.(الجنيه السوداني بين التاريخ والفكاهة)

شهدت العملة في السودان عدة تغيرات وتقلبات جعلته يفقد قيمته حيث إن الجنيه كان يساوي حتى سبعينات القرن الماضي 3 دولار أمريكي , لكن الآن الدولار الواحد ما يعادل 22 جنيها وكسور.
و يرجع تاريخ العملات السودانية إلى عام 2700 ق.م، حيث كان يتم التعامل بمقايضة السلع مثل ريش النعام والذهب والصمغ العربي والعاج والعسل , ثم بدأ العمل بالحلقات المعدنية التى لها قيمة مادية وكان يطلق عليها “المحلقات” , ثم تطور التعامل إلى التعامل بقطع الأقمشة التى يطلق عليها “الدمور” وكان هذا في عصر الممالك الإسلامية , ثم في العصر التركي كانت العملة خليط من العملات المصرية والإنجليزية مثل الذهب والجنيه المجيدى والريال النمساوي “ريال ماري تيريزا” والأسباني وبعض العملات الفرنسية , كما تم تداول بعض قطع النقود العثمانية المصرية ذات الفئات الصغيرة من القرض والبارة في تلك الحقبة.
وفي عهد الإمام المهدي تم تحديد قيمة تداول العملات التى صكت في وقت أحجم الناس فيه عن تداول العملة بسبب الحصار على الخرطوم من قبل الإنجليز فكانت في هذا الوقت العملة المعروفة بـ “فرج الله” =10 ريالات مجيدية , والجنيه البنت = 4.5 ريالات مجيدية .
وخلال حصار الخرطوم “1884 – 1884” حدثت ندرة في العملة السودانية وقام الجنرال الإنجليزي غوردون بإصدار أوراق مالية ذات فئات مالية أقصاها خمسون قرشا وتحمل توقيعه وتصرف في خزانة الحكومة بالسودان وبالقاهرة بعد 6 أشهر من استعمالها وبعد استيلاء محمد أحمد المهدي على السودان عام 1885 .
قام المهدي بإصدار أول عملة سودانية خالصة وكان ذلك عام 1885م وكانت تنقسم إلى 3 فئات وهي “الجنيه الذهب , الريال الفضة , ونصف الريال” .
وعندما تولى الخليفة عبد الله الحكم بعد المهدي وجد نقصا كبيرا في حجم هذه العملات المتداولة فاستعمل قطعا من قماش الدمور مقيمة بعشرة قروش وقرشين ونصف القرش كعملات للتبادل، إلا أن هذه القطع من الدمور سرعان ما اتسخت مما حدا بالخليفة عبد الله إلى إيقاف التعامل بها.
وعقب الاستقلال في عام 1956 وبالتحديد في شهر سبتمبر قامت الحكومة بجمع كل العملات المصرية والانجليزية وقامت بتسليمها إلى الحكومة المصرية , وتم إصدار العملة الجديدة التى كانت أكبر فئة فيها هي العشرة جنيهات وكانت عليها صورة جامعة الخرطوم، وعلى الجانب الآخر صورة ساعي بريد على ظهر ناقة يحمل قوسا وكنانة أسهم وكان ذلك من عام 1960 : 1969م وتم طباعة العملة الورقية 3 مرات , وتم إصدار عملة معدنية من 1: 10 مليم وكانت تساوي قرشا في ذلك الوقت .
وفي عام 1973 وبالتحديد في شهر مارس كان ذلك في عهد الرئيس “جعفر النميري” تم تقليل حجم العملة الورقية وتغيير لون العشرة جنيهات , وفي عام 1981 وتحديدا ًفي شهر يناير زاد عدد الأوراق المالية المتداولة من 5 إلى 7 فئات وحملت العملة صورة الرئيس النميري مرتديا عمامته , وأضيف التاريخ الهجرى بجانب الميلادي , وعام 1985 في شهر يونيو ألغيت العملة التى كانت تحمل صورة الرئيس النميرى عقب إزاحته من الحكم , وتم إعادة صورة البنك المركزي , وفى عام 1990تم إصدار أول ورقة من فئة الـ100جنيه.
وفي مارس 1992 تم إصدار عملة الدينار الجديدة وكان الدينار في هذا الوقت = 10جنيهات , وتم تداولها بجانب الجنيه ثم توالت فئات الدينار إلى قيمة أكبر حتى وصلت إلى الـ 5000 دينار .
وفي نفس التاريخ صدرت عملة الدينار الجديدة “الدينار يساوي 10 جنيهات” صدرت منها فئات الخمسين والخمسة وعشرين جنيها، تداولت إلى جانب الجنيه، ثم تتالت فئات الدينار إلى قيمة أكبر حتى وصلت إلى ورقة الخمسة آلاف دينار.
والعملة المتداولة الآن في السودان هي الجنيه السوداني حيث إنه حل محل الدينار، أو بالأحرى يعود الجنيه مرة أخرى بعدما أزاحه الدينار الذي طرحته حكومة الرئيس عمر البشير.
طرائف العملة السودانية
وحيث إن العملة جزء من الحياة والمعيشة فقد اهتم السودانيون بها وذكرت في الكثير من الأمثال مثل “القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود”، و”المال عند سيده والناس تريده”، و”القرش بيلد القرش”، و«القروش أصبحت دقن مرة» أي “صعبة وعزيزة المنال” و«مال التجارة ما بيحتمل الخسارة» و«المال تلته “أي ثلثه” ولا كتلته “أي قتله أو ضياعه كاملا”» وغيرها من الأمثال.
وفي الأفراح ومناسبات الزواج استخدم السودانيون كلمة “سد المال” أى دفع المهر , ودخلت أيضا العملة في التراث الغنائي الشعبي وفى رفع الروح المعنوية فعند قيام الحرب العالمية الثانية ومشاركة قوات الدفاع السوداني ومواجهتها للقوات الإيطالية غنت الفنانة السودانية المشهورة في ذلك الوقت عائشة الفلاتية محذرة موسوليني بقولها «يا موسوليني يا طلياني، تضرب السودان تصبح قرش براني»، أي بلا فائدة.
وكذلك جاء القول في الفخر وفي التعفف في التعامل مع المال إنه «ما يشيل المال في القسمة»، أي أنه من ذلك الطراز المترفع الذي ينسحب لدى توزيع المال أو النقود ولا ينتظر دوره ليحصل على قسمته منه.

من almooftah

اترك تعليقاً