الفنان المتألق : الدكتور / قتيبة الشهابي / الطبيب والمؤرخ والمصور المبدع – الدكتورة “هالة حمامي”- ‏تحسين صباغ‏ ‏ -شخصيات من بلدي – خلدون الخن

خلدون الخن

رحماك الله …. و أحسن مثواك ….

‏تحسين صباغ‏ ‏
شخصيات من بلدي

الشخصية الثالثة

الدكتور قتيبة الشهابي

تكلمنا عن الشخصبة الأولى الدكتور ابراهيم حقي
والشخصية الثانية الشيخ محمد سكر
والأن مع الشخصية الثالثة وهو الدكتور قتيبة الشهابي
.
تقول الدكتورة “هالة حمامي” زوجة الطبيب والفنان قتيبة الشهابي

: «هو رسام قبل أن يكون طبيباً، صور دمشق بعين فنان، مارس مهنة الطب بكل إخلاص، كان مؤرخاً ومصوراً مبدعاً، كريماً صاحب نكتة، وهو مثال الإنسان الذي نذر نفسه للعلم والمعرفة».

الطبيب “قتيبة الشهابي”…

هو طبيب أحب عمله، ولكن العمل الفني التشكيلي استهواه بكافة أشكاله ما شجعه على الدخول في تفاصيل هذا العمل، حيث سكنه عشق “دمشق” فقدم لها بالصورة والريشة، حين وثق حاراتها بالصور الفوتوغرافية، أو بلوحة رسمها لتحكي عنها.

إنه الدكتور “قتيبة الشهابي”، طبيب الأسنان الذي قدم لمهنته وهواياته الفنية الكثير، فتجلى ذلك بالكتب التي ألفها، والصور التي التقطها، والرسومات التي عبر من خلالها عن هذا العشق.

«”قتيبة الشهابي” واحد من مبدعي الشام ما يزال بعد سنوات من رحيله باقياً بيننا بأحاديثه الشائقة وتهذيبه الراقي، وعطائه المجسّد في العشرات من مؤلفاته، ما يزال كما عرفته دوماً مزيجاً من العذوبة والشفافية والإحساس الرهيف بالفن الجميل، ووفائه لكل ما هو أصيل في مدينته الأغلى دمشق سواء في معالمها، أو طبيعتها، ورجالاتها الأخيار.

فهو رائد في توثيق معالم دمشق ..تراه يتنقل بمعرضه الفني الذي أقامه عام 1985، وعرض فيه لوحاته الزيتية، وصوره الفوتوغرافية، كان يتنقل مع ضيوفه أمام اللوحة ويقدم لهم مشغوفاً مجموعات الصور القديمة لمدينة دمشق التي خلّد فيها المصورون الأجانب في نهاية القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين معالم المدينة بعدساتهم،كما الف كتب عن التراث الإنساني لأم العواصم دمشق، وأنه قام على جمع كل ما يقع تحت يده من مؤلفات قديمة وصور تاريخية وخرائط ومخطوطات وسجلات، لقد أخذ عليه هذا العمل مجامع فكره وجوارحه».

وكان «يغيب شهوراً طويلة يمضيها في الطواف بمكتبات الأسواق والمدارس والجوامع، لينبش في رفوفها الكتب المهترئة، والمخطوطات المنسية فيهذّبها وينفض عنها الغبار ويعكف عليها بحثاً وتنقيباً، وصوّر ذلك كله وسجّله بطريقة علمية وفنية، ثم بدأ مرحلة ثانية جال فيها على طائفة من المعمّرين ودوّن رواياتهم المخزونة في الذاكرة، وانطلق متأبطاً “كاميرته” إلى الأوابد والمعالم العمرانية بدمشق.

وأخذ طوال شهور يصوّر الأسواق والحارات الضيقة والبيوت الدمشقية، التقط بعينه الفاحصة وعدسته الأمينة كل التفاصيل الجميلة، لم يترك ركنا الا ونقل دقائقه وسجلها
كلمة وزخرفة وتاريخاً، ثم عاد فراجعها وناقشها مع المتخصصين والمهتمين، فما هي غير سنوات قليلة حتى غدا مخزونه مجموعات نادرة توالى صدورها عاماً بعد عام لتصبح المحصلة بيدر مؤلفات مدهشة نافت على العشرين كتاباً، مثّلت في الواقع موسوعة متكاملة أمينة ترى فيها الأجيال قسمات المدينة الخالدة، وتستعيد فيها صور الماضي العريق في المشيدات التاريخية الراقية، ولو لم نكن مرافقاين لزمن لهذا الإنجاز الكبير، ما صدّقتنا أنه عملُ محققٍ واحد، وإنما هو عمل مؤسسة فكرية بكل مكوناتها».

وعن أهم ما أنجزه “الشهابي” أشار بالقول: «نزل إلى الأسواق عام 1986، أول إصداراته مؤلّفه “دمشق تاريخ وصور” اشتمل على أكثر من 500 صورة لمعالم دمشق قديمها وحديثها وأكثر من عشرين خريطة لها، وصور لشخصيات وطنية وأجنبية ولأنشطة الحياة اليومية والاجتماعية، وقد عُدّ َالكتاب يومها «بيبلوغرافيا» مصورة تعيد النبض والألق للقسمات الدمشقية الجميلة».

وظهور هذا الكتاب مثّل تفجّر ينبوع شفاف لا يكف عن التدفق فإذا بمؤلفاته الدمشقية تتوالى، فيتلقفها الناس وبالذات الباحثون والمؤلفون ويرون فيها مصادر موثقة تعرّفهم بالمرافق والمشيدات العمرانية الباذخة في دمشق بين حي وسوق وحارة وزقاق وجامع ومدرسة ومكتبة تراث وسبيل ماء ومقهى وخان وحمّام.. وقد أقام “الشهابي” كل هذه المفردات على محاور واضحة لتخدم أهدافاً محددة وهي جعل المؤلف الصورة أساساً رئيساً في العمل بحسبان أن المؤرخ كما يذكر “الشهابي” قد يخطئ أو يسهو أو يمر عابراً على نقطة أو فاصلة في لوحة أو شريحة من آبدة متهالكة، لكن الصورة تبقى شاهداً ودليلاً أميناً».

الشهابي طبيب ورسام ومصور وباحث ومحقق وكل واحد في هذه المجالات عالم قائم بذاته، فكيف استطاع أن يوفق بين هذه العوالم في آنٍ واحد؟

فيجيب إن الطبيب بحاجة إلى الفن ليُنتج ويعالج بطريقة سليمة، ويحتاج الفنان كذلك إلى الطب لأن الفن عمل فكري، قبل أن يكون إبداعاً عاطفياً، والفنان الذي يملك الثقافة قادر على معالجة الأمور لونياً وشكلياً أكثر ممن لا يملكها، أنا في الواقع فنان ومحقق ألهو بالطب وأغني لدمشق بالصورة والريشة».

وفي نبذة عن الشهابي : «هو من مواليد دمشق عام 1934 أبوه الأمير أحمد الشهابي أحد مجاهدي الثورة السورية الكبرى في غوطة دمشق، وقد دفع أبوه ضريبة الجهاد اضطهاداً ونفياً عن البلاد لسنوات انتهت برحيل المحتل الأجنبي عن أرض الوطن.

في حداثته المبكرة استهوى التصوير الضوئي فاقتنى أول كاميرا بليرة سورية واحدة لازمته في كل مكان وتعلّم بها دروس التصوير الأولى، شغف كذلك بالمطالعة فقرأ لأعلام الأدب العربي وكتب قصصاً قصيرة نالت واحدة منها جائزة قيمة وعلى الرغم من أن والده كان محامياً فقد صرفه عن دراسة الحقوق ليختار دراسة طب الأسنان، فتابع فيها المرحلة الجامعية وتخرج طبيباً جراحاً بمرتبة متميزة كما حصل من لندن على شهادة التخصص العليا فلما عاد إلى الوطن تنقّل بين مراكز متعددة جمع فيها بين تخصّصه في طب الأسنان وعمله الأحب الفن والتاريخ فهو عضو الهيئة التعليمية في كلية طب الأسنان بجامعة دمشق وأستاذ التشريح الفني بكلية الفنون الجميلة بدمشق وعضو في نقابة الفنون الجميلة وفي اتحاد الفنانين التشكيليين العرب وخبير ثقافي بوزارة السياحة وعضو هيئة التحرير في مجلة السائح وعضو لجنة تسمية شوارع مدينة
دمشق».

في الشهور الأخيرة من رحلته دخل “الشهابي” في صراع مع المرض، فأصبح وقد أحسّ بدنوه من خط النهاية مقاوماً فذّاً، يواجه مواجعه بابتسامة ساخرة، ويعلن تحدّيه لتقهقر صحته وسلاحه عمل مضاعف وسهر بلا كلل، وقبل يوم من رحيله يقول :

«أنا لا أخشى الموت، أنا أقهره بالعطاء والإبداع، وكل إنجاز جديد لي يعطيني يوماً جديداً آخر، ولقد مشيتُ في طريق اخترته بكل رضاي، وكانت شجرتي خصبة وأعتز بثمارها.

تمدّد “الشهابي” في يومه الأخير على سريره بقرب شباك مفتوح على مشهد دمشقي فريد، جال بنظرته الدامعة على المعالم المتألقة قبالته على مد البصر، وافترّت شفتاه عن همسة خافتة: شكراً دمشق، صديقتي الأثيرة التي جعلت لحياتي معنى سامياً، وطعماً أرقّ وأعذب، وأطبق جفونه على المشهد».
وفاته
فقدت دمشق يوم الأحد 17 شباط (فبراير) 2008 أحد أهم عشاقها ومؤرخيها ورواتها وأدلائها وأطبائها، إذ غيب الموت «قتيبة الشهابي» سليل عائلة نبيلة من المجاهدين لأجل حرية واستقلال سورية، فهو ابن الأمير أحمد الشهابي الذي كان أحد دعائم الثورة السورية الكبرى في غوطة دمشق، حيث كان طوال فترة الثورة رئيساً لمحكمة الاستقلال في قرية «الحتيتة» في الغوطة، والذي عانى طويلاً مرارة النفي واللجوء إلى شرقي الأردن حتى صدور العفو عن الثوار من قبل سلطات الانتداب الفرنسي.
ثم سكن الأمير أحمد والد قتيبة مدينتنا الحسكة، حيث كان قاضياً (نائب عام)، ثم عمل محامياً، وكانت تربطه وزوجته الست هاجر علاقة صداقة ومودة متينة مع أهلنا رحمهم الله جميعاً.
قتيبة الشهابي الفنان الذي تلهى بطب الأسنان فكان أستاذاًَ أكاديمياً متميزاً في كليتي الفنون الجميلة وطب الأسنان، والمؤرخ الذي وثق لصمود دمشق أمام الغزاة في كتابه «صمود دمشق أمام الحملات الصليبية» ولغنى دمشق الديني ووحدتها الوطنية في كتابيه «مآذن دمشق تاريخ وطراز» و«أديرة وكنائس دمشق وريفها» واستحضر أصوات أهل الشام في كتابه «طريف النداء في دمشق الفيحاء» وعيون الرحالة الذين زاروها في كتابه «دمشق الشام في نصوص الرحالين والجغرافيين والبلدانيين العرب والمسلمين».
لم يكن الراحل قتيبة الشهابي عاشقاً غيوراً، ولم يحاول أن يحجب محبوبته خلف أسوار عالية، بل عمد على نشر نظرة المحب لدمشق وأبنيتها وآثارها في كتبه وصوره وحاول أن يشرح بالكلمة والصورة ما نعرفه جميعاً بالفطرة لماذا يتحول كل قاطن أو زائر أو مار بدمشق إلى عاشق لها.
كما كان د. الشهابي من أوائل المستقبلين للسياح الذين يزورون دمشق، يزرع هوى الشام في قلوبهم، يأخذ بيدهم عبر كتبه ومقالاته المنشورة في الدوريات المختصة ويطوف بهم في ربوع دمشق، يزورون أوابدها التاريخية وروائعها المعمارية، يمشون في أسواقها، يقرأون معاً النقوش المكتوبة على آثارها المعمارية، يزورون مشاهد وقبور المدفونين فيها، يتأملون جمال طراز مساجدها ومآذنها، يستمعون معاً إلى القداديس والتراتيل من كنائسها وأديرتها، يلتقطون معاً الصور التي توثق عرى الحب والعشق بين المدينة وأبنائها وزائريها، كان دليلاً متطوعاً، مثقفاً، يشرح باللغات الحية كل ما يهم السياح أن يعرفوه عن دمشق الشام.
سيرته الذاتية ومؤلفاته
د. قتيبة الشهابي من مواليد دمشق عام 1934، تتضمن سيرته الذاتية:
1- دكتور في جراحة الأسنان
2- دراسات عليا في طب الأسنان في لندن.
3- عضو الهيئة التعليمية في كلية طب الأسنان – جامعة دمشق.
4- أستاذ للتشريح الفني في كلية الفنون الجميلة – جامعة دمشق.
5- عضو نقابة الفنون الجميلة بدمشق.
6- عضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب.
7- متخصص بالتصوير الضوئي من لندن.
8- عضو لجنة تسميات الشوارع في مدينة دمشق.
9- خبير ثقافي في وزارة السياحة.
10- مستشار وزير السياحة (2000 – 2007).
11- عضو هيئة تحرير مجلة دليل السائح.
وللراحل الشهابي 27 مؤلفاً مطبوعاً، ستة منها مؤلفات علمية هي تتضمن أربعة كتب جامعية تدرس في كلية طب الأسنان في جامعة دمشق بالإضافة إلى معجمين إنكليزي – عربي عن مصطلحات طب الأسنان والمصطلحات الطبية.
أما كتبه في مجال التاريخ والتراث والآثار فهي:
1- دمشق تاريخ وصور.
2- هنا بدأت الحضارة (سورية تاريخ وصور)
3- أسواق دمشق القديمة ومشيداتها التاريخية.
4- مآذن دمشق تاريخ وطراز.
5- معجم ألقاب أرباب السلطان في الدول الإسلامية.
6- مشيدات دمشق ذوات الأضرحة وعناصرها الجمالية.
7- معالم دمشق التاريخية.
8- أبواب دمشق وأحداثها التاريخية.
9- زخارف العمارة الإسلامية في دمشق.
10- النقوش الكتابية في أوابد دمشق.
11- دمشق الشام في نصوص الرحالين والجغرافيين والبلدانيين العرب والمسلمين.
12- طريف النداء في دمشق الفيحاء.
13- صمود دمشق أمام الحملات الصليبية.
14- معجم دمشق التاريخي (ثلاثة أجزاء).
15- الطيران ورواده في التاريخ الإسلامي.
16- نقود الشام.
17- عباقرة وأباطرة من بلاد الشام.
18- أديرة وكنائس دمشق وريفها.
19- أضرحة آل البيت والمقامات الشريفة في سورية (بالعربية والفارسية).
20- معجم المواقع الأثرية في سورية.
21- تاريخ ما أهمله التاريخ.

.
قالوا في الدكتور شهابي

عماد الأرمشي

من منا بيده مفاتيح دمشق الشام …..

و من منا يملك محاريب مساجد دمشق ….

ومن منا وقف عند أبوابها … ورسم صورة حية لن تموت بموت صاحبها .

ما زال الدكتور قتيبة الشهابي حياً في قلوبنا .. يمشي بين ظهرانينا …. معطاء بلا حدود .

رحماك الله …. و أحسن مثواك ….
.
شام الياسمين
كم كنت رائعاً قتيبة الشهابي باسمك الكبير ،وكم أذهلنا ماتركته لنا من رسم أناملك وكاميرتك المحمولة فوق أكتاف دمشق الخرافية ،
وبكل تواضع الحروف لا أستطيع نسيان الدور الكبير لزوجته الدكتورة هالة حمامي فيما منحته من قلبها ووقتها لتحيط إبداعه بتحناناتها وسهرها المتواصل معه لتعبر معه ضفاف التعب المتواصل لإيصال توثيقه العشقي لدمشق .
.سلاماً لروحك أيها العاشق لزوجتك وللشام
.
منقول عن negmmaher (Negm Maher

زوجته هالة حمامي

من almooftah

اترك تعليقاً