هو الوقت يمضي
كنت وحيدا في غرفتي الباردة أحاور كل الجهات وصدري يتحشرج ويقيم احتفالا للأنين أنادي لا من مجيب فأقول :” هو الوقت يمضي كظل الغيم في الطريق ،هو العمر يمضي كاحتراق الثمرات ،فجأة راودني أفعوان الذكريات ، تسلل من شق الباب فأيقظني ،والرياح تذوي في الحقول ،كنا في أيام العشق وفراشات تتهادى وعصافير ،وسوريا بناها الخالق وانبرى خلف السحاب بعد أن صاغها في أحسن تكوين فيها شيء من سناه ،هيجت المحن بداخلي بقايا صور فقلت لذاتي : ” إذا كان مفهوم الثورات في العالم يعني قلب ما هو سائد باتجاه الأفضل والأنبل فإن هذا المفهوم يندرج على الثقافة .سيما وأن الثقافة هي البناء الفوقي الصادر عن البناء التحتي …فمن أولى الأولويات بأن يكون المقاتل هو ثعلبة الرمح الذي يجابه المرتدين الظلاميين ينغرس خنجرا في صدروهم وينقلب أي منقلب على الرجعية كما هي على الأعداء الخارجيين …لا فرق .قبل أن تتحول دسائسهم إلى ديدان تنخر جسد الدولة …امنحني الفرصة لأكتب شيئا عن القادم من خلف محيطات الرعب البشري … ولأن القادم مع نهاية عقد من الألفية الثالثة إلى بلدان المنطقة لنهب ثرواتها بدأ باحتلال العراق و تشريد شعبه بذريعة ما أنزل بها من سلطان ، و التباكي على الديمقراطية في العراق و غض النظر عما تفعله الصهيونية في لبنان و فلسطين بشكل عام و بأطفال غزة بشكل خاص .
الأيام ما فتئت تعدو بالساعات ، و أنا أطوي ستين من السنين العجاف ، وفي تجاعيد دماغي صور لعشرات المجازر التي ارتكبت بحق شعبنا ، كانت البداية من وعد بلفور المشؤوم و استمرت حتى احتلال فلسطين عام 1948 و مجزرة دير ياسين و العدوان الثلاثي على أرض الكنانة عام 1956 .. و فمي فاغر الأحرف بما حدث في حرب حزيران عام 19967 و حرب تشرين 1973، وحرب 1982 وعام 200 و2006 و2008 وما يحدث الآن في سوريا مركز الكون ،و الصهيونية لم ترتو من دماء الشعوب العربية وكل ذلك بدعم من الإدارات الأمريكية و حلفائها من عربان الماسونية ، و أكيد لن تقف عن هذه الهمجية رغم كل الوعود الكاذبة التي تكللت بالاجتياح لجنوب لبنان المراد منه أن يتحول إلى كنتونات طائفية …وهذا ينطوي على كافة البلاد العربية كي يسهل ابتلاعه من قبل الرأسمالية المتوحشة المتجسدة بالإدارات الأمريكية المتصهينه.وأقزام المستعربين .
و لأننا نطوي عقدا ونيفا من الألفية الثالثة ، و لأن العام قد رحل بكل دموية القراصنة في ليبيا ،غزة ، و العراق وسوريا والقائمة طويلة .. الآن تقرع طبول الحرب للوصول إلى دمشق درة الشام لتبدأ مسرحية جديدة تلونها الدماء ..لكنهم خسئوا أمام حماة الديار ، نقف و في قلوبنا الألم و يصم آذاننا أنين الثكلى من صنع أمريكي و إسرائيلي وعلى رأسهما.. المملكة الوهابية والقزم القطري ،و الاردوغانية ،فلن تشبع هذه الأقانيم من دمائنا حتى يقف الشرفاء كالبنيان المرصوص في وجه قراصنة الألفية الثالثة تجار الأسلحة . ومازال الإنسان يحبو نحو الأمثل و هو في بداية الطريق ليجابه وحشية الإدارات الأمريكية و الصهيونية رغم المجاعات و الحرب .. فكلفة هذه الحروب لو سخرت لسعادة بني البشر لكانت النتيجة هي القضاء على الفقر في العالم و خلو الكوكب من التلوث البيئي لكن التمادي في الباطل فهو باطل . فالإنسان الأمثل يقف أمام الحرب ليحارب ضد الحرب ، و يقف أمام الجوع ليحارب الفساد ، و بهذا وذاك يبقى الإنسان يدفع ضريبة الحياة كأن فدية إسماعيل تتجدد ، لكن في عظمة الإنسان و رغم ذلك ما زال الإنسان يرقى أكثر عن همجية قراصنة الألفية الثالثة ، و ما على الشعوب المستضعفة إلا الوقوف بعناد ضد القراصنة تجار الحروب و في رؤوسهم مقولة واحدة :”لا لا… لا لآلهة الدمار الصهيونية و الأمريكية التي صنعت لقتل الإنسان في وطن الإنسان.
و ليس عجبا أن يكون إنسان اليوم أكثر حذرا من القادم من خلف المحيطات ليقف وراء العظماء الذين ولدوا في ضوء الشمس لا في ولج الليل .. فالشعوب تمجد العظماء لما يتركون من أثر في حياة الشعوب . فإنساننا اليوم يمجد العظماء من أبناء أمه .
نيف و ستون عاما و إسرائيل تبطش بأطفال فلسطين بمباركة من الإدارات الأمريكية وبضوء أخضر من عربان النفط الصهيونية ، تقتلهم تسلمهم لحالة الرعب الدائم ..ما ذنب هؤلاء الأطفال و النسوة ليدفعوا ضريبة الحياة .. أيكون ذلك لأنهم مازالوا صبارا في حلوق الصهاينة و الإدارات الأمريكية .مجازر… قانا ,دير ياسين صبرا وشاتيلا …كفر قاسم …دير البلح .
نعم مازال الجنوب شاهدا على همجية قراصنة الألفية الثالثة و أشجار الزيتون شاهدة على الملاحم و الدماء الزكية التي أريقت في سبيل عزة الجنوب . و ما زالت المقاومة تقف في المرصاد تبتر الأصابع الدموية من جبل عامل و حتى غزة .بعد كل ذلك ما نفع الكتابة عن العشق إذا كان المقاتل العربي السوري هو العاشق لحبيبه الوطن ،و ما نفع الكتابةعن السياسة إذا كان المقاتل يمارسها بالبندقية والمعمل والحقل والأقدام أيضا .
صرت فوق السطح أطفو عائما لا أعرف دربي ،ورأيت في القاع العجب سمك اللجة يذبح ،والبحر لا يبكي موتاه ولكن يقاوم ،عجزت لغة الأرقام عن إحصاء العدد وأنا شاهد هذه المجازر …كيف لم أبك ؟. فلا كف البكاء ولذا جئت أنادي أيتها المرأة لا تسلمي المرافئ …كيف صار الذبح فينا وأنا قرب البحر عاشق أخطو نحوك أتبعك لأخط أسمك على المدارات .يا عاشقتي أنا لا أحب المساءات ولا النهايات الحزينة ،فأنا ياسمين هذه الدار وباقة الجوري في فسحة الديار .

من almooftah

اترك تعليقاً