ثلاث ليال مبهرة تقدم العمل الوطني “الرحلة العظيمة بـ” دار الأوبرا السلطانية

ثلاث ليال مبهرة تقدم العمل الوطني “الرحلة العظيمة بـ” دار الأوبرا السلطانية

كتب ـ خميس السلطي:
تستعد دار الأوبرا السلطانية مسقط خلال الفترة الحالية لتقديم الليالي الوطنية “احتفالات السلطنة: الرحلة العظيمة”، ضمن ثلاثة أيام متالية اعتبارا من الخامس وحتى السابع من يناير ٢٠١٧م في الساحة الخارجية الكبرى للدار، الذي يعد أولى إنتاجاتها المشتركة المتمثلة في العرض الضخم كونها جزءا من احتفالات البلاد بمسيرة نهضتها المباركة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه -، واحتفاء بمرور خمسة أعوام على افتتاحها.
هذه الفعالية تأتي بالاتفاق مع شركة ناماستي أوروبا، بقيادة المخرج الإيطالي باولو دالا سيجا، وتتناول المسيرة التاريخية لسلطنة عُمان عبر العصور الغابرة وصولاً لعصر النهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ، والذي يجسد تاريخ ونهضة عمان الحديثة في عدة لوحات فنية رائعة، يتخللها استخدام الوسائل التقنية الحديثة والإبداعات الفنية، حيث تم تقسيم هذه “الرحلة” إلى ثمان لوحات مختلفة وذلك لإظهار الجوانب المتعددة للسلطنة، التي تمثل المواقف والإنجازات الأساسية التي وصلت إليها عمان في مختلف المراحل، ويستخدم في هذه اللوحات العديد من الوسائل التقنية الحديثة العالمية ، المرئية منها والسمعية ، وبمشاركة موسيقى محلية وعالمية ليتم تجسيدها بأسلوب شيق ومبهر، حيث تبدأ اللوحة الأولى “بفتح الكتاب” وهو إشارة لبدء سرد قصة عُمان ، والتي تجسد تاريخ وموقع عمان الجغرافي المميز ، والذي كان له الأثر الكبير في تطور وتنوع حضارة وتاريخ عُمان، أما اللوحة الثانية فهي “عُمان أرض اللبان”، التي تروي تأثير الطبيعة على السلطنة ، وتواصل عُمان مع الحضارات القديمة الذي كان له الأثر الكبير في النمو الاقتصادي . أما اللوحة الثالثة فتشير إلى تاريخ عمان البحري، وهي بعنوان “الرحلات البحرية” ، التي أثبتت أن علاقة العمانيين بالبحر علاقة وطيدة وأساسية لتطور تاريخ عُمان ، والتي ازدهرت تلك العلاقة في القرن الثامن عبر رحلاتها التجارية مع الصين في أقصى الشرق مما ساهم في الازدهار الاقتصادي لعمان ، والتي أظهرت القدرة البحرية لعمان كعنصر أساسي في المنطقة، بالإضافة إلى تواصلها مع شرق إفريقيا ، والذي ارتبط بها لفترة تاريخية طويلة عبر مساهمة الملاحين العمانيين في خدمة الملاحة العالمية من خلال قدراتهم وخبراتهم الطويلة مع البحر ، وتواصلهم مع الحضارات المختلفة مما كان له الأثر الكبير في التبادل الفني الموسيقي عبر المشاركات المتبادلة . وتظهر اللوحة الرابعة بعنوان “طريق الحرير” وهو الطريق الذي ربط حضارات الشرق والغرب مما كان له الأثر الكبير في تقارب الشعوب ، من خلال التبادل التجاري ، والتواصل الإنساني ، الذي أتاح الفرصة للشعوب للتعرف على الحضارات والعادات التقليدية المختلفة خاصة من خلال التبادل الموسيقي والعناصر المصاحبة له ، والذي ساهم في نشر الثقافات المتعددة ليس فقط في منطقة “طريق الحرير”، بل في أوروبا وأميركا. فيما تجسد اللوحة الخامسة “السيف والخنجر ” واللذين يعتبران رمز الفخر والاعتزاز لكل عُماني والعلاقة التاريخية المرتبطة بينهما ، حيث يرمزان إلى أدوات الدفاع عن الوطن والمجتمع … كما يستخدم العمانيون رقصات السيف في ظل الأمن والسلم الذي يسود عمان الحبيبة. وتمثل اللوحة السادسة عصر “نهضة عُمان”، التي خطط لها باني عمان الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ منذ ٢٣ يوليو ١٩٧٠ وحتى يومنا هذا، وفق خطط وأهداف مدروسة ، أظهرت نتائجها الملموسة عبر السنوات المجيدة لعمان الخالدة. أما اللوحة السابعة فتعبر عن “عُمان واحة السلام، أرض الغد المُشرق” الذي هو نتاج السياسة المتوازنة والحكيمة لعاهل البلاد المفدى على المستويين الداخلي والخارجي ، والتي أصبحت السلطنة بفضل حكمته واحة للسلام والإشراق للغد الواعد ، الراسخ على قواعد التاريخ الصلبة. فيما تأتي اللوحة الثامنة والختامية لتجسد “دار الأوبرا السلطانية مسقط” كدار ثقافية عالمية ، وفق ما أشار إليه حضرة صاحب الجلالة ـ أبقاه الله – في كلمته الافتتاحية لدار الأوبرا السلطانية ـ مسقط ـ في أكتوبر ٢٠١١ ، الذي أكد أن الدار تأسست “لتكون مركز إشعاع ثقافي للشعب العُماني والإنسانية جمعاء” ، حيث ستجسد هذه اللوحة اندماج الفنون الموسيقية العالمية ، مع الفنون المحلية ، والمعزوفات المنفردة والمجتمعة المتناغمة ، وتعتبر الدار مركزاً للثقافة المحلية والعالمية التي تساهم في تجانس وتقارب الحضارات والمجتمعات عبر التعرف والتعريف ، حيث إن هذا الصرح أسس ليكون نداء ثقافياً وإنسانياً يشع من أرض السلام عُمان.
الجدير بالذكر أن هذا الإنتاج الضخم يحمل أهمية كبرى نظرًا للكفاءات العالية المشاركة به والشراكات الدولية مع أرقى الشركات الدولية المتخصصة في هذا المجال، فضلًا عن اللوحات المشرقة والبراقة التي يحتويها والمواهب الفنية التي ستؤدي عروضها خلاله. وسيشاهد الجمهور الكثير من الفنانين من حول العالم يؤدون عروضهم على الأرض أو في الهواء، على المنصات الثابتة أو المتحركة، إلا أن القاسم المشترك بينها هو الكلمات العُمانية، والأصوات العُمانية، والفنون العُمانية، فبالنسبة للموسيقى العُمانية: سيكون هناك فرق للآلات الموسيقية العربية الأصيلة مثل العود والقانون والطبول التقليدية، إلى جانب الفرق الشعبية من الموسيقيين والراقصين من خلال العروض الحية. حيث سيعتلي الممثلون والكتاب والمغنون المنصة معًا للاحتفال بالسلطنة، ويهدف هذا العمل الوطني لإبراز الهوية العُمانية الأصيلة، بطريقة يمكن المشاركة بها على أوسع نطاق ممكن، ونحن نريد زرع القيم والمثل الإيجابية في الأجيال الجديدة لترسخ في عقولهم وأذهانهم، فالعرض بالأساس ذي غايات تربوية وتعليمية، ما يجعلها بالفعل واحدة من أفضل التجارب التي مررت بها، إن لم تكن أفضلها على الإطلاق.
يذكر أن هذا الإنتاج الثقافي الفني المشترك فقد كتبه الشاعر العماني الدكتور صالح الفهدي بمشاركة عدد من الفنانين الواعدين، ويحمل العمل أهمية خاصة نظرا لأنه الخطوة الأولى في مشروع مهم من المخطط أن يكتمل عام 2020 أثناء الاحتفال بالذكرى الذهبية لمسيرة النهضة المباركة.

من almooftah

اترك تعليقاً