يوسف المحمود..أيها الراحل العزيز

أحمد بوبس

زمن يأبى إلا أن يسرق منا أحباء أعزاء. وهاهو يسرق منا أديبنا الكبير يوسف المحمود الذي هو بالنسبة لي الأستاذ والمعلم. فهو من أوائل من تعرفت عليهم عندما بدأت عملي في صحيفة الثورة أواخر السبعينيات من القرن العشرين.أتذكر تماماَ كيف استقبلني بمنتهى الود، وكان لي أستاذاً وراعياً وموجهاً. كان يقرأ ما أكتب، يثني علي، أو يبدي ملاحظاته. علمني الكثير.‏

يوسف المحمود ذلك الأديب العصامي المكافح. فمنذ ولادته في قريته (كفر شاغر) في محافظة طرطوس، عانى من قسوة الحياة. لكنه تغلب عليها بإرادته وعزيمته. فنال الشهادة الإعدادية والثانوية بدراسة حرة. بعدها قدم إلى دمشق، وانتسب إلى كلية الآداب بجامعة دمشق، ولينال منها إجازة اللغة العربية. وخلال ذلك بدأ الكتابة في صحف دمشق مثل جريدة (ألف باء) وغيرها، وكان ذلك في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين. ودرس اللغة الانكليزية في جامعة القاهرة بالمراسلة، ونال إجازتها. وبعد تخرجه انخرط في سلك التدريس، وأعير إلى الجزائر بعدها مابين عامي (1970 و1974).‏
وبعد عودته مباشرة انتقل من التدريس إلى جريدة الثورة. ليبدأ كتابة زاويته اليومية المشهورة (إلى من يهمه الأمر). وكنت وقتها قد أصبحت من قراء الجريدة، فكنت أتلقفها كل صباح من أجل قراءة الزاوية بالدرجة الأولى، واستمتع باسلوبه الساخر. كان الأستاذ يوسف يعالج بزاويته القضايا الحياتية للناس بأسلوب ساخر جميل. ولم أكن الوحيد في متابعتها، بل معظم قراء الثورة كانوا كذلك. ولم تكن (إلى من يهمه الأمر) النافذة الصحفية الوحيدة ليوسف المحمود، فقد كتب الكثير من المقالات والدراسات الأدبية في الصفحة الثقافية لجريدة الثورة وفي الدوريات الأدبية.‏

ويوسف المحمود كان أديباً مبدعاً. كتب القصة القصيرة، فكان مجلياً فيها. ولاأزال أتذكر بفرح كيف أهداني مجموعته القصصية (سلامات ايها السعداء)، فأكببت عليها أقرؤها مرات عديدة، واستمتع باسلوبه الساخر، فقد شكلت المجموعة فتحاً في الأدب القصصي الساخر. ولاننسى مجموعاته القصصية الخرى (المفسدون في الأرض) و(حارة النسوان).‏
لكن المحطة الأدبية الأهم في مسيرة يوسف المحمود الأدبية، تمثلت بروايته (مفترق المطر) التي تشكل إضافة كبيرة وقيمة للرواية العربية. وتنتمي الرواية إلى الواقعية بامتياز. فأحداثها حقيقية، حدثت في قريته (كفر شاغر) عندما كان طفلاً. وتبدأ الرواية عندما خرج طفلاً يودع أخته (خاتون)، عندما حملها موكب العرس، لتنتقل إلى قرية أخرى، لتعيش في كنف زوجها. ولتتوالى بعد ذلك أحداث الرواية متناولة الحياة اليومية للبيت الذي نشأ فيه يوسف المحمود.‏
هذه بعض من جوانب حياة يوسف المحمود الصحفي والأديب والإنسان الذي قست عليه الحياة وعركته، لكنه كان أصلب منها. وعندما كنت أصافحة كنت ألمس تلك القساوة من خشونة يديه اللتين كانتا وسيلة كفاحة في الحياة.‏
أما على الصعيد الإنساني، فقد كان يوسف المحمود إنساناً بكل ماتحمله هذه الكلمة من معانٍ أخلاقية ونفسية. كان مثال الدماثة والكياسة، كان أباً روحياً لنا في الجريدة. لم نره يوماً غاضباً. كان الأدب خلقه وسلوكه في الحياة، دون أن ننسى ظرفه وعباراته الطريفة. ومن طرائفه معي، أنني عندما بدأت عملي في الجريدة، قدم لي سيجارة فاعتذرت عن قبولها لأنني لاأدخن، فقال لي بالعامية (وجايي تعمل صحفي).‏
رحمك الله ياأستاذي الكريم الذي لم أعرف لك هفوة في حياتك. ولاأجد ماأصفه بك إلا بيت شعر لأبي الطيب المتنبي حين يقول:‏
وأفجع من فقدنا من وجدنا قـبيل الفقـد مفقـود المثال‏
ستبقى حياً بيننا. تحييك فينا ذكريات لن ننساها، وقصصك ورواياتك وزاويتك الجميلة (إلى من يهمه الأمر). سيبقى يذكرنا فيك كل شيء، من السيجارة إلى الحقيبة التي كنت تتأبطها، إلى ركنك في مكتبنا المشترك في البناء القديم لجريدة الثورة، إلى زياراتي لك في منزلك بعد تقاعدك. ذكريات تزيد من ألمي على فراقك أيها الغالي.‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
رحيل الأديب والإعلامي يوسف المحمود
دمشق-سانا
نعت وزارة الإعلام واتحاد الصحفيين وجريدة الثورة الكاتب والأديب والإعلامي يوسف المحمود الذي وافته المنية اليوم عن عمر ناهز81 عاما.
والفقيد من مواليد محافظة طرطوس عام 1932 وله ستة اولاد صبيان واربع بنات… تلقى تعليمه في اللاذقية وحمص ويحمل إجازة باللغة العربية من جامعة دمشق عمل مدرسا وصحفيا وعضوا في اتحاد الكتاب العرب وكان مشهورا بزاويته “إلى من يهمه الأمر” في جريدة الثورة.
وللكاتب الراحل عدة أعمال أدبية مطبوعة منها مجموعات قصصية بعنوان “المفسدون في الارض” و”سلامات أيها السعداء” و”حارة النسوان” إضافة إلى رواية “مفترق المطر”.
وأشار ابن الفقيد حسنين المحمود في تصريح لـ سانا إلى أن والده قضى شطراً من عمره وهو يدافع عن الناس وقضاياهم وهمومهم حيث يعد من أبرز كتاب المادة الساخرة في سورية وعمل في مجال الصحافة منذ خمسينيات القرن الماضي في جريدة ألف باء وأعير إلى الجزائر كمدرس مابين 1970 و 1974 ليعود ويكتب زاوية “إلى من يهمه الأمر” في جريدة الثورة إلى منتصف التسعينيات بجانب تقديمه البرنامج الاذاعي “حديث ابن البلد” الموجه إلى المغتربين في الأمريكيتين والذي استمر نحو 26عاما فضلا عن ما قدمه من أعمال أدبية.
وبين المحمود أن تشييع جثمان الفقيد سيتم من مشفى هشام سنان في منطقة ركن الدين بدمشق عند الساعة الثامنة من صباح الغد إلى مثواه الأخير في قريته كفر شاغر التابعة لمنطقة دريكيش بريف محافظة طرطوس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في رحيـل الأديـب «يوسف المحمـود»
ملامح في اشتغاله القصصي والروائـي
يوسف مصطفى
الحديث عن الأديب «يوسف المحمود» يعني الحديث عن ظاهرة أدبية لها: جمالها، وظرافتها ولغتها وقاموسها، وتالياً مفرداتها، ونمط اشتغالها القصصي، والروائي.. هو في الولادة من قرية (كفر شاغر) منطقة الدريكيش ولعل ولادته أوائل ثلاثينيات القرن العشرين. درس الابتدائية دراسة خاصة، والإعدادية في /متوسطة الدريكيش/ كما كانت تسمى في تلك الأيام، أما الثانوية فكانت بين (التجهيز الأولى) في اللاذقية، وثانوية الزهراوي في حمص حيث نال الثانوية. درس الأدب العربي في جامعة دمشق وتخرج في أواخر الخمسينيات.
عمل مدرساً في الحسكة، وسافر إلى الجزائر، كما عمل مدرساً في محافظة اللاذقية. بعدها انتقل ليعمل في صحيفة الثورة في دمشق، ويكتب الزاوية المعروفة في آخر صفحة بعنوان (إلى من يهمه الأمر)، وكانت زاوية نقدية لافتة لها ظرافتها والتقاطها من المشاهد الحياتية، والاجتماعية كما امتازت بجرأتها وإضاءاتها الكثيرة عبر نوع من أسلوب الكتابة (الساخرة).. لكنها الظريفة، واللافتة والخفيفة الظل.
أعماله المنشورة: (المفسدون في الأرض)، وهي مجموعة قصصية صدرت عام 1958م. (سلامات أيها السعداء) مجموعة قصصية صدرت عام 1980م عن اتحاد الكتاب العرب.
(حارة النسوان) مجموعة قصصية صدرت عام 1988م عن اتحاد الكتاب العرب. وله رواية واحدة اسمها (مفترق المطر). صدرت عن اتحاد الكتاب العرب عام 1988م بطبعتها الأولى.. أما طبعتها الثانية فصدرت عن(دار النمير) في دمشق عام 2004م.
ولديه العديد من الأعمال الروائية، والقصصية المخطوطة التي تحتاج المراجعة وهي مشاريع أعمال ربما اكتمل بعضها والآخر لم يكتمل، في الشعر لديه ديوانان مخطوطان: ديوان (تي تي.. مثل مارحتي جيتي) وديوان ثانٍ اسمه (سيدي بلعباس) نظمه في الجزائر، وهو قصيدة طويلة يتحدث فيها عن حياته في الجزائر، وفيه الكثير من الخواطر، والحكم والظرافات.
/يوسف المحمود/ هو ابن القرية الجبلية الساحلية في ثلاثينيات، وأربعينيات القرن العشرين. ببيوتها الترابية، وحياتها الزراعية بأندائها، وأفيائها، وظلالها، وحيواناتها، بسواقيها، ورعاتها، ووديانها، وكل مكونها الريفي: طبيعة، وسكاناً، والذي سكن الذاكرة القصصية، والروائية /ليوسف المحمود/… كان يحمل إحساساً تجاه المكان، ومفرداته، وأناسه، وحراكهم اليومي في حقولهم، وعلى بيادرهم، وبين مواشيهم، وفي سهراتهم في المنازل على ضوء (سراجات) تلك الأيام، وعلى مصاطب البيوت في /قمرية/ الضيعة، وجمال بيادرها، وسهراتها.
كاميرا (يوسف المحمود) وثقت في أعماله القصصية لتفاصيل المكان الريفي وحراكه، أبطال يوسف المحمود هم من بيئته، وأغلبهم حقيقيون عاش معهم، وعرفهم، وتحدث إليهم وعاش همومهم في الحقل، والمطر، والرياح والحصاد والبيادر، وفي الأتراح والأفراح والمواسم، وغيرها.
أعماله القصصية تنتمي لـ(القصة الكلاسيكية) الأصيلة في لغتها، ووصفها واستطرادها، واشتغالها على التفاصيل ومفردات المكان، والمشاهد الاجتماعي بمعنى أنها تنتمي للواقعي واليومي، وليس للمتخيل القصصي أو لأبطال مفترضين.
استطاع عبر أسلوبه والتقاطه اللافت للمفصل المهم في الحديث القصصي وتقديمه بنوع من التفصيل والظرافة والإضفاء الوصفي استطاع أن يغني واقعية الحدث بالجميل والمشوق والظريف والموثق للحدث الذي يشد القارئ.
يقول في قصة (حديث الدرب) من مجموعته (حارة النسوان) والدرب هو درب الفلاحين إلى حقولهم يحملون الأمل /بالمواسم/، ويخافون محلها: (وهذا الدرب نفسه كان (ديوب العاصي) لايعرف نفسه إلا وهو يطرقه مرتين كل يوم.. الدرب من تحت قدميه كقبان سيارات الشحن مرة ينوء بما يحمل /ديوب العاصي/ من الحقل، ومرة ما هو بأكثر من شريط تسجيل يتلقى كل فيض حال من أحواله.. إن اطمأن إلى خصب الحقل.. إن حفلت ضروع بقراته بالحليب رفع صوته بالغناء، أو وقع أفراحه على صفير مناسب كنحلة تستثير سخاء الزهر برنينها شاكرة). ص46
هكذا وصف دروب القرية، وعبور الفلاحين عليها.. اللافت، والجميل تشبيه الدروب بقبان سيارات الشحن ومعادلها ما تحمله الدواب من غلال الحقل حال الوفرة يحفل الدرب بغناء الفلاحين عندما تكثر الغلال ويصمتون عندما تشح المواسم.
ربط /يوسف المحمود/ بين الدرب، والمواسم، وفلاحي الدروب يعبرونها في حالي الوفرة، أو القلة. كما اشتغل على التفاصيل الريفية، كذلك كتب عن تجربته في المدينة عندما ذهب للدراسة فيها، وهو يبحث عن غرفة في الحارات الفقيرة ليسكنها، وقد وجد غرفة قبو حيث يقول في قصته (رصاصة الرحمة) ص5 من مجموعته (حارة النسوان) يصف دخوله الغرفة: (كحمار يعبر جسراً خشبياً لأول مرة دخلت.. ابنها يدفعني من ظهري، وهي من الداخل تدعوني.. قدماي تخلتا عن التثبت. عود منبطح على رأس الخزانة كمصاب بمرض حاد في بطنه، سرير عريض كمصطبة صاحب الحمام.. بساط فصلت ألوانه (كقرمشليّة)(1) حمص البائتة.. بساط مقدد من ثياب عتيقة.. إلى آخر وصف موجودات الغرفة.. في دخوله الغرفة دخولاً حذراً شبه نفسه بالحمار الذي يعبر (الجسر الخشبي) المقام فوق مسيل الماء في القرية، وحذره ودفشه من قبل صاحبه للعبور.
والعود وانبطاحه كمريض في بطنه إلخ تصوير مفردات الغرفة.
هذا التصوير يحمل ظرافته وتفاصيله وأنماط إحساسه تجاه المكان.
وما رآه فيه ثم هناك مستوى اللغة، وظرافة الوصف لمشهد الغرفة.
في روايته (مفترق المطر) وثق للمكان، واللغة المحكية الساحلية، (الله جعل العزى يطليكن) هكذا تقول الأم لأولادها عندما لا يساعدونها وترجمتها الفصحى (جعل الله العزاء يطليكم)… أي يحيط بكم، وهي محكية ريفية ساحلية في تلك الأيام، ربما انقرض بعضها اليوم، لكنها لغة التوثيق عند /يوسف المحمود/.
في/ مفترق المطر/ تحدث عن شخصية (السمعول) وهو من مزرعة مجاورة لقريته، وكان بخيلاً جداً لدرجة أنه كان يضع (روث الحيوانات) على خضاره، وثماره لكي لا يأكل منها أحد حال غيابه عن الحقل، وهذا يذكرنا ببخلاء الجاحظ.
هكذا كان المحمود يستحضر النماذج الاجتماعية، وأبطالها من محيطه، ومما شاهده. كان يتحدث في /مفترق المطر/ عن /العيّاط/ أي المنادي الذي يملك صوتاً قوياً يخبر به عن وفاة، أو مناسبة، أو ينادي الرعاة المتأخرين، والبعيدين عن القرية مساء طالباً منهم العودة بطلب من أهاليهم.
في كل أدب (يوسف المحمود) هناك بعد اجتماعي وطبقي.. كان منحازاً للفقراء، وهمومهم ويومياتهم وما يعانوه.
مرض / أخوه محمود/ (بالهوى الأصفر) أي /التيفوئيد/ في أوائل أربعينيات القرن الماضي عندما اجتاح المرض القرية، وذهب ضحيته عديدون ربما بسبب تلوث المياه أو غير ذلك.
قدم /يوسف المحمود/ ملحمة تراجيدية في مرض أخيه حيث امتد لفترة.. ولاطبيب في تلك الأيام، ولا دواء، والطبيب الوحيد في القرية هو /الشيخ حمدان/ ويعني /المزار/ كولي وصالح، وكيف ذهبت الأم لكل مزارات المحيط وأحضرت منها بعض التراب وأجزاء من القماش الأخضر الذي يوضع على أضرحتها، ثم التمائم، والكتيبة والمصاحف والبخور والتوسلات ودعاء الأب الصباحي والمسائي وتحسن حال أخيه قليلاً ثم انتكاسه وأخيراً وفاته، ومحاولة الأم النزول في القبر معه، وإخراجها منه، اشتغل في هذا الحديث على تفاصيل وجدانية، وألمية حزينة أغنتها لغته وصفاً واستطراداً، وتفصيلاً وتصويراً.
في مشاهد الظرافة لديه يقول في مفترق المطر يوم جاء العراسة من الديرة الشرقية ويعني مصياف ليأخذوا أخته عروساً لهم.. كان الأب قد أعد (جدياً) لضيافتهم ذهبت البقرة، والغنمات إلى الرعي، وبقي (الجدي) في المنزل حيث سيذبح ضيافة (للعراسة).
المفارقة أن /الكلب/ لم يذهب مع الماشية وبقي مع الجدي في المنزل ليلتقط هذا المشهد ليقول إن الكلب شعر أن الجدي سيذبح وأنه سوف يأكل شيئاً من عظامه وهذا سر بقائه في المنزل.
لقطة أخرى يقول المحمود كانت دجاجاتهم أو بعضها تبيض عند الجيران اعترافاً بفضل ديكة الجيران على الدجاجات، حيث لم يكن يبقى عندهم ولا ديك لأن أباه شيخ في الضيعة وزواره كثر يذبح لهم الديكة، ولا يبقى واحد وما يسمى (الريس) للدجاجات، فتذهب الدجاجات لعند ديكة الجيران.
وكل هذه التفاصيل، والعشرات غيرها حملها روايته: (مفترق المطر).. فكانت رواية التموج البنورامي الكوميدي، والتراجيدي الاجتماعي في القرية، ومحيطها. وهو في روايته وثق الكثير من العادات، والتقاليد، وأغاني تلك الأيام مثال:
ورع ورع يازرعي
وياقليل ويامرعي
زرعتك شتوي ما ذقتك
زرعتك صيفي شوي شوي
وعن البقرة: حمورة يا حمورة
وبعين الله منظورة
هالليلة فرحة خضورة
بتحلب مولي الطنجورة
حمورة.. يا أصيلة
بالدنيا مالك مثيله
بالمرعى مانك أكيلة
بالزرعة أنت مفطورة

اعتمد المحمود في /مفترق المطر/ وكل أعماله: الوصف الحسي والمشاهد واستطاع تظهير الحدث جميلاً في هذا الوصف.. الإنسان الذي قدمه في روايته متشبث بأرضه، ومضح في سبيلها والدته كما قدمها هي الإمرأة الريفية الصلبة، والصبورة، والعاملة في البيت والأرض، والده كان أنموذج (العابد الزاهد) العائد من المهجر بالقليل.
لا تحمل الرواية /تنامياً/ في الحدث الروائي بل هي رواية: التصوير والوصف والاستحضار، والتوثيق.
أعمال يوسف المحمود لها موقعها وأصالتها، ونمطها الاشتغالي وهي تحتاج الدراسة، وإعادة طباعتها.
رحل يوسف المحمود يوم الأربعاء 18/12/2013م ودفن في قريته /كفر شاغر/، وداعاً /يوسف المحمود/ كانت تسكنك البساطة، والعفوية والواقعية ورائحة الشيح والطيون، والزعتر البري وتفاصيل القرية وما شاهدته في المدينة، لك الرحمة ونحن في رحاب الرحيل.
1- القرمشلية: نوع من الحلوى تصنع من السكر، وكانت تجلب من مدينة حمص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوسف المحمود وداعاً…انحاز للطبقات المهمشة ونقل الريف إلى مرمى الرواية في «مفترق المطر»

غيب الموت الكاتب والأديب السوري يوسف المحمود عن عمر ناهز الثمانين عاماً تاركاً وراءه الكثير من الأعمال الروائية والقصصية التي لم تنشر وقد عرف بكتابته الساخرة وزاويته المشهورة «إلى من يهمه الأمر» في صحيفة الثورة، وانحيازه للطبقات المهمشة ناقلاً حيواتهم وهمومهم ومتماهياً معهم بشظف عيش وحياة وأحلام ورؤى وهو الذي اختار أن يبقى بين ناسه البسطاء الطيبين مبتعداً عن الأضواء والإعلام.

من almooftah

اترك تعليقاً