إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مخاطر دعم الدولة المارقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مخاطر دعم الدولة المارقة



    مخاطر دعم الدولة المارقة

    يكثر الحديث اليوم عن «الالتزام الأخلاقي الأمريكي بأمن إسرائيل» وقد تداول الإعلاميون رأي الاستراتيجي الأمريكي كوردسمان، هذا الالتزام الذي بات يشوّه صورة العلاقة بين الإدارة الأمريكية والشعب الأمريكي، وبقيّة الشعوب والمؤسسات الدولية.
    ومن منطق التاريخ فإن هكذا التزام ستبدده قوة إرادة الحق والسلام والعدل عند الشعوب، ويدرك الطرفان الأمريكي والإسرائيلي هذه الحقائق، لذلك يبذلان جهوداً قصوى لفرض الأمر الواقع على التاريخ والجغرافيا والإرادة، وهي جهود ستذهب هباء، فلا تملك أي إدارة أو سلطة العبث بحقوق الشعوب، ويتضح هذا من نتائج القرارات الظالمة التي ضغطت الإدارة الأمريكية على المجتمع الدولي لإقرارها وتنفيذها بذرائع تهاوت مصداقيتها مع الأيام.
    فقد احتل العراق بذريعة أسلحة الدمار الشامل، وتستمر العقوبات على إيران وفق ازدواجية المعايير في المسألة النووية، ويستمر الوضع مأزوماً في أفغانستان بذريعة الحرب على الإرهاب في وقت اتفق فيه ممثلو 70 دولة بالأمس على تحولات في استراتيجية التعامل مع الأزمة الأفغانية وتشجيع المصالحة مع طالبان بعد سقوط آلاف الضحايا من كافة الأطراف، وعلى هذا الأساس يتم تعامل المجتمع الدولي مع جريمة اغتيال الحريري حيث تظهر نوايا يساعد من خلالها قرار المحكمة الدولية على النيل من لبنان ومقاومته ووحدته الوطنية بفتنة داخلية تخدم المشروع الإسرائيلي، على غرار الفتن الإقليمية التي تساعد عليها سياسات الإدارة الأمريكية، وتخدم هذا المشروع، ما يؤكد أن كثيراً من القرارات الدولية مرتبط بسياسات مسبقة.
    وفي إطار الحصاد المرّ لجولات ميتشل الأخيرة، والمقترنة بتواصل لقاءات عربية أمريكية إسرائيلية، كشفت إسرائيل عن ثلاثة مشاريع جديدة سيُستولى من خلالها على ما تبقى من فلسطين الأرض والحقوق والشعب، وبما يؤكد أنها دولة مارقة، من هذه المشاريع قبول حكومتها المتطرفة بتوصيات لهدم أربعة آلاف منزل في الضفة، ومصادقتها على ما يسمى «قانون الولاء» الذي يراه كثير من المحللين، ومن مختلف الجنسيات، أكثر القوانين عنصرية في التاريخ لأنه يحرم 25 ألف أسرة فلسطينية من لمِّ الشمل، وكذلك قانون «أملاك الغائبين» الذي يستحيل معه أن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، واقترن هذا بقيام نائب رئيس الكنيست بزيارة استفزازية للمسجد الأقصى، وبدعوة لاستباحته من قبل اليهود ولتأدية طقوس تلمودية.
    وبهذا تصبح توجهات الحاخامات في إسرائيل قرارات حكومية، وهذا ليس بغائب عن الباحثين والسياسيين في الغرب الذين يدينون إسرائيل في أعماقهم، ويعتبرونها دولة مارقة، ويدرك المثقفون والأدباء والفنانون في العالم مخاطر المشروع الصهيوأمريكي، ولذلك لم تعد القضية الفلسطينية متداولة بين أصحابها الحقيقيين، فأصحابها اليوم هم أصحاب الرأي الحر في العالم، وهي قضية إنسانية وأخلاقية وقانونية.
    ولن يفيد إسرائيل شيئاً الالتزام الأمريكي «غير الأخلاقي» الذي يعرّض الجهود الأمريكية نفسها الى أزمات، وكذلك لن تفيدها القبة الفولاذية بذريعة الردع الإقليمي القوي، ولا جدار الفصل العنصري، ولا صفقة طائرات ف35، ولا السياسات التي تتخذ من مكافحة الإرهاب ذريعة لإدانة النضال ضد الاحتلال، ولا توجهات تحويل عملية السلام الى اتفاق وقف إطلاق نار، ولا تأجيج الفتنة الداخلية جراء قرارات دولية.
    فقد باتت شعوب العالم تدرك المفارقة بين السياسات الوقحة التي تؤدي الى زيادة التوتر في المنطقة والعالم، والسياسات الإيجابية البنّاءة التي تدعو الى السلام والحق والعدل، وإلى التواصل بين الشعوب في سبيل دعم الأمن الاستقرار الإقليمي والدولي، بما تبنيه هذه السياسات الإيجابية المتمثلة في زيارات السيد الرئيس بشار الأسد من أجواء حميمية تشجع الصداقة والتعاون بين الشعوب، وتدعم الحقوق والقضايا العربية، وإرادة الشعوب في التطلع الى مستقبل أفضل، كما تبيّن أن إسرائيل بسياساتها وبالدعم الأمريكي، هي عبء استراتيجي دولي إنسانياً وأخلاقياً.


    د. عبد اللطيف عمران
يعمل...
X