إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

    خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة

    - د. فايز رشيد -

    دراســــــة

    - من منشورات اتحاد الكتاب العرب 1999
    مـقدمـــــــة
    أجوبة الرئيس الجزائري الأسبق أحمــــد بن بلّـــة
    أجوبـــة أبــو علــي مصطـــفى
    أجوبــة الرئيـس اليمــني (الجنوبي) الأســــبق علـــي ناصــــر محمــــــد
    أجوبــــة الدكــتور
    أجوبـــة الأســـــتاذ/ نـايــــف حواتـمـــة
    أجوبة الأستاذ: خالـــد مشـــــعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس
    أجوبة الأستاذ: خالد محي الدين
    أجوبة السيد: صخــــر حبش(أبو نزار)
    أجوبة سماحة الشيخ العلامة
    أجوبة الأستاذ جورج حداد
    أجوبة الفريق سعد الدين الشاذلي
    إجابات على الأسئلة المتعلقة بمرور نصف قرن على النكبة أجوبة المناضلة الفلسطينية: ليلى خالد
    أجوبة الدكتور أحمد برقاوي
    أجوبة الأستاذ/ أمين اسكندر
    إجابة املي نفاع
    أجوبة المفكر والكاتب الفلسطيني
    أجوبة دولة السيد طاهر المصري
    أجوبة الأستاذ: محمد مساعد الصالح
    أجوبة المفكر العربي
    أجوبة الأستاذ: كريم مروّه،
    إجابات السيدة/ فريدة النقاش
    أجوبة المفكر والباحث في المسألة الصهيونية الدكتور
    أجوبة الأستاذ رشاد آبو شاور
    أجوبة الأستاذ/ بهجت أبو غربية
    أجوبة د. حامد خليل
    أجوبة الأستاذ: عرفات حجازي
    أجوبة السيدة: حياة الحويك عطية
    أجوبة السيدة: توجان فيصل.
    أجوبة الدكتور: لبيب قمحاوي.
    أجوبة الأستاذ: فخري قعوار
    أجوبة الفريق الركن:

    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

  • #2
    خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

    خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة

    - د. فايز رشيد -

    دراســــــة

    - من منشورات اتحاد الكتاب العرب 1999
    مـقدمـــــــة
    أجوبة الرئيس الجزائري الأسبق أحمــــد بن بلّـــة
    أجوبـــة أبــو علــي مصطـــفى
    أجوبــة الرئيـس اليمــني (الجنوبي) الأســــبق علـــي ناصــــر محمــــــد
    أجوبــــة الدكــتور
    أجوبـــة الأســـــتاذ/ نـايــــف حواتـمـــة
    أجوبة الأستاذ: خالـــد مشـــــعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس
    أجوبة الأستاذ: خالد محي الدين
    أجوبة السيد: صخــــر حبش(أبو نزار)
    أجوبة سماحة الشيخ العلامة
    أجوبة الأستاذ جورج حداد
    أجوبة الفريق سعد الدين الشاذلي
    إجابات على الأسئلة المتعلقة بمرور نصف قرن على النكبة أجوبة المناضلة الفلسطينية: ليلى خالد
    أجوبة الدكتور أحمد برقاوي
    أجوبة الأستاذ/ أمين اسكندر
    إجابة املي نفاع
    أجوبة المفكر والكاتب الفلسطيني
    أجوبة دولة السيد طاهر المصري
    أجوبة الأستاذ: محمد مساعد الصالح
    أجوبة المفكر العربي
    أجوبة الأستاذ: كريم مروّه،
    إجابات السيدة/ فريدة النقاش
    أجوبة المفكر والباحث في المسألة الصهيونية الدكتور
    أجوبة الأستاذ رشاد آبو شاور
    أجوبة الأستاذ/ بهجت أبو غربية
    أجوبة د. حامد خليل
    أجوبة الأستاذ: عرفات حجازي
    أجوبة السيدة: حياة الحويك عطية
    أجوبة السيدة: توجان فيصل.
    أجوبة الدكتور: لبيب قمحاوي.
    أجوبة الأستاذ: فخري قعوار
    أجوبة الفريق الركن:

    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق


    • #3
      رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

      مـقدمـــــــة
      بمرور نصف قرن على اغتصاب فلسطين وإنشاء الدولة الصهيونية، وبعد مرور مئة عام على المؤتمر الصهيوني الأول، الذي أرسى بالمعنى الفعلي أسس هذه الدولة، وفي هذه الذكرى فإن أسئلة كثيرة تُطرح، لعل أهمها: هل حقق المشروع الصهيوني كامل أهدافه في المنطقة؟ أم أن هناك تغييرات طرأت على هذا المشروع؟ لذلك بدأنا نسمع تعبيرات مثل: ما بعد الصهيونية والتي تحاول أن تصور أن إسرائيل اكتفت بما حققته على أرض الواقع وبالتالي فإن احتلال أراضٍ عربية جديدة لم يعد قائماً؟ ومن ثم يبقى التساؤل الأهم: أين نحن كأمة عربية من تأثيرات وأخطار المشروع الصهيوني؟‏
      وللإجابة عن هذه التساؤلات لا بد من استعراض عدة جوانب في الداخل الإسرائيلي باعتبار الدولة هي التعبير الحقيقي عن جوهر الحركة الصهيونية.‏
      أولاً : بعد خمسين سنة على إنشائها، فإن قاسماً مشتركاً ما زال قائماً بين بداية تشكيل الدولة واللحظة الراهنة. ففي الأعوام الأولى من إنشائها كان المظهر السائد في الدولة الصهيونية هو العسكرة- بكل ما تعنيه هذه الكلمة- فكانت عبارة عن معسكر كامل دون امتلاك أية مقومات مجتمعية مؤسساتية في الجانب المدني. في المرحلة الراهنة وعلى الرغم من امتلاك هذه المؤسساتية، لكن إسرائيل ما تزال تحافظ على الطابع العسكري للدولة، وخير دليل على ذلك: هو أنها تستطيع تعبئة نسبة تتراوح بين النصف وثلاثة أرباع المجتمع خلال ثمان وأربعين ساعة في أية مواجهة عسكرية قد تقع.‏
      ثانياً : على مدى تاريخها (وإن بشكل نسبي بين المراحل) فإن تزاوجاً عضوياً قد تم بين المؤسسة الدينية باعتبارها التعبير العلمي والعملي عن الإيديولوجيا العنصرية على المفاهيم التوراتية والتلمودية.. وبين المؤسسة السياسية العسكرية الحاكمة المدعومة بالتكنولوجيا المتطورة، ولذلك لا زلنا نشهد تأثيراً كبيراً لهذه المؤسسة الدينية في مجمل السياسات الإسرائيلية: والأمثلة كثيرة على ذلك: تعريف من هو اليهودي، تنازل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في العديد من الخطوات لصالح الحاخامات من تطبيقات دينية في الشارع الإسرائيلي، ولعل أبرز دليل على ذلك: ما أفرزته الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة للكنيست في عام 1996 من تنامي متصاعد للأحزاب الدينية وعموم الأحزاب اليمينية الإسرائيلية. وهنا لا بد من أخذ ملاحظة بعين الاعتبار: وهي إمكانية التنامي المستمر لهذه الاتجاهات في الداخل الإسرائيلي وبالتالي زيادة تأثيرها على مجمل السياسة الإسرائيلية، ونستطيع أن نتصور بالطبع تداعيات ذلك على مجمل الصراع العربي الصهيوني.‏
      ثالثاً : الإصرار الصهيوني على مبدأ كون إسرائيل "دولة يهودية" ودولة لكل اليهود في العالم ولمن يريد أن يعتنق اليهودية والتركيز على هذا المفهوم باستمرار. ولذلك وكما يقول إسرائيل شاحاك في كتابه القيمْ "التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، وطأة ثلاث آلاف سنة": عندما ظهرت في أوائل الثمانينات أقلية يهودية تعارض هذا المفهوم (ومن ضمنها الكاتب الإسرائيلي نفسه) صدر قانون دستوري (قانون له الأولوية على أحكام القوانين الأخرى، ولا يمكن إلغاؤه إلا وفق أصول خاصة)، عام 1985 أقرته أغلبية كبيرة في الكنيست، وبموجب هذا القانون لا يجوز لأي حزب يعارض برنامجه مبدأ "الدولة اليهودية" أو يعلن حتى عن عزمه على تغيير هذا المبدأ وبالوسائل الديمقراطية أن يشارك في انتخابات الكنيست مهما كان عدد أعضائه.‏
      رابعاً : تنامي النظرة العنصرية اتساعاً وشمولية وعمقاً في إسرائيل فيما يتعلق بغير اليهود عموماً، وبالعرب تحديداً مع ما يصاحب ذلك من قوانين تمييز عنصري واضح في حقوق الإقامة وحق العمل وحق المساواة أمام القانون وامتلاك الأرض بنسبة 92% من أراضي فلسطين هي ملك للدولة الإسرائيلية وبالتالي لا يجوز التصرف فيها.‏
      يندر أن تجد مثيلاً في التاريخ (باستثناء النازية) لأيديولوجيا عنصرية كالتي تمارسها إسرائيل التي تدعو هي الأخرى إلى العرق اليهودي النقي تماماً مثلما دعت النازية إلى العرق الآري النقي!‏
      إن المظاهر العنصرية الإسرائيلية التي مارستها إسرائيل ضد فلسطيني المناطق المحتلة عام 1948 (والذين تعتبرهم أقلية سكانية)، وهي ما تزال تمارسها ضدهم، معروفة ومكشوفة تماماً، ثم إن الأساليب الهمجية والقمح الوحشي الذي مارسته وما تزال تمارسه ضد شعبنا الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 67 هو معروف أيضاً وضد عموم شعبنا وجماهير الأمة العربية من المذابح والقتل الجماعي إلى سياسة تكسير العظام ومصادرة الأراضي هي سياسات كانت وما زالت تمارس من قبل الدولة الصهيونية بعد خمسين سنة على إنشائها.‏
      إن النظرة الاستعلائية الإسرائيلية تتكرس يوماً بعد يوم ضد الفلسطينيين والعرب. والأمثلة كثيرة على ذلك ومنها ما جاء في كتب نشرته قيادة المنطقة الوسطى للجيش الإسرائيلي في عام 1973 ووزعته على جنود الاحتلال وجاء فيه "أفضل غير اليهود اقتله، وأفضل الأفاعي انزع فمه.. الثقة بعربي غير جائزة في أي ظرف حتى لو بدا متحضراً ويجوز حتى قتل المدنيين منهم".‏
      وها هو نتنياهو يقول.. في كتابه المعروف "مكان تحت الشمس" عن اليهود "بأنهم يشكلون ظاهرة فريدة في التاريخ تشذ عن نظرية الفيلسوف الإيطالي جوفاني بتسنافيكو حول دورة الأمم في التاريخ -ولادة، شباب، نضوج، موت لأن اليهود يرفضون الموت.. ويستطرد أنه عندما طلب فريدريك الأكبر من طبيب أن يأتيه ببرهان على وجود الله اكتفى بالقول: إن وجود اليهود هو الدليل على وجود الله".‏
      ولأن الأيديولوجيا العنصرية لا يمكنها أن تفرز سوى ظواهر عنصرية فقد امتد التمييز بين اليهود أنفسهم فحقوق اليهود الغربيين هي غير حقوق الشرقيين أو يهود الفالاشا على سبيل المثال.‏
      خامساً: إن مفهوم السلام الإسرائيلي بالمعنيين التكتيكي والاستراتيجي مع العرب يقوم على أساس: الأمن الإسرائيلي أولاً وثانياً وثالثاً، وبدعوى هذا الشعار، فإن إسرائيل تبرر بقاء احتلالها للأراضي العربية باعتبارها مجالاً حيوياً للأمن وللجيش الإسرائيلي لا يمكن التنازل عنها، وتحت هذا الشعار فالسلام مع العرب يجب أن ينطلق بامتلاك قوة عسكرية تهدد أو ستهدد إسرائيل مستقبلاً.. ليس هذا فحسب وإنما أيضاً يجب ردع العرب دوماً.. وفي هذا المجال يقول نتنياهو في كتابه السيء الذكر: إن استعراضنا سطحياً لتاريخ الشرق الأوسط في السنوات الماضية يكفي لإثبات أن العرب ينصاعون بحرص شديد لمبادئ سلام الردع.. وإن كبح جماع عدوانيتهم يأتي بطريقتين فقط هما: قوة الردع وإذا فشل الردع بقوة السلاح"، ورغم ادعائه الكاذب بعدم اتفاقه مع مقولة تحمل كل الكره والعداء للعرب، لكنه يرددها مراراً (إن العرب والديمقراطية لا ينسجمان أبداً).‏
      وبناءً على هذه الاستراتيجية فإن إسرائيل أسمت حروبها العدوانية ضد العالم العربي بأنها حروب وقائية ليس إلا! ومن نفس المنطلق أيضاً فإنها تتنكر للحقوق الفلسطينية من خلال لاءاتها المعروفة للقضايا التي تعتبر أساس الصراع العربي الصهيوني، وللحقوق العربية أيضاً من خلال احتفاظها باحتلال هضبة الجولان العربية السورية والجنوب اللبناني. وتطمح إسرائيل أن يصل عدد سكانها اليهود في عام (2020) إلى (12-15) مليون يهودي. ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني وباختصار شديد تنامي عدد السكان إلى ثلاثة أضعاف وبالتالي فإن عدد أفراد الجيش الإسرائيلي سيتضاعف أيضاً (3) مرات، ولن تتسع لمجال تدريباته الحيوية المناطق التي تحتلها إسرائيل حالياً.. لذلك ومن أجل الأمن ربما ستجد إسرائيل نفسها مضطرة لاحتلال المزيد من الأراضي العربية في سبيل تحقيق هذا الهدف. قد تبدو هذه المسألة في المدى المنظور طوباوية لا لزوم لها، ولكن لكل مرحلة ظروفها وضمن المقولة الفلسطينية" فإن ما يبدو صعب التحقيق ومستهجناً في مرحلة معينة يسهل تحقيقه بتغيير الظروف المحيطة به "نقول ذلك وخلفنا تجربة كبيرة وهي إن إسرائيل انطلقت دوماً من نقاط انتصارات مرحلية عديدة راكمتها على مدى تاريخها. وليس عبثاً على الإطلاق ما تدعيه إسرائيل بوجود آثار يهودية في هذه المنطقة العربية أو تلك، كذلك ما يتردد على ألسنة العديد من القادة الصهاينة ولعل أبرزهم نتنياهو من أن سيناء والأردن والجنوب اللبناني هي مناطق جرى اقتطاعها من أرض الميعاد!‏
      من الصحيح القول أن الصهيونية بعد مئة عام على إنشائها وبعد (50) عاماً على اغتصاب فلسطين لم تغير أهدافها استراتيجياً، ولكن نتيجة للمستجدات الدولية سياسياً فإن تكتيكها السياسي قد تغير من الاحتلال المباشر للأرض العربية وتحقيق دولة إسرائيل الكبرى من خلال فرض الهيمنة الاقتصادية على المنطقة برمتها مستغلة ما يسمى باتفاقيات السلام التي عقدتها مع بعض الدول العربية واستعمالها بوابات عبور اقتصادي إلى عموم المنطقة العربية، لكن علينا أن لا ننسى إمكانية التوسع الإسرائيلي جغرافياً على حساب الأرض العربية. إسرائيل وبعد (50) سنة على إنشائها لم ترسم حدودها الجغرافية بعد! وما زال النشيد الصباحي لطلاب المدارس الإسرائيلية حتى هذا اليوم يقول (بأن هذه الضفة لنا وتلك الضفة شرق النهر لنا أيضاً).‏
      إن المبدأ الإسرائيلي يتمثل فيما توصل إليه أحد الباحثين العرب في عنوان كتابه (عرب أقل وأرض أكثر).‏
      على صعيد الحركة الصهيونية بشكل عام:‏
      عند الرقم 14 في شارع شتاينبرغ حيث كازينو مدينة بازل السويسرية، ليست هناك سوى لوحة بسيطة تذكر بأن واحداً من أبرز أحداث القرن بدأ في هذا المكان بالذات قبل مئة عام. حملت اللوحة العبارة التالية "في هذا المنزل أقيم بين 29-31 آب 1897 بناءً على دعوة الدكتور تيودور هرتزل المؤتمر الأول الذي أسس المنظمة الصهيونية التي مهدت لقيام دولة إسرائيل".‏
      في نفس الفترة من العام الماضي 1997 أقيم مؤتمر احتفالي حضره ممثلو التجمعات اليهودية من كل بلاد العالم، رافق ذلك نشاطات بحثية أكاديمية نظمتها جامعة بازل بمناسبة مرور (100) عام على الصهيونية. ما يعنينا هو القرارات التي أعلنها المؤتمر الصهيوني المذكور، ومن الجدير ملاحظته حول هذه النقطة بالذات أن قرارات أخرى بقيت سرية ولم يجر الإعلان عنها، وهي نهج صهيوني، فبروتوكولات حكماء صهيون جرى الكشف عنها بعد بضع سنين!‏
      من قرارات المؤتمر المذكور ما يلي:‏
      1-عدم السماح للحكومة الإسرائيلية بتغيير قانون العودة، والتوقف في التشريعات أو إحداث تشريعات جديدة دينية.‏
      2-الحركة الصهيونية هي حركة يهودية تعددية تؤمن بأهمية قدسية تعزيز وحدة اليهود في العالم.‏
      3-إن أكبر عدو لنا هو تذويب الهوية اليهودية، بمعنى تحول اليهود إلى جزء من المجتمعات التي يعيشون فيها.‏
      4-القرن القادم يجب أن يكون عصر النهضة للروح اليهودية.‏
      وفي خطاب رئيس المؤتمر الذي كان موجهاً إلى روح هرتزل قبل مستمعيه، وبعد أن استعرض إنجازات الحركة الصهيونية في مئة عام تطرق إلى السلام قائلاً: (عملنا من أجل السلام وإننا نخوض مساراً عسيراً، السلام يجب أن يأتي من القوة اليهودية ومن العزيمة اليهودية، السلام يجب أن يبنى على الانتصارات وأن يأتي من المعنويات القوية لليهود).‏
      القيادات السياسية الإسرائيلية هي نتاج طبيعي وحقيقي للحركة الصهيونية، ففي المؤتمر الصهيوني الدوري العالمي الذي عقد في كانون أول /1997 في إسرائيل بحضور (3000) مندوب يمثلون اليهود في جميع أنحاء العالم، ورغم التعتيم الإعلامي على أخبار هذا المؤتمر (وهو مقصود بالطبع) فإن إحدى الاستنتاجات التي خلص إليها المؤتمر التالية (إن الصهيونية لم تتم مهمتها بعد في التجذر بأرض إسرائيل، بل ترى أن الخطر على وجود إسرائيل ما زال ماثلاً، ولذلك فإنهم يدعون إلى البقاء في الجيتو اليهودي المغلق للدفاع عن الصهيونية والتمسك بأرض إسرائيل.. والسبيل إلى ذلك أن إسرائيل يجب أن تزداد قوة وتفرض الأمر الواقع شبراً شبراً وتبني علاقاتها مع العالم على أساس التحالف مع الأقوياء من خلال تبادل الخدمات والمصالح وليس من خلال العطف على اليهود).‏
      ومما جاء في خطاب نتنياهو في المؤتمر المذكور:‏
      "سنضطر خلال السنوات الخمسين القادمة لبذل جهد لا يقل حجماً عن الجهد الذي بذلناه سابقاً من أجل إنقاذ وخلاص الجماعات اليهودية في الشتات من خطر الذوبان في المجتمعات التي يعيشون فيها، ولا نجد طريقة لعمل ذلك إلا عبر تعميق التثقيف اليهودي، ولا يوجد أسلوب لتعميق التثقيف اليهودي وإنقاذ الشتات اليهودي إلاّ عبر الهجرة إلى إسرائيل. إن الهجرة والتثقيف اليهودي مرتبطان أحدهما بالآخر ربطاً لا انفصام فيه "وفي سبيل الهجرة لا مانع لدى نتنياهو من تسعير موجة العداء للسامية كلما خبا أوارها.‏
      الخلاصـــة:‏
      لم نسق ما استعرضناه من تحليل وأحداث من أجل سردها مثل حكاية تاريخية في هذه المناسبة بل نذكرها من أجل الإجابة على التساؤل الأهم: ماذا تغيرّ من السياسات الإسرائيلية والأهداف الصهيونية في فلسطين أو في منطقتنا العربية؟؟‏
      بالرغم من كل ما حصل من أحداث فإن السياسات الإسرائيلية في عام 1998 هي نفسها سياسات إسرائيل طيلة الأعوام الخمسين التي مضت على إنشائها، والأهداف الصهيونية هي ذاتها وربما تغير في بعض المراحل التكتيك الإسرائيلي في التعامل السياسي مع العرب والعالم.. لكن الاستراتيجية الصهيونية باقية وهي تتجذر في إسرائيل يوماً بعد يوم.. وبالتالي فإن المشروع الصهيوني ما زال مستمراً.‏
      وبمناسبة مرور خمسين عاماً على اغتصاب فلسطين: الحدث الأهم الذي جرى في منطقتنا العربية خلال هذا القرن. وفي محاولة منا للرّد على الادعاءات الصهيونية، بالحق التاريخي لليهود في فلسطين، وعلى الاحتفالات الإسرائيلية التي تنوي عقدها لأشهر طويلة بمناسبة ما تسميه: مرور خمسين عاماً على إنشاء إسرائيل. وعلى ضوء الوضع السياسي الراهن والتعنت والصلف الإسرائيلي الذي يريد أن يفرض مفهومه للسلام على كل العرب.. فقد توجهنا بالأسئلة التالية إلى نخبة من أبرز المثقفين والباحثين والسياسيين والعسكريين العرب.. وهي:‏
      1-لماذا هزمنا؟ وأية عوامل ترونها أسباباً في انحسار المشروع الوطني الفلسطيني، بدءاً من تحرير كامل فلسطين، وصولاً إلى المرحلة الراهنة؟‏
      2-بعد مائة عام على قيام الحركة الصهيونية كحركة سياسية.. هل ترون أن المشروع الصهيوني قد تغير؟ وما هي أبرز ملامح التغيير فيه إن وجدت؟‏
      3-ما هو تأثير الاتفاقيات المبرمة بين إسرائيل وعدة أطراف عربية: كامب ديفيد وادي عربة واتفاقيات أوسلو على مجرى الصراع العربي الصهيوني؟‏
      4-كيف ترون ضرورة الربط بين الخاص الوطني والعام القومي من أجل بناء الجبهة الوطنية الشعبية العربية العريضة لمقاومة المشروع الصهيوني سياسياً واقتصادياً وثقافياً؟‏
      5-في رأيكم وعلى ضوء المستجدات السياسية الراهنة.. كيف ترون أشكال الخروج من المأزق؟‏
      آملين من خلال الأجوبة التي تفضل الأخوة المشاركون بالإجابة عليها مشكورين.. أن نعمق حالة الجدل القائمة وبخاصة، في البحث عن كيفية الخروج من مآزقنا الراهنة، وأن نكون قد أسهمنا ولو بجزء يسير من مواجهة المعارك التي تجابهها أمتنا العربية الواحدة.‏

      إذا الشعب يوما أراد الحياة
      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

      تعليق


      • #4
        رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

        مـقدمـــــــة
        بمرور نصف قرن على اغتصاب فلسطين وإنشاء الدولة الصهيونية، وبعد مرور مئة عام على المؤتمر الصهيوني الأول، الذي أرسى بالمعنى الفعلي أسس هذه الدولة، وفي هذه الذكرى فإن أسئلة كثيرة تُطرح، لعل أهمها: هل حقق المشروع الصهيوني كامل أهدافه في المنطقة؟ أم أن هناك تغييرات طرأت على هذا المشروع؟ لذلك بدأنا نسمع تعبيرات مثل: ما بعد الصهيونية والتي تحاول أن تصور أن إسرائيل اكتفت بما حققته على أرض الواقع وبالتالي فإن احتلال أراضٍ عربية جديدة لم يعد قائماً؟ ومن ثم يبقى التساؤل الأهم: أين نحن كأمة عربية من تأثيرات وأخطار المشروع الصهيوني؟‏
        وللإجابة عن هذه التساؤلات لا بد من استعراض عدة جوانب في الداخل الإسرائيلي باعتبار الدولة هي التعبير الحقيقي عن جوهر الحركة الصهيونية.‏
        أولاً : بعد خمسين سنة على إنشائها، فإن قاسماً مشتركاً ما زال قائماً بين بداية تشكيل الدولة واللحظة الراهنة. ففي الأعوام الأولى من إنشائها كان المظهر السائد في الدولة الصهيونية هو العسكرة- بكل ما تعنيه هذه الكلمة- فكانت عبارة عن معسكر كامل دون امتلاك أية مقومات مجتمعية مؤسساتية في الجانب المدني. في المرحلة الراهنة وعلى الرغم من امتلاك هذه المؤسساتية، لكن إسرائيل ما تزال تحافظ على الطابع العسكري للدولة، وخير دليل على ذلك: هو أنها تستطيع تعبئة نسبة تتراوح بين النصف وثلاثة أرباع المجتمع خلال ثمان وأربعين ساعة في أية مواجهة عسكرية قد تقع.‏
        ثانياً : على مدى تاريخها (وإن بشكل نسبي بين المراحل) فإن تزاوجاً عضوياً قد تم بين المؤسسة الدينية باعتبارها التعبير العلمي والعملي عن الإيديولوجيا العنصرية على المفاهيم التوراتية والتلمودية.. وبين المؤسسة السياسية العسكرية الحاكمة المدعومة بالتكنولوجيا المتطورة، ولذلك لا زلنا نشهد تأثيراً كبيراً لهذه المؤسسة الدينية في مجمل السياسات الإسرائيلية: والأمثلة كثيرة على ذلك: تعريف من هو اليهودي، تنازل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في العديد من الخطوات لصالح الحاخامات من تطبيقات دينية في الشارع الإسرائيلي، ولعل أبرز دليل على ذلك: ما أفرزته الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة للكنيست في عام 1996 من تنامي متصاعد للأحزاب الدينية وعموم الأحزاب اليمينية الإسرائيلية. وهنا لا بد من أخذ ملاحظة بعين الاعتبار: وهي إمكانية التنامي المستمر لهذه الاتجاهات في الداخل الإسرائيلي وبالتالي زيادة تأثيرها على مجمل السياسة الإسرائيلية، ونستطيع أن نتصور بالطبع تداعيات ذلك على مجمل الصراع العربي الصهيوني.‏
        ثالثاً : الإصرار الصهيوني على مبدأ كون إسرائيل "دولة يهودية" ودولة لكل اليهود في العالم ولمن يريد أن يعتنق اليهودية والتركيز على هذا المفهوم باستمرار. ولذلك وكما يقول إسرائيل شاحاك في كتابه القيمْ "التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، وطأة ثلاث آلاف سنة": عندما ظهرت في أوائل الثمانينات أقلية يهودية تعارض هذا المفهوم (ومن ضمنها الكاتب الإسرائيلي نفسه) صدر قانون دستوري (قانون له الأولوية على أحكام القوانين الأخرى، ولا يمكن إلغاؤه إلا وفق أصول خاصة)، عام 1985 أقرته أغلبية كبيرة في الكنيست، وبموجب هذا القانون لا يجوز لأي حزب يعارض برنامجه مبدأ "الدولة اليهودية" أو يعلن حتى عن عزمه على تغيير هذا المبدأ وبالوسائل الديمقراطية أن يشارك في انتخابات الكنيست مهما كان عدد أعضائه.‏
        رابعاً : تنامي النظرة العنصرية اتساعاً وشمولية وعمقاً في إسرائيل فيما يتعلق بغير اليهود عموماً، وبالعرب تحديداً مع ما يصاحب ذلك من قوانين تمييز عنصري واضح في حقوق الإقامة وحق العمل وحق المساواة أمام القانون وامتلاك الأرض بنسبة 92% من أراضي فلسطين هي ملك للدولة الإسرائيلية وبالتالي لا يجوز التصرف فيها.‏
        يندر أن تجد مثيلاً في التاريخ (باستثناء النازية) لأيديولوجيا عنصرية كالتي تمارسها إسرائيل التي تدعو هي الأخرى إلى العرق اليهودي النقي تماماً مثلما دعت النازية إلى العرق الآري النقي!‏
        إن المظاهر العنصرية الإسرائيلية التي مارستها إسرائيل ضد فلسطيني المناطق المحتلة عام 1948 (والذين تعتبرهم أقلية سكانية)، وهي ما تزال تمارسها ضدهم، معروفة ومكشوفة تماماً، ثم إن الأساليب الهمجية والقمح الوحشي الذي مارسته وما تزال تمارسه ضد شعبنا الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 67 هو معروف أيضاً وضد عموم شعبنا وجماهير الأمة العربية من المذابح والقتل الجماعي إلى سياسة تكسير العظام ومصادرة الأراضي هي سياسات كانت وما زالت تمارس من قبل الدولة الصهيونية بعد خمسين سنة على إنشائها.‏
        إن النظرة الاستعلائية الإسرائيلية تتكرس يوماً بعد يوم ضد الفلسطينيين والعرب. والأمثلة كثيرة على ذلك ومنها ما جاء في كتب نشرته قيادة المنطقة الوسطى للجيش الإسرائيلي في عام 1973 ووزعته على جنود الاحتلال وجاء فيه "أفضل غير اليهود اقتله، وأفضل الأفاعي انزع فمه.. الثقة بعربي غير جائزة في أي ظرف حتى لو بدا متحضراً ويجوز حتى قتل المدنيين منهم".‏
        وها هو نتنياهو يقول.. في كتابه المعروف "مكان تحت الشمس" عن اليهود "بأنهم يشكلون ظاهرة فريدة في التاريخ تشذ عن نظرية الفيلسوف الإيطالي جوفاني بتسنافيكو حول دورة الأمم في التاريخ -ولادة، شباب، نضوج، موت لأن اليهود يرفضون الموت.. ويستطرد أنه عندما طلب فريدريك الأكبر من طبيب أن يأتيه ببرهان على وجود الله اكتفى بالقول: إن وجود اليهود هو الدليل على وجود الله".‏
        ولأن الأيديولوجيا العنصرية لا يمكنها أن تفرز سوى ظواهر عنصرية فقد امتد التمييز بين اليهود أنفسهم فحقوق اليهود الغربيين هي غير حقوق الشرقيين أو يهود الفالاشا على سبيل المثال.‏
        خامساً: إن مفهوم السلام الإسرائيلي بالمعنيين التكتيكي والاستراتيجي مع العرب يقوم على أساس: الأمن الإسرائيلي أولاً وثانياً وثالثاً، وبدعوى هذا الشعار، فإن إسرائيل تبرر بقاء احتلالها للأراضي العربية باعتبارها مجالاً حيوياً للأمن وللجيش الإسرائيلي لا يمكن التنازل عنها، وتحت هذا الشعار فالسلام مع العرب يجب أن ينطلق بامتلاك قوة عسكرية تهدد أو ستهدد إسرائيل مستقبلاً.. ليس هذا فحسب وإنما أيضاً يجب ردع العرب دوماً.. وفي هذا المجال يقول نتنياهو في كتابه السيء الذكر: إن استعراضنا سطحياً لتاريخ الشرق الأوسط في السنوات الماضية يكفي لإثبات أن العرب ينصاعون بحرص شديد لمبادئ سلام الردع.. وإن كبح جماع عدوانيتهم يأتي بطريقتين فقط هما: قوة الردع وإذا فشل الردع بقوة السلاح"، ورغم ادعائه الكاذب بعدم اتفاقه مع مقولة تحمل كل الكره والعداء للعرب، لكنه يرددها مراراً (إن العرب والديمقراطية لا ينسجمان أبداً).‏
        وبناءً على هذه الاستراتيجية فإن إسرائيل أسمت حروبها العدوانية ضد العالم العربي بأنها حروب وقائية ليس إلا! ومن نفس المنطلق أيضاً فإنها تتنكر للحقوق الفلسطينية من خلال لاءاتها المعروفة للقضايا التي تعتبر أساس الصراع العربي الصهيوني، وللحقوق العربية أيضاً من خلال احتفاظها باحتلال هضبة الجولان العربية السورية والجنوب اللبناني. وتطمح إسرائيل أن يصل عدد سكانها اليهود في عام (2020) إلى (12-15) مليون يهودي. ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني وباختصار شديد تنامي عدد السكان إلى ثلاثة أضعاف وبالتالي فإن عدد أفراد الجيش الإسرائيلي سيتضاعف أيضاً (3) مرات، ولن تتسع لمجال تدريباته الحيوية المناطق التي تحتلها إسرائيل حالياً.. لذلك ومن أجل الأمن ربما ستجد إسرائيل نفسها مضطرة لاحتلال المزيد من الأراضي العربية في سبيل تحقيق هذا الهدف. قد تبدو هذه المسألة في المدى المنظور طوباوية لا لزوم لها، ولكن لكل مرحلة ظروفها وضمن المقولة الفلسطينية" فإن ما يبدو صعب التحقيق ومستهجناً في مرحلة معينة يسهل تحقيقه بتغيير الظروف المحيطة به "نقول ذلك وخلفنا تجربة كبيرة وهي إن إسرائيل انطلقت دوماً من نقاط انتصارات مرحلية عديدة راكمتها على مدى تاريخها. وليس عبثاً على الإطلاق ما تدعيه إسرائيل بوجود آثار يهودية في هذه المنطقة العربية أو تلك، كذلك ما يتردد على ألسنة العديد من القادة الصهاينة ولعل أبرزهم نتنياهو من أن سيناء والأردن والجنوب اللبناني هي مناطق جرى اقتطاعها من أرض الميعاد!‏
        من الصحيح القول أن الصهيونية بعد مئة عام على إنشائها وبعد (50) عاماً على اغتصاب فلسطين لم تغير أهدافها استراتيجياً، ولكن نتيجة للمستجدات الدولية سياسياً فإن تكتيكها السياسي قد تغير من الاحتلال المباشر للأرض العربية وتحقيق دولة إسرائيل الكبرى من خلال فرض الهيمنة الاقتصادية على المنطقة برمتها مستغلة ما يسمى باتفاقيات السلام التي عقدتها مع بعض الدول العربية واستعمالها بوابات عبور اقتصادي إلى عموم المنطقة العربية، لكن علينا أن لا ننسى إمكانية التوسع الإسرائيلي جغرافياً على حساب الأرض العربية. إسرائيل وبعد (50) سنة على إنشائها لم ترسم حدودها الجغرافية بعد! وما زال النشيد الصباحي لطلاب المدارس الإسرائيلية حتى هذا اليوم يقول (بأن هذه الضفة لنا وتلك الضفة شرق النهر لنا أيضاً).‏
        إن المبدأ الإسرائيلي يتمثل فيما توصل إليه أحد الباحثين العرب في عنوان كتابه (عرب أقل وأرض أكثر).‏
        على صعيد الحركة الصهيونية بشكل عام:‏
        عند الرقم 14 في شارع شتاينبرغ حيث كازينو مدينة بازل السويسرية، ليست هناك سوى لوحة بسيطة تذكر بأن واحداً من أبرز أحداث القرن بدأ في هذا المكان بالذات قبل مئة عام. حملت اللوحة العبارة التالية "في هذا المنزل أقيم بين 29-31 آب 1897 بناءً على دعوة الدكتور تيودور هرتزل المؤتمر الأول الذي أسس المنظمة الصهيونية التي مهدت لقيام دولة إسرائيل".‏
        في نفس الفترة من العام الماضي 1997 أقيم مؤتمر احتفالي حضره ممثلو التجمعات اليهودية من كل بلاد العالم، رافق ذلك نشاطات بحثية أكاديمية نظمتها جامعة بازل بمناسبة مرور (100) عام على الصهيونية. ما يعنينا هو القرارات التي أعلنها المؤتمر الصهيوني المذكور، ومن الجدير ملاحظته حول هذه النقطة بالذات أن قرارات أخرى بقيت سرية ولم يجر الإعلان عنها، وهي نهج صهيوني، فبروتوكولات حكماء صهيون جرى الكشف عنها بعد بضع سنين!‏
        من قرارات المؤتمر المذكور ما يلي:‏
        1-عدم السماح للحكومة الإسرائيلية بتغيير قانون العودة، والتوقف في التشريعات أو إحداث تشريعات جديدة دينية.‏
        2-الحركة الصهيونية هي حركة يهودية تعددية تؤمن بأهمية قدسية تعزيز وحدة اليهود في العالم.‏
        3-إن أكبر عدو لنا هو تذويب الهوية اليهودية، بمعنى تحول اليهود إلى جزء من المجتمعات التي يعيشون فيها.‏
        4-القرن القادم يجب أن يكون عصر النهضة للروح اليهودية.‏
        وفي خطاب رئيس المؤتمر الذي كان موجهاً إلى روح هرتزل قبل مستمعيه، وبعد أن استعرض إنجازات الحركة الصهيونية في مئة عام تطرق إلى السلام قائلاً: (عملنا من أجل السلام وإننا نخوض مساراً عسيراً، السلام يجب أن يأتي من القوة اليهودية ومن العزيمة اليهودية، السلام يجب أن يبنى على الانتصارات وأن يأتي من المعنويات القوية لليهود).‏
        القيادات السياسية الإسرائيلية هي نتاج طبيعي وحقيقي للحركة الصهيونية، ففي المؤتمر الصهيوني الدوري العالمي الذي عقد في كانون أول /1997 في إسرائيل بحضور (3000) مندوب يمثلون اليهود في جميع أنحاء العالم، ورغم التعتيم الإعلامي على أخبار هذا المؤتمر (وهو مقصود بالطبع) فإن إحدى الاستنتاجات التي خلص إليها المؤتمر التالية (إن الصهيونية لم تتم مهمتها بعد في التجذر بأرض إسرائيل، بل ترى أن الخطر على وجود إسرائيل ما زال ماثلاً، ولذلك فإنهم يدعون إلى البقاء في الجيتو اليهودي المغلق للدفاع عن الصهيونية والتمسك بأرض إسرائيل.. والسبيل إلى ذلك أن إسرائيل يجب أن تزداد قوة وتفرض الأمر الواقع شبراً شبراً وتبني علاقاتها مع العالم على أساس التحالف مع الأقوياء من خلال تبادل الخدمات والمصالح وليس من خلال العطف على اليهود).‏
        ومما جاء في خطاب نتنياهو في المؤتمر المذكور:‏
        "سنضطر خلال السنوات الخمسين القادمة لبذل جهد لا يقل حجماً عن الجهد الذي بذلناه سابقاً من أجل إنقاذ وخلاص الجماعات اليهودية في الشتات من خطر الذوبان في المجتمعات التي يعيشون فيها، ولا نجد طريقة لعمل ذلك إلا عبر تعميق التثقيف اليهودي، ولا يوجد أسلوب لتعميق التثقيف اليهودي وإنقاذ الشتات اليهودي إلاّ عبر الهجرة إلى إسرائيل. إن الهجرة والتثقيف اليهودي مرتبطان أحدهما بالآخر ربطاً لا انفصام فيه "وفي سبيل الهجرة لا مانع لدى نتنياهو من تسعير موجة العداء للسامية كلما خبا أوارها.‏
        الخلاصـــة:‏
        لم نسق ما استعرضناه من تحليل وأحداث من أجل سردها مثل حكاية تاريخية في هذه المناسبة بل نذكرها من أجل الإجابة على التساؤل الأهم: ماذا تغيرّ من السياسات الإسرائيلية والأهداف الصهيونية في فلسطين أو في منطقتنا العربية؟؟‏
        بالرغم من كل ما حصل من أحداث فإن السياسات الإسرائيلية في عام 1998 هي نفسها سياسات إسرائيل طيلة الأعوام الخمسين التي مضت على إنشائها، والأهداف الصهيونية هي ذاتها وربما تغير في بعض المراحل التكتيك الإسرائيلي في التعامل السياسي مع العرب والعالم.. لكن الاستراتيجية الصهيونية باقية وهي تتجذر في إسرائيل يوماً بعد يوم.. وبالتالي فإن المشروع الصهيوني ما زال مستمراً.‏
        وبمناسبة مرور خمسين عاماً على اغتصاب فلسطين: الحدث الأهم الذي جرى في منطقتنا العربية خلال هذا القرن. وفي محاولة منا للرّد على الادعاءات الصهيونية، بالحق التاريخي لليهود في فلسطين، وعلى الاحتفالات الإسرائيلية التي تنوي عقدها لأشهر طويلة بمناسبة ما تسميه: مرور خمسين عاماً على إنشاء إسرائيل. وعلى ضوء الوضع السياسي الراهن والتعنت والصلف الإسرائيلي الذي يريد أن يفرض مفهومه للسلام على كل العرب.. فقد توجهنا بالأسئلة التالية إلى نخبة من أبرز المثقفين والباحثين والسياسيين والعسكريين العرب.. وهي:‏
        1-لماذا هزمنا؟ وأية عوامل ترونها أسباباً في انحسار المشروع الوطني الفلسطيني، بدءاً من تحرير كامل فلسطين، وصولاً إلى المرحلة الراهنة؟‏
        2-بعد مائة عام على قيام الحركة الصهيونية كحركة سياسية.. هل ترون أن المشروع الصهيوني قد تغير؟ وما هي أبرز ملامح التغيير فيه إن وجدت؟‏
        3-ما هو تأثير الاتفاقيات المبرمة بين إسرائيل وعدة أطراف عربية: كامب ديفيد وادي عربة واتفاقيات أوسلو على مجرى الصراع العربي الصهيوني؟‏
        4-كيف ترون ضرورة الربط بين الخاص الوطني والعام القومي من أجل بناء الجبهة الوطنية الشعبية العربية العريضة لمقاومة المشروع الصهيوني سياسياً واقتصادياً وثقافياً؟‏
        5-في رأيكم وعلى ضوء المستجدات السياسية الراهنة.. كيف ترون أشكال الخروج من المأزق؟‏
        آملين من خلال الأجوبة التي تفضل الأخوة المشاركون بالإجابة عليها مشكورين.. أن نعمق حالة الجدل القائمة وبخاصة، في البحث عن كيفية الخروج من مآزقنا الراهنة، وأن نكون قد أسهمنا ولو بجزء يسير من مواجهة المعارك التي تجابهها أمتنا العربية الواحدة.‏

        إذا الشعب يوما أراد الحياة
        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

        تعليق


        • #5
          رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

          أجوبة الرئيس الجزائري الأسبق أحمــــد بن بلّـــة
          السؤال الأول:‏
          لماذا هزمنا؟ وأية عوامل ترونها أسباباً في انحسار المشروع الوطني الفلسطيني بدءاً من تحرير كامل فلسطين وصولاً إلى المرحلة الراهنة؟‏
          الجواب الأول:‏
          قبل أي شيء يجب أن نعطي الموضوع أبعاده الحقيقية. إن المعركة الفلسطينية هي آخر المعارك ضد الاستعمار ونحن نواجه أخطر تركة استعمارية ألا وهي إسرائيل. إن قضية فلسطين تتجاوز في هذا الإطار مجرد قضية جغرافية بل هي رمز أساسي لظاهرة الاستعمار بشكل عام والنضال للقضاء على هذه الظاهرة ومحوها. إن الاستعمار الإسرائيلي هو لب كل المشاكل في الساحة العربية والإسلامية ككل لأن وجود هذا الكيان الغريب مرتبط بمصادر الطاقة التي توجد لدى المنطقة العربية الإسلامية. والنظام العالمي الجديد يريد تكبيل كل المنطقة من أجل هذا الشيء. إذن فإن حربنا ضد الصهيونية تتجاوز الإطار الجغرافي الداخلي لفلسطين لتشمل كل منطقتنا.‏
          السؤال الثاني:‏
          بعد مائة على قيام الصهيونية كحركة سياسية، هل ترون أن المشروع الصهيوني قد تغير وما هي أبرز ملامح التغيير فيه.؟‏
          الجواب الثاني:‏
          المشروع الصهيوني هو مشروع استعماري ويريد أن ينجح بأي وسيلة كانت. فالقضية هي قضية وجود. وجوده يعني القضاء على وجودنا على الساحة العربية كلياً.‏
          إلا أن هذا المشروع الاستعماري لم ينجح تماماً لأنه لم يستطع تجميع كل اليهود وبالأخص نتيجة للصمود المتواصل للثورة الفلسطينية.‏
          إن القضية بنوعيتها لا يمكن أن تحل إلا بعد أجيال. لنأخذ مثلاً أندونيسيا، إن عملية تحررها دامت أكثر من 3قرون، والجزائر تحررت بعد 133 سنة والأمثلة كثيرة جداً ومتعددة حين ننظر إلى التاريخ وإلى مختلف البقاع في العالم. إن القضاء على الاستعمار يتطلب معركة أجيال. إن تحرير الجزائر عرف أجيالاً منهم جيل الأمير عبد القادر وفي المغرب هنالك الأمير عبد الكريم. فالمشكل إذن هو مشكلة أجيال ولكن لا مفر من نهاية الاستعمار هذا السرطان والبؤرة الخبيثة. نرى هذا الاستعمار اليوم يهدد فلسطين والعراق ويحاول القضاء على كل شيء.‏
          إذن هذا هو مستوى المعركة: لا مفر من زوال الاستعمار ولو على المدى البعيد فذلك مسألة حتمية. إن هذه البقعة من الأرض حملت مشعل الحضارة لمدة (800) سنة ولهذا لا يمكن القضاء على الثقافة العربية الإسلامية على عكس الشيوعية مثلاً. إن سامويل هونتغتون يحاربنا بكل ما لديه من جهد ولكن المسألة أقوى منه بوجود الفارابي وابن سينا وابن رشد والقائمة طويلة. إن الغرب يشعر بهذه القوة الثقافية. وخلف فلسطين هنالك هذا الوزن التاريخي، وهذا على عكس المشروع الاشتراكي الذين نجحوا في التغلب عليه (حالياً) على الأقل.‏
          السؤال الثالث:‏
          ما هو تأثير الاتفاقيات المبرمة بين إسرائيل وعدة أطراف عربية: كمب ديفيد، وادي عربة واتفاقيات أوسلو على مجرى الصراع العربي الصهيوني؟‏
          الجواب الثالث:‏
          كل هذه الاتفاقيات مؤقتة ومحدودة ولا تستطيع الذهاب بعيداً حيث أننا نحن نشكل أمة موحدة ضميرياً. الوحدة في ضمير الشعب العربي كله. وضميرنا متوحد أكثر من الضمير الأوروبي. وهذا لا يمكنهم القضاء عليه. قضوا على الكثير من المشاريع ولكن لن يطالوا وحدة ضميرنا. لمّا توحد العرب على البترول مثلاً، أصيب الغرب بفاجعة وظهرت عظمة وحدة الكلمة مع فيصل الضمير الذي هو سلاحنا الأساسي وهو متوفر.‏
          السؤال الرابع:‏
          كيف ترون ضرورة الربط بين الخاص الوطني والعام القومي من أجل بناء الجبهة الوطنية الشعبية العربية العريضة لمقاومة المشروع الصهيوني سياسياً واقتصادياً وثقافياً؟‏
          الجواب الرابع:‏
          هذا يأتي من الممارسة وحتى من هزائمنا. قبل بضعة سنوات قالوا إن مشروعنا الوحدوي مات، وهم اليوم يتحدثون في الغرب عن رأي عام عربي ضد ضرب العراق. ما هو الجديد إذن؟ الجديد هو ما حدث في العالم العربي هذه الأيام بما في ذلك دول الخليج، والإمارات كان موقفها من أروع ما يكون. هنالك رأي للأمة العربية يفرض نفسه. إن الذي أعطى النجاح لكوفي أنان هو أنه أول أمين عام للأمم المتحدة فهم شخصيتنا. اعترف بأن الغرب لا يعرف سيكولوجية العرب وكبرياءهم. لأنه فهمنا وجد حلاً للأزمة وما زلنا نأمل في أن يلعب كوفي أنان أدواراً كبيرة لصالح الحق.‏
          أما بخصوص الربط بين الوطني والقومي فلا أراه بمنظور غربي. هنالك فعلاً مميزات علينا احترامها. إن الربط ضروري بين النظرة الوطنية المبسطة والنظرة الوطنية العميقة إن الضمير العربي هو الحقيقة التي لا غبار عليها.‏
          كل شعب مصر رافض للتطبيع وكمب ديفيد وحتى نتنياهو يريد كمب ديفيد ثانية ولكن العرب كشعب على الأقل يرفضون هذا.‏
          السؤال الخامس:‏
          في رأيكم على ضوء المستجدات السياسية الراهنة كيف ترون أشكال الخروج من المأزق.؟‏
          الجواب الخامس:‏
          أن التعايش مع اليهود والأقليات هي من خصوصياتنا نحن العرب والمسلمين. نحن لسنا كالغرب تاريخياً كلما ضرب الغرب اليهود ضربوا معهم العرب والعكس بالعكس. إن اليهود جزء من ثقافتنا وتربطنا معهم علاقات ولكن فصيلاً منهم نشأ لدى الغرب وأعطى المشروع الصهيوني. للأسف لقد طرحوا المشكل بطريقة غربية. هم عانوا من عنصرية الغرب ولكنهم دخلوا معنا نحن في مواجهة وهذا أمر غريب ولكن بالنهاية سيفشلون في مشروعهم الصهيوني.‏
          إن الغرب والصهاينة يعرفون جيداً أننا سنكون نحن العرب 565 مليون نسمة خلال 20 سنة حسب دراسات الأمم المتحدة الديمغرافية. كما أن ثقافتنا لا تزال حية ومن أكبر الثقافات الإنسانية، وإشعاعها ما يزال يزداد ويتوسع. ولا ننسى أن العرب المسيحيين واليهود ينتمون إلى ثقافتنا لهذا فالمستقبل ليس للصهيونية هذه الحركة العنصرية.‏
          إضافة إلى أني أشعر بأن الروح القومية تسترجع قوتها فهنالك رأي عام في كل نقطة من وطننا وهذا ما لا يمكن تجاهله في الحاضر والمستقبل.‏
          أنني أستغرب من أبي عمّار أن يتكلم عن (صلح الشجعان) وأنا أقول له: هذا الخطاب استعملته معنا فرنسا في الجزائر ولكننا رفضناه لأنه خديعة واستمرينا في الحرب 3سنوات أخرى حتى انتصرنا، وبدون سلام الشجعان. وأقول هذا كأخ لعرفات وعليه أن يفكر بأنه ليس من الضروري أن يحل هو بنفسه المشكل الفلسطيني فالأجيال القادمة هي التي ستحل المشكل ولا يجب عليه أن يضيق عليهم الأبواب بما ينتهجه الآن من سياسة.‏
          انتهى‏
          وسلامي الحار لكم ونحن معكم إلى الأبد‏
          أحمد بن بلة‏

          إذا الشعب يوما أراد الحياة
          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

          تعليق


          • #6
            رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

            أجوبة الرئيس الجزائري الأسبق أحمــــد بن بلّـــة
            السؤال الأول:‏
            لماذا هزمنا؟ وأية عوامل ترونها أسباباً في انحسار المشروع الوطني الفلسطيني بدءاً من تحرير كامل فلسطين وصولاً إلى المرحلة الراهنة؟‏
            الجواب الأول:‏
            قبل أي شيء يجب أن نعطي الموضوع أبعاده الحقيقية. إن المعركة الفلسطينية هي آخر المعارك ضد الاستعمار ونحن نواجه أخطر تركة استعمارية ألا وهي إسرائيل. إن قضية فلسطين تتجاوز في هذا الإطار مجرد قضية جغرافية بل هي رمز أساسي لظاهرة الاستعمار بشكل عام والنضال للقضاء على هذه الظاهرة ومحوها. إن الاستعمار الإسرائيلي هو لب كل المشاكل في الساحة العربية والإسلامية ككل لأن وجود هذا الكيان الغريب مرتبط بمصادر الطاقة التي توجد لدى المنطقة العربية الإسلامية. والنظام العالمي الجديد يريد تكبيل كل المنطقة من أجل هذا الشيء. إذن فإن حربنا ضد الصهيونية تتجاوز الإطار الجغرافي الداخلي لفلسطين لتشمل كل منطقتنا.‏
            السؤال الثاني:‏
            بعد مائة على قيام الصهيونية كحركة سياسية، هل ترون أن المشروع الصهيوني قد تغير وما هي أبرز ملامح التغيير فيه.؟‏
            الجواب الثاني:‏
            المشروع الصهيوني هو مشروع استعماري ويريد أن ينجح بأي وسيلة كانت. فالقضية هي قضية وجود. وجوده يعني القضاء على وجودنا على الساحة العربية كلياً.‏
            إلا أن هذا المشروع الاستعماري لم ينجح تماماً لأنه لم يستطع تجميع كل اليهود وبالأخص نتيجة للصمود المتواصل للثورة الفلسطينية.‏
            إن القضية بنوعيتها لا يمكن أن تحل إلا بعد أجيال. لنأخذ مثلاً أندونيسيا، إن عملية تحررها دامت أكثر من 3قرون، والجزائر تحررت بعد 133 سنة والأمثلة كثيرة جداً ومتعددة حين ننظر إلى التاريخ وإلى مختلف البقاع في العالم. إن القضاء على الاستعمار يتطلب معركة أجيال. إن تحرير الجزائر عرف أجيالاً منهم جيل الأمير عبد القادر وفي المغرب هنالك الأمير عبد الكريم. فالمشكل إذن هو مشكلة أجيال ولكن لا مفر من نهاية الاستعمار هذا السرطان والبؤرة الخبيثة. نرى هذا الاستعمار اليوم يهدد فلسطين والعراق ويحاول القضاء على كل شيء.‏
            إذن هذا هو مستوى المعركة: لا مفر من زوال الاستعمار ولو على المدى البعيد فذلك مسألة حتمية. إن هذه البقعة من الأرض حملت مشعل الحضارة لمدة (800) سنة ولهذا لا يمكن القضاء على الثقافة العربية الإسلامية على عكس الشيوعية مثلاً. إن سامويل هونتغتون يحاربنا بكل ما لديه من جهد ولكن المسألة أقوى منه بوجود الفارابي وابن سينا وابن رشد والقائمة طويلة. إن الغرب يشعر بهذه القوة الثقافية. وخلف فلسطين هنالك هذا الوزن التاريخي، وهذا على عكس المشروع الاشتراكي الذين نجحوا في التغلب عليه (حالياً) على الأقل.‏
            السؤال الثالث:‏
            ما هو تأثير الاتفاقيات المبرمة بين إسرائيل وعدة أطراف عربية: كمب ديفيد، وادي عربة واتفاقيات أوسلو على مجرى الصراع العربي الصهيوني؟‏
            الجواب الثالث:‏
            كل هذه الاتفاقيات مؤقتة ومحدودة ولا تستطيع الذهاب بعيداً حيث أننا نحن نشكل أمة موحدة ضميرياً. الوحدة في ضمير الشعب العربي كله. وضميرنا متوحد أكثر من الضمير الأوروبي. وهذا لا يمكنهم القضاء عليه. قضوا على الكثير من المشاريع ولكن لن يطالوا وحدة ضميرنا. لمّا توحد العرب على البترول مثلاً، أصيب الغرب بفاجعة وظهرت عظمة وحدة الكلمة مع فيصل الضمير الذي هو سلاحنا الأساسي وهو متوفر.‏
            السؤال الرابع:‏
            كيف ترون ضرورة الربط بين الخاص الوطني والعام القومي من أجل بناء الجبهة الوطنية الشعبية العربية العريضة لمقاومة المشروع الصهيوني سياسياً واقتصادياً وثقافياً؟‏
            الجواب الرابع:‏
            هذا يأتي من الممارسة وحتى من هزائمنا. قبل بضعة سنوات قالوا إن مشروعنا الوحدوي مات، وهم اليوم يتحدثون في الغرب عن رأي عام عربي ضد ضرب العراق. ما هو الجديد إذن؟ الجديد هو ما حدث في العالم العربي هذه الأيام بما في ذلك دول الخليج، والإمارات كان موقفها من أروع ما يكون. هنالك رأي للأمة العربية يفرض نفسه. إن الذي أعطى النجاح لكوفي أنان هو أنه أول أمين عام للأمم المتحدة فهم شخصيتنا. اعترف بأن الغرب لا يعرف سيكولوجية العرب وكبرياءهم. لأنه فهمنا وجد حلاً للأزمة وما زلنا نأمل في أن يلعب كوفي أنان أدواراً كبيرة لصالح الحق.‏
            أما بخصوص الربط بين الوطني والقومي فلا أراه بمنظور غربي. هنالك فعلاً مميزات علينا احترامها. إن الربط ضروري بين النظرة الوطنية المبسطة والنظرة الوطنية العميقة إن الضمير العربي هو الحقيقة التي لا غبار عليها.‏
            كل شعب مصر رافض للتطبيع وكمب ديفيد وحتى نتنياهو يريد كمب ديفيد ثانية ولكن العرب كشعب على الأقل يرفضون هذا.‏
            السؤال الخامس:‏
            في رأيكم على ضوء المستجدات السياسية الراهنة كيف ترون أشكال الخروج من المأزق.؟‏
            الجواب الخامس:‏
            أن التعايش مع اليهود والأقليات هي من خصوصياتنا نحن العرب والمسلمين. نحن لسنا كالغرب تاريخياً كلما ضرب الغرب اليهود ضربوا معهم العرب والعكس بالعكس. إن اليهود جزء من ثقافتنا وتربطنا معهم علاقات ولكن فصيلاً منهم نشأ لدى الغرب وأعطى المشروع الصهيوني. للأسف لقد طرحوا المشكل بطريقة غربية. هم عانوا من عنصرية الغرب ولكنهم دخلوا معنا نحن في مواجهة وهذا أمر غريب ولكن بالنهاية سيفشلون في مشروعهم الصهيوني.‏
            إن الغرب والصهاينة يعرفون جيداً أننا سنكون نحن العرب 565 مليون نسمة خلال 20 سنة حسب دراسات الأمم المتحدة الديمغرافية. كما أن ثقافتنا لا تزال حية ومن أكبر الثقافات الإنسانية، وإشعاعها ما يزال يزداد ويتوسع. ولا ننسى أن العرب المسيحيين واليهود ينتمون إلى ثقافتنا لهذا فالمستقبل ليس للصهيونية هذه الحركة العنصرية.‏
            إضافة إلى أني أشعر بأن الروح القومية تسترجع قوتها فهنالك رأي عام في كل نقطة من وطننا وهذا ما لا يمكن تجاهله في الحاضر والمستقبل.‏
            أنني أستغرب من أبي عمّار أن يتكلم عن (صلح الشجعان) وأنا أقول له: هذا الخطاب استعملته معنا فرنسا في الجزائر ولكننا رفضناه لأنه خديعة واستمرينا في الحرب 3سنوات أخرى حتى انتصرنا، وبدون سلام الشجعان. وأقول هذا كأخ لعرفات وعليه أن يفكر بأنه ليس من الضروري أن يحل هو بنفسه المشكل الفلسطيني فالأجيال القادمة هي التي ستحل المشكل ولا يجب عليه أن يضيق عليهم الأبواب بما ينتهجه الآن من سياسة.‏
            انتهى‏
            وسلامي الحار لكم ونحن معكم إلى الأبد‏
            أحمد بن بلة‏

            إذا الشعب يوما أراد الحياة
            فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
            و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
            و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

            تعليق


            • #7
              رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

              أجوبـــة أبــو علــي مصطـــفى
              نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين‏
              السؤال الأول:‏
              مثلما تقيّم الانتصارات التي تحققها الشعوب أو الأمم أو الحركات، على أنها مبنية على توفر شروط مادية أو معنوية، فالهزائم أيضاً لها أسبابها المادية والمعنوية.‏
              فالهزيمة التي أصابت المشروع الوطني والقومي العربي، هي هزيمة متوارثة ومنذ عقود وأسبابها تكمن في الأزمة البنيوية/ الاقتصادية- الاجتماعية- الفكرية- السياسية- والعسكرية العربية، فهي (أي الحالة العربية ومن ضمنها الفلسطينية) لم توفر عوامل للانتصار على المشروع الصهيوني، الذي بدأ غزو منذ عشرينات هذا القرن.‏
              فسواء في الحالة الفلسطينية، التي أقامت بنيتها في المواجهة على حالة هيمنة القيادة الإقطاعية الدينية، أو بفكرها الذي فصل ما بين حالة الاستعمار البريطاني والصهيونية كعدو موحد، أو بقراءتها لطبيعة المشروع المضاد والأعداد الذاتي لمواجهته، ومن ثم لاحقاً انتقلت القيادة بذات البنى إلى يد أكثر ميلاً لمشروع مساومة منه إلى مشروع تحرير.‏
              وفي الحالة العربية التي اهتمت بكيانات قطرية، واعتملت باستقلالات شكلية وجدت قيادات قاصرة عن فهم أخطار المشروع الصهيوني، بل وبعضها تواطأ معه في تمكينه من النمو والاستمرار.‏

              وهي بالمحصلة بما فيها الثورة الفلسطينية المعاصرة لم توفر شروط الانتصار على مشروع صهيوني -متوغل في امتلاك القدرة المادية، والعلم والاقتصاد إضافة إلى تكوين حالة بشرية إيديولوجيتها موحدة على ظاهرة عدوان تاريخي، مدعومة من قوى الإمبريالية والاستعمار التي هي بذات الوقت سائدة على المنطقة شعوب وثروات ووجود. ولهذا تدنَّى مشروعنا التحرري، إلى حيثيات تراجع من الاستراتيجيا إلى التكتيك الضعيف ومن الضعيف إلى المندثر، وما لم تتغير البنى والأفكار والقيادة السائدة من الصعب أن نشهد حالة تحول نوعي في المشروع التحرري.‏
              جواب السؤال الثاني:‏
              للمشروع الصهيوني سياق أيديولوجي في الجوهر لا زال هو منذ نهاية القرن التاسع عشر، أما في الآليات فهناك تجدد دائم فمن بداية الحملة التبشيرية العالمية، إلى الهجرة والاستيطان مساحة واسعة طالت خمسين عاماً، حتى إقامة الكيان، ثم من الكيان الوظيفة- إلى الكيان الدور الإقليمي الشريك للإمبريالية الأميركية بالسعي للسيادة على المنطقة وتقاسم النفوذ والثروات، جرت مياه كثيرة في قنوات الحركة الصهيونية.‏
              وبالتالي التغير الذي حصل، هو بدرجة تتناسب من تنفيذ ذات الفكرة (الأيديولوجيا) والتي لم تختم فصولاً بعد.‏
              والتسويات الراهنة التي أقامتها بعض الأوساط العربية مع المشروع الصهيوني وحركته السياسية وكيانه المادي إقراراً به قد دعمت المشروع بانتصاره الثاني (كما وصفها شمعون بيرز)، لكنها لم تنهيه فصولاً، بل هو مشروع لا زال مفتوحاً كما قلت على مساحة من الانتصار بنفس القدر مفتوحاً على مساحة من الفناء والانتهاء، وذلك ربطاً بحضور أو لا حضور نقيضه التاريخي في الصراع المصيري.‏
              الجواب الثالث:‏
              الاتفاقات التي أبرمت مع العدو الصهيوني وفرت له فرصة جديدة من فرص الانتصار والبقاء، وهي حقنته بالآمال المؤدية إلى تقوية حوافز الاستمرارية، ودحرت إلى حد علامات الأسئلة الكثيرة على صوابية المشروع.‏
              إلاّ أنها لم توفر الأمان النهائي له، حيث الأمة بوعيها السياسي، حتى وإن افتقدت لشروط الانتصار عليه راهناً لا زالت تلفظ هذا المشروع رغم محاولات إدخاله إلى جوفها، ليصبح حالة عضوية.‏
              فالأمة لا زالت ترى في التناقض معه اشتباكاً مفتوحاً على صراع وجود، وليس كما تختزله الاتفاقات إلى "نزاع حدود".‏
              والاتفاقات (رغم بؤسها ودونيتها) لم توفر مساحة قبول للكيان في جسم الأمة، ولا زالت الحالة محاصرة، رغم مظاهر التطبيع المعلنة فالأمة بمجموعها في حالة ممانعة تامة، وترفض نتائج اتفاقات الأنظمة ومصالحها مع حالة صراع مصيرية.‏
              جواب السؤال الرابع:‏
              إذا ما قامت السياسة على مفردة الإلغاء لأحد الوسيلين في الانتماء، فهي ليست سياسة رديئة فحسب، بل هي سياسة نقيضه لتوفير شروط انتصار، فلا النزوع الذي ألغى الوطني في مرحلة ما كان صوابا ولا النزوع الذي استبعد البعد القومي، كان صوابا، وأحد أهم دلالات الصراع أنه لا يمكن لأية قوة كانت أن تحظى بالنصر أو ببعضه بدون الربط الحي والجدلي ما بين الوطني والقومي في مسار الصراع.‏
              فالوطني في الخاص الفلسطيني بالذات يكتسب مشروعيته من كونه أداة تناقض مع المقولة الصهيونية التي تنفي حالة الشعب الفلسطيني، وليس كما ابتدع البعض السيء مقولاته من أنه وظف الوطني في موقع التناقض مع القومي.‏
              كما لا يكتسب الوطني مشروعيته من الإلغاء والعزل، لا يكتسبه القومي ذاته من محددات الشعار، فحسب، بل من المسؤولية الواعية لدور القومي في تعزيز الوطني أولاً ودوره في إدامة الاشتباك، كما يوفر له مبرر تقوية عناصر الذات في أداء الدور المباشر في الصراع وهذا ما تقوم عليه بنانا الفكرية والسياسية، أي دحر كل ما هو سلبي علق بالمسيرة من خلال التجربة سواء ما لهذا النزوع بطغيان الإلغاء للوطني أو لهذا النزوع باستبعاد القومي.‏
              وهنا نقول إن المسألة لها وجهان من ذات الاشتقاق للدروس المستلهمة من جهة التاريخ الحديث.‏

              فالوجه الأول الذي يقوم على تحديد العدو، ومفهوم الصراع، وشروط الانتصار، وتوفير القوى الذاتية، أي الربط ما بين حالة الصراع وأداة الصراع، في بنية متكاملة المعاني والمعايير.‏
              والوجه الثاني هو بامتلاك الأمة لمقومات التحرر الذاتي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي وامتلاك الثروة والتنمية والإبداع والحياة الديمقراطية الداخلية.‏
              بهذه المقومات تتوفر شروط بناء الجبهة الوطنية الشعبية العربية، أي ما بين النضال القطري والقومي جسر مديد إن لم يكن مفتوحاً على مدخليه سيبقى الحال يراوح ما بين نزعة الإلغاء القوية، ونزعة الربط الضعيفة.‏
              السؤال الخامس:‏
              مثلما توفرت حجارة أسمنتية قوية امتدت عقوداً طويلة بني على حالة مأزق، بل أزمة شاملة لا بد من توفير معاول لهدم هذه الحجارة أولاً، ثم لبناء أعمدة جديدة ينشأ عليها بناء سليم، فما هي هذه المعاول؟‏
              ومم تكون مواد الأعمدة ثانياً؟‏
              فأولاً لا بد من بناء فكري ذي نسق شامل في السياسة والثقافة وأدوات الصراع، المفتوحة على كل الأشكال، المؤدي إلى ولادة جبهات وطنية على الصعيد الوطني، وجبهة عربية شعبية على الصعيد القومي، يتولد عن حضورهما حالة ضغط متواصل باتجاه الصعود من بنى التبعية والارتهان إلى تحرر ذاتي شامل.‏
              وثانياً توليف عناصر اشتباك مفتوح مع العدو الصهيوني بدءاً من امتلاك المفهوم الموحد للعدو وصولاً إلى بناء أدوات صدام معه وعلى كل الجبهات.‏
              هذا بالمعنى الاستراتيجي، والذي يحتاج إلى تركيم طويل الأمد المهم أن نبدأ من الصحيح على تركيم يدوم ولا ينقطع هنا وهناك.‏
              أما على المدى القريب فليس أمامنا من سبيل للخروج من المأزق إلا بالخروج من سياسة تشتيت القوى، ثم تشتيت التناقض الرئيسي، ثم تشتيت التراكم.‏

              وهذا لا يتم إلا بالخروج من سياسة التسليم بأحقية وجود العدو، بالخروج من المصالحة معه وبالخروج من الارتهان إلى الوسيط النزيه المحايد وبالخروج من أولوية الخصومة العربية العربية إلى أولوية الخصومة مع الكيان الصهيوني الأمر الذي يقتضي أولاً إسقاط كل النتائج والمترتبات عن الاتفاقات المذلة التي عقدت مع العدو الصهيوني لصالح إعادة الاعتبار لمفاهيم الصراع المصيري.‏
              وهناك بالذات وقبل ذلك يصبح تحرير الإنسان العربي من النزعة الذاتية بداية الشوط الجديد.‏
              أبو علي مصطفى‏
              نائب الأمين العام‏
              الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين‏

              إذا الشعب يوما أراد الحياة
              فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
              و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
              و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

              تعليق


              • #8
                رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

                أجوبـــة أبــو علــي مصطـــفى
                نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين‏
                السؤال الأول:‏
                مثلما تقيّم الانتصارات التي تحققها الشعوب أو الأمم أو الحركات، على أنها مبنية على توفر شروط مادية أو معنوية، فالهزائم أيضاً لها أسبابها المادية والمعنوية.‏
                فالهزيمة التي أصابت المشروع الوطني والقومي العربي، هي هزيمة متوارثة ومنذ عقود وأسبابها تكمن في الأزمة البنيوية/ الاقتصادية- الاجتماعية- الفكرية- السياسية- والعسكرية العربية، فهي (أي الحالة العربية ومن ضمنها الفلسطينية) لم توفر عوامل للانتصار على المشروع الصهيوني، الذي بدأ غزو منذ عشرينات هذا القرن.‏
                فسواء في الحالة الفلسطينية، التي أقامت بنيتها في المواجهة على حالة هيمنة القيادة الإقطاعية الدينية، أو بفكرها الذي فصل ما بين حالة الاستعمار البريطاني والصهيونية كعدو موحد، أو بقراءتها لطبيعة المشروع المضاد والأعداد الذاتي لمواجهته، ومن ثم لاحقاً انتقلت القيادة بذات البنى إلى يد أكثر ميلاً لمشروع مساومة منه إلى مشروع تحرير.‏
                وفي الحالة العربية التي اهتمت بكيانات قطرية، واعتملت باستقلالات شكلية وجدت قيادات قاصرة عن فهم أخطار المشروع الصهيوني، بل وبعضها تواطأ معه في تمكينه من النمو والاستمرار.‏

                وهي بالمحصلة بما فيها الثورة الفلسطينية المعاصرة لم توفر شروط الانتصار على مشروع صهيوني -متوغل في امتلاك القدرة المادية، والعلم والاقتصاد إضافة إلى تكوين حالة بشرية إيديولوجيتها موحدة على ظاهرة عدوان تاريخي، مدعومة من قوى الإمبريالية والاستعمار التي هي بذات الوقت سائدة على المنطقة شعوب وثروات ووجود. ولهذا تدنَّى مشروعنا التحرري، إلى حيثيات تراجع من الاستراتيجيا إلى التكتيك الضعيف ومن الضعيف إلى المندثر، وما لم تتغير البنى والأفكار والقيادة السائدة من الصعب أن نشهد حالة تحول نوعي في المشروع التحرري.‏
                جواب السؤال الثاني:‏
                للمشروع الصهيوني سياق أيديولوجي في الجوهر لا زال هو منذ نهاية القرن التاسع عشر، أما في الآليات فهناك تجدد دائم فمن بداية الحملة التبشيرية العالمية، إلى الهجرة والاستيطان مساحة واسعة طالت خمسين عاماً، حتى إقامة الكيان، ثم من الكيان الوظيفة- إلى الكيان الدور الإقليمي الشريك للإمبريالية الأميركية بالسعي للسيادة على المنطقة وتقاسم النفوذ والثروات، جرت مياه كثيرة في قنوات الحركة الصهيونية.‏
                وبالتالي التغير الذي حصل، هو بدرجة تتناسب من تنفيذ ذات الفكرة (الأيديولوجيا) والتي لم تختم فصولاً بعد.‏
                والتسويات الراهنة التي أقامتها بعض الأوساط العربية مع المشروع الصهيوني وحركته السياسية وكيانه المادي إقراراً به قد دعمت المشروع بانتصاره الثاني (كما وصفها شمعون بيرز)، لكنها لم تنهيه فصولاً، بل هو مشروع لا زال مفتوحاً كما قلت على مساحة من الانتصار بنفس القدر مفتوحاً على مساحة من الفناء والانتهاء، وذلك ربطاً بحضور أو لا حضور نقيضه التاريخي في الصراع المصيري.‏
                الجواب الثالث:‏
                الاتفاقات التي أبرمت مع العدو الصهيوني وفرت له فرصة جديدة من فرص الانتصار والبقاء، وهي حقنته بالآمال المؤدية إلى تقوية حوافز الاستمرارية، ودحرت إلى حد علامات الأسئلة الكثيرة على صوابية المشروع.‏
                إلاّ أنها لم توفر الأمان النهائي له، حيث الأمة بوعيها السياسي، حتى وإن افتقدت لشروط الانتصار عليه راهناً لا زالت تلفظ هذا المشروع رغم محاولات إدخاله إلى جوفها، ليصبح حالة عضوية.‏
                فالأمة لا زالت ترى في التناقض معه اشتباكاً مفتوحاً على صراع وجود، وليس كما تختزله الاتفاقات إلى "نزاع حدود".‏
                والاتفاقات (رغم بؤسها ودونيتها) لم توفر مساحة قبول للكيان في جسم الأمة، ولا زالت الحالة محاصرة، رغم مظاهر التطبيع المعلنة فالأمة بمجموعها في حالة ممانعة تامة، وترفض نتائج اتفاقات الأنظمة ومصالحها مع حالة صراع مصيرية.‏
                جواب السؤال الرابع:‏
                إذا ما قامت السياسة على مفردة الإلغاء لأحد الوسيلين في الانتماء، فهي ليست سياسة رديئة فحسب، بل هي سياسة نقيضه لتوفير شروط انتصار، فلا النزوع الذي ألغى الوطني في مرحلة ما كان صوابا ولا النزوع الذي استبعد البعد القومي، كان صوابا، وأحد أهم دلالات الصراع أنه لا يمكن لأية قوة كانت أن تحظى بالنصر أو ببعضه بدون الربط الحي والجدلي ما بين الوطني والقومي في مسار الصراع.‏
                فالوطني في الخاص الفلسطيني بالذات يكتسب مشروعيته من كونه أداة تناقض مع المقولة الصهيونية التي تنفي حالة الشعب الفلسطيني، وليس كما ابتدع البعض السيء مقولاته من أنه وظف الوطني في موقع التناقض مع القومي.‏
                كما لا يكتسب الوطني مشروعيته من الإلغاء والعزل، لا يكتسبه القومي ذاته من محددات الشعار، فحسب، بل من المسؤولية الواعية لدور القومي في تعزيز الوطني أولاً ودوره في إدامة الاشتباك، كما يوفر له مبرر تقوية عناصر الذات في أداء الدور المباشر في الصراع وهذا ما تقوم عليه بنانا الفكرية والسياسية، أي دحر كل ما هو سلبي علق بالمسيرة من خلال التجربة سواء ما لهذا النزوع بطغيان الإلغاء للوطني أو لهذا النزوع باستبعاد القومي.‏
                وهنا نقول إن المسألة لها وجهان من ذات الاشتقاق للدروس المستلهمة من جهة التاريخ الحديث.‏

                فالوجه الأول الذي يقوم على تحديد العدو، ومفهوم الصراع، وشروط الانتصار، وتوفير القوى الذاتية، أي الربط ما بين حالة الصراع وأداة الصراع، في بنية متكاملة المعاني والمعايير.‏
                والوجه الثاني هو بامتلاك الأمة لمقومات التحرر الذاتي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي وامتلاك الثروة والتنمية والإبداع والحياة الديمقراطية الداخلية.‏
                بهذه المقومات تتوفر شروط بناء الجبهة الوطنية الشعبية العربية، أي ما بين النضال القطري والقومي جسر مديد إن لم يكن مفتوحاً على مدخليه سيبقى الحال يراوح ما بين نزعة الإلغاء القوية، ونزعة الربط الضعيفة.‏
                السؤال الخامس:‏
                مثلما توفرت حجارة أسمنتية قوية امتدت عقوداً طويلة بني على حالة مأزق، بل أزمة شاملة لا بد من توفير معاول لهدم هذه الحجارة أولاً، ثم لبناء أعمدة جديدة ينشأ عليها بناء سليم، فما هي هذه المعاول؟‏
                ومم تكون مواد الأعمدة ثانياً؟‏
                فأولاً لا بد من بناء فكري ذي نسق شامل في السياسة والثقافة وأدوات الصراع، المفتوحة على كل الأشكال، المؤدي إلى ولادة جبهات وطنية على الصعيد الوطني، وجبهة عربية شعبية على الصعيد القومي، يتولد عن حضورهما حالة ضغط متواصل باتجاه الصعود من بنى التبعية والارتهان إلى تحرر ذاتي شامل.‏
                وثانياً توليف عناصر اشتباك مفتوح مع العدو الصهيوني بدءاً من امتلاك المفهوم الموحد للعدو وصولاً إلى بناء أدوات صدام معه وعلى كل الجبهات.‏
                هذا بالمعنى الاستراتيجي، والذي يحتاج إلى تركيم طويل الأمد المهم أن نبدأ من الصحيح على تركيم يدوم ولا ينقطع هنا وهناك.‏
                أما على المدى القريب فليس أمامنا من سبيل للخروج من المأزق إلا بالخروج من سياسة تشتيت القوى، ثم تشتيت التناقض الرئيسي، ثم تشتيت التراكم.‏

                وهذا لا يتم إلا بالخروج من سياسة التسليم بأحقية وجود العدو، بالخروج من المصالحة معه وبالخروج من الارتهان إلى الوسيط النزيه المحايد وبالخروج من أولوية الخصومة العربية العربية إلى أولوية الخصومة مع الكيان الصهيوني الأمر الذي يقتضي أولاً إسقاط كل النتائج والمترتبات عن الاتفاقات المذلة التي عقدت مع العدو الصهيوني لصالح إعادة الاعتبار لمفاهيم الصراع المصيري.‏
                وهناك بالذات وقبل ذلك يصبح تحرير الإنسان العربي من النزعة الذاتية بداية الشوط الجديد.‏
                أبو علي مصطفى‏
                نائب الأمين العام‏
                الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين‏

                إذا الشعب يوما أراد الحياة
                فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                تعليق


                • #9
                  رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

                  أجوبــة الرئيـس اليمــني (الجنوبي) الأســــبق علـــي ناصــــر محمــــــد
                  س1- لماذا هزمنا؟! وأية عوامل ترونها أسباباً في انحسار المشروع الوطني الفلسطيني بدءاً من تحرير كامل فلسطين وصولاً إلى المرحلة الراهنة؟‏
                  ج1- أولاً: من وجهة نظري أن هزيمة العرب الأولى في عام 1948م بالرغم من العدالة التاريخية لقضية فلسطين والحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، ونبل المقاصد وحسن طوية الدول العربية إلا أن العرب لم ينجحوا قط في تكوين استراتيجية عملية لاسترداد فلسطين، بعكس العملية الصهيونية التي كانت تمتلك مشروعاً واستراتيجية واضحتين وطويلتي الأمد دأبت على تنفيذها، وفي تحقيق مستقبل صهيوني على الأرض العربية في فلسطين، وفي فرض الأمر الواقع.‏
                  كما أن القوى الاستعمارية التي تحكمت بالعرب، سبب آخر ورئيس للهزيمة، وفي الضعف والتآكل الذي نعاني منه.‏
                  وعلى الرغم من أن إسرائيل كيان غريب عن الجسم العربي تراثاً وفكراً وحضارة وديانة وعادات وتقاليد، ويكاد اندماجها أمراً مستحيلاً في المجتمع العربي -الإسلامي، إلا أننا وبكل أسف استسلمنا لمنطق الرفض المطلق هذا، ولم نحاول أن ندرس عدونا من الداخل، وكان ذلك نوعاً من انعدام الرؤية السياسية الذي ساد لفترة طويلة من الزمن وربما لا زال سائداً لدى البعض في أماكن مختلفة.‏
                  وعلى سبيل المثال، لم يكن يوجد في الوطن العربي مركز عربي واحد لدراسة إسرائيل، وأول مركز من هذا النوع أمر بإنشائه الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر عقب هزيمة حزيران 1967م.. وهذا معناه أننا كنا نحارب عدواً لا نعرف عنه شيئاً سوى أنه غاصب يحتل أرضنا الحبيبة فلسطين، ويحب أن نخرجه بالقوة، وهذا المنطق هو الذي جرنا إلى الهزيمة تلو الهزيمة.‏
                  لكن الشعب العربي الفلسطيني والشعب العربي عموماً، لم يقبل بالهزيمة، وهذا أمر مهم جداً، فعندما تهزم من الداخل، تكون الهزيمة كاملة، ويعقبه اليأس والاستسلام!، أما أن تخسر معركة أو حرباً نتيجة عدة عوامل تضافرت معاً، فذلك أمر يحدث كثيراً في تاريخ الصراعات البشرية، ولا يعني هذا نهاية الصراع، لأن هذه عملية طويلة، وضارية، ومعقدة، وتأخذ مداها الزمني وبعدها التاريخي، وعندي أن نقطة الذروة في النضال الفلسطيني والعربي في الصراع مع العدو الصهيوني كانت ثورة أطفال الحجارة التي أثارت القلق في إسرائيل، ولم تستطع مؤسسات القمع الإسرائيلية بكل قوتها وعنفها أن تكسر أيدي أطفال الحجارة وشباب الانتفاضة الذين حركوا الاهتمام والرأي العام العالمي على حقيقة ما يجري في الأراضي العربية المحتلة، ومعنى هذا من وجهة نظري، أن هذه الأمة لم تقبل الهزيمة. ولم تستسلم لها على الرغم من مرور خمسين عاماً على نكبة فلسطين.‏
                  أما أسباب انحسار المشروع الوطني الفلسطيني، فلذلك أسباب عديدة، أولها أن الانحسار لا يقتصر على المشروع الوطني الفلسطيني بمفرده، بل إن حركة المد القومي العربي، والمشروع النهضوي الحضاري العربي الذين شهدا ذروتهما في الخمسينيات والستينيات من هذا القرن، شهدا هما الآخران انحساراً منذ السبعينيات، وتحديداً بعد هزيمة يونيو 1967م ووفاة الزعيم العربي جمال عبد الناصر في عام 1970م.‏
                  إذن انحسار المشروع الوطني الفلسطيني هو نتيجة حالة عامة تمر بها الأمة العربية كلها، وليس الفلسطينيون وحدهم، ثم هناك التغيرات الإقليمية والدولية التي طرأت على العالم وألقت بظلها على المنطقة وعلى القضية الفلسطينية على وجه التحديد.‏
                  نتائج حربي الخليج الأولى والثانية وانهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية وبروز ما يعرف بالقطب الدولي الواحد الذي يتحكم في السياسة الدولية.‏
                  س2-بعد مائة عام على قيام الصهيونية كحركة سياسية.. هل ترون أن المشروع الصهيوني قد تغير، وما هي أبرز ملامح التغيير فيه إن وجدت؟‏
                  ج2-لقد مرت مائة عام على مؤتمر بال الصهيوني، وخمسون عاماً على اغتصاب فلسطين وغرس الدولة اليهودية في قلب الوطن العربي، وأعتقد أن الحركة الصهيونية قد عاشت أكثر مما ينبغي أن تعيش، فكل أيديولوجية مهما كانت، عاجلاً أم آجلاً لا بد وأن تتآكل، أو تأكل نفسها، والأيديولوجية الصهيونية في هذا المجال تخطت كل المقاييس، لأنها عاشت وقتاً أطول حتى من الشيوعية التي لفظت أنفاسها الأخيرة بانهيار الاتحاد السوفييتي.‏
                  يقيني أن الأيديولوجية الصهيونية (وإن كانت ستشهد مراحل من التطور) فإنها إلى زوال هي الأخرى خاصة أننا نعيش عصر نهاية الأيديولوجية. فهي تخفي في داخلها مخاطر جدية ليس على محيطها الذي يرفضها ويلفظها فحسب، بل على المجتمع الإسرائيلي نفسه، وأظن أن المشروع الصهيوني إلى اضمحلال، فإسرائيل التي قامت على الاغتصاب، وعلى التوسع بإنشاء إسرائيل الكبرى، تستميت الآن كي تؤخر انسحابها من بضعة كيلو مترات في كل مرة من أراضي الضفة الغربية... وهذا معناه أن الحلم الإسرائيلي الكبير (من النيل إلى الفرات) قد تبدد أو هو يتبدد.‏
                  س3-ما هو تأثير الاتفاقيات المبرمة بين إسرائيل وعدة أطراف عربية: كامب ديفيد، وادي عربة، واتفاقيات أوسلو على مجرى الصراع العربي الصهيوني؟‏
                  ج3-أعتقد أن أي اتفاقيات، سواءاً تلك التي وقعت، أو التي ستوقع، لا تستند إلى مقتضيات الشرعية الدولية العامة، والقرارات الدولية الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، ولا تضمن بالتالي الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، وسيكون مآلها الفشل، وستكون آثارها السلبية وخيمة على مجريات الصراع العربي- الصهيوني، وإذن لا بد أن يكون السلام شاملاً وعادلاً، ويؤدي إلى انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة، من الجولان وجنوب لبنان والأراضي الفلسطينية، وإلى قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس. وهذا يتطلب موقفاً عربياً موحداً في مواجهة المشروع الإسرائيلي.‏
                  س4-كيف ترون ضرورة الربط بين الخاص الوطني، والعام القومي من أجل بناء الجبهة الوطنية الشعبية العربية العريضة لمقاومة المشروع الصهيوني سياسياً واقتصادياً وثقافياً؟‏
                  ج4-أولاً، أرى ضرورة إبعاد نظرة التناقض بين هذين البعدين، الخاص الوطني، والعام القومي، وهذا يتطلب آلية لحل التناقض، ولن يكون ذلك ممكناً إلا عن طريق التعاون والتكامل العربي. مما يتطلب رسم استراتيجية عربية قادرة على مواجهة تحديات ليس المشروع الصهيوني فحسب، بل وتحديات القرن المقبل، وأعتقد أن مسألة القومي والقطري، أحد أهم القضايا الاستراتيجية التي تواجه أمتنا العربية اليوم. وقد كرس "المركز العربي للدراسات الاستراتيجية" إحدى ندواته التي عقدت في دمشق تحت عنوان (القومي والقطري في الفكر والممارسة في الوطن العربي) في تشرين الثاني 1996م لهذه القضية، وخرجت الندوة باستخلاصات مهمة، وكان من بين ما اقترحته، تكثيف النضال من أجل إيجاد رابطة شعبية عربية موازية لجامعة الدول العربية، وكذلك الدعوة إلى عقد مؤتمر للقوى القومية العربية تبحث في أسباب الاختلاف فيما بينها، وتلمس السبل إلى توحيد جمهورها بوجه التحديات العاتية التي تواجه أمتنا العربية. وأستطيع القول أن الدولة القطرية في ظل توجهات عقلانية وقومية قد استطاعت في مجالات عديدة أن تؤدي وظائف إيجابية في سياق النضال القومي العربي العام.‏
                  وتستطيع اليوم أن تقوم بدور أكبر من ذلك إذا ترابطت مع المشروع القومي العربي، إذ أن الدولة القطرية نفسها باتت الآن مهددة بالتجزئة في أكثر من قطر عربي، ولا خلاص لها إلا بالارتباط بالأمة ونضالها العام.‏
                  س5-في رأيكم، وعلى ضوء المستجدات السياسية الراهنة.. كيف ترون أشكال الخروج من المأزق؟‏
                  ج5-أعتقد أن التوجه إلى شكل ممكن من الوحدة -أمر لا بد منه للخروج من الأزمة التي يعيشها العرب في أواخر القرن العشرين، ويجب ألا يثنينا فشل التجارب الوحدوية السابقة عن النضال المجدد من أجل تحقيق هذه المهمة التاريخية.‏
                  والمأزق الحالي الذي تعيشه الأمة ليس قدراً لا راد له، إنما هو عملية يمكن أن تتغير بتغير الشروط، أما كيفية حدوث ذلك؟ فيتم عبر مشروع سياسي ثقافي نضالي غاية في التعقيد لكنه ليس مستحيل التحقيق، وأعتقد أن الحوار هو المدخل الأساسي لإنجازه، الحوار بين كل القوى والتيارات وأصحاب الفعاليات السياسية الاجتماعية والثقافية في الوطن العربي تمهيداً لصياغة بنود هذا المشروع العربي القومي الحضاري، حوار جدي للوصول إلى خلق شروط مناسبة لقيام نهضة عربية شاملة.‏
                  وكخطوة على هذا الطريق فإن مركزنا: "المركز العربي للدراسات الاستراتيجية" سيكرس مؤتمره السنوي الثالث للبحث في هذه القضية المصيرية، وإيجاد مدخل فعلي لتجديد المشروع الحضاري العربي الذي نستطيع بواسطته الدخول إلى القرن الواحد والعشرين ومواجهة تحدياته العظيمة.‏

                  إذا الشعب يوما أراد الحياة
                  فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                  و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                  و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                  تعليق


                  • #10
                    رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

                    أجوبــة الرئيـس اليمــني (الجنوبي) الأســــبق علـــي ناصــــر محمــــــد
                    س1- لماذا هزمنا؟! وأية عوامل ترونها أسباباً في انحسار المشروع الوطني الفلسطيني بدءاً من تحرير كامل فلسطين وصولاً إلى المرحلة الراهنة؟‏
                    ج1- أولاً: من وجهة نظري أن هزيمة العرب الأولى في عام 1948م بالرغم من العدالة التاريخية لقضية فلسطين والحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، ونبل المقاصد وحسن طوية الدول العربية إلا أن العرب لم ينجحوا قط في تكوين استراتيجية عملية لاسترداد فلسطين، بعكس العملية الصهيونية التي كانت تمتلك مشروعاً واستراتيجية واضحتين وطويلتي الأمد دأبت على تنفيذها، وفي تحقيق مستقبل صهيوني على الأرض العربية في فلسطين، وفي فرض الأمر الواقع.‏
                    كما أن القوى الاستعمارية التي تحكمت بالعرب، سبب آخر ورئيس للهزيمة، وفي الضعف والتآكل الذي نعاني منه.‏
                    وعلى الرغم من أن إسرائيل كيان غريب عن الجسم العربي تراثاً وفكراً وحضارة وديانة وعادات وتقاليد، ويكاد اندماجها أمراً مستحيلاً في المجتمع العربي -الإسلامي، إلا أننا وبكل أسف استسلمنا لمنطق الرفض المطلق هذا، ولم نحاول أن ندرس عدونا من الداخل، وكان ذلك نوعاً من انعدام الرؤية السياسية الذي ساد لفترة طويلة من الزمن وربما لا زال سائداً لدى البعض في أماكن مختلفة.‏
                    وعلى سبيل المثال، لم يكن يوجد في الوطن العربي مركز عربي واحد لدراسة إسرائيل، وأول مركز من هذا النوع أمر بإنشائه الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر عقب هزيمة حزيران 1967م.. وهذا معناه أننا كنا نحارب عدواً لا نعرف عنه شيئاً سوى أنه غاصب يحتل أرضنا الحبيبة فلسطين، ويحب أن نخرجه بالقوة، وهذا المنطق هو الذي جرنا إلى الهزيمة تلو الهزيمة.‏
                    لكن الشعب العربي الفلسطيني والشعب العربي عموماً، لم يقبل بالهزيمة، وهذا أمر مهم جداً، فعندما تهزم من الداخل، تكون الهزيمة كاملة، ويعقبه اليأس والاستسلام!، أما أن تخسر معركة أو حرباً نتيجة عدة عوامل تضافرت معاً، فذلك أمر يحدث كثيراً في تاريخ الصراعات البشرية، ولا يعني هذا نهاية الصراع، لأن هذه عملية طويلة، وضارية، ومعقدة، وتأخذ مداها الزمني وبعدها التاريخي، وعندي أن نقطة الذروة في النضال الفلسطيني والعربي في الصراع مع العدو الصهيوني كانت ثورة أطفال الحجارة التي أثارت القلق في إسرائيل، ولم تستطع مؤسسات القمع الإسرائيلية بكل قوتها وعنفها أن تكسر أيدي أطفال الحجارة وشباب الانتفاضة الذين حركوا الاهتمام والرأي العام العالمي على حقيقة ما يجري في الأراضي العربية المحتلة، ومعنى هذا من وجهة نظري، أن هذه الأمة لم تقبل الهزيمة. ولم تستسلم لها على الرغم من مرور خمسين عاماً على نكبة فلسطين.‏
                    أما أسباب انحسار المشروع الوطني الفلسطيني، فلذلك أسباب عديدة، أولها أن الانحسار لا يقتصر على المشروع الوطني الفلسطيني بمفرده، بل إن حركة المد القومي العربي، والمشروع النهضوي الحضاري العربي الذين شهدا ذروتهما في الخمسينيات والستينيات من هذا القرن، شهدا هما الآخران انحساراً منذ السبعينيات، وتحديداً بعد هزيمة يونيو 1967م ووفاة الزعيم العربي جمال عبد الناصر في عام 1970م.‏
                    إذن انحسار المشروع الوطني الفلسطيني هو نتيجة حالة عامة تمر بها الأمة العربية كلها، وليس الفلسطينيون وحدهم، ثم هناك التغيرات الإقليمية والدولية التي طرأت على العالم وألقت بظلها على المنطقة وعلى القضية الفلسطينية على وجه التحديد.‏
                    نتائج حربي الخليج الأولى والثانية وانهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية وبروز ما يعرف بالقطب الدولي الواحد الذي يتحكم في السياسة الدولية.‏
                    س2-بعد مائة عام على قيام الصهيونية كحركة سياسية.. هل ترون أن المشروع الصهيوني قد تغير، وما هي أبرز ملامح التغيير فيه إن وجدت؟‏
                    ج2-لقد مرت مائة عام على مؤتمر بال الصهيوني، وخمسون عاماً على اغتصاب فلسطين وغرس الدولة اليهودية في قلب الوطن العربي، وأعتقد أن الحركة الصهيونية قد عاشت أكثر مما ينبغي أن تعيش، فكل أيديولوجية مهما كانت، عاجلاً أم آجلاً لا بد وأن تتآكل، أو تأكل نفسها، والأيديولوجية الصهيونية في هذا المجال تخطت كل المقاييس، لأنها عاشت وقتاً أطول حتى من الشيوعية التي لفظت أنفاسها الأخيرة بانهيار الاتحاد السوفييتي.‏
                    يقيني أن الأيديولوجية الصهيونية (وإن كانت ستشهد مراحل من التطور) فإنها إلى زوال هي الأخرى خاصة أننا نعيش عصر نهاية الأيديولوجية. فهي تخفي في داخلها مخاطر جدية ليس على محيطها الذي يرفضها ويلفظها فحسب، بل على المجتمع الإسرائيلي نفسه، وأظن أن المشروع الصهيوني إلى اضمحلال، فإسرائيل التي قامت على الاغتصاب، وعلى التوسع بإنشاء إسرائيل الكبرى، تستميت الآن كي تؤخر انسحابها من بضعة كيلو مترات في كل مرة من أراضي الضفة الغربية... وهذا معناه أن الحلم الإسرائيلي الكبير (من النيل إلى الفرات) قد تبدد أو هو يتبدد.‏
                    س3-ما هو تأثير الاتفاقيات المبرمة بين إسرائيل وعدة أطراف عربية: كامب ديفيد، وادي عربة، واتفاقيات أوسلو على مجرى الصراع العربي الصهيوني؟‏
                    ج3-أعتقد أن أي اتفاقيات، سواءاً تلك التي وقعت، أو التي ستوقع، لا تستند إلى مقتضيات الشرعية الدولية العامة، والقرارات الدولية الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، ولا تضمن بالتالي الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، وسيكون مآلها الفشل، وستكون آثارها السلبية وخيمة على مجريات الصراع العربي- الصهيوني، وإذن لا بد أن يكون السلام شاملاً وعادلاً، ويؤدي إلى انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة، من الجولان وجنوب لبنان والأراضي الفلسطينية، وإلى قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس. وهذا يتطلب موقفاً عربياً موحداً في مواجهة المشروع الإسرائيلي.‏
                    س4-كيف ترون ضرورة الربط بين الخاص الوطني، والعام القومي من أجل بناء الجبهة الوطنية الشعبية العربية العريضة لمقاومة المشروع الصهيوني سياسياً واقتصادياً وثقافياً؟‏
                    ج4-أولاً، أرى ضرورة إبعاد نظرة التناقض بين هذين البعدين، الخاص الوطني، والعام القومي، وهذا يتطلب آلية لحل التناقض، ولن يكون ذلك ممكناً إلا عن طريق التعاون والتكامل العربي. مما يتطلب رسم استراتيجية عربية قادرة على مواجهة تحديات ليس المشروع الصهيوني فحسب، بل وتحديات القرن المقبل، وأعتقد أن مسألة القومي والقطري، أحد أهم القضايا الاستراتيجية التي تواجه أمتنا العربية اليوم. وقد كرس "المركز العربي للدراسات الاستراتيجية" إحدى ندواته التي عقدت في دمشق تحت عنوان (القومي والقطري في الفكر والممارسة في الوطن العربي) في تشرين الثاني 1996م لهذه القضية، وخرجت الندوة باستخلاصات مهمة، وكان من بين ما اقترحته، تكثيف النضال من أجل إيجاد رابطة شعبية عربية موازية لجامعة الدول العربية، وكذلك الدعوة إلى عقد مؤتمر للقوى القومية العربية تبحث في أسباب الاختلاف فيما بينها، وتلمس السبل إلى توحيد جمهورها بوجه التحديات العاتية التي تواجه أمتنا العربية. وأستطيع القول أن الدولة القطرية في ظل توجهات عقلانية وقومية قد استطاعت في مجالات عديدة أن تؤدي وظائف إيجابية في سياق النضال القومي العربي العام.‏
                    وتستطيع اليوم أن تقوم بدور أكبر من ذلك إذا ترابطت مع المشروع القومي العربي، إذ أن الدولة القطرية نفسها باتت الآن مهددة بالتجزئة في أكثر من قطر عربي، ولا خلاص لها إلا بالارتباط بالأمة ونضالها العام.‏
                    س5-في رأيكم، وعلى ضوء المستجدات السياسية الراهنة.. كيف ترون أشكال الخروج من المأزق؟‏
                    ج5-أعتقد أن التوجه إلى شكل ممكن من الوحدة -أمر لا بد منه للخروج من الأزمة التي يعيشها العرب في أواخر القرن العشرين، ويجب ألا يثنينا فشل التجارب الوحدوية السابقة عن النضال المجدد من أجل تحقيق هذه المهمة التاريخية.‏
                    والمأزق الحالي الذي تعيشه الأمة ليس قدراً لا راد له، إنما هو عملية يمكن أن تتغير بتغير الشروط، أما كيفية حدوث ذلك؟ فيتم عبر مشروع سياسي ثقافي نضالي غاية في التعقيد لكنه ليس مستحيل التحقيق، وأعتقد أن الحوار هو المدخل الأساسي لإنجازه، الحوار بين كل القوى والتيارات وأصحاب الفعاليات السياسية الاجتماعية والثقافية في الوطن العربي تمهيداً لصياغة بنود هذا المشروع العربي القومي الحضاري، حوار جدي للوصول إلى خلق شروط مناسبة لقيام نهضة عربية شاملة.‏
                    وكخطوة على هذا الطريق فإن مركزنا: "المركز العربي للدراسات الاستراتيجية" سيكرس مؤتمره السنوي الثالث للبحث في هذه القضية المصيرية، وإيجاد مدخل فعلي لتجديد المشروع الحضاري العربي الذي نستطيع بواسطته الدخول إلى القرن الواحد والعشرين ومواجهة تحدياته العظيمة.‏

                    إذا الشعب يوما أراد الحياة
                    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                    تعليق


                    • #11
                      رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

                      أجوبــــة الدكــتور
                      حـــيدر عـــبد الشــــافي‏
                      كبير المفاوضين الفلسطينيين في مباحثات واشنطن‏
                      عضو المجلس التشريعي الفلسطيني.‏
                      1-إن أسباب الهزيمة ترجع إلى عوامل ذاتية وأخرى خارجية. فالأسباب الذاتية هي عدم كفاءة القيادات المتعاقبة وإخفاقها فيما يلي:‏
                      1-الارتفاع فوق الطموحات الذاتية وتأكيد كل اعتبارات الوحدة في مواجهة العدوان الخارجي.‏
                      2-القصور عن متابعة نشاطات العدو والوقوف على استراتيجياته ومشاريعه في تحقيق هدفه العدواني.‏
                      3-القصور عن توجيه الجماهير بأبعاد الهجمة العدوانية وما تبيته من أخطار.‏
                      4-عدم القدرة على تنظيم الجماهير وتعبئة الطاقات الشعبية بشكل منظم وهادف‏
                      5-تقاعس القيادات اللاحقة عن العمل على الاستفادة من تجارب وأخطاء القيادات السابقة واستخلاص الدروس الهامة وبالتالي إفساح المجال لتكرار الأخطاء.‏
                      6-عدم الاهتمام بتأكيد وتفعيل البعد القومي للعدوان وبذلك إبقاء الأبواب مفتوحة للطموحات الإقليمية والفردية والتي نعاني منها حتى اليوم.‏
                      7-التقاعس عن بذل الجهد الإعلامي المنظم على أسس حديثة لدحض أكاذيب وتشويهات العدو خصوصاً في مجتمعات أوروبا وأمريكا والتي شكلت أحد أخطر أسلحة الصهيونية.‏
                      أما الأسباب الخارجية فهي:‏
                      1-كفاءة القيادات الصهيونية وقدرتها على التنظيم والتخطيط والإعداد المسبق لكل الاحتمالات.‏
                      2-الالتزام بحد أدنى من ديمقراطية التنظيم والتقرير.‏
                      3-توافق الهدف الصهيوني مع تطلعات الدول الاستعمارية في المنطقة وما نتج عنه من تبني بريطانيا للمخطط الصهيوني.‏
                      4-تفوق القدرة الاستعمارية الصهيونية المشتركة على الإمكانيات المادية والعسكرية للجانب الفلسطيني.‏
                      11 لا ألمس أي تغيير في المشروع الصهيوني. وإذا بدا على السطح أن هناك تغيير فهذا يرجع إلى ما تميزت به الاستراتيجية الصهيونية بالقدرة على الصبر وانتظار الفرص المناسبة. ومن الغباء أن يظن أو يتصور أحد بأن مطامع الصهيونية قد توقفت أو انتهت.‏
                      111 إن المبادرة السلمية التي انفرد بها السادات قد أثبتت عدم جدواها حيث استغلتها إسرائيل لمزيد من العدوان على الشعب الفلسطيني: الشروع في البرنامج الاستيطاني الطموح في الضفة الغربية. كذلك اتفاق أوسلو الذي زف إلى العالم بأسره على أنه أزال المصاعب وأن السلام المنشود قد أصبح على الأبواب، قد أفضى إلى ثغرة أخرى بإبرام اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية وكاد أن يفتح الأبواب على مصراعيها لتطبيع واسع بين إسرائيل والعالم العربي لولا أن حدث التدارك لهذا الأمر. من المؤسف أن يستمر قدر من التطبيع مع إسرائيل في ظل الإخفاق السياسي وتمرد إسرائيل على كل المبادئ والاتفاقات.‏
                      1v إن ما أقر به وأكده الجميع من أن البعد القومي للعدوان الصهيوني هو أمر لا شك به.‏
                      ولهذا لا يمكن التصدي للمأزق الحالي إلا بإعادة وتفعيل البعد القومي، بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية وإذا ألزمتنا إسرائيل بعنادها، فالعسكرية أيضاً.‏
                      v الخروج من المأزق بحاجة ملحة إلى جهد قومي (فلسطيني عربي) منظم ينزع إلى البعد عن النزعات الإقليمية والذاتية والأخذ بمبدأ المشاورة والديمقراطية والبعد عن الانفعال والارتجال.‏
                      غزة في 3/3/1998‏
                      الدكتور حيدر عبد الشافي‏

                      إذا الشعب يوما أراد الحياة
                      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                      تعليق


                      • #12
                        رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

                        أجوبــــة الدكــتور
                        حـــيدر عـــبد الشــــافي‏
                        كبير المفاوضين الفلسطينيين في مباحثات واشنطن‏
                        عضو المجلس التشريعي الفلسطيني.‏
                        1-إن أسباب الهزيمة ترجع إلى عوامل ذاتية وأخرى خارجية. فالأسباب الذاتية هي عدم كفاءة القيادات المتعاقبة وإخفاقها فيما يلي:‏
                        1-الارتفاع فوق الطموحات الذاتية وتأكيد كل اعتبارات الوحدة في مواجهة العدوان الخارجي.‏
                        2-القصور عن متابعة نشاطات العدو والوقوف على استراتيجياته ومشاريعه في تحقيق هدفه العدواني.‏
                        3-القصور عن توجيه الجماهير بأبعاد الهجمة العدوانية وما تبيته من أخطار.‏
                        4-عدم القدرة على تنظيم الجماهير وتعبئة الطاقات الشعبية بشكل منظم وهادف‏
                        5-تقاعس القيادات اللاحقة عن العمل على الاستفادة من تجارب وأخطاء القيادات السابقة واستخلاص الدروس الهامة وبالتالي إفساح المجال لتكرار الأخطاء.‏
                        6-عدم الاهتمام بتأكيد وتفعيل البعد القومي للعدوان وبذلك إبقاء الأبواب مفتوحة للطموحات الإقليمية والفردية والتي نعاني منها حتى اليوم.‏
                        7-التقاعس عن بذل الجهد الإعلامي المنظم على أسس حديثة لدحض أكاذيب وتشويهات العدو خصوصاً في مجتمعات أوروبا وأمريكا والتي شكلت أحد أخطر أسلحة الصهيونية.‏
                        أما الأسباب الخارجية فهي:‏
                        1-كفاءة القيادات الصهيونية وقدرتها على التنظيم والتخطيط والإعداد المسبق لكل الاحتمالات.‏
                        2-الالتزام بحد أدنى من ديمقراطية التنظيم والتقرير.‏
                        3-توافق الهدف الصهيوني مع تطلعات الدول الاستعمارية في المنطقة وما نتج عنه من تبني بريطانيا للمخطط الصهيوني.‏
                        4-تفوق القدرة الاستعمارية الصهيونية المشتركة على الإمكانيات المادية والعسكرية للجانب الفلسطيني.‏
                        11 لا ألمس أي تغيير في المشروع الصهيوني. وإذا بدا على السطح أن هناك تغيير فهذا يرجع إلى ما تميزت به الاستراتيجية الصهيونية بالقدرة على الصبر وانتظار الفرص المناسبة. ومن الغباء أن يظن أو يتصور أحد بأن مطامع الصهيونية قد توقفت أو انتهت.‏
                        111 إن المبادرة السلمية التي انفرد بها السادات قد أثبتت عدم جدواها حيث استغلتها إسرائيل لمزيد من العدوان على الشعب الفلسطيني: الشروع في البرنامج الاستيطاني الطموح في الضفة الغربية. كذلك اتفاق أوسلو الذي زف إلى العالم بأسره على أنه أزال المصاعب وأن السلام المنشود قد أصبح على الأبواب، قد أفضى إلى ثغرة أخرى بإبرام اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية وكاد أن يفتح الأبواب على مصراعيها لتطبيع واسع بين إسرائيل والعالم العربي لولا أن حدث التدارك لهذا الأمر. من المؤسف أن يستمر قدر من التطبيع مع إسرائيل في ظل الإخفاق السياسي وتمرد إسرائيل على كل المبادئ والاتفاقات.‏
                        1v إن ما أقر به وأكده الجميع من أن البعد القومي للعدوان الصهيوني هو أمر لا شك به.‏
                        ولهذا لا يمكن التصدي للمأزق الحالي إلا بإعادة وتفعيل البعد القومي، بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية وإذا ألزمتنا إسرائيل بعنادها، فالعسكرية أيضاً.‏
                        v الخروج من المأزق بحاجة ملحة إلى جهد قومي (فلسطيني عربي) منظم ينزع إلى البعد عن النزعات الإقليمية والذاتية والأخذ بمبدأ المشاورة والديمقراطية والبعد عن الانفعال والارتجال.‏
                        غزة في 3/3/1998‏
                        الدكتور حيدر عبد الشافي‏

                        إذا الشعب يوما أراد الحياة
                        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                        تعليق


                        • #13
                          رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

                          أجوبـــة الأســـــتاذ/ نـايــــف حواتـمـــة
                          الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين‏
                          جواب السؤال الأول:‏
                          لا أعتقد أنه من الصحيح بمكان تقديم السؤال بصيغة لماذا هزمنا. فنحن حركة تحرر وطنية خضنا ونخوض معركة قاسية في ظل ظروف مغايرة وأمام عدو استيطاني كولونيالي توسعي يشكل ثقلاً كبيراً مدعوماً من قوى الإمبريالية العالمية، التي ترى في مصالحها بالشرق الأوسط مسألة غير قابلة حتى للمساومة.‏
                          نحن نقر ونؤكد بأن التداعيات التي وقعت منذ فترة ليست بالقصيرة في الوضع الفلسطيني كانت بالدرجة الأولى انعكاساً للتراكم المتزايد من التداعيات المتداخلة الفلسطينية -العربية منذ محاصرة ثورة 1936 ونكبة 1948 على يد القيادات الإقطاعية السلطوية في الحركة الفلسطينية والأنظمة الحاكمة العربية، إلى الغزو الشامل للبنان 1982، والتداعيات المتداخلة العربية -العربية التي عصفت بالمنطقة بعد كامب ديفيد وحربي الخليج الأولى والثانية. فضلاً عن الجانب التحالفي في العلاقات الفلسطينية- العربية والعربية- العربية والعلاقات العربية -الأممية، حيث بدأ يشعر كل العرب أهمية التعددية القطبية في السياسة الدولية ولمس الجميع مدى الخسارة التي وقعت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسوء إدارة العلاقات الفلسطينية والعربية مع الاتحاد السوفييتي قبل النكبة الكبرى (1948) وبعدها، بل التواطؤ الواسع مع المعسكر الاستعماري ضد السوفييت (الاقتصادي والمالي والسياسي وفي أفغانستان وغيرها) رغم المساندة السوفيتية لقوى التحرر الفلسطينية والعربية، وعدم توظيف دور السوفييت في العمل لخدمة القضايا الوطنية والقومية لشعوبنا العربية، فالمشروع الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، وقع ضحية السياسات الحمقاء العربية -والسياسة الفئوية الضيقة قصيرة النظر لفريق اليمين الفلسطيني حتى نكبة الـ 48، ويمين الوسط في قيادة م.ت.ف. ومع ذلك يجب أن نعترف بأن المشروع الوطني التحرري للشعب الفلسطيني بقدر ما هو مشروع عظيم وكبير وإنساني، قد قطع أشواطاً طويلة في العملية الصراعية المعقدة ضد الغزو الاستيطاني الصهيوني الذي يحمل مقومات التركيب الأوروبي الحديث والمعاصر ببرمجة خططه وتوحيد قوى التجمعات اليهودية لأكثر من مائة قومية في أصولها الأوروبية، الأميركية، السلافية، الشرقية. وصياغة تحالفات إقليمية ودولية نوعية ومتراكمة مع أوروبا وأمريكا حيث المصالح المشتركة بالهيمنة والتكنولوجيا والعلم المتطور، بينما بلدنا فلسطين وبلدان المشرق العربي عاشت ألف عام من التدهور والانحطاط تحت ضغط الإمبراطوريات الإقطاعية المتخلفة وبعدها الاستعماري البريطاني والفرنسي، ورغم ذلك استطاعت الحركة الوطنية الفلسطينية بعد نكبة 48 وم.ت.ف وخاصة بعد هزيمة 67 من إعادة بناء الشخصية الكيانية التمثيلية للشعب الفلسطيني.‏
                          وفي الإشارة إلى موضوع التحرير الكامل لفلسطين والمآل الراهن، فإن شيئاً من الاختلاط قد وقع بسياق السؤال المطروح، لأن الفكر السياسي الفلسطيني، قد تطور بالضرورة في خضم المشروع الوطني الفلسطيني، بحيث أخذ هذا الفكر يلامس الواقع الملموس بالتحليل الصائب والعقلاني الوطني الذي يستوعب حركة تطور ميزان القوى الفلسطيني- الإسرائيلي الصهيوني والإقليمي والعالمي والفعل الوطني المباشر وصولاً إلى صياغة البرنامج الائتلافي المشترك للشعب والثورة وم.ت.ف.‏
                          من هنا كان الانتقال الطبيعي من مشروع بلا ملامح برنامجية، وبنقاط عامة لا تستطيع أن تؤثر في الخريطة السياسية العربية والدولية، إلى برنامج وطني ملموس أخذ يفعل فعله في الأوساط العربية والأممية وداخل المجتمع الإسرائيلي.‏
                          مع ذلك فالانتكاس والتراجع الراهن في المشروع الوطني الفلسطيني، لا رابط له مع الانتقال من مشروع التحرير الكامل إلى البرنامج الائتلافي للمنظمة، لأن المآل الحالي تحصيل حاصل للسياسات والتداعيات التي عصفت بالمنطقة وانعكاساتها الفلسطينية وتمزيق برنامج الائتلاف الوطني على يد يمين ويمين الوسط في م.ت.ف.‏
                          كان يمكن أن تكون الأوضاع الفلسطينية أفضل مما هي عليه الآن، فيما لو التزم الجميع بالقاسم المشترك الائتلافي الوطني، وتم احترام المساحة الجامعة لأطياف وقوى الثورة وم.ت.ف وصيانة التحالفات الفلسطينية العربية على قاعدة القواسم المشتركة، والدولية على قاعدة قرارات الشرعية الدولية، لكن اليمين ويمين الوسط في م.ت.ف ومجموعة الحركة الوطنية الفلسطينية أخذ ينفلت من المشترك إلى المصلحي الفئوي الضيق والأناني منذ عام 67 وخاصة 77 (زيارة السادات للقدس المحتلة) ولم يتمكن من ذلك إلا عام 91 بعد حرب الخليج الثانية وسلسلة الانقلابات السياسية على يده في م.ت.ف وأشير هنا إلى ضرورة مراجعة كتاب "نايف حواتمة يتحدث" الذي يكشف هذه المرحلة حتى أوسلو ويومنا.‏
                          إننا قطعنا الأيام الصعبة من السنوات السبع الأخيرة العجاف، والآن ندخل مرحلة جديدة، يمكن لها لو توفرت وتحققت وحدة الساحة الفلسطينية في إطار م.ت.ف المعافاة، أن تخدم من جديد مرحلة نهوض وطني فلسطيني يتم فيها تجديد حيوية وانطلاقة المشروع الوطني التحرري للشعب الفلسطيني.‏
                          إننا موجودون على أرض الصراع، والشعب الفلسطيني ما زال بملايينه (3.8) على أرض الضفة والقطاع ومناطق 1948، ونصفه الآخر في الشتات، وهذا الشعب المتجدد في حيويته وعطاءه العظيم، ما زال يشكل المفتاح لأي تسوية أو سلام، فلا سلام إلا به وله ولن ينعم الشرق الأوسط بأي هدوء أو رتابة ما دامت القضية الفلسطينية بعناصرها الأساسية معلقة بالهواء.‏
                          نحن لم نهزم، خسائرنا الاستراتيجية كبرى ومريعة ومرعبة، ورثناها عن قيادة إقطاعية أوتوقراطية لم تحسن أبداً توحيد الشعب بطبقاته وتياراته على الجامع الوطني المشترك حتى عام 48 وانطوت على نفسها بين 48-1967، إلى أن أخذ نهوض المقاومة العاصف مجراه رداً على هزيمة حزيران/ يونيو 1967. بعدها نحن وقعنا في استعماءات وانعطافات التداعيات الناتجة عن السياسات الحاكمة الحمقاء العربية والفلسطينية، والآن من جديد يمكن أن ينهض المشروع الفلسطيني فالشعب الفلسطيني ما زال حياً وقائماً وما زالت القضية هي القضية بثخانة جراحها وآلامها.‏
                          إن مشهد حركة الصراع مفتوح، لم يغلق بعد على خاتمة ما، والدلائل صارخة رغم مظالم أوسلو/ وبروتوكول الخليل، لنرصد معاً سياق الصراع ضد تطبيقات أوسلو الظالمة من نهب ومصادرة الأرض والاستيطان إلى الحصار والخنق الاقتصادي إلى تهويد القدس الكبرى وشطر مدينة خليل الرحمن وفتح قلبها لتنامى بؤُر الاستيطان، لنرصد معاً انتفاضة عمال قطاع غزة عند حاجز بيت حانون (ايرتز) 1994، انتفاضة الأقصى 96، انتفاضة الخليل -بيت لحم- شرق نابلس- المواصي من خان يونس حتى رفح 97-1998. وصراع الشعب وقواه الحية المنظمة ضد القمع المزدوج (الاحتلال وسلطة الحكم الذاتي) والإصرار على إعادة بناء الوحدة الوطنية للشعب والبرنامج المشترك ومؤسسات الائتلاف الوطني م.ت.ف.. إن كل هذا يؤشر إلى مرحلة من النهوض الوطني تعتمل الآن، ويؤشر إن الصراع مفتوح فالهزيمة تعني بصراحة "أرمنة وأسرلة الشعب" و"صوملة" مناطق الحكم الذاتي ليكون فصل الختام بدلاً عن تطبيق قرارات الشرعية الدولية بحق تقرير المصير والدولة والعودة عملاً بـ 342-338-194-227.‏
                          جواب السؤال الثاني:‏
                          علينا أن نقر ونعترف بأن المشروع الصهيوني قد نجح في تحقيق خطوات استراتيجية ملموسة كبيرة جداً نتيجة ظروف محلية وإقليمية عربية ودولية، أشرنا لها هنا، أسهمت في خدمة تقديم وإسناد وتكريس لبنات المشروع الصهيوني فوق الأرض الفلسطينية وعلى حساب الشعب الفلسطيني وشعوب أمتنا العربية، فضلاً عن التردي وسوء إدارة الصراع في مواجهة عملية الغزو والاستيطان الصهيوني الكولونيالي لبلدنا وأقطار المشرق العربي من قبل أبناء المنطقة وخاصة الأجنحة السلطوية الإقطاعية والرأسمالية المتخلفة، والجناح البرجوازي الوطني في حركة التحرر الفلسطينية والعربية الذي وصل إلى مواقع الحكم في عواصم المشرق العربي وفي م.ت.ف.‏
                          فالمشروع الصهيوني ما كان له أن يحقق الخطوات الملموسة وإقامة الدولة اليهودية الصهيونية فوق أرض فلسطين، إلا بعد أن توفرت الظروف الموضوعية المحيطة بفلسطين والعالم العربي آنذاك، وفقدان الشعب الفلسطيني لحركته الوطنية الموحدة والقادرة على توجيه وقيادة عملية الصراع.‏
                          ومع التطور الذي حصل منذ نكبة 1948 التي نعيش ذكراها الخمسين، فإن المشروع الصهيوني تعرض بالضرورة لعدد من العوامل والمتغيرات دفعت بأطراف في الحركة الصهيونية من قوى وأحزاب للحديث عن حلول سلمية للصراع في الشرق الأوسط من وجهة تعتبر متقدمة قياساً لما كان يطرح وما زال على يد قوى اليمين التوراتي الصهيوني. فحزب العمل أصبح الآن يعترف ويقر بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني (كشعب) منذ العام 1988 بعد أن كانت قياداته تكرر "فلسطين كانت في الماضي أما الآن فهي إسرائيل والأردن وعلى اللاجئين الاندماج في البلدان التي يعيشون فيها"، أي "الأرمنة والاسرلة". كما برزت بعض الأطراف (راتس، شينوي، بام) لذلك يمكن الحديث عن تطور مفروض على أطياف وكتل حزبية وقوى سياسية صهيونية، كانت في السابق لا تقبل بمبدأ الصوت الآخر للشعب الآخر فوق أرضه (أي الشعب الفلسطيني)، ونعتقد بأن هذا التطور وبحدوده النسبية في انحسار المشروع الصهيوني إلى حدود معينة، ما كان ليقع لولا المسيرة الطويلة من الكفاح الوطني الفلسطيني المعبد بالتضحيات الجسام ولولا تمسك أكثر من (2.5) مليون فلسطيني بالبقاء فوق أرضهم الوطنية في الضفة والقدس وغزة ومناطق 1948- ولولا نضال الشعوب والجيوش العربية وعشرات آلاف الشهداء، ولولا التضامن الأممي الواسع وخاصة السوفيتي الذي انتقل بقضيتنا وحقوقنا الوطنية من قضية محلية وإقليمية إلى قضية دولية وعلى نطاق كل العالم والحركة الثورية العالمية.‏
                          إن ملامح التغير المفروض في الموقف الصهيوني لعديد القوى الإسرائيلية، بدأ بالتعبير عن نفسه بانحسار المشروع الصهيوني إلى حدود معينة كما أسلفت وفي الإقرار بوجود الشعب الفلسطيني بعد أن كان نسياً منسياً في قاموس كل أحزاب وقوى وكتل الدولة الصهيونية بعد كارثة 1948.‏
                          في الجانب الآخر فإن رؤية بعض القوى والأحزاب الصهيونية بدأت تتجه لإقامة ومد العضلات الإسرائيلية التكنولوجية إلى عموم المنطقة بدلاً من التوسع في الأرض المحيطة بفلسطين. وهذا ما ينضح به مشروع شمعون بيرس المعروف تحت عنوان "الشرق الأوسط الجديد" ومشروع عديد الأوساط الصهيونية الأقل يمينية نحو "نظام إقليمي جديد" بين دول الشرق الأوسط بدلاً عن أصولية المشروع الصهيوني التوسعي على ضفتي نهر الأردن وأجزاء من الجولان إضافة إلى خطة ضم أجزاء من سيناء (مدينة يميت ومستوطنات سيناء) قبل الحل الثنائي الإسرائيلي/ المصري (كامب ديفيد).‏
                          المشهد الإسرائيلي الصهيوني يشير إلى أن الصراع داخل المشروع الصهيوني لا زال مفتوحاً، بين وقت التوسع أو مواصلته، بين اقتسام الضفة والقطاع أم كل الضفة وأجزاء من القطاع، بين مواصلة أوروبية المشروع وأمركته أي التوسع أكثر فأكثر في الأرض المحتلة وبين التحول إلى دولة شرق أوسطية تستعيض عن التوسع المتزايد في الأرض بالتوسع التكنولوجي والاقتصادي.‏
                          جواب السؤال الثالث:‏
                          الاتفاقيات الجزئية والمتفردة التي تم توقيعها في أوسلو ووادي عربة وقبل ذلك في كامب ديفيد. جاءت في سياق تفكك مسارات التفاوض العربية مع العدو الإسرائيلي، ونجاح الدولة الصهيونية في استفراد الطرف تلو الآخر من الأطراف العربية.‏
                          الاتفاقيات الجزئية، كانت بمثابة ثمار سامة تحاول الآن دولة الاحتلال تعميمها في المفاوضات مع سوريا من خلال اعتبار الجولان أرضاً متنازعاً عليها، كما تم في اتفاق أوسلو الذي حول الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 من أرض محتلة وفق قرارات الشرعية الدولية بما فيها القرار 242 و 338، إلى أراضي متنازع عليها، وفق اتفاق أوسلو الظالم، كما أن حكومات رابين -بيرس ثم نتنياهو تعمل على تعميم نموذج وادي عربة (ضم وبيع أراضي أو تأجير أو..) مع التفاوض حول خطة تقسيم سايكس بيكو بين سورية وفلسطين الانتدابية بدلاً من العودة إلى خط 4حزيران 1967 وهذا ما يؤدي على الفور إلى خسارة أكثر من 35% من هضبة الجولان وضمها للدولة الصهيونية، وهذه المساحة من الهضبة تمثل المناطق المائية والزراعية من أرض الجولان.‏
                          إن الاتفاقيات الجزئية والمنفردة فتحت الأبواب مشرعة أمام إسرائيل لإقامة العلاقات والتواصل مع دول العالم وبعض الدول العربية، بحجة أن السلام قد حل ووقع، وهنا فإن أكثر من (50) دولة في العالم اعترفت أو أعادت علاقاتها التي كانت قد قطعتها مع الدولة الإسرائيلية (تضامنا مع كفاح الشعب الفلسطيني)، بعد توقيع اتفاقيات "أوسلو، وادي عربة" وفي المقدمة دول مثل الصين، والهند، فيتنام، كازخستان، أوزبكستان، اذربيجان.. الخ كانت تربط الاعتراف والعلاقة مع الدولة العبرية باستجابتها لحق شعبنا بتقرير المصير والدولة المستقبلة بعاصمتها القدس وعودة اللاجئين. وفتحت هذه الاتفاقيات بالتنازلات الكبرى التي تم تقديمها شهية التوسع ونمو اتجاهات التطرف في إسرائيل التي أرادت كسب المزيد من التنازلات. وأقول لكم بأنه منذ توقيع اتفاق أوسلو الأول في 13/9/1993 وحتى نهاية العام 1997 فإن أكثر من (450) ألف دونم تم مصادرتها لأغراض التهويد والاستيطان، حيث لم يشفع للأرض الفلسطينية الاتفاقيات الموقعة. كما لم تحصل شعوب بلادنا على "السمن والعسل" الناجم عن اتفاقيات السلام الهش التي تم توقيعها، فالأوضاع الحياتية والاقتصادية لشعوبنا تردت أكثر فأكثر بالرغم من الكلام الممجوج عن زمن السلام والبحبوحة والرفاه.‏
                          على يقين كامل نحن مقدمون على انفجارات لها بداية وليس لها نهاية محددة. فضغط الاحتلال واملاءاته وزحف عمليات التهويد والاستيطان بمثابة صواعق كبيرة يتم وضعها فوق برميل البارود التي ينمو ويتسع كل يوم على امتداد منطقة الشرق الأوسط من فلسطين وصولاً إلى الخليج حيث الأساطيل وبوارج العربدة الأمريكية والبريطانية.‏
                          إن مستقبل الصراع العربي -الإسرائيلي لن تكون خاتمة اتفاقيات الذل والإذعان والتفرد، فالشعب يكبو ويتهيأ وينطلق للدفاع عن مصالحه وحقوقه في نهاية المطاف.. وعلى الذين وقعوا الاتفاقيات الجزئية والمنفردة دون إرادة أو استفتاء شعوبهم حول القضايا المصيرية، عليهم أن يراجعوا أنفسهم، ويقفوا أمام شعوبهم وقفة نقدية ويعتذروا من شعوبهم والعرب والعالم على كسر قرارات الشرعية الدولية والتراجع عنها بحثاً عن حلول جزئية منفردة بعيدة جداً عن السلام الشامل المتوازن في هذه المرحلة والقائم على انسحاب العدو من جميع الأراضي المحتلة بعدوان 1967 إلى ما وراء خطوط 4حزيران /يونيو 1967 وضمان حق شعبنا بتقرير المصير والاستقلال وعودة اللاجئين وفق القرارين الأمميين 242و237، لأن ما بشروا به من سلام الرخاء لم يأت سوى بالمزيد من نهب وتهويد الأرض وتعدد اخطبوط الاستيطان وفتح شهية اليمين الصهيوني التوسعية في الضفة والقطاع والجولان... الخ والمعاناة والجمود الاقتصادي في الأردن وسورية ولبنان، والجوع والبطالة والحصار لاقتصادي في الضفة والقطاع فضلاً عن القمع المزدوج لحركة شعبنا الوطنية على يد الاحتلال وسلطة الحكم الذاتي.‏
                          جواب السؤال الرابع:‏
                          منذ أوائل السبعينات، قدمنا اجتهادنا حول هذه المعضلة التي واجهت حركة المقاومة الفلسطينية وم.ت.ف وأكدنا أكثر من مرة بأن الربط بين الخاص والعام، بين الوطني القطري- والقومي ضرورة لا غنى عنها ولا بد منها، حيث تتداخل وتتشابك عوامل الصراع في المنطقة بين شعوبنا والغزو الاستيطاني الصهيوني فضلاً عن الغزو الإمبريالي الأمريكي متعدد الأشكال والأنماط.‏
                          فمقاومة المشروع الصهيوني ووقف زحفه وتمدده، والنهوض بالأوضاع الفلسطينية والعربية، يتطلب فعلياً الربط الديالكتيكي المحكم بين طرفي المعادلة، الوطني القطري والعام القومي، والاتفاقيات الثنائية والجزئية من كامب ديفيد إلى أوسلو ووادي عربة أسهمت بإحداث الاختلال في المعادلة العربية -العربية، معادلة الترابط بين القومي- والوطني القطري (العام- والخاص) لذا شاهدنا مسلسل التراجعات والانتكاسات المتتالية التي أصابت الجسد العربي ومنطقة الشرق الأوسط، فالاتفاقيات تم توقيعها، "ولكن لا سلام الشرعية الدولية أخذ مكانه ولا حل السلام بإنجازاته"، بل على العكس كما أسلفنا سابقاً فإن شهية التوسع والعدوان وتحقيق المكاسب الجديدة فتحت في الدولة الصهيونية.‏
                          إننا دعونا وما زلنا ندعو ونعمل لمؤتمر عام على مستوى الوطن العربي وبخاصة الدول المشرقية تتمثل في كل القوى والأحزاب والفعاليات والشخصيات الروحية الإسلامية والمسيحية ورجال الفكر والبرلمانات، لتأسيس حالة على امتداد المنطقة لمقاومة وفضح وتعرية المشروع الصهيوني والوقوف في وجه سلام القوة والغطرسة الإسرائيلي.‏
                          هذه التحركات الشعبية يمكن لها أن تعطي نتائج إيجابية، فالأنظمة ترتعد دوماً عندما ترى زحف الشعوب وإصرارها بالدفاع عن مصالحها وحقوقها، هذا ما لمسناه واضحاً أثناء أزمة المفتشين الدوليين في العراق وأزمة العراق الأخيرة مع الأمم المتحدة، حين فرض نهوض الشارع الوطني في مصر والأرض الفلسطينية المحتلة ولبنان وعدد من بلدان الخليج وغيرها مواقف تتسم بالإيجابية في مواجهة التحضيرات الأمريكية والبريطانية للعدوان الشامل على العراق.‏
                          إن خطوة بناء المؤتمر العام والمؤتمرات الشعبية الفرعية في كل بلدان العالم العربي وبالعمل ينبثق عنها برنامج قاسم مشترك قومي وقطري وأمانات مركزية وقطرية، لا يمكن أن تتم بين لحظة وأخرى، بل تتطلب العمل الجاد والمثابر من قبل الأحزاب والقوى لتثير حركة الشعب والشارع في العملية الوطنية الديمقراطية.‏
                          والوجه الآخر لهذه العملية عقد قمة مصالحة عربية -عربية تشتق "مشترك المصالح العليا" بين الأقطار العربية وفي المقدمة محاصرة المشروع التوسعي الصهيوني وغلق نوافذ التطبيع معه حتى يرتدع ويرحل عن الأرض المحتلة عام 1967 وينزل عند الشرعية الدولية، بحق شعبنا الفلسطيني بتقرير المصير والدولة وعاصمتها القدس العربية وعودة اللاجئين والنازحين بموجب القرارين الأمميين 194-237.‏
                          إن جسر القمة الشاملة العربية هو المراجعة النقدية الشجاعة لكل طرف بما فيه نحن الفلسطينيين مع خطايا وأخطاء قبل مدريد وبعدها، قبل أوسلو وبعدها لنعيد بناء العلاقة الحية بين الوطني والعربي القومي، بين الخاص والعام على قاعدة المصالح المشتركة.‏
                          جواب السؤال الخامس:‏
                          تسأل عن الخروج من المأزق الراهن، ونحن نجيب بالتالي:‏
                          المواجهة لم تتوقف أبداً بين قوى الصمود والقوى الوطنية العربية على امتداد المنطقة بكل تلاوينها السياسية والطبقية والأيديولوجية مع دولة الاحتلال والسياسة الأمريكية. فنحن المتضررين ويومياً ندفع الثمن الباهظ. لذلك فإن أشكال المجابهة موجودة وستستمر بأنماط مختلفة تبعاً للظروف والمعطيات، من جانب آخر أقرب لكم بأن الحال العربي الراهن "لا يسعد خاطراً ولا يسر صديقاً" فهو حال مفكك رغم المناخات الإيجابية التي بدأت تشق طريقها منذ فترة ليست بالقصيرة، والهجمة الانكلوامريكية في الخليج ولكنها بمكيالين، للعرب مكيال ولإسرائيل آخر، وإصرار الدولة العبرية على التمسك بموقفها وخطابها السياسي المعادي فعلياً للسلام الشامل والمتوازن "سلام الشرعية الدولية" إن كل ذلك يتطلب إعادة الحياة إلى الروح العربية المشتركة وإلى التضامن العربي -العربي والسير بخطوات فعلية ملموسة نحو المصالح العربية -العربية الشاملة فقد طال الحداد ووجب على الجميع إسدال الستار على الماضي الأليم والنظر بعين متفائلة إلى المستقبل وإلى المصالح القومية العليا بروح النقد الشجاع، وفي المقدمة نقد الذات الفلسطينية واعتذار فريق أوسلو الفلسطيني من شعبنا والأمة العربية على التفرد والانفراد وإغراق قضيتنا والعرب في متاهات الصفقات الجزئية والمنفردة وفك العلاقة بين القضية الفلسطينية وقضايا الصراع العربي -الإسرائيلي الصهيوني.‏
                          نعتقد أن هناك ضرورة وطنية وقومية وأخلاقية، مصلحية، لعقد قمة عربية -عربية شاملة وبحضور الجميع لإرساء المناخ الإيجابي في العلاقات العربية -العربية، وعلى طريق نظام أمن يحفظ ويصون العلاقات العربية ويؤسس للحدود الدنيا من التفاوض المشترك. هذا الأمر يحتاج إلى جهود مخلصة وإلى دور القوى العربية المؤثرة صاحبة الوجهة والدور الإقليمي والمتضررة من كل الكوارث التي وقعت..‏

                          إذا الشعب يوما أراد الحياة
                          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                          تعليق


                          • #14
                            رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

                            أجوبـــة الأســـــتاذ/ نـايــــف حواتـمـــة
                            الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين‏
                            جواب السؤال الأول:‏
                            لا أعتقد أنه من الصحيح بمكان تقديم السؤال بصيغة لماذا هزمنا. فنحن حركة تحرر وطنية خضنا ونخوض معركة قاسية في ظل ظروف مغايرة وأمام عدو استيطاني كولونيالي توسعي يشكل ثقلاً كبيراً مدعوماً من قوى الإمبريالية العالمية، التي ترى في مصالحها بالشرق الأوسط مسألة غير قابلة حتى للمساومة.‏
                            نحن نقر ونؤكد بأن التداعيات التي وقعت منذ فترة ليست بالقصيرة في الوضع الفلسطيني كانت بالدرجة الأولى انعكاساً للتراكم المتزايد من التداعيات المتداخلة الفلسطينية -العربية منذ محاصرة ثورة 1936 ونكبة 1948 على يد القيادات الإقطاعية السلطوية في الحركة الفلسطينية والأنظمة الحاكمة العربية، إلى الغزو الشامل للبنان 1982، والتداعيات المتداخلة العربية -العربية التي عصفت بالمنطقة بعد كامب ديفيد وحربي الخليج الأولى والثانية. فضلاً عن الجانب التحالفي في العلاقات الفلسطينية- العربية والعربية- العربية والعلاقات العربية -الأممية، حيث بدأ يشعر كل العرب أهمية التعددية القطبية في السياسة الدولية ولمس الجميع مدى الخسارة التي وقعت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسوء إدارة العلاقات الفلسطينية والعربية مع الاتحاد السوفييتي قبل النكبة الكبرى (1948) وبعدها، بل التواطؤ الواسع مع المعسكر الاستعماري ضد السوفييت (الاقتصادي والمالي والسياسي وفي أفغانستان وغيرها) رغم المساندة السوفيتية لقوى التحرر الفلسطينية والعربية، وعدم توظيف دور السوفييت في العمل لخدمة القضايا الوطنية والقومية لشعوبنا العربية، فالمشروع الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، وقع ضحية السياسات الحمقاء العربية -والسياسة الفئوية الضيقة قصيرة النظر لفريق اليمين الفلسطيني حتى نكبة الـ 48، ويمين الوسط في قيادة م.ت.ف. ومع ذلك يجب أن نعترف بأن المشروع الوطني التحرري للشعب الفلسطيني بقدر ما هو مشروع عظيم وكبير وإنساني، قد قطع أشواطاً طويلة في العملية الصراعية المعقدة ضد الغزو الاستيطاني الصهيوني الذي يحمل مقومات التركيب الأوروبي الحديث والمعاصر ببرمجة خططه وتوحيد قوى التجمعات اليهودية لأكثر من مائة قومية في أصولها الأوروبية، الأميركية، السلافية، الشرقية. وصياغة تحالفات إقليمية ودولية نوعية ومتراكمة مع أوروبا وأمريكا حيث المصالح المشتركة بالهيمنة والتكنولوجيا والعلم المتطور، بينما بلدنا فلسطين وبلدان المشرق العربي عاشت ألف عام من التدهور والانحطاط تحت ضغط الإمبراطوريات الإقطاعية المتخلفة وبعدها الاستعماري البريطاني والفرنسي، ورغم ذلك استطاعت الحركة الوطنية الفلسطينية بعد نكبة 48 وم.ت.ف وخاصة بعد هزيمة 67 من إعادة بناء الشخصية الكيانية التمثيلية للشعب الفلسطيني.‏
                            وفي الإشارة إلى موضوع التحرير الكامل لفلسطين والمآل الراهن، فإن شيئاً من الاختلاط قد وقع بسياق السؤال المطروح، لأن الفكر السياسي الفلسطيني، قد تطور بالضرورة في خضم المشروع الوطني الفلسطيني، بحيث أخذ هذا الفكر يلامس الواقع الملموس بالتحليل الصائب والعقلاني الوطني الذي يستوعب حركة تطور ميزان القوى الفلسطيني- الإسرائيلي الصهيوني والإقليمي والعالمي والفعل الوطني المباشر وصولاً إلى صياغة البرنامج الائتلافي المشترك للشعب والثورة وم.ت.ف.‏
                            من هنا كان الانتقال الطبيعي من مشروع بلا ملامح برنامجية، وبنقاط عامة لا تستطيع أن تؤثر في الخريطة السياسية العربية والدولية، إلى برنامج وطني ملموس أخذ يفعل فعله في الأوساط العربية والأممية وداخل المجتمع الإسرائيلي.‏
                            مع ذلك فالانتكاس والتراجع الراهن في المشروع الوطني الفلسطيني، لا رابط له مع الانتقال من مشروع التحرير الكامل إلى البرنامج الائتلافي للمنظمة، لأن المآل الحالي تحصيل حاصل للسياسات والتداعيات التي عصفت بالمنطقة وانعكاساتها الفلسطينية وتمزيق برنامج الائتلاف الوطني على يد يمين ويمين الوسط في م.ت.ف.‏
                            كان يمكن أن تكون الأوضاع الفلسطينية أفضل مما هي عليه الآن، فيما لو التزم الجميع بالقاسم المشترك الائتلافي الوطني، وتم احترام المساحة الجامعة لأطياف وقوى الثورة وم.ت.ف وصيانة التحالفات الفلسطينية العربية على قاعدة القواسم المشتركة، والدولية على قاعدة قرارات الشرعية الدولية، لكن اليمين ويمين الوسط في م.ت.ف ومجموعة الحركة الوطنية الفلسطينية أخذ ينفلت من المشترك إلى المصلحي الفئوي الضيق والأناني منذ عام 67 وخاصة 77 (زيارة السادات للقدس المحتلة) ولم يتمكن من ذلك إلا عام 91 بعد حرب الخليج الثانية وسلسلة الانقلابات السياسية على يده في م.ت.ف وأشير هنا إلى ضرورة مراجعة كتاب "نايف حواتمة يتحدث" الذي يكشف هذه المرحلة حتى أوسلو ويومنا.‏
                            إننا قطعنا الأيام الصعبة من السنوات السبع الأخيرة العجاف، والآن ندخل مرحلة جديدة، يمكن لها لو توفرت وتحققت وحدة الساحة الفلسطينية في إطار م.ت.ف المعافاة، أن تخدم من جديد مرحلة نهوض وطني فلسطيني يتم فيها تجديد حيوية وانطلاقة المشروع الوطني التحرري للشعب الفلسطيني.‏
                            إننا موجودون على أرض الصراع، والشعب الفلسطيني ما زال بملايينه (3.8) على أرض الضفة والقطاع ومناطق 1948، ونصفه الآخر في الشتات، وهذا الشعب المتجدد في حيويته وعطاءه العظيم، ما زال يشكل المفتاح لأي تسوية أو سلام، فلا سلام إلا به وله ولن ينعم الشرق الأوسط بأي هدوء أو رتابة ما دامت القضية الفلسطينية بعناصرها الأساسية معلقة بالهواء.‏
                            نحن لم نهزم، خسائرنا الاستراتيجية كبرى ومريعة ومرعبة، ورثناها عن قيادة إقطاعية أوتوقراطية لم تحسن أبداً توحيد الشعب بطبقاته وتياراته على الجامع الوطني المشترك حتى عام 48 وانطوت على نفسها بين 48-1967، إلى أن أخذ نهوض المقاومة العاصف مجراه رداً على هزيمة حزيران/ يونيو 1967. بعدها نحن وقعنا في استعماءات وانعطافات التداعيات الناتجة عن السياسات الحاكمة الحمقاء العربية والفلسطينية، والآن من جديد يمكن أن ينهض المشروع الفلسطيني فالشعب الفلسطيني ما زال حياً وقائماً وما زالت القضية هي القضية بثخانة جراحها وآلامها.‏
                            إن مشهد حركة الصراع مفتوح، لم يغلق بعد على خاتمة ما، والدلائل صارخة رغم مظالم أوسلو/ وبروتوكول الخليل، لنرصد معاً سياق الصراع ضد تطبيقات أوسلو الظالمة من نهب ومصادرة الأرض والاستيطان إلى الحصار والخنق الاقتصادي إلى تهويد القدس الكبرى وشطر مدينة خليل الرحمن وفتح قلبها لتنامى بؤُر الاستيطان، لنرصد معاً انتفاضة عمال قطاع غزة عند حاجز بيت حانون (ايرتز) 1994، انتفاضة الأقصى 96، انتفاضة الخليل -بيت لحم- شرق نابلس- المواصي من خان يونس حتى رفح 97-1998. وصراع الشعب وقواه الحية المنظمة ضد القمع المزدوج (الاحتلال وسلطة الحكم الذاتي) والإصرار على إعادة بناء الوحدة الوطنية للشعب والبرنامج المشترك ومؤسسات الائتلاف الوطني م.ت.ف.. إن كل هذا يؤشر إلى مرحلة من النهوض الوطني تعتمل الآن، ويؤشر إن الصراع مفتوح فالهزيمة تعني بصراحة "أرمنة وأسرلة الشعب" و"صوملة" مناطق الحكم الذاتي ليكون فصل الختام بدلاً عن تطبيق قرارات الشرعية الدولية بحق تقرير المصير والدولة والعودة عملاً بـ 342-338-194-227.‏
                            جواب السؤال الثاني:‏
                            علينا أن نقر ونعترف بأن المشروع الصهيوني قد نجح في تحقيق خطوات استراتيجية ملموسة كبيرة جداً نتيجة ظروف محلية وإقليمية عربية ودولية، أشرنا لها هنا، أسهمت في خدمة تقديم وإسناد وتكريس لبنات المشروع الصهيوني فوق الأرض الفلسطينية وعلى حساب الشعب الفلسطيني وشعوب أمتنا العربية، فضلاً عن التردي وسوء إدارة الصراع في مواجهة عملية الغزو والاستيطان الصهيوني الكولونيالي لبلدنا وأقطار المشرق العربي من قبل أبناء المنطقة وخاصة الأجنحة السلطوية الإقطاعية والرأسمالية المتخلفة، والجناح البرجوازي الوطني في حركة التحرر الفلسطينية والعربية الذي وصل إلى مواقع الحكم في عواصم المشرق العربي وفي م.ت.ف.‏
                            فالمشروع الصهيوني ما كان له أن يحقق الخطوات الملموسة وإقامة الدولة اليهودية الصهيونية فوق أرض فلسطين، إلا بعد أن توفرت الظروف الموضوعية المحيطة بفلسطين والعالم العربي آنذاك، وفقدان الشعب الفلسطيني لحركته الوطنية الموحدة والقادرة على توجيه وقيادة عملية الصراع.‏
                            ومع التطور الذي حصل منذ نكبة 1948 التي نعيش ذكراها الخمسين، فإن المشروع الصهيوني تعرض بالضرورة لعدد من العوامل والمتغيرات دفعت بأطراف في الحركة الصهيونية من قوى وأحزاب للحديث عن حلول سلمية للصراع في الشرق الأوسط من وجهة تعتبر متقدمة قياساً لما كان يطرح وما زال على يد قوى اليمين التوراتي الصهيوني. فحزب العمل أصبح الآن يعترف ويقر بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني (كشعب) منذ العام 1988 بعد أن كانت قياداته تكرر "فلسطين كانت في الماضي أما الآن فهي إسرائيل والأردن وعلى اللاجئين الاندماج في البلدان التي يعيشون فيها"، أي "الأرمنة والاسرلة". كما برزت بعض الأطراف (راتس، شينوي، بام) لذلك يمكن الحديث عن تطور مفروض على أطياف وكتل حزبية وقوى سياسية صهيونية، كانت في السابق لا تقبل بمبدأ الصوت الآخر للشعب الآخر فوق أرضه (أي الشعب الفلسطيني)، ونعتقد بأن هذا التطور وبحدوده النسبية في انحسار المشروع الصهيوني إلى حدود معينة، ما كان ليقع لولا المسيرة الطويلة من الكفاح الوطني الفلسطيني المعبد بالتضحيات الجسام ولولا تمسك أكثر من (2.5) مليون فلسطيني بالبقاء فوق أرضهم الوطنية في الضفة والقدس وغزة ومناطق 1948- ولولا نضال الشعوب والجيوش العربية وعشرات آلاف الشهداء، ولولا التضامن الأممي الواسع وخاصة السوفيتي الذي انتقل بقضيتنا وحقوقنا الوطنية من قضية محلية وإقليمية إلى قضية دولية وعلى نطاق كل العالم والحركة الثورية العالمية.‏
                            إن ملامح التغير المفروض في الموقف الصهيوني لعديد القوى الإسرائيلية، بدأ بالتعبير عن نفسه بانحسار المشروع الصهيوني إلى حدود معينة كما أسلفت وفي الإقرار بوجود الشعب الفلسطيني بعد أن كان نسياً منسياً في قاموس كل أحزاب وقوى وكتل الدولة الصهيونية بعد كارثة 1948.‏
                            في الجانب الآخر فإن رؤية بعض القوى والأحزاب الصهيونية بدأت تتجه لإقامة ومد العضلات الإسرائيلية التكنولوجية إلى عموم المنطقة بدلاً من التوسع في الأرض المحيطة بفلسطين. وهذا ما ينضح به مشروع شمعون بيرس المعروف تحت عنوان "الشرق الأوسط الجديد" ومشروع عديد الأوساط الصهيونية الأقل يمينية نحو "نظام إقليمي جديد" بين دول الشرق الأوسط بدلاً عن أصولية المشروع الصهيوني التوسعي على ضفتي نهر الأردن وأجزاء من الجولان إضافة إلى خطة ضم أجزاء من سيناء (مدينة يميت ومستوطنات سيناء) قبل الحل الثنائي الإسرائيلي/ المصري (كامب ديفيد).‏
                            المشهد الإسرائيلي الصهيوني يشير إلى أن الصراع داخل المشروع الصهيوني لا زال مفتوحاً، بين وقت التوسع أو مواصلته، بين اقتسام الضفة والقطاع أم كل الضفة وأجزاء من القطاع، بين مواصلة أوروبية المشروع وأمركته أي التوسع أكثر فأكثر في الأرض المحتلة وبين التحول إلى دولة شرق أوسطية تستعيض عن التوسع المتزايد في الأرض بالتوسع التكنولوجي والاقتصادي.‏
                            جواب السؤال الثالث:‏
                            الاتفاقيات الجزئية والمتفردة التي تم توقيعها في أوسلو ووادي عربة وقبل ذلك في كامب ديفيد. جاءت في سياق تفكك مسارات التفاوض العربية مع العدو الإسرائيلي، ونجاح الدولة الصهيونية في استفراد الطرف تلو الآخر من الأطراف العربية.‏
                            الاتفاقيات الجزئية، كانت بمثابة ثمار سامة تحاول الآن دولة الاحتلال تعميمها في المفاوضات مع سوريا من خلال اعتبار الجولان أرضاً متنازعاً عليها، كما تم في اتفاق أوسلو الذي حول الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 من أرض محتلة وفق قرارات الشرعية الدولية بما فيها القرار 242 و 338، إلى أراضي متنازع عليها، وفق اتفاق أوسلو الظالم، كما أن حكومات رابين -بيرس ثم نتنياهو تعمل على تعميم نموذج وادي عربة (ضم وبيع أراضي أو تأجير أو..) مع التفاوض حول خطة تقسيم سايكس بيكو بين سورية وفلسطين الانتدابية بدلاً من العودة إلى خط 4حزيران 1967 وهذا ما يؤدي على الفور إلى خسارة أكثر من 35% من هضبة الجولان وضمها للدولة الصهيونية، وهذه المساحة من الهضبة تمثل المناطق المائية والزراعية من أرض الجولان.‏
                            إن الاتفاقيات الجزئية والمنفردة فتحت الأبواب مشرعة أمام إسرائيل لإقامة العلاقات والتواصل مع دول العالم وبعض الدول العربية، بحجة أن السلام قد حل ووقع، وهنا فإن أكثر من (50) دولة في العالم اعترفت أو أعادت علاقاتها التي كانت قد قطعتها مع الدولة الإسرائيلية (تضامنا مع كفاح الشعب الفلسطيني)، بعد توقيع اتفاقيات "أوسلو، وادي عربة" وفي المقدمة دول مثل الصين، والهند، فيتنام، كازخستان، أوزبكستان، اذربيجان.. الخ كانت تربط الاعتراف والعلاقة مع الدولة العبرية باستجابتها لحق شعبنا بتقرير المصير والدولة المستقبلة بعاصمتها القدس وعودة اللاجئين. وفتحت هذه الاتفاقيات بالتنازلات الكبرى التي تم تقديمها شهية التوسع ونمو اتجاهات التطرف في إسرائيل التي أرادت كسب المزيد من التنازلات. وأقول لكم بأنه منذ توقيع اتفاق أوسلو الأول في 13/9/1993 وحتى نهاية العام 1997 فإن أكثر من (450) ألف دونم تم مصادرتها لأغراض التهويد والاستيطان، حيث لم يشفع للأرض الفلسطينية الاتفاقيات الموقعة. كما لم تحصل شعوب بلادنا على "السمن والعسل" الناجم عن اتفاقيات السلام الهش التي تم توقيعها، فالأوضاع الحياتية والاقتصادية لشعوبنا تردت أكثر فأكثر بالرغم من الكلام الممجوج عن زمن السلام والبحبوحة والرفاه.‏
                            على يقين كامل نحن مقدمون على انفجارات لها بداية وليس لها نهاية محددة. فضغط الاحتلال واملاءاته وزحف عمليات التهويد والاستيطان بمثابة صواعق كبيرة يتم وضعها فوق برميل البارود التي ينمو ويتسع كل يوم على امتداد منطقة الشرق الأوسط من فلسطين وصولاً إلى الخليج حيث الأساطيل وبوارج العربدة الأمريكية والبريطانية.‏
                            إن مستقبل الصراع العربي -الإسرائيلي لن تكون خاتمة اتفاقيات الذل والإذعان والتفرد، فالشعب يكبو ويتهيأ وينطلق للدفاع عن مصالحه وحقوقه في نهاية المطاف.. وعلى الذين وقعوا الاتفاقيات الجزئية والمنفردة دون إرادة أو استفتاء شعوبهم حول القضايا المصيرية، عليهم أن يراجعوا أنفسهم، ويقفوا أمام شعوبهم وقفة نقدية ويعتذروا من شعوبهم والعرب والعالم على كسر قرارات الشرعية الدولية والتراجع عنها بحثاً عن حلول جزئية منفردة بعيدة جداً عن السلام الشامل المتوازن في هذه المرحلة والقائم على انسحاب العدو من جميع الأراضي المحتلة بعدوان 1967 إلى ما وراء خطوط 4حزيران /يونيو 1967 وضمان حق شعبنا بتقرير المصير والاستقلال وعودة اللاجئين وفق القرارين الأمميين 242و237، لأن ما بشروا به من سلام الرخاء لم يأت سوى بالمزيد من نهب وتهويد الأرض وتعدد اخطبوط الاستيطان وفتح شهية اليمين الصهيوني التوسعية في الضفة والقطاع والجولان... الخ والمعاناة والجمود الاقتصادي في الأردن وسورية ولبنان، والجوع والبطالة والحصار لاقتصادي في الضفة والقطاع فضلاً عن القمع المزدوج لحركة شعبنا الوطنية على يد الاحتلال وسلطة الحكم الذاتي.‏
                            جواب السؤال الرابع:‏
                            منذ أوائل السبعينات، قدمنا اجتهادنا حول هذه المعضلة التي واجهت حركة المقاومة الفلسطينية وم.ت.ف وأكدنا أكثر من مرة بأن الربط بين الخاص والعام، بين الوطني القطري- والقومي ضرورة لا غنى عنها ولا بد منها، حيث تتداخل وتتشابك عوامل الصراع في المنطقة بين شعوبنا والغزو الاستيطاني الصهيوني فضلاً عن الغزو الإمبريالي الأمريكي متعدد الأشكال والأنماط.‏
                            فمقاومة المشروع الصهيوني ووقف زحفه وتمدده، والنهوض بالأوضاع الفلسطينية والعربية، يتطلب فعلياً الربط الديالكتيكي المحكم بين طرفي المعادلة، الوطني القطري والعام القومي، والاتفاقيات الثنائية والجزئية من كامب ديفيد إلى أوسلو ووادي عربة أسهمت بإحداث الاختلال في المعادلة العربية -العربية، معادلة الترابط بين القومي- والوطني القطري (العام- والخاص) لذا شاهدنا مسلسل التراجعات والانتكاسات المتتالية التي أصابت الجسد العربي ومنطقة الشرق الأوسط، فالاتفاقيات تم توقيعها، "ولكن لا سلام الشرعية الدولية أخذ مكانه ولا حل السلام بإنجازاته"، بل على العكس كما أسلفنا سابقاً فإن شهية التوسع والعدوان وتحقيق المكاسب الجديدة فتحت في الدولة الصهيونية.‏
                            إننا دعونا وما زلنا ندعو ونعمل لمؤتمر عام على مستوى الوطن العربي وبخاصة الدول المشرقية تتمثل في كل القوى والأحزاب والفعاليات والشخصيات الروحية الإسلامية والمسيحية ورجال الفكر والبرلمانات، لتأسيس حالة على امتداد المنطقة لمقاومة وفضح وتعرية المشروع الصهيوني والوقوف في وجه سلام القوة والغطرسة الإسرائيلي.‏
                            هذه التحركات الشعبية يمكن لها أن تعطي نتائج إيجابية، فالأنظمة ترتعد دوماً عندما ترى زحف الشعوب وإصرارها بالدفاع عن مصالحها وحقوقها، هذا ما لمسناه واضحاً أثناء أزمة المفتشين الدوليين في العراق وأزمة العراق الأخيرة مع الأمم المتحدة، حين فرض نهوض الشارع الوطني في مصر والأرض الفلسطينية المحتلة ولبنان وعدد من بلدان الخليج وغيرها مواقف تتسم بالإيجابية في مواجهة التحضيرات الأمريكية والبريطانية للعدوان الشامل على العراق.‏
                            إن خطوة بناء المؤتمر العام والمؤتمرات الشعبية الفرعية في كل بلدان العالم العربي وبالعمل ينبثق عنها برنامج قاسم مشترك قومي وقطري وأمانات مركزية وقطرية، لا يمكن أن تتم بين لحظة وأخرى، بل تتطلب العمل الجاد والمثابر من قبل الأحزاب والقوى لتثير حركة الشعب والشارع في العملية الوطنية الديمقراطية.‏
                            والوجه الآخر لهذه العملية عقد قمة مصالحة عربية -عربية تشتق "مشترك المصالح العليا" بين الأقطار العربية وفي المقدمة محاصرة المشروع التوسعي الصهيوني وغلق نوافذ التطبيع معه حتى يرتدع ويرحل عن الأرض المحتلة عام 1967 وينزل عند الشرعية الدولية، بحق شعبنا الفلسطيني بتقرير المصير والدولة وعاصمتها القدس العربية وعودة اللاجئين والنازحين بموجب القرارين الأمميين 194-237.‏
                            إن جسر القمة الشاملة العربية هو المراجعة النقدية الشجاعة لكل طرف بما فيه نحن الفلسطينيين مع خطايا وأخطاء قبل مدريد وبعدها، قبل أوسلو وبعدها لنعيد بناء العلاقة الحية بين الوطني والعربي القومي، بين الخاص والعام على قاعدة المصالح المشتركة.‏
                            جواب السؤال الخامس:‏
                            تسأل عن الخروج من المأزق الراهن، ونحن نجيب بالتالي:‏
                            المواجهة لم تتوقف أبداً بين قوى الصمود والقوى الوطنية العربية على امتداد المنطقة بكل تلاوينها السياسية والطبقية والأيديولوجية مع دولة الاحتلال والسياسة الأمريكية. فنحن المتضررين ويومياً ندفع الثمن الباهظ. لذلك فإن أشكال المجابهة موجودة وستستمر بأنماط مختلفة تبعاً للظروف والمعطيات، من جانب آخر أقرب لكم بأن الحال العربي الراهن "لا يسعد خاطراً ولا يسر صديقاً" فهو حال مفكك رغم المناخات الإيجابية التي بدأت تشق طريقها منذ فترة ليست بالقصيرة، والهجمة الانكلوامريكية في الخليج ولكنها بمكيالين، للعرب مكيال ولإسرائيل آخر، وإصرار الدولة العبرية على التمسك بموقفها وخطابها السياسي المعادي فعلياً للسلام الشامل والمتوازن "سلام الشرعية الدولية" إن كل ذلك يتطلب إعادة الحياة إلى الروح العربية المشتركة وإلى التضامن العربي -العربي والسير بخطوات فعلية ملموسة نحو المصالح العربية -العربية الشاملة فقد طال الحداد ووجب على الجميع إسدال الستار على الماضي الأليم والنظر بعين متفائلة إلى المستقبل وإلى المصالح القومية العليا بروح النقد الشجاع، وفي المقدمة نقد الذات الفلسطينية واعتذار فريق أوسلو الفلسطيني من شعبنا والأمة العربية على التفرد والانفراد وإغراق قضيتنا والعرب في متاهات الصفقات الجزئية والمنفردة وفك العلاقة بين القضية الفلسطينية وقضايا الصراع العربي -الإسرائيلي الصهيوني.‏
                            نعتقد أن هناك ضرورة وطنية وقومية وأخلاقية، مصلحية، لعقد قمة عربية -عربية شاملة وبحضور الجميع لإرساء المناخ الإيجابي في العلاقات العربية -العربية، وعلى طريق نظام أمن يحفظ ويصون العلاقات العربية ويؤسس للحدود الدنيا من التفاوض المشترك. هذا الأمر يحتاج إلى جهود مخلصة وإلى دور القوى العربية المؤثرة صاحبة الوجهة والدور الإقليمي والمتضررة من كل الكوارث التي وقعت..‏

                            إذا الشعب يوما أراد الحياة
                            فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                            و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                            و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                            تعليق


                            • #15
                              رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد

                              أجوبة الأستاذ: خالـــد مشـــــعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس
                              بسم الله الرحمن الرحيم‏
                              1-لم تكن هزيمة الأمة أمام المشروع الصهيوني في عام 1948 (عام النكبة) هزيمة عابرة خارج السياق العام، وإنما جاءت في ظل ظروف وعوامل ذاتية وموضوعية لم تكن لتقود إلى غير تلك النتيجة، هذا على الرغم من حجم البطولات والتضحيات التي قدمها شعبنا الفلسطيني عبر ثوراته ومعاركه المتواصلة مع الاحتلال البريطاني والغزاة الصهاينة وعلى الرغم كذلك من إسهامات المجاهدين العرب والمسلمين الذين تدافعوا للدفاع عن فلسطين والذود عن عروبتها وإسلاميتها.‏
                              كانت الأمة -رغم بواكير النهوض والثورة على الاستعمار- لا تزال تعاني حالة الانحطاط والتراجع التاريخي في مسيرتها، فضلاً عن حالة التمزق والتجزئة التي أوجدها الاستعمار في بلادنا، كما أن إرادة القتال الحقيقية كانت غائبة في الصف العربي، ولم تكن الدول العربية آنذاك بمستوى المعركة ولا بحجمها، بينما كان الطرف الصهيوني متحفزاً مستجمعاً لكل طاقته، حاشداً خلفه تأييداً ظالماً من الدول الاستعمارية الكبرى آنذاك..‏
                              ونشأت في تلك الفترة مقاومة إسلامية وطنية فلسطينية وعربية، لكن المعارك كانت أكبر منها وكانت الظروف الموضوعية أقوى من إمكاناتها الذاتية.‏
                              ثم تبلورت في ظلها وعلى امتداداتها وإلى جانبها المشروع الوطني الفلسطيني الذي قاد العمل الوطني ضد الاحتلال الصهيوني قرابة ثلاثة عقود، حمل خلالها وخاصة في سنوات الأوج آمال شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية في التحرير والعودة وطرد الصهاينة المحتلين، ونال هذا المشروع -بسبب ذلك- قدراً كبيراً من التأييد والتفاعل الجماهيري وصور المشاركة والعطاء الواسعة، فضلاً عن جملة الظروف العامة التي خدمته إثر هزيمة 1967 وساعدت في تكريس شرعيته الرسمية فضلاً عن الشعبية، لكن هذا المشروع ما لبث أن انحسر انحساراً كبيراً، وتراجع بصورة واضحة بل صارخة، من رافعة لشعبنا وأمتنا إلى عبء حقيقي عليها، ومن حمل الآمال والأهداف الكبرى في تحرير كامل فلسطين وعودة شعبها إليها وامتلاك الحرية والسيادة والاستقلال الحقيقي إلى حالة التقزم والاختزال والتراجع والتفريط الراهنة بحيث لم يعد من أهداف ذلك المشروع إلا الأطلال والفتات مع النحت والاختزال الدائمين فيها بحيث لم يعد ثمة نهاية للقاع السحيق!‏
                              أما أسباب ذلك الانحسار، فلا شك أن الظروف الموضوعية التي تلاحقت على مسيرة القضية عبر مراحلها المتأخرة كانت قاسية وقاسية جداً، وتعرض المشروع الوطني الفلسطيني خلالها إلى ضغوط ومؤامرات عديدة، ونشأ عن ذلك حجم كبير من الخسارة والنزيف والتضحيات والضحايا.‏
                              ولكن العوامل الذاتية، من داخل المشروع نفسه، كان لها التأثير الأكبر فيما آلت إليه هذه النهايات المؤلمة ولعل أهم هذه العوامل هي:‏
                              1- تراجع المؤسسية القيادية والديمقراطية الحقيقية ومن ثم غيابها شبه الكامل رغم بقاء الشكل والصورة، وحصل هذا التراجع لصالح الدكتاتورية وقيادة الفرد وتمركز أعلى الصلاحيات وأدناها في يده، وفي ظل ذلك تاهت البوصلة وضلت المسيرة وغابت المعايير الوطنية ومحددات المصلحة العامة عن رسم الأهداف والمواقف والممارسات، لتتحكم فيها عناصر الهوى والمزاج والمصالح الشخصية بل إلى درجة أسوأ حين أصبحت مصالح عدونا ومتطلباته الأمنية وأولويات أجندته هي التي لها موضع الاعتبار والاحترام والمؤثر الأكبر في رسم مسارات قضيتنا وصياغة السياسات والمواقف!‏
                              2- استشراء الفساد المالي والتنظيمي والأخلاقي، وتكون طبقات نفعية كثرت الأحاديث حول ثرائها الفاحش وسلوكياتها المدمرة، كل ذلك شكّل داخلياً في المشروع الوطني وأفقده مصداقيته أمام كوادره العاملة فضلاً عن شعبه وأمته.‏
                              3- التيه الفكري الذي انعكس سلباً على هوية المعركة وجوهرها الحقيقي، فخسر المشروع الوطني جزءاً كبيراً ومهماً من المحرض الحقيقي لجماهير الشعب وما يثير نبضها ووجدانها، كما خسر عمقه الإسلامي الشعبي الأوسع.‏
                              4- الدخول في معارك جانبية عديدة خارج سياق القضية ومتطلباتها، مما فرض على المشروع الوطني نزيفاً متواصلاً وخسارة كبيرة في غير مكانها. صحيح أن بعض هذه المعارك فرضت على المشروع الوطني الفلسطيني من الآخرين في سياق مواجهته واستدراجه وضربه، ولكن الممارسات الخاطئة لبعض أطراف هذا المشروع والاستجابة للشراك الخادمة ولمحاولات الاستدراج دفعها إلى معارك كانت في غنى عنها.‏
                              5- تقزيم القضية وسلخها من إطارها الإسلامي ثم العربي، واتباع سياسات الانسلاخ والتفرد عن سياق الأمة، لتجد القيادة المتنفذة للمشروع الوطني الفلسطيني نفسها في النهاية محصورة في التعامل مع العدو الصهيوني نفسه ورهينة ضعيفة بين يديه.‏
                              ولعل هذه الإشارات السريعة تكفي، إذ أن تحليل عوامل الانحسار مهمة أوسع وأكبر من ذكرها عبر صفحات الصحف.‏
                              2-في اعتقادي ورؤيتي أن أولويات المشروع الصهيوني وأهدافه الأساسية لم تتغير، فالسيطرة الكاملة على الأرض، وتهجير الشعب الفلسطيني ونفيه، وبناء الدولة الصهيونية، وتحقيق الهيمنة السياسية والاقتصادية على المنطقة ونهب ثرواتها وتمزيق كياناتها وإثارة النعرات والتجزئات فيها، كل ذلك لم يتغير.. حتى حلم الصهاينة في التوسع لإقامة إسرائيل الكبرى على مساحة واسعة في المنطقة ليس هناك ما يؤكد أنه تغير، ومجرد إقامة اتفاقيات سلام والحديث عن التطبيع والتعايش لا يعني تراجعاً عن ذلك الحلم، خاصة في ضوء النتائج العملية المريرة لتلك الاتفاقيات ومشاريع التعايش.‏
                              الذي تغير في تقديري، أو بالأصح تطور وأخذ أشكالاً جديدة هو الأساليب والتكتيكات والمناورات والتي وصلت إلى حد توقف الحديث عند الصهاينة عن التوسع العسكري لصالح الحديث عن التطبيع والتعايش والسلام.. ولكن ذلك مرتبط بالوسائل والتكتيك وليس بالأهداف والاستراتيجية. ولعل مرد ذلك أن المشروع الصهيوني وجد نفسه أمام مفاجأتين أو حقيقتين شكلتا عقبتين كبيرتين أمام تقدمه.. أولاهما هو صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على التمسك بهويته وحقوقه والدفاع عنها، وقدرته على مواصلة المقاومة عقوداً طويلة واجتراح أشكال عديدة من النضال. وثاني تلك الحقائق والمفاجآت هي حالة النهوض الإسلامي الواسعة في الأمة وحضورها الجهادي الفاعل في مقاومة المشروع الصهيوني. وقد وجدت القيادة الصهيونية خاصة (حزب العمل) أن استمرارها في التعبير الصارخ عن مطامعها وأهدافها الحقيقية يزيد من استفزاز الشعب والأمة واستخراج مكنونات التحدي والمقاومة فيهما، ولذلك لجأت تلك القيادة الصهيونية إلى أساليب التوائية مخادعة تتذرع بالمهادنة الشكلية والتعايش والسلام الكاذب مخفية خلف ذلك الأهداف الحقيقية المعروفة للمشروع الصهيوني.‏
                              3-لا شك أن الاتفاقيات التي تم توقيعها بين عدة أطراف فلسطينية وعربية مع الكيان الصهيوني أضعفت من الموقف الفلسطيني والعربي عموماً في مواجهة المشروع الصهيوني، وشكلت ثغرات في جدار المواجهة، وعملت على كسر الحاجز النفسي بين الأمة والكيان الصهيوني كما أسهمت في تفتيت موقف الأمة وتجزئته أمام العدو المشترك، ومن ثم سمحت للعدو بالدخول عبر تلك الثغرات إلى عمقنا وممارسة كل أشكال الإفساد والتدمير وإشاعة الفرقة والخلافات وتفتيت الموقف الفلسطيني والعربي، وشكلت له جسراً لفرض استراتيجية في الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية على المنطقة كبديل مرحلي عن استراتيجية التوسع والاحتلال العسكري المباشر.‏
                              بل إن تلك الاتفاقيات وفي سياق منطوقها وفلسفتها وضع الصراع بين الأمة والمشروع الصهيوني خارج سياقه الطبيعي وبعيداً عن إطاره الحقيقي، وعملت على إعادة ترتيب مفردات الصراع لتشكل بها صورة أخرى مغايرة تماماً لطبيعة المعركة.. واستعاضت عن معايير ومنطلقات الجغرافيا والتاريخ والدين والعروبة ووحدة المشاعر والأهداف في إطار الأمة العربية والإسلامية، بمعايير جديدة مفرداتها الدولار والمشاريع الاقتصادية المشتركة والسوق الشرق أوسطية والتعاون الإقليمي، وكأن الصهيوني ليس إلا جزءاً طبيعياً من كيان الأمة والمنطقة.‏
                              لكن رغم ذلك فإن مثل تلك الاتفاقيات هي أضعف من أن تشطب حقائق الصراع الراسخة، وأعجز من أن تقضي على ذاكرة شعبنا وأمتنا وقيمها ووجدانها وعلى تاريخها ورصيد تجاربها الطويلة.‏
                              4-باختصار شديد فإن الخاص الوطني والعام القومي والإسلامي كذلك لا يمكن إلا أن يمتزجا ويتعاضدا ويتكاملا في مواجهة المشروع الصهيوني، ولا مجال أبداً للتناقض أو التفاضل أو الانفراد، ولعل تجارب العقود الماضية تؤكد عمق هذه الحقيقة وخطورة أي سياسة أو موقف أو سلوك يقوم على التباعد أو التناقض بينها. وأحسب أن رصيد التجربة ومعاناتها المريرة كاف لإقناع الجميع بضرورة الاتجاه نحو التعاون والتنسيق والترابط الأصيل لتشكيل جبهة عريضة واحدة تحشد في إطارها جهود الأمة وإمكاناتها كافة لمواجهة المشروع الصهيوني المتسلح بدعم استعماري عالمي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.‏
                              5-إن الممارسات الصهيونية الصارخة اليوم بإرهابها وعدوانها واستفزازها، وإن الحالة المؤلمة التي آل إليها الوضع الفلسطيني والعربي في ظل تجارب ومحاولات البعض للسير في طريق التسوية السلمية العبثية، إن ذلك كله لم يدع مجالاً للحيرة في البحث عن الخروج من المأزق.. المطلوب بكل وضوح وضع استراتيجية فلسطينية وعربية وإسلامية جادة وشاملة للصمود في مواجهة الضغط الصهيوني وممارساته العدوانية ورفض الخضوع لإرادة الصهاينة أو الإدارة الأمريكية، وبناء إمكانات وأسس المواجهة مع المشروع الصهيوني بحيث تتوزع مسؤوليتها كل الأطراف في إطار الأمة، مع تواصل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، والسعي بجدية وصدق من جميع الأطراف إلى مزيد من تنسيق الجهود وتكاملها وتوحيدها بحيث تنتظم جميعاً في إطار جبهة واسعة قادرة على التصدي للمشروع الصهيوني المتحفز والمتقدم لسحق الأمة عبر محاور عديدة.‏
                              آمل من الجميع أن يعي هذه الحقائق وأن يتصرف الجميع بناء عليها وباستشعار عال للمسؤولية في هذه المرحلة التاريخية الحرجة من تاريخ الأمة، وإني لأرى مبشرات عديدة في الواقع تشير إلى أن الأمل كبير وأن الأمة قادرة على انتزاع حقوقها ووضع حد للغطرسة الصهيونية بإذن الله.‏
                              خالد مشعل‏

                              إذا الشعب يوما أراد الحياة
                              فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                              و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                              و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                              تعليق

                              يعمل...
                              X