– عندما توفي الأمير شكيب ( 1869 – 1946 م ) أبرق فارس من نيويورك معزياً بكلمة جاء فيها : فاجأني هذا الصباح نبأ من أفجع الأنباء التي تلقيتها في حياتي ، ألا وهو أنه هوى بدر الإشراق في عالم الأدب وانهار صرح البلاغة العربية وعلم الفصاحة المجلي أمير البيان غير المنازع ……..
( كان الأمير شكيب ثروةً ثمينةً للعرب في أقطارهم المتنائية يعدون فقدانه خسارة لا تعوض ، وأين لهم من يسد الفراغ الفسيح في عالم النثر والشعر و السياسة ؟ ولا ريب أن الفاجعة لفقده يعم بلاؤها العرب والمسلمين في أقطار الدنيا ، وهو حامل لواء الكفاح عن حقوق هذه الأقوام لا يلين ولا يتراخى )
· المقصود بالأمير شكيب : شكيب أرسلان
· المقصود بفارس : فارس الخوري
· هامش الصفحة 269 من كتاب أوراق فارس الخوري – طبعة 1989
· تنسيق وتحقيق الأديبة: كوليت خوري
– كان الأمير شكيب أرسلان عائداً من سويسرا إلى وطنه لبنان بعد غياب طويل في أروبا ، وكنت على اتصال به خلال المدة التي قضيناها في أروبا متعاونين على العمل لخير أمتنا ، وكان الأمير شكيب من أفذاذ الأمة العربية وأعلامها ، فما كرثت العرب كارثة ، ولا نابت المسلمين نائبة إلا جلجل صوته في الدفاع ، وانبرى بقلمه يقرع الأسماع مرشداً ومنبهاً وناصحاً ومحذراً ، ومتصدياً للحملات الظالمة التي كانت تشنها الأقلام الحاقدة في الغرب و الشرق ، وقد خالفه أناس في بعض آرائه السياسية ومواقفه من دولة الخلافة الإسلامية والثورة العربية ، لكن الأيام و الكوارث الأليمة الدامية التي حاقت بالعرب و المسلمين بعد الحرب العالمية الأولى ، لم تلبث أن برهنت على سداد رأيه وصدق نصيحته ، وفي ذلك يقول رحمه الله :
سيعلم قومي أنني لا أغشهم ***
ومهما استطال الليل فالصبح واصله
وما كنت أدري أن تلك الزيارة القصيرة العابرة ستكون آخر العهد به ، إذ لم يلبث إلا شهوراً قلائل ثم وافته المنية ، وفجع به العالمان العربي والإسلامي، وها قد انقضى نحو ربع قرن على وفاته دون أن يبرز بالأمة العربية من يملأ الفراغ الكبير الذي أحدثه فقده ، ويسد الثغرة الواسعة التي تركها من بعده .
· من كتاب مذكرات الحاج محمد أمين الحسيني
· إعداد : عبد الكريم عمر – دار الأهالي – طبعة 1999
· توفي الحاج محمد أمين الحسيني في 4 / 7 /1974
– صحبت شكيباً برهة لم يفز بها***
سواي على أن الصحاب كثير
حرصت عليها آنة بعد آنه* **
كما ضن بالماس الكريم خبير
فلما تساقينا المودة تم لي ***
وداد على كل الوداد أمير
تفرق جسمي في البلاد وجسمه **
ولم يتفرق خاطر وضمير
· أبيات لأمير الشعراء أحمد شوقي وقد تلاقى مع شكيب في باريس أواخر القرن التاسع عشر ، ودامت الصحبة بينهما أربيعين سنة وثقها الأمير بكتاب بعيد وفاة أمير الشعراء (( أحمد شوقي أو صداقة أربعين سنة )).
· أيعقل أن يكون شكيب أرسلان بهذه القامة التي عكستها مذكرات هؤلاء الثلاثة الذين يعرفهم مثقفو هذه الأمة ، وهم يحتلون صفحات بارزة في الكتب المدرسية التي توثق لجيل النهضة العربية ، في حين يغيب اسم شكيب أرسلان أو يغيّب ، حتى ليبدو باهتاً في أذهان الأكاديميين المتخصصين في الحقول التي ملأها صاحب الذكر عملاً نضالياً وفكرياً وبحثياً ؟؟!!