«نيمايير» المعماري العملاق

يعتبر المعماري البرازيلي أوسكار ريبييرا آلميدا نيمايير «1907-2012» من عمالقة الفن المعماري في العالم في القرن العشرين، تميز ببناء المباني الأكثر لفتاً في العالم والأضخم والمقوسات والهياكل الزجاجية التي تفوق الوصف

عايش نيمايير أحداثاً تاريخية كبرى كانتفاضة الجياع في البرازيل والحرب العالمية الثانية والنهوض الكبير للحركة الثورية في البرازيل في الخمسينيات وانضم إلى الحزب الشيوعي البرازيلي مع نهاية الحرب ونفي إلى أوروبا في عهد الحكم الديكتاتوري العسكري، وترك الكثير من الصروح المعمارية في مدينة برازيليا العصرية التي خططها ورسمها بقلمه قبل أن يجسدها بالأحجار والأسمنت.
كان نيمايير صديقاً مقرباً لفيديل كاسترو، الذي غالباً ما كان يزوره في شقته وفي الاستديو الخاص به في البرازيل. علق كاسترو ذات مرة قائلاً: «نيمايير وأنا أقدم شيوعيين في هذا الكوكب». وكان من زواره أيضاً الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز.
كان أوسكار نيمايير مهندساً معمارياً لامعاً ومحظوظاً توفرت له فرص تحقيق أحلامه وتصوراته الثورية في مجاله، فنجح بالتالي في تجسيد ما فشل في تحقيقه أستاذه وشيخه المهندس المعماري العبقري السويسري لوكوربوزييه الذي عَبّدتْ أفكارُه وفلسفته المعمارية الطريقَ أمام جيل كامل من أترابه وتلاميذه ليغيِّروا ثقافة العمران وأساليب البناء في العالم بأسره.
مدينة الرئيس التي افتتحت عام 1960 كان قد خططها المعماري البرازيلي لوتشيو كوستا تحت رعاية نيمايير واحدة من المدن المميزة في العالم وبشكل لا يوصف حيث كان أقوى تأثير رمزي لمبنى الكونغرس وأروقة قصر العدالة بالإضافة إلى رئاسة الوزراء والكاتدرائية الثورية والفاتنة وبلوكات الشقق فائقة الحداثة.
بنى نيمايير في فترة نفيه إلى أوروبا، المركز الثقافي في فرنسا في مدينة هافر ومقر الحزب الشيوعي في باريس لدرجة قال البعض إن لا أحد يجرؤ على التشبه به لأنه من المستحيل نسخ العمارة التي يرسمها، فهو شخصية موهوبة فريدة لم يتعلم فنه في مدرسة.
من أعماله أيضاً بناء الأمم المتحدة في نيويورك والقصر الرئاسي ومقر وزارة الخارجية في برازيليا وأيضاً جامعة هواري بومدين في العاصمة الجزائر وجامعة منتوري في قسنطينة، وغيرها من الإنجازات في كبريات المدن والعواصم العالمية.
في عام 1945، أطلق سراح المناضلين الشيوعيين الذين اعتقلوا في ظل ديكتاتورية «فارغاس»، وكان نيمايير يحتفظ بمكتب له في كوندي لاغيس في غلوريا، وقرر أن يؤوي بعضاً منهم. سمحت هذه التجربة له بلقاء لويس كارلوس بريستس الشخصية الشيوعية الأهم في البرازيل. بعد عدة أسابيع تخلى عن منزله لبريستس وأنصاره، وأصبح مكتبه لاحقاً مقراً للحزب الشيوعي البرازيلي في نشاطه العلني. بعدها انضم نيمايير إلى الحزب الشيوعي البرازيلي وأصبح رئيسه في عام 1992. في فترة الديكتاتورية العسكرية في البرازيل جرت مداهمة مكتبه ونفي إلى أوروبا. علق وزير الطيران في ذلك الوقت قائلاً: «إن مكان المعماري الشيوعي هو موسكو». من ثم زار نيمايير الاتحاد السوفييتي والتقى عدداً من قادة البلاد. ونال في عام 1963 جائزة لينين للسلام.
انتقد البعض عدداً من أعماله التي قالوا عنها بأنها تحمل طابعاً برجوازياً وتتناقض مع وجهة نظره السياسية. فدافع نيمايير قائلاً: «يشك في قدرة العمارة على تغيير مجتمع غير عادل. وقال مرة: إن قلقنا سياسي أيضاً، العمارة هي عملي، وأنا قضيت جل حياتي على طاولة الرسم. ما يهم هو تحسين حياة البشر».

«نيمايير» المعماري العملاق

رحيل عملاق الفن المعماري المعاصر أوسكار نيمايير

الجمعة 21 كانون الأول (ديسمبر) 2012

شيعت البرازيل جثمان عملاق الفن المعماري المعاصر أوسكار ريبيرا آلميدا نيمايير إلى مثواه الأخير بعد وفاته الأربعاء الماضي .

ولد أوسكار نيماير في ريو دي جانيرو في 15 كانون الأول 1907، عايش نيمايير أحداثاً تاريخية كبرى كالثورة الاشتراكية العظمى 1917 والحرب العالمية الثانية حيث انضمّ إلى الحزب الشيوعي البرازيلي مع نهاية الحرب، ثم نفي إلى أوروبا في عهد الحكم العسكري في البرازيل، وظل متمسكاً بقناعاته.

برازيليا المدينة العصرية التي خطّطها ورسمها بقلمه قبل أن يجسِّدها بالأحجار والإسمنت قامت بتنكيس الرايات على المباني العامة حدادا على رحيل هذا العملاق الملتزم بالدفاع عن القضايا العادلة الشاهد على قرن كامل من الأحداث المصيرية في تاريخ البشرية. جثمان أوسكار نييمايير نُقل إلى القصر الرئاسي الذي يُعدُّ أحد أبرز إنجازاته المعمارية وأبت رئيسة البرازيل والعديد من الشخصيات المحلية والأحبة والأقارب إلا أن يلقوا نظرة أخيرة على الفقيد قبل دفنه.

أوسكار نييمايير الذي كان يقول إن جذوره ألمانية وبرتغالية، كان دائمَ التباهي، خصوصا خلال سنواته التي قضاها في الجزائر، بأن في عروقه تجري أيضا دماءٌ عربية… وقد رحل عن الحياة بعد أن ترك إنجازات معمارية متعددة ومتنوعة تنوُّع جذوره العرقية في مختلف بقاع العالم، لعلّ من أبرزها بناء الأمم المتحدة في نيويورك والقصر الرئاسي ومقر وزارة الخارجية في برازيليا وأيضا جامعة هواري بومدين في العاصمة الجزائر وجامعة منتوري في قسنطينة، وغيرها من الإنجازات في كبريات المدن والعواصم العالمية. أوسكار نييمايير كان مهندسا معماريا لامعا ومحظوظا توفرت له فرص تحقيق أحلامه وتصوراته الثورية في مجاله، فنجح بالتالي في تجسيد ما فشل في تحقيقه أستاذه وشيخه المهندس المعماري العبقري السويسري لوكوربوزييه الذي عَبّدتْ أفكارُه وفلسفته المعمارية الطريقَ أمام جيل كامل من أترابه وتلاميذه ليغيِّروا ثقافة العمران وأساليب البناء في العالم بأسره.

لقد حثّه الرئيس البرازيلي ذو الشعبية الواسعة (جوسلينو كوبيجيكت- كي جي) وتعهد بعد تسلمه موقعه أن يختصر خمسين عاما من الازدهار والتقدم في خمس سنوات. ولم يخذله الذين كانوا معه في المسؤولية في إظهار ملامح أحلامه.

مدينة الرئيس التي افتتحت عام 1960 كان قد خططها المعماري البرازيلي (لوتشيو كوستا) الذي عرض رعاية نيمايير هبة العصر المعمارية لتصميم المباني المحددة لواحدة من المدن المميزة في العالم وبشكل لا يوصف. حيث كان أقوى تأثير رمزي لمبنى الكونغرس وأروقة قصر العدالة بالإضافة إلى رئاسة الوزراء الصقيلة والكاتدرائية الثورية والفاتنة وبلوكات الشقق فائقة الحداثة. في فترة نفيه إلى أوروبا، إبان العهد الديكتاتوري العسكري في البرازيل، بنى نيماير في فرنسا المركز الثقافي في مدينة هافر ومقر الحزب الشيوعي في باريس حتى قال عنه البعض ان لا احد يجرؤ على التشبه به لأنه من المستحيل نسخ العمارة التي يرسمها، انه شخصية فريدة للغاية، موهوبة لم يتعلم فنه في مدرسة. في عام 1945، جرى إطلاق سراح المناضلين الشيوعيين الذين جرى اعتقالهم في ظل ديكتاتورية «فارغا»، ونيمايير الذي كان يحتفظ بمكتب له في كوندي لاغيس في غلوريا، قرر أن يؤوي بعضاً منهم. هذه التجربة سمحت له بلقاء لويس كارلوس بريستس الشخصية الشيوعية الأهم في البرازيل. بعد عدة أسابيع تخلى عن منزله لبريستس وأنصاره وهذا المكتب أصبح لاحقاً مقراً للحزب الشيوعي البرازيلي في نشاطه العلني. بعدها انضم نيمايير إلى الحزب الشيوعي البرازيلي الذي أصبح رئيسه في عام 1992. في فترة الديكتاتورية العسكرية في البرازيل جرت مداهمة مكتبه أجبر على المنفى في أوروبا. وزير الطيران في ذلك الوقت علق قائلاً: «إن مكان المعماري الشيوعي هو موسكو». من ثم زار نيمايير الاتحاد السوفييتي ملتقياً عدداً من قادة البلاد. وفي عام 1963 نال جائزة لينين للسلام. نيمايير كان أيضاً صديقاً مقرباً لفيديل كاسترو، الذي غالباً ما كان يزوره في شقته وفي الاستديو الخاص به في البرازيل. كاسترو علق ذات مرة قائلاً:«نيمايير وأنا أقدم الشيوعيين في هذا الكوكب». وكان من زواره أيضاً الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز.

انتقد البعض نيمايير حول عدد من أعماله التي قالوا عنها بأنها تحمل طابعاً برجوازياً وتتناقض مع وجهة نظره السياسية. فدافع نيمايير قائلاً: يشك في قدرة العمارة على تغيير مجتمع غير عادل. وقال مرة: إن قلقنا سياسي أيضاً، العمارة هي عملي، وأنا قضيت جل حياتي على طاولة الرسم. ما يهم هو تحسين حياة البشر.

تزوج نيمايير من أنيتا بالدو في عام 1928 وأنجب ابنة واحدة هي آنا ماريا، ولاحقاً أصبح لديه خمسة أحفاد وثلاثة عشر ابن حفيد وسبعة أحفاد أحفاد. توفيت زوجة نيمايير الأولى عام 2004 عن عمر 93 سنة، بعد 76 سنة زواج. في عام 2006 وقبل عيد ميلاده الـ99 بقليل، تزوج نيمايير من فيرا لوتشيا كابرييرا سكرتيرته لفترة طويلة، تزوجا في شقته في ريو دي جانيرو. توفيت ابنته الوحيدة آنا ماريا في 6 حزيران 2012 عن عمر 82 عاماً.

بعد بلوغه سن المائة قضى نيمايير فترات عدة في المستشفى. في عام 2009 وبعد قضائه أربعة أسابيع في المستشفيات للعلاج من حصى في المرارة وورم معوي، نقل عنه قوله: “المستشفى عبارة عن وحدة كبيرة جداً، وأنا أحتاج أن أبقى مشغولاً، والبقاء على تواصل مع الأصدقاء، والحفاظ على إيقاع حياتي”. في 5 كانون الأول 2012 توقف قلب نيمايير في مشفى بريو دي جانيرو قبل 10 أيام من عيد ميلاده الـ105، حيث جرى نقله إلى المستشفى جراء إلتهابات تنفسية قبل وفاته. بعد وفاته قالت عنه الـبي بي سي أنه «تميز ببناء المباني الأكثر لفتاً في العالم والأضخم والمقوسات والهياكل الزجاجية التي تفوق الوصف» وأشادت به بأنه “واحد من المهندسين المعماريين الأكثر ابتكاراً وجرأة في السنوات الـ60 الماضية”. والجدير ذكره أنه كانت تجمع صداقة كبيرة بين أوسكار نيماير وأنطون تابت أكبر معماري في المشرق العربي وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في سوريا ولبنان.

إعداد: بدر الكردي

من almooftah

اترك تعليقاً