1
اللاذقية-سانا

تناول الباحث الموسيقي زياد عجان في محاضرته التي ألقاها اليوم ضمن فعاليات دار القراءة بدائرة آثار اللاذقية دور الأغنية الوطنية وأهميتها في النضال الوطني والقومي العربي.

وقال عجان إن الأغنية الوطنية ظهرت في بلادنا بداية النضال الوطني والقومي العربي ضد سياسة التتريك العثمانية حيث تطورت وأصبحت أكثر شمولية وجاهزية إبان الكفاح الذي خاضه شعبنا ضد الاستعمار الفرنسي إذ كتب العديد من الشعراء قصائد وطنية انشدها الجميع وما يزال منها قصيدة للشاعر نجيب الريس التي كتبها وهو معتقل في سجن أرواد ..قال فيها:

يا ظلام السجن خيم إننا نهوى الظلام إضافة إلى الأغنية الوطنية الخالدة “بلاد العرب” التي كتبها الشاعر الكبير فخري البارودي.. تقول بلاد العرب أوطاني ..من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن.. إلى مصر فتطوان وأضاف.. لقد اشتهرت العديد من الأناشيد الوطنية في تلك الفترة منها “نحن الشباب-في سبيل المجد-موطني-موطني أنت لي-عليك مني السلام ياأرض أجدادي”.

2

وتابع إن الأغنية الوطنية بلغت ذروتها إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 إذ بدأت القصائد الوطنية تغنى في ميادين القتال وفي جبهات التصدي وقد خاضت مصر هذه التجربة الناجحة التي أرست قيم الأغنية الفاعلة والمتفاعلة.

وأشار الباحث الموسيقي إلى أن سورية من أكثر الدول التي كتب ولحن وغني لها على مستوى العالم وكانت قبلة الملحنين والشعراء لأنها مهد الحضارات باعتبار أن أول نوتة موسيقية اكتشفت في أوغاريت.

وأورد عجمان عدة أمثلة لموسيقيين سوريين حققوا إنجازات كبيرة على المستوى الموسيقي منهم الموسيقي الكبير كامل الخلعي وهو صاحب أول كتاب موسيقي في الوطن العربي الذي أصدره عام 1905 وتحدث فيه بالتفصيل عن أحمد أبو خليل القباني مؤسس المسرح الغنائي العربي مبينا أن الموسيقية ومغنية الأوبرا المصرية المعروفة رتيبة الحفني قالت “نحن في مصر كل ما لدينا من موسيقا مصدرها بلاد الشام وحلب حصرا” بالإضافة إلى أن الموسيقي السوري شاكر الحلبي هو من أدخل الموسيقا إلى مصر والموسيقي السوري سامي الشوا عازف الكمان الشهير هو من أدخل الكمان إلى الفرقة والتخت الموسيقي الشرقي في مصر ولا ننسى الموسيقي جميل عويس الذي كان يدون ألحان سيد درويش ومحمد عبد الوهاب الذي كان المايسترو لفرقته.

واستعرض عجان مجموعة من الأناشيد والأغاني الوطنية ابتداء من أغنية “حب الوطن فرض عليا” لمحمد عبد الوهاب.. مرورا بأغنية “في سبيل المجد والأوطان “للشاعر السوري عمر أبو ريشة.. وأصبح الآن عندي بندقية” التي غنتها المطربة أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب للشاعر الكبير نزار قباني.. كما تحدث عن فيروز والرحابنة الذين قدموا أغاني وطنية كثيرة مثل “قرأت مجدك-شام يا ذا السيف” التي امتازت بمتانة وسلاسة لحنها وقوة الكلمة والأداء .

3

وأوضح أن “محمد عبد الوهاب استحضر قصيدة “سلام من صبا بردى” التي نظمها الشاعر أحمد شوقي إثر موقعة ميسلون في 24 تموز عام 1920 ولحنها وغناها بعد العدوان الفرنسي الغاشم على البرلمان في دمشق 29 أيار عام 1945 في سرعة قياسية وقدمها نتيجة الشعور الوطني الكبير في ذلك الوقت كما قدم اغنية “مر بي” والتي تحتل المرتبة الأولى من بين الأغاني الوطنية الجميلة والتي يرددها الجميع إضافة إلى أغنية “إجعلها عمار” بعد حرب تشرين التحريرية.

ولفت.. إلى أن سورية احتضنت العديد من الفرق الغنائية الملتزمة بالوطن كفرقة الطريق أو فرقة الأرض والعاشقين مشيرا إلى مهرجان برلين الحادي عشر للأغاني الوطنية حيث أدى المغني الأميركي “دين ريد” في رثاء “فيكتور يارا” مغني “التشيلي الشهير” الذي اغتاله نظام “اوغوستو بينوشيه” الفاشي في تشيلي أغنية وطنية حيى فيها نضال الشعب العربي الفلسطيني قائلا: كنت أعيش حياة هانئة هادئة ..غير أن العدوان أيقظني وينبغي أن أعود الآن .. لأناضل من أجل حرية شعبي والعودة لفلسطين.. بلدي ووطني فلسطين ..فلسطين.

وقسم عجان الأغنية الوطنية إلى قسمين الأول وهو الأناشيد التي توزن على إيقاع المارش مثل نشيد “نحن الشباب لنا الغد” والثاني الذي يتحدث عن الوطن مثل أنشودة “عليك مني السلام يا أرض أجدادي وأغنية حب الوطن فرض علي”.

الباحث الموسيقي زياد عجان يغوص في عالم المقامات الموسيقية والرقميات والتوثيق

 

ولدت المقامات الموسيقية بين أحضان الحضارات العربية منذ قرون .. ولاقت اهتماماً كبيراًً من الباحثين الموسيقيين ولأن المقامات حاضرة في موسيقانا حتى الآن لا تزال مثار جدال وإبداع.. فما ماهية المقامات ؟ وأين وجدت مع الدرجات الموسيقية؟ للخوض في هذا الاتجاه التقت الثورة الموسيقي أ- زياد عجان..‏‏ تعتبر الدرجات الموسيقية أساس كل المقامات حسب رأي الباحث عجان، وأكد قائلاً:‏‏ من المعروف أنه في حال قيام العازف بالنفخ بقوة معينة في آلة نفخ خالية من الضاغط ، فإن المسموع منها يكون درجة صوتية ناتجة عن تذبذب كل عامود الهواء الموجود داخل الآلة ولكن الذي يحدث فعلاً أن أجزاء أخرى من عامود تتذبذب أيضاً في نفس الوقت وينتج عن ذلك الأمر مجموعة من الأصوات الإضافية والتي إذا زادت قوة النفخ ظهر بوضوح صوت معين من الأصوات الإضافية يصبح بدوره الصوت الرئيسي الذي يمكن للأذن تحديده بسهولة، وعلى ما تقدم اكتشف الإنسان الدرجات الموسيقية المرتبة بشكل دقيق لا علاقة للإنسان بصناعتها..‏‏ وسلط الموسيقي عجان الضوء على المقامات الموسيقية وكيف عرفت مبيناً بقوله:‏‏ تم العثور في «العراق» على لوحات تحتوي على معلومات عن الموسيقا «الآكادية» ويعود أقدمها إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد،حيث أعطت تلك اللوحات أسماء أوتار «الكنارة» والأبعاد الموسيقية 0وهي نفس الأبعاد الموسيقية الموجودة في الرقيم «الأوغاريتي» هـ 6 وكذلك أعطت أغاني وأسماء مقاماتها باستخدام البعد بالأربع والبعد بالخمس حيث كان يوجد سبع مقامات قسمت إلى خمسة أبعاد وبقيتين، وتختلف المقامات باختلاف موقع البقيتين ..والمقامات في الموسيقا «العربية» تبنى على نظام الأجناس، والجنس هو مجموع أربع درجات موسيقية تفصل بينهما ثلاث مسافات صوتية تتبع في توزيعها وترتيبها نظاماً خاصاً يكسب الجنس صفته اللحنية ويبين نوعه، ويتكون المقام من جنس أدنى «الجذع» وهو الذي يحدد فصيلة المقام ومن جنس أعلى «الفرع» والجدول يبين المقامات المتماثلة‏‏

(المقامات المتماثلة)‏‏ المقامات القديمة عند «الآكاديين» و«أوغاريت»- فيتو- أمبوبو- نيش جباري- نيد قبلي- اشارتو- نيش جباري- كيتمو- فبليتو .‏‏ المقامات العربية الواردة في كتاب «الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني «897-967»- مطلق في الوسطى – مطلق في البنصر- سبابة في مجرى الوسطى- سبابة في البنصر- وسطى في مجراها- بنصر في مجراها- خنصر في البنصر- خنصر في مجرى الوسطى.‏‏ الأسماء الحالية المستخدمة- نهوند- نهوند كبير- لامي – كرد- عجم- لامي- نهوند كبير.‏‏ الأسماء المستخدمة في الغرب- مينور- ماجور.‏‏ وتجدر الإشارة إلى أنه تم نقل درجة «ركوز» المقام إلى درجة أخرى في «نيش جباري» و«لامي» و«نهوند كبير».‏‏ ولأن المقام أحد المحاور الهامة في بحوث أ- زياد عجان إلى جانب التراث والموسيقا «الأوغاريتية» أشار في حديثه إلى الخط الذي اعتمده في توثيق المقامات والذي حدده بالآتي:‏‏ – اعتماد الجنس الأدنى من المقام لتحديد فصلية الفصائل المعروفة حالياً سبع فصائل خالية من أرباع الدرجات، وسبع فصائل تحتوي على أرباع الدرجات وقد حصلت حتى الآن على 14 فصيلة خالية من الأرباع و26 فصيلة تحتوي عى الأرباع فيكون المجموع 40 فصيلة تنضوي تحتها جميع المقامات التي وثقتها – حتى الآن.‏‏ – واعتماد قالب السماعي كأساس لتأليف مقطوعات موسيقية توضح هوية المقام، وعدد السماعيات التي ألفتها حوالي 381 سماعياً لكل منها مقامه الخاص.‏‏ – لم أتبع التقليد المتبع في تأليف السماعي والذي يقضي بهيمنة الهيكل الإيقاعي على الجانب اللحني بل العكس وظفت الإيقاع لصالح اللحن.‏‏ – خصصت الخانة الرابعة (دون قيودها) للتجوال ضمن المقامات المناسبة للمقام الأصلي.. ولا بد من التنويه أن هناك مقامات مركبة تحتوي على عبارات لحنية من مقام أو أكثر ولكن في النهاية تندرج ضمن منظومة الفصائل التي يحدها جنس «الركوز»، «الجذع».‏‏ واللافت في رأي الكثير من المعارضين أن كثرة المقامات تشوش ذهن الدارس وتزيد من أعباء تحصيله ، لذا يؤكدون واجب حذف العديد من تلك المقامات ليفضي الباحث بالقول: أنا في الصف المعارض للمعارضين لأسباب عدة تتحدد بتوثيق تلك المقامات – على كثرتها- وهي تدخل في مجال العلم وليس القصد فرضها على الدارس – يفيد هذا التوثيق الدراس بما قد يحتاجه من معلومات- يعتبر التخصيص بمؤلف خاص بمثابة الدليل في كيفية الانتقادات اللحنية- ويعتبر هذا التوثيق إغناء لعلم «الموسيقا» عامة وللدارس والباحث خاصة- وهذا التوثيق هو قاموس «موسيقي للمقامات».‏‏موضحاً موقفه من إحداث بعض التغيرات في قالب السماعي ضمن ما يسمى بإطار التجديد والتطوير والابتكار قائلاً: لست مع التجارب التي يقوم بها البعض والتي تختصر من قالب السماعي وتبدل في الميزان الخاص به لتعود في النهاية لتطلق على تلك التجارب اسماً سماعياً، فأنا مع التجديد ضمن القالب وليس خارجه علماً أن صاحب التجربة يمكن أن يطلق على تجربته ما يشاء من أسماء ومسميات تحسب له، وجل هذه التجارب يندرج في نطاق التأليف الحر (الفانتازيا) وعن توثيق هذه الأسماء العربية للدرجات الموسيقية الحالية أشار:‏‏ ورد في كتاب «الموسيقا الكبير للفارابي» المتوفى 950 م أسماء الدرجات هي:‏‏ الأسماء القديمة الفارابي – ثقيلة المفروضات – ثقيلة الرائيات- واسطة الرائيات- حادة الرائيات- ثقيلة الأوساط- واسطة الأوساط- حادة الأوساط- الوسطى.‏‏ الاسم الحالي- راست – دوكاة – بوسلك – جهاركاة- نوى- حسيني- ماهور- كروان.‏‏ الاسم العالمي- دو- ري- مي- فا- صول- لا- سي- دو.‏‏ وكان أول ظهور للمصطلحات «الفارسية» للسلم الموسيقي الغربي ضمن مخطوطة «درة التاج» لقطب الدين الشيرازي المتوفى عام 1330 أي في العهد «المغولي» الذي أعقب سقوط «بغداد».‏‏

لمى يوسف

من almooftah

اترك تعليقاً