كاتدرائية القديس بطرس
من ويكيبيديا
كاتدرائية القديس بطرس البابوية
Basilica Papale di San Pietro in Vaticano (إيطالية)
Basilica Sancti Petri (باللاتينية: )
أماكن رئيسية داخل الفاتيكان
1. المسكن البابوي: حيث توفي البابا يوحنا بولس الثاني، 2 أبريل/نيسان 2005
2. قاعة كليمنتين: الكرادلة ومسؤولون آخرون يلقون النظرة الأخيرة على جثمان البابا
3. كنيسة القديس بطرس: العامة يودعون جثمان البابا، الذي يدفن أيضا في الكنيسة
4. كنيسة السيستين: الكرادلة يجتمعون لاختيار من يخلف البابا
5. ساحة القديس بطرس: القداس الجنائزي يجري فيها يوم الجمعة
|
كاتدرائية القديس بطرس في الصباح الباكر.
معلومات أساسيّة
الموقع الفاتيكان
الإحداثيات الجغرافية 41°54′8″N 12°27′12″E / 41.90222°N 12.45333°Eإحداثيات: 41°54′8″N 12°27′12″E / 41.90222°N 12.45333°E
الانتماء الديني الكنيسة الرومانية الكاثوليكية
تاريخ الرسامة 1626م
الطبيعة كنيسة كبرى
العمارة
المصمم دوناتو برامنتي
أنطونيو دا سانغالو الأصغر
ميكيلانجيلو دي لودفيكو بوناروتي
يعقوب باروتسي دا فينيولا
جياكومو ديلاّ بورتا
كارلو ماديرنو
جان لورينزو برنيني
الطراز المعماري عصر النهضة والباروكيه
بدء الإنشاء 1506م
تاريخ الانتهاء 1626م
المواصفات
الطول 220 مترًا (730 قدمًا)
العرض 150 مترًا (500 قدم)
أقصى ارتفاع 138 مترًا (452 قدمًا)
ارتفاع القبة (خارجيًا) 42.0 مترًا (137.7 أقدام)
عرض القبة (داخليًا) 41.5 أمتار (136.1 قدم)
كاتدرائية القديس بطرس أو بازليك القديس بطرس وتعرف رسميًا باسم بازليك القديس بطرس البابوية (باللاتينية: Basilica Sancti Petri)، كنيسة كبيرة بنيت في أواخر عصر النهضة في القسم الشمالي من روما وتقع اليوم داخل دولة الفاتيكان رسميًا. كاتدرائية القديس بطرس تعتبر أكبر كنيسة داخلية من حيث المساحة،[1] وواحدة من أكثر المواقع قداسةً وتبجيلاً في الكنيسة الكاثوليكية، وقد وصفها عدد من النقاد بأنها “تحتل مكانة بارزة في العالم المسيحي”، وبأنها “أعظم من جميع الكنائس المسيحية الأخرى”.[1] بالإضافة إلى وصفها بكونها من الجمال وتناسق الخطوط في الذروة”.[2] سبب التبجيل يعود، لأن الكاتدرائية وبحسب التقليد الكاثوليكي تحوي ضريح القديس بطرس، ويقع الضريح مباشرة تحت المذبح الرئيسي للكاتدرائية والذي يسمى “مذبح الاعتراف” أو “المذبح البابوي” أو “مذبح القديس بطرس”.[3] القديس بطرس هو أحد التلاميذ الاثني عشر ومن المقربين ليسوع، وبحسب العقائد الكاثوليكية فإن يسوع قد سلّمه زمام إدارة الكنيسة من بعده، وبالتالي كان بطرس البابا الأول للكنيسة الكاثوليكية وكذلك أول أسقف لمدينة روما. تشير البحوث المستقلة التي أجريت بين عامي 1940 و1964 خلال حبريات بيوس الثاني عشر ويوحنا الثالث والعشرون وبولس السادس إلى صحة التقاليد الكاثوليكية بشأن مدفن القديس بطرس؛[3] ومنذ تشييدها في القرن السابع عشر دفن أغلب البابوات في أضرحة منفصلة على امتداد الكنيسة أو في الصالة التي تقع تحتها، وذلك كإشارة رمزية بوصفهم خلفاء القديس بطرس.
الموقع الذي تشغله الكنيسة، كان محط تبجيل من قبل مسيحيي روما منذ القرون الأولى، وقد ذكر المؤرخ الروماني غايوس في بداية القرن الثاني عن “الضريح المجيد” الذي يبجله المسيحيون في المدينة؛ وبعد إعلان المسيحية كدين رسمي للإمبراطورية الرومانية عمد الإمبراطور قسطنطين إلى تشييد كنيسة فوق المدفن الأصلي سميت “الكنيسة القسطنطينية” نسبة إلى بانيها الإمبراطور. بنيت الكنيسة الأولى بدءًا من العام 320 وبداعي التقادم الزمني من ناحية والثورة الثقافية في عصر النهضة عمد البابوات منذ يوليوس الثاني إلى ترميم ومن ثم بناء الكاتدرائية بشكلها الحالي، وقد أدت الظروف السياسية والاقتصادية من ناحية وبعض العقد الهندسية كطريقة تشييد القبة الكبرى من ناحية ثانية، إلى تأخر إتمام عمليات البناء لما يربو القرن من الزمن. إذ بدأ العمل يوم 18 أبريل 1506 وانتهى في 18 نوفمبر 1626.
تحوي الكاتدرائية على عدد كبير من القطع الفنية التي تعود لفترة عصر النهضة والفترات اللاحقة لها، ولعل من أهمها أعمال مايكل آنجلو،[4] كما أنها مدرجة كجزء من الفاتيكان على لائحة التراث العالمي، ومنذ العام 1960 مدرجة في “السجل الدولي للأعمال الثقافية تحت الحماية الخاصة في حالة الصدام المسلح”.[5] في الواقع فعلى الرغم من شيوع لفظ كاتدرائية في توصيفها، فإن هذه التسمية ليست دقيقة؛ إذ كلمة كاتدرائية وهي مشتقة من الفعل اليوناني كاتدرا (باليونانية: καθέδρα) بمعنى “كرسي”، نظرًا لكون الكاتدرائية تحوي الكرسي أو المقر الرسمي للأسقف؛ غير أن المقر الرسمي لأسقف روما هو كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني، إحدى الكاتدرائيات الثلاث التي تقع في روما وتتبع سيادة الفاتيكان، ولذلك يعمد البعض إلى وصفها بعبارة بازليك القديس بطرس، أي كنيسة كبيرة دون أن تكون مقرًا أسقفيًا لتنال توصيف كاتدرائية بشكل رسمي. وعلى الرغم من ذلك فإن عبارة كاتدرائية القديس بطرس تعتبر أكثر شيوعًا. وعلى العموم، فإنه قبل بناء البازليك بالشكل الحالي وكذلك القصر الرسولي بقربه، فإن البابا كان يقيم في القصر اللاتراني في روما.
تحوي الكاتدرائية على 777 عمودًا و44 مذبحًا و395 تمثالاً، إلى جانب عدد من الأضرحة والأيقونات الأخرى، وقد ألحق بها متحف خاص للآواني المقدسة والثياب الكهنوتية المستعملة بها.[6]
قبل الكاتدرائية الحالية
مدفن القديس بطرس والضريح الأول
صورة بانورامية لقلب الكاتدرائية، ويظهر في صدر الصورة المذبح البابوي تعلوه مظلة برنيني القائمة مباشرة فوق ضريح القديس بطرس، وأمامهما فسحة الاعتراف، المدخل إلى المدفن.
وفق عقائد وتقاليد الكنيسة الكاثوليكية، فإنه بعد يسوع قام أحد التلاميذ الاثني عشر المدعو سمعان بطرس، أحد الصيادين من الجليل والذي عينه يسوع رأسًا للرسل مفوضًا إياه شؤون إدارة الكنيسة من بعده، بالسفر إلى روما مبشرًا بالمسيحية. وتعني كلمة “بطرس” في العربية الصخر أو الحجر، وهو الاسم الذي أطلقه يسوع عليه. بطرس لم يتنقل إلى روما مباشرة، وإنما مكث في فلسطين ومن ثم في أنطاكية قسطًا من الزمن يدون أحداثه سفر أعمال الرسل، وبعد حوالي ثلاثين عامًا انتقل إلى روما مؤسسًا كنيستها، ومن ثم صلب في العام 64 أو 67 خلال عهد الإمبراطور الروماني نيرون؛ وكان عملية صلبه واحدة من عمليات الصلب والقتل التي لحقت بالمسيحيين في روما في أعقاب الحريق الكبير الذي أشعله نيرون، ويعتبر اضطهاد نيرون أول اضطهاد للمسيحيين في الإمبراطورية الرومانية؛ وبحسب ما نقل أوريجانوس فقد صلب بطرس رأسًا على عقب، وذلك بناءً على طلبه لأنه اعتبر نفسه لا يستحق أن يموت بنفس الطريقة التي مات فيها يسوع.[7] عملية الصلب وقعت بالقرب من مسلة مصرية قديمة كان قد جلبها الإمبراطور كاليغولا من مصر، ونصبها في قلب ملعب نيرون الذي شهد العديد من عمليات إعدام للمسيحيين، وفي القرن السادس عشر نقلت المسلة إلى وسط ساحة القديس بطرس بوصفها أحد الشواهد على قتل القديس بطرس.
حسب التقليد أيضًا، فإن القديس بطرس قد دفن في أحد التلال القريبة من موقع الملعب، وهو المكان الذي ترتفع فوقه حاليًا الكاتدرائية. وبموجب البحوث التي قامت بها جهات مستقلة بين عامي 1940 و1964 خلال حبريات بيوس الثاني عشر ويوحنا الثالث والعشرون وبولس السادس تم تأكيد صحة التقاليد الكنسية في هذا الخصوص،[8] فبحسب الحفريات التي أجريت تحت الكاتدرائية، استدل على أن الضريح الأول كان قبرًا بسيطًا ومحفورًا في الأرض من الحجر الأحمر؛ ويبدو من خلال النقوش المكتشفة، أن عناية مخصوصة كانت تكلؤه منذ البدء، وهذا يتفق مع ما نقله عدد من المؤرخين الرومان، لعل أبرزهم هو المؤرخ غايوس الذي أشار إلى الضريح المجيد الذي يكرمه المسيحيون في روما وذلك في القرن الثاني.[9]
من المكتشفات التي عثر عليها تحت الكاتدرائية، تبين أن عددًا متزايدًا من المسيحيين في روما دفنوا بالقرب من الضريح خلال القرن الثاني، وأن المنطقة الأصلية قد سورت لفصلها عن المقبرة الخارجية، على أن العديد من الكوى المخصصة لإيقاد الشموع أو الفتائل حفرت على هذا السور. إلى جانب نقوش عديدة للحرفين P و E في إشارة إلى بطرس قد وجدت مكتوبة باللاتينية، إضافة لأدعية وابتهالات عديدة وصيغ تتضمن كثيرًا من أسماء الموتى، وتظهر عبارات تفخيم ليسوع وبطرس مرات عديدة أيضًا.[10] كما اكتشف بعض النواويس والأضرحة لبابوات من قرون مختلفة اختاروا أن يدفنوا قرب القديس بطرس ككلمينت الثامن عام 1594 وكاليستوس الثاني عام 1123 وغريغوري الأول عام 604.
بعد نقب السور الأصلي، وجدت فسحة تعود لما بعد بناء الكنيسة القسطنطينية تحوي فتحة فيها أجزاء من عظام مكفنة في نسيج أرجواني مرصع ببعض الأحجار الكريمة؛ وعلى الرغم من أنه لم يجري أية بحوث على العظام نفسها، إلا أن البابا بيوس الثاني عشر وفي رسالة عيد الميلاد يوم 23 ديسمبر 1950 أعلن اكتشاف قبر القديس بطرس، استنادًا على المعطيات الداخلية الضمنية ومنها التقليد الكنسي وروايات المؤرخين، والعناية الخاصة بالقبر المذكور.[11]
ملعب نيرون، الذي شهد عملية الصلب، يقع حاليًا ضمن حدائق الفاتيكان.
الكنيسة القسطنطينية
جزء من سلسلة
الفاتيكان
الكرسي الرسولي
البابا • فرنسيس
القديس بطرس • الباباوات السابقون
كاردينال • مجمع الكرادلة
الكوريا الرومانية
كاتدرائية القديس بطرس • كنيسة سيستين
الساحة • المتاحف • المكتبة
الحدائق • الأرشيف • الحرس
القصر البابوي • بيت القديسة مرثا
العَـلم • الشعار
اتفاقية لاتران
الكنيسة القسطنطينية أو كاتدرائية القديس بطرس كما كانت تبدو قبل تشييد الكاتدرائية الحالية، حوالي عام 1450. الرسم يعود للقرن التاسع عشر، وتظهر في الصورة المسلة المصرية التي لا تزال قائمة إلى اليوم.
بدأت عملية بناء الكنيسة القسطنطينية بناءً على أوامر الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول حوالي العام 326 أو 333 واستمر العمل ثلاثة عقود بعد أن تم طم سبعة أمتار لتسوية سطح الأرض والحفاظ على الضريح بشكله الأول، أما مخطط الكنيسة فقد كان على شكل صليب إغريقي ضخم، وساهمت قوة المخططات ومتانة البناء على صموده اثني عشر قرنًا كاملاً، حتى بناء الكاتدرائية بالشكل الحالي؛ وقد احتلت الكنيسة القسطنطينية، بوصفها ضريحًا للقديس بطرس مكانة حج هامة في روما ومن ثم أصبحت أحد معالمها الدينية الرئيسية؛ كما أصبحت المكان التقليدي لتقليد البابوات المتعاقبين شؤون حبرياتهم، وشهدت الكنيسة أيضًا عام 800 تتويج شارلمان كإمبراطور للإمبراطورية الرومانية المقدسة، لكنها تعرضت عام 846 لمحاولة نهب وتدمير، ألحقت أضرارًا بليغة بها، غير أن البابا غريغوري العظيم قام بترميمها، وكذلك فعل البابا كاليستوس الثاني في القرن الثاني عشر.[12]
أخذ الحديث يدور حول ترميم الكنيسة منذ القرن الخامس عشر، وبالفعل بعد انتهاء انشقاق أفينغون رعى البابا مارتن الخامس عملية ترميم أشرف عليها ليون باتيستا ألبرتي ورسويلينو برناردو، ولم تتوقف عمليات الترميم والإضافة على البناء الأساسي طوال القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر، أي حتى الشروع ببناء الكاتدرائية الجديدة. وفي الواقع، فإنه حتى عندما شرع البابا يوليوس الثاني بناء الكاتدرائية الجديدة، كان المخطط قائمًا على توسيع وترميم الكنيسة القسطنطينية دون هدمها بالكامل، وطوال القرن السادس عشر كان المهندسون يتجاذبون مخططات بعضها رام ترميم الكنيسة وتوسيعها والبعض الآخر وجد إعادة بناء كنيسة جديدة بالكامل.[13]
كانت الكنيسة القسطنطينية مؤلفة من خمسة أروقة وصحن واسع في المنتصف على جانبيه ممرات تؤدي إلى صحنين آخرين أصغر حجمًا، وقد زينت الكنيسة بواحد وعشرين عمودًا من الرخام الأبيض المهداة من قبل الإمبراطور قسطنطين، أما سقفها فكان مغلفًا بالخشب وقد جدد عدة مرات، وفي القرن الرابع عشر رسم عليه عدد من الصور والأيقونات الفسيفسائية الكبيرة الحجم من تصميم نافيسيلا بين عامي 1305 و1313، وأكبر الأيقونات تمثل القديس بطرس وهو يمشي على الماء إلى جانب أحد عشر رسمًا آخر يمثل مقاطع من العهد القديم والعهد الجديد؛[14] وقد زين السقف أيضًا مع تعاقب البابوات بالثريات. أمام الكنيسة كان هناك ساحة متوسطة الحجم، على شكل صليب دعيت “حديقة الجنة”، كما كان للكنيسة خمسة أبواب غير أن بعضها قد أضيف خلال المرحلة اللاحقة لتشييدها في القرن الرابع.
أما المذبح، فبدوره كان مزينًا بمجموعة من الأعمدة المهداة من قبل الإمبراطور قسطنطين وهي مصممة وفق وصف الهيكل المقدس كما ورد في سفر الملوك الأول؛ وعندما بنيت الكاتدرائية بالشكل الحالي أوحت هذه الأعمدة لبرنيني ليقوم بتصميم مظلته البرونزية ذات الأعمدة الأربع الملتوية، بحيث كانت تشابه الأعمدة السابقة.[15] أما الأعمدة السابقة، سواءً أكانت في الكنيسة ككل أو بالقرب من المذبح فقد نقلت إلى ساحة القديس بطرس، ونقل البعض من اللوحات والأيقونات الفسيفسائية إلى متاحف الفاتيكان أو بعض الكاتدرائية الهامة في إيطاليا.[16]
لم تكن الكنيسة القسطنطينية تعتبر المقر الرسمي والوحيد للبابا، بل إن الباباوات آنذاك كانوا يقيمون في القصر اللاتراني في روما، بيد أن أغلبهم قد دفن في الكنيسة القسطنطينية في إشارة إلى الارتباط مع القديس بطرس، وعندما تم بناء الكاتدرائية بالشكل الحالي، تم نقل العديد ناوويس ومدافن البابوات، خصوصًا البابوات الذين يعودون لفترات قريبة من فترة تشييد الكاتدرائية أي بابوات القرن الخامس عشر والقرن الرابع عشر، أما القبور السابقة لذلك دمرت خلال عملية التشييد الجديدة؛ وقد نقلت النواويس المكتشفة إلى القاعة الخاصة بمدافن البابوات أسفل الكنيسة الحالية.[17]