يرى أغلب المختصين والمبدعين أن القصة القصيرة تتوج ملكة الفنون , وأننا أصبحنا في زمن تفوقت فيه القصة على الرواية , نحن في عصر السرعة , أصبح القارئ يسعى وراء القصة القصيرة , حيث لا تأخذ منه وقت طويل في قراءتها لتميزها بالقصر والتكثيف , تحتاج كتابتها لإبداع ومهارة عالية, كان لنا وقفة مع حفل توقيع كتاب “غفران” للقاصة عبير منون في مديرية ثقافي حمص في قاعة سامي الدروبي بحضور نخبة من مثقفي حمص :
” بكل سعادة وعزة نضيء سماء الأمل فرحة بوجودها بيننا إنها القاصة عبير منون…” بهذه الكلمات رحبت فاطمة أسعد بالقاصة وبالدكتور نزيه بدور الذي تناول مجموعتها القصصية “غفران ” بدراسة نقدية أبرز ما ورد فيها:
تنفذ منون في عملها إلى أعماق الشخصية لتودع فيها السر الأزلي ,وتلك الطاقة الكامنة .
لعل أبرز ما يميز عملها أنها تنجح في إشراكنا في العملية القصصية منذ البداية فيصبح سرها سرنا نسمعه , ويصبح بطل القصة قريباً منا , مثل قربه من القاصة فتصبح العملية أكثر من تعاطف , وهذه غاية ما يطمح إليه القاص في إنجازه الفني ليستدعي الدهشة, فهي بعد مقدمة مناسبة تأخذنا إلى الحدث القصصي وأبطاله فنصل إلى دهشة الخاتمة وعبرتها الأخلاقية , والمجموعة قصص ذات رسالة إنسانية ومضمون أخلاقي , على خطا القاص العظيم انطون تشيكوف الذي يسخر في قصصه من كل شيء مبتذل ويعمل على الولوج إلى أعماق البطل وتمجيده …
“سأحب الحياة لأجل من أحبوني , لأجل من ساندوني , ونبض القلب أعطوني ..”
الملاحظة الأخيرة في التحليل الأسلوبي هي لجوء الكاتبة إلى التراكيب الحقيقية التي لا تقبل التأويل, وابتعادها عن التراكيب المجازية , أما اللغة لديها وسيلة سرد وليس غاية جمالية بحد ذاتها :”ما يلفت نظر الزائر لمنزل نجوى , الحب الذي يصوغ عبيره في كل مكان ….”
مجموعة منون تتميز بصفة هامة هي المشهدية التلفزيونية , مشاهدها القصصية على الورق تأخذنا بعيداً في الصراع الدرامي وتناقضات المجتمع , تقدم لنا نماذج على خشبة الحياة فمنهم النبيل الشهم ومنهم النذل المتواطئ ومنهم العاشق المتيم وفيهم اللعوب المخادع مع انحياز واضح للمرأة , حيث تظهر بشكل إيجابي وهذا عين الصواب فالمرأة هي الرافعة الأخلاقية للمجتمعات , نحن اليوم نشهد ولادة قاصة متميزة .
وقد أغنى الحفل حضور نخبة مثقفة فكان لنا وقفة مع الروائي عبد الغني ملوك :
تلمست في منون بذور عبقرية في القص والرواية , تمتلك الأسلوب السهل الممتنع بعيداً عن اللغة المقعرة البعيدة عن الرموز واللغة السهلة التي تصل للقارئ .
الأديب قصي الأتاسي : منون قصاصة متميزة دون مجاملة أو تهويل تملك زمام تقنيات القصة وحبكها , والجميل في كتاباتها تميل للناحية المسرحية التمثيلية و أتوقع بأن عملها إذا حظي بفرصة وقرأه أحد المخرجين سيكون فيلم أو قصة تلفزيونية .