائل برأي الأكثرية من القضاة الحاضرين ويكون صوت الرئيس أو من ينوب عنه هو المرجح عند تساوي الأصوات.‏

                  (د) يبين الحكم الأسباب التي بنى عليها ويتضمن أسماء القضاة الذين اشتركوا في إصداره.‏

                  (هـ) إذا لم يكن الحكم صادراً كله أو بعضه بإجماع القضاة فمن حق كل قاض أن يسجل رأيه الخاص.‏

                  (و) يوقع الرئيس ومسجل المحكمة الحكم، ثم يتلى في جلسة علنية بعد إخطار الوكلاء إخطاراً صحيحاً.‏

                  إلزامية الحكم‏

                  المادة الثامنة والثلاثون:‏

                  لا يكون للحكم قوة الإلزام إلا على أطراف الدعوى وفي النزاع الذي فصل فيه.‏

                  المادة التاسعة والثلاثون:‏

                  (أ) يصدر الحكم قطعياً غير قابل للطعن.‏

                  (ب) عند الخلاف على مفهوم الحكم ومدى تنفيذه، تتولى المحكمة تفسيره بناء على طلب من أحد الأطراف.‏

                  (جـ) في حالة امتناع أي طرف في القضية عن تنفيذ الحكم، يحال الموضوع إلى مؤتمر وزراء الخارجية.‏

                  إعادة النظر في الحكم‏

                  المادة الأربعون:‏

                  (أ) لا يقبل الالتماس بإعادة النظر في الحكم إلا بسبب ظهور واقعة يمكن أن تكون حاسمة في الدعوى وكانت مجهولة عند صدور الحكم لدى كل من المحكمة، والطرف الذي يلتمس إعادة النظر شريطة ألا يكون جهل هذا الطرف ناشئاً عن تقصيره.‏

                  (ب) تتم إعادة النظر بقرار من المحكمة يثبت وجود الواقعة الجديدة ويستظهر الصفات اللازمة لإعادة النظر ويعلن قبول الطلب.‏

                  (جـ) للمحكمة أن تستوجب التنفيذ المسبق للحكم قبل بدء إعادة النظر.‏

                  (د) يجب أن يقدم طلب إعادة النظر خلال ستة أشهر على الأكثر من ظهور الواقعة الجديدة.‏

                  (هـ) لا يمكن قبول أي طلب بإعادة النظر بعد مرور عشر سنوات على صدور الحكم.‏

                  مصاريف الدعوى‏

                  المادة الواحدة والأربعون:‏

                  يتحمل كل طرف من أطراف الدعوى النفقات والمصاريف الخاصة به والتي تستوجبها القضية ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.‏

                  الآراء الاستشارية‏

                  المادة الثانية والأربعون:‏

                  للمحكمة أن تفتي في المسائل القانونية غير المتعلقة بنزاع معروض عليها وذلك بطلب من أية هيئة مخولة بذلك من قبل مؤتمر وزراء الخارجية.‏

                  المادة الثالثة والأربعون:‏

                  (أ) المسألة التي تستفتي المحكمة فيها تعرض عليها في طلب كتابي يتضمن بياناً دقيقاً لها، مرفقاً به جميع الوثائق التي قد تعين على جلائها.‏

                  (ب) يبادر مسجل المحكمة إلى إعلام جميع الدول الأعضاء في المنظمة بتقديم طلب الرأي الاستشاري، وبأنها تستطيع تقديم معلومات حول المسألة المستفتى فيها، وأن المحكمة مستعدة لتلقي بياناتها أيضاً في جلسة علنية تعقد لهذا الغرض.‏

                  (جـ) للمحكمة أن تطلب تقديم بيانات كافية من أية دولة عضو في المنظمة أو من أية هيئة دولية أخرى ترى أن رأيها مفيد في الموضوع وذلك بطلب خاص ومباشر، مع إعلامها باستعدادها لسماع البيانات الشفوية أيضاً إن كانت ترغب في ذلك.‏

                  (د) إذا لم تتلق دولة ممن لها حق الحضور أمام المحكمة الإخطار المشار إليه في الفقرة السابقة، فلها أن تعرب عن رغبتها في تقديم بيان كتابي أو شفوي، وتفصل المحكمة في ذلك.‏

                  (هـ) بعد تقديم البيانات الكتابية والشفوية تتاح الفرصة، أمام جميع الدول الأعضاء في المنظمة للتعليق على تلك البيانات، بالطريقة وفي الميعاد اللذين يحددهما رئيس المحكمة، ويتولى المسجل إرسال صور من التعليقات إلى الدول التي سبق لها تقديم البيانات.‏

                  المادة الرابعة والأربعون:‏

                  (أ) تصدر فتاوي المحكمة في جلسة علنية يبلغ موعدها إلى الأمين العام وجميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وكذلك الهيئات الدولية المعنية.‏

                  (ب) يرسل مسجل المحكمة صوراً عن الفتاوى الصادرة إلى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وإلى الدول الأعضاء والهيئات الدولية التي تقدمت ببيانات حول موضوع الاستفتاء.‏

                  المادة الخامسة والأربعون:‏

                  تسترشد المحكمة في إصدار فتاواها، علاوة على ما تقدم، بما تراه صالحاً للتطبيق في أحكام هذا النظام.‏

                  المادة السادسة والأربعون:‏

                  يجوز للمحكمة أن تقوم -عن طريق لجنة من الشخصيات المرموقة، أو عن طريق كبار المسئولين في جهازها -بالوساطة والتوفيق والتحكيم في الخلافات التي قد تنشب بين عضوين أو أكثر من أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي إذا أبدت الأطراف المتنازعة رغبتها في ذلك، أو إذا طلب ذلك مؤتمر القمة الإسلامي أو المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية بتوافق الآراء.‏

                  نشر الأحكام والفتاوى‏

                  المادة السابعة والأربعون:‏

                  (أ) يتولى مسجل المحكمة جمع أحكام المحكمة وفتاواها وكذلك أوامرها ثم نشرها في مجموعات متتالية.‏

                  (ب) للمحكمة تكليف مسجلها نشر أي مجموعات أخرى من أوامر ومحاضر ووثائق قدمت إليها.‏

                  تعديل النظام‏

                  المادة الثامنة والأربعون:‏

                  (أ) تسري على تعديل هذا النظام أحكام المادة (11) من الميثاق.‏

                  (ب) للمحكمة أن تقترح التعديلات التي ترى ضرورة إدخالها وتبلغ اقتراحاتها مكتوبة إلى الأمين العام للنظر فيها وفق أحكام الفقرة السابقة.‏

                  (جـ) يحيل الأمين العام أية اقتراحات بشأن تعديل هذا النظام إلى المحكمة لإبداء ملاحظاتها بشأنها.‏

                  نفاد النظام‏

                  المادة التاسعة والأربعون:‏

                  يبدأ سريان هذا النظام بمجرد إيداع ثلثي تصديقات الدول الأعضاء وفق أحكام المادة (11) من الميثاق.‏

                  المادة الخمسون:‏

                  حرر هذا النظام باللغات الرسمية الثلاثة للمنظمة، وكلها متساوية في حجيتها، وعند الخلاف حول تفسيره أو تطبيقه تكون اللغة العربية هي المرجع.‏

                  في مدينة الكويت 29 يناير 1987م‏

                  29 جمادى الأولى 1407هـ.‏
                  إذا الشعب يوما أراد الحياة
                  فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                  و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                  و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                  تعليق


                  • #24
                    رد: دراسات دولية

                    2-مشروع النظام الأساسي

                    لمحكمة العدل العربية‏

                    الفصل الأول‏

                    في تنظيم المحكمة‏

                    المادة 1‏

                    1-تكون محكمة العدل العربية التي أنشأها ميثاق جامعة الدول العربية الجهاز القضائي الرئيسي للجامعة، وتعمل وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي.‏

                    2-جميع الدول الأعضاء في الجامعة أطراف في هذا النظام الأساسي.‏

                    المادة 2.‏

                    1-تتألف المحكمة من تسعة قضاة يتنخبون بصفتهم الشخصية من بين مواطني الدول الأعضاء الحائزين على المؤهلات القانونية المطلوبة للتعيين في أعلى المناصب القضائية أو من المشهود لهم بالكفاءة في القانون الدولي.‏

                    2-لا يجوز أن يكون بالمحكمة أكثر من قاض واحد يحمل جنسية دولة بذاتها، فإذا كان للمرشح عضوية المحكمة جنسية أكثر من دولة عربية واحدة، فإنه يعتبر حاملاً لجنسيته الأصلية.‏

                    المادة 3:‏

                    1-ينتخب مؤتمر القمة القضاة بالاقتراع السري من قائمة يعدها الأمين العام مرتبة حسب الحروف الهجائية بأسماء الأشخاص الذين ترشحهم الدول الأعضاء.‏

                    2-لكل دولة عضو أن ترشح شخصين على الأكثر قبل موعد الانتخاب بشهرين.‏

                    3-ينتخب المرشحون الذين حصلوا على أصوات أغلبية الدول الأعضاء، وإذا تعذر الحصول على هذه الأغلبية في الاقتراع الأول. ينتخب المرشح الذي يحصل على أكثر من الأصوات في اقتراع ثان، وفي حال تساوي عدد الأصوات في الاقتراع الثاني يعتبر منتخباً أكبر المرشحين سناً مع مراعاة ما جاء في الفقرة 2 من المادة الثانية.‏

                    المادة 4‏

                    1-ينتخب القضاة لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد على أن تنتهي مدة ثلاثة من القضاة الذين وقع عليهم الاختيار في أول انتخاب للمحكمة بعد مضي سنتين من تاريخ ولايتهم وتنتهي مدة ثلاثة آخرين بعد أربع سنوات.‏

                    ويتم اختيار القضاة الذين تنتهي مدتهم في نهاية السنتين والأربع سنوات المشار إليها آنفاً عن طريق قرعة يجريها الأمين العام بمجرد الانتهاء من أول انتخاب.‏

                    2-يستمر القضاة الذين تنتهي مدة ولايتهم القانونية في عملهم بالنسبة إلى الفصل في القضايا التي أعلن فيها عن اختتام المرافعة.‏

                    3-إذا رغب أحد القضاة في الاستقالة تقدم بها كتابياً إلى رئيس المحكمة الذي يبلغها إلى الأمين العام. وبهذا الإبلاغ يخلو المنصب.‏

                    4-لا يجوز إعفاء أحد القضاة من منصبه إلا بإجماع القضاة الآخرين على أنه صار غير مستوف لشروط الاستمرار في عضوية المحكمة. ويعتبر المنصب شاغراً بمجرد صدور قرار الإعفاء ويبلغ القرار معللاً إلى الأمين العام.‏

                    5-إذا شغر منصب أحد القضاة قبل انتهاء مدته القانونية يتم انتخاب خلف له مدة ست سنوات كاملة.‏

                    المادة 5‏

                    1-لا يجوز للقاضي مدّة ولايته:‏

                    (أ) تولى مناصب سياسية أو وظائف إدارية أو ممارسة أية مهنة.‏

                    (ب) مباشرة وظيفة وكيل أو مستشار أو محام.‏

                    (جـ) الاشتراك في الفصل في أية قضية سبق له أن كان وكيلاً في أحد أطرافها أو مستشاراً له أو محامياً عنه، أو سبق عرضها عليه بصفته عضواً في محكمة وطنية أو دولية أو لجنة تحقيق، أو بأية صفة أخرى.‏

                    2-إذا ثار شك حول التزام أحد القضاة بأحكام الفقرة السابقة تفصل المحكمة في الأمر.‏



                    المادة 6‏

                    1-يتمتع القضاة في الدول الأعضاء بالحصانة القضائية عند مباشرة أعمالهم أو بسببها ويتمتعون ببقية الحصانات والمزايا الديبلوماسية وفق المادة (45) من ميثاق جامعة الدول العربية.‏

                    2-تتمتع المحكمة في الدول الأعضاء بالحصانات والمزايا التي يتطلبها تحقيق أغراضها. والقيام بوظائفها، كما يتمتع موظفوها وخبراؤها وشهودها وممثلو الدول المتنازعة أمامها بالحصانات والمزايا التي يتطلبها ضمان استقلالهم وحريتهم في القيام بمهامهم.‏

                    3-تحدد اتفاقية مزايا وحصانات الجامعة التفاصيل الخاصة بتطبيق الفقرة السابقة.‏

                    4-يجوز للمحكمة أن تقرر بإجماع القضاة الآخرين رفع الحصانة عن أحد القضاة.‏

                    المادة 7‏

                    1-يؤدي القضاة قبل مباشرتهم أعمالهم اليمين التالية أمام هيئة المحكمة في جلسة علنية: "أقسم باللّه العظيم أن أؤدي واجبات وظيفتي بصدق وأمانة ونزاهة".‏

                    2-يسجل أداء اليمين في سجل خاص.‏

                    المادة 8‏

                    1-تنتخب المحكمة رئيسها ونائبه لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة.‏

                    2-تعين المحكمة أميناً لها وعدداً كافياً من الموظفين.‏

                    3-يؤدي أمين المحكمة قبل مباشرته مهامه اليمين التالية أمام هيئة المحكمة: "أقسم بالله العظيم أن أؤدي واجبات وظيفتي بصدق وأمانة وأن أحافظ على سرية أعمال المحكمة ووثائقها".‏

                    المادة 9‏

                    1-إذا رأى أحد القضاة ما يوجب تنحّيه، لسبب خاص، عن الاشتراك في الفصل في قضية معينة أخطر الرئيس بذلك.‏

                    2-إذا رأى الرئيس أنه لا يجوز أن يشترك أحد القضاة لسبب خاص في الفصل في قضية معينة أخطر العضو المعني بذلك، مع بيان الأسباب الموجبة لهذا الإجراء، أما إذا تعلق الأمر بالرئيس، تنظر المحكمة في ذلك.‏

                    3-عند اختلاف الرئيس والعضو في الحالتين المشار إليهما في هذه المادة تقضي المحكمة في الخلاف.‏

                    المادة 10‏

                    1- يكون انعقاد المحكمة صحيحاً بحضور سبعة قضاة على الأقل.‏

                    2-تصدر الأحكام والآراء الاستشارية والقرارات بأغلبية القضاة الجالسين للنظر في القضية ما لم يرد النص على خلاف ذلك في هذا النظام وفي حال تساوي الأصوات يرجح جانب الرئيس.‏

                    المادة 11‏

                    1-يحق للقاضي الذي يحمل جنسية أحد أطراف النزاع أن يجلس للنظر في القضية المعروضة على المحكمة.‏

                    2-إذا كان أحد قضاة المحكمة يحمل جنسية أحد أطراف النزاع جاز لكل من الأطراف الآخرين أن يختار قاضياً خاصاً يجلس للنظر في القضية محل النزاع.‏

                    3-إذا لم يكن من بين قضاة المحكمة قاضٍ يحمل جنسية أحد أطراف النزاع جاز لكل واحد من هؤلاء الأطراف أن يختار قاضياً.‏

                    4-إذا كان لعدة أطراف نفس المصلحة في موضوع النزاع اعتبروا طرفاً واحداً بالنسبة إلى ما ورد في الفقرتين الثانية والثالثة، وعند قيام شك في هذا الأمر تفصل المحكمة فيه.‏

                    5-يجب أن تتوفر في القضاة الذين يختارون وفق أحكام الفقرتين 2،3 من هذه المادة الشروط المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 2 وفي المادة 5 وفي المادة 7 من هذا النظام، ويشترط هؤلاء القضاة في المداولات وفي إصدار الحكم على وجه المساواة التامة مع القضاة الأصليين.‏

                    المادة 12‏

                    1-يحدّد مؤتمر القمة مقرّ المحكمة.‏

                    2-يجوز للمحكمة، عند الاقتضاء، وبقرار منها، عقد جلساتها خارج المقر في أي بلد عربي آخر.‏



                    المادة 13‏

                    1-تحدد الرواتب والمكافآت والمزايا المالية لقضاة المحكمة بقرار من مجلس وزراء الخارجية.‏

                    2-تضع المحكمة النظم الداخلية المتعلقة بشؤونها الإدارية والمالية وفقاً لأحكام النظم الأساسية المعمول بها في نطاق الجامعة.‏

                    3-تكون موازنة المحكمة ملحقة بموازنة الجامعة.‏



                    الفصل الثاني‏

                    في الاختصاص القضائي للمحكمة‏

                    المادة 14‏

                    للدول وحدها حقّ التقاضي أمام المحكمة.‏

                    المادة 15‏

                    للدول الأطراف في هذا النظام الأساسي حق التقاضي أمام المحكمة إذا قبلت بولايتها، مع مراعاة أحكام المادة السادسة عشرة من هذا النظام.‏

                    المادة 16‏

                    1-تشمل ولاية المحكمة:‏

                    (أ) النزاعات التي يتفق أطراف النزاع على إحالتها إليها، ولا يجوز لهؤلاء الأطراف إحالة هذه النزاعات إلى محاكم دولية أخرى. بعد الاتفاق على عرضها على محكمة العدل العربية.‏

                    (ب) النزاعات التي تنص اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف على إحالتها إليها.‏

                    (جـ) النزاعات الأخرى التي تنشأ بين أطراف سبق لها أن صرحت بقبول الولاية الإلزامية للمحكمة للنظر في هذه النزاعات وتلتزم الدولة التي قامت بهذا التصريح أن لا تقوم بتصريح مماثل له أو أن تتمسك به أمام أية محكمة دولية أخرى، ويجوز أن تصدر هذه التصريحات دون قيد أو شرط، أو أن تعلق على شرط تبادل القبول من جانب عدّة دول أو دولة معينة بذاتها أو أن تقيد بمدّة محدودة أو أن تحصر في نوع معين من النزاعات.‏

                    (د) النزاعات التي تتصل بتفسير المعاهدات.‏

                    2-تفصل المحكمة في أي نزاع يتعلق بولايتها.‏

                    المادة 17‏

                    1-تفصل المحكمة في النزاعات التي ترفع إليها وفقاً لمبادئ ولأحكام ميثاق الجامعة والقانون الدولي، وتعتمد في هذا الشأن:‏

                    (أ) القواعد المعترف بها صراحة من قبل الأطراف المتنازعة والتي تتضمنها الاتفاقات العامة أو الخاصة المبرمة فيما بينها.‏

                    (ب) أحكام الشريعة الإسلامية.‏

                    (جـ) العرف العربي والدولي.‏

                    (د) المبادئ العامة للقانون التي استقرت في الدول العربية.‏

                    2-يجوز للمحكمة أن تستأنس بأحكام المحاكم ومذاهب كبار فقهاء القانون في مختلف الدول.‏

                    3-يمكن للمحكمة أن تفصل في النزاعات وفقاً لمبادئ العدالة والإنصاف متى وافق أطراف النزاع على ذلك صراحة.‏



                    الفصل الثالث‏

                    في الإجراءات‏

                    المادة 18‏

                    تضع المحكمة نظاماً داخلياً يبين طريقة قيامها بوظائفها، كما يحدد بصفة خاصة الإجراءات المتبعة لديها.‏

                    المادة 19‏

                    1-للمحكمة، عند الاقتضاء، أن تتخذ قراراً بالتدابير المؤقتة التي يجب اتخاذها لحفظ حق أي طرف، ويبلغ هذا القرار فور اتخاذه إلى أطراف النزاع وإلى مجلس وزراء الخارجية عن طريق الأمين العام.‏

                    2-إذا لم يلتزم أطراف النزاع بتنفيذ هذا القرار، فلمجلس وزراء الخارجية أن يتخذ ما يراه مناسباً لتنفيذه.‏

                    المادة 20‏

                    يمثل أطراف النزاع وكلاء عنهم، ولهم أن يستعينوا أمام المحكمة بمستشارين أو بمحامين.‏

                    المادة 21‏

                    1-يجوز للدولة المُدعى عليها أن تتقدم بدعوى معارضة ضد الدولة المدعية وذلك في أول مذكرة تجيب بها الدولة المُدعى عليها على الدعوة الأصلية.‏

                    2-يشترط لقبول المحكمة هذه الدعوى أن تكون ذات صلة مباشرة بالدعوى الأصلية وتدخل في اختصاص المحكمة.‏

                    المادة 22‏

                    1-تُرفع الدعاوى إلى المحكمة إمّا بإعلامها باتفاق أطراف النزاع على عرض النزاع عليها وإمّا بتقديم أحد أطراف النزاع الشكوى كتابياً إلى أمين المحكمة وذلك في نطاق أحكام المادة 16 من هذا النظام.‏

                    2-يتعين على أطراف النزاع في جميع الحالات تحديد موضوع النزاع وتحديد أطرافه.‏

                    3-يتولى أمين المحكمة إبلاغ نص الشكوى إلى الأطراف المعنية بالنزاع ويخطر به الدول الأعضاء عن طريق الأمين العام.‏

                    المادة 23‏

                    تكون جلسات المحكمة علنية، مالم تقرر المحكمة سريتها بناء على طلب أحد أطراف النزاع أو من تلقاء نفسها.‏

                    المادة 24‏

                    للمحكمة أن تقرر من تلقاء نفسها، أو بطلب من أحد الأطراف سماع شهود، وعلى الشاهد أن يؤدي اليمين التالية:‏

                    "أقسم بالله أن أقول الحق وكل الحق ولا شيء سواه".‏



                    المادة 25‏

                    1-إذا رأت المحكمة ضرورة إجراء تحقيق فلها القيام به بنفسها أو أن تعهد به إلى أحد أعضائها.‏

                    2-يجوز للمحكمة في كل وقت أن تعهد إلى خبير أو خبراء بالبحث أو بإبداء الرأي في مسألة ما.‏

                    المادة 26‏

                    1-إذا رأت الدول الأعضاء أن لها مصلحة قانونية يؤثر فيها الحكم، جاز لها أن تطلب من المحكمة الإذن لها بالتدخل قبل اختتام المرافعات، وللمحكمة في بعض الحالات الاستثنائية أن تقرر خلاف ذلك.‏

                    2-تبتّ المحكمة في طلب التدخل.‏

                    3-إذا قبلت المحكمة بالتدخل، اعتبر صاحبه طرفاً في النزاع.‏

                    المادة 27‏

                    للدول المُدعية أن تتنازل عن دعواها في أية مرحلة من مراحل النظر في الدعوى وقبل جلسة النطق بالحكم، وللمحكمة أن تقرر قبول هذا التنازل ما لم يعترض أحد الأطراف على ذلك.‏

                    المادة 28‏

                    يعلن الرئيس اختتام المرافعات بعد الانتهاء من عرض القضية، وتجري المداولة في الحكم بصفة سرية، ولا يشارك في المداولة إلا القضاة الذين استمعوا للمرافعات، ويحضر هذه المداولة أمين المحكمة.‏

                    المادة 29‏

                    إذا تخلّف أحد أطراف النزاع عن الحضور أو امتنع عن الدفاع عن دعواه جاز للطرف الآخر أن يطلب إلى المحكمة أن تحكم له بطلباته.‏

                    المادة 30‏

                    1-يبيّن الحكم الأسباب التي بُنى عليها، كما يتضمن أسماء القضاة الذين اشتركوا فيه.‏

                    2-إذا لم يكن الحكم صادراً كله أو بعضه بإجماع القضاة، فمن حقّ كل قاض أن يصدر بياناً مستقلاً برأيه الخاص.‏

                    المادة 31‏

                    لا يكون للحكم قوة الإلزام إلاّ بالنسبة إلى أطراف النزاع والقضية التي فُصِل فيها.‏

                    المادة 32‏

                    1-يكون حكم المحكمة نهائياً وغير قابل للطعن، ولا يجوز التماس إعادة النظر فيه إلاّ في إحدى الحالتين التاليتين:‏

                    (أ) إذا قضت المحكمة بشيء لم تطلبه أطراف الدعوى.‏

                    (ب) إذا تكشف أمر حاسم بالنسبة إلى الدعوى كان يجهله حتى صدور الحكم كل من المحكمة والطرف الذي التمس إعادة النظر في الحكم، على أن لا يكون ذلك ناشئاً عن إهمال من قبل هذا الطرف.‏

                    2-يكون أجل الالتماس ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم في الحالة‏

                    (أ) ومن تاريخ تكشف الأمر في الحالة (ب) ولا يقبل الالتماس بأي حال بعد انقضاء عشر سنوات من تاريخ صدور الحكم.‏

                    3-لا يترتب على رفع الالتماس وقف تنفيذ الحكم ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.‏

                    4-يكون الحكم واجب النفاذية من قبل أطراف النزاع، وإذا امتنع أحد الأطراف عن ذلك فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس وزراء الخارجية ليتخذ التدابير الكفيلة بتنفيذ الحكم وفق أحكام الميثاق.‏

                    5-تبت المحكمة في الالتماس بقبوله أو رفضه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمه للمحكمة وتبلغ أطراف الدعوى نتيجة حكمها.‏

                    المادة 33‏

                    1-يجوز لأيّ طرف من أطراف النزاع أن يطلب من المحكمة تفسير ما يراه غامضاً أو مبهماً في منطوق الحكم.‏

                    2-تتولىّ المحكمة تصحيح ما قد يقع في منطوق حكمها من أخطاء مادية، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها، أو بناءً على طلب أحد الأطراف، ويتم ذلك دون مرافعة.‏



                    المادة 34‏

                    يتحمل كل طرف المصاريف الخاصة به ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.‏



                    الفصل الرابع‏

                    في الآراء الاستشارية‏

                    المادة 35‏

                    1-للمحكمة أن تصدر آراءً استشارية في أية مسألة قانونية بناء على طلب أي من المجالس الرئيسية للجامعة.‏

                    2-للمحكمة كذلك أن تصدر مثل هذه الآراء بناءٌ على طلب أي من المجالس الوزارية أو المنظمات المتخصصة في أية مسألة قانونية تتعلق بأنشطتها إذا وافق مجلس رؤساء الحكومات للعمل الاقتصادي والاجتماعي على ذلك.‏

                    3-تنظم الإجراءات الخاصة بالآراء الاستشارية في النظام الداخلي للمحكمة.‏

                    المادة 36‏

                    تصدر المحكمة رأيها الاستشاري في جلسة علنية بعد أن تكون قد أخطرت، بموعد الجلسة الأمانة العامة للجامعة والدول والمنظمات التي يعنيها الأمر مباشرة.‏

                    المادة 37‏

                    عندما تباشر المحكمة مهمة إصدار الآراء الاستشارية تتبع، إضافة لما ورد من أحكام في الفصل الرابع، ما تراه ممكن التطبيق من الأحكام المتعلقة باختصاصها القضائي.‏

                    المادة 38‏

                    1-تسري على تعديل هذا النظام الأساسي أحكام المادة (49) من الميثاق.‏

                    2-للمحكمة أن تقترح التعديلات التي ترى ضرورة إدخالها على هذا النظام الأساسي وتبلغ اقتراحات كتابةً للأمين العام للجامعة، ويتم النظر فيها وفق ما تنص عليه الفقرات السابقة.‏
                    إذا الشعب يوما أراد الحياة
                    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                    تعليق


                    • #25
                      رد: دراسات دولية

                      2-مشروع النظام الأساسي

                      لمحكمة العدل العربية‏

                      الفصل الأول‏

                      في تنظيم المحكمة‏

                      المادة 1‏

                      1-تكون محكمة العدل العربية التي أنشأها ميثاق جامعة الدول العربية الجهاز القضائي الرئيسي للجامعة، وتعمل وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي.‏

                      2-جميع الدول الأعضاء في الجامعة أطراف في هذا النظام الأساسي.‏

                      المادة 2.‏

                      1-تتألف المحكمة من تسعة قضاة يتنخبون بصفتهم الشخصية من بين مواطني الدول الأعضاء الحائزين على المؤهلات القانونية المطلوبة للتعيين في أعلى المناصب القضائية أو من المشهود لهم بالكفاءة في القانون الدولي.‏

                      2-لا يجوز أن يكون بالمحكمة أكثر من قاض واحد يحمل جنسية دولة بذاتها، فإذا كان للمرشح عضوية المحكمة جنسية أكثر من دولة عربية واحدة، فإنه يعتبر حاملاً لجنسيته الأصلية.‏

                      المادة 3:‏

                      1-ينتخب مؤتمر القمة القضاة بالاقتراع السري من قائمة يعدها الأمين العام مرتبة حسب الحروف الهجائية بأسماء الأشخاص الذين ترشحهم الدول الأعضاء.‏

                      2-لكل دولة عضو أن ترشح شخصين على الأكثر قبل موعد الانتخاب بشهرين.‏

                      3-ينتخب المرشحون الذين حصلوا على أصوات أغلبية الدول الأعضاء، وإذا تعذر الحصول على هذه الأغلبية في الاقتراع الأول. ينتخب المرشح الذي يحصل على أكثر من الأصوات في اقتراع ثان، وفي حال تساوي عدد الأصوات في الاقتراع الثاني يعتبر منتخباً أكبر المرشحين سناً مع مراعاة ما جاء في الفقرة 2 من المادة الثانية.‏

                      المادة 4‏

                      1-ينتخب القضاة لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد على أن تنتهي مدة ثلاثة من القضاة الذين وقع عليهم الاختيار في أول انتخاب للمحكمة بعد مضي سنتين من تاريخ ولايتهم وتنتهي مدة ثلاثة آخرين بعد أربع سنوات.‏

                      ويتم اختيار القضاة الذين تنتهي مدتهم في نهاية السنتين والأربع سنوات المشار إليها آنفاً عن طريق قرعة يجريها الأمين العام بمجرد الانتهاء من أول انتخاب.‏

                      2-يستمر القضاة الذين تنتهي مدة ولايتهم القانونية في عملهم بالنسبة إلى الفصل في القضايا التي أعلن فيها عن اختتام المرافعة.‏

                      3-إذا رغب أحد القضاة في الاستقالة تقدم بها كتابياً إلى رئيس المحكمة الذي يبلغها إلى الأمين العام. وبهذا الإبلاغ يخلو المنصب.‏

                      4-لا يجوز إعفاء أحد القضاة من منصبه إلا بإجماع القضاة الآخرين على أنه صار غير مستوف لشروط الاستمرار في عضوية المحكمة. ويعتبر المنصب شاغراً بمجرد صدور قرار الإعفاء ويبلغ القرار معللاً إلى الأمين العام.‏

                      5-إذا شغر منصب أحد القضاة قبل انتهاء مدته القانونية يتم انتخاب خلف له مدة ست سنوات كاملة.‏

                      المادة 5‏

                      1-لا يجوز للقاضي مدّة ولايته:‏

                      (أ) تولى مناصب سياسية أو وظائف إدارية أو ممارسة أية مهنة.‏

                      (ب) مباشرة وظيفة وكيل أو مستشار أو محام.‏

                      (جـ) الاشتراك في الفصل في أية قضية سبق له أن كان وكيلاً في أحد أطرافها أو مستشاراً له أو محامياً عنه، أو سبق عرضها عليه بصفته عضواً في محكمة وطنية أو دولية أو لجنة تحقيق، أو بأية صفة أخرى.‏

                      2-إذا ثار شك حول التزام أحد القضاة بأحكام الفقرة السابقة تفصل المحكمة في الأمر.‏



                      المادة 6‏

                      1-يتمتع القضاة في الدول الأعضاء بالحصانة القضائية عند مباشرة أعمالهم أو بسببها ويتمتعون ببقية الحصانات والمزايا الديبلوماسية وفق المادة (45) من ميثاق جامعة الدول العربية.‏

                      2-تتمتع المحكمة في الدول الأعضاء بالحصانات والمزايا التي يتطلبها تحقيق أغراضها. والقيام بوظائفها، كما يتمتع موظفوها وخبراؤها وشهودها وممثلو الدول المتنازعة أمامها بالحصانات والمزايا التي يتطلبها ضمان استقلالهم وحريتهم في القيام بمهامهم.‏

                      3-تحدد اتفاقية مزايا وحصانات الجامعة التفاصيل الخاصة بتطبيق الفقرة السابقة.‏

                      4-يجوز للمحكمة أن تقرر بإجماع القضاة الآخرين رفع الحصانة عن أحد القضاة.‏

                      المادة 7‏

                      1-يؤدي القضاة قبل مباشرتهم أعمالهم اليمين التالية أمام هيئة المحكمة في جلسة علنية: "أقسم باللّه العظيم أن أؤدي واجبات وظيفتي بصدق وأمانة ونزاهة".‏

                      2-يسجل أداء اليمين في سجل خاص.‏

                      المادة 8‏

                      1-تنتخب المحكمة رئيسها ونائبه لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة.‏

                      2-تعين المحكمة أميناً لها وعدداً كافياً من الموظفين.‏

                      3-يؤدي أمين المحكمة قبل مباشرته مهامه اليمين التالية أمام هيئة المحكمة: "أقسم بالله العظيم أن أؤدي واجبات وظيفتي بصدق وأمانة وأن أحافظ على سرية أعمال المحكمة ووثائقها".‏

                      المادة 9‏

                      1-إذا رأى أحد القضاة ما يوجب تنحّيه، لسبب خاص، عن الاشتراك في الفصل في قضية معينة أخطر الرئيس بذلك.‏

                      2-إذا رأى الرئيس أنه لا يجوز أن يشترك أحد القضاة لسبب خاص في الفصل في قضية معينة أخطر العضو المعني بذلك، مع بيان الأسباب الموجبة لهذا الإجراء، أما إذا تعلق الأمر بالرئيس، تنظر المحكمة في ذلك.‏

                      3-عند اختلاف الرئيس والعضو في الحالتين المشار إليهما في هذه المادة تقضي المحكمة في الخلاف.‏

                      المادة 10‏

                      1- يكون انعقاد المحكمة صحيحاً بحضور سبعة قضاة على الأقل.‏

                      2-تصدر الأحكام والآراء الاستشارية والقرارات بأغلبية القضاة الجالسين للنظر في القضية ما لم يرد النص على خلاف ذلك في هذا النظام وفي حال تساوي الأصوات يرجح جانب الرئيس.‏

                      المادة 11‏

                      1-يحق للقاضي الذي يحمل جنسية أحد أطراف النزاع أن يجلس للنظر في القضية المعروضة على المحكمة.‏

                      2-إذا كان أحد قضاة المحكمة يحمل جنسية أحد أطراف النزاع جاز لكل من الأطراف الآخرين أن يختار قاضياً خاصاً يجلس للنظر في القضية محل النزاع.‏

                      3-إذا لم يكن من بين قضاة المحكمة قاضٍ يحمل جنسية أحد أطراف النزاع جاز لكل واحد من هؤلاء الأطراف أن يختار قاضياً.‏

                      4-إذا كان لعدة أطراف نفس المصلحة في موضوع النزاع اعتبروا طرفاً واحداً بالنسبة إلى ما ورد في الفقرتين الثانية والثالثة، وعند قيام شك في هذا الأمر تفصل المحكمة فيه.‏

                      5-يجب أن تتوفر في القضاة الذين يختارون وفق أحكام الفقرتين 2،3 من هذه المادة الشروط المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 2 وفي المادة 5 وفي المادة 7 من هذا النظام، ويشترط هؤلاء القضاة في المداولات وفي إصدار الحكم على وجه المساواة التامة مع القضاة الأصليين.‏

                      المادة 12‏

                      1-يحدّد مؤتمر القمة مقرّ المحكمة.‏

                      2-يجوز للمحكمة، عند الاقتضاء، وبقرار منها، عقد جلساتها خارج المقر في أي بلد عربي آخر.‏



                      المادة 13‏

                      1-تحدد الرواتب والمكافآت والمزايا المالية لقضاة المحكمة بقرار من مجلس وزراء الخارجية.‏

                      2-تضع المحكمة النظم الداخلية المتعلقة بشؤونها الإدارية والمالية وفقاً لأحكام النظم الأساسية المعمول بها في نطاق الجامعة.‏

                      3-تكون موازنة المحكمة ملحقة بموازنة الجامعة.‏



                      الفصل الثاني‏

                      في الاختصاص القضائي للمحكمة‏

                      المادة 14‏

                      للدول وحدها حقّ التقاضي أمام المحكمة.‏

                      المادة 15‏

                      للدول الأطراف في هذا النظام الأساسي حق التقاضي أمام المحكمة إذا قبلت بولايتها، مع مراعاة أحكام المادة السادسة عشرة من هذا النظام.‏

                      المادة 16‏

                      1-تشمل ولاية المحكمة:‏

                      (أ) النزاعات التي يتفق أطراف النزاع على إحالتها إليها، ولا يجوز لهؤلاء الأطراف إحالة هذه النزاعات إلى محاكم دولية أخرى. بعد الاتفاق على عرضها على محكمة العدل العربية.‏

                      (ب) النزاعات التي تنص اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف على إحالتها إليها.‏

                      (جـ) النزاعات الأخرى التي تنشأ بين أطراف سبق لها أن صرحت بقبول الولاية الإلزامية للمحكمة للنظر في هذه النزاعات وتلتزم الدولة التي قامت بهذا التصريح أن لا تقوم بتصريح مماثل له أو أن تتمسك به أمام أية محكمة دولية أخرى، ويجوز أن تصدر هذه التصريحات دون قيد أو شرط، أو أن تعلق على شرط تبادل القبول من جانب عدّة دول أو دولة معينة بذاتها أو أن تقيد بمدّة محدودة أو أن تحصر في نوع معين من النزاعات.‏

                      (د) النزاعات التي تتصل بتفسير المعاهدات.‏

                      2-تفصل المحكمة في أي نزاع يتعلق بولايتها.‏

                      المادة 17‏

                      1-تفصل المحكمة في النزاعات التي ترفع إليها وفقاً لمبادئ ولأحكام ميثاق الجامعة والقانون الدولي، وتعتمد في هذا الشأن:‏

                      (أ) القواعد المعترف بها صراحة من قبل الأطراف المتنازعة والتي تتضمنها الاتفاقات العامة أو الخاصة المبرمة فيما بينها.‏

                      (ب) أحكام الشريعة الإسلامية.‏

                      (جـ) العرف العربي والدولي.‏

                      (د) المبادئ العامة للقانون التي استقرت في الدول العربية.‏

                      2-يجوز للمحكمة أن تستأنس بأحكام المحاكم ومذاهب كبار فقهاء القانون في مختلف الدول.‏

                      3-يمكن للمحكمة أن تفصل في النزاعات وفقاً لمبادئ العدالة والإنصاف متى وافق أطراف النزاع على ذلك صراحة.‏



                      الفصل الثالث‏

                      في الإجراءات‏

                      المادة 18‏

                      تضع المحكمة نظاماً داخلياً يبين طريقة قيامها بوظائفها، كما يحدد بصفة خاصة الإجراءات المتبعة لديها.‏

                      المادة 19‏

                      1-للمحكمة، عند الاقتضاء، أن تتخذ قراراً بالتدابير المؤقتة التي يجب اتخاذها لحفظ حق أي طرف، ويبلغ هذا القرار فور اتخاذه إلى أطراف النزاع وإلى مجلس وزراء الخارجية عن طريق الأمين العام.‏

                      2-إذا لم يلتزم أطراف النزاع بتنفيذ هذا القرار، فلمجلس وزراء الخارجية أن يتخذ ما يراه مناسباً لتنفيذه.‏

                      المادة 20‏

                      يمثل أطراف النزاع وكلاء عنهم، ولهم أن يستعينوا أمام المحكمة بمستشارين أو بمحامين.‏

                      المادة 21‏

                      1-يجوز للدولة المُدعى عليها أن تتقدم بدعوى معارضة ضد الدولة المدعية وذلك في أول مذكرة تجيب بها الدولة المُدعى عليها على الدعوة الأصلية.‏

                      2-يشترط لقبول المحكمة هذه الدعوى أن تكون ذات صلة مباشرة بالدعوى الأصلية وتدخل في اختصاص المحكمة.‏

                      المادة 22‏

                      1-تُرفع الدعاوى إلى المحكمة إمّا بإعلامها باتفاق أطراف النزاع على عرض النزاع عليها وإمّا بتقديم أحد أطراف النزاع الشكوى كتابياً إلى أمين المحكمة وذلك في نطاق أحكام المادة 16 من هذا النظام.‏

                      2-يتعين على أطراف النزاع في جميع الحالات تحديد موضوع النزاع وتحديد أطرافه.‏

                      3-يتولى أمين المحكمة إبلاغ نص الشكوى إلى الأطراف المعنية بالنزاع ويخطر به الدول الأعضاء عن طريق الأمين العام.‏

                      المادة 23‏

                      تكون جلسات المحكمة علنية، مالم تقرر المحكمة سريتها بناء على طلب أحد أطراف النزاع أو من تلقاء نفسها.‏

                      المادة 24‏

                      للمحكمة أن تقرر من تلقاء نفسها، أو بطلب من أحد الأطراف سماع شهود، وعلى الشاهد أن يؤدي اليمين التالية:‏

                      "أقسم بالله أن أقول الحق وكل الحق ولا شيء سواه".‏



                      المادة 25‏

                      1-إذا رأت المحكمة ضرورة إجراء تحقيق فلها القيام به بنفسها أو أن تعهد به إلى أحد أعضائها.‏

                      2-يجوز للمحكمة في كل وقت أن تعهد إلى خبير أو خبراء بالبحث أو بإبداء الرأي في مسألة ما.‏

                      المادة 26‏

                      1-إذا رأت الدول الأعضاء أن لها مصلحة قانونية يؤثر فيها الحكم، جاز لها أن تطلب من المحكمة الإذن لها بالتدخل قبل اختتام المرافعات، وللمحكمة في بعض الحالات الاستثنائية أن تقرر خلاف ذلك.‏

                      2-تبتّ المحكمة في طلب التدخل.‏

                      3-إذا قبلت المحكمة بالتدخل، اعتبر صاحبه طرفاً في النزاع.‏

                      المادة 27‏

                      للدول المُدعية أن تتنازل عن دعواها في أية مرحلة من مراحل النظر في الدعوى وقبل جلسة النطق بالحكم، وللمحكمة أن تقرر قبول هذا التنازل ما لم يعترض أحد الأطراف على ذلك.‏

                      المادة 28‏

                      يعلن الرئيس اختتام المرافعات بعد الانتهاء من عرض القضية، وتجري المداولة في الحكم بصفة سرية، ولا يشارك في المداولة إلا القضاة الذين استمعوا للمرافعات، ويحضر هذه المداولة أمين المحكمة.‏

                      المادة 29‏

                      إذا تخلّف أحد أطراف النزاع عن الحضور أو امتنع عن الدفاع عن دعواه جاز للطرف الآخر أن يطلب إلى المحكمة أن تحكم له بطلباته.‏

                      المادة 30‏

                      1-يبيّن الحكم الأسباب التي بُنى عليها، كما يتضمن أسماء القضاة الذين اشتركوا فيه.‏

                      2-إذا لم يكن الحكم صادراً كله أو بعضه بإجماع القضاة، فمن حقّ كل قاض أن يصدر بياناً مستقلاً برأيه الخاص.‏

                      المادة 31‏

                      لا يكون للحكم قوة الإلزام إلاّ بالنسبة إلى أطراف النزاع والقضية التي فُصِل فيها.‏

                      المادة 32‏

                      1-يكون حكم المحكمة نهائياً وغير قابل للطعن، ولا يجوز التماس إعادة النظر فيه إلاّ في إحدى الحالتين التاليتين:‏

                      (أ) إذا قضت المحكمة بشيء لم تطلبه أطراف الدعوى.‏

                      (ب) إذا تكشف أمر حاسم بالنسبة إلى الدعوى كان يجهله حتى صدور الحكم كل من المحكمة والطرف الذي التمس إعادة النظر في الحكم، على أن لا يكون ذلك ناشئاً عن إهمال من قبل هذا الطرف.‏

                      2-يكون أجل الالتماس ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم في الحالة‏

                      (أ) ومن تاريخ تكشف الأمر في الحالة (ب) ولا يقبل الالتماس بأي حال بعد انقضاء عشر سنوات من تاريخ صدور الحكم.‏

                      3-لا يترتب على رفع الالتماس وقف تنفيذ الحكم ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.‏

                      4-يكون الحكم واجب النفاذية من قبل أطراف النزاع، وإذا امتنع أحد الأطراف عن ذلك فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس وزراء الخارجية ليتخذ التدابير الكفيلة بتنفيذ الحكم وفق أحكام الميثاق.‏

                      5-تبت المحكمة في الالتماس بقبوله أو رفضه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمه للمحكمة وتبلغ أطراف الدعوى نتيجة حكمها.‏

                      المادة 33‏

                      1-يجوز لأيّ طرف من أطراف النزاع أن يطلب من المحكمة تفسير ما يراه غامضاً أو مبهماً في منطوق الحكم.‏

                      2-تتولىّ المحكمة تصحيح ما قد يقع في منطوق حكمها من أخطاء مادية، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها، أو بناءً على طلب أحد الأطراف، ويتم ذلك دون مرافعة.‏



                      المادة 34‏

                      يتحمل كل طرف المصاريف الخاصة به ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.‏



                      الفصل الرابع‏

                      في الآراء الاستشارية‏

                      المادة 35‏

                      1-للمحكمة أن تصدر آراءً استشارية في أية مسألة قانونية بناء على طلب أي من المجالس الرئيسية للجامعة.‏

                      2-للمحكمة كذلك أن تصدر مثل هذه الآراء بناءٌ على طلب أي من المجالس الوزارية أو المنظمات المتخصصة في أية مسألة قانونية تتعلق بأنشطتها إذا وافق مجلس رؤساء الحكومات للعمل الاقتصادي والاجتماعي على ذلك.‏

                      3-تنظم الإجراءات الخاصة بالآراء الاستشارية في النظام الداخلي للمحكمة.‏

                      المادة 36‏

                      تصدر المحكمة رأيها الاستشاري في جلسة علنية بعد أن تكون قد أخطرت، بموعد الجلسة الأمانة العامة للجامعة والدول والمنظمات التي يعنيها الأمر مباشرة.‏

                      المادة 37‏

                      عندما تباشر المحكمة مهمة إصدار الآراء الاستشارية تتبع، إضافة لما ورد من أحكام في الفصل الرابع، ما تراه ممكن التطبيق من الأحكام المتعلقة باختصاصها القضائي.‏

                      المادة 38‏

                      1-تسري على تعديل هذا النظام الأساسي أحكام المادة (49) من الميثاق.‏

                      2-للمحكمة أن تقترح التعديلات التي ترى ضرورة إدخالها على هذا النظام الأساسي وتبلغ اقتراحات كتابةً للأمين العام للجامعة، ويتم النظر فيها وفق ما تنص عليه الفقرات السابقة.‏
                      إذا الشعب يوما أراد الحياة
                      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                      تعليق


                      • #26
                        رد: دراسات دولية

                        الهامش

                        -معاهدات لاهاي لعام /1819/ و/1907/م.‏

                        -"بيان حقوق الدول وواجباتها "الصادر عن" المعهد الأمريكي للقانون الدولي "في جلسته المتعقدة بواشنطن بتاريخ السادس من كانون الثاني (يناير) 1916.‏

                        -"بيان حقوق الدول وواجباتها "الصادرة عن" اتحاد القانون الدولي "بتاريخ الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) /1919/م‏

                        -صك عصبة الأمم.‏

                        -"اتفاقية حقوق الدول وواجباتها "التي ابرمتها الدول الأمريكية في "مؤتمر مونتفيديو" لعام /1933/. وقد تم التشديد على أهم بنود هذه الاتفاقية في "مؤتمر بوينس أيرس" لعام /1936/م ثم في مؤتمر ليما." لعام /1938/م.‏

                        -ميثاق الأمم المتحدة.‏
                        إذا الشعب يوما أراد الحياة
                        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                        تعليق


                        • #27
                          رد: دراسات دولية

                          الهامش

                          -معاهدات لاهاي لعام /1819/ و/1907/م.‏

                          -"بيان حقوق الدول وواجباتها "الصادر عن" المعهد الأمريكي للقانون الدولي "في جلسته المتعقدة بواشنطن بتاريخ السادس من كانون الثاني (يناير) 1916.‏

                          -"بيان حقوق الدول وواجباتها "الصادرة عن" اتحاد القانون الدولي "بتاريخ الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) /1919/م‏

                          -صك عصبة الأمم.‏

                          -"اتفاقية حقوق الدول وواجباتها "التي ابرمتها الدول الأمريكية في "مؤتمر مونتفيديو" لعام /1933/. وقد تم التشديد على أهم بنود هذه الاتفاقية في "مؤتمر بوينس أيرس" لعام /1936/م ثم في مؤتمر ليما." لعام /1938/م.‏

                          -ميثاق الأمم المتحدة.‏
                          إذا الشعب يوما أراد الحياة
                          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                          تعليق

                          يعمل...
                          X