لاجئو حرب كوسوفو في عام 1999 ()
لاجئو حرب كوسوفو في عام 1999

المفوضية السامية لشؤون اللاجئين: 60 عاما في خدمة اللاجئين والنازحين

المفوضية السامية لشؤون اللاجئين: 60 عاما في خدمة اللاجئين والنازحين



بقلم جوليا سلاتر

تمكنت المنظمة التي تأسست في الأصل للقيام بمهم تستمر ثلاثة أعوام من أجل مساعدة ضحايا الحروب في أوروبا، من تقديم المساعدة خلال الستين عاما المنقضية من عمرها إلى أزيد من 50 مليون لاجئي في شتى أنحاء العالم على بداية حياة جديدة.

إذ أصبحت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تتخذ من جنيف مقرا لها  والتي احتفلت بذكرى تأسيسها الستين في منتصف شهر ديسمبر الماضي، تقوم بنشاطات اليوم في 118 دولة من دول العالم.

فقد تم تأسيس المفوضية السامية لشئون للاجئين في عام 1956 أثناء إخماد الاتحاد السوفياتي  للثورة المجرية، عندما قامت بأكبر عملية إغاثة طارئة لنجدة حوالي 200000 مواطن مجري فروا من بلادهم والتحقوا بالمنفى. ومنذ هذه التجربة ” لم يعد أحد يشكك في مدى أهمية تواجد المنظمة” مثلما تقول المفوضية في موقعها على الإنترنت.

والأمثلة كثيرة عن الحالات التي أدت خلال العقود الماضية الى توافد ملايين البشر كلاجئين سواء في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، أو في أوربا الشرقية أثناء ما سمي بالحرب الباردة، وبعد مرحلة محو الإستعمار في القارتين الافريقية والآسيوية، وفي أعقاب انفصال شرق باكستان( مايسمى ببنغلاديش اليوم)، وأثناء الحروب الأهلية في بلدان أمريكا اللاتينية ، وحرب البلقان، وأزمات منطقة آسيا الوسطى، والأمثلة كثيرة.

وكثيرا ما تعود غالبية هؤلاء اللاجئين والمرحلين الى مناطقها بعد أن تصبح تلك المناطق آمنة، ولكن آخرين يواصلون حياة جديدة في المناطق التي حلوا بها في مختلف مناطق العالم. وهناك من يقضون سنوات في مخيمات اللاجئين في انتظار أن تعرض عليهم حلول. وخلال تلك السنوات تسهر المفوضية السامية لشئون اللاجئين على تقديم المساعدة لهم.

اعتبارات سياسية

ومثلما يقول يوسي هانهيميكي، أستاذ التاريخ بمعهد جنيف للدراسات الدولية العليا في حديث مع swissinfo.ch “من الفروض أن تكون المنظمة لاسياسية، وهي كذلك بالفعل، ولكن القضايا التي تهتم بها كانت دوما متأثرة بالسياسة”.

وأشار هانهيميكي الى بعض الحالات التي أثيرت فيها بعض المشاكل السياسية، مثل وضع أفغانستان أثناء الغزو السوفياتي في عام 1979 والتي شكلت إحدى أطول أزمات اللجوء في العالم “فقد قبلت باكستان تواجد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ولكن باكستان كانت لها مصالح سياسية في هذا الصراع، مما أدى إلى تحويل بعض مخيمات اللاجئين في باكستان الى مراكز تدريب للمجاهدين (المقاومة المضادة الاتحاد السوفياتي، وهذا بالطبع لم يكن نشاطا غير سياسي، وخلق بعض المشاكل في مجال احترام المنظمة لبنود مهمتها”.

“والمشكلة الثانية تمثلت في كون البلد الثاني الأكثر استقبالا للاجئين الأفغان أي إيران، لم تعد تعترف بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بعد عام 1979، مما جعل المنظمة غير قادرة على القيام بمهامها داخل التراب الإيراني” لفترة طويلة استمرت حتى منتصف عام 1991.

العمل الإنساني والشرعية

يرى هانهيميكي أيضا أن أية أزمة لجوء تثار حولها قضايا قانونية، مادامت المفوضية قد خولت لها صلاحيات تقديم المساعدة لأشخاص يعترف لهم  قانونيا  بتطبيق صفة اللجوء عليهم.

وفي حديث المنظمة عن “الأشخاص المعنيين بقضية اللجوء” تعتبر أن النصف فقط يتم الاعتراف بهم كلاجئين، بينما ينتظر البقية البث في أوضاعهم. ويقول هانهيميكي “إن الإعتراف بحق اللجوء يخول لصاحبه بعض الحماية القانونية، ويمكنه من الحصول على استشارة قانونية من المفوضية السامية، كما لا يجوز إعادة الشخص بالقوة إلى المكان الذي فر منه”.

لكن على الرغم من ذلك تقدم المفوضية السامية المساعدة الإنسانية لكافة سكان المخيمات بغض النظر عن وضعهم القانوني. وفي هذا الصدد يقول هانهيميكي “إنه العنصر الأساسي الذي يشدد على أهمية هذه المنظمة، لأنه لو لم تكن متواجدة كيف سيكون مصير هؤلاء الأشخاص؟”

التحديات المستقبلية

ومن أهم المهام التي تقوم بها المنظمة، إعادة توطين اللاجئين قبل أن تصبح أزمتهم مزمنة. وهناك بعض الحالات التي عرف فيها جيل كامل حياة فقط في المخيمات.

ولكن هناك بعض الحالات التي حققت فيها المنظمة نجاحا بتوطين اللاجئين في العديد من بلدان العالم مثلما حدث للأوروبيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية أو بالنسبة للاجئين من منطقة الهند الصينية في أعقاب حرب فيتنام، لكن مسألة إعادة التوطين تخضع لإرادة الدول التي عليها قبول ذلك، والتي قد تراعي بعض المسائل مثل الأوضاع الاقتصادية الداخلية، والحاجة الى عمالة أجنبية، أو مراعاة ما قد يؤثر به هذا التوافد للاجئين سواء من الناحية العرقية أو الثقافية أو الطائفية.

وأثناء إطلاق احتفالات المنظمة بذكراها الستين، شدد المفوض السامي أنطونيو غوتيريس على أن أغلب الأسباب التي تدفع الناس للجوء اليوم لم تكن موجودة أثناء تأسيس المنظمة، وقال: “الغالبية تفر عابرة الحدود بسبب الفقر المدقع، وبسبب تأثيرات التغيرات المناخية، وبسبب التأثر بأعباء الصراعات المسلحة”.

وفي الواقع، سمحت نشاطات المفوضية السامية للعديد من الأشخاص من النجاة من الهلاك، وساعدتهم على الحصول على مأوى جديد، وعلى الرعاية الصحية، وحمايتهم من الانتهاكات لحقوقهم الإنسانية، لكن المفوض السامي يرى أن التحديات الجديدة تتطلب حلولا جديدة ويقول: “قد تدفعنا الكثير من الأسباب الى الفخر والاعتزاز، ولكن هناك أيضا العديد من الأسباب التي تدفعنا للقلق نظرا للتحديات التي نواجهها في الوقت الحاضر .. إذ أن الأسباب الحقيقية لقيام الصراعات المسلحة ولتهجير الناس لم يتم القضاء عليها نهائيا لذلك ستجلب السنوات القادمة تحديات كالتي واجهناها في الماضي”، مثلما يحذر أنطونيو غوتيريس.

من almooftah

اترك تعليقاً