Mario Americo, the Brazil masseur who served at seven FIFA World Cups. Image courtesy of Sven Simon.

ماريو أميريكو والروائع السبع

يُعتبر ماريو أميريكو من الأسماء المخضرمة في تاريخ كأس العالم FIFA وهو الذي خاض سبع نهائيات بالتمام والكمال، وإن كان لا يُعد من عظم “محطمي الأرقام القياسية” في تاريخ البطولة. صحيح أن اسمه لا يشد الإنتباه على قائمة سجلات العرس العالمي، ولكن وجهه يظهر في أرشيف صور كأس العالم FIFA، علماً أن جميعها كانت مع المنتخب البرازيلي الأسطوري الذي فاز بلقب البطولة ثلاث مرات في غضون 12 عاماً.

يعج تاريخ كأس العالم FIFA بأسماء النجوم الخالدين والمدربين البارعين وحراس المرمى الذين لا يُقهرون والقادة البارزين والحُكام المشاهير كذلك. بيد أن هناك فاعلين آخرين لعبوا دوراً كبيراً في أكبر مسابقة لكرة القدم في العالم، وإن ظلوا بعيدين كل البعد عن أعين الجمهور وعدسات المصورين وأضواء الكاميرات.

بدأ مُدلك منتخب البرازيل ماريو أميريكو، الذي توفي عام 1990 عن عمر 77 سنة، مسيرته عندما كان السيليساو لا يزال يرتدي القميص الأبيض حيث خسر للتو بشكل لا يُصدق لقب كأس العالم FIFA خلال نسخة 1950 في موقعة ماراكانازو التي ما زالت أصداؤها تدوي في البرازيل حتى يومنا هذا. وأوضح أميريكو في هذا الصدد “لقد أمضينا الكثير من الوقت في عزلة تامة على مدى أربعة أشهر بين مدينتي أراتشا وريو دي جانيرو. ولكن لم يكن هناك أي جدوى من ذلك، لأن الصحفيين والسياسيين كسروا تركيزنا وكنا ملاحقين من قبل المشجعين أينما ذهبنا وارتحلنا.” وازدادت الأوضاع سوءا مع اقتراب موعد المباراة النهائية، حيث “كان الكثير من الأقارب ومختلف اللاعبين يبحثون في قوائم الشركات والمؤسسات الصناعية التي قد تدفع لهم مكافأة مقابل الفوز، الذي لم يتأت بالطبع.”

بيد أن العمل الجيد الذي قدمه أميريكو كمدلّك أكسبه على الأقل فرصة الحصول على الدعوة للمشاركة في نهائيات كأس العالم سويسرا 1954 FIFA، حيث كان يذهب لمتابعة ما كان يفعله المجريون في التدريب قبل المباريات، باعتبارهم أكبر المرشحين آنذاك، حيث رأى أنهم يتمرنون في غرفة تغيير الملابس قبل الخروج إلى أرض الملعب. وبسرعة البرق هرع أميريكو إلى المعسكر البرازيلي ليخبر المدرب زيزي موريرا بما شاهده، ومنذ ذلك الحين أصبح البرازيليون يقومون بعمليات تمديد العضلات قبل اللعب، والتي يطلقون عليها اسم ألونجامينتو.

وبحلول موعد نهائيات كأس العالم السويد 1958 FIFA، تعززت سمعته القيادية بعدما أصبح أكثر من مجرد أخصائي في العلاج الطبيعي، وهو الذي كان يُعتبر جزءاً لا يتجزأ من الفريق. فقد كان فيسنتي فيولا، أول مدرب يفوز بكأس العالم FIFA مع البرازيل، يلقبه بـ بومبو-كوريو (أو “حمامة زاجل”)، في إشارة إلى حقيبته الجلدية التي ما زالت معروضة في متحف FIFA لكرة القدم العالمية، حيث كان يدخل أرض الملعب لإسعاف اللاعبين المصابين، ولكن دوره كان أبعد من ذلك بكثير. فمن دكة المدرب كان فيولا يشير إلى أحد اللاعبين طالباً منه الوقوع على الأرض كما لو كان يعاني من إصابة ثم يرسل إليه ماريو، الذي كان يضع يده في الحقيبة كما لو كان يبحث عن الضمادات والكحول، بينما كان في الواقع ينقل التعليمات التكتيكية – وهي قصة أكدها خوسيه ألتافيني بطل العالم عام 1958 عندما زار المتحف.

 
 

لكن وقع حادث غريب جداً في المباراة النهائية لكأس العالم 1958 FIFA عندما طلب فيولا من أميريكو تنفيذ أصعب مهمة على الإطلاق: الحصول على الكرة التي فازت من خلالها البرازيل بلقبها العالمي الأول. وكما كان الحال دائماً، كان أميريكو في مستوى التحدي، حيث اندفع لانتزاع الكرة من الحكم الفرنسي موريس جيج قبل أن يهرع إلى غرفة تغيير الملابس.

ورغم ملاحقة رجال الأمن، إلا أن أميريكو كان أسرع منهم بكثير، حيث تمكن من الوصول إلى غرفة الملابس وكان لديه من الوقت ما يكفي ليخبئ كرة المباراة قبل استبدالها بأخرى والعودة إلى أرض الملعب طالباً الصفح، علماً أن حقيبته الشهيرة ظلت حول خصره أينما حل وارتحل.

وعاد أميريكو مرة أخرى في نهائيات كأس العالم FIFA عامي 1962 و1970، حيث عاش عن كثب تتويج البرازيل بفضل منتخبين ما زالا يُعتبران حتى الآن من أعظم الفرق الوطنية في تاريخ البلاد. إلا أنه بعد نسخة 1974 قرر دخول عالم السياسة. ففي عام 1976، انتُخب عضواً في بلدية ساو باولو، حيث كان مسؤولاً عن استقبال الرياضيين وأفراد الجمهور في معهد العلاج الطبيعي الواقع شمال المدينة.

كان ذلك فصلاً مثيراً آخر من فصول المسيرة المتميزة لهذا الرجل الذي شارك في سبع بطولات لكأس العالم FIFA وكان تأثيره يفوق بكثير مجرد القيام بوظيفته التي قد تبدو متواضعة للوهلة الأولى.