الجمود في التطوير والركون إلى النجاح كانتا أبرز الأسباب

كيف خسرت «نوكيا» سوق الهواتف الذكية؟ .. درس للتاريخ

 

«الاقتصادية» من الرياض

 

بعد وفاة ستيف جوبز قال الكثيرون إن “أبل” بدأت رحلة النهاية، وجاء الآي باد الجديد الذي ضم فقط شاشة ريتنا لكن فعليا لا يوجد أي شيء مختلف بشكل كبير عن الآي باد 2، ثم أعلنت “أبل” عن نظام التشغيلiOS 6 الجديد ورغم المزايا التي جاءت به لكنه لم يرضِ طموح المستخدمين ورأوا أنه أقل مما توقعوا من “أبل”، ، لكن هل يمكن أن تسحب “جوجل” و”سامسونج” البساط من تحت أقدام “أبل”؟ ربما تبدو “أبل” أكثر قوة من أن يحدث هذا معها لكن دعونا نأخذ عبرة من الماضي ونتذكر كيف خسرت شركة نوكيا سوق الهواتف الذكية؟

شركة نوكيا وفقا لتقرير نشره موقع «إسلام آي – فون»، تمر بأسوأ أعوامها وأكبر أزمة مالية منذ إنشاء الشركة، فقدت عام 2012 لأول مرة لقب أكبر شركة مصنعة للهواتف في العالم وتنخفض المبيعات بشكل مستمر، ما اضطر الشركة إلى إغلاق مصانع والتخلص مما يزيد على 40 ألف عامل (أكثر من ربع العمالة)؛ وذلك لتقليل النفقات، حيث تمتلك عدد عمالة ضخما ومصانع ذات قدرة إنتاجية أكبر من حاجة السوق لأجهزتها، لكن هل تعلم أن نوكيا في نهاية القرن الماضي وضعت تخيلا لمستقبل الهواتف؟، حيث أنفقت ملايين الدولارات في نهاية التسعينيات في الأبحاث العلمية لتضع تصورا لمستقبل الهواتف، فقد كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أنه قبل سبع سنوات من إعلان ستيف جوبز عن “الآيفون” قام فريق نوكيا بالكشف عن تخيل لهاتف ذي شاشة ملونة تعمل باللمس أسفلها يوجد زر واحد فقط – هل يشبه هذا التصور شيئا مألوفا لك؟ لم تكتف نوكيا بتخيل فقط شكل الهواتف لكنها سعت إلى تقديم تقنيات لأول مرة مثل حساس الدوران الذي يتسبب في قلب الصورة مع دوران الهاتف وغيرها من التقنيات لكنها لم تقدمهم بصورة فعالة، وهذا يطرح سؤالا: لماذا إذاً انهارت نوكيا ووصلت حصتها في سوق الهواتف الذكية إلى أقل من 1 في المائة في بعض الدول؟ الإجابة هي أن هذه الأفكار توقفت فقط عن مرحلة التخيل ولم تحولها نوكيا إلى واقع عملي وفعلي واعتمدت أنها تقود صناعة الهواتف في العالم، فلم تقدم تغييرا، أي طبقت مبدأ وهو “بما أنني أربح بأسلوبي التقليدي فلماذا أبذل مجهودا إضافيا لتقديم المزيد؟!”. لكن جاءت “أبل” وقلبت سوق الهواتف في العالم وانتبهت “سامسونج” إلى هذا الأمر مبكرا وأسرعت في تغير هواتفها بشكل جذري وبسرعة خسرت نوكيا ما يقارب من 90 في المائة من قيمتها وأصبحت شركة تمتلك فقط براءات اختراع تقدر قيمتها السوقية بستة مليارات دولار (قيمة نوكيا السوقية 6.5 مليار دولار).

ويجب أن نعترف أن نوكيا قد أفاقت وخلال الأشهر الأخيرة بدأت تغييرا جذريا في أجهزتها، فأطلقت عائلة لوميا بالتحالف مع شركة مايكروسوفت أملا منها في اللحاق بالسوق العالمية، وبدأت إعادة هيكلة كاملة للشركة، ونتمنى ألا تكون متأخرة. أطلقت “أبل” الآيفون وأصبحت على قمة عالم الهواتف، وبعد ذلك أعلنت عن الآي باد وسيطر على أكثر من 60 في المائة من سوق التابلت حول العالم رغم وجود مئات المنافسين له، وأصبحت “أبل” هي من تكتب طريق الهواتف فتجد الشركات عندما تطرح هاتفا جديدا تقول إن هذا الهاتف سيهزم الآيفون، وعندما تطلق تابلت يقولون هذا التابلت لمنافسة الآي باد؛ أي إن الشركات كلها تعمل لهزيمة “أبل”، لكن رغم هذا التنافس بين الشركات لكن “أبل” لا تزال تتفوق على الجميع في حجم المبيعات والأرباح؛ وهذا الأمر دفع “أبل” للبطء النسبي في تطوير أجهزتها مثل الآي باد الجديد، والتي تعلم مسبقا أنه سيسيطر على السوق العالمية حتى وإن لم يقدم جديدا بشكل كبير؛ وذلك لعدم وجود منافس يذكر، وكذلك نظام iOS لم تقدم “أبل” أي نقاط مبهرة به في التحديث السادس معتمدة في ذلك على عدم نضوج المنافسين مثل “الأندرويد” و”الويندوز فون” لكن إحقاقا للحق فإن “جوجل” تقدم طفرات سريعة في نظامها سواء “الأيس كريم” أو “الجيلي بيين” وربما لم يبلغ الدرجة الكافية لهزيمة “أبل” حاليا، لكن سرعة تطوره تفوق سرعة تطور الـ iOS حاليا. الخلاصة: أن “أبل” على الخط الفاصل في تاريخ نوكيا وهو البطء في التطور بسبب التفوق الكاسح، إن تعلمت من درس الماضي ستواصل التفوق، وإن ركنت إلى قوتها ستبدأ الانهيار، لكن الانهيار لا يكون سريعا للغاية، فنستطيع أن نقول إن “الآيفون” القادم حتى وإن جاء مخيبا للآمال سيحقق مبيعات ضخمة، لكن السؤال هل سيزيد من حصة “أبل” في السوق العالمية؟

من almooftah

اترك تعليقاً